أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 13

الموضوع: جبل الثوار ( قصة من فصول)

  1. #1
    الصورة الرمزية عدنان أحمد البحيصي شهيد العدوان على غزة 2008/12/27
    تاريخ التسجيل : Feb 2003
    الدولة : بلد الرباط (فلسطين)
    العمر : 41
    المشاركات : 6,717
    المواضيع : 686
    الردود : 6717
    المعدل اليومي : 0.87

    افتراضي جبل الثوار ( قصة من فصول)

    جبل الثوار
    قصة من فصول


    الفصل الأول

    أشرقت الشمس وأرسلت أشعتها إلى الوجوه فتفتحت عيونها ، وقامت صاحبة ذلك الوجه الجميل من فراشها ملقيةً تحية الصباح على والدها، فتطلع إليها ذلك الرجل الوقور بنظرة ملؤها الحب والحنان وقال : صباح الخير يا زهرة.
    كانت تلك زهرة بنت الشيخ سالم المقدسي، ذلك الشيخ الذي لم تسلم له من حياته المديدة إلا ابنته زهرة، فابنه عصام كان قد قضى نحبه في معركة بين الفلسطينين والإنجليز.
    كان الشيخ من أعيان مدينة القدس، معروفاً بتقواه وعلمه وجهاده، وكان المعلم لكثير من المجاهدين المعتصمين بجبل من جبال فلسطين.
    أما الثوار فهم مجموعة من الشباب المجاهد ممن ثار على الإنتداب البريطاني، وكان قائدهم شاب جسور هو ابن أخ الشيخ سالم وخطيب زهرة واسمه عز الدين.
    في ذلك الصباح قدم إلى بيت الشيخ شاب وقال للشيخ بعد أن أدخله إلى البيت: الشباب تريد رؤيتك، فرد الشيخ : حسناً سأحاول المجيء إن شاء الله.
    بعد صلاة الظهر خرج الشيخ من المسجد متجهاً إلى الجبل، لكنه انتبه أن أحداً ما يتبعه، ظل الشيخ مستمراً في مشيه بعد أن غير وجهته وظل يتجول في أحياء مدينة القدس، حتى رفع آذان العصر فاتجه الشيخ إلى المسجد، وفجأة توقف وأستدار قائلاً للذي يتبعه : أتريد شيئاً يا بني ؟ أرتبك الرجل وقال : أنا لا لا شيء ، فقال له الشيخ : إذاً لا تتعب قدميك وأنت تتبعني.
    دخل الشيخ المسجد الأقصى وصلى العصر، ثم جلس إلى حلقة درس تفسير يعلم الناس فيها، وبعد حوالي ساعة انفض المجلس إلا من الشيخ وشاب ملتحي، كان ذلك الشاب عماد الدين الحسيني أحد شباب المجموعة، أسر له الشيخ بمعلومات مهمة ثم أوصاه إن يذهب إلى الجبل.
    تحرك الشاب إلى الجبل، ولكنه رأى حاجزاً بريطانيا يعترض الطريق، فحاول أن أن يسلك طريقاً آخر ولكنه أحس بشعلة نار تخترق كتفه لتستقر فيه.
    تحرك عماد بسرعة لا تتناسب مع إصابته، محاولاً الإبتعاد، لكن جنود الإحتلال أمسكوا به وتم نقله إلى المشفى ومن ثم إلى التحقيق ، ولم يعترف بشيء ، فقضي عليه بالحبس الإحترازي لمدة غير محددة.
    عندما قبض على عماد كانت المجموعة تخطط للهجوم على قافلة تضم مهاجرين يهود، ولكنها قررت تأجيل العملية إلى أن تهدأ الأوضاع وتمر قافلة آخرى
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    الصورة الرمزية عدنان أحمد البحيصي شهيد العدوان على غزة 2008/12/27
    تاريخ التسجيل : Feb 2003
    الدولة : بلد الرباط (فلسطين)
    العمر : 41
    المشاركات : 6,717
    المواضيع : 686
    الردود : 6717
    المعدل اليومي : 0.87

