نشرة الأخبار الرئيسية في ساعتين 1
عزيز باكوش
شيئان لا يمكن التحديق فيهما طويلا , كسوف الشمس , وبعض نشرات الأخبار في عدة قنوات تلفزية عربية.
الحكاية وأسباب النزول .
بعد 360 ألف ساعة مشاهدة, وبعد أن صنفني أهل بيتي, والمهتمون بالشأن الإعلامي في بلدي , كمشاهد من العيار الثقيل , ما زلت بليدا , لدرجة لم افهم معها بعد, لماذا , وكيف, تقدم نشرات الأخبار الرئيسية في بعض القنوات التلفزية الرسمية في ساعتين. وفيما إذا كانت هناك تجارب عالمية مماثلة .
في الولايات المتحدة , بلد العمالقة السوبيناتيكيون , بلد 85 مليون موقع الكتروني, بلد جوجل , وبيل جيتس" موطن واكسبلور, وفايرفوكس موزيلا, بلد الانترنيت بامتياز, يتم تقديم أخبار العالم الساخنة, من العراق الى طالبان . من المحاكم الاسلامية الى عصابات اليمن, ومن مفخخات بلاد الرافدين, ومفاعلات الفرس وأكراد الأناضول , واقتتال الإخوة ,في الضفة والقطاع في دقائق...أي والله دقائق فقط. ومن رأى ليس كمن سمع.
في اليابان , مثلا , البلد العملاق حداثيا , بلاد الشمس بلا معادن , حيث تنطلق التيكنولوجيا , على رأس كل ساعة , باختراع جديد , ينقض على سابقه كوحش كاسر, تقدم فيه التلفزة نشرة أخبار العالم في دقيقتين.. يقف المذيع خلالها, ينحني في استحياء احتراما للمشاهدين , والابتسامة الصادقة لا تفارق شفتيه , ثم يقدم الخبر الساخن في ثوان, حتى لو كان انقلابا عسكريا أطاح بالنظام السياسي في بلده , مصحوبا بصورة جوهر..

في إحدى القنوات التلفزية العربية, ظهر قيدوم الصحافيين الذي لم تنجب المعاهد ومؤسسات الإعلام في البلد سواه, وشرع في تقديم نشرة الأخبار ونحن على ما ئدة العشاء, وانتهى مذكرا بأهم عناوينها عندما نام الأطفال , وجدتي, وانتشرت الكلاب الضالة في أحياء مدينتي...تخليدا لليوم العالمي للإعلام.

وإذا كنا نحن العرب نحتفل باليوم العالمي للإعلام..لا نملك أنفسنا من التساؤل عما إذا كان إعلامنا "الراهن" كاملا أم يعتريه بعض النقص..
ما نراه وما نشاهده يجعلنا كمتتبعين نتساءل بغضب , وأيدينا فوق قلوبنا خوفا على مصير ومستقبل الشعوب العربية, ومتسائلين , الى أي..و متى ينتهي هذا الغم ؟

" في الوقت الذي يزداد فيه الأغنياء غنى في العالم العربي , وتتناسل فيه القنوات الفضائية المملوكة لهذا الأمير اوذاك, تمسي أحلامنا كوابيسا , و يحرم المواطن العربي من التمتع بحياة كريمة نتيجة هذا الترف , وهذه التخمة .
ان استنزاف خيرات بلد عربي ما , و انحصارها في يد فئة قليلة, لحظتها , بات المواطن العربي يشعر بالغبن , حين يجد نفسه مجبرا على متابعة تقارير مملة حول أنشطة الوزراء, وتحركات الأمراء, أينما حلوا وارتحلوا, والكاميرا تلاحقهم انطلاقا من مشروع الرحلة , الى إعداد المراسيم الوداع , مرورا بالتنفيذ الحرفي , ثم القراءة و التذكير , لا ندري كمهتمين وملاحظين مدى سلامة النهج التنويري لهؤلاء الإعلاميين المهرة الحادقين عندنا , والحقيقة , إننا لا نملك سوى أن نشفق على هؤلاء , ثم نغضب ثم نتساءل , إزاء ما يعانيه وما يكابده هذا المواطن العربي المقهور , جراء ما يكابده من احتقار ممعن في درجاته القصوى , ذلك الإمعان في الإذلال الذي يتعرض له عن سابق إصرار وترصد الى آخر رمق.
انه كائن مشاهد, يرى ما يجري , ولا يعرف عواقبه الوخيمة , وتداعياته السلبية , لكنه لا يستطيع أن يفعل شيئا , لأنه ملقح , بل ربما مهدد في حياته إن فعل شيئا غير التهليل والتكبير .
هاهو بيل غيتس أغنى أغنياء العالم يخصص كل ثروته لصالح فقراء العالم, من دون إحداث فضائيات, واستثمارات في ثقافة الكليبات المائعة, هل سمعتم يوما بيل جيتس , ينشىء قناة تلفزية باسمه؟

الأخبار الواردة من مؤسسة "بيل وميلندا جيتس الخيرية" قبل أسابيع, تقول أنه في غضون خمسين سنة بعد وفاة عائلة" جيتس" ستكون المؤسسة قد أنفقت جميع أصولها المالية , التي تتعدى خمسين مليار دولار - في هذا القرن لتحسين وتطوير المؤسسات ومعالجة المشكلات استعدادًا للقرن القادم، وقالت المؤسسة أن هذا القرن سيمثل تركيزًا كبيرًا على معالجة عدة مشكلات منها الفقر والإيدز وغيرها
وتضيف المؤسسة" إن خلال خمسين عاما من وفاة الثلاثة ستنفق مؤسسة جيتس كل أصولها المالية تماما. وبدورنا نتساءل, ترى هل تحمل إلينا الأخبار القادمة من الخليج مشاريع مشابهة لبيل جيتس ؟
و هل تنجح مليارات أثريائنا العرب الخليجيون وغيرهم في حل مشكلات العالم العربي الغذائية والصحية ؟!/ يتبع