أحدث المشاركات

نسجل دخولنا بذكر الله والصلاة على رسول الله» بقلم عوض بديوي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»»

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 26

الموضوع: حركية الكلمة وامتدادات دوائرها في سرادق الموت للشاعر د. محمد حسن السمان

  1. #1
    عضو مخالف
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    العمر : 42
    المشاركات : 1,799
    المواضيع : 128
    الردود : 1799
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي حركية الكلمة وامتدادات دوائرها في سرادق الموت للشاعر د. محمد حسن السمان

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. محمد حسن السمان مشاهدة المشاركة

    سرادق الموت
    مازال وجهك يابغداد يحزنني والعمر يمضي وقلبي دائم الحزن
    في الصبح اصحو على أنباء مجزرة في الليل امسي على أنباء مرتهن
    أم الربيعين قد صار الربيع بها أشلاء طفل ومدفون بلا كفن
    عند التقاطع أطراف مقطّعة في القرب منها بقايا الجسم والبدن
    سرادق الموت والتقتيل قد نصبت عند المساجد , في الأحياء في المدن
    والقاتلون صنوف في مشاربهم مابين مرتزق للقتل ممتهن
    أو طائفي مريض القلب تحكمه أضغانه السود , مازالت مع الزمن
    أو جاهل بأمور الدين مجترىء قد كفّر الناس من بغداد لليمن
    من كانت القبلة الغرّاء وجهته عند الصلاة , أخ في الشرع والسنن
    من يقتل النفس مقتول بفعلته لايغفر الـلـه ذنب القتل والفتن
    بالـلـه اسأل يا بغداد , أين همُ أين الذين همُ الفرسان في المحن
    من يحقنون دماء المسلمين , فما يسعون إلا لوجه الـلـه والوطن

    الكويت 15/12/2006
    بداية تعارف
    إنني سميتها حركية الكلمة في "سرادق الموت" أو الحركية في الكلمة في سرادق الموت" ولعل بعضهم يعذرني –لقلة قراءتي- إن قلت إني رأيت هنا احترافا غير عادي في تشكيل الكلمة بظلال تراثية أو بظلالها المعجمية الكثيرة المعاني في اللفظ الواحد..
    لم يكن الأمر إلا أنه تم كتابة القصيدة بعد سنوات كثيرة أمضاها الشاعر في الحياة العلمية الدقيقة بين المعادلات والاختصارات التي انطبقت هنا انطباقا تاماً أنا لمست زاوية منه وأحسب أنه لا زال في شخصية الشاعر في هذه القصيدة ورغم أن موضوعها حيادي تماما إلا أنه يبقى زوايا كثيرة من بلاغة الكلمة المبتكرة بموازين خاصة جدا..
    وتفكير وتدبير كبيرين ..
    قد يعجب بعضكم من تقديمي بمثل هذا، ولكني أشهدكم أني أنا نفسي في حالة أول قراءة لهذه القصيدة قراءة عابرة وغير متعمقة في ذات القصيدة – كنت سأتعجب من تقدمة كهذه لهذه القصيدة..
    الآن أنا لا أتحدث عن القصيدة ببلاغيات معهودة في النقد وحركاته..
    بل أتحدث عنها من حيث زاوية التحامي بها..
    توحدت في مشاعر القصيدة لا شك ومن لا يمكنه أن يفعل أمام ما يجب أن يحزن كل ذي دم حر.. وبعدها بدأت أنظر في الأسلوب.. وما لا أشك فيه بعدما سمعت للشاعر أكثر من مرة مقطعات شعرية رأيت فيها شاعرية لها عبقرية وخصوصية شديدة جدا..
    وهذا جد منتشر أن أتخذ من قدراته الفكرية ولقاءاته بي معبراً إلى إمكانات القصيدة وأن فيها إمكانات موجودة بالفعل.. فالعرب آمنت بالله عز وجل وكانت نقطة بداية التسليم القرآن وفصاحته مما أثبت لهم عجزهم وفصاحته وإعجاز ما هو من عند الله فآمنوا بالغيبيات..
    وكذلك أنا ..
    لست أملك العلم الكافي لأتعرض لمثل تلك المعادلات والموازنات التي رسمها لنا بكلماته ذلك الشاعر العبقري الجميل..
    إلا أنني أحسست بدءاً أني أدخل عالما فسيحاً لا بد لي من التعامل مع مفرداته وأن أساعد نفسي لكي أرقى إلى مستواها..
    وبعد مقابلات منَّ الله بها علي مع هذا الرجل في كل تعليقاته ورؤاه التي يطرحها في مناقشته لقصيدة أو لفكرة أو لأي طرح أيا كان توثقت في ذهني نظرة احترام وتقدير كبيرة إلى هذا الكبير الذي يحمل بين كلماته سحرا من زمن شاعري خااااااااااااااااص جدا جدا..
    توقفت أسأل نفسي وأنا في ساح القصيدة هل أدخل إليه من طريق اللغة؟؟
    وفاجأتني الحركة المستمرة في العلاقات التي تطرحها الكلمات بشكل ثوري، ولعلني وقعت في مأزق عادة ما أقع فيه إذا ابتدأْتُ علاقة جديدة بيني وبين عالم من الرهبة والجمال، فكنت ألتمس الصحبة لمفردة من مفردات القصيدة ثم تبهرني سواها فأنتقل إلى الأخرى، وهكذا حتى من الله عليّ بشيء من الترتيب في تناول أبيات هذه الجميلة الراقية..
    "ما زال" ونفي النفي هنا استمرار حسب القاعدة المعروفة .. لقد أثبت الشاعر من أول كلمة أن مدى الحزن كيفا وكما زمنا وحالة.. شيء مستمر..
    وحين دخلت محراب كلمة "وجهك" رأيت بريقا من الصورة التي أرادت أن تزين النص الشعري الذي أمامنا.. لكن يأتي النداء بذكر "بغداد" بما يحمله هذا المنادى من وجع تراثي وحضاري .. وانتبهت إلى محلها في الكلام فهي جملة نداء وقعت اعتراضية بين الفعل الناقص وبين خبره..
    هل تعتقد يا أخي أن الشاعر قصد معادلة موضوعية بهذه "الحركة الاعتراضية" نعم أنا أعتقد أنه أراد أن يعبر عن أن وجع الأمة المتمثل في حالة بغداد دوما يتغلغل في أي عمل يقوم به مهما كان عملاً بسيطاً بساطة الجملة الاسمية الكائنة.. وهناك أمر آخر وجدته في استخدام الفعل الناقص، فهو ينصب الخبر وهنا تأخر الخبر بسبب جملة النداء الاعتراضية، والجملة معادل موضوعي لأي عمل مهما كان يقوم به الشاعر خاصة أو الرجل العربي عامة والصرخة التي أو الزفرة التي يحملها النداء يتخلل أركان الجملة وكذلك الألم من واقع الأمة يتخلل تفاصيل ووقت العمل المقوم به..
    هل أراد الشاعر أن يخبرنا أن أعمالنا مهما كانت بساطتها فهي في ظل ظروفنا وتقاعسنا وانهيارنا المعنوي الحالي تصاب بأمرين:
    أولا: النقص
    ثانيا: العمل الذي كان من الممكن أن ينتهي في دقيقة ينتهي في أكثر من دقيقة فهناك وقت ينزفه ذكرى الألم والحسرة المتمثل في نداء بغداد كجملة اعتراضية.
    والجملة هنا اعتراضية من النوع الذي يكون بين شرطتين لا بين قوسين ..
    ولهذا دلالة ثالثة أخرج بها ألا وهي:
    ثالثا: مدى التلازم بين العمل المقوم به أيا كان وبين الحاضر والتراث المتوجع في دواخلنا..
    آتي إلى جملة الخبر.. فبالإضافة إلى مضارعيتها ومدى الانسجام بين استمرارية المضارع هنا وبين استمرارية نفي النفي من قبل..
    أراها جملة فعلية وعلامة الإعراب التي أثر بها العامل الإعرابي "لا زال" تكون على المحل لا على اللفظ..
    فهل تسمحون لي أن أخرج بنتيجة رابعة:
    رابعاً: نقص وطول الوقت عن المعدل الطبعي وتلازم وفوق هذا وذاك فلا يبدو لمن يرى أي تقدم على مستوى ظاهري أو لأجعلها أنا من عندي حسب ما أرى على مستوى عالمي.
    وعفوا إن رجعت لكلمة "ما زال" وما فيها من نفي للنفي.. أجدها تتداخل من بعيد مع واقع الحكام العرب في قراراتهم ومن زاوية مقابلة رغبة الشاعر في الحضور مع اعترافه طبعا بوجود مرحلة النفي...
    ولعل في مضي العمر ما يثبت كثيرا مما قلت فقد اختار كلمة "العمر" يعني حياة كاملة ولكن في ظل هذه المؤثرات المزعجة التي تقطع انتباهنا وتشتت تركيزنا فسوف ينتبه كل ي بصر إلى مضي العمر ذلك الذي لن يكفي ما كان يجب أن يكفيه من أعمال..
    والجملة الأخيرة اسمية وما قبلها أحسبها اسمية..
    ولا أنسى هنا إلى أن أشير إلى تخصص الشاعر العلمي وتأثيره في تعبيراته فالنتيجة العلمية الصحيحة ثابتة لا يختلف عليها اثنان والجملة الاسمية تعطي معاني الثبوت كثر من غيرها..
    لا أحب أن أطيل ... وأحسب أني لي عودة للقصيدة لو سمح لي هذا الرجل الذي وضع اللغة في معمله الكيمائي فأسعفنا بلغة رمزية حية جدا جدا جدا من باب تحويل التراب على تبر..
    فقط أشير إلى أسلوب القصيدة من بعيد..
    الشاعر هنا يرمي سلسلة من العصور والأفكار والتواريخ أمام عيوننا إنه يطرح القضية المراد التعبير عنها بهذا الأسلوب الذي يعتمد اللغة رمزا والنحو سبيلا لينا وصعبا في نفس الوقت.. وذلك بالطبع لصاحب التفكير الهادئ المتفاهم مع إمكانيات القصيدة..
    من زاوية أخرى ..
    جعلني أسأل سؤالاً.. هل نبحث عن مبررات النص ومبادئ نقده خارج النص والشاعر..
    أم يزداد الأدب إبداعا حين نقطف مبادئ نقد النص من النص ذاته.. بمعنى لماذا لا نسأل أنفسنا سؤالا واحدا: ما الذي دفع الشاعر إلى أن يكتب بهذه الكيفية؟ وتلك اللغة؟

