==========
"وتمديـن خيطك الرفيـع
يشدني إلى أرضـك وناسـك
فتنبسـط أمــامي يـد الزمــن
أقـرأ خطـوطها,أتكهـن بغيـبهـا"
أديبتنا المدهشة ليلى
هو ذاك الخط الرفيع المشدود كالوتر يكمن فيه سر الرباط الوشيج الذي نسجته هنا مع المدينة القاسية الطاردة ، والحانية الآوية في آن
منذ مارست دور الرقيب على صبيـة, تحبـو إليها بحبٍّ ، فلا تقدر هذا الحب الطفولي النضير
فهل أرادت أن تريح ضميرها وتفر عن قسوتها حين أرادت أن تتـوجها مـلكة المـشرديـن
فـآوتـها بما تملك من مخـادع، وكشفت لها ما تحجبُ من أسرار وما تكتم من أحلام؟
حتى يتم التوحد بينهما ، بؤسا وجنونا وسخطا؟!
ولأن الليل ليل المدينة هو مخبأ الأسرار ومأوى الحلام ، ومنبع الحكايات والأساطير كان لا بد من مصاحبته وجها لوجه
وهاهي الصبية تشعر بالقرب ، كما يوحي
استخدام أداة نداء القريب: أىْ
لدلالة على مدى الشعور بقربها إلى قلبك
والترخيم الدال على التودد والتحبب:
"أي كــازا
حبـيبتي"
الذي يناسب الخطاب الحميم بين الأصدقاء
كما هو معروف في علم النحو الذي ما يزال بعض مثقفينا يظنه علما جامدا جافا وهو زاخر بمثل هذه الطاقات الشعورية البديعة ، تنتظر من يوظفها بإبداع
لتبدأ مناجاة مفعمة بالإشفاق ، والحيرة ، والألم ، والحب ممتزجا بالرفض والتمرد، والغناء متشحا بلون العزاء
أما أسلوب التعجب المسربل بسربال الانفعال ، فيطالعنا ممتزجا بالدهشة
مـــــا أقصر... مســافات الفـــرح
بين الـنافـــورتيــن
الدهشة استوطنتني !!
وينهض أسلوب الاستفهام بتجسيد مشاعر الحيرة والإحساس بالتيه:
أين أمضـي؟؟
أين امضـي؟؟
أين امضـي؟؟
ويحين ور أسلوب الاختصاص المعروف في مواقع الإقرار ولكن بتعديل موحٍ
فإذا كان المقر يقول: انا الموقع أعلاه فإن كاتبتنا تقدم لنا نفسها : الموقعة أسفله ، بعد أن نطالع الإقرار ونتأمل الشهادة
"أنا الموقعة أسفـلـه
أشـهدكم الـيوم
أنـي لا زلت أجلس القرفصـاء
على فـوهــة مدفـع
فـــوق ســـور المديـنة القديـمة
ألقـي مرثـيتـي عن مدينتـي
وأتلقـى,التعـازي من البحـر".
فلماذا البحر؟
ألأن البحر مازال محتفظا بماء الحياة ضد الموت
وبقلب النقاء ضد الزيف
وبروح الشعر ضد الخواء؟
أم لأن البحر قادر على منحها مما لديه حتى تعود ؟
ليلى
أيتها الشاهدة الصادقة
والمُحبة المشفقة
والأديبة المفتنَّة
شكرا لكل هذا الإبداع يفجر طاقات اللغة باقتدر
والجمال برغم الأسى - كما قال أخي الفاضل إبراهيم الشريف - أو ربما بسببه.
سلمك الله
وسلّم مدينتك الغالية