أحدث المشاركات

نسجل دخولنا بذكر الله والصلاة على رسول الله» بقلم عوض بديوي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»»

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 11

الموضوع: مقولة الإعجاز العددي دراسة نقدية

  1. #1
    الصورة الرمزية عدنان أحمد البحيصي شهيد العدوان على غزة 2008/12/27
    تاريخ التسجيل : Feb 2003
    الدولة : بلد الرباط (فلسطين)
    العمر : 41
    المشاركات : 6,717
    المواضيع : 686
    الردود : 6717
    المعدل اليومي : 0.87

    افتراضي مقولة الإعجاز العددي دراسة نقدية

    إعداد
    أ.د. أحمد خالد شكري
    قسم الدراسات الإسلامية
    كلية الشريعة والقانون – جامعة الإمارات العربية المتحدة (حاليا)
    الجامعة الأردنية وجامعة اليرموك (سابقا)

    المقدمة
    الحمد لله الواحد القهار، والصلاة والسلام على سيد الأبرار، وآله وصحبه الأطهار، وبعد،
    فقد تعددت آراء الباحثين في إعجاز القرآن الكريم في تحديد أوجهه، وتفاوتت هذه الآراء بين حاصر لها في وجه واحد وهو الإعجاز البياني، وبين معدد لها إلى وجهين هما: الإعجاز البياني والعلمي، أو إلى ثلاثة بزيادة التشريعي أو إلى أكثر من ذلك بأوجه قليلة أو كثيرة ، ومن هذه الأوجه المختلف فيها ما يسمى: الإعجاز العددي الذي انتشر بين أوساط المسلمين وغيرهم في هذا الزمان الحديث عنه، وكثرت المؤلفات فيه، وكنت وما زلت أتابع هذا الموضوع، وأدون على حواشي النسخ التي أطلع عليها حوله ملحوظاتي الشخصية وتساؤلاتي، وكنت أجد مِن بعض مَن كَتب في الإعجاز العددي تجاوزا غير مقبول وجرأة غير محمودة، ومع التسليم المطلق بوجود تناسق وتآلف وتناغم وتكامل وتناسب بين الأعداد المذكورة في القرآن الكريم، وبين أعداد وجمل وحروف عديدة فيه، وبين علاقات عديدة رائعة بين فواتح بعض السور – الحروف المقطعة – وعدد الحروف في تلك السور، إلا أني شعرت أن عددا من الباحثين تجاوز هذا الحد المقبول من توظيف الأعداد والأرقام وعلاقاتها في القرآن إلى تأويلات بعيدة وأقوال شاذة وافتراضات مرفوضة، وتقوُّل على كتاب الله تعالى، مما جعل البحث في هذا الكلام ودراسته دراسة نقدية أمرا متحتماً ولازماً للوصول إلى الرأي الصواب فيه بإذن الله تعالى.
    ولمحاولة الوصول إلى نظرة شاملة في الموضوع اطلعت على معظم المؤلفات في الإعجاز العددي، ولا تعني دراسة هذه المؤلفات ونقدها أي انتقاص شخصي لمؤلفيها، فهذا بحث علمي، ونقد موضوعي يستهدف الفكرة لا الأشخاص، ولا أزعم أني أحطت بجميع المآخذ ونقاط النقد التي يمكن أن توجه إلى مثبتي فكرة الإعجاز العددي والمؤلفين فيه، وحسبي أني نبهت إلى هذه القضايا وفتحت الباب لمزيد من البحث والحوار.
    والله تعالى أسأل أن أكون وُفقت للصواب، وهو حسبي وإليه مآب.

    المبحث الأول
    لمحة تاريخية حول مقولة الإعجاز العددي وأدلتها
    يرى بعضهم أن فكرة الإعجاز العددي بدأت منذ عهد الرسالة حين نزلت الحروف المقطعة في فواتح بعض السور، وبدأ اليهود يحسبون الأرقام المقابلة لهذه الحروف بناء على حساب الجُمَّل على أنها تبيين لعمر دين الإسلام، ومن ذلك ما رواه جابر بن عبد الله أن بعض اليهود سمعوا النبي  يقرأ فاتحة سورة البقرة، فحسبوا جمّل (الم) فكان إحدى وسبعين، وظنوا أنه عمر دين الإسلام، ولما سمعوا (المص) وحسبوها كانت مئة وإحدى وستين سنة، ولما سمعوا: (الر) قالوا: هذه أثقل وأطول، الألف واحدة، واللام ثلاثون، والراء مئتان، فهذه إحدى وثلاثون ومئتا سنة، ثم سمعوا (المر) فقالوا: هذه أثقل وأطول، لقد لبس علينا أمرك يا محمد، حتى ما ندري أقليلا أعطيت أم كثيرا؟ وقالوا فيما بينهم: ما يدريكم لعله قد جمع هذا كله لمحمد: إحدى وسبعون، وإحدى وستون ومئة، ومئتان وإحدى وثلاثون، ومئتان وإحدى وسبعون، فذلك سبع مئة سنة وأربع وثلاثون، ثم قالوا: لقد تشابه علينا أمره .
    وأرى أن الربط بين هذه الحادثة ونحوها وبين الإعجاز العددي غير دقيق، ولا يخلو من تكلف ظاهر، سواء حصل هذا الربط من دعاة إثبات فكرة الإعجاز العددي أم من دعاة نفيها، فالفريق الأول يسعى من خلال الاستشهاد بها إلى تثبيت مبدأ استخدام حساب الجمل وتوظيفه للوصول إلى معنى ما، وإن كان مستخدموه في هذا المثال قد أساءوا في محاولة توظيفه لقصد خبيث وهدف سيء، وهو محاولة كشف عمر أمة الإسلام، ظنا منهم أن الحروف المقطعة في أوائل بعض السور إشارات لهذا الأمر، ومع ضعف سند هذه الرواية ، ففي متنها نكارة من جوانب، منها أن معظم الحروف المقطعة نزلت قبل فاتحة سورة البقرة المدنية، وهذا يستدعي تقدم معرفة أهل الكتاب بها، ومجموعها سيعطي رقما أكبر بكثير من الرقم الذي حسبوه لأربع فقط من فواتح السور الأربع عشرة، هذا إذا لم نكرر العد مع تكرر ورود الحرف في الفواتح.
    والفريق الثاني يسعى من خلال الاستشهاد بها إلى الطعن في مثبتي فكرة الإعجاز العددي بأنهم يسيرون على نهج اليهود في هذا الأمر، ويستخدمون الطريقة المتعارف عليها بينهم وهي حساب الجمّل، ويوظفون الرواية – مع علمهم بضعفها – لتكون دليلا قويا لهم يردون بها على دعاة الإعجاز العددي، وأنه لا يؤدي إلى نتيجة كما حصل مع هؤلاء اليهود الذين صرحوا بأن أمر محمد  ألبس عليهم بهذا الحساب ولم يتوصلوا معه إلى أية نتيجة.
    وبعيدا عن أي انحياز أو تحامل، فإني أرى إبعاد هذه الرواية عن ميدان الاستشهاد بها لصالح أحد الفريقين أو ضده، فضعفها كاف لردها، والميدان الذي يبحث فيه الباحثون في الإعجاز العددي والأفكار التي يطرحونها ويحاولون إثباتها ليست بهذه البساطة التي رأيناها في الرواية، وقصارى ما يؤخذ من هذه الرواية وما أشبهها أن الناس في ذلك الوقت كانوا يستخدمون حساب الجُمّل، ولم يكن استخدامه مقتصرا على اليهود وحدهم، ولكن استخدمه في أزمنة متعددة المؤرخون والشعراء والأدباء والعلماء، استخداما محمودا، ويتفاوت الهدف من استعمال هذا الحساب بين كون هذه الأرقام مفاتيح أسرار الحروف يتوصل من خلالها إلى كشف أمور غيبية وأسرار خفية ، ولذا يستخدمه السحرة والمنجمون والمشعوذون ومن أشبههم، وهذا استخدام لا شك في حرمته وعدم جوازه، وبين استخدامه في مقاصد حسنة نبيلة، منها: التأريخ لحدث ما بحروف أو عبارات، وبيان عدد أبيات نظم أو عدد آي سورة وما أشبه ذلك ، والهدف منه سهولة حفظ الحروف بدلا من الأرقام، لأن الأرقام إذا كثرت تشابهت وصعب حفظها.
    ويحاول بعض دعاة الإعجاز العددي توثيق رأيهم وتأكيد قِدَم البحث فيه بروايات عن السابقين فيها ذكر للأرقام واستعانة بها على التفسير، ومن ذلك ما روي عن ابن عباس في تحديد ليلة القدر بقوله: "(ليلة القدر) تسع أحرف، ومذكورة في السورة ثلاث مرات فتكون ليلة سبع وعشرين" ، وما روي أيضا في تحديد ليلة القدر وأنها ليلة سبع وعشرين من كون عدد كلمات سورة القدر ثلاثين، واسم الإشارة (هي) اللفظ السابع والعشرون بينها ، وما روي عن ابن مسعود أنه قال: "من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر فليقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) فيجعل الله له بكل حرف منها جُنّة من كل واحد" وبما ذكره عدد من العلماء من ظواهر لها صلة بالأرقام، منها ما ذكره الباقلاني عن ظاهرة تتعلق بالأعداد التي في حروف فواتح السور، وهي ظاهرة استخدام نصف حروف اللغة العربية في الفواتح ، ونصف حروف كل صفة من الصفات، ففيها خمسة من حروف الهمس العشرة، وتسعة من حروف الجهر الثمانية عشرة، وأربعة من حروف الشدة الثمانية، واثنان من حروف الإطباق الأربعة ، وثلاثة من حروف الحلق الستة، وتبع الباقلانيَّ في التنبيه على هذه الظاهرة الزمخشريُّ ، وزاد هو وابن المنير على ما ذكره الباقلاني أن فيها ثلاثة من حروف الاستعلاء السبعة، واثنان من حروف القلقلة الخمسة، واثنان من حروف الصفير الثلاثة، واثنان من حروف اللين الثلاثة، ويلاحظ أن التنصيف في الصفات ذات العدد الفردي تقريبي.
    كما يحاولون الاستدلال بنقول ونصوص عديدة عن العلماء السابقين في إحصائهم عدد كلمات القرآن الكريم وحروفه ، المهمل منها والمعجم، وتقسيمه إلى نصفين وأثلاث وأرباع وأخماس وأسداس وأسباع وأثمان وأتساع وأعشار وأحد عشر واثني عشر وثلاثين وأربعين وستين ومئة وثلاث مئة وستين جزءا ، وببعض الحوادث التي فيها تحديد أحداث ومواعيدها من خلال معادلة رقمية مستنبطة من الآيات، منها حادثة استنباط المفسر ابن برجان أن القدس ستفتح في رجب سنة 579، وكان قد كتب تفسيره في سنة 520، وقال إنه استخرج هذه المعلومة من تأمله في فواتح سورة الروم، واعتمد على كلام هذا المفسر قاضي دمشق محي الدين زكي فقال مخاطبا صلاح الدين بعد فتحه حلب:
    وفتحكم حلبا بالسيف في صفر مبشر بفتوح القدس في رجب
    إلا أن هذا كله لا ينهض لهم دليلا على ما سعوا إليه من التأصيل لفكرتهم، فقد كان استخدام الأرقام قديما لغايات الإحصاء أو الإشارة إلى اللطائف والتناسق بينها، ولم يتطرق أي من السابقين إلى تسميته الإعجاز العددي أو الرقمي ولذا فإني أؤكد أن فكرة القول بالإعجاز العددي حديثة غير قديمة.
    ومن أوائل من أشار في العصر الحديث إلى وجود تناسق بين الأرقام والأعداد، وإلى لطائف تتعلق بعدد مرات ورود ألفاظ معينة وما يحمله ذلك من دلالات الإمام الكبير بديع الزمان سعيد النورسي (ت 1960م)، وهو أحد أئمة الإصلاح والدعاة إلى الخير في العصر الحديث، فقد حوت رسائله بعض الإحصاءات المتعلقة بهذا الأمر، وجعل الحديث عنه تابعا لحديثه عن التناسق اللفظي الذي كان يرى فيه نقشا إعجازياً، وأنه أحد الوجوه الأربعين للإعجاز .
    وفي تلك الفترة بدأ عبد الرزاق نوفل (ت 1984م) بالبحث في الأرقام والأعداد في القرآن، حيث ضمّن كتابه: "الإسلام دين ودنيا" الذي صدر عام 1959 الإحصائية التي أجراها، وتبين له فيها تساوي عدد مرات ورود لفظي الدنيا والآخرة في القرآن، حيث ورد كل منهما 115 مرة، وأتبعها في عام 1968 في كتابه: عالم الجن والملائكة بإحصاء عدد مرات ورود لفظ الملائكة والشيطان، وأنهما متساويان تماما، حيث ورد كل منهما 68 مرة، ثم أصدر في عام 1975 كتابه "الإعجاز العددي للقرآن الكريم" ، وفيه إحصائيات عديدة حول تساوي عدد مرات ورود ألفاظ متقابلة أو متضادة.
    ثم أعلن الدكتور محمد رشاد خليفة سنة 1972م ، اكتشاف ما أسماه: معجزة القرن العشرين، وهي معجزة الأرقام في القرآن الكريم، وذلك في مقال نشره في مجلة "آخر ساعة" المصرية تحت عنوان: "في أمريكا بالعقول الإلكترونية يفسرون القرآن الكريم"، وأصدر كتيّبا أسماه: "عليها تسعة عشر"، وكتابا أسماه: "دلالات جديدة في القرآن"، وألقى محاضرات عديدة ضمنها فكرة الإعجاز العددي المرتبط بالرقم 19، في عدد من الدول منها الكويت ، وأعجب بما طرحه كثير من الناس، ثم تبين لهم أنه بهائي وأنه يقدس الرقم 19 بسبب بهائيته، ثم ادعى أنه رسول الله، وكانت خاتمته القتل في منزله بأمريكا في حدود سنة 1990 .
    ثم كثرت المؤلفات والمقالات والمحاضرات في الإعجاز العددي، وخاض في هذا المجال كثيرون، وتبين لي من خلال الاطلاع على مؤلفاتهم إمكان تصنيفهم إلى صنفين: الأول: المتخصصون في الشريعة وهم قلة، الثاني: المتخصصون في العلوم الأخرى، وهم الأكثر، وتتفاوت تخصصاتهم ما بين الهندسة والرياضيات والطب والكيمياء الصناعية والقانون وغيرها من التخصصات، وأكثر الذين وقعوا في أخطاء من هذا الصنف، كما أن بين الباحثين في الإعجاز العددي – حسب علمي بحال بعضهم - من هو راغب في الخير وخدمة كتاب الله تعالى، ومن هو مستور الحال غير معلوم التوجه والقصد، ومن هو سيء النية خبيث القصد، مثل محمد رشاد خليفة.
    ولعل من المناسب في هذا المقام التنبيه إلى أنه ليس لأي أحد أن يخوض في علوم القرآن الكريم وإعجازه وتفسيره، دون أن يكون ملما بالعلوم التي نص أهل العلم على وجوب تحصيلها قبل ذلك، وعالما بالشروط التي اشترطوها فيه، لئلا يقع في الخطأ والخلل، ومن هذه العلوم والشروط:
    1- مراعاة البدء في تفسير القرآن بالقرآن وبالمأثور.
    2- الاعتناء بالقراءات القرآنية.
    3- الأخذ بمطلق اللغة مع الاحتراز عن صرف الآيات إلى ما لا يدل عليه كلام العرب.
    4- الأخذ بمقتضى الكلام وما دل عليه الشرع.
    5- عدم الدخول إلى التفسير بمقررات سابقة.
    6- عدم اللجوء إلى التأويل والمجاز إلا عند تعذر حمل اللفظ على معناه الظاهر.
    7- العلم بقواعد الترجيح ومسائل النسخ .
    8- عدم التوسع في التفسير العلمي ومراعاة الشروط التي نص عليها العلماء لمن يرغب في التفسير العلمي، ومنها: عدم التكلف في التفسير للتوصل إلى موافقة الآية للحقيقة العلمية، وعدم الدخول في التفاصيل العلمية الدقيقة، وعدم الخوض في القضايا الغيبية .

