أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أبحاث المؤتمر السابع بديرب نجم " 3" الرواية " أ "

  1. #1
    الصورة الرمزية علاء عيسى قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jun 2006
    العمر : 54
    المشاركات : 1,651
    المواضيع : 95
    الردود : 1651
    المعدل اليومي : 0.25

    افتراضي أبحاث المؤتمر السابع بديرب نجم " 3" الرواية " أ "

    الروايــــــــــــة

    (1) مكاشفات البحر الميت " لأحمد عبده "
    رؤية روائية ... تتفاعل مع الماضى ..
    وتلتقى بالحاضر .. وتتطلع إلى المستقبل

    الأستاذ الدكتور / على عبد الوهاب مطاوع
    رئيس قسم الأدب والنقد بجامعة الأزهر

    سوف يظل النص الأدبى فى نظر دارسيه - خاصة – ذلك البناء الهرمى المحير لناقديه ، لما يشتمل على رؤى واتجاهات ودلالات ربما يخفى بعضها ويظهر الآخر بتدفق ، وربما العكس . فيتيح ذلك فرصة كبيرة لدرس هذا النص من مناحٍ مختلفة ، وللتعمق فى قراءة بنائه اللغوى من عدة أوجه ، ولايعنى هذا أن نغفل أو نهمل حقيقة التعامل النقدى- الذى يحسب أن يُتَّبع – من الوقوف أولاً عند الوجه الجمالى الذى يمثل طبيعة النص المبدع بوصفه ممارسة لغوية جمالية متميزة .. وإن تحول الشكل التعبيرى اللصيق بالواقع الاجتماعى المعيشى بكل أنماطه وتياراته واتجاهاته ، والمنبعثة منه ، إلى تقنيات وأنماط روائية تستطيع من خلالها أن تحوى واقعاً جديداً مغايراً افتقدته وهمشته كتاباتٌ أخرى معاصرة
    وهو سعى ظهر جليا فى " مكاشفات البحر الميت " لكاتبنا أحمد محمد عبده ، عبر روايته التى تمردت على مسالك القص التقليدى ، مستبدله بها سياقات أخرى شكلتها ثقافة عالمه الواقعى الذى يعيشه برؤاه المتباينة مع مزج فنى بارع ، واحتفاء مخلص بينابيعه التراثية من قرآن كريم وسنة نبوية شريفة ومأثور ومثل وحكمة وموروث شعبى قديم ومعاصر .
    وقد عرف أحمد عبده بهذا السعى الحثيث نحو خلق قصصى جديد منذ تسلقه " الجدار السابع " (1) مروراً بـ " نقش فى عيون موسى " (2)، ومراوغته " ثعالب فى الدفرسوار " (3) ثم " كلاب الصين " (4) وصولا إلى تركه للظاهر وطلبه الباطن " فاصرف الخاطر عن ظاهرها ، واطلب الباطن حتى تعلمها " .. حيث روايته الأخيرة موضع هذه الدراسة " مكاشفات البحر الميت " (5) التى تفوق فيها كاتبنا حينما راح – بوعى وحذر شديدين – يحاكى الواقع المعيشى من خلال سياحة بطله " ابن حتحوت " فى الملكوت ومعاينة النفس ، ومشاهدة الخلقوت ، ممتطياً ظهر ذلك الحوت المستدير .. الضخم .. الأبيض ، وذلك عبر محاكاته التقنية للنص التراثى ، على نحو مانرى فى أعمال بعض كتاب الستينيات أمثال : صنع الله ابراهيم ، مجيد طوبيا ، محمد جبريل ، جمال الغيطانى ، محمد مستجاب ، وغيرهم " ممن لا يعارضون نصوصاً من أجل محاكاتها ، بل من أجل تحويل المعارضة إلى وسيط بين المنتج والمرجع ، ينظم أفعاله ، ويقيه الميلودراما ، ويثرى قصته"(6) .. وهو أمر يتضح جليا فى تنامى عناصر التشكيل القصصى واستمرارها فى لحمة النص ، بحيث نستشعر ونحن نصحب الكاتب فى حكيه – تطورا جماليا واعيا , يكون نابعا من واقعه الثقافى , والاجتماعى , والعقدى , وكذلك المحلى والأممى ..
