لنتعرف على بعض الشعوب العالم :
أولا :هنود الشيروكي..
سيجد زوار منطقة الجبال العالية شرقي نهر الميسيسيبي، حيث تعيش قبيلة هنود الشيروكي العريقة، نافذة إلى زمن وحضارة مختلفين، وفرصة لرؤية العالم من خلال أعين أفراد هذه القبيلة التي تعود قدماً في التاريخ لما قبل ۱۰ آلاف عام قبل الميلاد.
يختلف التاريخ والزمن هناك. فحين تربعت كليوبترا على العرش، كان هنود الشيروكي قد استوطنوا القرى. وحين اكتشف الفايكنيغ الاسكندنافيون غرينلاند، كان عدد من المدن الشيروكية قد تأسس في غربي كارولاينا الشمالية. وقد امتدت أراضي الحضارة الشيروكية في أجزاء موزعة على ما بات يعرف اليوم باسم فيرجينيا، غرب فيرجينيا، كارولاينا الجنوبية، جورجيا، آلاباما، تينيسي، وكنتاكي.
يملك اليوم ۱۲ ألف عضو من قبيلة شيروكي ۵۷ ألف هكتار من أراضي القبيلة غرب كارولاينا الشمالية، والمعروفة باسم كالاباونداري، والواقعة على حدود المتنزّه الوطني الضخم متنزه «الجبال الدخانية» «سموكي ماونتنز».
بالرغم من انتشار الإشارات التي تحمل عبارات مثل «محمية شيروكي الهندية» في تلك المنطقة، إلا أنها تقنياً ليست كذلك مع ملكية أفراد الشيروكي للأرض وائتمان الحكومة لهم عليها.
وتؤمن قبيلة الشيروكي للزوار فرص اختبار التقاليد الشيروكية وحضارتهم ولغتهم، والاستماع إلى قصصهم التاريخية ولغتهم المحكية وتعلم تقاليدهم. حتى إن ثمة متحفاً شيروكياً مؤسساً منذ ،۱۹۴۶ ومفتوحاً للزيارات، يحوي تحفاً وآثاراً وجواهر ودميً وقطعاً فنية وأقنعةً وفخاراً ومنحوتاتٍ وسلالاً وأشياء كثيرة أخرى يفوق عمرها ۱۱ ألف عام وتعود لأكثر من ۳۰۰ صانع وفنان من القبيلة.
وكان مجيء المستوطنين الأوروبيين إلى القارة الأميركية مع حملة هرناندو دي سوتو في العام ۱۵۴۰ قد أثار اضطراباً في المنطقة. إذ حمل معه الوحشية والنهب والمرض، إلى أن انكمشت الأراضي الشيروكية بمعدل ۷۵ في المئة بنهاية القرن الثامن عشر.
وجلب القرن التاسع عشر معه أياماً أفضل. وأنشأ أحدهم ويدعى سيكويا مجموعة ألفاظ صوتية من اللغة الشيروكية مستخدماً ۸۶ رمزاً، ثم ظهرت جريدة شيروكية متحدثة بلغتين. وطور الشيروكيون دستوراً ومجلساً وطنياً.
الا أن الرئيس الأميركي آندرو جاكسون وضع ما يسمى «قانون نقل الهنود» في العام ۱۸۳۰ الذي قضى بنقل كل الهنود من المناطق الجنوبية الشرقية. وبالرغم من محاولة الضغط للمطالبة بإلغاء القانون، تم توقيع معاهدة جديدة في ۱۸۳۵ من دون تفويض من شعب الشيروكي. وبالفعل تم إجلاء الشيروكيين خلال ۱۸۳۸ و۱۸۳۹ في مسيرة إجبارية على امتداد ۱۲۰۰ ميل «حوالى ۱۹۳۲ كلم» إلى الأراضي الهندية في أوكلاهوما. غير أن مجموعات صغيرة ظلت في مكانها مختبئة في الغابات وعاد آخرون أدراجهم من أوكلاهوما. وينحدر معظم جماعة الشيروكيين الشرقيين الحاليين من هؤلاء الأسلاف.
وبالرغم من اعتراف الولايات المتحدة بالشيروكيين في العام ،۱۸۸۹ بقيت معاناتهم مستمرة. فقد حرموا من حق التصويت في الانتخابات، وفُصل الأطفال عن أهلهم لإرسالهم إلى المدارس الفدرالية الداخلية، ومنعوا من تكلم اللغة الشيروكية. ولم يتحسن الأمر إلا تدريجاً في القرن العشرين. وانتهى الأمر بأن استرجع الشيروكيون سيطرتهم على مدارسهم في العام ۱۹۹۰ وضمنوا حماية لغتهم وتراثهم.
منقول