|
في ليلةٍ حرّكتُ فيها الراكدا |
وسكبتُ فوق الشهدِ خَلاّ ً فاسدا |
ونبشتُ ذاكرتي.. أُفتِّشُ حائراً.. |
ونفشتُ أياماً ودهراً تالدا |
مَن من صِحابي لايزالُ كعهدهِ |
ومن الذي أضحى صديقاً حاقدا |
مَن من رفاقِ العمرِ بدّلَ جِلدَهُ |
مَن ضلَّ منهم حين ولّى جاحدا |
فوجدتهم رحلوا ..وأقبلَ غيرُهم |
وكما عهدتم .. لا أَرُدُّ الوافدا |
ونظرتُ في سِردابِ قلبي برهةً |
وإذا بجثمانٍ تمدَّدَ راقدا |
وعلى الأريكةِ غطَّ في إغمائةٍ |
وكأنهُ قد باتَ دهراً ساهدا |
ناديتُه..يا صاحِ قم..ماهكذا |
نومُ الضيوفِ..وظلَّ شِلواً هامدا |
أيقظتُهُ ونزعتُ عنهُ غطاءَهُ |
فرأيتُ قالبَ "من نحاسٍ " جامدا |
ففركتُهُ حتى أعدتُ بريقَهُ |
فوجدتُهُ تِبراً مشوباً كاسدا |
فصرختُ يا أهلَ النُهى أدراجَكم |
وطردتُهم لم أُبقِ منهم واحدا |
فصحا..وأطلقَ آهةً متثائباً |
..عاونتُهُ إذ مدَّ نحوي ساعدا |
من أنت..قالَ عزيزُ قومٍ أجحفت |
دنياهُ حتى نامَ عنّدكَ عامدا |
فسألتُهُ والآنَ ماذا تشتهي |
فأجابَ ماءًً يا صديقي باردا |
..والآن مااسمكَ قال هاكَ إقامتي |
فلعلَّ فيها ما يفيدُ الناشدا |
ناديتُ مهلاً يا رفاقُ وأدركوا |
جُرمَ النزيلِ..أريدُ منكم شاهدا |
ما خنتُ يوماً موطني مُتستِّراً |
أبداً وما آويتُ يوماً شاردا |
فبكى..وأجهشَ..ياابنَ غامدَ آوِني |
أرجوك ..ما قبلاً عهدنا غامدا |
إلاّ تجيرُ المستجيرَ بدارها |
والآن تطردُ من حماها قاصدا |
قلتُ ابتعد واغرُبْ فلستَ بصاحبي |
فلقد تناسيتُ النظامَ البائدا |
فأعادَ يرجوني يقبّلُ جبهتي |
فَسَكَتُّ حتى خرَّ يدعو ساجدا |
يااارب..يا الله.. ضاعت حيلتي |
أدعوكَ أن تُبقي بِحِلمِكَ ماجدا |
ذكرى طفولتِنا وطيشَ شبابنا |
أيامَ كانَ الشيخُ غِرّاً أمردا |
فأفقتُ ..مَن هذا..سعود؟؟ فأشرقت |
أنيابُهُ فرحاً وقالَ مغرّدا |
متهلّلاً مستبشراً متبسِّماً |
متلعثماً مترنِّحاً متفصِّدا |
إسعي سمود !!..إسمي سعود .. ولم أزل |
بسجلِّ مطلوبيكَ أسعى جاهدا |
للسِّلمِ..للإفلاتِ.. للأرضِ التي |
ألقى بها شيخا "كشيخك" زاهدا |
هذا أنا لازلتُ روضاً ناضرا |
ضوءاً تسامى نحوِ "ليلِكَ" صاعدا |
هذا أنا بركانُ حبٍ بائسٌ |
متوقدٍ أو قل جزافاً خامدا |
فأخذتُهُ سِرّاً لِبهوِ ضيافتي |
ووهبتُهُ تاجَ المحبّةِ عسجدا |
وأَنَخْتُهُ بين الورودِ مُرحِّباً |
وقطفتُ من تلكَ الثمارِ الأبعدا |
وطليتُهُ بالورسِ "غُسلَ عُجالةٍ" |
فرأيتُ خداً مشرقاً متجعِّدا |
أنزلتُهُ بستانَ قلبٍ مورقٍ |
فغدا فيافٍ مقفراتٍ..أجرَدا |
فأقامَ في قلبي وودّعَ يأسَهُ |
وأقمتُ أرعاهُ وكنتُ الأسعدا !! |