|
شــحَّ الزمـــانُ وجـــادت الحسراتُ |
و ثــوى البيــانُ و هــــامت الكلماتُ |
قصمت مصيبــاتُ الزمان ظهورنا |
ضرباتُ تهــوي إثــــــرها ضرباتُ |
ونمت علـــى جســـد العروبة ذلّةٌ |
تسقـــي الفــــروعَ و أصلَها النكباتُ |
لا مجدَ يرفـعُ ما هوى من عزّنا |
بــــــــادَ الفخــــارُ و ذُلّلــــت هاماتُ |
لا نورَ يجلي الليـــلَ عن أوطاننا |
كسفـــت شموسٌ، أظلمت نجماتُ |
هي محنــةٌ في شــدّة قد أطبقــت |
هي ظلمـــةٌ فــي جوفهـــــا ظلماتُ |
أرختْ على تلك الربــوع سدولَها |
تحــت الســدولِ خَبْتْ لنــــا مشكاةُ |
و تجمـــدتْ آمالُنــا فــي بـــــردها |
و تشرذمت فـــي بؤسهـــا الثوراتُ |
نزلـــت علينـــا مـا يُبدّدُ غيظـــها |
سكـــراتُ موتٍ ويحهــا سكراتُ |
نزعتْ من الجسد الضعيف حياتَه |
فكبـــا ، فغُيّـــبَ فـــي الترابِ رفاتُ |
لــم يبــقَ إلاّ الهـــمُّ فينا صارخٌ |
ماتت و ضاعت في الأسى البسماتُ |
تجــري دمــوعُ النادبــاتِ غزيرةً |
فـــوق الخــــدودِ كأنهــــنّ فراتُ |
تُفنــي قـــلاعَ الصبرِ منها موجةٌ |
و تثــورُ فــوق خرابهــــا الموجاتُ |
في القـــدس، في بغداد ،كلٌّ نــازفٌ |
يعلـــو الأنينُ و في الحشــا جمراتُ |
شجـــنٌ عظيــمٌ قـــد تفجّر واحـدٌ |
تملــي و تكتــبُ بؤسَـــه العبراتُ |
ما زال فينــا الغرب يسكـبُ سُمَّهُ |
تســـري تمـــزّق صفّــنا الجرعاتُ |
فــي (بيــت حانونٍ) تفطّـــر قلبنـــا |
عَظُــمَ المصــابُ و خيّمــت مأساةُ |
دُكّــت، فأمســـت بالخــــراب مليئةً |
أطـــلالُ يقطـــنُ صمتَهـــا أمواتُ |
و الريحُ تضربُ في الخراب دفوفها |
و تهيــجُ منهــا في الفضا زفراتُ |
تسفي الرمالَ عن الخراب حزينةً |
و لهــــا على الروض الشجي نفثاتُ |
و الغيمُ يعقبهـــا يســـحُّ دمـــوعَهًُ |
سحّــــا، و تجهـــمُ في السما غيماتُ |
ســـوداءُ فـي ثوب العـزاءِ مُجدّةً |
فــوق الخـــراب لها الغداة صلاةُ |
أجســـادُ بعثـــرهنّ غيـــظٌ عارمٌ |
أمســــينَ ذرّا مــــا بهـــــنّ حياةُ |
و ثــوى الشيوخُ مع النساء يبابُهم |
و قضى على تلـك الهجول نباتُ |
يـا ويحـــهم قد خلّفوهــا قفــــرةً |
يسعــى عليهــا في الصقيعِ حُفاةُ |
أيــن العــــروبةُ و الأُخـــوّةُ بيننا |
يـــا قــومُ ، أين من العويل كماةُ |
يجلــــونَ عن تلك النفوس شجونها |
و تكونُ منهم في الوغى صولاتُ |
فتُبارُ بالعضْبِ الصقيلِ جموعُهم |
و تـــردُّ كيـــدَ الغاصبيــــــن قناةُ |
قد آن يا قومي الأوانُ لصحوةٍ |
ليـــزولَ ذلٌّ مخضـــــعٌ و سباتُ |
قد جلّل العـــارُ الثقيلُ رؤوسَكم |
فجنـــتْ عليكـــم بعدهـا الهفواتُ |
هُبّوا، أعــــدّوا للمعمـــــامعِ عدّةً |
يجثـــوا لديهـــا في النزال عُتاةُ |
تغدو الأنوفُ كما الجبالِ عزيزةٍ |
شمّــــاءَ رسّـــخَ عزمـــهنّ ثَباتُ |
و يجــفّ دمعٌ عن خدودٍ خُدّدت |
و تُسيـــلُ دمــعَ عيوننا النشواتُ |
أتممتُ نظمَ خريدتي و قصيدتي |
أبيـــــاتُ تنشــــرُ مسكَهـا أبياتُ |
أخرجتُهــــا من بحر قلبٍ شاعرٍ |
خطَـــت رقيــــقَ بيانه النبضاتُ |