أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: بابلو نيرودا

  1. #1
    الصورة الرمزية سحر الليالي أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : الحبيبة كــويت
    العمر : 38
    المشاركات : 10,147
    المواضيع : 309
    الردود : 10147
    المعدل اليومي : 1.49

    افتراضي بابلو نيرودا

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    اسم نيرودا الحقيقي هو : نفتالي رييس،
    تخلى عن اسمه الحقيقي لغاية سامية، وتسمّى ببابلو نيرودا بهدف
    معاقبة نفسه بالبحث عن الجديد، والإخلاص في ذلك، وقفَ في صف ِ الفقراء والعصافير
    والزهر والربيع ..فكانَ هذا سبباً في موته.

    وقالَ بعاطفة ٍ بيضاء :
    " أريد أن أعمل معك، ما يعمله الربيع بالازهار "



    *********

    " الكلمة جنح من أجنحة الصمت، قطعة أرض أعشقها، أنا الذي لا أملك نجمة سواها بين كل مروج السماء، هي التي تكرر الكون وتكثّره، هي بيتي أيضا، شيّدتها فسيحة رحبة لكي العب فيها من الصباح إلى الصباح.

    إنها طريقتي لكي أكون وحيداً، لا أكتب لتسجنني الكتب بين طياتها، أكتب من أجل العصافير، ومن أجل أيلول، أكتب أيضا من أجل الناس البسطاء، رغم أنهم لن يستطيعوا قراءة شعري بعيونهم الريفية، لكن ستجيء لحظة يصل فيها سطر من سطوري، أو بعض الهواء الذي يهزّ كياني إلى آذانهم، وربما يقولون آنذاك: كان رفيقاً حقيقياً. وهكذا يكفي. إنه التاج الذي أريد.
    أنا ولدت من صدر وطني الغباري، ومن جذع الشعر. لي قلب نجار، وكل ما ألمسه يصبح غابة. أحب عالم الريح وغالباً ما تختلط عيناي بأوراق الأغصان، لا أميز بين النساء والربيع، بين الرجل والشجرة، بين الشفاه والجذور.
    أتيت لأغني ولتغنوا معي، فأنا شعوب، شعوب كثيرة، وأملك في صوتي القوة النقية لكي أعبر صمتكم وأنزرع في العتمات. أيامي مصنوعة من كل الحيوات، فالشاعر أوسع من البحر وجزره، ويجب أن تنزلوا فيه مثل بئر لكي تخرجوا من الهاوية بغصن مياه سرية وحقائق مغمورة.
    يحدثُ أحيانا أن أدخل معمل خياطة أو صالة سينما، ذابلا بائساً كبجعة ورقية تبحر في مياه من رماد، يحدث أن تدفعني رائحة صالونات التزيين أو دخان المحرّكات إلى الانفجار بكاء. فأنا أريد فقط مسنداً من حجر أو من صوف، أريد فقط ألا أرى المؤسسات ولا المصانع ولا الأسواق ولا النظارات الطبية ولا المصاعد الكهربائية، يحدث أيضا أن أتعب من قدميّ ومن أظافري ومن شعري ومن ظلي.
    بلى، يحدث في الحقيقة أن أتعب من كوني رجلا...
    والحقيقة هي أن ليس ثمة حقيقة. لقد متّ، وهذا أمر يعرفه الجميع رغم أن الجميع يخفيه، ماتت الحقيقة ولم تتلق أزهارا، ماتت ولم يبكها أحد.
    .
    ميتٌ هو ذاك الذي يصبح عبداً لعاداته، مكرراً نفسه كل يوم. ذاك الذي لا يغيّر ماركة ملابسه ولا طريق ذهابه إلى العمل ولا لون نظراته عند المغيب. ميت هو ذاك الذي يفضّل الأسود والأبيض والنقاط على الحروف بدلاً من سرب غامض من الانفعالات الجارفة، تلك التي تجعل العينين تبرقان، وتحوّل التثاؤب ابتسامة، وتعلّم القلب الخفقان أمام جنون المشاعر.
    ميت هو ذاك الذي لا يقلب الطاولة ولا يسمح لنفسه ولو لمرة واحدة في حياته بالهرب من النصائح المنطقية، ذاك الذي لا يسافر ولا يقرأ ولا يصغي الى الموسيقى، ذاك الذي لا يقبل مساعدة أحد ويمضي نهاراته متذمراً من سوء حظه أو من استمرار هطول المطر. ميت من يتخلى عن مشروع قبل أن يهم به، ميت من يخشى أن يطرح الأسئلة حول المواضيع التي يجهلها، ومن لا يجيب عندما يُسأل عن أمر يعرفه. ميت ٌ من يجتنب الشغف ولا يجازف باليقين في سبيل اللايقين من أجل أن يطارد أحد أحلامه.
    ميتٌ؟ أنا؟ كلا، لست كذلك. لنقل أني صامت فحسب.
    * * *
    أسئلة:

