القول الحِدي والبيان المُجدِي

القول الجِدِّي والبيان المُجدِي
في تخميس لامية ابن الوردي

لقد نالت لامية ابن الوردي الحظ الأوفر من الحفظ والدراسة والنصيب الأكبر من العناية خلاف مثيلاتها ونظائرها من القصائد حيث أشبعت بحثا وأوسعت شرحا فنالت إعجاب الخاص والعام وذلك لما تحوي من غنى وعظي إرشادي توعوي وثراء تربوي توجيهي ولما حفلت به من الحكم والنصائح الحسنة المصاغة بأسلوب بسيط قريب من العقول والقلوب هام بها الأدباء وخمس أبياتها عشرات من الشعراء على مختلف الأزمنة والعصور ففازت أبياتها بثناء العلماء وإشادات الفضلاء واستشهد بها الأمراء ووعاها المشائخ والأقطاب والتزم حفظها المريدون والطلاب فصارت متعة الأسماع وذاعت شهرتها في الأصقاع وامتدت إلى العديد من البقاع .
هذا التخميس ليس تكرارا لما سبقه من التخاميس من حيث البناء والمضمون الشكل والموضوع وسأترك للقارئ استجلاء ما أزعم أنني أبدعته من خلال التدقيق في المقاطع عند قراءتها والمقارنة بينها وبين ما سبق من تخاميس لامية ابن الوردي في جوانب عديدة منها على سبيل المثال الوحدة العضوية والمتمثلة بالترابط الوثيق بين أشطار التخميس وأبيات القصيدة المخمسة وغير ذلك . كما أن أشطار كل مقطع من مقاطعها ( خمسة أشطار في كل من المقدمة والخاتمة ، وثلاثة في المتن ) تبدأ بحرف من حروف :
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين في الدارين
سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك .
المقدمة
( ب )
بســمك اللهـــــم مـولاي الأجـــــلْ
بدء قولي في قريضي المُـــرتجــلْ
بلســـان الحــــال حسبـي أنْ أنـــلْ
بـه يا ربـَّـاه تحقيــــــق الأمـــــــلْ = بالرِّضى والعفـــو عن ذنبٍ حَصَـلْ

( س )
سبق السَّـيف على النفــس العـَــذَلْ
ســاعـة البــين تَبَــدَّتْ واستَهَـــــلْ
سَـــفَري لكـــنَّ رحلــي في كَــــلَلْ
سـاءني وِزري وأزرى بي الـزَّلـَلْ = سـوف أمضي رغم أني في وَجَــلْ

( م )
مَــرَّ عمــري يا لغَبني في عَجَــــلْ
مُهلـــةٌ كان فَفَــاتتـــني المُهَـــــــلْ
مُنتهــى الغـايات في الدنيـا وَشَـــلْ
مـا تَراهـــا مَن تــولاهــــا رَحَـــلْ = ماعــدا ربــي عليــــه المُتَّكـَــــــلْ

بدء التخميس
( ا )
إســـتعن بالله في حُســـن العمــــلْ
أيُّهــا الإنســــان من قبـل الأجـــلْ
أينــــما كنــــت وكي لا تُرتـَــــذَلْ
( إعتـزل ذكر الأغاني والغــــزلْ = وقـل الفصـل وجـانب من هــزلْ )

( ل )
لا تقــــل : إنَّ شبـابـــي غَــــربـــا
لا ولا تــأســـى على مـــا ذَهَبـــــا
لن ترى مِمَّـــا مضـــى إلاَّ هَبـــــا
( ودع الذِّكــــر لأيــــام الصِّبــــا = فلأيـــام الصِّبــــا نجــم أفــــــــلْ )

( ل )
ليـــت أيـــَّـامي التـي أبليتُـــــــــها
لَعِبـــــاً ما كنــــت قــد أفنيتُـــــــها
لو تَعُــــدْ لي بالتُّقـــــى لاقيتُــــــها
( إنَّ أهنـــــا عيشـــة قضيتُــــــــها = ذهبـــت لذَّاتـــها والإثم حــــــــلْ )

( هـ )
هكـــــذا الأعمـــار مَن يحسبــــها
همــــلاً تمضـي ومـــا يعقبـــــــها
هـــرمٌ فاحــــذر بـــأنْ تطلبـــــــها
( واترك الغـــادة لا تحفـــــل بهـــا = تمـس في عـــزٍ وترفــعْ وتُجَــــلْ )