    افتراضي الفصل الثاني

    بعد عدة أسابيع نزلت المجموعة إلى سفح الجبل ونصبت كميناً من الألغام الأرضية ثم أخذ كل مجاهد مكانه المتفق عليه.
    بعد حوالي ساعتين مرت القافلة، وبمجرد عبور أول مركبة على أول لغم تفجر بالمركبة، فتوقفت القافلة، وتبادل الفريقان إطلاق النار، ثم انجلت المعركة عن قتل كل من كان في القافلة من جنود ويهود، كما أن عز الدين أصيب في كتفه وقررت المجموعة أن تبعث أحدهم ليأتي بالطبيب.

    تحرك كامل وسلك طريقاً وعراً حتى لا يصطدم بنقاط التفتيش التي انتشرت عقب العملية، ووصل بعد مدة من الوقت إلى بيت الشيخ وأخبره بما جرى ، فتحرك الشيخ إلى أحد الأطباء، وهو زاهر المصري، الذي كان نشيطاً سياسياً وخطيباً بارعاً، ولطالما صفقت له الأيدي الحالمة بالحرية.
    وكان زاهر يتمنى أن يشارك في العمل العسكري، ولكنه كان يعاني من عرج في قدمه منذ طفولته، فحل هذا بينه وبين ما تمناه، فعمل على الجهاد باللسان والقلم.
    سر زاهر بهذه المهمة ومشى هو وكامل، بعد أن حمل حقيبته المليئة بالأدوية ، ووصلاً بعد مشقة أتعبت زاهر إلى مكان المجموعة.
    كان زاهر قد أسر في قرارة نفسه أن لا يرجع إلى المدينة، وأن يظل مع الثوار في الجبل.
    عالج زاهر عز الدين، وتلقائياً تم دمجه في المجموعة ، خاصة أن مجلس الشورى رأي من الخير أن يكون ضمن المجموعة طبيب يداوي الجرحى.

    ذات صباح نادى مناد : العصافير تبلغ السلام، فرد عز الدين قائلاً : و العصافير قبلت السلام.
    كان ذلك الشيخ سالم الذي لم يفتر يتردد على الشباب ويجلس معهم الساعات الطوال، وكم حدثته نفسه بالإنضمام لهم، لكن زهرة كانت عائقاً في سبيل ما تنماه.
    كان الشيخ قد ربط حياة ابنته الوحيدة برجل تتعرض حياته دوماً للمخاطر، لكن زهرة كانت تفتخر بخطيبها وتعتز به.
    كان الشيخ يريد أن يتكلم مع عز الدين بخصوص زواجه من زهرة، وقد استجمع شجاعته اليوم ليعرض الأمر على ابن أخبه.
    قال الشيخ : بني ألا تريد أن تتزوج؟ ، فقال عز الدين: يا عم هل سئمت زهرة الإنتظار؟
    فرد الشيخ : لا ، أنا الذي أريد أن أفرح بكما قبل أن أموت.
    فقال عز الدين : أنت تعرف يا عم طبيعة حياتي ، إن أحببت أن أفض خطبتي من زهرة فسأفعل.
    فرد الشيخ : لا يا عز الدين، انتما ما تبقيا لي من هذه الحياة، صحيح أنني الذي ربيتك على حب الجهاد، ولكن اسمعني ، سمعت أن الحكومة قد قررت منح عفو عام لمن يسلم نفسه ، أنا لا اثق بهم ، لكن قد تستطيع إن حصلت على العفو أن تتزوج وتستقر ويمكن لك أن تواصل جهادك بطريقة أخرى.
    قأحمر وجه عز الدين وقال : ماذا يا عم ، أتريد مني أن أسلم نفسي لهؤلاء ، لا لا يا عم ، لست الشيخ سالم الذي أعرفه، ما الذي جرى لك ، أين حديثك عن الجهاد.
    فقال الشيخ سالم : لكن يا بني ، ابنتي زهرة ما مستقبلها .؟؟
    فقام عز الدين وقال بغضب : يا عم بلغ زهرة أنها حرة ، إن شاءت انتظرتني ، وإن شاءت تزوجت غيري.
    فهز الشيخ رأسه وقال: حسناً سأبلغها إن شاء الله
    رجع عز الدين إلى الجبل دون أن يودع عمه، فكم آلمه أن يرى عمه بهذا الضعف.