    لِمَ تخبئ الأشجار روعة جذورها؟ لِمَ تنتحر الأوراق عندما تشعر بأنها صفراء؟ لِمَ تبكي الغيوم إلى هذا الحد، ولِمَ كلما بكت ازدادت مرحاً وخِفة؟ والدموع التي لا تُبكى، هل تنتظر دورها في بحيرات صغيرة، أم أنها تصبح أنهاراً غير مرئية تتدفق نحو الحزن؟ وهل ثمة ما هو أكثر بعثاً على الكآبة من قطار متوقف تحت المطر؟
    من يتألم أشد، ذاك الذي لا ينفك ينتظر أو ذاك الذي لم ينتظر أحدا قط؟ كم من الأسئلة لدى الهرّ؟ وكم يبلغ عمر تشرين؟ كم أسبوعا في اليوم الواحد وكم عاماً في شهر؟ وما اسمه ذاك الشهر الذي يحل بين كانون الأول وكانون الثاني؟
    من هم أولئك الذين صرخوا فرحاً عندما ولد اللون الأزرق؟ وما اسمها الزهرة التي تطير من عصفور إلى عصفور؟ أين منتصف البحر، ولم لا تركض الأمواج إليه؟ كم المسافة بالأمتار المستديرة بين الشمس والبرتقالة؟ لم أجمل الأنهار ذهبت لتجري في فرنسا؟
    أليست الحياة سمكةٌ تتهيأ لتكون عصفورا؟ أين انزرعت عينا الرفيق بول ايلوار؟ وعندما كان يبكي بودلير هل كانت تنهمر دموعه سوداء؟ هل أستطيع ان أسأل كتابي إذا كنت أنا من كتبه حقاً؟ من يسعه أن يجيبني ما الذي جئت أفعله في هذا العالم؟ ما الذي سيقوله عن شعري أولئك الذين لم يلمسوا دمي؟ وهل ثمة أغبى من أن يحمل المرء اسم بابلو نيرودا؟ "


    من مجموعته الكامِلة ..
    بابلو نيرودا

  2. #2
    الصورة الرمزية سحر الليالي أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : الحبيبة كــويت
    العمر : 38
    المشاركات : 10,147
    المواضيع : 309
    الردود : 10147
    المعدل اليومي : 1.49

    افتراضي

    من بعض أقواله:

    " ما نفع الأبيات إن لم تكن ضد ذاك الليل الذي يخترقنا كخنجر مرّ؟ ما نفعها إن لم تجعل النهار أقل سخفاً والغروب أشد غروباً؟ ما حاجتنا إليها إن لم تكن ذاك الركن الحزين والجميل حيث يطيب لأجسادنا المطعونة أن تتهيأ للموت؟ نحن الشُّعراء نكرهُ الكراهية ونحارب الحرب بالكلمة "

    بابلو نيرودا

    *
    *
    *

    أريد أن أكتب أكثر الأبيات حزناً

    بابلو نيرودا
    *
    *
    *
    " ما أقصر الحُب، ما أطول النسيان "
    نيرودا
    *
    *
    *

  3. #3
    الصورة الرمزية سحر الليالي أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : الحبيبة كــويت
    العمر : 38
    المشاركات : 10,147
    المواضيع : 309
    الردود : 10147
    المعدل اليومي : 1.49

    افتراضي

    نشرت هاتان القصيدتان عندما كان بابلو نيرودا يوقع بإسم نفتالي رييس، وقد نشرتا في مجلة:دفاتر التموكو في عددها الأول عام 1918، ولم تنشرا في أي من كتبه، إلا في آخر طبعة لمجموعته الكاملة إذ تم نشرهما في الجزء الرابع منها.
    عيناي (1918)