( ا )
إلجــم النفـس إذا مـا جَمَحَـــــــــتْ
إنْ عَـدَتْ عن أمـر ربي وعَتَـــــتْ
أسرفـت في ذنبــها واكتسبــــــــت
( واله عن آلـــةِ لهــوٍ أطــــربــتْ = وعن الأمـرد مُرتـــج الكفـــــــلْ )

( ل )
لحظـــــة لاح لعينــــيَّ مَحَـــــــــا
لوعــــة الشَّـــوق فزال البُرَحـــــا
لــو رآه المَيْـــتُ يومـــاً لصحــــا
( إنْ تَبَدَّى تنكسف شمس الضحــى = وإذا مـا مــاس أزرى بالأســـــلْ )

( ر)
روضــة غَنّــــَاء تحــــوي فَنَنَـــــا
رائـع الأفيــــاء رحبـــــا وفِنـــــــَا
راق حســــناً وزهــــوراً وجَنـــــا
( فــاق إذ قســناه بالبــدر ســـــــنا = أو عــدلنــاه برمـــحٍ فاعتــــــدلْ )

( ح )
حَفَّـهـا الإبداع والعَــرْف الشَّــــذِي
حَيّــَرت فكــــر الذَّكـي الأحْــــــوَذِ
حَــرِّك الهمَّـــة فيـــها واشحَـــــــذِ
( وافتكــر في منتهى حســـن الذي = أنت تهـــواه تجـــد أمـراً جَلــــَلْ )

( م )
ملهـــمٌ تكفــي المُعَنَّــى لفتَــــــــــةًًًًًًً
منـه تخفــي من رؤاهــــا ِصفَـــــةً
مَيّـــِل النَّـاظـــر عنــها عِفَّـــــــــةً
( واترك الخمــرة إن كنـــت فتــىً = كيف يحيـا في جنـونٍ من عَقَــــلْ )

( ن )
نـــادم الــــرَُوح بـــراحٍ كلــــــــما
نِلـْتَ كأســــاً منـه ولاك الظَّــــــما
نُخَبـــاً لم تَكُ خمـــــراً حُــــرِّمــــا
( واتــق الله فتقــــــوى الله مــــــا = جـاورت قلب امــرئ إلا وصــلْ )

( ا )
إتبـــــاع الحــق أدعــى للمَـــــــلا
أنْ ينـــالوا فيـــه أســباب العُـــــلا
أوَجـــــاً يرقــى إليـــــه العُقــــــلا
( ليــس من يقطــع طــرقاً بطـــلا = إنَّمـــا من يتـــق الله البطـــــــــلْ )

( ل )
للهــــدى والعــــــدل نــــورٌ أنزلا
لجميـــع الخلـــق نهجـــاً أشمــــلا
للــدُّجى يجلـي ويهــــدي السُّــــبُلا
( صــدّق الشـــرع ولا تركـــن إلى = رجـلٍ يرصــد في الليـل زُحَــــلْ )

( ر )
روعــة الحسـن نراهـا في البَــــدَنْ
رونــقٌ أبدعـــــه ربّ المِنـــــــــَنْ
رقَّـــة الأخــلاق والطبــع الحَسَــنْ
( حــــارت الأفكــار في قــدرة من = قـد هــدانا سبلــــنا عــــزَّ وجـــلْ )

( ح )
حِكمَــــةٌ بالِغَــــــةٌ منــــذ القِـــــدَمْ
حَمَلـَتْ أسمـى المعـاني والحِكــــَمْ
حَسَــمَتْ كلَّ خِـلافٍ في الأمَــــــمْ
( كتب المــوت على الخلــق فكــم = فـــَلَّ من جيــشٍ وأفنــى من دولْ )

( ي )
يســتوي في المـوت طفــلٌ وأسَــنْ
يــوم يأتـي لا تــرى إلا الحَـــــزَنْ
يعتـني النـاس فســل أهـل الفِطَـــنْ
( أين كنــعان ونمـــــــــرود ومـن = ملك الأرض وولَّــى وعَـــــــزَلْ )

( م )
من ترى منهم عن المــوت ظَعَــنْ
ما عَنَــــاهُ القبــر يومـاً والكَفَـــــنْ
ما عـدا المُعنى به دفـــع المِحَــــنْ
( أين عــــاد أين فرعــــون ومــن = رفــع الأهـرام من يســمع يخــلْ )