    يتبع....

  2. #2
    عضو مخالف
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    العمر : 42
    المشاركات : 1,799
    المواضيع : 128
    الردود : 1799
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي

    ما زال وجهك يا بغداد يحزنني
    والعمر يمضي وقلبي دائم الحزنِ



    قد يقول قارئ إن هناك تشابه وحشو لا لزوم له ولا فائدة منه.. ولكني أختلف معه بالطبع ولي وجهة نظري التي لا تلغي وجهة نظر اختلفت معها، ولعل وجهة نظر صاحب القول بالتشابه أتت من اعتبار البيت من أوله إلى آخره متعلق تعلقاً تاما ومحددا بالنداء الذي يطرح وجع الشاعر وحزنه في أحداث بغداد.. ولكن أنا أرى أنه من الجائز والجائز جدا أن يكون الواو هنا قبل "قلبي دائم الحزن" مستأنفة بعيدا عما قبلها فيكون معنى الحزن هنا غير مثبت لحادثة بغداد وحدها ولكن هو حزن عام عام عموم أيام العمر وكانت بداية تذكره حوادث بغداد..
    وهنا لا يكون هناك وجه إطلاقاً للاعتراض القائل بأن الجملة المذيل بها البيت تحصيل حاصل لما قبلها من الفعل المضارع..
    وقد تكون حالية أي حال قلبي دائم الحزن والهم وهنا تكون حدث الحزن البغدادي في أول البيت جزءاً من الحزن القلبي الدائم وقتا ومساحة يحتلها الحزن..
    وأما إن عدت عاطفة فليس هذا بدليل أبداً على تشابه المعنى إلا على احتمال وتفسير من زاوية ما.. فهناك عطف الخاص على العام ومفصل على المجمل وغير ذلك..
    فأن يكون الفعل والاسم الذي وقع في آخر البيت بمعنى واحد .. فلا قطع فيه وكذلك لا إشكال من جهات..
    فأما أنه لا قطع فيه فلأن اللغة كما قال الزمخشري هي مجازات.. فمن أراد بالقطع فليأت بمعنى الكلمة بدءا في اللغة ثم ليحكم..
    وأما أنه لا إشكال فيه فلأن اللغة تحمل إمكانيات –وقت التركيب- لا حصر لها فكما أن هناك اختلافا في تفسير الحزن في (وقالوا الحمدُ لله الذي أَذْهَبَ عَنَّا الحَزَن) أو بمعنى آخر تعديد وتنويع كل حسب زاوية فهمه وقدرته على البحث في محتويات الكلمة والظروف التي قيلت فيها.. فمن المحتمل جدا أيضا أن يكون الشاعر قصد التعديد أو ذكر أكثر من نوع من الحزن فهناك حزن الغداء والعشاء وهناك حزن عذاب وهناك حزن موت.. هذا لا أقطع به.. ولكني أحاول التفاهم مع النص بقدر إمكاني فإن فشلت فاللوم علي والنص بريء من قلة حيلتي فيه..
    وأنا أود أن أسأل سؤالا بسيطاً: ألا يجوز أن يكون الشاعر قصد في كلمته الأخيرة لفظ "الحزْن" بتسكين الزاي ثم حركها –وذلك جائز بالطبع- بسبب ///ه كيانا للتفعيلة الأخيرة في البيت..
    وحين إذن يكون قد أضاف صورة لا تتشابه إطلاقا مع الفعل ومعناه إلا ببعض المقدمات والنتائج..
    ثم هناك احتمال آخر وهو أن يكون الشاعر قصد هنا نقلا كتابياً ومعادلة تامة بين ما يحدث في الواقع وقت الشكوى أوالتعبير عما يجيش بالصدر من ألم ووجع وحزن .. فأحيانا تكون الجمل التي يقولها الشاكي تبدو للمستمع جملا استئنافية وللوهلة الأولى تتصل بعضها ببعض في موضوع الشكوى .. الشاعر هنا يبدأ طوفان شكواه بالجملة الأولى "ما زال وجهك يا بغداد يحزنني" ويستأنف بجملة ثانية "والعمر يمضي" ويستأنف بجملة ثالثة "وقلبي دائم الحزن" وأنا أكثر ما أعرفه عن الرجل يشكو ظرفا أو الشاكي عامة رجلا كان أم امرأة حين يشكو ظرفا معينا ولنجعله مثلا "ضياع مال" ونعادله هنا بالجملة الأولى في البيت،
    أليس يقول على سبيلل المثال.. "ضاع مني اليوم مال كثير يا حسرتي لقد ضاع المال.. "
    طيب أليس من المحتمل أن يأتي في نهاية الكلام ويقول "أنا عارف نفسي أنا دايما ما يتبقى معي قرش"..
    أليس الفن ذوبانا ومحاكاة للواقع وبالذات إن كان محاكاة لحالة شعورية تهز الوجدان وقت متابعتها..
    طيب وبغير احتمال أن يقول تلك الجملة "أنا عارف نفسي... " وإنما اكتفى بالجملتين قبلها، أفلم يتكرر المعنى "ضاع من اليوم مال كثير" و "لقد ضاع المال" نعم تكرر وفي هذا أشد مبرر إقناعا إن كان الشاعر كرر نفس المعنى فالموقف حال الشكوى والتعبير عن الحزن يكون التكرار من أهم سماته كما رأينا، هذا على احتمال التكرار أو التشابه أو التطابق بين المعنيين..
    وأنا أعجب من أن يرى ناقدٌ التشابهَ الحاصل في الاستمرارية بين "يحزنني" وبين "دائم الحزن" ويعتبرها حشواً، ولكنه يمر على نفي النفي الأول في "لا زال" ولا يضمه إلى قائمة المشابهات ألا يجدر لو كان هذا ديدن البلاغة العربية أن تحذف "لا زال" هي الأخرى ويبقى الفعل المضارع وحده، وهو كفيل بالاستمرارية المطلوبة؟!؟
