|
لو تَشعُرونَ بِمـا أكُـنُّ و أضمُـرُ |
ومَحَبَّتي بالقلـبِ كيـفَ تُصَـوَّرُ |
لو تُدرِكـونَ إذا القَصيـدةُ أقبَلَـتْ |
مـاذا أُحَمِّلُهـا وكـمْ هـي أقـدَرُ |
لـو تَعلَمـونَ إذا خَلَـوتُ لِعالَمـي |
مـا أَسْتَبيـحُ بِـهِ ومـا أَسْتَنكِـرُ |
الحُـبُّ مَهمـا صَوَّرَتْـهُ مَشَاعِـرٌ |
بالرّوحِ فيـهِ طَلاسِـمٌ لا تَظهَـرُ |
لا تَسألوني كيـفَ عِشـتُ بِنـارِهِ |
لا تسألـوا إنَّ الحَقيـقـةَ أكـبَـرُ |
خَمسونَ عاماً ما انْطَفأتُ بِهـا ولا |
أوْهـى الفُـؤادَ تَبَـدّلٌ و تَغَـيّـرُ |
مَرَّتْ و تَاريخي يُسَجِّلُ مـا بِهـا |
خَبَـرٌ يَشيـعُ و آخَـرٌ يَتَسَـتَّـرُ |
صَفَحاتُـهُ الخَضـراءُ جَـدُّ قليلـةٌ |
بسِطورِهـا مـاازْدادَ إلا الأحْمَـرُ |
الأربَعـونَ وقَفـتُ عِنـدَ بُلوغِهـا |
يومـاً كَهـذا و الشَّبـابُ يُزَمجِـرُ |
عَشْرٌ مَضَتْ ما بَعدَ ذلكَ و انْقَضَتْ |
وكَأنّها في سَيـرِ عُمـري أشهُـرُ |
ما زِلتُ أختَصِرُ السِّنينَ و رَغْبَتـي |
فيها مِنَ الشَّهَواتِ مـا لا يُحصَـرُ |
في كُلِّ آونَةٍ يَطيـبُ لـيَ الهَـوى |
أحْيا كَما يَهوى المِـزاجُ و يَأمُـرُ |
هِيَ ذي الطَّبيعةُ ما تَغَيَّـرَ سَيرُهـا |
وكَذا تَظَـلُّ مَـعَ الدُّهـورِ تُكَـرَّرُ |
شيءٌ تَبَدَّلَ فـي مَسِيـرةِ رِحلتـي |
لا تَحسَبـوهُ مَـعَ الزَّمـانِ يُؤثِـرُ |
أصبَحْتُ أكْثـرَ خِبـرَةً و دِرايَـةً |
فيما أقولُ عَـن النِّسـاءِ و أُخبِـرُ |
كمْ كنتُ أجهَلُ بالهـوى فـإذا أنـا |
بالحُبِّ صاحـبُ مَنهَـجٍ و مُقَـرِّرُ |
طَوْرَينِ عِشتُ معَ النِّساءِ مُخَضْرَماً |
طَوْرَ الشَّبابِ و ما بِهِ قد طَـوَّروا |
حَتّى انْتَقلتُ إلى المَشيبِ و لـمْ أزَلْ |
أبغي المَزيدَ بما أحـسُّ و أشعُـرُ |
حُبّـي لَهُـنَّ يَزيـدُ كُـلَّ عَشيـةٍ |
لا يَستَكِيـنُ ولا العَزيمـةُ تَفْـتُـرُ |
في الأربعينَ قـدِ اكْتَمَلـنَ إثـارَةً |
طابَ القِطافُ و ذابَ فيها السُّكَـرُ |
هيَ ومضةُ الإبداعِ كيـفَ أرُدّهـا |
مِن أينَ يأتي الوَحْيُ حيـنَ أُعَبِّـرُ |
كالخَمـرِ عَتَّقهـا الزَّمـانُ بِحانَـةٍ |
فـي كُـلِّ خَابِيـةٍ يُجَسَّـدُ عَبْقَـرُ |
فإذا ارْتَشَفْـتُ ودَبَّ فِـيّ دَبِيبُهـا |
بِعوالمِ النَّشـوى أطُـوفُ و أبحِـرُ |
فأنا اكْتَسَبتُ مِن التَّجـارِبِ حِكْمَـةً |
كالوَحْـيِ تُرشِدُنـي فَـلا أتَهَـوَّرُ |
أظْهَرتُ في دُنيـا الجَمـالِ مَفاتِنـاً |
البَـوْحُ مَمنـوعٌ بِهـا و مَحَـذَّرُ |
ماجَفَّ نَبـعٌ كـانَ يُطفـئ غُلتـي |
إلاّ و أردَفَـتِ المَشاعِـرَ أنـهـرُ |
