لن أرحل

لن أرحل



لن أرحل ، لن ابكي ، وماذا ينفع لو حم القدر ؟؟
أنا مثل الشموس في ظلمتها الظليلة ، أحن إلى هذا الناقوس ، أميل إلى هذا الطفل الغرير،
أحب أن أسمعه ، نداءا ، صراخا ، في مجنى الليل ، ومن وراء هذا الشجر ...
ويدخل البلبل من هذا الباب ، يريدني خارجا من كوة العزاء ، يقول : لا أعزك الله من صبر ،
يامن بات يهوى القمر ،
يشدو مع الصغار ،
يحن الى عسس اليل ، فهل تعرفونه يا أهل الحضر ؟؟
من أنا ؟؟ قطرة في بحر الإنصعاق ، تصطلمني النفحات ، ذرة تتأوه من بين الكلمات ، دقيقة من ثواني هذه الساعات ، كلمة ، تدعو ، تتدثر في حنايا الطيور .
سأجمع حقائبي ، لأرحل ، لأبحث ، في عواصم العالم ، في الرباط ، في دمشق ، عن نجيم لاح ، ثم اندحر ، سأنتفض في شرايينك ، سأفض عذريتك ، سأعلمك القرار ،
سأكون كونا ، أوأثيرا ، أولا أكون إلا سطرا ، من ورود، من زهور ، تكتب أغنية ، بل صدى بين قباب الصدور.
سهل يابنة الحي منك الصدود والهجر ،
سهل منك القبول والدبر ،
سهل أن تخرجيني من مساحات الضرر ،
هكذا ظننت يا حبيبتي بلا حذر ،
هكذا علمتك الصبابة في ليالي السهر ،
يامن لقلبه أهوى ، ولعينه أعشى ، أنا شرارة من نار ، فحمة تلفعت من وارئها آيات العبر، قطعة من حزن ، فلقة من عذاب ، ترنوإلى ذاك الحجر ،
أقيد به رجلي، وأفلق به رأسي، عقلي ، حتى لا يكون لي نظر ،
ثم اترك لنفسي مصيرا بين يديك ، عنوانا على الدموع ، في بون الحبيب ، في هجره ، في صدوده ، في كلماته : عد إلى حزنك أيها الكمد ، فما أرى لك من ظفر ،
فكذا غنيت يابن الحي ، الذي ، هيجت أحزانه قلبا يحتضر .
لن أرحل ،
كيف يبدو ذلك ، سكرا ، شفيفا كالطيف ، كموسيقى الأشجار ،
كالنور، كالهباء ، فراسة خاطئـــة ، وظن كاذب ، وضياع في زوايا النهار ،
في الليل يسعد اللقاء ، فهل استوحشت منك النظرة ، أم قلاني منك الفؤاد ، أم حوراء آدمية تسعى ، تهرول كالنعامة ، تريدني جاريا ، بل سباقا في عراك الجنـــــون ، وحين ألقي بيدها في مرساتي ، ترميني ،
إرحل ، لا أرجعك القدر ،
في وجودي وجد ، وفي عدمي غذر ،
وحين تنعدم مني دقائق الأيام ، تنوب عني الوساوس الثكلى ، في مجرى الأيام ، في وهم ، ترينه ضبابا مترنحا ، بل برقا خلبا ، بل سماء مطيرة ، بل هزيم رعد ، بل هوجا ، بل غريرا في معبد الحب ، يغني للفجر وللقمر ،
في بحر الأحدية ، تناديك ، في أعماقك ، إنسانة أخرى ، تعض غيرتك بالإنكاد ، ترسل حبها فيغرقك ، وتشح منها السماء ، فلاترى بين عينيك ، إلا جلجلة ، نيزكا موسوما بالكدر .
أعصاب أراها رقيقة ، تتنفخ في غبار اليل ، فأراها نكدا ، صبيبا ، ديمة تهب كالمطر ،
وحين أتقرب منها بيدي ، أجدها مادة لزجة ، زئيقية ، لا تعرف حبيبها ، إلا بغيرة مدسوسة بين كل كلام ، سؤال ، لكنها سر ، إلهام ، لهوجة في صدى السعير .
