تكوين

تكوين

بقلم: حسين أحمد سليم

سمت النّقطة تحديدا محور الدّائرة في الهندسة, تشعّ النّقطة على قدر معلوم في تكرار إمتداد كينونتها, تُشكّل مساحة محيط الدّائرة من بنات جنسها, تكاتفت تحاببا على بعد واحد في عدالة, وإنتشرت في حلقة من العشق حول النّقطة الأمّ...
قطر الدّائرة يرتسم في مستقيم صاعد, إمتداد ثنائيّة الشّعاع المقدّر, كأنّه الإستواء السّماويّ يمتدّ حتّى حدود الأفق في قبّة الفضاء... هامته تعتمر حلية الرّأس عمامة من نوع آخر, تشكيل مثلّث متوازي الضّلعين, مُشرئبّ القاعدة في إنعكاس للعلا, مُستلق على جانبه في هدأة عند الطّرف العلويّ, نتاج حركة سريعة من سنّ القلم مائلا إلى اليمين قليلا... تُحاكيه ترويسة الطّرف الأدنى للشّكل القائم, حلية دقيقة السّنّ مائلة إلى اليسار, إجتهاد فعل القلم في لعبة الرّسم والتّوقيع...
لوحة جميلة المشهد في صورتها النّهائيّة المجلوّة كالعروس في يوم زفافها, نتاج إجتهاد حركة النّقطة بين حياكة نسيج الشّعاع السّيّال, ونمنمة عناصر خطّ الدّائرة في إنتظام الأبعاد المتاطبقة, يحكمها شعاع ينبثق من سمت المحور, ينتشر دائريّا أو كرويّا في شتّى الإتّجاهات...
إبداع في لعبة تقنيّة الخلق على حين غفلة من طرفة العين, تهتزّ الأنامل الحانية دفئا على القلم, تعزف المداد سيمفونيّة على أوتار مساحة بيضاء... يتراءى الألف يتماهى منتصبا في كينونته الشّخصيّة, ميزان عادل من دون تطفيف, على قاعدته المثلى تقاس جماليّات العناصر في منظومة حروفيّات الضّاد في الأبجديّة العربيّة...
نظام محكوم بالحبّ الشّفيف لحروف كلّ الخطوط العربيّة, طوعا إراديّا تحتكم في تجويدها مقياسا نسبيّا بتجويد عناصر الألف, وتجويد الألف خاضع في جماليّات عناصر التّكوين لحسن إستخدام المشق يترنّح ثملا بالمداد بين الأنامل الحانية...

البعد الفلسفي في موضوعكَ أيها الكريم يتحدث عن نفسه, لكن بصوتٍ أضعفه طغيان الأبعاد عليه. عندما نتحدث عن الخلق وكينونته, فهذا يحتاج مساحة أشد اتساعًا من خيالية العبارة, لا أن نحدها بالأشكال الهندسية ومفرداتها التي تحدد الفراغات ولا تساعد في تحليق رؤيتكَ بحال. وقد رأيتُ عندك خللًا في وصف بعض الأشكال الهندسية التي أسقطتها لوصف مساحة من رؤيتكَ, فالمثلث لا يتوازى فيه ضلعان بحال, فإن توازا صار منحرفًا مبتورًا, وهذه الصورة وإن كنتَ أردت منها صورة مجازية, فهي لا تتطابق إطلاقًا على الآتي بعدها من وصفٍ للصورة.

اسمح لنا بنقلها من منبر الفكر والحوار المعرفي إلى أنسب مكان

تقديري