( أريدها لا تعرفني ولا أعرفها، لا من شيء إلا لأنها تعرفني وأعرفها، تتكلم ساكتة ٌ وأرد عليها
بسكوتي، صمتٌ ضائعٌ كالعبث ولكن له في القلبين عملُ كلامٍ طويل )
مصطفى صادق الرافعي
اللقاء....
كعادتها دائماً تشدني إليها بجمال قلمها وقوة تعابيرها ودقة وصفها, وهى مع هذا لها قدرة
عجيبة في معرفة أي الكلمات تشدني وتسحرني, وأي المعاني تتوق إلى فهمها نفسي.
فتبحر بي في بحر يمتدُ إلى ما لا نهاية ، وتأخذني بصفاء عيناها إلى عالماً، هي من هندست
بأناملها الساحرة أدق معالمه.
قالت لي ذات يوماً في رسالة قصيرة ولكنها بما تحتويه من معاني كبيرة:
( منذ رحيلك تمنيت أن أمزج الليل بالنهار، واليوم بالغد،
والدقائق بالساعات، لأهرب من
وجع انتظار لحظة لقاء لن تتحقق )[/COLOR]
لقد توقفت عند هذه الكلمات كثيراً، وتفكرت في معانيها كثيراً، ففي رسالتها شوقاً ولهفة وخوف
من اللقاء، وفى لفظها بكلمة الهرب والوجع هو دليل على أنها ملت الانتظار، وتخشى أن
تكون في حلماً تستفيق منه على وجع الفراق.
وتوالت رسائلها بكلمات تذوب من فرط جمالها المعاني، وهى مع هذا تصيغ الجملة وتضعها
في بوتقة الحب، وتترك المعاني كأمواج البحر يأتي مداً ويعود جزراً, وتركتني على شاطئ
الشوق أفكر وأفكر هل ستعود يوماً بما هو أجمل من لحظات الانتظار ( اللقاء) ؟؟
لقد ثارت في نفسي عواصف وأعاصير تموج بداخلي وتعبث بهواجس قلبي من أثر غيابها.
أهبُك الحب .....
هي في مشاعرها متدفقة بالحب مثلي ولكنها زادت بأنها أجمل منى بوحاً بالحب, فكلماتها
كلحن أغنية يترنم بها أعذبُ صوت, فتنساب النغمة كانسياب الماء منحدراً من على سفح الجبل
غير أن كلماتها تنحدر بمعانيها في قلبي وتمتزج مع دمي، وذاك ما يعيد إلى نفسي البهجة
والى قلبي صفائه.
لقد قراءت في رسائلها أنها تصف الحب بالحب، وتعطى بقدر ما يكون في العطاء من سخاء
فقالت في إحدى رسائلها:
( أحبك ولا املك غير حبي أهبك إياه، ولا أتصدق به عليك فأنت تملك من مشاعر الحب
والعشق، ولا تجوز عليك الصدقة فهل تقبل الهبة من قلب متيم بهواك وعاشق حتى النخاع)
إن قمت العطاء أن تعطى بحب ولا تنتظر مقابل على هذا العطاء، فالحب عندها كرم في العطاء
والحب عندي هبة للكرماء.
خافق الشوق.....
لو اننى جمعت كل ما قيل في الأشواق ولوعة ما يكابد المشتاق والاه الحبيسة في صدور العشاق .
وجعلتها في كتابا وأسميته ( خافق الشوق )
مازاد ذلك في نفسي من شوقي إليها
إلا اشواقاً تأتى كنسيم الصباح العليل
وتغدو كالاحلام تداعب أجفانى بفجر اللقاء .
ولقد استشهدت في رسالتها بأبيات
لم اعرف قائلها قالت فيها:
( أقول وقد أرسلت أول نظرة
ولم أرى من أهوى قريباً إلى جنبي
لئن كنت أخليت المكان الذي أرى
فهيهات أن يخلو مكانك في قلبي
وكنت أظن الشوق للبعد وحده
ولم أدرى أن الشوق للبعد والقرب
خلا منك طرفي وامتلأ منك خاطري
كأنك من عيني نقلت إلى قلبي )
أي جمالٌ هذا الذي يزدان في محياك فيحيله إلى قمراً
يتجلى في سماء الحب فيسهر حوله العشاق.