    حيث نراه يسير على هذا النحو فى تشكيل روايته , ونسج أحداثها , متحركا بين عدد من الشخصيات – لم يسمها – وإن تفرد صوت البطل الرئيس "ابن حتحوت" الذى لم نعدمه عبر السرد القصصى فى الأمكنة والعوالم العديدة المختلفة , والأزمنة المتباينة ؛ متحدثا إلينا على لسان بطله من خلال بؤر متعددة للسرد , والرؤيا , والرصد الدقيق عبر الوصف الفنى فى تلك اللوحات / المنقلبات , أو المشاهد السياحية السبعة للبطل "ابن حتحوت" القناع أو المعادل الموضوعى لوجه البطل الحقيقى : الكاتب أحمد عبده !! الذى غدا هو الآخر بحدثه الروائى هنا معادلا موضوعيا (7) لقضية , بل لقضايا مزمنة شائكة أراد أن يطرحها على مجتمعه بطريقته الخاصة "فى شكل فنى" , وهو ما تستشعره فى هذا الهم / أقصد هذا السرد التلخيصى :
    "راح النداء يتردد ما بين جدران وحوائط الخلوة "
    يابن حتحوت .. حوت .. حوت .. ووت .. ووت .. وت .. وت
    أنت مسافر الي الملكوت ..كوت ..كوت .. ووت .. وت ..
    زادك الهم, ومطيتك ظهر حوت .. حوت .. ووت .. ..وت ..
    رجف قلبي , وترجرج كبدي , وارتعشت اطرافي , ونملت شغافي , واصطكت أسناني , ورقصت سيقاني , فأعرت سمعي , وقلبت وجهي في فراغ الخلوه ..
    أي ملكوت سوف اسافر اليه؟ / واي هم ذلك الذي سيكون زادي؟
    يبدو أن الهم مكترب على جبين كل من يحمل على كتفه "فناطيس" دموع العالم !!
    فما استرحت يوما بعد الذى عانيته تحت شجرة النبق العتيقة فى بادية الصحراء , فكوا القيد الحديدى من قدمى , وأحكموا حول معصم الروح قيدا آخر !!
    جدران الخلوة راحت تتردد ورائى .. (إنا لله .. لاه .. لاه .. لاه .. لاه .. هاه .. هاه .... وإنا إليه راجعون .. عون .. عون .. عون .. وون .. وون .....) (8)
    ثم هنا السرد الفنى المكثف الذى يسجل هما كبيرا يحمله الكاتب / بن حتحوت , لكن عبر جمل قصيره النفس طويلة الامر , مغلفه بلغه فلسفيه محلاه بفكره صوفيه , لا تنبع فلسفتها من تكثيفها فحسب , ولكن أيضا من وضع الجمل المتتالية فى سياق سردى لغوى منطقى , يقربنا من بؤرة الهم الذى يعانيه الكاتب / بن حتحوت ومن على شاكلته .. الباحث عن الحقيقة .
    "للحقيقة مستقر .. وللمستقر أبواب .. وللأبواب طرق .. وللطرق فجاج .. وللفجاج أدلاء .. وللأدلاء زاد .. وللزاد أسباب" .. (9)
    وقد نتج عن هذا البناء الفنى ثراء زاوية الرؤية السردية , وثبوت اتساع حدقة الكاتب وقدرته على إيجاد النظرة الشمولية المتنوعة كما ينقلنا بقدراته الفنية المتميزة , وطاقاته التعبيرية التى تحتاج منه إلى وقفة فى أعماله المستقبلية , وإيحاءاته الرمزية الموفقة إلى حد كبير من العوالم السردية الضيقة المغلقة حيث الخلوة , إلى العوالم الآخرى الرحبة المفتوحة..
    مهمته الكبرى وسياحته الممتدة التى يصبح فيها المكان / الكشف – بكل ما يبوح به – قاعدة محورية فى السياق الروائى .