  3. #3
    الصورة الرمزية عدنان أحمد البحيصي شهيد العدوان على غزة 2008/12/27
    تاريخ التسجيل : Feb 2003
    الدولة : بلد الرباط (فلسطين)
    العمر : 41
    المشاركات : 6,717
    المواضيع : 686
    الردود : 6717
    المعدل اليومي : 0.87

    افتراضي الفصل الثالث

    لا يا أبي لن أتزوج غيره ولو انتظرته طوال حياتي.
    كان ذلك جواب زهرة لأبيها ، ورغم أنها رأت دموع الحزن في عينيه إلأ أنها لم تسكت، بل لامت أباها على طلبه من خطيبها تسليم نفسه.
    كان الشيخ قد أحس بدنو الأجل ، فأحب أن يرى من زهره ما لم يراه من عصام ابنه، لقد كان قلب الشيخ يعتصر ألما عليه.
    في تلك الليلة لم ينم الشيخ، فقد كان يتقلب في فراشه لائماً نفسه على طلبه ذلك ، وعند الفجر قام الشيخ فتوضاً وعندما فتح الباب فوجيء بعز الدين ومعه ثلاثة من شباب المجموعة وشيخ الحي ، استغرب الشيخ سالم فأراحه عز الدين من عناء التفكير وأخبره أنه سيتزوج زهرة الآن.
    تم عقد القران، وظل عز الدين في بيته عمه ذلك اليوم ، وبنى بزوجه ، وفي سويعات الليل الآخيرة من اليوم التالي رجع إلى الجبل، وأبلغ الشيخ أهل الحي أن عز الدين تزوج زهرة.

    لم يكن سرور الشيخ يوصف، لقد آن له أن يفرح بعد سني الحزن ، وظل عز الدين يتردد على بيت عمه ليلاً ، وبعد حوالي سنة رأت أعين جديدة النور، كان ذلك عصام ابن عز الدين.
    *********
    أطال الله بقاءك يا أبتي ......... كانت تلك زهرة تخاطب والدها الذي لازم فراش المرض، فتبسم الأب في وهن وقال : إنه الموت يا بنيتي ، إنه الموت
    فأخذت زهرة تبكي في صمت ، فكم يصعب عليها أن ترى أباها يموت في وقت انقطعت زيارات زوجها لها، ولم يبق من يهتم بها وبولدها إلا أبوها.
    كان الشيخ يطلب الراحة بعد أن تجاوز من العمر سبعين عاماً قضى جلها في الجهاد.
    في الصبح وكعادتها ذهبت زهرة إلى غرفة أبيها ، لتلقي بتحية الصباح على أبيها ، لكن اللسان الذي كان يلهج بذكر الله كان قد سكن، والجسم الذي طالما سلك طريق الجهاد لم يتحرك

    مات الشيخ سالم، لكنه خلف وراءه مدرسة جهادية ، يمثلها أحبابه وتلاميذه في جبل الثوار وفي غيرها من مناطق فلسطين.

    كان يوم وفاة الشيخ يوم خروج عماد من السجن، وقرر عماد أن يسلك في طريق عودته إلى البيت الطريق التي تمر ببيت الشيخ سالم، لعله يحظى برؤية الشيخ سالم، فما راعه إلا هذا السرداق الذي قد أقيم، فسأل أحد المارة فأخبره أن هذا عزاء الشيخ سالم، فلم يتمالك الرجل نفسه ، فجرى حتى وصل بيته ، أرتدى ملابسه ثم خرج ، ثم سلك طريقاً ملتوياً ليصل إلى الجبل.