    المبحث الثاني
    عدم مراعاة الاختلاف في علم القراءات ورسم المصحف وعدّ الآي
    وأثره في عدد الحروف وتناسقها
    تعد هذه النقطة من أهم ما يؤخذ على الباحثين والكاتبين في الإعجاز العددي، حيث أهملوا هذا الأمر تماما، ولم يراعوا في حساباتهم الكثيرة ما يبنى على اختلاف أوجه القراءة والرسم وعد الآي من اختلاف في عدد الحروف ، وفي الواقع فإن الاختلاف الحاصل في هذه العلوم الثلاثة والمثبت في الكتب المتخصصة ينقض كلاما كثيرا للباحثين في الإعجاز العددي، ويجعل النتائج التي توصلوا إليها غير دقيقة أو غير صحيحة، وليت الأمر وقف عند حدّ عدم الاطلاع على هذه العلوم، فقد تعداه بعضهم إلى الإفتاء بغير علم، والاجتهاد بلا برهان ولا دليل.
    وسأذكر فيما يلي أمثلة تبين أن عدم مراعاة هذه العلوم الثلاثة يقلب نتائج الأعداد ويغير المعادلات والمبادئ المعتمد عليها، وبالتالي تصبح النتائج المذهلة والباهرة التي توصلوا إليها بحاجة إلى مراجعة، وإعادة نظر.
    أمثلة تتعلق باختلاف القراءات:
    من أوجه اختلاف القراءات تبديل حرف مكان آخر، مما يستدعي اختلاف مجموع عدد مرات ورود الحرف في السورة، حال ضبط اللفظ حسب إحدى القراءتين، ففي قوله تعالى: (والله يقبض ويبصط) [البقرة:245] يقرأ بالسين وبالصاد، وقرأه بعض القراء بالوجهين ، فكيف يعد لهم سينا أو صادا أو كليهما؟ وقرئ قوله تعالى: (ننشزها) [البقرة:259] بالراء وبالزاي ، وقوله تعالى: (لنبوئنهم) [العنكبوت:58] قرئ بالثاء بدل الباء، وبالياء بدل الهمزة .
    ولم ينتبه بعض من بحث في الإعجاز العددي لمثل هذه الأمور، فقد قال فريد قبطني: " إن نتيجة الاختلاف بين قراءات القرآن هي أن بعض الآيات في إحدى القراءتين أقصر أو أطول مما هي عليه في القراءة الأخرى بينما يبقى عدد الكلمات هو نفسه بين القراءتين" ، وهو هنا يقصد المقارنة بين روايتي حفص وورش، وفاتَه أن عدد الكلمات اختلف بينهما في قوله تعالى: (فإن الله هو الغني الحميد) [ الحديد: 24] حيث قرأ نافع بروايتي قالون وورش عنه – ووافقه أبو جعفر وابن عامر -: (فإن الله الغني الحميد)، وقرأ باقي القراء بإثبات (هو) ، وهذا الاختلاف يؤدي إلى نقص كلمة أو زيادتها ويؤثر على عدد كلمات السورة.
    ومن الأمثلة التي وردت في كتاب المعجزة على تساوي ركنين متناظرين تماما: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم)، (ولكن رسول الله وخاتم النبيين) [الأحزاب:40] كل منهما مكونة من 23 حرفا، ولكن على قراءة لفظ (النبيئين) بالهمز سيختل التناظر لأن الجملة الثانية ستصبح 24 حرفا، حيث إن هذا الكاتب يعد الهمزة التي لا صورة لها، مثل (شركاءي) [فصلت:62] عدد حروفها عنده 6 أحرف ، و(رءا) [الكهف:53] عدها ثلاثة أحرف .
    وحين أحصى أحدهم حروف سورة نوح كان عدد التاءات فيها 34 ، وهذا العدد حسب رواية حفص ومن وافقه حيث يقرؤون: (خطيئاتهم) [نوح:25] بالتاء، ولكن حسب قراءة أبي عمرو: (خطاياهم) تنقص التاءات عنده واحدة لتصبح 33.
    أمثلة تتعلق باختلاف رسم المصحف:
    من المعلوم عند العلماء المتخصصين في رسم المصحف وجود مذاهب متعددة في رسم بعض الكلمات، ويرجع ذلك في معظمه إلى اختلاف أوجه القراءة، ومن أمثلته اختلاف عدد الحروف والرسم في لفظ (أنجيتنا) [الأنعام:63] فعدد الحروف سبعة على هذه القراءة، وفي قراءة (أنجانا) ينقص عدد الحروف واحدا لتكون ستة، فهذا اللفظ مختلف في قراءته وفي كيفية رسمه بين المصاحف ، وكذلك الحال في كثير من أوجه القراءة المتعلقة بالزيادة والنقصان ومواضعها كثيرة ومتفرقة في المصحف، ويؤدي الاختلاف في رسم بعض الألفاظ إلى تغير عدد الحروف، مثل خلاف علماء الرسم في لفظ (صراط) حيث يرسم بالألف وبدونها ، ولفظ: (وسقياها) [الشمس:13] يرسم بلا ياء ولا ألف في مصاحفنا، حسب الراجح عند أبي داود، وبإثبات الألف أو بياء عند المغاربة ، وهذا الاختلاف في رسم هذه الكلمات سيؤدي إلى الاختلاف في عدد حروفها حسب الرسم.
    ويقع الاختلاف في بعض الكلمات بين الإفراد والجمع، وتكتب هذه الألفاظ بما يحتمل قراءتها بالوجهين، وتعد حسب الرسم عند كثيرين فلا يعدون الألف الملحقة باعتبارها ليست من الرسم، فلا يؤثر هذا الوجه عند هؤلاء في العدد، ومن الأمثلة عليه: (ذريتهم) [نحو: الأعراف:172] قرئ بالإفراد وبالجمع ، و(سراجا) [الفرقان:61] قرئ بالإفراد والجمع .
    ومن الأمثلة التي يمكن أن تؤثر في عدد الحروف: الألفاظ المهموزة، حيث إن علماء الرسم لم يكونوا يثبتون الهمزة في الرسم ، استغناء عنه برسم صورة لها من ألف أو واو أو ياء، أو للعلم بوجود الهمزة في الكلمة من كثرة استعمال اللفظ، والعادّون للحروف لم ينتبهوا لهذه المسألة مطلقا ويعدون الهمزة غير المرسومة كما يعدون المرسومة، وهذا مخالف لمبدأ العد وفق الرسم العثماني، ومن الأمثلة عليه أنهم يعدون: (رِءيا) [مريم:74] و(للرُّءيا) [يوسف:43] و(قروء) [البقرة:228] أربعة أحرف، وهي حسب الرسم العثماني ثلاثة أحرف، ويعدون: (سوء) [الأعراف:167] و(ملء) [آل عمران:91] و(الخبء) [النمل:25] ثلاثة أحرف وهي حسب الرسم حرفان لأن الهمزة لا صورة لها في هذه الألفاظ.
    ومن الأمثلة على عدم مراعاة اختلاف الرسم من العادين، ما جاء في كتاب: "إرهاصات الإعجاز العددي" أن مجموع جُمَّل حروف: (المسجد الأقصا) ثلاث مئة وواحد وستون، ولفظ: (بنوا إسرائيل) الذي يرسم في المصحف بحذف الألف مجموع جمله كذلك ثلاث مئة وواحد وستون، وهو حاصل ضرب 19×19، وأن لهذا التساوي أكثر من دلالة. . . ، ويلاحظ أن الباحث اختار (بنوا إسرائيل) بالواو ولم يختر (بني إسرائيل) بالياء لأن الحساب سيختلف معه ، مع أن ورود (بني إسرائيل) في القرآن أكثر بكثير من (بنوا إسرائيل) الذي لم يرد إلا في موضع واحد [يونس:90]، كما أن في رسم لفظ (إسرائيل) وجها آخر وهو كتابته بإثبات الألف على مذهب أبي عمرو الداني، وهو المعتمد في مصاحف المغاربة ، والهمزة التي قبل الياء لا صورة لها فتكتب حسب قواعد الضبط على السطر، ولا ينبغي أن تعد لعدم رسمها.
    أمثلة تتعلق باختلاف عد الآي