    ويبدو هذا جليا فى إلحاحه على أداة الكشف فى معظم متقلبات الرواية : حيث نصحبه فى "منقلبه الأول" لمعاينة النفس , ومشاهدة الخلقوت , ونجلس معه فى الخلوة لنكتشف معه حقيقة هذا النداء وغايته : "يابن حتحوت .. حوت .. حوت .. حوت .. ووت .. ووت .. وت .. وت أنت صائر إلى الملكوت .. كوت .. كوت ..كوت ...ووت .. ووت , ونستلهم من شخصيته الجرأة فى السؤال : لكننى تجرأت وتساءلت :
    - زاد السياحة أم زاد الرحيل ؟
    - بل هو زاد السياحة
    - إذن فمدد ربى يكفينى .(10)
    وكذلك نعانى معه معاناته فى تطوافه بنا فى دروب فكره ورؤاه فى المتقلب الثانى "الدوبلير" الذى يقوم على المونولوج الداخلى والذى ينقل لنا صراع "ابن حتحوت" فى الحياة مع الدكان , والخلوة , والناس ومحاولة اكتشافه البديل الذى يشبهه ليتفرغ لسياحته الكبرى فى الملكوت "رجلا يذكر من قلبه , يجأر من فؤاده , يتبتل من شغافه , لسانه ريشة على وتر الابتهال , وروحه قمر فى قضاءات القرب والجلال "(11) , ونتألم معه وهو يتعرف على وقائع الخصى وانعدام الفحولة عند الرجال فى "المنقلب الثالث" الذى انخرط - فيه – النساء فى طلب الخلع والتطليق من "ظلال الحوائط" .. وكانت المرأة لا تستحى أن تقول فى حيثيات مطلبها – بأن هذا المحسوب علىَّ رجلا – لو أنه وضع معى داخل قميص نومى ما تحركت فى جسده نبضة رغبة .. أو نزوة إشتهاء !! "(12)
    وهو منقلب – وإن ضج بلغة الأدب المكشوف الذى لا نرتضيه لأديب مسلم مثل أحمد عبده يأتى كثيرا ملتزما – فى إبداعه بالتصوير الإسلامى الرحب – إلا أنه جاء كشفا صريحا لهذا العالم الذى الذى سلكه الكاتب / البطل / بن حتحوت فى سياحته الكشفية , إنه عالم المحمول .. عالم الكلاب والقطط , والتوحش الجنسى العلنى على الفضائيات , حتى أصبح كل شئ فيه من حولنا "يتفزر أنوثة ورقة ورهافة .. فتيات بيضاوات .. صفراوات .. شقراوات .. خضراوات .. حمراوات .. خمريات .. بنفسجيات .. مشفوطات بسرنجات الرشاقة , والوسامة , والرقى , والشمشمة , والنمنمة . تأود خفيف .. شفيف .. رهيف .. عنيف !! فى رقة أوراق البنفسج , وتوحش أشواك الأنوثة , مسبلات العيون , فاغرات الأفواه , سائلات اللعاب , هائجات الشعر والشعور "(13) . وعلى الجانب الآخر : "أصداغ الرجال ملساء , وشعورهم مرسلة ومهدلة على أكتافهم وظهورهم .. ضحكاتهم طويلة وناعنة وممتدة .. ياى "(14) ..
    إنه عالم – كما صنفه ابن حتحوت فى مكاشفاته – مفاعل نووى .. وإمرأة !! , حتى المحصلة .. يسمونها قنبلة , والحياة .. أنثى راقصة .. !! . ومثل هذا الكشف إنما هو إدانة من الكاتب / البطل / لواقعه الذى افتقد الرجولة / الفحولة / البطولة , وضج بالأنوثة الرخيصة التى مآلها كما ذهب ابن حتحوت "القبح والدمامة والعفن والعطن"(15) . ومع هذه المأساة وهولها لا نستطيع أن نبرح ابن حتحوت فى سياحته منفردا فى عوالمه الرحبة الممتدة , حيث نشاركه المشاهدة الدقيقة للنفق الأخضر فى "منقلبه الرابع" بحثا عن الفحولة التى افتقدها واقعه المنكسر !! .
    ويتنامى شعور ابن حتحوت بالوصول إلى الحقيقة فى "المنقلب الخامس" الذى يسافر فيه البطل إلى عوالم مجهولة عبر رحلة كشفية "على ماء الشمس" ممتطيا ذلك الحوت المستدير , الضخم , الأبيض الذى عبر به السهول والوديان متجها صوب الجنوب حيث تناطح أمواج الخليج الهادر عن شماله , وتلك المرأة الغجرية " .. عريضة المنكبين .. طويلة الساقين .. وارمة النهدين .. ثمينة الوركين , متكورة الردفين "(16) والتى تشكل شاطئ النهر على هيئتها بعد أن مددت جسدها بطول الشاطئ وخرج عليها من الماء خنزيرا أبيض هجم عليها , برك فوقها , وانهمك يضاجعها(17) !! لكن ابن حتحوت لم يتمكن من الدفاع عنها أو إنقاذها من بطشه وسطوته "تسلم يا رب تسلم .." أينما زحفنا كانت المرأة بطول الشاطئ , والخنزير يضاجعها , أنظر لنفسى بحسرة , ورأسى تقترب من صدرى !!(18) , إنه الواقع العربى المؤلم , فالمرأة التى تمددت بطول الشاطئ إنما هى رمز للأمة العربية التى يتوركها حفدة القردة والخنازير اليوم / الكائن الصهيونى . والبطل بن حتحوت الذى اقتربت رأسه من صدره كلما شاهد هذا المشهد المأساوى إنما هو صورة الإنسان العربى الذى انحنت هامته وانكسرت شوكته اليوم , وفقد فحولته / رجولته وتراجع أمام قهر هذا الخنزير / الإحتلال الإسرائيلى الذى يؤازره الكلاب / الأمريكان !!