    أما اقتراح كلمة "الشجن" بالحزن" فمن وجهة نظري أنا أرى أن في تكرار حرف الحاء ما يبرر نظرة الشاعر واختياره ومهما كان من قيمة الشين الصوتية والجيم المجاهرة بالوجع فإن للحاء مذاق الحرقة واللذوعة ولكل الحرية التامة أن يكتب بما يحسه أو يكتب ما يسمعه ويراه داخل نفسه من أحاسيس ومشاعر ورؤى
    وهناك أمر آخر وهو المفارقة الواضحة جدا من الناحية النحوية بين الجملة الفعلية التي وقعت خبرا فكان نصبها على المحل وما كنا استنتجناه من ذلك.. وبين الاسم الذي من نفس لفظ الفعل وهو يأتي واضح حركة الإعراب (الكسرة).. وبعيدا عن مدى ما توحي به هذه الحركة الإعرابية من انطفاء وانكسار فأنا أسأل هل إذا غيرت كلمة "الحزن" بكلمة أخرى كان سيكون لها نفس المذاق الفكري الحاصل من كون اللفظين "الفعل والاسم" من مادة واحدة مع اختلاف في الإعراب محلاً أو لفظاً..
    ولنأت لنرى مدى التشابه والاختلاف..
    ((يحزنني)) مضارع يفيد تجدد واستمرار الحدوث، ((دائم الحزن)).. دائم أفادت الاستمرار، والحزن مصدر أي دل على الحدث بدون وعاء الزمن..، ((يحزنني)) لفظ وحده يفيد الاستمرار..واتصل بضمير المتكلم وكان الشاعر مفعولا به.. وليس عليه أي تشكيل فلا أحد يدري هل هو ثلاثي أو رباعي..
    ((دائم الحزن)).. وهناك خلاف أرجو من الشاعر ألا يقطع فيه في نوع الحزن هنا إن كانت الكلمة بفتح الزاي أصلا، أو يذكر لنا أنه قصدها مثلا بتسكين "الحزْن" واضطر للتحريك للوزن..
    لو قلنا وقعت كلمة "دائم" صفة مشبهة والكل يعرف مدى إيحاءات الثبوت في الصفة المشبهة بشكل أقوى من المضارع، وكذلك إن أخذت على اسم فاعل فهناك فارق من حيث المعنى بين المضارع "يحزن" واسم الفاعل "دائم" على سبيل المثال..
    ولنقل إنها اسم فاعل أو صفة مشبهة فالفعل لها "ثلاثي" قطعاً وليس رباعي ترجيحا كما في "يحزنني" فهل يمكن أن نقول إن المرأة التي سئلت عن حبها لأولادها فقالت أحبهم كلهم قطعاً، ولكن يزيد حبي للغائب والمريض.. فأي روعة تبدو من كون الفعل "يُحزنني" رباعياً والزيادة في المبنى زيادة في المعنى.. وأي روعة أكثر في احتمالية ثلاثيته إذا كان الشاعر أراد أن يقول إن حزن عمره الدائم في آخر البيت يفجره حزنه على بغداد هنا وهو حزن لا يختلف وهنا يشهد وجه الشبه "الثلاثية" بغربة الشاعر ووجعه الشامل على كافة الأصعدة وتساويه وليس مثل الأم التي لديها أحد الأبناء غائب ولكن هناك آخر إلى جانبها قد اطمأنت عليه..!!!
    لو جئنا للفاعل والمفعول في البدء كان فاعل الحزن هو وجه بغداد بحذف المضاف وإقامة "وجه" مقامه، والمفعول به هو ياء المتكلم. وإن جئنا لأن يكون الشاعر مفعولا به ففي هذا ما يثبت العجز عن التصرف العملي أو المنقذ لبغداد.. أفلا يكون وقتها التشابه على فرض وجوده مبرَّراً مبررا مبررا..!!
    ولكن نأتي لفاعل دائم وهو "الحزن" فهل هو نفس الفاعل القديم.. إضافة إلى أن الفاعل القديم مضاف وليس مضافا إليه .. هناك أضيف حزن إلى "وجه بغداد/ الفاعل" وحذف المضاف كمحاولة لغوية قبل كل شيء ولكن هي محاولة نفسية في الثبوت والصمود وتأكيد احتماله أو محاولة نفسية للتخفيف وطرد الإحساس بالمكروه ومن ثم التعبير عن ذلك المكروه.. ولكن هل يدوم كتمان الوجع وبالذات إن كان أشد ما يكون؟ لم يمكن الشاعر هنا أن يخبئ الألم فذكر الفاعل/المضاف المحذوف سابقاً –ذكره في آخر الكلام ولكنه فاعل هنا مضاف إليه..
    فهل هناك تشابه مما ظنه بعض النقاد هنا؟!؟
    الحزن وقعت مضافا إليه.. أضيف إليها معنى الديمومة .. فواللـه ما أروعها تركيبا فهي تعبر عن مراحل نفسية يمر بها الشاعر مرورا عجيباً..
    الشاعر الذي كان كلاً كاملا (في ظل ياء المتكلم التي تعبر عن الشخص بكامله) ثم صار جزءاً من الكل "وقلبي/ قلبه ) فلم يعد يذكر إلا قلبه مما يذكرني بالحديث الشريف "فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" هل هناك تشابه بين تركيب الجملتين بما يؤذي النص.. أم وجوه الشبه بما خدم النص وأغناه إلى درجة الترف الفكري الممتع الموجع وكل التناقضات الشعورية والفكرية الممكنة في تركيب غني فريد ثري كهذا التركيب الرائع الوجيز الذي يشهد للدكتور محمد حسن السمان بنحو فطري وقدرة لغوية وبلاغية (واعية/أو / غير واعية) رااااااااااااااائعة..
    حسنا اسمحوا لي أن أعود مرة ثالثة في كلمتي البدن والجسم وهل وفق الشاعر فيهما أم لم..
    مع احتجاجي الشديد على أن نحكم على الشعر بما يعادل كلمتي والخطأ والصواب



