|
عمر بن الخطاب |
حسب القوافي و حسبي حين ألقيها |
لاهم هب لي بيانا أستعين به |
على قضاء حقوق نام قاضـيها |
قد نازعتني نفسي أن أوفيها |
و ليس في طوق مثلي أن يوفيها |
فمر سري المعاني أن يواتيني |
فيها فإني ضعيف الحال واهيها |
(مقتل عمر) |
مولى المغيرة لا جادتك غادية |
مزقت منه أديما حشوه همم |
في ذمة الله عاليها و ماضيها |
طعنت خاصرة الفاروق منتقما |
من الحنيفة في أعلى مجاليها |
فأصبحت دولة الإسلام حائرة |
تشكو الوجيعة لما مات آسيها |
مضى و خلـّفها كالطود راسخة |
و زان بالعدل و التقوى مغانيها |
تنبو المعاول عنها و هي قائمة |
و الهادمون كثير في نواحيها |
حتى إذا ما تولاها مهدمها |
صاح الزوال بها فاندك عاليها |
واها على دولة بالأمس قد ملأت |
جوانب الشرق رغدا في أياديها |
كم ظللتها و حاطتها بأجنحة |
عن أعين الدهر قد كانت تواريها |
من العناية قد ريشت قوادمها |
و من صميم التقى ريشت خوافيها |
و الله ما غالها قدما و كاد لها |
و اجتـث دوحتها إلا مواليـها |
لو أنها في صميم العرب ما بقيت |
لما نعاها على الأيام ناعيها |
ياليتهم سمعوا ما قاله عمـر |
و الروح قد بلغت منه تراقيـها |
لا تكثروا من مواليكم فإن لهم |
مطامع بَسَمَاتُ الضعف تخفيها |
(إسلام عمر ) |
رأيت في الدين آراء موفقـة |
و كنت أول من قرت بصحبته |
عين الحنيفة و اجتازت أمانيها |
قد كنت أعدى أعاديها فصرت لها |
بنعمة الله حصنا من أعاديها |
خرجت تبغي أذاها في محمدها |
و للحنيـفة جبـار يواليـها |
فلم تكد تسمع الايات بالغة |
حتى انكفأت تناوي من يناويـها |
سمعت سورة طه من مرتلها |
فزلزلت نية قد كنت تنويـها |
و قلت فيها مقالا لا يطاوله |
قول المحب الذي قد بات يطريها |
و يوم أسلمت عز الحق و ارتفعت |
عن كاهل الدين أثقالا يعانيها |
و صاح فيها بلال صيحة خشعت |
لها القلوب ولبت أمر باريها |
فأنت في زمن المختار منجدها |
و أنت في زمن الصديق منجيها |
كم استراك رسـول الله مغتبطا |
بحكمـة لـك عند الرأي يلفيـها |
(عمر و بيعة أبي بكر ) |
و موقف لك بعد المصطفى افترقت |
بايعت فيـه أبا بكر فبايعـه |
على الخلافة قاصـيها و دانـيها |
و أطفئت فتنة لولاك لاستعرت |
بين القبائل و انسابت أفاعيـها |
بات النبي مسجا في حظـيرته |
و أنت مستعـر الاحشـاء دامـيها |
تهيم بين عجيج الناس في دهش |
من نبأة قد سرى في الأرض ساريها |
تصيح : من قال نفس المصطفى قبضت |
علوت هامته بالسيف أبريها |
أنسـاك حبك طـه أنه بشـر |
يجري عليه شـؤون الكون مجـريها |
و أنـه وارد لابـد موردهـا |
مـن المنـية لا يعفـيه ساقيـها |
نسيت في حق طه آية نزلت |
و قد يذكـّـر بالايـات ناسـيها |
ذهلت يوما فكانت فتنة عـمم |
وثاب رشدك فانجابت دياجيـها |
فللسقيفـة يوم أنت صاحـبه |
فيه الخلافة قد شيدت أواسيـها |
مدت لها الأوس كفا كي تناوله |
فمدت الخزرج الايدي تباريها |
و ظـن كل فريـق أن صاحبهم |
أولى بها و أتى الشحناء آتيها |
حتى انبريت لهم فارتد طامعهم |
عنها وآخى أبو بكر أواخيها |
( عمر و علي ) |
و قولـة لعلـي قالـهـا عـمر |
حرقتُ دارك لا أبقي عليك بها |
إن لم تبايع و بنت المصطفى فيها |
ما كان غير أبى حفص يفوه بها |
أمام فارس عدنـان وحامـيها |
كلاهما في سبيل الحق عزمته |
لا تـنثـني أو يكون الحق ثانيـها |
