أخي " ابو همام" : لله درّك. كأنك تغرف الصور التعبيرية غرفًا. أغبطك عليها. ولو مارست كتابة الشعر لكن من الشعراء المميزين. وربما لك محاولات شعرية ولم أتشرف بقراءتها. وأتمنى ذلك.
وأعود لهذه الملحمة الرمزية. ولاأرى أنك غرقت في الرمزية والحمد لله. فمثل قلمك يسخرها له وليست هي غايته.
اسمح لي بأن أعرض تعابيرك المميزة هنا ثانية فتسليط الضوء يجعل النجوم تتلألأ في سماءها:-
1- رقعوه بالصنم المسطور .. كمن يكتب مرثية طويلة ويبطنها طرفة .. حتما لن تكاشفه مرآته بأنه بات .. أحلى طرفة .
2- الحرية أن يكون لك رصيف تسير عليه .. فالأرصفة التي تتلاقى دوما ما تضيق عليك الخناق .
3- لماذا لا ينغلق القوس برتاجه .. كفم مفتوح بغير معدة تشعره بالجوع .. أو كحجرة تبتلع كل ذكرياتك .. وتستزيدك لتعب منها أكثر .
4- لا يا صديقي .. لا اريد لحرف من حروفي أن يكون ابتر ..
5- إن الكتاب الذي تجالسه .. تحسبك تحتويه بينما هو يحتويك .. فانتقي جليسك .. ليعطر انفاسك بالمسك . ....[ مأروع التعبير ]
6- يسكب انفاسه حرى في فنجان قهوتك .. ويجلس مطرقا عند حافة اهدابك ..
7- ما أكبر مساحة ذكرياتنا .. تموج بثلاثة أرباع حياتنا .. وربعها الباقي نقضيه في الثرثرة عنها .. حاضرنا ألا يستحق الثرثرة ؟ أم نخاف إن نحن ذكرناه .. تربع فينا البكاء [رائع رائع.. حقيقة أقف عاجزة أمام هذا التصوير البليغ ]
8- "ماضينا .. نلوكه كل حين بين أسنان اقلامنا .. كعلكة تُقسم أن لا نتهي .. تتمدد على اوراقنا .. تتثاءب .. من بشر تمتطي حيرتهم صهوة الطرقات .. تصفعهم الارصفة وعيونهم لا تكل من السؤال .. عن أمكنة الحلم .. أندية الامل .. ليحمدون النوم آخر المساء أن لملمهم من شوارع التيه واستجداء النهار صدقة يتبلغون بها اخر المشوار .. يحمدون النوم لعل فيه حلم يتحقق أو حتى كابوس يتشجر .. لا يهم .. نعم لا يهم .. ما دامت ثماره تخمده انفاس نوم .
ظلام .. ظلام .. يتشرنق في يرقات القلوب .. وتخرج لتتغذى على أوراق النور .. صمت بئيس لا تردعه ضجيج العربات وثرثرة كل المارة .. بضح نقاط سوداء رسمها الناس على جدار مضئ في حجرة محاطة بمرايا .. ادمنوا النظر اليها .. فإن تلفتوا لقوها امامهم .
لحظة تمتد وتكبر كعمر ابليس .. شرابها .. صمت يثرثر .. بؤس مؤلم .. أحلام آسنة .. ذكريات مبعثرة .. وخيبة تسكر الكون حد الجنون ."[أعرف أنني اقتطعت جزءا كبيرا. ولكنه وحدة واحدة لاتتجزأ بانسيابية نسقها ]
الخلاصة:
أتفق مع أخي الاندلسي حول جمال المقطوعة الثاالثة ووضوح غايتها وأسلوب صياغتها. وقد قرأتها هي بالذات أكثر من مرة. ولاأدري لمَ شعرت بأنها وصلت لذهني اسرع من سابقاتها ولو أنني أجد ماقبلها ليس اقل جودة ولكنه اقل قدرة على الوصول للذهن بالسرعة المطلوبة. قد شغلتني الصور الفنية أكثر من الفكرة بينما تساوى الاثنان معا في الثالثة.
أهنئك ياأبو همام. فلاتدع الشعلة تسقط من حبر قلمك.
أختك
سلوى