    يتبع..

  3. #3
    عضو مخالف
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    العمر : 42
    المشاركات : 1,799
    المواضيع : 128
    الردود : 1799
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي

    في الصبح اصحو على أنباء مجزرة
    في الليل امسي على أنباء مرتهـن



    في الصبح بما يتضمنه تقديم الجار والمجرور متعلقين بمحذوف حال مستمرة -ما في أساليب القصر من الاختصاص والاهتمام بالمقدم وبيان مدى التفجع إذ يكون الصحو صبحاً بأنباء المجزرة، فمتى تمت هذه المجزرة؟ إنها كانت ليلاً، وماذا كان في الشطر الثاني في وقت الليل؟ لقد كانت أنباء مرتهنين . ما أراد الشاعر بالقلب أو العكس أو ذكر ثاني المرحلتين (المجزرة ) قبل أولهما (الارتهان) مع أني أرى أنه كان من العادي في التركيب أن يقول: في الليل مرتهن يصير عندما يأتي الصبح أثرا من مجزرة كائنة في أحد أوقات الليل؟ ما حكمة الشاعر في إيراد كلمتي الليل والصبح؟ لا أقصد الطباق فيهما، ولكن من المعروف جدا أن الليل والصبح يتعاقبان بلا توقف فهل أراد الشاعر أن يقول إن الليل يُرتهن فيه أناس يقتلون حتى يكون الصبح فنسمع أخبار مجزرة؟ ولا يكف العدو الغاصب فيرتهن صبحاً لتأتي الأنباء ليلاً، ووقت مجيء الأنباء لنا تكون المجزرة معتملة في المرتهنين؟ حتى إذا أصبحنا أتتنا أخبار المجزرة ووقت مجيء أخبار المجزرة لنا يكون هناك حوداث خطف واعتقال من جديد، ووقت أن تأتينا أخبار هذه الحوادث تكون هناك مجزرة أخرى ليلا تأتينا أخبارها صبحا..
    في ظل الإمكانيات التكنولوجية العالية في التصوير والإذاعة وغيرهما من وسائل الإعلام.. هل أراد الشاعر أن يقول من خلال ما استنتجنا شيئا..
    مثلا: هل هو قصور إعلام عربي؟
    أم سيطرة إعلام يهودي؟
    أم هو يشير من بعيد إلى تزييف وتعمد واضح إلى حد كبير في وسائل الإعلام التي تخجل من نشر الحقائق في وقتها؟

    وفي تأخير المرحلة الأولى "أنباء مرتهن" عن المرحلة الثانية -والترتيب من حيث احتمال وقوع الحدث- هل أراد أن يثبت نية العدو المغتصب، ومدى فشل الحكمة العربية القائلة بالمفاوضات؟ حيث إنه المرتهن يقتل في مجزرة من قبل أن تأتي أنباء ارتهانه أصلا.. بمعنى آخر هناك خطة مرسومة فالمرتهن محكوم عليه بالمجزرة وذلك واضح جلي في تقديم خبر المجزرة على خبر الارتهان.

    وأجيء لكلمة "أنباء" فواللـه ما رأيت شاعراً أبدع مثل هذه الكلمة في حياتي، وإليكم الدليل فلا أجامل.. وهو أن تجيبوا على سؤالي:هل صاحب القرار في أن نفاوض أو نحارب هو الشعب العربي؟ أم حكام الشعب العربي؟ بالطبع الحكام! أليس كذلك؟ وما دام كذلك فقد قصر الشاعر مشاركته -معبراً عن الحال الواقعة- على سماع الأنباء..
    إنها كلمة ولكنه حملت في جعبة معناها واقع أمة مريرا وما أشد مرارته!!

    هذا على اعتبار المرتهِن هو العدو المحتل مثلاً، ولكن ألا يمكن أن يكون هنا تعبير واضح عن الإرهاب الداخلي باحتمال المرتهِن من أهل الأرض العربية..
    إن البيت جمع في احتمالات المعنى فيه وبشكل غير مباشر ولا صريح -جمع أكبر مشكلتين يزعجان الشعب العربي هما العدو المحتل والإرهاب الداخلي..

    في الصبح اصحو على أنباء مجزرة
    =في الليل امسي على أنباء مرتهـن
    بعيدا عن كون الكلمات الأولى شبه جملة مقدمة، ولنا وقفة مع هذا الاصطلاح واحتمال قصدية الشاعر لبعض الإيحاءات في هذا المصطلح..
    أنا أتحدث عن عبقرية حرف الفاء في مثل هذا المعنى.. فمن دراسة للقدير حسن عباس ومحاولة رصده لمعاني بعض الحروف ألفى الفاء معبرة عن معاني الشق والانفراج.. و"في" أصلا ظرفية -كما نعلم- أي وجود يصف به الشاعر حياته في مثل هذه الاستهلال للبيت بالفاء وبالـ"في" حرف الفاء وحده أثبت أو لنقل أوحى بانشقاق واتساع أحسه حين أسمع كلمة "فأس"..
    وقد يحتج أحد ويقول أنني أحمل الكلمة فوق طاقتها وإن كانت الفاء للشق والانفراج فهناك المعنى الناعم لها ألا وهو الظرفية مثلا أو ما شابه وهنا أجيب بما عرف به شيخنا عبد القاهر الجرجاني "الكناية" فديدن الشعر أن ما كان في معرض مدح فهو كناية عن المدح، وما كان في معرض ذم فهو كناية عن الذم، وهنا ما كان في معرض إحساس بالحيرة حال كتابة الفاء فهو إحساس بالانقسام أو انشقاق الزمان المتمثل في الصبح من حول أنفاسه التي يصحو بادئاً بها..
    وانظر ما يحكيه لعم النفس عن حالات الخوف من الأماكن الواسعة. على احتمال!!

