|
أَلا فَارفِقي بِالعاشِقاتِ الكَواعِبِ |
وَضُمّي عَلى رَسمِ الثُّريّا كَواكِبي |
وَلا تَجزَعي لَمّا تَرينَ حَواجِباً |
حِساناً عَلى حَدِّ العُيونِ القَواضِبِ |
فَواتِنَ إِن تَرنوا إِلى الوَجدِ يَنسَلي |
وَيُسلى بِها في الحادِثاتِ النَوائِبِ |
وَإِن تَنحَني تَروي العُيونَ صَبابَةً |
فَلَستُ إِلى سِحرٍ سِواكِ بِراغِبِ |
لَكِ عَبَراتٌ لا تَكَلُّ كَأَنَّها |
إِذا البَردُ يُنديها مُدامَةَ شارِبِ |
كَأَنّي وَقَد حارَت بِعَينِكِ عَبرَةٌ |
غَريقٌ عَلى إِثرِ السُّيولِ السَواكِبِ |
إِذا أَنتَ لَم تَشرَب مِنَ العِشقِ جَرعَةً |
فَأَنتَ عَليلٌ في جَميعِ المَذاهِبِ |
وَ إِن أَنتَ لَم تَغزو إِلَيهِنَّ غَزوَةً |
وَلَم تَتَّقي بِنتَ الكِرامِ النَواجِبِ |
وَلَم تَعتَلي سَقفَ السَّمومِ لِأَجلِها |
صُرِعتَ عَلى طَرفِ العُيونِ المُهَدَّبِ |
حَدَوتُ إِلى تِلكَ الدِّيارِ مودعاً |
وَ رَجعُ دِيارِ الهاجِرينَ مُطَبِّبي |
تُذَكِّرُني الأَطلالُ وَ العَهدُ وَ الصِّبا |
تَسابُقُنا عِندَ الأَصيلِ المُذَهَّبِ |
أُيَمِّمُ رَحلي لِلفِراقِ فَيَنهَني |
وَ يَسأَلُ هَل مِن شافِعٍ عِندَ صاحِبي |
سَأَذكُرُ مَهما طالَ وَصلي وَ هَجرُكُم |
تَسامُرُنا عِندَ الغَديرِ المُطَيَّبِ |
وَقَولُكِ لي لَمَّا تَمادَت مَدامِعي |
إِلى النَّحرِ وَالآهاتِ زَجرٌ لَهائِبِ |
وَقَد جُمِّرَت عَينايَ مِن فَرطِ سَحِّها |
كَأَنّي بِجَفنَيها قَنادِيلُ رَاهِبِ |
"سَأَحفَظُ هَذا العَهدَ ما طالَ عُمرُنا |
وَما أَشرَقَت شَمسٌ وَ مالَت لِمَغرِبِ" |
وَ لَستُ أَظُنُ الدَّهرَ يَقطَعُ عَهدَنا |
فَإِن كُنتُ قَد باعَدتُ يَوماً فَقارِبي |
وَ إِن كُنتُ قَد أَكثَرتُ عَتبَكِ مَرَّةً |
فَلا تَنهَري قَلبي وَ ضُمّي وَ عاتِبي |
فَإِن لَم أَكُن أَهلاً لِذاكَ أَلا ارحَمي |
بَعيري فَلا تُجني عَلَيهِ مَثالِبي |
إِذا أَنتِ لَم تُدني إِلى الوَصلِ مُهجَتي |
فَلَستُ عَلى حُزني إِلَيكِ بِثائِبِ |
لَكَم حَيَّرَتنا في الغَداةِ جَميلَةٌ |
تَفوقُ إِذا دَلَّت دَلالَ اللَواعِبِ |
يَفوحُ إِذا قامَت مِنَ البِشرِ طيبُها |
وَ تُردي إِذا حَنَّت فُؤادَ المُخاطِبِ |
كَأَنَّ شِفاها إِذ تَكَلَّمُ تَجتَني |
حَلاوَةَ مَخمورِ الثِّمارِ الأَطايِبِ |
سَأَعشَقُكِ حَتّى وَإِن باتَ خاطِري |
مِنَ الهَجرِ مَكسوراً وَ شابَت ذَوائِبي |
فَإَن لَم أَحُز مِمّا لَديكِ سِوى الجَوى |
لَكُنتُ عَلى هَذا كَثيرَ المَكاسِبِ |