حين تقدم لنا الدكتورة ( وفاء سلطان ) في مقالتها
هل يصلح الدهر ماأفسده الاسلام
نفسها على انها كانت مسلمة بالولادة وقد اصبحت اميركية الجنسية لادينية المعتقد فانها تدعو في قراءتها لكتابنا المقدس ( القرآن ) الى شيطنة الفكرة الاسلامية ، مدعية ان المسلمين اساءوا فهم الكمال المطلق لله تعالى وتشوه لديهم الخط الفاصل بينه وبين الشيطان – على حد زعمها - لذا ، فاني وجدت وكما يقول ( علي عزت بيجوفيتش) في كتابه الاسلام بين الشرق والغرب :
( لكي نفهم العالم فهما ً صحيحا ً لابد من ان نعرف المصادر الحقيقية للافكار التي تحكم هذا العالم وان نعرف معانيها )
وانا كمسلم لاأعرف مصدرا ً لافكاري سوى مايلزمني إياه منهاجي القرآني المهيمن على تفاصيل حياتي خصوصا ً اني وجدت الباحثة تنطلق من رؤية احادية مادية تفسر بها نصوص القرآن وأجزاء من سيرة الرسول عليه السلام
وها انا اقدم رؤيتي عبر هذه المقالة
الخارطة القرآنية .. للشيطان
الايمان عند المسلم لابد أن يشمل إيمانه بالملائكة
( أن تؤمن بالله وبملائكته ورسله وكتبه ... الخ )
وواقع الحال يقول ان المسلمين باتوا يتحسسون بتأثير الجان والشيطان أكثر من شعورهم بملائكة الله تعالى وعندك خبر المشايخ الذين يقدمون للناس خدماتهم لإستخراج الجان من أبدانهم .
والقرآن الذي كرر للمسلمين أن لاسلطة للشيطان البتة على الانسان مالم يتبعه نفر من الغاوين .
فكرة الشيطان تبدأ معنا في اللحظة التي صاح فيها
(أنا) في المشهد الذي يصوره لنا القرآن عند خلق أبو البشر آدم عليه السلام وأمر الله تعالى للملائكة ومعهم الشيطان السجود لآدم إعترافا ً بجليل خلق الله لهذا المخلوق المدهش .. قال أنا خير منه .
الشيطان وهو مخلوق لله تعالى كان ولايزال خاضعا ً لسلطان الله وأمره وإن بدا أنه إختار عصيان أمرالله
، قراره بالعصيان مرتبط فقط مع طبيعة علاقته مع البشر ، لقد قبل الشيطان أن يكون رافضا ً لامر الله في ذات اللحظة التي قبل فيها الانسان أن يكون طائعا ً لأمر الله . ومابين الطاعة ورفضها تحددت شكل العلاقة بين الشيطان والانسان ، إنها علاقة تضاد وعدوانية بين كائنين من مخلوقات الله .
وهب الله تعالى الانسان الحرية في الاختيار جعلته يتردد بين خيارين متعارضين هما : إما أن يقاوم أمر الله أو يستسلم له
الصنف البشري الذي إختار المقاومة صار من السهل على الشيطان الاستحواذ عليه ، أما من اختار طاعة الله فسيكون أمامه مهمة جليلة عصيبة ، عليه أن يعرف الله ليعبده وبمعنى أدق عليه أن يختار بملء حريته الطريق الصحيح لمعرفة الله وعبادته .
ان خيارات الانسان ( بصنفيه ) لاتنقص من سلطة الله او تهددها ، الخطورة تكمن عندما يختار الانسان طريقا ً خاطئا ً لمعرفة الله وعبادته وهو يظن انه يحسن صنعا ً ( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا ) سورة فاطر ، وهذا الطريق الخاطىء هو الطريق الذي لم يدرك فيه سالكه صفات الله تعالى كما وردت في كتابه ( القرآن ) كلام الله تعالى وخطابه للبشروكما يقول المفكر الإسلامي ( علي شريعتي ) من أن التدين يجب أن يرافقه وعي ، وإلا أصبح هوساً وتعصباً مرعباً .