    قف مكانك ...... صرخ شخص وسمع عماد صوت سحب أجزاء ، فأستدار ببطء فأقترب منه الرجل ثم صاح : عماد ، وجرى إليه وعانقه.
    كان ذلك عز الدين ، ومشى الإثنان إلى مغارة ، وجعل عماد يقص عليه كيف قضى سني السجن.
    وفجأت توقف عماد عن الحديث وأغرورقت عيناه بالدموع، فنظر إليه عز الدين وسأله : أهنالك شيء ، فقال عماد : لقد مات الشيخ سالم.
    أنخرط عز الدين في البكاء ، فقال له عماد : يجب أن نصبر موت الشيخ سالم مصابنا كلنا .
    هز عز الدين رأسه وقال : نعم يجب أن نصبر.
    أستأنف الإثنان المسير ، حتى وصلا إلى مكان المجموعة ، ورحب الجميع بعماد ، ثم أخبرهم عز الدين بوفاة الشيخ سالم ، فحزنوا لذلك وبكى بعضهم .
    قام عز الدين وقال : يا شباب ، يجب أن أرى عصام وزهرة الليلة
    تطلع إليه الجميع وقال كمال : لكن ذلك خطر عليك......
    فقال عز الدين : لقد توفي عمي ويجب أن أذهب

    كان آذان العشاء قد رفع ، فصلى الشباب العشاء ثم ودعهم عز الدين وسار في طريقه للمدينة العتيقة.

  4. #4
    الصورة الرمزية عدنان أحمد البحيصي شهيد العدوان على غزة 2008/12/27
    تاريخ التسجيل : Feb 2003
    الدولة : بلد الرباط (فلسطين)
    العمر : 41
    المشاركات : 6,717
    المواضيع : 686
    الردود : 6717
    المعدل اليومي : 0.87

    افتراضي الفصل الرابع

    أنا قلق جداً على عز الدين، لم يرجع حتى الآن ....... قال كامل
    أجاب زاهر : لا داعي للقلق سيرجع قريباً إن شاء الله .
    في تلك الأثناء كان عز الدين يسير في طريقه إلى الجبل ، لكنه لم يكن لوحده هذه المرة، كان معه شاب آخر اسمه مؤمن المقدسي، وقبيل الفجر كان الإثنان قد وصلا.
    بعد الفجر جلس مجلس الشورى للنقاش، قال مؤمن : لقد وصل إلى مسامعي أن الأنجليز يريدون أن يشنوا هجوماً على الجبل بعد حوالي اسبوع فماذا تقترحون؟
    قال عز الدين : علينا أن نزرع ألغاما في سفح الجبل والطرق الموصلة إلينا .
    قال كامل : لكن ذلك يكلفنا من المتفجرات الكثير وليس لدينا ما يكفي.
    قال مؤمن غداً إن شاء الله ستمر دورية عسكرية محملة بالسلاح والعتاد ما رأيكم ؟
    قرر الجميع أن يعترضوها.
    كان الجميع على أهبة الإستعداد بانتظار مرور الدورية ، ومرت ساعات دون أن تظهر، فصاح كامل : لقد مللت الإنتظار يبدو أنهم سلكوا طريقاً أخر.
    قال مؤمن : لكن عز الدين وباقي الشباب يراقبون الطرق الآخرى، ليس أمامنا يا أخي إلا الإنتظار.
    وفجأت ظهرت الدورية ، كان تعدادها خمس مركبات عسكرية، وعندما انتصفت الدورية في الطريق وأصبحت وسط الكمين صاح كامل : الله أكبر وبدأ بإطلاق النار، وتوجه باقي الشباب إلى كان الدورية.
    كان تعداد الجنود ثلاثين جندياً ، إلا أن رصاصات المجاهدين استطاعت أن تحصدهم، وكان كامل قد أصيب بإصابة خطيرة.
    كانت الغنيمة كبيرة، عدد كبير من الرشاشات الحديثة التي لم يكن الشباب يملكون الكثير منها، وكذلك عدد لا بأس به من الذخيرة و المتفجرات
    نقل كامل إلى أعلى الجبل، وعمل الآخرون على نقل الغنيمة وإحراق المركبات، وحاول زاهر إنقاذ كامل لكن عبثاً ، ففاضت روحه وهو يلهج بالشهادة، فصلى عليه الشباب ودفنوه.