وأي جمالٌ هذا الذي يُسحر العيون، ويسرق من زمن المرء
لحظات حب صادقة تُشرق في النفس
وتغدو به أطهر وأرقى، فيتعطر المكان بأريج وشذا الياسمين
وذاك عطرك ياحبيبى.
وأي جمالٌ هذا الذي يذوب كقطعة السكر في قلبي، ويختلط بدمى
وينساب على صفحات دفتري
فتتلون كلماتي بلون الورد، وتتعطر أحرفي بعطر ما في نفسك من حب.
ما نفع رقةِ روحي.....
ذات يوم أرسلت لي كلمات على جناح طائر المساء، قالت فيها
( أغراني بحر عيناك بالعوم، ومن يومها وأنا مفقودة حتى إشعار أخر )
كنت دائماً أتمنى أن التقى بامرأة تطارحني الغرام بما فيه من أحاسيس وجمال،
حتى التقيتُها فسلبتني بعذوبة كلماتها ورقة معانيها وجمال حبها،
إنها بحق ساحرة وسلاحها قلماً يقطر
حبٌ ورقةً، وبها مشاعر تفيض حنان وعطف وطيبة.
وما نفع رقةِ روحي أمام رقة بوحها، وما نفع كلمات الغزل
وهى أمام جمالها وكمال عقلها
ورقة وظرف روحها، إلا كشريط الهدايا يُزينها وهى لا تحتاج إلى زينة.
يقول مصطفى صادق الرافعى:
( ما نفع رقةِ روحي.... تندى كطل الغمامِ
وكل ما هو حولي.... كحلقِ عطشان ظامي ؟؟)
إني برغم حبي لها الذي تدرى به ولا تعرف ما مداه،
إلا إني أخشاها كأديبة وكاتبة وشاعرة
بمعنى آخر أخشى أن أكون من فرط حبي لها سبباً في غرورها،
أو تكون هي سبباً في ضياعِ
فإن كانت هي مفقودة حتى إشعاراً آخر، فأنا ضائعاً في أغوار نفسها
وليس هناك من أمل في العثور علي
ويلي منها.....
وشاء القدر أن تغيب عنى لفترة طويلة، كانت الساعات فيها مملة وثقيلة،
تذوقت فيها مرارة
الانتظار، وتعلمت فيها كيف يكون الصبر مع ما في النفس
من هواجس الفكر وتخبطه بين
الرجاء واليأس، كنت أطالع في كل صباح أن تحضن عيناها عيناي
وأن اشعر بدفء حبها وشوقها في لمسة يداها عند السلام،
وجاءت بعد الغياب رسالة منها ترفرف بالشوق وتقول فيها
( إذا كانت المسافات التي تفصلنا تقدر بآلاف الأميال
فهل يعنى هذا أنني بعيدة عنك ؟؟
لماذا إذاً أشعر بأنك تسكنني ؟ ؟
وأن في عتمة الليل حُضنك سكوني ؟؟
في حبك انعدمت المسافات
وبين صدرك سكن قلبي راضياً بكل ماهو آت)
ويلي منها !!!!!!!!!!!!!!
أسألتها هذه لم أجد لها إجابة إلا عندها،
وكأنها تعمدت أن تزد من شوقي لرؤياها أشواقاً تفوق
مداد ما في قلبي من لهفة لقراءة رسائلها
التي تعبق بطيب ذكراها وعطرها.
واعجبى !!!!!!!!!!!!!!
كيف للمرء أن يتعلق بامرأة لم يراها ؟ فكيف إن رآها ؟
وكيف وهى قريبة منه يشتاق إلى أن يلقاها ؟
وكيف إذا ما غابت عنه اشتاق إلى أن تعود فيلقاها ؟
وهو أولاً وأخيرا يتمنى أن يراها.
فيرجع بالشوق إليها على الشوق لها.
ويبقى ينتظر على أمل اللقاء بها.
ويبقى القلم ينزف شوقاً على دفتر صفحاتي عسى أن تقراء كلماتى عيناها