( و)
ولئـن أرســــوا عـروشـاً وابتنـــوا
واجهــــات الملك لَمَّـــا مُكِّنــــــوا
وعلى هــــام المعــــالي سكنـــــوا
( أين من ســادوا وشـادوا وبنــــوا = هلك الكــل فلــم تغـــني القلـــــلْ )

( ب )
بَلَغــــوا في الحُكـم حَـــدَّ المُنتهــى
بالغـــــوا في كلِّ ما شــــادوا بهــا
بـــذكاءٍ واحتيـــــــــــالٍ ودَهــــــا
( أين أرباب الحِجَى أهل النهــــــى = أين أهـل الفضـل والقـــوم الأولْ )

( هـ )
هــالهــم في غَفلَــــةٍ إذْ يهجــــــــم
هــــادِمُ اللـــــذَّات لَمَّــا قُصِمـــــوا
هَمَـــــدوا لم يغنهــم ما غنمـــــــوا
( ســـــيعــيد الله كلاً منهـــــــــــمُ = وسيجـــزي فاعــلاً ما قـد فعــــلْ )

( ن )
نحتـــفي العِـــزَّة والمجـــــد ومـــا
نـالنــا منهــــــا قليــــــــلٌ إنَّمـــــا
نرتقــي بالعلـــم أســـباب الســــما
( اطلــب العلــم ولا تكســـل فــما = أبعـد الغايـات عن أهـل الكســـلْ )

( س )
ســــُنَّةُ المختـــار طـــــه مَثــــــلا
سـائــراً كلٌ بهــــــا مُـمـتَـثِـــــــلا
سـِرْ بها إنْ شئت نَهْجـــاً أمثـــــلا
( واحتفــــل للفقــــه والــديــن ولا = تشتغــل عنــه بمــالٍ أو خَــــوَلْ )

( ت )
تلك آيــاتٌ علــى مَـــــرِّ الزَّمــــَنْ
تَتَجَلَّــــى واضحـــاتٌ للعَلَـــــــــنْ
تُقـتَـنَــــى بالعلم فاجعلــه رَســـــَنْ
( واترك النـــوم وحصلـــــه فمــن = يعرف المطلـوب يحقـر ما بــذلْ )

( ع )
عنــــدمــــا يمنعــــهُ حُجَّـــــابُــــهُ
عن مُــريـديــه تُـــــرى أبـوابُــــهُ
عُـنـــــــوة تفـتحـــــها أقطــــابُـــهُ
( لا تقـــل قد ذهبــــت أربــابـــــهُ = كل من ســار على الدَّرب وصــلْ )

( ي )
يَتـــَولَّـــى الله من فيـــه غَـــــــدى
يقـتَـفِـــي آثــــاره مُجتهــــــــــــدا
يهجـر النَّـوم ويمســـي مُسهــــــدا
( في ازدياد العلم إرغـام العِـــــدى = وجمــال العلــم إصـلاح العمـــلْ )

( ن )
نسمـع اللفظــةَ من أهـل الَّلسَــــــنْ
نغمـة تغنــي عن اللحـن الأغَـــــنْ
نبـــرة إن كـنـــت ترجــوهـــا إذَنْ
( جَمِّـــل المنطـــق بالنَّحــــو فَمَنْ = يحرم الإعراب بالنطــق اختبـــلْ )

( ف )
فالقــوافي في اللّســـــان العـــربي
فيصــل القــــول وفضــــل الأدب
فيـض تأريـــخٍ عظيــــم المـــأرب
( انظـم الشـــعـر ولازم مذهبـــــي = فاطِّــراح الرِّفــد في الدنيــا أقــلْ )

( ي )
يمــــلأ الدنيـــا جمــــالاً حيثـــــما
يَتَجَلَّــــى راح خصـــــباً ونَمــــــا
يبعـث المجـــد ويحيـي الهِــــمَــمَا
( فهــو عنـوانٌ على الفضـل ومــا = أحســـن الشـــعر إذا لم يبتـــــذلْ )

( ا )
إمتلك نفســـك إنْ ســاد الهــــــوى
إجتـــنابــاً للمعـــاصي والغــــوى
الذي يغـــرق من فيــــه هـــــــوى
( مات أهل الفضـل لم يبق ســــوى = مقرف أو من على الأصل اتَّكــَلْ )