  5. #5
    الصورة الرمزية عدنان أحمد البحيصي شهيد العدوان على غزة 2008/12/27
    تاريخ التسجيل : Feb 2003
    الدولة : بلد الرباط (فلسطين)
    العمر : 41
    المشاركات : 6,717
    المواضيع : 686
    الردود : 6717
    المعدل اليومي : 0.87

    افتراضي الفصل الخامس

    _ الأ تريد أن تتزوج ؟ قال عز الدين مداعباً عماد ، فرد عماد : وهل نستطيع نحن أن نتزوج، إننا معرضون للشهادة في أي لحظة، وحياتنا لا تسمح لنا بأن نركن إلى الدعة و الهدوء.
    فقال عز الدين : ولكن ها أنا قد تزوجت وأنجبت زوجتي.
    فقال عماد : وماذا بعد ؟أرى زوجتي وأطفالي مرةً أو مرتين أو ثلاثة كل عام، وحتى عندما أزورهم أكون خائفاً ، ولا أهناً إلا بسويعات بسيطة، ثم إذا رجعت إلى الجبل أظل في تفكير دائم بهم؟
    تنهد عز الدين وقال : حقاً يا عماد، إنك تنطق بالصدق، كم اشتاق لعصام وزهرة، حتى عندما أكون في قلب المعركة أفكر فيهم.
    ضرب عماد على كتف عز الدين وقال :لا بأس ، غداً بكير عصام ويصبح رجلاً يعتمد عليه.
    فقال عز الدين وقد أطلق تنهيدة قوية: لكن أسيكون طريقه كطريقي يا عماد؟
    قال عماد : دعك من هذا الآن ، لقد أثرت شجونك ، قم لنستطلع الأمور.
    تجول الإثنان وبالمنظار المقرب رأى عماد نشاطاً غير اعتيادي بالقرب من الجبل ، لكنه كان مطمئناً ، لقد زرعوا الألغام على طول الطرق المؤدية إلى الجبل ، كما قسمواً أنفسهم إلى مجموعات تراقب شتى الطرق.
    فجأة دوى إنفجار عنيف أسفل الجبل، فخطف عز الدين المنظار من يد عماد، ومن خلالى رأى مركبة مقلوبة وقد تفجرت وتناثرت من فيها من جنود على جانبها.
    وتحرك الجميع ، لقد بدأ الهجوم عليهم، وجهز كل منهم سلاحه، ودوت عدة إنفجارات أخرى ، لكن الجنود البريطانيين كانوا قد نزلوا وانتشروا في سفح الجبل في محاولة الإلتفات على المجموعة ، وبدورهم قامت المجموعم بالتحرك ، ودارت الإشتباكات ، كان عدد الجنود كبيراً إلا أن رصاصات المجاهدين كانت نادراً ما تخطأ الهدف، واستمرت المعركة حوالي ثلاث ساعات أنجلت عن استشهاد خمسة من المجاهدين ، وكان جثث الجنود قد ملأت المكان.
    بعد المعركة قام زاهر بإسعاف الجرحى ، و قامت باقي المجموعة بالإجهاز على من كان مصاباً من الجنود وجمع السلاح والألغام التي لم تنفجر
    ثم صلت المجموعة على الشهداء الخمسة ودفنتهم.
    **********