    ورد في كتاب: "أسرار ترتيب القرآن قراءة معاصرة"، أن السور التي عدد آياتها زوجي عددها ستون، وأن السور التي عدد آياتها فردي أربع وخمسون، وأن السور التي عدد آياتها زوجي تنقسم إلى ثلاثين سورة رقمها في ترتيب المصحف زوجي، وثلاثين سورة ترتيبها في المصحف فردي، وأن السور التي عدد آياتها فردي تنقسم كذلك بالتساوي، فسبع وعشرون منها ترتيبها زوجي، وسبع وعشرون ترتيبها فردي، وهذا ترتيب لافت للانتباه، حيث تقسم السور فيه إلى قسمين: متجانسة في الترتيب وعدد الآيات، أي أن يكون كلاهما زوجيا أو فرديا، وغير متجانسة، ويشكل كل قسم من هذين القسمين نصف عدد سور القرآن الكريم، أي سبع وخمسون سورة، وفي حال جمع عدد آيات السور المتجانسة مع أرقام ترتيب السور يكون المجموع ستة آلف ومئتين وستا وثلاثين، وهو مجموع الآيات، وفي حال جمع عدد آيات السور غير المتجانسة مع أرقام ترتيبها يكون المجموع ستة آلاف وخمس مئة وخمسا وخمسين، وهو مجموع أرقام ترتيب سور القرآن الكريم، وهذا يثبت وجود علاقة بين رقم السورة وعدد آياتها .
    ونقل هذا الكلام مؤلف آخر وعلق عليه بقوله: " حتى ندرك عمق المسألة نقوم بإنقاص سورة البقرة آية واحدة فتصبح 285 آية، وبالتالي تصبح فردية الآيات مما يعني أن السور الفردية ستصبح 59 والزوجية 59 عندها ينهار كل شيء..." وخلص إلى أن هذه الدراسة تؤكد أن ترتيب السور وعدد الآيات هو وحي من الله العزيز الحكيم.
    والافتراض الذي افترضه الكاتب واقع فعلا، فإن عدد آيات سورة البقرة 285 آية حسب المذهب المدني والمكي والشامي، و286 حسب المذهب الكوفي، و287 حسب المذهب البصري .
    وكثرت أخطاء الكاتبين في الإعجاز العددي في موضوع البسملة، وكثرت آراؤهم فيها، فمنهم من يعدها ومنهم من يترك عدها، ومنهم من يخلط ويغير الرأي فيها حسب النتيجة التي يريد الوصول إليها، ومن الأمثلة على أخطائهم ما فعله مؤلف سلسلة: "بدأ العد التنازلي" فهو يرى أن البسملة هي الآية الأولى من القرآن، وأن (الحمد لله رب العالمين) هي الآية الأولى من الفاتحة ، فهو يرى أن البسملة آية فذة لا تندرج ضمن سورة الفاتحة ولا غيرها، وهو قول ضعيف وإن قاله بعض العلماء، فهو غير معتبر عند علماء العدد .
    ويرى مؤلف كتاب: "الإعجاز العددي في سورة الفاتحة" أن البسملة وردت في القرآن مئة وثلاث عشرة مرة، لأن البسملة التي في الآية 30 من سورة النمل جزء من آية وليست آية تامة، وهو يعد البسملة ضمن الآيات حين يرى ذلك خادما لما يريد الوصول إليه، وحين يتعارض عد البسملة مع ما يريده لا يعدها، فيقول مثلا: " عدد آيات السورة – سورة مريم – هو ثمان وتسعون آية، فإذا أحصينا البسملة أصبح المجموع تسعا وتسعين . . " .
    ويرى آخر أن البسملة آية من سورة الفاتحة فقط، ومختلف في كونها آية من كل سورة سواها، وهو من الأقوال غير المعتبرة عند علماء العدد كذلك، ومع هذا فهو حين يحصي الحروف في السور يعد حروف البسملة مع كل سورة منها سوى التوبة .
    وعد آخرون البسملة الآية الأولى من الفاتحة بلا خلاف، ولعل الحامل لهم على هذا ما رأوه في المصحف المنتشر برواية حفص عن عاصم من عد البسملة الآية الأولى في سورة الفاتحة، وظنوه مذهبا وحيدا لا ثاني له.
    وذكر بعضهم أن الحديد ذكر في الآية 25 من سورة الحديد، وأن العدد الذري للحديد 26، فبين الرقمين فرق يمكن من وجهة نظرهم تجاوزه بعدّ البسملة الآية الأولى من السورة فيصبح رقم الآية موافقا للعدد الذري للحديد ، ولا يصح هذا الاقتراح إلا على المذهب الكوفي الذي انفرد بعدّ (وظاهره من قبله العذاب) [الحديد:13] ورقم الآية التي ذكر فيها الحديد عند باقي علماء العدد 24 ، فما الحل في مثل هذا الحال؟
    وبعد أن أجرى مؤلف كتاب: "أسرع الحاسبين" مجموعة من المسائل قال: "المسائل السابقة كانت مرتبطة بأعداد الحروف دون أن نضيف إليها حروف (بسم الله الرحمن الرحيم) في كل سورة، أما المسائل اللاحقة فستكون مع إضافة حروف البسملة أي أننا سنضيف إلى كل عدد رقما يساوي تكرار الحرف من البسملة حسب الجدول التالي . . . " .
    وكان أحدهم يعد البسملة مع حروف السورة أحيانا كما فعل في سورة النصر، فعدد حروفها مع البسملة 99، وتكرارات حرف السين في سورة النمل مع البسملة 94، ويترك عدها أحيانا فعدد حروف سورة الماعون 114 بدون البسملة .
    وقال مؤلف "المنظار الهندسي": "وتسلسل الآية لكلمة (مرقوم) الثانية هو 20، وهو 10+10، وإذا أردنا إدخال البسملة كآية فيصبح العدد 21 وهو يساوي 10+10+1 . . ." .
    وأورد آخر جدولا ذكر فيه عدد آيات السور مقارنة بين ما أسماه: القراءة الشرقية ويقصد بها رواية حفص، والقراءة الغربية، ويقصد بها رواية ورش، وأخطأ حين ذكر فيه أن عدد آيات سورة الملك في القراءة الغربية 30 آية ، والصواب أنه 31 آية حسب العدد المدني الأخير المعتمد في رواية ورش .
    بناءً على ما سبق يتبين لنا أهمية الرجوع إلى هذه العلوم الثلاثة وملاحظة الاختلافات بينها وأثر ذلك في الأرقام والأعداد، وقد يقال إن هؤلاء الباحثين اعتمدوا رواية حفص باعتبارها المشهورة والمنتشرة عالمياً الآن كما اعتمدوا الرسم الموجود في المصاحف الشائعة وعد الآي المعتمد فيه، وبما أن معظم هؤلاء الباحثين ليسوا من المتخصصين في علوم القرآن والتفسير، ولا في أي من علوم الشريعة فليسوا مطالبين بتتبع أوجة القراءة والرسم وعدّ الآي، ويكفيهم ما يكفي المفسرين المعاصرين الذين اكتفوا برواية حفص0
    والرد على هذا الدفاع عنهم، أن رواية حفص إنما تمثل إحدى الروايات الصحيحة الثابتة، وليست أقوى ولا أثبت ولا أصح من غيرها إنما كتب لها الذيوع والانتشار في هذا العصر، فالاكتفاء بها في الدراسات القرآنية المعمقة والدقيقة قصور، ويقال الكلام نفسه في مسألتي الرسم وعدّ الآي ، وينبغي أن تتسم الدراسة القرآنية بالشمول والإحاطة ، ولذا عِيب على المفسرين المعاصرين اقتصارهم على رواية واحدة في التفسير، إلا إذا كان المخاطب عامة الناس وبسطاءهم فلا بأس في هذه الحال بالاقتصار على وجه واحد، وما يقوله المؤلفون في الإعجاز العددي ويثبتونه في كتبهم ليس موجها إلى العوام والبسطاء، ويحتوي على مسائل ومعادلات وعبارات في غاية الدقة والصعوبة، مما يقتضي منهم التعمق والشمول، وعدم الاكتفاء بإحدى الروايات، والاطلاع على المذاهب المتعددة في الرسم وعدّ الآي ليكون بحثهم خاليا من القصور، وغير معرض للنقد والتتبع.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    الصورة الرمزية عدنان أحمد البحيصي شهيد العدوان على غزة 2008/12/27
    تاريخ التسجيل : Feb 2003
    الدولة : بلد الرباط (فلسطين)
    العمر : 41
    المشاركات : 6,717
    المواضيع : 686
    الردود : 6717
    المعدل اليومي : 0.87