    وتتعدد صور الرغبة فى هذا المنقلب السردى الرائع فى الانعتاق من أسر هذا الواقع العربىالمعيش بكل آلامه ومتناقضاته , وتتحد هذه الصور الجزئية لتشكل الخطوط العريضة فى لوحة الصراع الكبير الذى تعيشه الأمة ويحياه الإنسان العربى / الفرد فى كل مكان على ظهر البسيطة لا على الأرض العربية فحسب أقوالا وأفعالا وإرادة , حيث تتحرك الرغبة فى تجاوز ابن حتحوت الحاضر الكائن فى محاولة الفرار منه , والبحث عن عوالم آخرى جديدة شخوصها متناقضون بين مستسلم قادم من كهوف الصحراء , يصرخ .. ويولول .. ويلطم خده .. ويندب حظه وواقعه ليس إلا !! وآخر ينطلق على صهوة جواده إلى عوالم الحلم الممكن يسابق الريح بحصانه / رمز الذكورة .. الفحولة .. الرجولة / الخلاص من مرارة الواقع العربى الآسن , شاهرا سيفه للإجهاز على ذلك الخنزير النجس الذى وعى تماما نقطة ضعف الإنسان العربى البطل , فقد لاذ بالفرار داخل محمية لحمام الحما !! / المسجد الأقصى متخذا إياه درعا يحتمى به .. ليظل الفارس البطل العربى منتظرا على بابه أملا فى خروجه الذى طال أمده !! .
    يقول الكاتب / البطل / ابن حتحوت فى هذه اللوحة المتصارعة الخطوط السردية : "اقتربت من نهاية الخليج ، وقبل أن نصل إلى منعطف الركن الخالى , وإذا برجال ينسلون من جهات شتى , من جرف البحر , ومن كهوف الصحراء , راحوا يصرخون بأعلى أصواتهم , لا ينادون على أحد , ولا هم يستغيثون بأحد , ثم راحوا يلطمون , كأنه نذر عليهم أن يقيموا مندبة وملطمة فى هذا المكان , وكل من ينضم إليهم يصرخ مثلهم .. دون أن يسأل .. علام يلطمون؟ !! ..(19)
    "ثم تحول الحوت فجأة , وفى انكسارة حادة .. كدت أنقلب من حدتها , راح يخترق الحدود والسدود , يزيح من أمامه الأسلاك الشائكة والفاصلة بين المقاطعات والمحميات . وفى استدارة آخرى أكثر حدة – اتجه ناحة الشمال , زغللة بحر الشمس المنصهرة تترقرق على كثبان الرمال , عن شمال جبال من أمواج مخروطية فى لون الشفق كانت تخترق بطن الغلاف الأزرق , يطالنا منها طرطشات . وإذا بفارس ينخز جواده بهمة .. كان الحصان يرمح وراء الخنزير الأبيض !! رأسى تميل إلى صدرى أكثر ! الحصان يرمح والخنزير يهرع أمامه , الفارس يشهر سيفه فى الهواء , يسابق الريح وراء الخنزير الهارب , كاد الفارس يجهز عليه .. لكن !
    النجس .. كيف عرف نقطة الضعف ؟
    لقد تداخل فى محمية لحمام الحما !! . إتخذها درعا يحتمى بها .
    توقف الفارس على بابها فى انتظار خروجه !(20) .
    ولم نتوقف عن متابعة سياحة ابن حتحوت فى الملكوت من أجل بنى مجتمعه وأرضه , فصحبناه فى تلك المخاطرة فى منقلبه السادس "البراهين" , وذلك حينما غشى البحر المسجى / البحر الميت أملا فى الظفر بالبراهين أو البرء لأهله من الذين أصيبوا فى فحولتهم / رجولتهم لكن رائحة التوابيت وعطن المقابر الجماعية والفردية وساحات الممياوات السوداء والخضراء كان وقعها المأساوى علينا أشد وأنكى وعلى الفكر ضلالا وتيها فلم تعد تجدى "الكوفية" أو "الدشداشة" , ولم يعد شيئا يشفى الإنسان العربى من الصراع / صراع الفكر العربى المتخبط وهو ما يفسر لجوء ابن حتحوت فى نهاية المنقلب إلى البحث عن ذلك الهرمون العصبى لذاكرة الأمة العربية / هرمون النخوة الذى أضاعته الفراخ البيضاء !! فراح يبحث فى الأنثروبولوجى , البيولوجى , السيكولوجى عن تكوين الإنسان من واقع تحاليل معامل ذلك البحر الميت !!! .
    ويتنامى الحدث الروائى فى هذه الرؤية الروائية العربية ليصل إلى ذروة الصراع المعرفى الذى قامت علية سرديات الرواية , وتنعكس فى مرآته الرؤية الفكرية الخاصة بالكاتب أحمد عبده فى معظم أعماله وليس فيه مكاشفات البحر الميت فحسب ؛ إنها حقيقة الوجود العربى اليوم على خارطة الصراع العربى من أجل البقاء والريادة فى عالم الأقوياء , عالم الفحولة / الرجولة , لا الرعونة والغباء؟ !!