    ولعل ما أصابني برهبة ما يأتي حرف العين وما يعادله من عواء وعويل جثم في وقت نبأ المجزرة فما بالك بوقت المجزرة نفسها! وجثم في وقت نبأ الارتهان فما بالك بالمرتهن وقتها أو بأسرته أو أو!
    وما يوحي به حرف الراء في "مجزرة" من معاني الضخامة والتجمع من معان مطابقة لما يحدث بالفعل..

    يا أللـه!!
    إنني أرى الكلمة هنا تحكي حادثة كاملها بأصواتها وأعداد أفرادها!
    بداية من الميم التي تدل معانيها على التمدد والتوسع والانفتاح كما جاء عند الأستاذ عباس، وما وظيفة ذلك في التعبير عن موقف "مجزرة" وبعدها الجيم الشديدة الانفجارية
    وانتهاء الموقف إلى حرف التاء الذي يسمع صوته عن قرع الكف بالإصبع قرعاً بقوة كما يقول ابن سينا.. أي معنى أتى به التاء هل يشير إلى أن الأمر ينتهي بإشارة كهذه أو يدل على أن هذه إشارة لبدء آخر؟ إنها تصور لي ما أحس به العدو المنتصر أو الذي أثبت قوته في هذه المجزرة فقرع بإصبعيه، وعلى احتمال آخر فالتاء مصنف من الحروف الضعيفة الشخصية..

  4. #4
    عضو مخالف
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    العمر : 42
    المشاركات : 1,799
    المواضيع : 128
    الردود : 1799
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي

    أم الربيعين قد صار الربيع بها
    أشلاء طفل ومدفون بلا كفـن




    أي صورة قاسية حاول الشاعر أن ينقلها لنا من خلال "الواو" تلك التي أسميها –وليعذرني أهل اللغة وعلماؤها في جرأتي- واو "أيضا" ، أو التي تعطي معناها في كثير من التراكيب وصراحة هي قامت هنا بأكثر من دور، ودور مهم جدا..
    فمن حيث المعنى أدت إحساسا بالمبالغة و استكثار الأمر فهو طفل أشلاء، وليس هذا فقط بل هو مدفون بغير كفن..
    وكذلك روح التركيب العامي المعروف بمثل هذه الواو.. أو لنقل الشائع في الاستخدام في أي لغة من اللغات العامية وبكثرة..
    وفي تلك الدرجة من الاستخدام اللغوي يمكنني أن أقول أن المستخدم لمثل هذه "الواو" بمثل هذا المعنى هو المتحكم في لغته جيدا وليست هي التي تسوق قلمه وتصب أحباره كيفما شاءت.. فلا يمكن اللعب بالحروف واحدة البناء بهذه الحرفية إلا لمتذوق لغة محترف، وشاعر قدير..
    إن الطفل ليس أشلاء وحسب لكنه مدفون بلا كفن، وحسب قواعد استنتاج الكناية من الكلمة فإني أرى أن "بلا كفن" هنا أدت معاني آخرها بدا في "كسرة النون" تلك النون التي تناسب مواطن الوجه والحزن، والكسرة التي تحتوي معاني الانكسار وقد أجاد الشاعر إلى درجة كبيرة في استنطاق عملية الإعراب والتشكيل في حرف رويِّه وكذلك في ذات الحرف نفسه بأن كان "النون" ..
    أما المعاني التي تراها عيني في الكلمات، فـ: إما أن يكون الشاعر قصد الفقر أو الحالة المادية المزرية التي وصل إليها أهل الطفل، أو أن أهله ماتوا قبله فلم يجد من يكفنه، أو أنه لم يكن هناك ما يمكن تكفينه أصلاً وذلك له تعلق أو صلة بأحد معاني كلمة "أشلاء"، أو أنه تعبير عن نوع من الاتصال بين الإنسان والأرض..
    -لم أتيت بالأرض هنا ؟ وكيف؟
    - الربيع.. كيف يجمل الربيع في عينيك كيف تحس به؟
    - من جمال الجو والأرض في اخضرارها..
    - هكذا أراد الشاعر أن يقول حين أصر على "الربيع" فلم يذكر نباتاً ولكن ذكر "أشلاء"! أكان يقصد أن يقول هكذا صار الأمر من نبات وأشجار إلى أشلاء.. هل حدثت هذه التوحدية بين كلمتين كالتي ذكرها وكلمة "أشجار" من بداية "الهمزة والشين" وجل ما يروقنا في اخضرار الربي هو اخضرار الأشجار.. شجرة الورد وشجرة كذا و شجرة كذا... تلك الشين التي تعطي في نطقها معاني الانتشار والتفشي فــ"الأشــ"ـجار تكون أروع حين تكون كثيرة ومنتشرة هنا وهناك، وكذلك "الأشـ"ــــلاء تكون أروع وأفظع حين تكون هنا وهناك... العلاقة بين الإنسان والأرض التي هنا لا أقصد أن وعي الشاعر الكتابي قصدها، ولكني أقول إن لا وعيه طرحها في الكلمات.. كيف أخذت طينة الإنسان من الأرض.. حسب ما تقول الرواية عند ابن كثير فقد أخذ من أمكنة كثيرة، وكيف تجد الطفل الآن في البيت؟ إنه أشلاء بما في الشين من التفشي والانتشار وبما في الموازن من الكلمة التي فرضها المعنى الذي قالته كلمة "الربيع" في البيت.. أي في أكثر من مكان.. هذا طرح للعلاقة بين الإنسان والأرض من جانب وقد يكون فيه من الموعظة التي يسجلها العقل الباطن ما فيه..