( ل )
لو تَبَــــدَّى لِي أصفــــى مـــــورِدٍ
للغنــى كســــباً لعيـــشٍ رَغِـــــــدٍ
لن أبيـع الشِّعــر ذُخـري في غَــــدٍ
( أنـا لا أختــــــار تقبيـــــــل يــــدٍ = قطعـــها أجمـــل من تلك القُبـــَلْ )

( د )
دُلَّ بالشــــعر على الخــير تَفـــــي
دوره واقطـــــع لســـان الصَّلـــفِ
دون تقبيــــــلِ يــــــَدٍ للمُـتـــــرفِ
( إن جزتني عن مديحي صرت في = رقــها أو لا فيكفينــــي الخجــــلْ )

( ا )
انظــر الدنيــــا عليـــها غُبـــــــرَةٌ
أعتلتـــها فاعتــــــرتهــــا كُــــدرَةٌ
إحتـــرس إنَّ مَــداهــا حَســــــــرَةٌ
( ملك كســرى عنـه تغني كِســـرَةٌ = وعن البحـــر اجتــــزاء بالوَشَــلْ )

( ر )
ربَّمـــا يحلـــــو لِمَـــنْ في سهمِـــهِ
ريشــــــة إنْ رام أمـــراً يصمِــــهِ
ريبـــــة معقـــــودة في وَهْمِـــــــهِ
( ليس ما يحـوي الفتى من عزمــه = لا ولا ما فـــات يومـــا بالكســـلْ )

( ي )
يطلــب الآمــــــال من أشــــتاتهــا
يطلـــــق الأحـــلام في عــــلاتهــا
يرتجــي وصـل المنــى من ذاتهــا
( اطـــــرح الدنيــا فمن عــاداتهــا = تخفض العــالي وتعلي من ســفلْ )

( ن )
نصــرف الأعمـــــار في تـذليلــها
نَصَــبٌ نصبــــو إلى تحـــويلـــها
نـزوة نجــــــزم في تفضيـلـــــــها
( عيشـــة الرَّاغب في تحصيلــــها = عيشـــة الجـــاهل فيــها أو أقـــلْ )

( س )
ســــل بهـا ذا الخبـــرة المُختبـــــِرُ
ســــــوف ينبيــك بمـــا لا تحــــذَرُ
ســوحـها وعــــرٌ عَســِيرٌ خَطِـــــرُ
( كم جهــــول وهو مثــــر مكثـــرُ = وعليــــم مــــات فيــــها بالعلـــلْ )

( ب )
بركــة تحــوي شُـــروراً وعنــــــا
بالـــغ الضُّــــرِّ مــــآس وضَنــــى
بَلِّـــغ الــرَّاغــــب فيــها بالفَنـــــى
( كم شـــجاعٍ لم ينـــل فيها المُنــى = وجبـــان نال غــــايــــات الأمــلْ )

( ح )
حَـظُّ من يَجهَــــدُ فيــها أنْ يجِــــــدْ
حالــــه أســـــوأ مِمَّـــــا يعتقِـــــــدْ
حيث إنَّ العيــش في الدنيـــا نَكِــــدْ
( فاترك الحيلــــــة فيـــــها واتَّئـــدْ = إنَّمـــا الحيلـــــة في ترك الحِيَـــلْ )

( ا )
إجعـــل الجــودَ جَــــــواداً إنْ وَرَدْ
أوردَ الخــــير إلى الغـــير مَـــــدَدْ
إبتـغاء الأجــر في اليــوم وغَــــــدْ
( أيُّ كــــفٍّ لم تفِــــــدْ مِمَّـــا تُفَــدْ = فرمـــاهــــا الله منـــــه بالشَّــــللْ )

( ن )
نطلـــق الفخـــر فيـــرتــَدُّ صـــدى
نافــراً عن أصلــــنا والسُّـــــــؤدُدا
نَسَــــبُ المـــرء بمــا قــد شَيَّـــــدا
( لا تقـــل أصلـــي وفصلـي أبـــدا = إنمــا أصل الفتــى ما قـد حصــلْ )

( ك )
كُنْ مــع الله تفــــز في مكســـــــبٍ
كلّــه خيـــــر وأســـــــمى مطلــبٍ
كَـــــذِبٌ ما دونـــه مِن حَسَــــــــبٍ
( قــد يفـــوز المــرء من غيــر أبٍ = وبحســن الســبك قـد ينفى الزَّغَـلْ )