فأنا المُعَلـمُ مـا اسْتَعنـتُ بحُجَّـةٍ |
إلا أتَيـتُ بمـا يَـفـوهُ مُفَـكِّـرُ |
و الشَّيْـبُ جـاءَ يَلفّنـي بوَقـارِهِ |
فَوَجَدتُـهُ بالـرّوحِ ليـسَ يُوقِّـرُ |
ما زلتُ أبحَثُ و الطَّريـقُ طَويلـةٌ |
عمَّا يَجُـدُّ مِـن الفُنـونِ و يُنشَـرُ |
حَتّى وصَلتُ إلـى القَناعَـةٍ واثِقـاً |
أنّي وَجَدتُ ونِلـتُ مـا أتَصَـوَّرُ |
أبقى علـى قِمَـمِ الخَيـالِ مُحَلّقـاً |
وكأنَّني ( هاروتُ ) بابـلَ أسحـرُ |
هنَّ النّساءُ كمـا وصَفـتُ بحُقْبَـةٍ |
تلكَ الحَقيقَـةُ كيـفَ فيهـا أكْفُـرُ |
لا نَفعَ يُرجى إنْ عَشِقتُ صَغيـرةً |
فأنا الوَحيُد مِـن الصَّغائـرِ أنْفُـرُ |
ما عدتُ أرغَبُ أنْ أطـارِدَ ظَبيـةً |
بدويـةَ الأطْـوارِ لا تَتَحَـضَّـرُ |
مِثلَ (المُلـوحِ ) لا أُحَقِّـقُ مَأربـاً |
أمَلي يَضيـعُ وخُطْوَتـي تَتَقَهْقَـرُ |
مَهمـا بَـدَتْ عَصْرِيـةً بِدَهائهـا |
عِنـدَ التَّجـارِبِ فَنُّهـا يَتَبَـخَّـرُ |
رأسُ الحَماقَةِ حينَ أعشَـقُ غَـادَةً |
تَرضى و تَغضَبُ و الوِصَالُ يَكَدَّرُ |
تَبقـى مُراهِقَـةً تُقَلِّـدُ غَيـرَهـا |
أمَّا الخَبيـرَةُ كـمْ تُثيـرُ و تَأسُـرُ |
تُعطيكَ مـا تَصبـو إليـهِ بِلهفَـةٍ |
تَبغي المَزيـدَ إذا اعْتَـراكَ تَأَخُّـرُ |
ماذا أقـولُ وفـي الفُـؤادِ حَقيبَـةٌ |
فيها حَقَائِـقُ مـا أبَـوحُ و أسْتُـرُ |
خَمسونَ مَرَّتْ و الخَطيئةُ لمْ تَـزَلْ |
تَبني قُصوراً و الصَّغائـرُ تَكبُـرُ |
والنَّاسُ ما بَرِحَتْ تَلوكُ بِسيرَتـي |
وتَزيدُ فيهـا مـا يَشيـنُ و يُنكَـرُ |
همْ يَمكُـرونَ إذا سَمِعـتَ حَديثَهـم |
و أنا أكَـذِّبُ مـا يُقـالُ و أمكُـرُ |
مَهمـا أُعَـدِّدُ فالشَّواهِـدُ جَـمَّـةٌ |
إنْ قَللوا مِـن شَأنِهـا أو أكثَـروا |
لنْ أستَفيدَ و قـد خَلعـتُ عَباءَتـي |
ورَمَيتُها خَلـفَ السِّنيـنِ تُشطّـرُ |
خَالفـتُ قانـونَ الحيـاةِ بثَـورَةٍ |
فيها دَمَجْـتُ مَبادئـاً لا تُصْهَـرُ |
الحُبُّ عِندي ليسَ دَفـقَ عَواطِـفٍ |
هَمَجِيـةَ الأمـواجِ دومـاً تَهـدُرُ |
هـو كالشِّتـاءِ و كالرَّبيـعِ تَقَلبـاً |
في كُـلِّ مَرحَلـةٍ لَـهُ مـا يَعـذرُ |
هو كاحْتِجابِ الشَّمسِ عِندَ غُروبِها |
تأتيـكَ فيمـا بَعـدُ لا تَتَـأخَّـرُ |
و النَّفسُ بينَ غُروبِها و شُرو قِهـا |
هيهاتَ يُعرَفُ ما تَحِسُّ و تَشعُـرُ |
فالحُبُّ عِندَ النَّـاسِ غَيَّـرَ شَكلَهُـمْ |
لعـداوةٍ بيـنَ النُّفـوسِ تُسيطِـرُ |
مـا للخِيانَـةِ بالنُّفـوسِ تَرَبَّعَـتْ |