فاذكرهما وترحم كلما ذكروا |
أعاظما ألِّهوا في الكون تأليـها |
( عمر و جبله بن الايهم ) |
كم خفت في الله مضعوفا دعاك به |
و في حديث فتى غسان موعظة |
لكــل ذي نعـرة يأبى تناسيـها |
فما القوي قويا رغم عزته |
عند الخصومة و الفـاروق قاضـيها |
وما الضعيف ضعيفا بعد حجته |
و إن تخاصم واليها و راعيها |
( عمر و أبو سفيان ) |
و ما أقلت أبا سفيان حين طوى |
لم يغن عنه و قد حاسبته حسب |
و لا معاوية بالشام يجبيها |
قيدت منه جليلا شاب مفرقه |
في عزة ليس من عز يدانيها |
قد نوهوا باسمه في جاهليته |
و زاده سيد الكونين تنويها |
في فتح مكة كانت داره حرما |
قد أمّن الله بعد البيت غاشيها |
و كل ذلك لم يشفع لدى عمر |
في هفوة لأبي سفيان يأتيها |
تالله لو فعل الخطاب فعلته |
لما ترخص فيها أو يجازيها |
فلا الحسابة في حق يجاملها |
و لا القرابة في بطل يحابيها |
و تلك قوة نفس لو أراد بها |
شم الجبال لما قرت رواسيها |
(عمر و خالد بن الوليد) |
سل قاهر الفرس و الرومان هل شفعت |
غزى فأبلى و خيل الله قد عقدت |
باليمن و النصر و البشرى نواصيها |
يرمي الأعادي بآراء مسـددة |
و بالفـوارس قد سالت مذاكيـها |
ما واقع الروم إلا فر قارحها |
و لا رمى الفرس إلا طاش راميها |
و لم يجز بلدة إلا سمعت بـها |
الله أكبـر تـدْوي في نواحـيها |
عشرون موقعة مرت محجلة |
من بعد عشر بنان الفتح تحصيها |
و خالد في سبيل الله موقـدها |
و خالـد في سبيل الله صـاليها |
أتاه أمر أبي حفـص فقبله |
كمــا يقـبل آي الله تاليهــا |
و استقبل العزل في إبان سطوته |
و مجده مستريح النفس هاديها |
فاعجب لسيد مخزوم وفارسها |
يوم النزال إذا نادى مناديـها |
يقوده حبشي في عمامته |
ولا تحـرك مخزوم عواليـها |
ألقى القياد إلى الجراح ممتثلا |
و عزة النفس لم تجرح حواشيها |
و انضم للجند يمشي تحت رايته |
و بالحياة إذا مالت يفديها |
و ما عرته شكوك في خليفته |
ولا ارتضى إمرة الجراح تمويها |
فخالد كان يدري أن صاحبه |
قد وجه النفس نحو الله توجيها |
فما يعالج من قول و لا عـمل |
إلا أراد به للنـاس ترفيـها |
لذاك أوصى بأولاد له عمرا |
لما دعاه إلى الفردوس داعيـها |
و ما نهى عمر في يوم مصرعه |
نساء مخزوم أن تبـكي بواكيـها |
و قيل فارقت يا فاروق صاحبنا |
فيه و قد كان أعطى القوس باريها |
فقال خفت افتتان المسلمين به |
و فتنة النفس أعيت من يداويها |
هبوه أخطأ في تأويل مقصده |
و أنها سقطة في عين ناعيها |
فلن تعيب حصيف الرأي زلته |
حتى يعيب سيوف الهند نابيها |
تالله لم يتَّبع في ابن الوليد هوى |
و لا شفى غلة في الصدر يطويها |
لكنه قد رأى رأيا فأتبعه |
عزيمـة منه لـم تثـلم مواضـيها |
لم يرع في طاعة المولى خؤولته |
و لا رعى غيرها فيما ينافيها |
و ما أصاب ابنه و السوط يأخذه |
لديه من رأفة في الحد يبديها |
إن الذي برأ الفاروق نزهه |
عن النقائص و الأغراض تنزيها |
فذاك خلق من الفردوس طينته |
الله أودع فيــها ما ينقيـها |
لاالكبر يسكنها لا الظلم يصحبها |
لا الحقد يعرفها لا الحرص يغويها |
(عمر و عمرو بن العاص) |
شاطرت داهية السواس ثروته |
و أنت تعرف عمرا في حواضرها |
و لست تجهل عمرا في بواديها |
لم تنبت الأرض كابن العاص داهية |
يرمي الخطوب برأي ليس يخطيها |
فلم يرغ حيلة فيما أمرت به |