    أتمني لو تكون عيناي قويتين وباردتين وأن تمسا بالعمق صميم الفؤاد، وأن لاتكشفا شيئاً من أحلامي الضائعة
    بلا أمل، ولا غاية.
    أتمني
    أن لا تتكهنا بما هو دنيوي دائما
    مثل الأزرق المخضب، والمخفف بالأصفر الهادئ
    وأن لاتريا الآلام البشربة
    ولا رغد العيش.
    إلا أن عيني هاتين منطفأتان وحزينتان
    ليستا كما أحب أوكما احب أن تكونا
    لأن عيني قد رآهما فؤادي
    وآلمه أنهما تبصران.
    في أوقاتي (1918خريف)
    أوه! لماذا أنا حزين؟ أتري هو المساء البارد،
    الشتائي الصامت، أتري هو ما يجعلني أشد حزناً؟
    في هذا المساء الصامت،وصوت الموسيقي الأليم
    أستعرض الكائنات والأشياء.
    لقد أمضيت اليوم بأكمله مع صبية سعداء،
    رفاق لا يعرفون شيئاً غير الضحك
    أحيانا أُعدي من غمر سعادتهم
    ولكني الآن لا أملك شيئا غير الضجر.
    ضوء غرفتي: ضعيف ضوءه
    والأشياء تكون بيضاء في شبه العتمة
    في غرفتي حزن دائم.
    علي منضدتي،بعض كتب مفتوحة
    دفاتر زرقاء ، أقحوانات ميتة..
    أتُري هو المساء البارد الذي يجعلني أشد حزناً؟

  4. #4
    الصورة الرمزية سحر الليالي أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : الحبيبة كــويت
    العمر : 38
    المشاركات : 10,147
    المواضيع : 309
    الردود : 10147
    المعدل اليومي : 1.49

    افتراضي

    اسمه الحقيقي نفتالي ريكاردو رييزولد في الثاني عشر من شهر يوليو عام‏1904‏ في قرية بارال بوسط شيلي كانت والدته روزا نفتالي تعمل بمهنة التدريس أما والده جوزيه ديل كارمن فكان عاملا بسيطا في السكة الحديد وإن كان نيرودا نفسه قد أشار إليه في إحدي قصائده علي أنه سائق القطار‏.‏
    لم يكن عام مولد نفتالي أو بابلو كما اشتهر بعد ذلك بالعام السعيد خاصة بعد أن اختطف الموت والدته في نهاية شهر أغسطس أي قبل أن يكمل الرضيع شهره الثاني نتيجة إصابتها بالدرن‏,‏ ولعل ذلك كان أحد أهم أسباب حزنه الدائم وانكسار قلبه بعد حرمانه من حنان أهم شخصية في الوجود فرغم زواج والده بعد ذلك بعامين من‏'‏ ترينيداد كانديا‏'‏ التي وصفها بابلو بأنها الملاك الحامي لطفولته إلا أنه ظل مفتقدا لحنان الأم‏.‏
    قبل أن يكمل بابلو عامه الخامس عشر كانت إبداعاته الشعرية قد بدأت في الظهور بدأ ذلك تحديدا عام‏1917‏ عندما كتب قصيدته عيناي والتي وقع عليها باسمه الحقيقي نفتالي رييز ولكنه عام‏1920‏ اختار لنفسه اسما جديدا هو بابلو نيرودا والذي ظهر أول مرة في قصيدته التي لم تطرح في الأسواق‏'‏ جزر غريبة‏'.‏ في مارس عام‏1921‏ بدأ نيرودا يشعر بموهبته الشعرية لذلك قرر السفر إلي سانتياجو حيث استقر هناك في بيت الطلبة لاستكمال دراسته في اللغة الفرنسية التي كان يجيدها مثل أهلها وفي أكتوبر من نفس العام ظهرت قصيدته‏'‏ أغنية العيد‏'‏ والتي فازت بالجائزة الأولي في مسابقة اتحاد الطلاب والتي كانت مؤشرا لظهور ليس فقط باقي قصائده‏,‏ لكن لظهور الوجه الثوري لهذا الشاعر الرومانسي الذي يبدو حالما حزينا علي طول المدي ففي نفس هذا العام اشترك نيرودا في المظاهرت الثورية التي اندلعت في البلاد آنذاك وذلك قبل أن ينتج ديوانه الثاني‏'‏ الغسق‏'‏ والذي اضطر من أجله لبيع بعض أثاث منزله وساعة اليد التي كان قد أهداها له والده‏.‏ ونأتي لرائعة نيرودا‏'‏ عشرون قصيدة حب وأغنية لليأس‏'‏ والتي تعد بحق أول ديوان حقيقي له حيث ترجم إلي الإنجليزية مما جعله أكثر كتبه انتشارا في هذا الديوان نجد الحزن وانكسار القلب هما المسيطران علي روح القصيدة ولعل هذا يتضح جليا من خلال بعض هذه الأبيات الشعرية‏:‏