    وساقني إلى أن أعيد قراءة هذه المقطوعة عند شاعرنا الكبير محمد عفيفي مطر:
    غدا .. سأخرج آخر الليل
    لأرجع طينة وأذوق طعم تحولي، وأصير جميزة
    أرى الغيطان تشرب زرقة الأفق
    وأملاً أفرعي من طيرها الليلي والأثمار
    أمد يدي أحضن أوجه الريح
    وأنتظر الصغار السمر في الصبح
    أعلمهم غناء الأرض والأشجار
    إنه إناء رحلته العمرية أقصر ما يمكن ولكن هنا طفل تحمل أشلاؤه نفس الرغبة فيما أحسب، ولكن ما شدني اكثر ذلك الالتحام الرائع الذي صادفته مع عفيفي مطر في:
    دفنا في جذور التوت موتانا
    وعدنا نملأ الأفران دخانا
    ....
    ....
    ...
    إلى أن يقول:
    "ويلتفون حول جنينة التوت
    "تسلق واضرب الفرعين بالأقدام
    فهذا توتنا الأبيض
    يمد جذوره ويمص ما بصدور موتانا
    ويشرب ما بأثداء النساء السمر من لبن
    وهذا توتنا الأحمر
    يمص دماء قتلانا
    وهذا توتنا الأخضر
    يمد جذوره بسواعد الأطفال
    صدق عفيفي/ السمان حين مزجا بين "الربيع/ أشلاء طفل" //// "التوت / الجميزة/ سواعد الأطفال"..
    كان عفيفي أكثر تصريحاً والشاعر هنا كعادته يذوب ويترك روحه ونبضه وفكره يسجلون شيئا ما يحس به.. شيئا ما تهتز به الكلمات كما حدث في بيت واحد من الشعر في أن يحقق أو يثبت تلك العلاقات الكثيرة التي أثبتناها سلفا..
    بقي التفرع الغريب الذي ألمحه بين عفيفي وأبينا السمان وهو أن عفيفي كانت سواعد الأطفال تمد شجرة التوت أو تمد شجرة التوت بالغذاء، فسواعد الأطفال أصل للشجرة، وهنا "أشلاء طفل" أنا أراها "أصلا" أو "مركزاً" تتفرع منه مساحات وفروع مع أول البيت وآخره..
    فأي عبقرية نفسية جمعت تلك المفارقة بين "أم" التي ابتدأ بها الشاعر بيته وبين كلمة "طفل"/ بين " الربيعين" بما في الربيع من أشجار وبين "طفل" صار إلى "أشلاء".
    الشاعر هنا رغم أن أول لقاء بيني وبين قصيدته أحسست أنه حين يريد أن يعبر عن انهدام السور فإنه يقول: "انهدم السور" وحسبت أن هذا كل شيء أمكنه، ولكن فوجئت أنه لا يكتفي بهذا، ووراء الجملة المباشرة التي يطلق لها العنان لترمح في ساحة البيت الشعري يوجد أسلوب لا أحسبه يتوفر عند أكثر الشعراء.. وهو أنه يقول "اختنقت أنفاس الولد تحت السور"..
    أما تطبيق المثل السالف هنا فهو جلي جدا في كيفية تعبير العبقري عن إحساسه بالفقد وتناقص الأشياء من حوله حين صار الربيعان إلى ربيع واحد، والطفل صار أشلاء فالأم الأولى بالتأكيد ثكلت والطفل بلا كفن ولا يكون الميت بلا كفن إلا إذا كان هناك ما يمنع تكفينه ويكون مانعاً قهريا
    أم الربيعين قيل هي بغداد..
    ولن أقول هنا التفات من المخاطب إلى الغائب، ولكني أتحدث عما كان من إمكانيات وجوده في ثلاثة أبيات مثل هذه ..
    أن يخاطب بغداد ثم يتحدث عنها.. هل يكون ذلك تعبيرا عن إحساسه بوجود "بغداد" فعلا؟ هي تتسرب من أمام أعيننا شيئا فشيئا فكنا نحدثها بالخطاب ثم صارت في حكم الغياب؟ هل أراد الشاعر أن يقول هذا؟ أم أراد مجرد إشراك القارئ أو الصاحب في القصيدة كما هي العادة في شعر العرب وخاصة أشعار الشكوى ؟
    كل هذه التجليات في هذا البيت الذي تفجر في عيني أم الربيعين –يجعلنا –على اعتبار القائل بتشابه المعنى بين "يحزنني" ودائم الحزن" نرى مبررا واضحا لهذا التشابه على أحد الاحتمالات وهو احتمال وجوده أصلا.. فالبيت طرح علاقة خاصة ببغداد وما يحدث فيه، وطرح علاقة عامة كونية بين الإنسان والأرض فإن كان "يحزنني" في ساحة "يا بغداد/ أم الربيعين" فإن "دائم الحزن" في "شجرة التوت عند محمد عفيفي، وما طرحه كلمات النص من علاقة أنا عن نفسي نسبتها لذوبان الشاعر وقدرته الغريبة أن يدع ما يمكنه أن يخرج أن يخرج بما يمكنه أن يخرج به..