    وقد تحلى الكاتب / البطل / ابن حتحوت بالرجولة , والإقدام على المخاطر والأهوال , والإخلاص والوفاء لواقعه العربى / مجتمعه الذى ظلمه كثيرا واتهمه بالخيانه ؛ تحلى بالتفانى من أجل حلمه العربى الكبير / عودة الرجولة إليه . فخاض دون خوف أو وجل النهر العظيم , وصارع أغنام إبليس وقائدها صاحب جسد الثعلب برأس الإنسان !! وصولا إلى مسكن الجن ومحاوراته مع الحاخامات والقساوسة فى عوالم مبهرة تحت قشرة النهر العظيم ودروبه الوعرة التى سجلها منقلب ابن حتحوت / الكاتب "السابع والأخير" والذى أسماه "فى انتظار لمح" وفى الحقيقة ينتظر ابن حتحوت / الكاتب مخرجا / منقذا / خلاصا لبنى وطنه .
    [ "فلمح" متخصص فى عوالم البحار والمحيطات .. العليا منها والسفلى .. لا يهدأ ولا ينام له جفن , إلا إذا طاف بحار ومحيطات الكون , السائلة والجامدة , سبعون مرة فى اليوم والليلة . خبير بأسرار الجيوب والمغامرات .. فى الأعماق والقيعان . يعلموا أماكن تجمع الحيتان ...... لديه الكفاءة لمخاطبة كل أحياء البحار , بلغتها ورطاناتها وإشاراتها . بل ويأمرهم فيمتثلون ! (21).
    أقول : إن كاتبنا أحمد عبده بهذه المكاشفات الثاقبة التى أعلن فيها عن إخلاصه ووفاءه الشديد لمجتمعه العربى ووطنه المجيد .. نراه قد استطاع أن يقدم من خلال هذه الرؤية رواية "مكاشفات البحر الميت" رؤية متناغمة ومعقدة فى الوقت نفسه , لارتدائها ثوب الرواية التاريخية – وإن لم يحتفظ به كثيرا – حيث وظفها فى سردها ووصفها ولوحاتها الروائية العريضة لخدمة واقعه المعاصر . فنراه يقدم مجتمعا روائيا صوفيا رحبا ، يصارع مجتمعا آخر ذبحت فيه الرجولة / الفحولة العربية والنخوة , ومن ثم الوعى !!
    فجاء مجتمعه الروائى متشابكا وشاسعا فى آن واحد , يزخر بالمنقلبات , بل باللوحات الروائية لعالم التصوف / عالم الخلوة / عالم السلطة / عالم الخطيئة / عالم النعاج / عالم الخصيان , عوالم أخرى عديدة قدمتها أساليب الكاتب على تنوعها التراثى (قرآن وسنة ومأثور صوفى وشيعى وشعبى مما نراه فى الدراسة المفصلة عن هذه الرواية فى مطبوع مستقل) سردا وحكيا ووصفا وحوارا . مما يؤهل كاتبنا للسير قدما فى دروب هذا النوع من الإبداع الروائى التاريخى . لاسيما بعد ظهور ثقافته التراثية بوضوح فى حكيه , وكذلك إحساسه بالحراك المجتمعى لواقعه بكل أطيافه واتجاهاته ورؤاه.
    وهو في هذا المنحي يقترب إلي حد كبير , أو يكاد ينتمي بثقافته إلي مدرسة محمد جبريل و جمال الغيطاني في ثقافتهما التاريخية التي وظفت لتقديم قسمات روائية لمجتمع معاصر خاص بهما , قسمات تشهد لهما "بالقدرة علي تكوين تجاربهما الخاصة التي تجاوزت حدود التلقي و التقليد .. إلي الإفادة و الاجتهاد وتكوين رؤية روائية عربيه جديدة استطاعت التفاعل مع الماضي والالتقاء بالحاضر , و التطلع إلي المستقبل "(22).