( ا )
أبـــــــــدع الله أبـــــــانــا آدمــــــا
إبتـــــداءً طينـــــــة تربـــاً ومـــــا
أســـــتوى عظـــماً ولحـــماً ودمــا
( وكـــذا الورد من الشَّــــوك ومــا = ينبـــت النَّرجس إلا من بَصَـــــلْ )

( ل )
لا أرى بين الــورى مَن فُضِّــــــلا
لاتصــــــالٍ بجـــــــــدودٍ فُضَـــلا
لا سوى التَّقــوى بها نيـــل العُلــى
( مــع أني أحمـــــــــــد الله علــى = نســــــبي إذ بأبي بكر اتصــــــلْ )

( ل )
لو درى الإنســــــان يومــــاً أنَّــــهُ
لا يســـــــاوي أيّ قــــــدرٍ شــأنــهُ
لاعتنـــى إظهـــــــــار ما يتقنـــــهُ
( قيمــــــة الإنســـــان ما يحســـنه = أكثــــر الإنســــــان منــه أو أقـلْ )

( هـ )
هـاجـس الإنســان في هـذي الدُّنـــا
هَــوسُ الكَسْــــبِ فيهـــــوي للأنــا
هَــوِّن الأمـــر ودع عنــك الوَنــى
( اكتــم الأمـــرين فقـــــراً وغِنــى = واكسـب الفلس وحاسـب من بطلْ )

( م )
من ســعى للخـير لاشـــكَّ يُصِـــبْ
مكســـــباً أوفـــر مِمَّـــا يحتَسِــــبْ
من جزيل الأجر فاعمـل واكتسِــبْ
( وادرع كــــداً وجـــداً واجتنــــِبْ = صحبــة الحمقـى وأرباب الخـــللْ )

( و )
وَكِّـــل الأمـــر لربــــــي رغبَـــــةً
واتِّقـــــاءً واعتـــــــبرهــــا قُــربَـةً
واعتمـــــد في كلّ شــــيءٍ حِســـْبَةً
( بين تبـــــذيرٍ وبخـــــــلٍ رتبَـــــةً = وكـــــلا هـــــاذين إنْ زاد قتــــلْ )

( ب )
باعــد السُّــــوء ودَعْ من رفضـــوا
بضـــلالٍ طالمــــا قــــد نقضــــوا
بيعــــــة الحقِّ ومهمــــا حَرَّضــوا
( لا تخض في سـبِّ سـاداتٍ مضوا = إنَّهم ليســــــوا بأهـــــلٍ للـــزَّلـلْ )

( ح )
حــاذر العَيَّـــــــاب لا تـــأمنـــــــهُ
حيـــــث يُبــــدِي عكـس ما يبطنـهُ
حـــين يأتيـــك فخيّــــــِبْ ظَنَّــــــهُ
( وتغـــــافـل عن أمــــــــورٍ إنَّــهُ = لم يفــــز بالحمــد إلا من غفــــلْ )

( م )
مُــــدَّ حبـــــل الـــودِّ للنــاس وَزِنْ
ما تَلَفَّظـــــت وكي تحيــــــا مَــرِنْ
مِلْ إلى الإحســــان والصَّفــح ولِنْ
( ليس يخلــو المــرء من ضدٍّ وإنْ = حــاول العــزلة في رأس الجبــلْ )

( د )
ديننـــا الإســــلام بالخلـــق ســــما
درجـــات وأقــــــــــام النُّظـــــــما
دَمَّـــر الشَّــــرَّ وصـان الحُـــرُمـــا
( مـل عن النَّــمَّام واهجـره فـــــما = بَلَّـــــغَ المكــــروه إلا من نقــــلْ )

( ك )
كلــــمات المـــــرءِ إنْ لم تـَتَّـــزنْ
كَلَّفَـــتْ للشــــــرِّ والإنســـانُ مِـنْ
كَبَـــدٍ بالسُّـــــوء دومـــاً مُقتَـــرِنْ
( دار جــار الســوء إن جــار وإنْ = لم تجـد صبـراً فمــا أحلى النُّقــلْ )