تَغـزو ضَمائرَنـا ولا نَتَـذَمَّـرُ |
إنْ ظَلَّ هـذا الحُـبُّ دونَ عَقيـدةٍ |
ومَبـادئٍ نَدعـو لهـا و نُبَـشِّـرُ |
لا بـدَ أنْ تأتـي النِّهايـةُ نَكسَـةً |
في دِرْكِ واقِعِهـا المَريـرِ نُبَعْثَـرُ |
تُعطي الحياةُ كما نُحِـبُّ ونَشتَهـي |
لكنَّهـا عِنـدَ الكَـمـالِ تُقَـصِّـرُ |
فاعْذُرْ صَديقَكَ إنْ كَبا فـي هَفْـوَةٍ |
واخْلِصْ لَهُ إنَّ الصَّداقَـةَ جَوْهَـرُ |
كُلُّ ابْنِ أنثـى لا مَحَالَـةَ نَاقِـصٌ |
إنَّ التَّجـارِبَ بالحيـاةِ تُبَـصِّـرُ |
فإذا امْتُحِنْتَ وخَـابَ فَألُـكَ مَـرَّةً |
في خَوضِ تَجرِبَةٍ و خَانَكَ مَعْشَـرُ |
أنتَ الكَريـمُ ولـو أذَوْكَ بِنارِهِـمْ |
فَرَمادُهـا بَعـدَ الخُمـودِ يُطَهِّـرُ |
إنَّ الخَطيئةَ نَحـنُ كُنْـهُ وجودِهـا |
مِن عَهدِ ( آدمَ ) لمْ تَزَلْ هيَ عُنْصُرُ |
كُلُّ البِحـارِ إذا اغْتَسَلـتَ بمائهـا |
تَبغي الطَّهـارَةَ لا أظُنَّـكَ تَظفَـرُ |
كمْ مِن خَبيثٍ صَارَ خَـادِمَ مَسجِـدٍ |
ومُنافِـقٍ خَلـفَ الإمَـامِ يُـزَوِّرُ |
فَتَجَنَّبـوا غَـدرَ اللئـامِ تَجنَّـبـوا |
مَن كانَ مَعْدِنُهُ الرَّخيـصُ يُؤجَّـرُ |
لولا اخْتلافُ النَّـاسِ فيمـا بَينَهـا |
مـا كـانَ طَعـمٌ للحيـاةِ يُفَسَّـرُ |
فاجْمعْ أواسِطَ مـا تَـراهُ بِرِحلـةٍ |
فيها الطَّريقُ إلى التَّعايُـشِ أيسَـرُ |
خَمسونَ فيها ذُقْـتُ كُـلَّ حَـلاوَةٍ |
مازلـتُ بَعـدَ مُضِيِّهـا أتَـذَكَّـرُ |
فإذا المَواسـمُ أقفَـرَتْ فـي فَتـرَةٍ |
أو غابَ عن عَينِ المُولَـهِ مَنْظَـرُ |
هُزّوا بِجِذْعِ القَلـبِ يُغْـدِقْ فَوقَنـا |
مَالَذَّ مِن رُطَـبٍ تُسِـرُّ و تُسْكِـرُ |
عادتْ إلى العَهـدِ القَديـمِ نُفُوسُنـا |
نَشدو و نَرقُصُ و المَزاهِـرُ تَنْقُـرُ |
مَـن كـانَ أوَلُـهُ نَقَـاءَ سَريـرَةٍ |
لا بُـدَّ آخِـرُهُ يَطيـبُ و يُثْـمِـرُ |
مَضَتِ السُّنونَ و قارَبَتْ أجَلي بِهـا |
نَحـوَ النِّهايـةِ كيـفَ لا أتَحَسَّـرُ |
يا هَولَ ما فَعَلَـتْ يَـدايَ ضَلالَـةً |
وتَجَارَتي كـمْ بِـتُّ فيهـا أخْسَـرُ |
كيفَ الرَّحيلُ و ما حَمَلتُ مَؤونَـةً |
عمَّا ارْتَكَبتُ مِـن الذُّنـوبِ تُكَفِّـرُ |
يَبقى مَـنِ اتَّبَـعَ القَناعَـةَ غانِمـاً |
أو كانَ في سَاحِ المَصائبِ يَصبِـرُ |
سُقيا لمنْ كَشَـفَ الحَقيقَـةَ أو رَأى |
ما لا يُرى بَعـدَ التَّكهـنِ مُبْصِـرُ |
قوموا إلى الرَّحمنِ نَسـأل عَفْـوَهُ |
وعنِ الذُّنوبِ نَتُـوبُ أو نَستَغفِـرُ |
ما شـاءَ ربّـكَ فليكـنْ بِقضائـهِ |
إنّي بِمـا أعطـى و أنعَـمَ أشكُـرُ |