وقفت تودعني والدموع حبيسة في أحداقها, ومدت يدها مصافحتاً ودست في جيب
معطفي ظرفاً مغلقاً, وهمسة في أذني وقالت: حبيبي لا تقرأها إلا بعد أن أمضى!
ومضت يتبعها بصري وقلبي وكأنني أودع جزء منى ألفته وألفني, ورجعت والحزن
يدثرني والدمع يترقرق في عيني, وفى داخلي أسألة عديدة تحتاج إلى أجوبة ؟؟
لماذا يكون مصير من أحب أن أفقده؟؟
ولماذا كلما وجدت من يشاطرني الفكر والمشاعر, وحتى إذا ما صار من نفسي
اشد اقترابا, فجأة يبتعد ويحال بيني وبينه الابتعاد ؟؟
وبينما أنا في توهت الأسئلة وحيرة البحث عن الأجوبة !
إذ تذكرت ذلك الظرف في جيب معطفي, فأخرجته وفتحته فوجدت فيه رسالة ومعها
شريط تسجيل (كاسيت) وكان فحوها كلمات كتبت بخط يدها, جاء فيها:
هذه الدنيا كتاباً أنت فيه الفكر
هذه الدنيا ليلاً أنت فيها العمر
هذه الدنيا عيوناً أنت فيها البصر
هذه الدنيا سماء أنت فيها القمر
ثم اختتمتها بسطرا كتب باللون البنفسجي الذي أحبه وقالت فيه ما لم تقله لي من قبل ( قد يكون الغيب حلوً, إنما الحاضر أحلي )
وفى أخر الرسالة كان توقيعها بخط عريض وكبير
( أغداً ألقك )
وكأنها أشارة لكي أستمع إلى الشريط, وكانت قصة العشق مع أغاني كوكب الشرق
ولعل عشقي لها قد صار هو سلوتى في غيابها والأمل يزهر في عيوانى كلما سمعت
تلك الأغنية, فتنتشي روحي بنشوة تخفق بالشوق لتلك الأيام الخوالي
معها, وللذكريات تباريح تعصف بقلوب المحبين فتجعل من الأطلال مساكناً يطيب فيها
المقام.
وكأنها كانت تشعر بان لفراقها على نفسي بالغ الأثر فطيبت خاطري بأرق ما قيل ولن يقال مثله في الغزل وفى وصف لوعة العشاق وفراق الأحبة, وضللة في سكون الليل
اردد بصوت يختلجه حنين وشوقا لا يكاد يسمع (فأتى أو لا تأتى أو ففعل بقلبي ما تشاء )
عندها فقط عرفت بأنني ما أحببتها إلا بقدر ما افتقدتها.