لو قلت لأحدهم صف لنا تضاريس زحل فهل سيجيبك؟
فاقد الشئ لا يعطيه يا سادة .. لذلك لا يمكن الحديث عن الحرية الا لمن جربها ..
لا يمكن ان يحدثك عن السيجار افضل من كوبي مسن ..
ولا يمكن ان يحدثك عن النساء مخصي منذ ولادته .
نحن مخصيون منذ ولادتنا .. فالحرية ليست مجرد شئ لا نعرفه .. انها امر لا يثير فينا اي اهتمام .
كماليات او اساطير لاوجود لها .. ولا يشتغل بها الا المستشرقون او المستغبرون ..
قال لي احدهم : كلما سافرت خارج بلدي وبمجرد ارتفاع الطائرة عن الارض يبدأ احساسي بادميتي
تبتعد الطائرة عن بلادي .. فيزيد شعوري بانني انسان .. حتى اذا وصلت هناك اشعر انني شخص اخر .. غير ذلك الكائن المدجن الذي يمشي على اثنتين .. ويجامل على اربع . . ويمارس الجنس مع السلطة فقط .
الحرية في رأيي بذرة توجد فينا منذ الولادة .. وبمجرد خروجنا للدنيا يبدأ التغير عليها يطرأ .. كما يربينا ابوانا .. تكون البيئة من يربي تلك البذرة , فان كانت بيئة صحية نمت فيها الحرية و كبرت حتى نستطيع بعد ذلك رعايتها بانفسنا ..
وان كانت بيئة فاسدة فانها تموت كما تموت هواية الموسيقى في طفل لعائلة محافظة مثلا .. لماذا لانه يكبر مقتنعا انها شئ فاسد يجلب المتاعب ويكب صاحبه في النار .
ولذا فان كثيرا من البيئات تعتبر التحدث عن الحرية مثل التحدث عن زواج المثلين او في اقل الاحوال تمردا تجب مكافحته في مهده .
ولكن المصيبة ان كلا منا يكتفي بالرضا بالقضاء والقدر وان حظه هكذا .. دون ان يكلف نفسه عناء البحث عن الجرية والسعي لها ..
طالما اصبحت راشدا فانها مسؤوليتك ان تجد حريتك .. ولا تلم غير نفسك في ذلك فلحرية اولى من الرزق ..
أرأيت ان ولدت فقيرا هل كنت ستكتفي بفقرك وان هذا نصيبك؟والله ان نسمة حرية واحد تعدل مال الارض ومجد التاريخ .. وعلى ذكر التاريخ فان اشهر ساداته هم من مات في سبيل الحرية .. اي حرية .. حريته .. حرية ارضه .. حرية قومه .. حرية فكره ... حرية وحسب .. وكل من لمع انما بدا بلمعة حرية في عقله .. اطلق لها العنان .. ولم يكتف بالرضا .
انها انما شرارة .. قد تحرق العالم .. وقد لا تكفي لتضئ بها شمعة !! فانفخ باقصى مالديك من رئة ..وارادة .
الحرية موجعة دائما .. وكذلك الولادة .. ولكنها مفرحة عندما تكون شرعية فقط .. ولا يتحملها الا من يحب الاطفال .. ويريد استمرار الحياة .. فالحياة بدون حرية كالحمل سفاحا ..
قد اعود فالحديث مؤلم .
تحيات سجين .