    افتراضي

    المبحث الثالث
    افتراض أسس ومبادئ وأسرار متوهمة وبناء نتائج خطيرة عليها
    يكاد هذا المأخذ على الكاتبين في الإعجاز العددي يكون شاملا لهم جميعا، فهم يفترضون أسسا لعملهم ويبنون عليها النتائج العديدة، وإذا أردنا البحث عن أصل لهذه الأسس لم نجد شيئا سوى ما افترضه هؤلاء أو توهموه فجعلوه أساسا مكينا وركنا حصينا تبنى عليه النتائج وثمرات البحث، مع جزم كل منهم أنه وصل إلى الصواب، وأن نتائجه هي الحق، مع تفاوت الأسس بينهم وتباين افتراضاتهم، ويلاحظ ما يفعله بعضهم من سلوك طرق عديدة للوصول إلى النتيجة المفترضة ولو بتمحل وتكلف قد يكون ظاهرا ولافتا للانتباه أحيانا ، وفي هذا المبحث عرض لعدد من هذه الأسس والمبادئ وما بُني عليها من نتائج، مع التنبيه إلى أن عددا من هذه النتائج تحوي معلومات خطيرة، وتجاوزات شرعية، ولذا فهي غير مقبولة وينبغي التنبيه إليها والتحذير منها.
    الافتراض الأول: اكتشاف أسرار القرآن وخفاياه وألغازه، وزعم التوصل إلى حقائق جديدة لم تكن معلومة للسابقين:
    كثرت عبارات: كشف أسرار الإعجاز، وحل رموز الشيفرة القرآنية، وسر الوجود، واكتشاف معجزة القرن العشرين، والرسالة الخفية للقرآن، ولغز فواتح السور، وما أشبهها في عناوين كتب الإعجاز العددي وفي ثناياها، ونسب عدد من هؤلاء لنفسه الفضل المطلق في كشف هذا السر أو ذاك أو حل الشيفرة القرآنية وألغاز القرآن وخفاياه التي بقيت سرا مكنونا حتى وفقه الله لكشف سرها وبيان حقيقتها، وأن ما توصل إليه يعد كشفا لسر بقي طي الكتمان مذ نزل القرآن إلى أن أماط هو لثامه وكشف سره ، وهذا الافتراض هو أخطر الافتراضات المتوهمة، وفيه من التجرؤ على القول بمعنى كلام الله ما فيه.
    وقاد هذا الادعاء والافتراض المتوهم إلى نتائج خطيرة، يجزم بها الكاتب – في الغالب - ويرى أنها تفسر الآية أو تبين تاريخ حدث ما، أو تبين وجه الارتباط بين أمرين أو مجموعة أمور، وأنها اكتشافات هذا القرن وأسرار القرآن التي بقيت خافية على الناس طوال هذه القرون، ويحاول بعضهم التأثير في القارئ وبهره وإقناعه بالنتيجة من خلال ما يوردونه في كتبهم من معادلات مطولة، وأرقام مذهلة، ومن هذه النتائج الخطيرة التي تم التوصل إليها ما يلي:
    1- زعم العلم بوقت قيام الساعة: حيث زعم رشاد خليفة أنه من خلال بحثه في الأرقام توصل إلى موعد قيام الساعة، وأنها ستكون سنة 1710هـ، 2280م ، ولا يخفى خطورة هذا الادعاء والتجرؤ فيه على الأمر الذي قال الله تعالى فيه: (قل إنما علمها عند ربي) [الأعراف:187]
    2- الزعم بأن أصحاب الكهف لبثوا في كهفهم إحدى عشرة سنة فقط، وليس ثلاث مئة وتسع سنوات، ويرى صاحب هذا القول أن الإعجاز فيه أظهر لأن معظم معاصري الفتية كان ما يزال حيا فلا يمكن تكذيبهم، ومما استدل به لتأكيد رأيه أن الآية التي ذكرت الضرب على آذانهم وهي قوله تعالى: (فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عدداً) [الكهف:11] رقمها11، وهو وموافق لمدة لبثهم، وعدد كلماتها سبعة، وهو موافق لعددهم، أما قوله تعالى: (ولبثوا في كهفهم ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعا) [الكهف:25] فهي عنده لا تعني مدة نومهم بدليل قوله تعالى بعدها: (قل الله أعلم بما لبثوا) [ الكهف:26].
    وبهذا الأسلوب الملتوي يحاول هذا الكاتب تغيير الثوابت الراسخة وتأويل معاني الآيات الكريمة بما لم يسبق إليه، ويعده اكتشافا وفتحا مبينا.
    3- أن المدة التي قضاها نوح عليه السلام في دعوة قومه ليست تسع مئة وخمسين عاما ولكنها سبعة عشر عاما فقط، واستدل مكتشف هذا القول بأمور منها: أن الآية عبرت عن مدة لبثه بالسنة وبالعام "وهذا يستدعي التفكير هل عنى الله تعالى أن سيدنا نوحا لبث يدعو قومه 950 عاما أم أن الله تعالى يعني مدة غير التي تفهم للوهلة الأولى" وبأن ابن نوح الذي غرق كان في ريعان الشباب كما يظهر لمن يتمعن في الآيات 40-43 من سورة هود، فهو معتد بقوته وقادر على صعود الجبال "فلو قدرنا عمره بين 20-40 عاما، فيكون عمر سيدنا نوح عند ولادة هذا الابن أكثر من 900 عام" ولو حصل هذا الحدث لكان حدثا مميزا جدا يستدعي أن يذكر في القرآن كما ذكر ولادة يحيى لزكريا وإسحاق لإبراهيم، ثم لجأ إلى حساباته وأرقامه فجمع قِيَم الآية 14 من سورة العنكبوت، وقيم حروف كلمة نوح وعدد مرات ذكره، وأمورا أخر، وجمع وعكس ورصف وقسم واستخدم ترميزه الأول والثاني والبائي حتى وصل إلى هذه النتيجة .
    والرد عليه يسير، فقد ذكر علماء البلاغة فرقا دقيقا في الاستعمال القرآني بين السنة والعام، فالعام يستخدم في حال الرخاء واليسر والخير والبركة، والسنة تستخدم في حال الجدب والقحط والشدة، وهذا ظاهر في عدد من الآيات كما في قوله تعالى: (قال تزرعون سبع سنين دأبا...ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون) [يوسف:47-49] فما ورد في قصة نوح يدل على أن مدة دعوة نوح كان فيها معاناة وشدة وقسوة ولذا عبر عنها بالسنة، وما استثني منها عبر عنه بالعام لما فيه من يسر ولين .
    وبالنسبة لعمر ابن نوح وتقديره ما بين 20-40 سنة، فمبناه على قياس الأعمار زمن نوح على الأعمار في زماننا هذا، وفاتَه أن نوحا عليه السلام عندما صنع السفينة وأحكم بناءها كان عمره نحو ألف سنة – إن سلّم بذلك – وأن الناس في ذلك الزمان كانوا يعمرون أكثر من هذا الزمان بكثير، فحساب فترة الشباب والعطاء عندهم لا تقاس بما نحن عليه الآن، وعلى افتراض أنه ولد لنوح بعد بلوغه 900 عام وأكثر، فهل كان هذا يعد خارقا في زمانهم؟ وهل كل خارق حصل قديما أخبرتنا عنه الآيات؟
    4- زعم معرفة معنى الآية أو تحديد المبهم فيها باستخدام حساب الجمل، ومن ذلك ما فعله أحدهم من ترجيح أن الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها، المذكور في الآية 259 من سورة البقرة هو العُزير من خلال عد الآيات من هذه الآية إلى الآية 30 من سورة التوبة فوجد المجموع 999، وحساب جمل قوله تعالى: (وقالت اليهود عزير ابن الله) [التوبة:30] أيضا 999، فأكد هذا التوافق تفسير الآية الأولى بالثانية ، وعلى هذا التفسير عدة استدراكات منها خلاف علماء العدد في عدد الآيات الفاصل بين الآيتين، وحسابه جمل عبارة (وقالت اليهود عزير ابن الله) كاملة والأَولى حساب جُمّل كلمة عُزير وحدها، وجمعه بين عدد الآيات وحساب جمل إحدى العبارات ليصل إلى التوافق الذي يبحث عنه، ولا ينبغي لأحد الجزم بالمعنى من خلال مثل هذا الأسلوب.
    وزعم أحدهم أن تفسير الآية والوصول إلى معناها يكون بجملة تساويها في حساب الجمل، أو بما يتوصل إليه من خلال هذا الحساب، ومن الأمثلة على فعله هذا أنه حسب جمل قوله تعالى: (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) [آل عمران:34] ووجده مساويا لجملة: "ذرية نبي الله من فاطمة وأمير المؤمنين وهم أحد عشر منهم مهديهم القائم بالحق" وزن كل منهما ثلاثة آلاف ومئة وسبعة وخمسون ، فتكون العبارة تفسيرا للآية، وتوصل إلى أن حساب جمل قوله تعالى: (ولكل قوم هاد) [الرعد:7] تساوي حساب عبارة: "علي وولده بعده" ومجموع كل منهما 242 ، فالهادي علي وولده من بعده، وتوصل إلى أن معنى قوله تعالى: (بقية الله) [هود:86] الإمام محمد بن الحسن العسكري الملقب بالمهدي والقائم المنتظر، ومما استدل به لتأكيد هذا المعنى، أن حساب جُمّل (بقية الله) 183، وحساب جمل عبارة: " محمد المهدي" 182، وإن كان الفرق بين مجموع الأولى والثانية رقماً واحداً، "وهي الألف في لفظ الجلالة (الله) وتسمى في اللغة همزة الوصل غير الملفوظة لأنها واقعة وسط الكلام تصل بين الحرف الذي يسبقها والحرف الذي يأتي بعدها فلا غرابة في الحساب" ، فألغى هنا عد همزة الوصل في جملة ولم يلغها من الجملة الثانية – كما أنه لم يلغها في سائر المواضع من كتابه - حتى يتساوى حساب الجملتين، وليستدل به على صحة تفسيره للآية بهذا القول البعيد عن الظاهر وعن السياق، والأمثلة في كتابه على تفسيره الآيات بهذا الأسلوب كثيرة، ونتائجها خطيرة.
    5- زعم إمكان دمج بعض السور معا، للوصول إلى النتيجة التي يريدها الكاتب، ومن ذلك ما فعله أحدهم حين احتاج إلى أن تكون السور التي تبدأ بالحروف المقطعة 28 سورة، فنسب لبعض الباحثين رأيا أن سورة آل عمران تعد مكملة لسورة البقرة وبذلك يصبح عدد هذه السور 28 .