( ت )
تعــــرف الظَّالــم يقضي عيشـــــهُ
تافــهاً والكل يخشــــــى فَحشــــــهُ
تركـــه ينجيــــك حتـــماً طيشـــــهُ
( جانب الســـلطان واحــذر بطشـهُ = لا تعــــاند من إذا قــــــال فعـــلْ )

( ب )
بـــاء بالسُّـــــخط أنـــاسٌ بــدَّلــــوا
بالــدَّنــأيــــا دينهــــــم وانتحلــــوا
بدَعـــاً غــالـــوا بهــا واحتفلــــــوا
( لا تــل الحكــــم وإنْ هـــم سـألوا = رغبـــة فيك وخــــالف من عــذلْ )

( ا )
الذي يملك أمـــــــــراً يؤتَمَــــــــنْ
إن قضى في الناس بالعـدل ارتَهَـنْ
إذ زمـــــام الحكـــــم أسٌّ للإحَــــنْ
( إنَّ نصــف النــاس أعــداءٌ لمــنْ = ولي الأحكــــام هــــــذا إنْ عــدلْ )

( ر )
رغم ما يحــــــويه من قــــوَّاتـــــهِ
ربَّمـــا مــا نـــــــال في أوقـــاتـــِهِ
راحــــــة تلهيـــــــــه عن آهــاتــهِ
( فهــــو كالمحبـــــوس عن لذَّاتــهِ = وكلا كفيــــه في الحشـــــر تُغَــلْ )

( ك )
كِلْ إلى ربِّ البــــرايــا واكتفـــــي
كُلفَــــة العيـــش وخــــذ بالحِـــرَف
كي تفـــز عنــد الكـــريم المُنصِفِ
( إنَّ في النقص والاســــــتثقال في = لفظـــــة القاضي لوعــــظ ومثـلْ )

( ا )
إمتــــلاكُ الأمــــرـ لاشك ـ كــــما
أخبـــــروا نُعمـــــــى تَرَدَّتْ نِقَــما
إعتبـــــــرهــا مَغـــرَماً لا مَغنـــَما
( لا تــــوازي لــذة الحكـــم بمـــــا = ذاقها الشخص إذا الشخص انعزلْ )

( س )
ســـــاء ما سَـــــنُّوه عُبَّـــاد الــوَثَنْ
ســاســـة الغــــرب خِـلافــاً للسُّـنَنْ
ســـيَّما من سخـــــَّروا الدين ثَمَـــنْ
( فالــــولايـــات وإن طــابت لمـنْ = ذاقـــها فالســــــم في ذاك العســلْ )

( م )
من ترى دام بشــــكلٍ ســــرمَـــدي
من بنـــــي آدم طـــــــول الأمَــــدِ
ما كــِث في الأرض لم يســـــــتنفَدِ
( نصبُ المنصِــــب أوهى جَلَــدي = وعنـــــائي عن مــــداراة السَّــفلْ )

( ك )
كَـيــِّف النَّفـس على الجِـــدِّ تَجُـــــزْ
كــاهِـــنَ الوَهــــــم وطَوِّعـــها وأزْ
كَـيـــدَها واكبــح وما رُمت تَحُــــزْ
( قصـر الآمــال في الدنيـا تفــــــُزْ = فـدليـــل العقـــل تقصــير الأمــلْ )

( و )
واقـــــع الإنســــان يحكــــي أنَّ لا
واحـــداً من جِنســـــنا لن يرحـــلا
ولهــــذا فارتقب وقــــــــع البــــلا
( إنَّ من يطلبــــــــه المـــوت على = غـــــرَّةٍ منـــــه جـدير بالوجــــلْ )

( ت )
تنتهـــي دنيـــاه ذي فيـــها افتَتــــَنْ
تـــــاركاً أهـــــلاً ومـــالاً وســـكنْ
تركة للغيــــــر وهـــو المُمتَحَــــنْ
( غب وزر غبـــــاً تزد حبــــاً فمنْ = أكثـــر التّــــِرداد أضنــــاه المَـللْ )

( ع )
عقـــــدة الإنســــان تبقــي عنــــدهُ
علـــــة توهــــــي وتنهـــي جِـــدَّهُ
عاش رهن الشــــــك من تقصـــدهُ
( خذ بنصل السـيف واترك غمــدهُ = واعتـبر فضـل الفتى دون الحـللْ )