    ألا تريد أن تنام يا عز الدين .........؟ سأل مؤمن
    أجابه عز الدين : لا استطيع النوم يا مؤمن ، لقد جفا الكرى عيناي
    فسأله مؤمن : بم تفكر؟
    فأجابه: لا أعرف ماذا افعل، بعد وفاة الشيخ سالم قلت المعلومات، كما قل الشباب بعد أن أستشهد منهم من استشهد.
    قال مؤمن : أنا افهم قصدك ، الحقيقة أننا نفتقر إلى الرجال الآن ، لكن ألا يمكن لنا أن نحاول الإتصال بتلامذة الشيخ سالم؟
    قال عز الدين : يبدو أنه يجب على أحدنا أن يذهب إلى المدينة ليلتفي بهم، ولعلي أفعل ذلك لأني أعرفهم جيداً.
    فقال مؤمن : حسناً، رغم أن الأمر ينطوي على مخاطرة، أما الآن فهيا إلى النوم فلقد بدأ الكرى يطرق أجفاني .
    ضحك عز الدين وقال : لكن أنا لا يطرق أجفاني إلا طيف السهر.
    تمدد مؤمن واستسلم للنوم ، وقام عز الدين ليتمشى ، وقرر فجأة أن يذهب إلى المدينة ، فأخبر زاهر بوجهته ، وأخذ يسير بإتجاه المدينة العتيقة التي تطل كعرين أسد طال غيابه.
    وصل عز الدين إلى المدينة قبيل الفجر ، وقرر أن يمكث في المدينة أياماً، ولم يكن يتحرك في المدينة إلا ليلاً ، وألتقى بأغلب تلامذة الشيخ ، ووعدوه باللحاق به، وبعد ثلاثة أيام رجع إلى المجموعة وجلس الجميع للتشاور.
    قال مؤمن ممازحاً : إذا لقد فعلتها .
    فأجاب عز الدين مبتسماً: نعم أن طرق أجفانك الكرى، وأنا طرق على عقلي فكرة الذهاب إلى المدينة.

    بعدها بدأ الشباب يتفاودون الواحد تلو الآخر حتى بلغ عددهم عشرون رجلاً ، وكانوا كلهم تلامذة الشيخ سالم ، وأصبح عدد المجموعة خمسين مجاهدا.

  6. #6
    الصورة الرمزية عدنان أحمد البحيصي شهيد العدوان على غزة 2008/12/27
    تاريخ التسجيل : Feb 2003
    الدولة : بلد الرباط (فلسطين)
    العمر : 41
    المشاركات : 6,717
    المواضيع : 686
    الردود : 6717
    المعدل اليومي : 0.87