    وتجربة احمد عبده الروائية في "مكاشفات البحر الميت" يحاول من خلالها شق طريقه , ورسم عالمه الروائي و التعبير عن مواقفه ورؤاه من خلال انفتاحه علي التراث بشتى أنماطه وروافده و صوره في مقدمة ذلك التراث الديني يليه التراث الشعبى .. فى محاولة منه فى إيجاد رؤية روائية عصرية تفصح عن الواقع العربى المعاصر , أو إيمانا منه بضرورة التفاعل و التلاحم بتراثنا الإنساني الخالد برموزه و مضامينه و أبعاده الفكرية و الثقافية ,تأكيدا علي أصالة وجوده , و حقيقة هويته العربية الإسلامية , انطلاقا من أن " تراث الأمة هو روحها ومقوماتها وتاريخها , والأمة التى تتخلى عن تراثها تميت روحها , وتهدم مقوماتها , وتعيش بلا تاريخ "(23) , وهو ما يتطلب منا أن تكون علاقتنا بالتراث وعيا علميا , وسلاحا معرفيا , يتحول إلى قوة مادية من قوى التغيير فى حياتنا المعاصرة , وفى صراعنا الحضارى والوجودى مع الآخر ..
    إذ أن –التراث- كوعى – هو من محددات الوجود الاجتماعى , الماضى والراهن , فهو كنتاج ثقافى , لمرحلة اجتماعية ما – يلعب دورا فى صياغة توجهات المرحلة , وصراعاتها , وحلولها وتحققها فيما بعد . بوصفه رصيدا حيا موروثا من الخبرات العملية , التى تغطى المواقف المختلفة , وخاصة الحرجة فى الحياة الاجتماعية , ورصيدا من التصورات والمثل والقيم وقواعد السلوك والأفكار للقوى الاجتماعية والفكرية الماضية , يصبح سلاحا فى يد القوى الجديدة حينما يلبى احتياجاتها الاجتماعية والفكرية الجديدة ليلعب دورا فاعلا فى الوجود الاجتماعى والثقافى والسياسى المعاصر(24) ؛ وهو ما استفاد من توظيفه كاتبنا أحمد محمد عبده عبر طرق عديدة بحثا عن حقيقة موضوعية فى واقعه المعيش
    فالرواية - على سبيل المثال – تبدأ بمقتطف من فكر ابن عربى "فاصرف الخاصر عن ظاهرها .. واطلب الباطن حتى تعلما" , وهو مقتطف يبرز لنا مفتاح عالمها الروائى واتجاهاتها . والمفتاح دائما يمثل الخطوات الأولى – فى الغالب – للولوج إلى ما يغلف ذلك العالم برؤاه من غموض واستشكال , حتما سوف ينجلى ويتراءى للأعين عقب تجريب الذوق النقد فى منظورات الرؤية السردية المتعددة بزواياها وكذلك سراديبها ومفتتحها الذى يمثل بداية السلم السردى فى الرواية والعتبة الأولى له .
    ولم يكن هذا المفتح الصوفى – الجملة المقتبسة عن ابن عربى فى مدخل الرواية – هو الخطوة الأولى أو العتبة الأولى التى تمثل أولى خطوات الولوج إلى ما يخبئه ذلك السرد الروائى لأحمد عبده , بل سبقته وتلته عتبات أخرى تمثل أساس هذا النص , فى مقدمتها تلك العتبة الأولى التى تمثلت فى عنوان الرواية "مكاشفات" وأى مكاشفات ؟!!! إنها "مكاشفات البحر الميت" , بل هى براعة الكاتب الذى أتى بالمعدم الساكن / الميت لبضعه فى دور جديد . حيث الاعتراف بغيبياته ومواجيده عبر الفضاء السردى للنص على طول منقلباته المتنوعة فى الرواية .
    ومعلوم أن هذا الطريق التراثى الذى سلكه الكاتب فى تفهم أسراره ومواجيد مجتمعه المعاصر , هو ذلك "الدور الذى دخل فيه التصوف وسلكه فى القرنين الثالث والرابع الهجريين اللذين يمثلان العصر الذهبى للتصوف الإسلامى فى أرقى وأصفى مراتبه , وأطلق عليه دور المواجد والكشف والأذواق . ليصبح طريقا لتصفية النفس وتحصيل المعرفة الذوقية التى لا وسيلة لغيرهم إلى إدراكها , حتى أطلقوا على علمهم هذا أسماءً جديدة تشير إلى هذا المعنى , مثل : علم الأسرار , وعلم الأحوال والمقومات , وعلم الأذواق , وعلم المكاشفات " الذى اتخذه كاتبنا اسما لروايته ومنهجا له فى سرده (25).
    أقول : إن أحمد عبده استطاع أن يقدم من خلال روايته "مكاشفات البحر الميت" رؤية متناغمة , ومعقدة فى الوقت نفسه , لارتدائها ثوب الرواية التاريخية التى وظفت فى سردها ووصفها ولوحاتها الروائية العريضة لخدمة واقع الكاتب المعاصر . حيث نراه يقدم مجتمعا روائيا صوفيا رحبا , بل متشابكا وشاسعا فى آن واحد .. يزخر باللوحات الروائية .. العالم الصوفى , عالم السلطة .. والواقع / المجتمع / القوم / البادية / البلدة / القرية / الصحراء . كذلك نراه زاخرا بالغوص فى أعماق شخصية البطل / الذى مثله بصدق ,مع بروز الحدث السريع الذي جعل الإيقاع مطردا، ومرتبا ، ومشوقا في الوقت ذاته ، مهرولا باتجاه نهاية إيمانية من خلالها يصل بنا نحو سحر الملاحقة فى أسلوبه الفنى الذى أمسك بتلابيبه جيدا على طول سرده دون أن يغفو لحظة واحدة .