حتى نفهم ( الكمال المطلق ) لله تعالى علينا إدراك قدرة الانسان على تجريب الخير والشر والقرآن يقرر ان إلحاق الانسان الأذى بنفسه يعتمد على قرار الانسان ذاته ولاعلاقة للشيطان في ذلك
( .. ماأصابك من حسنة فمن الله وماأصابك من سيئة فمن نفسك ) برغم أن علاقة الانسان بالشيطان هي ( العداوة) لكن علاقة الانسان بالله تعالى هي علاقة محبة فالله تعالى يحب ( الصادقين والمحسنين والتوابين والصابرين والمقسطين .. الخ ) وهناك من البشر من اختار رفض هذه المحبة ومن اولئك ( الطاغين والمعتدين والآثمين والخائنين ... الخ )
ولايعني ان الله تعالى يسمح للانسان ان يكون في الصنف الثاني انه جل في علاه اراد ان يضل هذا الصنف عن السبيل السليم لمعرفته جل في علاه وهذا ماتقوله الاية ( يضل من يشاء ويهدي من يشاء ) فالله يضل من اختار الضلالة ويهدي من اختار الهداية .
وهنا لايهمنا قول الذين اختاروا الضلالة والتيه سواء ظنوا انهم يعبدون الله او يعبدون الشيطان او حتى يعبدون هوى انفسهم .
ونحن نستطيع وبسهولة تمييز الذين أحبهم الله عمن سواهم من خلال عطاءهم للحياة البشرية ومنفعتهم للأرض ومن عليها وكذلك يمكننا ان نميز متبني الشر من خلال مشاهدة أشكال مفجعة من القسوة والفظاظة والسادية وحب التملك والحقد والكراهية وقد تتطور هذه الصور الى مضامين فعلية كالقتل والسرقة والزنا .
صحيح أنه يمكن تحول الانسان الى شيطان عاص ٍ بل ويأمر ويقود غيره من البشر الى تبني فعل الشر عندما يتبنى عقيدة انه ظل الله على الارض فيتسلط على رقاب الناس بحجة اقامة العدل ويساعده في ذلك آليات (عبادة الفرد) كما فعلها هتلر الذي حدثتنا عنه الباحثة التي تفسر لنا كيف يخضع الناس لحكامهم وملوكهم مهما بدا من ظلمهم أو بلادتهم او شرورهم وكما تقول الاسطورة ( حتى لو كان الملك عاريا ً فان الناس جميعا ً يعتقدون انه يرتدي أبهى الحلل ) والعري هنا أعني به العري الفكري مجازا ً
كما فعلها هتلر الذي حدثتنا عنه الباحثة .
الانسانية في الاسلام يحكمها عاملي الكمال الاخلاقي والرغبة وهي تسعى الى السعادة عن طريق مقاومة الشر القابع في هذه النفس البشرية والاسلام حدثنا عن الغرائز التي قد تحكم الانسان أو يحكمها هو.
عندما تكلم فرويد عن الغرائز واننا لانستطيع تدميرها وانما فقط كبتها فاني اقول انه شرح الفكرة القرآنية ذاتها لقد علمنا القرآن ان نعترف بالمشكلة الانسانية ( فعل الشر) وغاية القرآن انه يحفزنا لمواجهة المشكلة ، انها مشكلة وضوح الانسان مع نفسه داخل مجتمعه المنضبط بقانون (الإلزام \ الحرية ) وضوح رغباته المادية والاجتماعية والفكرية لغرض معاونة الانسان للنجاح في صراعه مع بيئته الفاسدة وهذا هو مخطط حياة الانسان مع الناس فوق الارض فالمسلم يكون فردا ً فقط في السماء اما فوق الارض فهو كائن اجتماعي ، والمسلم الاجتماعي المعترف بانه ملزم بمنهاج يقر له حريته الفردية لايقبل بعدالة لاتحميها القوة ولايقبل للقوة التي تبث الظلم وتحرمه من حريته وهذا المسلم بطبيعته الثنائية هو اكبر حجة للاسلام .
وبعد
فاني اليوم لأدعو الصفوة من المسلمين والنخبة من المفكرين الى إعادة صياغة فهمنا لدور الملائكة قبل الشياطين في حياة المسلمين ، وهم يرافقوننا الحياة قبل الآخرة خصوصا ً أننا وقد نفخ الله فينا من روحه نغفل ان من متطلبات حياتنا الروحية ان نكشف أباطيل الشيطان المفتقر لسلطانه علينا .
يتبع
تشريح ظاهرة الارهاب
وبيان خطأ الباحثة من اعتبارها الاسلام عقيدة ارهابية