( ا )
إنَّ قـــدر المــــرء يرقـــــى كلَّـــما
أحتـــــوى العلـــــم وحـــاز القيــما
إنْ غَنِــــيّاً أو فقـــــيراً مُعــــــــدِما
( لا يضــــر الفضــــل إقـلال كـما = لا يضر الشــمس إطبــاق الطفـلْ )

( ل )
لو عنى الإنســـــان أمــــرٌ قاهِــــرُ
للنَّــــــوى وافـــاه شــــوقٌ غامِـــرُ
لربـــــوعٍ طـــاب فيـها الخــاطِـــرُ
( حبك الأوطــان عجـــز ظـــاهــرُ = فاغتـــرب تلــق عن الأهــل بـدلْ )

( ا )
أي شــيء ظــل وقتـــــاً ســاكــــناً
آل للضَّــــعف وأضحـــى واهِــــنا
أو جمـــــــاداً دون قــــــدرٍ كائـــنا
( فبمكـــث المــــاء يبقــــى آســنا = وسـرى البــدر به البــدر اكتـــملْ )

( ج )
جَــــرِّد الهِمّـــَـــة يـا من مَكـــــــثا
جامــــــداً لا يرتجـــــي أنْ يُبعـــثا
جَــــِّد العــــــزم ولا تغــــدو غُــثا
( أيها العــــــــائب قـــولي عَبَــــثا = إنَّ طيـب الورد مـؤذي بالجعـــلْ )

( د )
دُبَّ في الأرض وثــابرْ واصطبــرْ
دائمــاً واعمــــل بجِــــدٍّ واســـتمرْ
دعك من طول التَّــواني كنْ حَــذِرْ
( عـد عن أســهم قــولي واســـتترْ = لا يصيبنــــــك ســـهم من ثعـــلْ )

( ك )
كـَلِّل الســــعي بجهـــــــــدٍ فمتــى
كنـــت ذا جِــــــــــدٍّ من الله أتـــى
كامـل الخــير وجـــانب من عَتــى
( لا يغـــــــرنك لـــــين من فتـــى = إنَّ للحيــــــــات لـــــين يعتـــزلْ )

( و )
واســـتمع نصحي فقـولي دامِــــــغُ
واضـح القصــد وشـــــعري نابِــغُ
واحتـــــرس إنَّ لســـــــــاني لادِغ ُ
( أنا مثــــل المـــاء ســهل سـائــغُ = ومتـــى ســـــــخن آذى وقتـــــلْ )

( ل )
ليث غاب مســــــــتحيل أســـــــرهُ
لفـــــح نار في الدَّيـــــاجي ذِكـــرهُ
للقِــــرى والحـــرب يحلــو نشــرهُ
( أنا كالخيـــزور صعـب كســــره = وهو لـين كيفــما شــئت انفتـــــلْ )

( ا )
أقتفي الفكـــــر وأحيـــي لأصُــــنْ
إرث شـــــعبٍ عـــربي لم يَهُـــــنْ
أبعـث المجــد وأعطــي لا أضُـــنْ
( غيــر أني في زمــان من يكــــنْ = فيه ذو مـال هو المـولى الأجـــلْ )

( ا )
آمــــر نـــاه تُرى أقــــــلامُــــــــهُ
إن جــرت تجـــري بها أحكـــامُــهُ
أمـــــــره ينفــــــــذه صِمصــامُــهُ
( واجب عنــــــد الورى إكـــرامُـهُ = وقلـــيل المـــــال فيهــــم يســتقلْ )

( ل )
لا مـــــراءً إنْ ترانــي مُعلـــــــــِنا
لأمــــورٍ لا أرى عنهـــــــا غِنـــى
لبلـوغ المجـــد ســـــؤلي والمُنـــى
( كلّ أهـــل الأرض غمـــــرٌ وأنـا = منهـــم فاترك تفاصيــــل الجمــلْ )

الخاتمة
( هـ )
هـاك تخميسـي لشــــــعرٍ لم يـــزلْ
هــاجِس النـــاس كلُغـــزٍ دون حَـلْ
هـــام في تخميســـــه القــوم الأولْ
هكـــــذا مثلـــــــي وكـلٌّ قـد بــذلْ = هِمَّـــــــــةً فيــــــه فَنَقَّــــى ونَخَــلْ