  5. #5
    عضو مخالف
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    العمر : 42
    المشاركات : 1,799
    المواضيع : 128
    الردود : 1799
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي

    عند التقاطـع أطـراف مقطّعـة
    في القرب منها بقايا الجسم والبدن



    الجسم: هو الجسد، وكل ما له طول وعرض وارتفاع وكل شخص يدرك من الإنسان والحيوان والنبات..
    والبدن: من الجسد ما دون الرأس والشوى .. والشوى هي الأطراف.. من يدين ورجلين وغير ذلك..
    أما الجسد فلا صالح لي به إلا على سبيل الوسيلة ولا مكان له في المقارنة إلا كواسطة وليس طرفا أساسيا –من وجهة نظري-..
    والبدن هو الشيخ المسن..
    وهو الدرع القصيرة، ومن تعريفات الدرع أن يكون من الحديد أو قميص امرأة..
    فعلى المعنى الأول..
    نجد في البيت تلاحما وتكميلية غريبة.. فــ
    هناك أطراف مرمية ومقطعة، وقريبا منها يرى الشاعر بقايا الجسم.. فإن قلنا إن بقايا الجسم (على اعتبار "ال" هنا للعهد نائبة عن الضمير)) بمعنى بقايا جسدها (الأطراف) هي ما سوى الأطراف.. فإنها شملت البدن كذلك ((باعتبار الشاعر قصد بالبدن ما سوى الرأس والشوى "الأطراف" )) فما كانت حكمة الشاعر من إعادة ذكر كلمة "البدن" المتضمنة في كلمة "الجسم"؟؟
    من السهل الإجابة على هذا السؤال ببساطة شديدة جداً لو حاولنا التدقيق بشيء من الحيادية ومبدأ نقد النص من ذات النص وما يطرحه من رؤية/ رؤيا أو تشكيل معين نقله التركيب أو أسلوب التركيب من داخل الشاعر إلى جسم الورقة دون محاولتنا التدخل إلا للتفسير لا للاقتراح.. (على الأقل في حضرة من أثبت عدل الكلمة وجدارتها في مناقشاته كشاعرنا )
    في مثال صغير وقد يكون بعيدا –من وجهة نظر بعضٍ للوهلة الأولى- حين نرى قتيلا على أيدي محتل ممثلا أو مقطعاً كل جزء في ناحية.. وسوف نقسم الأجزاء المقطعة إلى:
    - أطراف من يدين ورجلين و و و
    - ما تبقى من الجسد بعيدا أو منفصلا عن الأطراف. الرأس وما تحته.
    - ونزيد هدفا أو شيئا ثالثا:
    هو أن يكون هناك جزء مقطوع أو منفصل وحده على قارعة الطريق وهو عبارة عن الجسم دون الأطراف ودون الرأس..
    أنا أسأل سؤالا واحداً هنا:-
    أي جزء مقطوع أمام الناظر لهذا المشهد سوف يوجع ويؤلم أكثر؟
    بالتأكيد وقطعاً هو ذلك الجزء الذي هو عبارة عن الجسم دون الرأس ودون الأطراف.. فهو الجزء الوحيد الذي نرى فيه قطعا من خمس جهات (عند الرقبة فالرأس مقطوعة، ومن جهتي الذراعين المقطوعتين، ومن جهتي الرجلين المنزوعتين) خمس جهات وهناك أكثر فالعادة حين يكون مثل هذا التقطيع أو الأولى أن يكون هناك عملية البقر أي شق البطن وإخراج الأمعاء.. هذا كله يحدث فيما دون الرأس والشوى التي هي في القاموس المحيط: "واليَدانِ، والرِّجْلانِ، والأَطْرافُ، وقِحْفُ الرأسِ،" ...
    من حيث ما سبق يكون لكلمة البدن التي يشملها جسم الإنسان وليس بمعناها وإنما يشملها فقط –يكون لها أهمية كبرى واهتمام خاص جدا..
    كما كانت في قوله تعالى "والصلاة الوسطى" اهتماما بالصلاة الوسطى التي هي على كل الأحوال متضمنة أو واحدة من الصلوات إلا أنه جاء ذكرها منفردة لما لها من أهمية، وكذلك البدن الذي هو جزء من الجسم بالمعنى الذي قدمنا من قواميس اللغة، ولكن جاء ذكره منفرداً معطوفا شأن الصلاة الوسطى لما له من أكبر تأثير على عيني الشاعر ونفسه وقارئ النص الذي يبحث عن الإثارة...
    وعلى احتمال نفس المعنى للبدن أن يكون الشاعر قصده..
    أذهب إلى أنه من الجائز جدا أن يكون الشاعر قصد إدخالنا إلى ساحة المعركة أو الساحة التي تبدو فيها نتائج المعركة من أطراف مقطعة وبقايا جسم وبدنٍ هناك وهناك.. فبدل أن تكون الألف واللام في (الجسم / البدن) عهدية نائبة عن ضمير أو من الممكن أن ينوب عنها ضمير، تكون نائبة أو ينوب عنها اسم الإشارة..
    فكأن الشاعر يقول هنا.. توجد أطراف مقطعة عند ذلك التقاطع وبالقرب من هذه الأطراف (المقطعة) توجد بقايا ذلك الجسم الذي كان كاملاً هناك، وأرى هناك بقايا ذلك البدن..
    بمعنى أن الجسم وبالبدن المذكورين هنا ليسا لنفس الشخص، ولكن هذا جسم أو بقايا جسم مرمي هناك، وفي مكان آخر تجد هذا البدن..
    فالعطف هنا ليس على سبيل التنويع اللفظي فقط، وإنما على سبيل التنويع للمشار إليه.. فهما ليسا واحداً ، ولكنهما اثنان وهناك من الشواهد العربية ما يؤكد أن الاثنينية هذه تستخدم كناية عن الكثرة "كرتين ينقلب إليك البصر.."
    وإن كان "ال" العهدية هنا تستوجب التقدمة لها بحيث يمكن استنطاق اسم الإشارة أو إيجادها فمن الواضح أن التركيب "عند التقاطع أطراف مقطعة" يحتوي تلك التقدمة بشكل يسعدني جدا..
    أما احتمالات أن نأخذ الجسم بمعنى أعم وليس بخصوصه بالإنسان والحيوان وحدهما، فالقول بالتشابه والحشو غير معتبر له –في نظري- بالمرة..
    وهذا على مدار معنى كلمة "الجسم" فكيف يكون المعنى ومداره في تقليب معاني كلمة "البدن"
    فعلى اعتبارها بمعنى "الشيخ الهرم" كما جاء في بعض قواميس اللغة..
    فأي ترجمة كانت في البيت هذا وما سبقه :



    أم الربيعين قد صار الربيع بهـا
    أشلاء طفل ومدفـون بـلا كفـن
    عند التقاطـع أطـراف مقطّعـة
    في القرب منها بقايا الجسم والبدن



    في البيت الأول ذكر الطفولة المشردة المقتولة.. وفي آخر البيت الثاني يذكر الشيخوخة التي تمثل مرحلة الواقع العربي المرير، أو لأنظر إليه لو على سبيل المجاز كأنه تصوير حتمي للتاريخ العربي فهو كالشيخ المسن وتلك النتيجة حتمية بسبب ما كان من صيرورة الربيع أشلاء طفل، وانتشار أطراف مقطعة هنا وهناك وبقايا جسم بالقرب منها..
    لم يحدد الشاعر هنا –بين ذكره الطفولة وذكره الشيخ المسن- لم يحدد هوية الأطراف وبقايا الجسم المقطع والمنتشر هنا وهناك-، ولكنه دفعني بشكل تلقائي إلى تصور واقع الشباب العربي وما فيه من انهيار ..
    إن الأطراف وبقايا الجسم وقعتا بين (الطفولة الأشلاء) وبين (البدن/ الشيخ المسن) وماذا بين الطفل والشيخ إلا الشاب..
    أنا لا أقطع أن الشاعر قصد هنا ما أقول، ولكن أنا سوف أكرر في كل مكان أن التشكيل النفسي له دور رئيسي في تركيب الكلمات وحالة الذوبان التي يمارسها مثل شاعرنا في الموقف أو القضية يكون له تشكيل من نوع خاص.. وبالذات إن كان الشاعر رجلا علميا كشاعرنا هنا أيضا ومعمله يسير بمقادير وكميات معينة لا يمكن للمعادلة أن تتم إلا بتحديدها ..
    ولذا لا أقطع بوجود ما قلت ولا أنكر احتمالية وجوده.. ويبقى قدرتي على الاستمتاع بمثل هذا الجدل العقلي اللذيذ بيني وبين تراكيب النص، ومناقشاته لخيالي بجدية الفن الجميل..
    ومن زاوية ثالثة فلو أخذناها بمعنى الدرع.. وهي معطوف على كلمة "الجسم" التي هي مضاف إليه ..
    فالمعنى هو بقايا الدرع وعلى احتمالية معنى الدرع أن يكون من نوع الحديد فيقصد الشاعر استلهام التراث في تلك الكلمة وما كان يمثله "الدرع" من وسيلة حماية، وقد صار الآن بقايا درع.. فليس كاملاً، وفي هذا ما فيه من الإيحاء بانهدام وانهيار القوة العربية في مواجهة الآخر..
    وعلى احتمالية أن يكون الدرع بمعنى القميص ففيه معنى من معاني العري الذي أصاب الشعب العربي..