    لنرى ذلك جليا فى هذا الإيقاع المطرد المرتب المشوق إلى نهاية حدثه .. يقول على لسان ابن حتحوت وهو يهم بالصلاة :
    [ " الله أكبر " .. ثم نودى على مرة أخرى , لم أعر سمعى ولم ألتفت , فكيف ألتفت وقد كنت ألقى بالدنيا وراء ظهرى ؟ . أقمها يا مؤمن وتمم أركانها , الفرض منها والسنة , ثم اخرج منها كما دخلت فيها , وبعد أن تخرج منها وتنتشر فى الأرض .. التقط بأظافرك الدنيا كما ألقيتها وراء ظهرك !
    ثم نودى على من قدامى , لم أرفع عينى عن موضع السجود " .. مالك يوم الدين .." كنت على هيئة الرقم (1) , ثم انكسرت فتحولت على شكل الرقم (6) "سبحان ربى العظيم" , ثم استقمت "سمع الله لمن حمده" ثم انكفأت على الأرض ساجدا .. "سبحان ربى الأعلى" .
    ومن وراء جفونى المغلقة , رأيت حرف الكـ (الكاف) ، قابع ومتشبث , وخشونة الأديم على كرية الأرض , كأننى نملة تتجول على منحدر جبل ، خشيت النملة أن تنزلق , لكن .. لو أنها انزلقت من منحنى , فمن المؤكد أن هذا المنحنى سوف يسلمها إلى استدارة أخرى , لتعبر عليها إلى قوس تال , لتجد نفسها مستقرة حيث كانت عند البدء !
    صارت الدائرية هى الناموس فى تكوينى , الجوانى والبرانى . أشعر أن حياتى فلك دوار , ربع قرن .. وأنا مقيد فى سلسلة مربوطة فى شجرة النبق القديمة ، أدور حولها .. كأنى نجم فى مجرة بلا شمس . جوارحى تتهجد بالكاف , بينما روحى تتبتل بالنون .
    ثم نودى على من الخلف , لم ألتفت , إذ .. كيف ألتفت وقد كنت أقرأ التشهد الأخير " .. كما صليت على ابراهيم وعلى آل إبراهيم فى العالمين" .
    شرف الفداء ملك لكل الملل , والكرامة لمن افتداه ربه , بعد أن تله للجبين , والسنة فى رقابنا , أن نذبح الخراف .. حتى لا نصير نحن النعاج !! . تيار دافئ من اطمئنان سرى فى عروقى , فخرج منى الفزعان والرجفان والرعشان .
    ثم نودى من الجانب الأيسر , تذكرت رؤيتى للفحل الأبيض , لكان أبى – حتحوت الأكبر- قد قطع حديثه فجأة – مرة أخرى- وقال بأن رؤية الفحل الأبيض فى المنام تعنى أنك سوف ترقى إلى مراتب عليا !!
    "إنك حميد مجيد" السلام عليكم ..(26) "
    إن من يقرأ أحمد عبده فى المقطع السردى السابق يؤمن أن هذا الكاتب حفظ القرآن ووعاه جيدا ونشأ فى أسرة أزهرية , لكن الخلاف غير ذلك وهو الذى تعلم تعليمه الأولى والثانوى فى النظام العام ثم التحق بالجيش المصرى قائدا من قياداته لاسيما الذين أمسكوا بتلابيب السيف والقلم على رأسهم رائد الشعر العربى الحديث محمود سامى البارودى . فهو يوظف القرآن الكريم آياً ومعجما ونهجا وروحا على طول كتاباته السردية مع ابن حتحوت مما يكشف عن نظرته الإيمانية المعتدلة كما وظفها فى المقطع السابق الذى أشار إليه بالكاف والنون ؛ ولم نغفل إسقاطه الفني البارع الذي يحمد له ناقلا من خلاله حقيقة الواقع العربى منطلقا من كرامة الذبح فى قصة الذبيح "إسماعيل" عليه وعلى محمد بن عبد الله خير الصلاة والسلام , فهو يقول : "إن السنة فى رقابنا , أن نذبح الخراف" .. رمزا للحكام العرب , حتى لا نصير نحن النعاج رمزا للإنسان العربى .