    واعتمد آخر قولا غريبا وهو إمكان جعل سورتي الأنفال والتوبة سورة واحدة، وبنى عليه عددا من النتائج التي كان حريصا على الوصول إليها .
    وما ذكره هذان وما يمكن أن يذكره غيرهما من افتراضات دمج السور ببعضها أمر مخالف للتواتر ولإجماع الأمة أن عدد سور القرآن الحكيم مئة وأربع عشرة سورة، ولا يدمج بين سورتين منها لتكوين سورة واحدة كما لا تقطع إحداها لتشكل سورتين أو أكثر.
    6- زعم العلم بموعد زوال دولة "إسرائيل": افترض أحدهم عدة افتراضات ومعادلات مبنية على أرقام ومعلومات ظنية، أوصلته بمجموعها إلى نتيجة أحسن صنعا حين لم يجزم بها وجعلها محتملة، وهي أن دولة ما يسمى بإسرائيل ستزول وتنتهي عام 2022م، ومن الأرقام والمعلومات التي بنى عليها معادلاته أن الإسراء والمعراج كان في10/10/621م أي قبل الهجرة بسنة، وأن وفاة نبي الله سليمان عليه السلام كانت سنة 935 قبل الميلاد، وأن تاريخ قيام دولة إسرائيل الحقيقي ليس 15/5/1948م ولكنه 10/6/1948 وهو تاريخ موافقة الدول العربية على قرار الأمم المتحدة وقف إطلاق النار وهو ما سمي بالهدنة الأولى ، ومعظم هذه المعلومات مختلف فيها أو ظنية أو اجتهادات شخصية.
    7- زعم أن سورة الكهف هي قلب القرآن: افترض أحدهم أن الآية 18 من سورة الكهف التي تحمل رقم 18 في ترتيب المصحف هي قلب القرآن كله، فعدد الحروف التي قبلها يساوي عدد الحروف التي بعدها، وورد في هذا الآية لفظ (كلبهم) لأول مرة في القرآن، وكلمتا "قلبهم" و " كلبهم" لا تختلفان إلا في حرف القاف والكاف المشتركان صوتيا في أنهما لهويان ، وهذا الكلام عليه أكثر من مأخذ، أولها: أن الآية 18 من سورة الكهف ليست قلب القرآن وإن كانت قريبة منه، فالقولان المشهوران في تحديد وسط القرآن بالحروف، هما أنها النون من كلمة (نكرا) [الكهف:74] أو الفاء من (وليتلطف) [الكهف:19] ، وثانيها: أن لفظ (كلبهم) في هذه الآية ليس الموضع الأول في القرآن، فقد سبقه قوله تعالى: (فمثله كمثل الكلب) [الأعراف:176] إلا إذا أراد اللفظ المضاف إلى الهاء والميم. وثالثها: التوهم أن التقارب في الوزن والتشابه في الحروف بين لفظي: "قلب" و"كلب" يؤكد أن هذه الآية قلب القرآن لورود لفظ "كلب" فيها، وهذا يستدعي أن تكون كلمتا: سلب وصلب، وكلمتا: يد وجد بمعنى متقارب لتشابه وزنهما واتحاد مخرج الحرف الأول فيهما، وكذلك ألفاظ: أَلَم وعَلَم وغَلَم ونحوها، فهذا منطق غير مقبول وافتراض غير علمي وغير صحيح.
    8- زعم إشارة القرآن إلى انهيار برجي التجارة العالمي: زعم بعضهم إشارة القرآن الكريم إلى حدث 11/9/2001 وهو انهيار برجي التجارة العالمية في نيويورك بسبب اصطدام طائرتين بهما، وتهدم جزء من مبنى وزارة الدفاع الأمريكية في واشنطن بسبب سقوط طائرة عليه، والزعمُ بأن قوله تعالى: (أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين) [التوبة:109] يشير إلى الحادثة من خلال عدة أمور، فسورة التوبة هي التاسعة في الترتيب والحدث في شهر أيلول وهو الشهر التاسع، والآية في الجزء الحادي عشر، والحدث في اليوم الحادي عشر، ورقم الآية 109 وعدد طوابق المبنيين المنهارين 109 ، وزاد غيره أن عدد الكلمات من أول السورة إلى هذه الآية 2001، والسنة هي 2001، وأن اسم الشارع التي كان فيه البرجان يسمى: "كرف هير" وهي كلمة تشبه : (جرف هار) ، والرد على هذه الدعوى الباطلة من عدة جوانب، أولها: أن الآية تتحدث عن المنافقين الذين بنوا مسجد الضرار، والزعم بإشارتها إلى هذا الحدث يخرجها من سياقها، ويحرفها عن معناها، وثانيها: أن تاريخ الحدث 11/9/2001 حسب التقويم الشمسي الميلادي، وتاريخ الحدث بالتقويم الهجري يختلف عنه ولا تتناسب أرقامه مع الآية كالتاريخ الشمسي، وثالثها: أن تقسيم المصحف إلى أجزاء عمل اجتهادي، وقد قُسّم القرآن إلى أجزاء أكثر وأقل، وإلى أحزاب، والآية في الحزب 21، فلماذا يُعتمد هذا التقسيم دون غيره؟ ورابعها: أن رقم الآية 109 غير مجمع عليه بين علماء العدد، وخامسها: أن عدد الكلمات من أول السورة إلى هذه الآية يزيد عن 2001 بكثير، وأن اسم الشارع الذي كان فيه المبنى ليس كما زعموا، فهذه دعوى باطلة فيها تكلف ظاهر، وقد ينتج عنها إساءة إلى الإسلام بدلا من الدعوة إليه.
    9- الزعم بعلم موعد مفترض لعذاب أهل هذا العصر: من النتائج التي توصل إليها أحدهم أن يوم الجمعة 1/1/1999م الموافق 14/9/1419هـ يشكل بدء فترة العد التنازلي لجحيم الدنيا أي لموعد عذاب أهل العصر الذي سيعم الكافرين وينجو منه المؤمنون ، فهو رقم فيه إعجاز وتناسق عددي عظيم، فالرقم 1 تكرر فيه 3 مرات، وهو أصغر الأرقام، والرقم 9 تكرر فيه 3 مرات، وهو أكبر الأرقام، والعدد 19 تكرر فيه 3 مرات، ويلتقي العام الهجري 1419 والميلادي 1999 في العدد 19، ومن الحسابات التي أوصلته إلى هذه النتيجة أن سورة الإسراء ذكرت العذاب قبل يوم القيامة في الآية 58، ووردت فيها آية التحدي وهي الآية 88، التي تتكون من 19 كلمة، والآية التي بعدها وهي آية: علم القرآن تتكون من 14 كلمة، ومن ضم مجموع كلمات الآيتين معا يتكون الرقم 1419 الذي هو العام الهجري المحدد لبدء فترة العذاب! ووصل إلى النتيجة نفسها بحساب آخر، وهو أن آية التحدي فيها 19 كلمة، وورد ذكر القرآن في سورة الإسراء 11 مرة، وذكر الحق إشارة إلى القرآن 3 مرات فيكون المجموع 14 مرة، وبذلك أيضا يتكون العام الهجري 1419 ! ويلاحظ ما في هذه المعادلات من تكلف وتحميل للألفاظ والأرقام أكثر مما يمكن، مع حصول الخطأ عنده، فلفظ الحق ورد في سورة الإسراء 4 مرات في الآية 33 و81 و105 مرتان، وليس في أي منها بمعنى القرآن، فالنتيجة التي توصل إليها والطريق التي سلكها لإثباتها غير صحيحين.
    10- تفسير قوله تعالى: (عليها تسعة عشر) [المدثر:30] بأنها عدد حروف البسملة، وأن اكتشاف هذا المعنى للآية سيكون فتنة للذين كفروا ويقينا للمؤمنين – كما ورد في الآية 31 – وهذا تفسير غير مقبول للآية لا تعين عليه اللغة ولا السياق، وهو تحكم وافتراض بعيد عن المنطق، ومما استدلوا به لتأكيد هذا المعنى أنه بعد نزول الآيات 1-30 من سورة المدثر نزلت سورة الفاتحة، أي بعد نزول (عليها تسعة عشر) نزلت البسملة، فكانت تفسيرا لها ، وهذا الافتراض خطأ ونتيجته كذلك خطأ، لأن ما نزل من المدثر أولا لم يتجاوز أول خمس آيات منها ، فإن الآيات التي بعدها تتوعد الوليد بن المغيرة وتتحدث عن موقفه من القرآن، فلا يتصور نزولها قبل الجهر بالدعوة وقبل حصول الحادثة المذكورة فيها، كما أن ترتيب نزول السور المعتمد عند معظم المؤلفين في الإعجاز العددي، يجعل ترتيب نزول السور هكذا: العلق، القلم، المزمل، المدثر، الفاتحة، المسد،... ، وهذا ترتيب غير مسلّم به وتعارضه أدلة عديدة ، أكتفي هنا بالإشارة إلى بعضها، فمنها ما ثبت في الصحيح أن نزول فاتحة سورة المدثر كان بعد نزول فاتحة سورة العلق ، وأن سورة المسد نزلت مع بداية الجهر بالدعوة كما ثبت في الروايات الصحيحة ، ولا يتصور أن لا ينزل خلال ثلاث سنوات تربى فيها السابقون الأولون من الصحابة على مبادئ الإسلام وأسسه سوى آيات لا تتجاوز الثلاثين، مع ورود روايات في السيرة تؤكد نزول سور وآيات غير ما ذكروه خلال تلك المدة .
    الافتراض الثاني: أن للإعجاز العددي في القرآن الكريم محورا وأساسا يرتبط برقم أو مجموعة أرقام، وأن لهذا الرقم أو لهذه الأرقام ميزات خاصة ودلالات عديدة، وأورد أصحاب هذا الافتراض لتأكيد كلامهم الكثير من المعادلات والحسابات المرتبطة بالأرقام التي يذكرونها والموصلة إلى نتائج متضافرة ومتشابهة، تؤكد بمجموعها وجود سر لهذا الرقم ودلالات ونتائج مرتبطة به، وبعضها له ارتباط وثيق بالواقع والمستقبل، وحاول بعضهم قصر البحث في الرقم الذي اختاره وقطع الطريق على من يرغب بانتقاء رقم آخر، فقال: "لم يجعل القرآن الكريم عددا من الأعداد موضوعا يفصل الحديث فيه إلا العدد 19" ، ومن هذه الأرقام المنتقاة ونتائج دلالاتها ما يلي:
    1- الرقم 19: وجه إلى هذا الافتراض نقد كثير يكشف أن الرقم 19 رقم مقدس عند طائفة البهائية وأنه يمثل سرها وشعارها، وبما أنها طائفة كافرة خارجة عن الدين فإن إشاعة الارتباط بين الرقم 19 والإعجاز العددي أمر ينبغي التصدي له ومحاربته، وقد قوبل هذا النقد باعتراض من آخرين يرون التفريق بين الإعجاز العددي المرتبط بالرقم 19 – وهو موجود وكثير من وجهة نظرهم – وبين البهائية، وأن الشخص الوحيد الذي طُعن فيه وثبت انتسابه إلى طائفة البهائية هو محمد رشاد خليفة، وأنه حاول تجيير نتائج بحثه لخدمة طائفته المنحرفة، وأن فعله هذا لا يستلزم ردّ مبدأ الإعجاز العددي المرتبط بالرقم 19 .
