أصحو من نومي ، أفتح جفنيَّ ، لكن ستار الظلام مازال منسدلاً على نوافذ مقلتيَّ .. !
أتحسس طريقاً ؛ طريقي ، يمد الأثاث يديه بكل الحنان لأستند عليه ، أغسل وجهي الذي أراه في مرآة سوداء تمتص الصورة و ... ، أتذكر ملامحي التي طمسها حادثٌ أليم ، منذ سبع سنوات هي عمر ظلامي الوليد ..
أرى الحياة بعين أختي ؛ الصغرى ، تختار لي أثوابي وألوانها ، تمشط لي شعري ، أتأكد من شكله بعين نبتت لي في راحة كفي .. !
أعتمد عليها بكل شئ ، أرى بعينيها النور الذي توارى عني ، كأنه يعاقبني ؛ لأني لم أكن أشعر بأهميته ..
يأتى لأختي ، رأيت صورته ورسمت ـ بنبرته ـ وجهه ، أجلس بغرفتي المجاورة ، أحلقُ في أجواء حلمي ، أطير بأجنحة وجوده ..
أصبحت أنتظر موعد حضوره .. ؟
- سميّة ، ما شكل .. أستاذ أحمد .. ؟؟
- وسيم ..
- قلتُ متلهفة - صفيه أكثر ..
أشعر بدفقة خجل حارة تولد في جوفي ، ترتمي على شواطئ وجهي ..
في موعد الدرس ، أجعلها تختار لي ثوباً جميلاً ، تُصفف لي شعري ، أشم رائحة اندهاشها ..!!
- أُريد أن ألقى أستاذ أحمد ..
- لماذا .. ؟
- لا أدري ..
تستأذنه ، تحتضن يداها يديَّ بعناق حب ، أمام الغرفة ، تنهر يديَّ يديها ، كأنها تقول لها لا تساعديني ، سأسير وحدي .. !
أدخل الغرفة ، هنا ، هناك ، هنالك عين نبتت داخلي ، رواها صوته ، هناك ـ أقصى الشمال ـ لها جفن لا يعرف طريقه الظلام .. !
رأيت ـ بصوته ـ شكله وطوله ، سألني : هل تكتبين .. ؟
- أجبت على استحياء - بعض الخواطر - مجرد حروف تخرج ممزوجة بهمس ضوء بقي داخلي ولم تلفظه عيني
- يسعدني أن أقرأها ..
أخرج ، أسلم عليه ـ أطبق يده على فراغ ينبض ، رحل لكنه مازال ماكثاً هنا ، وهناك وهنالك ، حيث مكان لفرد واحد ـ دون ما البشر .. !
بتُ أكتب وأملأ الأوراق التي يندهش الجميع إليها .. ! لأن قلمي الكفيف لا يخطئ السير عليها ، يتحسس الأسطر فلا يخطئها ..!
قرأ كثيراً ـ مما أكتب ـ فكان للحروف ـ حروفي ـ طعمٌ آخر بصوته ، يثني على ما أكتب ، فيفتح ملاجئ الحروف ؛ لتنطلق بحرية وتملأ شوارع صفحاتي .. !
أزاح ستائر الظلام ـ كلها ـ عن مشاعري ، رأيت ـ ببصيرتي ـ ما لم أره منذ سبع سنوات ..
أتى ـ يوماً ـ على غير موعده ..!!
وإذا بـ ( سميّة ) ، أناديها فلا تسمعني ، أنتظر أن تأتي ؛ لتساعدني في تغيير ملابسي تهملني .. غير آبهة بمشاعري ..
و بغتة ... ومن خلف باب العمى .... أسمعه ..
يهمس لها ....