( غ )
غيــر أني جئـت بالشيء الأقــــــلْ
غـــايتي أقصى مــرامي والأمـــلْ
غـــافــر الــذَّنب يوقِّيني الغِيَــــــلْ
غَـــرَّني طــول بقــائي والأجــــلْ = غِيلــــة يـأتي فـويلي إنْ وَصَـــــلْ

( ي )
يمـلأ الخـــوف جَنـَاني والوَجَـــــلْ
يحتــوي أنســي فينســـيني الجَــذَلْ
يا حيــائي واســــــتيائي والخَجَــلْ
يوم القى الحـق والخطـــب الجَــلَلْ = يا إلهـــي يا مجيــــباً مَن ســـــــألْ

( ر )
رَثَّت الأحـــوال والـرأس اشـــتعلْ
رَكَّ عظمــــــي وتولتنـــي العــللْ
راحتـي راحت وعِـــزِّي قــد أفــلْ
ربّ أنت المُـــــرتجــى فيــما نزلْ = رحمـــــةًً بـــــي إنَّ أوزاري قُــلَلْ

( ك )
كان للمجهــــود في هـــذا العمـــلْ
كفــــة راجحـــــة منـــــذ اســـتهلْ
كِــدْتُ أنْ أجعلـــه ـ لــولا العَجَــلْ
كـاد لي ـ في الشِّـعر ضرباً للمثــلْ = كعبـــة مقصـــــــودةً طـول الأزلْ

سلطان نعمان البركاني

الرائع : نعمان البركاني
اسمح لي بالتوقيع الأول في الحضور
على أن تحجز هذه المساحة لصالحي في التصفح الأول
والاستمرار في القراءة والاستمتاع بهذه الدرة الأدبية الجميلة.
تقبل التحية.

شاعرنا القدير سلطان
مرحبا بك مجددا وبمجهودك المقدر ايها الرائع
ولك خالص تحيتي

اليمن السعيد

الأخ سلطان ، تحية طيبة
مررت من هنا نفوجدت المكوث يغري بالتطاول على عنقود دالية الأدب ، فجادت لنا بدرة قلم ، سكر مذاقها ، شهي ملسمها ، مترنم على قضم حبات ألقها فجر راى الندى يهمي بحبات التواضع على جبين فلقها .
كنت أحسب يوما ما أن التشطير أو ما يسمى التسميط سهل بلوغ نظمه ، سلمه يتخطاه الشاعر بخطوات قفز دون تلكؤ بدرج صعود ، أو تعثر بمسارب نزول ، لكن عندما بدأت به كادت أن تقول لي القوافي كفى تمزيقا لآواصر الأدب ، فوجدت الأمر أصعب مرادا من اقحام قلم بمعمعة التسميط ‘ وأخيرا استسلمت لراي أن التشطير أشد منعة من شعر ينظم على بحر وقافية محددة
،
شكرا لك أخي

الأخوة الأحباء الأدباء والشعراء الأعزاء
الأستاذ / ناصر البناء المحترم
الأستاذ / محمد إبراهيم الحريري المحترم
تحية وتقدير
لا يسعني هنا إلا أن أعبر لكم عن جزيل إمتناني وشكري على مشاعركم الطيبة وجميل ثنائكم على محاولتي الشعرية ( القول الجدي ) وأنتظر منكم التوجيهات اللازمة والتصويبات الضرورية لإصلاح الأخطاء وما يعتورها من العيوب .
دمتم قامات شامخة في سماوات الفكر والأدب .
ولكم خالص حبي واحترامي .
سلطان نعمان البركاني

جهد كبير يحسب لك أخي الشاعر الكريم ، ولكني إن احتملت نصح أخ محب وجدتك قد صرفت جهداً لو جعلته في غير هذا لكان منه خيراً أكثر.

الأبيات تظهرر قدرتك على تفسيرها شعرياً وبما تفهم أنت ، وتبرز قدرتك الواضحة على النظم التزاماً على عدة أصعدة وهو أمر ليس سهلاً ويحسب لك حقيقة وبقوة وإن كنت أجد حاجة بعض الأبيات لمراجعة ، ولكني كما قلت أحببت لو كتبت ما يعارض أو يوافق المعنى في قصيدة تكون أكثر تأثيراً في وجدان دويان الأمة.

أكرر ثنائي على هذه المقدرة الفذة وهذا الألق الواضح فما قلت ليس أكثر من رأي غير ملزم.

أهلاً بك مبدعاً في أفياء الواحة.



تحياتي