    افتراضي الفصل السادس والأخير

    _ ألا يوجد صيد هذه الأيام؟ سأل زاهر
    ضحك مؤمن وقال : أرى أن السياسي بات يتعطش للدماء.
    قال عز الدين : الأهم من ذلك أن نرتب أنفسنا، بتقسيم أنفسنا إلى مجموعات وبما أننا خمسون رجلاً سنقسم أنفسنا إلى خمس مجموعات ، كل مجموعة مكونة من عشرة أشخاص ، وكل مجموعة موكلة بجانب من الجبل ، ما رأيكم؟
    قال هيثم: أراها فكرة مناسبة جداً ، والعدد ملائم لذلك وأرى أن تقسم المجموعة إلى قسمين ، خمسة يحرسون إثني عشرة ساعة ثم يتولى الحراسة غيرهم، حتى يتسني للجميع أخذ قسط من الراحة.
    ثم وافق الجميع.
    فقال عز الدين: حسناً أنت يا هيثم على رأس مجموعة الليث شرق الجبل، أنت يا عماد على رأس مجموعة الصقر وستكون عند المغارة الأولى، أنت يا مؤمن على رأس مجموعة الأسد وستكون هنا، وأنت يا ثائر ستكون على رأس مجموعة الصقر وستكون عند الطريق الشرقية، اما أنا فسأكون عند الطريق الغربية على رأس مجموعة الشيخ سالم ، موافقون؟
    فأجابوا بصوت واحد : موافقون.
    فقال عز الدين : حسناً لتباشر كل مجموعة عملها ، وتتجه إلى مكانها الآن
    مرت الساعات دون حدوث أي طاريء، وعند الفجر كان اجتماع لقادة المجموعات، لكن ثائر جاء بخمسة شباب جدد، نظر إليهم عز الدين ثم قال مخاطباً ثائر: عرفنا على الشباب يا ثائر.
    قال ثائر : هم من أبناء قريتي سيلة الحارثية، مصعب، صهيب ، أنس ، جاسر ، سعيد، وكان يشير على كل واحد منهم عندما ينطق باسمه ، يريدون الإنضمام لنا ........ أكمل ثائر
    فقال عز الدين : يا مرحباً بكم
    ثم ضم كل واحد منهم لمجموعة
    عند الظهر سمعت طلقات شرق الجبل، فاتجهت بعض المجموعات إلى هناك، حيث اشتبكت مجموعة اليث مع بعض المركبات العسكرية التي تقل مهاجرين يهود
    عقب المعركة قام الشباب بجمع السلاح.
    قال عز الدين : مصعب سوف أكلفك بأول مهمة لك ، أجاهز أنت؟
    قال مصعب وقد هب واقفاً : أنا دوماً مستعد
    فقال عز الدين : حسناً أريد منك أن تذهب للقدس مقابل المسجد الأقصى ، ستجد هناك محل سليم إدريس، عندما تدخل المحل قل سلام عليكم أهل البيت ، فسيرد عليك إن كان هو بقوله" طبتم فأدخلوها سالمين" ، فقل له بينك وبينه أن النسور مستعدة.
    نفذ مصعب المهمة التي كلف بها وقفل راجعاً للجبل.
    قام سليم بإرسال آحد المتظاهرين بالتعاون مع الإنجليز ليوهمهم أن الثوار عازمون على مهاجمة المركو الرئيسي بالمدينة، فأخذ الإنجليز ذلك الخبر على محمل الجد وأحاطوا المركز بسياج من الحراسات.
    كانت تلك خطة تهدف إلى إبعاد الأنظار عن مركز صغير في بيت حنينا ، وعند منتصف الليلة التالية تحرك الشباب لمهاجمة ذلك المركز ، وعلا صوت الرصاص واشتكبت المجموعة مع الجنود فقضوا عليهم ، ودخلوا المركز وجمعوا ما فيه من ذخيرة وسلاح ثم فجروه وقفلوا راجعين
    كانت هذه العملية تمثل صفعة كبيرة للحكومة ، فقررت أن تجد حلاً جذرياً لهذه الهجمات الموجعة، خاصة أن الأمر لم يقتصر على عز الدين ومجموعته، بل أنتشرت المجموعات المجاهدة في الكثير من المناطق والقرى الفلسطينية.
    قررت الحكومة تجنيد حملة عسكرية كبيرة للقضاء على المجموعة ، وتم الأمر بسرية وتكتم، ففوجيء الشباب بما يقرب من الثلاثمائة جندي يطبقون الحصار على الجبل بسلاح متطور
    كان عماد يرقب كل شيء ، ونظر إلى عز الدين فأبتسم الأخير وقال : الله أكبر إنها الشهادة أيها الرجال ، وتبادل الفريقان إطلاق النار ، ودافع المجاهدون ببسالة ، لكن الله أرادهم في جواره، فاستشهدوا جميعاً ، وحوت تلك البقعة المباركة من الأرض المباركة أجساد ستين مجاهداً ، وانتهت قصة الجهاد في ذلك الجبل لكنها لم تنتهي في بقاع أخرى ، ومن يدري ؟ فربما يكون عصام ذات يوم قائداً للشباب المجاهد في جبل أبيه جبل الثوار
    _تمت _
    كتبت هذه القصة في شتاء عام 2002
    أرجو أن تنال إعجابكم

  7. #7
    الصورة الرمزية محمود شاكر الجبوري قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    الدولة : العراق / ديالى
    المشاركات : 693
    المواضيع : 60
    الردود : 693
    المعدل اليومي : 0.10

    افتراضي

    يشرفني استاذي الكبير عدنان الاسلام ان اكون اول المطلين على صرحك الادبي الكبير هذا الصرح الذي يحمل في طياته الكثير من المعاني والعبر وخصوصا انه ذات قيمة ادبية عالية ومعاني غنية وصور موحية وفكرة مبتكرة تجسدت في رسم صور البطولة والفداء في كل انحاء وطننا العربي الجريح الذي بات شعباً من دون رأي هنيئا لك استاذي الكبير هذه التجربة القصصية التي اعتبرها رائعة جدا وخصوصا وانا اقرا لك للمرة الاولى وانت تكتب القصة