    وقد سبقت الإشارة إلى وجود أخطاء في عدد من هذه المعادلات والحسابات ، وبساطة وسطحية في بعضها ، وتكلف في بعض آخر منها، يدل على ذلك تغيير طريقة الحساب من الأول أو من الآخر، أو عد حرف ما وإهمال آخر إلى ما هنالك من الوسائل للوصول إلى النتيجة المعروفة مسبقا ألا وهي الصلة بالرقم 19، ومن الأمثلة على التكلف وتغيير طريقة الحساب والترتيب ما فعله مؤلف كتاب: "سر الوجود والرقم 19" في الفصل الرابع من كتابه: "الرسل والرقم 19"، ومن المغالطات التي فيه:
    ذكره عُزيراً ضمن قائمة الأنبياء المذكورين في القرآن ، ويبني على هذا الذكر أموراً عديدة، مع أن القول بنبوة العُزير قول ضعيف مخالف لجمهور العلماء .
    ذكر أنه عند ترتيب أسماء الأنبياء هجائيا فإن محمدا  يكون في الرقم 19ضمن القائمة، وطريقته في الترتيب الهجائي اعتماد الحرف الأول فقط، وفي حال تشابه الحرف الأول لاسمين أو أكثر فإنه يقدم الأقدم تاريخا، ولذا قدم موسى على محمد فأصبح رقمه في القائمة 19 وهو المطلوب، وعندما قام بترتيب أسماء الرسل حسب عدد مرات ورود أسمائهم في القرآن، فإن محمدا  يكون في المرتبة 19 أيضا، فالأول موسى (136 مرة) فإبراهيم (69 مرة) وهكذا، ويلاحظ أنه جعل يحيى (5 مرات) في المرتبة 18، ثم محمد وأحمد (5 مرات) في المرتبة19، وقدم يحيى عليه مع أنه يساويه في عدد المرات لأنه أقدم منه زمنا، ويمكن أن يقبل ما فعله لولا أنه أخّر ذكر يونس وجعله في المرتبة 20، مع أنه ذكر 4 مرات باسمه الصريح وبذي النون مرة فأصبح عدد مرات ورود اسمه 5 مرات ، وبما أنه أقدم زمنا من محمد  كان ينبغي تقديمه عليه، والأهم أنه كان ينبغي تقديمه على يحيى أيضا لورود لقبه (صاحب الحوت) في سورة القلم، فيكون عدد مرات وروده ست مرات، إلا أن هذا سيغير افتراضه ويقلب معادلته.
    وقد توصل المفترضون لهذا الافتراض إلى عدد من النتائج الخطيرة، سبق ذكر بعضها في الافتراض الأول، ومنها:
    زعم إثبات وصول القرآن الكريم إلينا متواترا دون زيادة ولا نقصان، والتدليل على ذلك بصحة جميع العمليات الحسابية والإحصاءات المرتبطة بالرقم 19، وهي بمجموعها تؤكد وصول القرآن إلينا سليما صحيحا خاليا من الزيادة والنقصان، إذ لو حصل فيه زيادة أو نقصان لاختل هذا النظام الدقيق ، ولن أدخل في تفاصيل الرد على طريقة التوصل إلى هذه النتائج، فقد ثبت حصول الخطأ عندهم في الحسابات ، مما يمكن معه أن تنسف هذه النتائج، أما مسألة تواتر القرآن فهي ثابتة ثبات الجبال الرواسي من قبل هذا الافتراض ومن بعده، وكلام الله تعالى ليس بحاجة إلى إثبات تواتره بهذه الطريق ولا غيرها.
    كما وقع أصحاب هذا الافتراض في أخطاء في العد، أو في تحريف له، وكان هدفهم التوصل إلى رقم من مضاعفات العدد 19، فذكروا أن عدد مرات ورود لفظ الجلالة في القرآن 2698 ، وهذا العدد من مضاعفات الرقم 19 (142×19)، ولكن حين عدها آخرون كانت 2697 ، أو 2699 ، مع ملاحظة أن عدّ موضع بسملة الفاتحة يوافق المذهب الكوفي والمكي من مذاهب العدد، وترك عده يوافق المذاهب الأخرى ، وهذا الاختلاف في العد دليل على وجود الخطأ عند بعضهم،أو تعمد الوصول إلى الرقم المتناسب مع الافتراض.
    وحسب إحصاء بعض العادّين فإن حرف نون ورد في سورة القلم 133 مرة ، وهو من مضاعفات العدد 19 (7×19) ، إلا أنه حسب إحصاء آخر بلغ عددها 131 نونا فقط ، وفي إحصاء ثالث بلغ عددها 148 وليسا من مضاعفات العدد 19، والغريب أن محمد رشاد خليفة عدّ النون في فاتحة السورة كما تلفظ لا كما تكتب، وزعم أنها كتبت هكذا في المصاحف العثمانية القديمة ، مع تصريحه في موضع آخر باعتماده على المصحف المطبوع في مصر، وأغرب منه أن بسام جرار فعل ذلك أيضا وقال بأنها كتبت في المصاحف العثمانية كما تلفظ (نون) ، ولم يوثق كلامه، وحسب اطلاعي فإنه لم ينقل قط رسم (نون) ولا غيرها من فواتح السور بغير الرسم العثماني المعهود .
    وعدّ أتباع هذا الافتراض كلمات أول ما نزل وهي الآيات الخمس الأولى من سورة العلق فكانت 19 كلمة ، في حين عدها آخرون فكانت 20 كلمة ، وسبب اختلافهم هذا أن منهم من عد (ما لم) كلمة واحدة، ومنهم من عدها كلمتين، واضطرب منهج بعضهم في عد (ما) مع ما بعدها فأحيانا تعدان كلمتين، وأحيانا تعدان كلمة واحدة .
    وذكر أحدهم أن مكونات الإنسان الواردة في القرآن مفردة أو مثناة 19، وهي: الأذن، الأنف، البطن، الدم، الرأس، الرجل، الروح، السن، الشفتان، الصدر، الظهر، العظم، العين، الفرج، الفؤاد، القلب، اللسان، النفس، اليد ، وفاته أن يعد: العنق أو الرقبة ، العقب، الكعبين، العضد، اللحية، اللحم، الوجه، وبذلك تختل قاعدة أنها 19 مكوناً، وتزول هذه النتيجة.
    2- افتراض أن للإعجاز العددي محورا وأساسا مرتبطا بأعداد تسمى الثوابت القرآنية وهي: 19 و29 و13 و23 و11 و17 وأن بين هذه الأرقام الثوابت ارتباطات ولها نتائج كثيرة وعظيمة، وصاحب هذا الافتراض ومكتشف الثوابت القرآنية مؤلف كتاب: "أسرع الحاسبين"، الذي استغرق منه سنوات، وضمنه أعدادا كثيرة من العمليات الحسابية الطويلة التي وصل بعضها إلى 234 و227 و156 خانة ، واعتمد في كتابه هذا تراميز خاصة به جعل فيها لكل حرف قيمة عددية، وبين للقارئ مفتاح الترميز الذي سار عليه، وكان أحيانا يجمع الأرقام التي يحصل عليها ثم يقسمها على الأرقام الثوابت التي اكتشفها، وقد يقسم معكوس الرقم بعد أن يقسمه أو بدل أن يقسمه، وقد يرصف الأرقام رصفا بدلا من جمعها ثم يقسمها أو يقسم معكوسها على أحد الثوابت، وأحيانا يبدو له أن يحسب قيمة الكلمة مرتين لمجرد أنه خطر له ذلك ، ووصل حسب ظنه بعد تجاربه الكثيرة إلى العديد من النتائج المؤكدة للثوابت العديدة التي اختارها، وبعض هذه النتائج فيه تكلف وعمليات حسابية معقدة ، وسبق ذكر بعض النتائج الخطيرة التي توصل إليها وردها.
    3- افتراض وجود إعجاز في مضاعفات العدد أربعة في القرآن الكريم، وذكر صاحب هذا الافتراض له أمثلة عديدة منها: أن ترتيب سورة القلم 68 وسورة الحاقة 69، وعدد آيات كل منهما 52، وعدد حروف الآية 52 أي الأخيرة في كل منهما 19، وفي كلتا السورتين علاقة وثيقة بين مضاعفات العدد 4 والعدد 19،منها: تريب سورة القلم 68 من مضاعفات 4 (17×4) وعدد آياتها كذلك 52 (13×4) وعدد تكرارات حروف النون فيها 148 (37×4) والميم 128 (32×4) الخ . وبنى على هذا الافتراض نتيجة كبيرة جدا وهي: "أن هذا الاتساق والتوازن بين السورتين ما هو إلا إعجاز للبشرية لن يستطيع أحد من البشرية على مرّ العصور أن يأتي بمثله . . . لقد ألهمني ورزقني الله علمه المكنون لكي أوضح للبشرية بأن هناك مضاعفات للعد 4 في القرآن الكريم وله علاقة في مضاعفات للعدد 9، 2، 3، 5، 6، 7، وإن العقل البشري قادر على أن يخترع ويكتشف أسرار الكون" ، ومفهوم كلامه أن هذه العلاقة بقيت سرا إلى أن اكتشفها هو وأماط اللثام عنها، ولا أدري ماذا سيفعل حين يتبين له أن بعض حساباته وإحصاءاته ليست صحيحة، ومنها أنه عد تكرارات حرف النون في سورة القلم فكانت 148 نونا، وعدها غيره بدقة متناهية حيث صنع جدولا أثبت فيه كل كلمة فيها حرف نون في السورة وأعاد العدَّ وكرَّره حتى اطمأن إلى النتيجة وهي أنها 131 نونا .
    أما الزعم بأن هذه العلاقات الرياضية بين الكلمات والآيات والأحرف معجزة وأن البشر لا يمكنهم الإتيان بمثلها، فقد نقضه أكثر من واحد، وأقاموا جملا عديدة بينها علاقات رقمية، مع تناقض معانيها وتعارضها ، فظهر عدم صحة زعمه في كشف أحد أوجه الإعجاز.
    4- افتراض وجود تناسقات بين العددين 18 و77، وبين العددين 33 و66 وذكر صاحب هذا الافتراض أمثلة عديدة تؤكد فرضيته، كما ذكر في كتابه العديد من المظاهر العددية في القرآن كالتساوي والتناصف والتوازن بين الآيات وسر حرف القاف في القرآن والحروف الغامضة .