و قام عمرو إلى الأجمال يزجيـها |
و لم تقل عاملا منها و قد كثرت |
أمواله وفشا في الأرض فاشيها |
(عمر و ولده عبد الله ) |
و ما وقى ابنك عبد الله أينقه |
رأيتها في حماه وهي سارحة |
مثل القصور قد اهتزت أعاليها |
فقلت ما كان عبد الله يشبعها |
لو لم يكن ولدي أو كان يرويها |
قد استعان بجاهي في تجارته |
و بات باسم أبي حفص ينميها |
ردوا النياق لبيت المال إن له |
حق الزيادة فيها قبل شاريها |
و هذه خطة لله واضعها |
ردت حقوقا فأغنت مستميحيها |
مالإشتراكية المنشود جانبها |
بين الورى غير مبنى من مبانيها |
فإن نكن نحن أهليها و منبتها |
فإنـهم عرفوها قـبل أهليـها |
(عمر و نصر بن حجاج) |
جنى الجمال على نصر فغـربه |
و كم رمت قسمات الحسن صاحبها |
و أتعبت قصبات السبق حاويها |
و زهرة الروض لولا حسن رونقها |
لما استطالت عليها كف جانيها |
كانت له لمة فينانة عجب |
علـى جبـين خليـق أن يحليـها |
و كان أنى مشى مالت عقائلها |
شوقا إليه و كاد الحسن يسبيها |
هتفن تحت الليالي باسمه شغفا |
و للحسان تمنٍّ في لياليها |
جززت لمته لما أتيتَ به |
ففاق عاطلها في الحسن حاليها |
فصحت فيه تحول عن مدينتهم |
فإنها فتنة أخشى تماديها |
و فتنة الحسن إن هبت نوافحها |
كفتنة الحرب إن هبت سوافيها |
(عمر و رسول كسرى) |
و راع صاحب كسرى أن رأى عمرا |
و عهده بملوك الفرس أن لها |
سورا من الجند و الأحراس يحميها |
رآه مستغرقا في نومه فرأى |
فيه الجلالة في أسمى معانيها |
فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملا |
ببردة كاد طول العهد يبليها |
فهان في عينه ما كان يكبره |
من الأكاسر والدنيا بأيديها |
و قال قولة حق أصبحت مثلا |
و أصبح الجيل بعد الجيل يرويها |
أمنت لما أقمت العدل بينهم |
فنمت نوم قرير العين هانيها |
(عمر و الشورى ) |
يا رافعا راية الشورى و حارسها |
لم يلهك النزع عن تأييد دولتها |
و للمنـيـة آلام تعـانيـها |
لم أنس أمرك للمقداد يحمله |
إلى الجمـاعة إنذارا و تنبيـها |
إن ظل بعد ثلاث رأيهم شعبا |
فجرد السيف و اضرب في هواديها |
فاعجب لقوة نفس ليس يصرفها |
طعم المنية مرا عن مراميها |
درى عميد بني الشورى بموضعها |
فعاش ما عاش يبنيها و يعليها |
و ما استبد برأي في حكومته |
إن الحكومـة تغري مسـتبديـها |
رأي الجماعة لا تشقى البلاد به |
رغم الخلاف و رأي الفرد يشقيها |
(مثال من زهده) |
يا من صدفت عن الدنيا و زينتها |
ماذا رأيت بباب الشام حين رأوا |
أن يلبسوك من الأثواب زاهيها |
و يركبوك على البرذون تقدمه |
خيل مطهمة تحـلو مرائيـها |
مشى فهملج مختالا براكبه |
و في البراذين ما تزها بعاليـها |
فصحت يا قوم كاد الزهو يقتلني |
و داخلتني حال لست أدريها |
و كاد يصبو إلى دنياكم عمر |
و يرتضي بيـع باقيه بفانـيها |
ردوا ركابي فلا أبغي به بدلا |
ردوا ثيابي فحسبي اليوم باليها |
(مثال من رحمته ) |
و من رآه أمام القدر منبطحا |
و قد تخلل في أثناء لحيته |
منها الدخان و فوه غاب في فيها |
رأى هناك أمير المؤمنين على |
حال تروع لعمر الله رائيها |
يستقبل النار خوف النار في غده |
و العين من خشية سالت مآقيها |
(مثال من تقشفه و ورعه ) |
إن جاع في شدة قومٌ شركتهم |
جوع الخليفة و الدنيا بقبضته |
في الزهد منزلة سبحان موليها |
فمن يباري أبا حفص و سيرته |