لن أرحل ،
ودليلي بين يدي سر ، دليل على المراد الذي تبدى ، مني بل منها ، نشازا في صوت كصوت النغير ،
سر أحدقت به الأفنان ، وأغصان حب تفرغت في الفؤاد كالتيجان ، لوعى من الحزن ، تطالبني في ليالي النوح السمر ،
إرحل ، لا تقلب وجها إلى هذه المعابد ، نشيج يعلوني فلا أري له صديقا إلا خدي والمحاجر ، أردد في ثورة اليل ، كالخفاش ، أذكارا ، صارت مع الحزن كالوتر .
لن أرحل ، لن أرحل ، لن ييبس مني العود ، لن تبلى مني الأوراق ، لن تكسف مني العبرات ، لن أرى لعيني بعد هذا إلا الدموع والسهر ،
شجراتي تعرت للاقطها ، وتمراتي تبدت لجانيها ، وأعراضي مصفرات في حقن الشجون والعبر .
لن أرحل ، أسى ينتابني ، شعور يغتالني ، غيض ، حنق ، عنف ، أقضيه قضاءا مبرما ، في دروب الحيـــاة ، أنسى ساعة ، وأهرول ساعات في الظهر ، في العصر ،
وحين تأتي واليل قائم ، وظل النهار سارفي العبور ،
أقطع من هنا إلى هناك مسافات لنيل الأوطار ، مسافات تطوى ، وأنظر في عيني ، فأراها في بهو المراح كالستور ،
تأخذني بلفح شمسها ، تلفعني بلظى سعيرها ، تلقيني بين يدي دفاتري ، صابا ، علقما ، غصة تعتمدني ، غسلينا بل عقيما يختنقني في حلقي كالفهور ،
فتتركني أموت بين عنــــوان ، وكلمات ، وأشياء لا ذكر لها ، فأهرول في حوصلة الأحداث ، أبحث عن نفس أراها سعيرا ، لكنه رحمة ، أبصقه على صفحات كتابي . شهدا من السطورالذي أشربه رقرقة من هذا الغدير ،
أرتوي بحميا الهوى من هذا اليـــم ، ألتقط وردة من هذا البستان ، أختطف نظرة من هذا الجمال ، صورة ليس لي بين يديها كلام ، أهل أرسلها قبلة ، أم أرسلها أناملا ، أم أهديها مهج الحياة ، مواجيع مفجعات في ليلي ، أقرر الهروب منها إليها فلا تريد ، وتنتهي المسرة بحزني حين تقول إرحل ياحقير .
لن ارحل ،
فإن أبيت إلا أن أرحل ، فإلى هنا ، حيث دارة الفلك ، حيث النجم ، حيث غدران العواطف ، ساق على ساق ، في رقصة حلزونية ، في جموم الجسد ، في سكر الروح ، في عقل العقل ، في منتهى النشوة ، وينغلق الباب ، فأقول يامجنونتي ، عد ، عد ، إلى وفقة التناصف ، قبل منح الغرور ، يامجنونـــة ،
لن أرحل ، فالفصل فصلي ، وفصلي زاهر ،
والساعة منحتي ، والممنوح جميل ، هات يديك يامجنونتي ، فالنسيم فد زاد ريا المكان ظرفا وجمالا ، مكان آمن ، وعزة قعساء ، ولون خداع ، عودي إلى مسرح الخيال ، إلى حقيقة الوجود ، إلى عين الزوال ، إلى الفناء والإتحاد والأنوار.
لن أرحل ، وفي الكون أحزان وأتراح ، حزن في جمجم حزن ، في قمقم من حلقة الوجود ، فهل تنفع الكلمة من عبد مثلي مندحر ؟؟
في صحيفة بيضاء تصدر من قلب رءوم ، رهيف ، حساس .. أنتم هناك ونحن هنا ، وذات البين قرب في ذاتينا ، لاعليك ، فقد عرفتك سكرانة بماء الحب .
يا نجوم السماء أرسليها فوحا ، من المسك واللبان ، وياهبات النسيم أحملوها مني تسليمة في ليل المجانين ، أقول قولي ، ولن أرحل سأبقى لك ، وبك ، وجودا حضورا ، شهودا من وراء السور ، لن أرحل