    مع حبي الشديد
    ولهفة الشوق
    وتحية المقاومين الثوار من ارض العراق الى اخوانهم المقاومين في ارض الرباط ارض القدس الشريف

    والى الامامِ
    بالفكـــر نتحرر , نبني ونعمر ونزدهر
    وكل هذا لأجل العراق

  8. #8
    الصورة الرمزية عدنان أحمد البحيصي شهيد العدوان على غزة 2008/12/27
    تاريخ التسجيل : Feb 2003
    الدولة : بلد الرباط (فلسطين)
    العمر : 41
    المشاركات : 6,717
    المواضيع : 686
    الردود : 6717
    المعدل اليومي : 0.87

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمود شاكر الجبوري مشاهدة المشاركة
    يشرفني استاذي الكبير عدنان الاسلام ان اكون اول المطلين على صرحك الادبي الكبير هذا الصرح الذي يحمل في طياته الكثير من المعاني والعبر وخصوصا انه ذات قيمة ادبية عالية ومعاني غنية وصور موحية وفكرة مبتكرة تجسدت في رسم صور البطولة والفداء في كل انحاء وطننا العربي الجريح الذي بات شعباً من دون رأي هنيئا لك استاذي الكبير هذه التجربة القصصية التي اعتبرها رائعة جدا وخصوصا وانا اقرا لك للمرة الاولى وانت تكتب القصة
    مع حبي الشديد
    ولهفة الشوق
    وتحية المقاومين الثوار من ارض العراق الى اخوانهم المقاومين في ارض الرباط ارض القدس الشريف
    والى الامامِ

    الأخ الحبيب الطيب الشفيق الرقيق

    محمود الجبوري


    سرني مرورك هاهنا وكلماتك الطيبة ، وسرني أن أعجبتك بقلمي المتواضع أمام سيل إبداعكم

    أخي


    نحن في الجرح سواء

    فمتى نضمد هذه الجرح

    أهديك السلام

    لأرض العراق

    وأهلها
    المجاهدين

  9. #9
  10. #10
    أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 9,079
    المواضيع : 101
    الردود : 9079
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي

    البحيصي الرائع...
    يتجلى السرد واضحا بتواتر أحداث نفهم ترتيبها الزمني دون عناء و تبرز اللغة الشعرية المعتمدة لتضقي عاطقية و حساسية على النص و تبقى القصة مكشوفة منذ العنوان مما يجعل القارئ في حياد امام الشخصية الرئيسية فلا هو يصل الى التعاطف معها و لا هو يدينها و كانما يحتاج ان يقترب اكثر من التفاصيل بفضول سعياالى العثور اخيرا على لحظة التنوير لتتحقق المتعة بالادهاش او في مستوى اخر العبرة لتتحقق الموعظة و تتحدد المواقف.

    عذرا لذه المرور السريع
    لكن ايحانا نجد مواقف تخدش ملكة الكتابة عند المرء..
    وانا اليوم اشعر بذلك
    عذرا
    محبتي لك
    جوتيار

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. الثوار و الناتو و النفط و زنقة القذافي
    بواسطة وطن النمراوي في المنتدى الحِوَارُ السِّيَاسِيُّ العَرَبِيُّ
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 24-08-2011, 01:10 AM
  2. ميدان التحرير أغنية الثوار
    بواسطة ممدوح سالم في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 20-03-2011, 12:54 AM
  3. كدع يتحدى الثوار
    بواسطة شهيد لحسن امباركي في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 15-03-2011, 10:47 PM
  4. الشهيد:عمر المختار(رائد الثوار)شعر:عبد المجيد فرغلي رحمه الله
    بواسطة عمادالدين رفاعي في المنتدى مُخْتَارَاتٌ شِعْرِيَّةٌ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 04-03-2011, 02:23 AM
  5. صهيلُ الأشعار في نصرة المجاهدين و الثوّار
    بواسطة إدريس الشعشوعي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 53
    آخر مشاركة: 27-07-2007, 02:51 AM