    يلفني خصرك الضبابي
    صمتك يطارد ساعاتي المعذبة
    وأنت ذراعان من حجر شفاف
    تعشش فيهما أشواقي الخضراء
    وترسو قبلاتي
    آه‏!‏ صوتك الغامض يخضبه الحب
    ويحنو في المساء رنانا فانيا
    في قلب الزمان علي الحقول
    رأيت السنابل تنحني في فم الريح
    في عام‏1924‏ يهجر نيرودا دراسة اللغة الفرنسية ويتخصص في الأدب ويكتب ثلاثة أعمال تجريبية وذلك قبل أن يبدأ رحلة تعيينه سفيرا في العديد من البلدان تنتهي بكونه سفيرا في الأرجنتين عام‏1933‏ أي بعد زواجه من الهولندية الجميلة‏'‏ ماريكا‏'‏ بثلاث سنوات والتي انتهي زواجه منها بإنجاب طفلته مارفا مارينا التي ولدت في مدريد في الرابع من أكتوبر عام‏1934‏ والطريف أنه في نفس العام وتحديدا بعد شهرين تزوج نيرودا من زوجته الثانية ديليا ديل كاريل الأرجنتينية الشيوعية والتي تكبره بعشرين عاما والتي كانت تعشق الرسم خاصة رسم الخيل وقد انبهر بها نيرودا وسرعان ما ارتمي في أحضانها لأنها الوحيدة التي أخرجته من حالة الاكتئاب التي كادت تنتابه عقب علمه بمرض طفلته المزمن والذي كان يهدد حياتها‏.‏ في تلك الأثناء اكتسب نيرودا شهرة عالمية واسعة جعلته واحدا من أكبر وأهم شعراء أمريكا اللاتينية ورغم كونه قد عمل سفيرا في العديد من الدول الأوروبية إلا أن ذلك لم يزده سوي إصرارا علي أن الشيوعية‏-‏ التي اندلعت شرارتها في روسيا‏-‏ ليست سوي المنقذ الحقيقي والحل السحري لكل المشكلات ورغم المتاعب التي سببها له هذا الاتجاه السياسي إلا أنه ظل متمسكا به إلي حد استقالته من عمله الدبلوماسي‏.‏
    ويبدو أن الأفكار الشيوعية هذه قد أثرت علي الأسلوب الشعري لنيرودا فبعد أن كانت قصائده تمتاز بالرومانسية والحزن والحس المرهف أخذت القصائد تتطور لتصبح أقرب إلي السريالية التي كانت في ذلك الوقت تطغي علي المنظومة الفكرية والفنية في أوروبا كلها‏.‏ يظهر هذا واضحا من خلال قصيدة نيرودا‏'‏ إقامة علي الأرض‏'‏ والتي امتلأت بالعديد من الصور المأساوية لما أحدثته الحضارة من دمار شامل علي الأرض وقد ظهرت هذه القصيدة عام‏1935‏ أي قبل عام واحد من انفجار الحرب الأسبانية والتي فجرت معها واحدة من أعظم قصائد نيرودا السياسية‏'‏نشيد الي أمهات المحاربين الموتي‏'.‏ يأتي عام‏1937‏ ويعود نيرودا إلي شيلي تحديدا في‏10‏ أكتوبر ليكتب قصيدة‏'‏ أسبانيا في القلب‏'‏ والتي يقول فيها‏:‏
    كنت أسكن في حي بمدريد
    به أجراس
    به ساعات به أشجار
    منزلي كان يسمي منزل الزهور
    لأن في كل ركن من أركانه
    كانت تتفجر الزهور
    من تحت الأرض
    هل تتذكر يا رافاييل
    هل تتذكر منزلي ذي الشرفات
    نبض عميق من الأقدام والأيدي
    كان يملأ الشوارع
    وذات صباح كان كل شئ يحترق
    ذات صباح كانت النيران تخرج من الأرض
    وفي الشوارع كانت دماء الصغار
    تجري مثل الأطفال
    انظروا إلي منزلي الميت
    انظروا إلي أسبانيا المنكسرة
    من كل منزل ميت يخرج الحديد الملتهب
    بدلا من الزهور
    عندما كتب نيرودا هذه القصيدة لم يكن يعلم أنه سيواجه في العام التالي وفاة والده وكذلك زوجته الأولي والدة ابنته والتي توفيت هي الأخري متأثرة بمرضها عام‏.1942‏ في تلك الأثناء لم يكن نيرودا قد كتب شيئا يذكر خاصة في ظل الأعمال السياسية التي قام بها‏,‏ لكنه سرعان ما استعاد موهبته الشعرية وكتب لنا تحفته‏'‏ النشيد العام‏'‏ عام‏1950‏ حيث عرض في هذا العمل الضخم تاريخ قارة أمريكا اللاتينية من منظور اجتماعي وسياسي ويؤكد أن للشعب الدور الرئيسي في التاريخ محتقرا كل الشعراء الذين يطلقون علي أنفسهم اسم الشعراء السماويين قائلا لهم‏:‏