    وقد بنى عددا من إحصائياته على أمور ظنية، ومن ذلك أنه أحصى عدد كلمات الآيات المدنية في السور المكية التالية، وهي: سورة هود مكية إلا الآيات12 و17 و114، سورة الحج مكية إلا الآيات 52 و53 و54 و55، سورة الشورى مكية إلا الآيات 23 و24 و25 و27، فوجد أن عدد كلمات الآيات المستثناة في كل سورة من هذه السور الثلاث 80 كلمة ، فبنى المسألة على أحد أقوال أهل العلم في المكي والمدني من الآيات، ولم يراجع الأقوال الأخرى التي تميل إلى عدم استثناء هذه الآيات من السور المذكورة أو إلى استثناء آيات أخر ، خاصة في سورة الحج التي رأى عدد من العلماء أن المدني فيها ليس هذه الآيات بل آيات القتال، والغريب أنه ذكر في موضع آخر ترتيب نزول السور وفيه أن سورة الحج مدنية ، فوقع في تناقض.
    وأتعب نفسه بإحصاءات لا تؤدي إلى نتيجة ظاهرة، ومن ذلك قوله: "إن في كل من سورتي المائدة والنور 23 آية تنتهي بالياء والنون" ، وجعله دليلا على أن توزيع الآيات والفواصل عمل إلهي لا اجتهاد فيه لأحد ولا يستطيعه بشر، ومن نتائج دراسته لسورة المؤمنون توصل إلى أن فعل الأمر (قل) ورد في السورة 7 مرات في الآيات: 29 و84 و86 و88 و93 و97 و118، وأن في السورة ثلاث آيات من هذه السبعة مجموع مقاطع كل منها من مضاعفات الرقم 4، وهي الآية 29 و84 و86 حيث كل منها مكون من ثمانية مقاطع، ثم قال: "وبناء على ذلك فإن هناك علاقة وثيقة بين ذكر (قل) 7 مرات في وحدة السورة، وبين مضاعفات العدد 4وهذه العلاقة محكمة" ، فإذا علمنا أن القراء اختلفوا في موضعين آخرين من فعل (قُل) في السورة ، انتقض هذا الافتراض ونتيجته.
    كما استنتج المؤلف علاقة بين حرفي النون والميم في السورة، فعدد آيات السورة 118، وكلها تنتهي بالميم أو النون، وعدد الآيات المنتهية بالنون منها 114، والمنتهية بالميم 4، وكلها من مضاعفات العدد 4، وبعضها من مضاعفات العدد 19 (114= 19×6) وعلق على ذلك بقوله: "وفي الواقع ما هذا إلا اجتهاد لربط الحروف مع بعضها البعض، وهذا التنسيق والترتيب قد جاء على أساس نظام عددي محكم، وأمامنا بحر من المعجزات القرآنية لا يستطيع عقل بشري أن يحصيها ولا الحاسبات الإلكترونية مهما بلغت من التطور والتكنولوجيا ولا أن تعرف سر الخالق في نظامه العددي الذي لا يعلمه إلا هو" ، وللأسف فإن هذا العلاقة ستزول وستنتهي نتيجتها أمام حقيقة اختلاف علماء العدد في عدد آيات السورة، فهي 118 حسب العدد الكوفي والحمصي، و119 عند الباقين حيث عدوا: (وأخاه هارون) [من الآية:45 حسب العدد الكوفي] آية ، فيصبح مجموع الآيات المنتهية بالنون عند غير الكوفي والحمصي 115 آية.
    5- افتراض وجود معجزة رقمية في سباعية وثلاثية أوامر القرآن الكريم، فمعظم أوامر القرآن تكررت سبع مرات أو ثلاث مرات أو مرة، ومن الأمثلة التي أوردها صاحب هذا الافتراض تكرر الأمر بطلب الإيمان في القرآن الكريم بصيغة الأمر أربع عشرة مرة، منها سبعة لأهل الكتاب عامة، وثلاثة لمشركي قريش، وواحدة للمنافقين، . . . وورد الأمر بلفظ (اعبدوا) عاما في القرآن ثلاث مرات، ومرة للمؤمنين تحديدا، وورد الأمر بالوقاية من النار ثلاثا، والأمر بالسجود لله سبعا، والأمر بالتقوى بعد نداء المؤمنين سبع مرات، وبعد نداء الناس ثلاث مرات...
    ويرى صاحب هذا الافتراض أن هذه التكرارات إحدى معجزات القرآن الكريم، دون أن يبين وجه كونها معجزة، ومن ذلك قوله: "معجزة خطاب الضالين من قريش ودعوتهم إلى العبادة ثلاث مرات" ، وقوله: "معجزة دعوة الأنبياء أقوامهم إلى عبادة الله بصيغة الأمر ثلاث مرات ما عدا إبراهيم لسر ستعلمه" ، وعندما وجد في بعض الأوامر خروجا عن هذين الرقمين عد ذلك إعجازا أيضا، فقال: "معجزة سداسية أمر الوفاء بالعهود ونحوها، وسداسية أمر الوفاء الكيل والميزان" ، فلم تعد المعجزة محصورة في الأوامر السباعية والثلاثية، فأي رقم يوجد فهي المعجزة المفترضة والمتوهمة!
    ومما يستدرك عليه أنه جعل عدد الأوامر بذكر الله سبعا، ولم يعد منها موضع سورة النساء وهو: (فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم ...) [النساء:103]، وعلل سبب استثنائها بأن المراد بالذكر فيها الصلاة، ولذا أخرجها عن العدد ، مع أنه واضح من لفظ الآية أن الذكر المأمور به فيها الذكر بعد الصلاة وليس الصلاة ، كما أنه لم يعد ضمن مواضع الأمر بذكر الله قوله تعالى: (فاذكروا اسم الله عليها صواف) [الحج:36]، وكان بإمكانه أن يعد هذين الموضعين ويجعل المعجزة في كونها تسعة أوامر!
    6- افتراض إعجاز للرقم 123: حاول مؤلف كتاب "إعجاز الرقم 123 في القرآن الكريم" التدليل عليه، إذ قال إن الخُلق العظيم للنبي  ذكر في آيات بلغ عدد حروفها 246 (123×2) وهي: (ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك لأجرا غير ممنون وإنك لعلى خلق عظيم) [القلم:2-4]، 52 حرفا، (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) [الأعراف:199]، 32 حرفا، (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) [فصلت:33و34]، 122 حرفا، (والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم) [يس:2-4] 40 حرفا ، وقد وقع هذا الكاتب في خلل انتقاء بعض المواضع، وتقطيع الآيات متصلة المعنى، مع عدم تعلق بعضها مباشرة بالمراد، وترك ذكر العديد من الآيات التي تذكر الخلق العظيم للنبي .
    7- افتراض الإعجاز بين تكرارات الكلمات أو الأحرف وأعدادها وتناسقها أو تقابلها، ومن هذه الافتراضات التساوي في عدد مرات ورود كل من لفظي: الحياة والموت 145 مرة، وكل من لفظي الدنيا والآخرة 115 مرة، وكل من لفظي الصالحات والسيئات 167 مرة، وورود كلمة الأبرار 6 مرات بينما وردت كلمة الفجار 3 مرات ، ولا ينبغي عد هذا التساوي أو المضاعفة في عدد مرات ورود الألفاظ المتقابلة إعجازا، حيث لا يعجز أحد الكتاب أو الشعراء أو الأدباء أن يراعي التساوي في ورود أسماء متقابلة أو ألفاظ معينة، فإذا ظهر له التفاوت بينها زاد جملة أو نقص أخرى، أو حوّل الاسم الظاهر إلى ضمير أو عكس ذلك حتى يصل إلى بغيته، ومما يؤخذ على هذا الافتراض إقحام ألفاظ لا ينطبق عليها مبدأ العدّ وذلك للوصول إلى العدد المراد، ومن ذلك أن كلا من لفظي الدنيا والآخرة ورد في القرآن الكريم 115 مرة ، ومع أن العدد صحيح إلا أن لفظ الدنيا لم يكن بالمعنى المقابل للآخرة في جميع هذه المواضع كما في قوله تعالى: (إذ أنتم بالعدوة الدنيا) [الأنفال:42] وقوله: (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح) [الملك:5].
    ومن ذلك ما فعله أحدهم من تبيين العلاقات بين عدد حروف بعض الآيات وكلماتها ونوعية الحروف ومجموعها المتسلسل، فذكر قائمة فيها 13 آية، كل آية منها مكونة من 5 كلمات، ومجموع حروفها –بإسقاط المكرر - 12 حرفا، ثم عدد حروف الآية الأولى بالمكرر 17 والثانية 18 والثالثة 19 حتى يصل إلى 29، ثم قائمة أخرى عدد كلمات كل آية منها 6، ومجموع حروفها بإسقاط المكرر12، ومجموع حروف الآية الأولى بالمكرر 21 والثانية 22 وهكذا حتى يصل إلى 29، ثم مجموعة ثالثة كل آية منها مكونة من 6 كلمات، عدد حروفها بإسقاط المكرر 14، وعدد حروف الآية الأولى بالمكرر 21، والثانية 22، حتى يصل إلى 32 وهكذا .
    وكان باعثه على تأليف كتابه وإيراد هذه القوائم إثبات الإعجاز من خلالها، فقال: "سأثبت لك بالحقائق وإن شئت فقل بالبديهيات أن آيات هذا القرآن العظيم محكمة في شكل قاعدة غير مستطاعة لأحد من البشر، سآتيك بشيفرة القرآن، فيه سر، هذا من أسراره العجيبة، لقد استخدم الله جلت قدرته في هذا القرآن العظيم شيفرة معينة لترتيب آياته تأليفها يظل من المستحيل علينا فك رموزها ما لم نعرف الطريقة التي بنيت بها هذه الآيات القرآنية المعجزة" .
    ويعد أحيانا من آخر الآية إلى أولها، ووقع منه أخطاء في هذا العد، وبنى عليه نتائج ظنها مذهلة .
    ويُلحَظ على عدد من الكاتبين السابق عرض افتراضاتهم أمر مشترك وهو عدم الالتزام بطريقة واحدة في التعامل مع الأرقام، فأحيانا الجمع أو القسمة أو العد من الأول أو من الآخر أو رصف الأعداد أو قلب الرقم ليصبح أوله آخره، وقد سبق التمثيل لهذا الخلط في طريقة التعامل مع الأرقام، ومنه قيام بعضهم بتحويل خانة العشرات إلى خانة آحاد، حين يحتاج إلى ذلك، فإذا أراد جمع الأرقام التالية: 1، 23، 23، 26، جعلها أرقام آحاد جميعا، ومجموعها 19 (1+3+2+3+2+6+2) ، وفي موضع آخر عندما أراد جمع الأرقام التالية: 19، 38، 57، 76، 95، 114 جمعها بالطريقة المعتادة ، وقد يجمع بين الطريقتين في صفحة واحدة ، وهذا اختلال وتضارب في طريقة الوصول إلى الهدف، يفتح الباب لنقد العمل ورده.