    إن كاتبنا أحمد عبده يكفيه إخلاصه الذى كشفه ابن حتحوت فى المنقلب الأخير بعد تلاوة قوله تعالى "وأنه كان رجالا من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا"الجن
    وهنا أنشد الكاتب / البطل / ابن حتحوت معربا عن رسالته الإنسانية من أجل مجتمعه :
    " أما أنا .. فلا أطلب زهقا ولا رهقا .
    عزيز قوم يسبح فى الكون منزلقا .
    يطلب الإكسير لقوم فى الخنا ذلوا
    أنوفهم من حشيش الأرض مخضرة
    وأسنانهم من طحن التبن مصفرة
    ظهورهم مطايا , بناتهم سبايا , نساؤهم بغايا , فما انتفضوا , وما ملوا"(27).
    ولا شك أن الصورة الروائية السابقة هى الصورة التى عليها المجتمع العربى اليوم وهو ما أزعج كاتبنا أحمد عبده وأزعجنا وجعلنا نغوص معه كثيرا لتكون هذه الرواية فى سفر خاص مطبوع يليق بكاتب عاش نفسه وأمته ومجتمعه بقضايا متنوعة أشفق عليه أن حملها وحيدا مع ابن حتحوت !!



    الهوامش


    1- الجدار السابع : مجموعة قصصية للكاتب : الهيئة العامة للكتاب 1994 .
    2- مجموعة قصصية للكاتب : أصوات معاصرة , 2001 .
    3- رواية للكاتب : نشر اتحاد كتاب مصر..رواية حظيت بالكثير من التأييد النقدي في الصحف المصرية بعد فوزها بجائزة مسابقة الكاتب المصري الكبير / إحسان عبد القدوس2006
    4- مجموعة قصصية للكاتب / أحمد محمد عبده " نشر الهيئة المصرية العامة للكتاب " سلسلة النشر العام .
    5- آخر أعمال الكاتب الروائية وهي قيد الطبع سلسلة أصوات أدبية – هيئة قصور الثقافة .
    6- الرواية الحديثة في مصر : دراسة في التشكيل والأيديولوجيا : محمد بدوي ص21 ط الهيئة المصرية العامة للكتاب 2006
    7- قال عن المعادل الموضوعي في الفن الناقد والشاعر الإنجليزي ت.س.إليوت ، في مقال له مشهور بعنوان " هملت " عام 1919 : " إن الطريقة الوحيدة للتعبير عن الانفعال في صورة الفن إنما تكون بإيجاد معادل موضوعي " .أنظر هنا للمزيد " معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب : مجدي وهبه ، وكامل المهندس ص370 ط2 مكتبة لبنان – بيروت 1984 ودراسات في نقد الرواية : د.طه وادي ص32 ط . الهيئة العامة المصرية للكتاب . القاهرة 1989
    8- مكاشفات البحر الميت ص8
    9- السابق ص10
    10- السابق ص15 ، 16
    11- السابق ص23
    12-السابق ص45
    13- السابق ص45
    14- السابق ص43
    15- السابق 43
    16- السابق ص56
    17- السابق ص56
    18 –السابق ص57
    19 – السابق ص57
    20 – السابق ص57
    21- السابق ص57
    22- التراث والبناء الفني في أعمال محمد جبريل الروائية : سميه الشوابكه ص207
    23 – التراث والمجتمع الجديد : د/ ناصر الدين الأسد ص11
    24 – بحثا عن التراث العربي : رفعت سلام ص ،306 ، 307 ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب 2006 بتصرف
    25 – اصطلاحات الصوفية : عبد الرازق الكاشاني .تحقيق د. عبد الخالق محمود ص10 ط دار المعارف .مصر
    26 – مكاشفات البحر الميت ص 9 ، 10
    27 – السابق ص72
    هذا بعض منى http://alaaeisa.maktoobblog.com/

  2. #2

المواضيع المتشابهه

  1. أبحاث المؤتمر السابع بديرب نجم " 1 " شعر العامى "ب"
    بواسطة علاء عيسى في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 29-07-2008, 07:03 PM
  2. أبحاث المؤتمر السابع بديرب نجم " 6" " مسرح"
    بواسطة علاء عيسى في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-03-2007, 10:11 PM
  3. أبحاث المؤتمر السابع بديرب نجم " 5" " قصة ب"
    بواسطة علاء عيسى في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-03-2007, 10:08 PM
  4. أبحاث المؤتمر السابع بديرب نجم " 2. الرواية" "ج "
    بواسطة علاء عيسى في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-03-2007, 02:39 AM
  5. أبحاث المؤتمر السابع بديرب نجم " 2. الرواية" "ب "
    بواسطة علاء عيسى في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-03-2007, 02:19 AM