أو من يحاول للفاروق تشبيها |
يوم اشتهت زوجه الحلوى فقال لها |
من أين لي ثمن الحلوى فأشريها |
لا تمتطي شهوات النفس جامحة |
فكسرة الخبز عن حلواك تجزيها |
و هل يفي بيت مال المسلمين بما |
توحي إليك إذا طاوعت موحيها |
قالت لك الله إني لست أرزؤه |
مالا لحاجة نفـس كنـت أبغـيها |
لكن أجنب شيأ من وظيفتنا |
في كل يوم على حـال أسويـها |
حتى إذا ما ملكنا ما يكافئـها |
شـريتـها ثـم إنـي لا أثنـيها |
قال اذهبي و اعلمي إن كنت جاهلة |
أن القناعة تغني نفس كاسيها |
و أقبلت بعد خمس و هي حاملة |
دريهمات لتقضي من تشهيها |
فقال نبهت مني غافلا فدعي |
هذي الدراهم إذ لا حق لي فيها |
ويلي على عمر يرضى بموفية |
على الكفاف و ينهى مستزيدها |
ما زاد عن قوتنا فالمسلمين به |
أولى فقومي لبيت المال رديها |
كذاك أخلاقه كانت و ما عهدت |
بعـد النبـوة أخلاق تحـاكيها |
(مثال من هيبته ) |
في الجاهلية و الإسلام هيبته |
في طي شدته أسرار مرحمة |
تثني الخطوب فلا تعدو عواديها |
و بين جنبيه في أوفى صرامته |
فـؤاد والـدة تـرعى ذراريـها |
أغنت عن الصارم المصقول درته |
فكم أخافت غوي النفس عاتيها |
كانت له كعصى موسى لصاحبها |
لا ينزل البطل مجتازا بواديها |
أخاف حتى الذراري في ملاعبها |
و راع حتى الغواني في ملاهيها |
اريت تلك التي لله قد نذرت |
انشــودة لرسـول الله تهديـها |
قالت نذرت لئن عاد النبي لنا |
من غزوة العلى دفي أغنيــها |
و يممت حضرة الهادي و قد ملأت |
أنور طلعته أرجاء ناديها |
و استأذنت و مشت بالدف و اندفعت |
تشجي بألحانها ما شاء مشجيها |
و المصطفى و أبو بكر بجانبه |
لا ينكران عليها من أغانيـها |
حتى إذا لاح من بعد لها عمر |
خارت قواها و كاد الخوف يرديها |
و خبأت دفها في ثوبها فرقا |
منه وودت لو ان الأرض تطويها |
قد كان حلم رسول الله يؤنسها |
فجاء بطش أبي حفص يخشيها |
فقال مهبط وحي الله مبتسما |
و في ابتسامته معنى يواسيها |
قد فر شيطانها لما رأى عمر |
إن الشياطين تخشى بأس مخزيها |
(مثال من رجوعه إلى الحق ) |
و فتية ولعوا بالراح فانتبذوا |
ظهرت حائطهم لما علمت بهم |
و الليل معتكر الأرجاء ساجيها |
حتى تبينتهم و الخمر قد أخذت |
تعلو ذؤابة ساقيها و حاسيها |
سفهت آراءهم فيها فما لبثوا |
أن أوسعوك على ما جئت تسفيها |
و رمت تفقيههم في دينهم فإذا |
بالشرب قد برعوا الفاروق تفقيها |
قالوا مكانك قد جئنا بواحدة |
و جئتـنا بثـلاث لا تباليـها |
فأت البيوت من الأبواب يا عمر |
فقد يُزنُّ من الحيطان آتيها |
و استأذن الناس أن تغشى بيوتهم |
و لا تلم بدار أو تحييها |
و لا تجسس فهذي الآي قد نزلت |
بالنهي عنه فلم تذكر نواهيها |
فعدت عنهم و قد أكبرت حجتهم |
لما رأيت كتاب الله يمليها |
و ما أنفت و إن كانوا على حرج |
من أن يحجك بالآيات عاصيها |
(عمر و شجرة الرضوان) |
و سرحة في سماء السرح قد رفعت |
أزلتها حين غالوا في الطواف بها |
و كان تطوافهـم للدين تشويـها |
( الخاتمه ) |
هذي مناقبه في عهد دولته |
في كل واحدة منهن نابلة |
من الطبائع تغذو نفـس واعـيها |
لعل في أمة الإسلام نابتتة |
تجلو لحاضرها مـرآة ماضيـها |
حتى ترى بعض ما شادت أوائلها |
من الصروح و ما عاناه بانيها |
وحسبها أن ترى ما كان من عمر |
حتى ينبه منها عين غافـيها |