  3. #3
    الصورة الرمزية عدنان أحمد البحيصي شهيد العدوان على غزة 2008/12/27
    تاريخ التسجيل : Feb 2003
    الدولة : بلد الرباط (فلسطين)
    العمر : 41
    المشاركات : 6,717
    المواضيع : 686
    الردود : 6717
    المعدل اليومي : 0.87

    افتراضي

    المبحث الرابع
    انتقاء المعلومات والمواضع والألفاظ
    جرت العادة في البحوث العلمية والمؤلفات أن يسير الباحث والكاتب على مبدأ معين يلتزم به في جميع البحث ويسير وفقه، ويعد هذا الأمر من بدهيات وثوابت البحث، وعليه فما وقع فيه بعض الباحثين في الإعجاز العددي من انتقاء المعلومات والسور والأماكن والكلمات والحروف، ليطبق قاعدته على حروف و كلمات محددة وسور معينة ومواضع منتقاة،أمر غير مقبول وغير جائز، ويعد هذا التصرف مأخذا كبيرا عليهم، وقد كانت هذه الظاهرة واضحة جدا في عدد من هذه المؤلفات.
    فقد يعمد أحدهم إلى انتقاء كلمة أو كلمات معينة من السورة يقيم عليها دراسته وبحثه دون أن يعلل سبب انتقاء ما انتقاه وترك ما تركه ، وقد يسقط أحدهم من السياق حرفا أو أكثر ليتوافق العدد الباقي مع النتيجة المطلوب الوصول إليها، ومن ذلك أن أحدهم حين عد الحروف في قوله تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام) [آل عمران:19] أسقط منها (إن) ليبقى عدد حروف العبارة 19 حرفا، وليكون متناسبا مع رقم الآية ، وبهذا الحذف سيبقى لفظ (الدين) منصوبا بلا ناصب، أو سيغير حركته إلى الرفع فيحصُل في الآية تغييران، كل هذا ليصبح عدد حروف العبارة 19 حرفا فيتفق مع رقم الآية، فإذا علمنا أن رقم الآية مختلف فيه بين علماء العدد، وأنها الآية 18 في العدد الشامي ستختل الموازنة التي أرادها المؤلف، كما أن العبارة التي عدّ المؤلف حروفها وأسقط منها (إن) تشكل جزءا من الآية 19، فما موجب عدّ بعض الآية وترك بعضها؟
    ووصل الأمر ببعضهم إلى انتقاء آيات معينة دون غيرها، أو اختيار موضع ما دون غيره، وذلك لأن ما انتقاه يتناسب مع ما يريد إثباته من نتيجة سبق له افتراضها، ولذا فلا بد من الانتقاء لإثباتها، وهذا ما فعله أحدهم حين ذكر أن قصة سليمان ذكرت في سورة ص من الآية 34 إلى 40 وعدد كلمات هذه الآيات 53 كلمة، تقابل 53 سنة التي عاشها عليه السلام، وأن قصة صالح ذكرت في سورة الشعراء من الآية 141 إلى 152 وعدد كلماتها 58 كلمة، وكل كلمة منها تقابل سنة من سني حياة صالح عليه السلام ، والانتقاء في هذا المثال ظاهر جدا، فقصة صالح وردت في سور أخرى منها الأعراف وهود والقمر والشمس، والآيات التي أحصى كلماتها لا تشكل كل القصة فما زال أمامنا سبع آيات لنهاية القصة، والكلام نفسه يقال بالنسبة لسليمان عليه السلام إذ وردت قصته في سور أخرى كالأنبياء والبقرة والنمل، وقصته في سورة ص تبدأ من الآية 30 وليس 34، وهذا الاجتزاء منه في الموضعين للوصول إلى النتيجة المعلومة عنده سلفا وهي التوافق مع مدة عمر كل منهما، وهي معلومة مختلف فيها، فلم يثبت يقينا العمر الذي ذكره لهما .
    ومن الأمثلة على الانتقاء عند أحدهم عدّ ألفاظ معينة من الآية، وترك ألفاظ أخرى منها، ومن ذلك أنه عد حروف (يا أيها الرسول) وحروف (يعصمك من الناس) [المائدة:67] فبلغ كل منهما 12 حرفا، وعدّ حروف عبارة: "علي بن أبي طالب" فبلغت 12 حرفا، وحكى إجماع الشيعة أن هذه الآية نزلت في ولاية علي ... ، وكأنه يريد تأكيد هذا المعنى من خلال مجموع حروف العبارات الثلاث، والغريب أنه عد (يعصمك من الناس) وهي جملة خبرية دون أن يعد المبتدأ معها، وهو لفظ الجلالة (والله)، كما أنه لم يعد بقية ألفاظ الآية، وكان يمكنه أن يأتي بالعديد من العبارات المكونة من 12 حرفا يفسر بها الآية مثل: "بقدرته وعظمته" أو: "فلا يصلوا إليك"، ولكنه أراد تثبيت القول الذي يرجحه في تفسير الآية، وهو خلاف ما قال به كثير من المفسرين .
    وحين افترض أحدهم وجود علاقة للنبي  بسورة مريم عدّ مرات خطاب النبي  في سورة مريم التي تحمل الرقم 19 حسب ترتيب السور فكان 19 مرة، وإحصاؤه ناقص أو انتقائي، حيث يوجد في الآيات التي أوردها خطابان لم يعدهما، ففي الآية 65 عدّ (فاعبده) الخطاب رقم 20 ولم يعد (واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا)، وتوجد خطابات أُخر لم يعدها مثل ما في الآية 68 (فوربك..)، وبهذا الاستدراك انتقضت فرضيته وألغيت نتيجته التي أراد الوصول إليها، مع أنها مسألة ليست ذات أهمية فعلاقة النبي  وثيقة بجميع السور ولا حاجة لتخصيص بعضها بعلاقة دون بعض.

    من نتائج البحث
    1- إن ما بين الأعداد المذكورة في القرآن الكريم من توافق وانسجام، وما فيها من إشارات ودلالات، وما بين ألفاظه من مساواة في العدد أو علاقات حسابية ظاهرة أو بحاجة إلى تأمل واستنباط، وما بين الأحرف المقطعة في أوائل بعض السور وحروف سورها، وما بين حروف متعددة في السور من علاقات وطيدة، كل هذا وما يشبهه يعد مظهرا من مظاهر التناسق والتوافق والانسجام في هذا الكتاب العظيم الذي تميز بالروعة والإحكام، ودليلا قويا على أنه كلام الله تعالى المحفوظ من التبديل والتغيير على مر العصور، وليس وجها مستقلا من وجوه إعجازه، ولذا ينبغي أن تعدل تسميته من الإعجاز العددي، إلى التوافق العددي، أو التناسب العددي في القرآن العظيم.
    2- ينبغي على كل من أراد البحث والتأليف في تناسق الأعداد ومدلولاتها أن يكون عالما بأوجه القراءات ومذاهب الرسم وعد الآي، ليراعي ما فيها من أوجه ومذاهب، وتأثيرها على أعداد الحروف، وأن يبتعد عن الانتقائية والمقررات السابقة، وعن المبالغة وتحميل الألفاظ والأرقام أكثر مما تحتمل، وأن يلتزم بمنهج البحث السليم، وأن يعرض نتائج بحثه ودراسته قبل نشرها على من يوثق به من أهل العلم في القرآن الكريم.
    3- وقعت أخطاء عديدة ممن كتب في ما يسمى الإعجاز العددي تتفاوت في خطورتها وعظمها، ومنها: استخدام حساب الجُمَّل لاستخراج دلالات وإشارات ومعان من الآيات، والتوصل إلى أقوال غريبة في التفسير، وادعاء التوصل إلى معلومات غيبية مستقبلية، والزعم باكتشاف أسرار القرآن الخفية وألغازه المستترة، وافتراض وجود منزلة خاصة أو دلالات لبعض الأرقام المذكورة في الآيات أو المستنبطة من ألفاظها، ولذا ينبغي الحذر الشديد عند التعامل مع المؤلفات في هذا الموضوع، والتيقن من صدق النية، وصحة التوجه والأمانة العلمية ووجود العلم الشرعي الذي يعصم من الوقوع في الزلل عند مؤلفيها، دون اغترار بما تحمله العناوين والمضامين من عبارات براقة جذابة.

  4. #4
    الصورة الرمزية د. عمر جلال الدين هزاع شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2005
    الدولة : سوريا , دير الزور
    العمر : 50
    المشاركات : 5,078
    المواضيع : 326
    الردود : 5078
    المعدل اليومي : 0.75

    افتراضي

    جزاك الله خيراً لنقل هذا المقال
    وفتح هذه النافذة
    سأقرؤها بتمعن
    ثم نتحاور إن شاء الله
    خالص الود
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    الصورة الرمزية عدنان أحمد البحيصي شهيد العدوان على غزة 2008/12/27
    تاريخ التسجيل : Feb 2003
    الدولة : بلد الرباط (فلسطين)
    العمر : 41
    المشاركات : 6,717
    المواضيع : 686
    الردود : 6717
    المعدل اليومي : 0.87

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. عمر جلال الدين هزاع مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيراً لنقل هذا المقال
    وفتح هذه النافذة
    سأقرؤها بتمعن
    ثم نتحاور إن شاء الله
    خالص الود

    د.عمر
    ما أسعدني بمرورك

    وأنتظرك

  6. #6
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.84

    افتراضي

    البحث طويل
    لذا سأسير معه خطوة خطوة


    قوله


    عدم التوسع في التفسير العلمي ومراعاة الشروط التي نص عليها العلماء لمن يرغب في التفسير العلمي، ومنها: عدم التكلف في التفسير للتوصل إلى موافقة الآية للحقيقة العلمية، وعدم الدخول في التفاصيل العلمية الدقيقة، وعدم الخوض في القضايا الغيبية


    اراه متناقضاً
    لان العلم هو غيب على الحقيقة وماكان غيبا ً لنا قبل سنوات فهو حقيقة اليوم

    اما ان كان الباحث يقصد الغيبيات الدينية كالجنة والنار والقيامة فانه اولى ان نتوجه الى مباحث علم الروح والذي بدأ يرسم معالمه في الغرب بصورة تجعله يقترب من مقرراته وبراهينه لماهو مسطور عندنا في الكتاب المجيد

    ارى هنا
    ان نبالغ في قراءة ماتنتجه لنا مخابر العلوم وهي تكشف لنا غيب السمو الانساني خصوصا ً ان الغرب كان قد اسقط من حساباته العلمية كل الغيبيات الدينية واليوم عاد اليها

    مؤخرا قرأت للبرفسور هوستن سميث وهو استاذ جامعي في كالفورينيا كتابا ً هاما ً اسمه

    لماذا الدين ضرورة حتمية

    ووجدت فيه مبحثا هاما ً يقر مااقوله هنا


    \


    تقبل بالغ تقديري
    الإنسان : موقف

  7. #7
  8. #8
    الصورة الرمزية د. عمر جلال الدين هزاع شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2005
    الدولة : سوريا , دير الزور
    العمر : 50
    المشاركات : 5,078
    المواضيع : 326
    الردود : 5078
    المعدل اليومي : 0.75

    افتراضي

    وبعد أيها المكرم
    لقد نقلت لنا هنا
    مقالة رائعة أشار كاتبها - جواه الله خيراً - إلى شروط البحث
    وأساسياته
    وخطورة التفسير الاعجازي للقرائن العددية والرياضية في خفايا الذكر الكريم
    وقد أجدتما تأليفاً
    ونقلاً
    فبارك الله بكما

  9. #9
  10. #10
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Apr 2007
    الدولة : سرنديب
    المشاركات : 31
    المواضيع : 3
    الردود : 31
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    إم لم تخني الذاكرة بدأت حكاية الإعجاز الديجيتال في القرآن الكريم من بعض مخرفي القرن التاسع الهجري!! لعلني قرأتها في أحد مصنفات الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار,

    البشر ونتيجة للانحطاط الفكري والاخفاق العلمي, تلجأ لهواجسها ووساوسها, وتنقلها حتى الى كتاب الله بعد ان سقطت هيبته في نفوسهم, ولم تعي مقاصده قلوبهم,

    ومن يتغنى بتطور العلم ((الروحي)) عند الغرب, ففاقد الشيء لايعطيه, والسقيم لايعالج المريض مثله, وهل ستقنع روحانيتهم أحد خبراء الفلك لديهم ان السماوات سبع, لا واحدة!!

    إذا كان كتاب الله نزل به الروح الأمين وفيه الشفاء, فلماذا نذهب بأرجلنا للجاهلية عن طواعية!!
    تواصيف أعطان جماجم رسمت دموع سواجم, على الخد تجري, والعمر يجري, وذاك في قبره يقول: هاء! هاء! لا أدري!! حالة يرثى لها, منهم فررت لكيلا أكتب الا لها!!

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. ضلالة مقولة تقديم الأسد كرمز للرّجولة والشّهامة على الإطلاق
    بواسطة فكير سهيل في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 17-12-2015, 09:07 PM
  2. قال السفيه مقولة فلتسمعوا ..!
    بواسطة تامر عمر في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 20-02-2013, 11:32 PM
  3. العودة إلى الله (دراسة نقدية أدبية )
    بواسطة عدنان أحمد البحيصي في المنتدى مُنتَدَى الشَّهِيدِ عَدْنَان البحَيصٍي
    مشاركات: 27
    آخر مشاركة: 07-11-2008, 11:22 PM
  4. حول مقولة ديكارت "أنا أفكر إذن أنا موجود"
    بواسطة حسن عبدالرحمن آلحسين في المنتدى التَّفكِيرُ والفَلسَفةُ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 26-11-2006, 04:25 AM
  5. وقفات مع الإعجاز العددي
    بواسطة عدنان أحمد البحيصي في المنتدى مُنتَدَى الشَّهِيدِ عَدْنَان البحَيصٍي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 22-08-2006, 02:42 PM