    ماذا فعلتم أنتم يا أهل جيان
    يا مدعي الثقافة يا من تهتمون بالقوافي
    يا مدعي الصوفية يا زيف من السحرة
    ماذا فعلتم تجاه سلطة الكرب أمام هذا الجنس البشري الغامض


    ويستمر التطور الشعري عند نيرودا وذلك من خلال تساؤلاته والتي دفعته اليها الرغبة في التوغل في جذور القارة اللاتينية لذلك نجده في ديوانه‏'‏ أشعار القبطان‏'‏ و‏'‏الكرم والريح‏'‏ تخلي عن أن ينتهج أسلوبا بلاغيا وغراميا لا تشكل فيه الأسئلة عنصرا مهما وإن كان هناك تساؤل يطرح نفسه في ديوانه‏'‏ استراباجاريو‏'‏ وهو كم يعيش الانسان في النهاية؟
    في هذا الديوان يضعنا نيرودا في قالب مختلف تماما عن كل نتاجه الشعري السابق فهو يعبر عن قلقه وعن ريبته وعن إحساسه بمحدوديته يعبر عن هذا كله من خلال الكوميديا السوداء التي تسيطر علي الديوان من أوله الي آخره:

    فيما أتيت أسألكم
    من أكون في هذه المدينة الميتة؟
    أين كنت؟
    من كنت لا أفهم غير الرماد

    بدءا من هذا الديوان نجد محدودية الوجود والموت هما المسيطران علي نيرودا حتي آخر قصائده فمثلا من قصيدة‏'‏ صورة‏'‏ من ديوان‏'‏ أغان طقوسية‏'‏ الذي ظهر عام‏1961‏ نجد الشاعر يتساءل‏:‏
    من عاش؟
    من سيعيش؟
    من أحب؟
    أما في‏'‏ تفويض كامل‏'‏ فنجده يتساءل‏:‏
    في عرض الطريق أتساءل
    أين توجد المدينة؟ ذهبت ولم تعد
    وفي ديوان‏'‏ مذكرات ايسلا نيجرا‏'‏ الذي ظهر عام‏1964‏ نجده يسترجع حبه القديم لعشيقته فيقول
    كيف وأين يقبع هذا الحب القديم
    هل هو الآن قبر طير
    أم نقطة من الكوارتز الأسود
    أم قطعة من الخشب تآكلت بفعل المطر؟‏!‏
    يأتي عام‏1968‏ ويمرض الكاتب بمرض يقعده عن الحركة فيكتب لنا ديوان أيدي الأيام ثم يتحفنا برائعته السيف المشتعل عام‏1970‏ ثم أحجار السماء في نفس العام وفي‏21‏ أكتوبر عام‏1971‏ يفوز نيرودا بجائزة نوبل في الأدب وعندما يعود إلي شيلي يستقبله الجميع باحتفال هائل في استاد سانتياجو ويكون علي رأس الاحتفال سلفادور الليندي الذي لقي مصرعه بعد ذلك علي يد الانقلاب الذي قاده بينوشيه وبعدها بأيام توفي نيرودا متأثرا بمرضه في‏23‏

    منقول

المواضيع المتشابهه

  1. يموت رويدا من لا...............بابلو نوريدا
    بواسطة قوادري علي في المنتدى الشِّعْرُ الأَجنَبِيُّ وَالمُتَرْجَمُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 28-02-2021, 07:27 PM