  6. #6
    عضو مخالف
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    العمر : 42
    المشاركات : 1,799
    المواضيع : 128
    الردود : 1799
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي

    سرادق الموت والتقتيل قد نصبـت
    عند المساجد , في الأحياء في المدن



    أولاً: إنني حاولت أن أحدد الموقع الإعرابي لكلمة "سرادق" فأنا وقعت في حيرة.. الكلمة لها استعمال عامي، واستعمال فصيح، وقد يعاتبني بعض من يقرأ هذه النظرة لي الآن، ولكن أنا من أهم مشجعي أن يكون كاتب القراءة قريبا من الشاعر، وأنا لمست كثيراً مما يدل على التأثير العميق في الشاعر من ناحية استخدام الكلمات والأساليب بروحها الشعبية فهو حين أطلب إليه أن يدعو لي يدعو لي بروح الدعوة من أعماق العامية السورية ودلائل أخرى، ولذا فأنا توقعت من ضمن احتمالات الكلمة هنا أن تكون تأثراً بالعامية السورية ، ولعل أحداً يقول ما الذي حدا بي إلى مثل ذلك الاحتمال، والإجابة بسيطة وهي إن قرأنا "سرادق" في موقع "مبتدأ" والفعل "نصبت" خبراً " عنها، فإن المعروف في الفصحى أنها مذكر، ولكن الفعل هنا مؤنث وهو المعروف في اللغة السورية أو ما عرفته من أحد أصدقائي السوريين أنهم يستخدمونها هكذا مؤنثة في الكثير من كلامهم..
    هذا كان أحد الإيحاءات الغنية التي تحملها نفس الشاعر أو قدراتها واعية كانت أو غير واعية على الالتحام بالتراث وتلبسه لدرجة لا تمنح الشاعر فرصة إلى التفكير في التشكيل الفصيح بقدر يسمح بالانعتاق من سطوات التمازج العمري الذي يقضيه الإنسان في أحضان لغته العامية بما تحمله هذه اللغة من مواقف بالتأكيد هي تحمل المشاعر المختلفة الكثيرة والعميقة، ولعلنا نستنتج هنا ملمحاً من شخصية الشاعر العظيم هذا الذي لم يخط كلمته هنا ولكن رسمته الكلمة أو ارتسمت بما يمكنها من أعماقه البهية السخية الجميلة الرائعة، والملمح هو صدق الشعور وتعمق الإحساس بالموقف الحياتي الذي عاش به الشاعر في بيئته التي استخدم فيها الكلمة العامية / الكلمة بروحها وأسلوبها وحالتها الاجتماعية الشعبية.. فقد شكوت ذات مرة إلى أحد أساتذتي عبر الماسينجر من قصور ذاكرتي فقال لي: أنجع علاج للذاكرة هو صدق الإحساس والكلمة فإن الصدق يطبع في الذهن تفاصيل الموقف بما لا يدع للذاكرة مفراً من أن تتذكر الموقف كاملاً..
    أما من إيحاءات الكلمة تراثياً في جلال الفصحى..
    فما أسعفتني قراءتي القليلة إلا أن أصادف هذه الكلمة في بيتي شعر:
    قال سلامة بن جندل يذكر قَتْلَ كِسْرى للنعمان:
    هو المُدْخِل النُّعْمان بَيْتاً، سَماؤه
    صُدورُ الفُيولِ، بَعْدَ بَيْتٍ مُسَرْدَقِ

    فبالتأكيد دلت الحروف التي نابت عن "سرادق " هنا –عن العظم والبهاء والامتداد الذي وصف بهم البيت..

    وفي البيت الآخر:
    قال رؤبة:
    يا حَكَمُ بنَ المُنْذِر بن الجارودْ،
    أنتَ الجوادُ ابنُ الجواد المحمودْ،
    سُرادِقُ المَجْد عليك ممدودْ


    وهنا كان من صفاته الامتداد


    قال لبيد
    يصف حُمُراً:
    رَفَعْنَ سُرادِقاً في يوم رِيحٍ،
    يُصَفِّقُ بَينَ مَيْلٍ واعْتِدال

    وهنا أتى ذكر "السرادق" في موقف اضطراب الريح وقلقها، وهو هنا بمعنى الغبار الساطع


    أما الأهم فهو إيحاءات الكلمة في المواقف القرآنية وهذه الإيحاءات أجلى في أحقية الكلمة بمعنى معين دون غيره..
    " أحاطَ بهم سُرادِقُها" في صفة النار أعاذنا الله منها

    وقال
    بعض أهل التفسير في قوله تعالى: وظِلٍّ مِنْ يَحْمومٍ؛ هو من سُرادِقِ أهل
    النار


    إن الكلمة هنا في هذا البيت جاءت غنية بدلالات شتى حاول الشاعر قاصداً أو مدفوعاً بما تحمله ذكرياته من مخزونات أن يشرحها لنا في القصيدة، فهي تحمل معنى العذاب والتوجع والاختناق الذي يكاد يقتل من يسجن في جو من الدخان والحريق، وأكثر من هذا ما حمله لنا بيت شعر لبيد من انتفاضة الغبار وما يوحي به من جو المطاردة أو الحرب ..
    إن أرض العراق مليئة بكل هذا، بالغبار والدخان والعذاب والحريق والتوجع في السين بحركتها الصوت المصفرة كأنها أصوات الحديد الضارب (ولعل في هذا استلهام لأصوات السيوف، وما يوحي به عند هذا أيضاًم مما يجري في بعض الدول العربية المغلوبة على أمرها حيث لا يملك أهلها من العرب سلاحاً إلا ما تبقى من تراث الأجداد، وهو الآن لا يملك مما مضى إلا حركة السين في صفيرها الحاد الرفيع الذي لم يلحق بالصاد في سمعي أنا على الأقل وأنا أشاهد القصيدة تتحرك أمامي في مشاهد تصويرية كفلتها لي إيحاءات الكلمات ودلالاتها المتناثرة هنا وهناك تناثر القتلى في السرادق وعند التقاطع وما بالقرب منها) وفي تجمع وضخامة وكثافة الغبار والدخان والقتلى وعملية التقتيل ذاتها التي توفرها لنا حركة حرف "الراء" والتي سبقت أن تكلفت بإيجازها أصوات "الراء" في كلمة "مجزرة" من قبل..

    وفي صوت القاف قلقلة الجو المثار في حضن السرادق، ولئن زعم قائل أن "سرادق" لم تكتسب معاني العذاب وغيره من ذاتها ولكن من سياقها ، وبالرغم من امتدادت المعاني التي نفثتها في آذان العقل هنا أصوات الحروف، فإن الشاعر كذلك لم يكتف بدلالات أصوات الكلمة في إبانة إيحاءاتها ، ولا اكتفى بموروثات الكلمة من النص القرآني وإنما أضافها إلى "الموت والتقتيل" بما في كلمة "الموت" من معنى النوم والسكون والبلى.. فإنه جمع في هذه الكلمة أجواء أعمق بكثير مما تحمله استخداماتنا لهذه الكلمة في حيواتنا ومواقفنا بل وأشعارنا التي لم نكتبها بموازين رجل كيمياء يستخدم الموازين الدقيقة في معامله.. ولذا أنا أشهد أن تحليلنا لكلمة سرادق من كل هذه الوجهات (ولا زال في تحليلها بقية) كان ملائما تماماً، وما هذا المشهد السينمائي المتحرك فهناك من نام أو أصابه الجنون مما يؤديه الاشتقاق "موتة" بضم الميم، وهناك من سكن لا تبين شاشة السينما هل مات أو نام أو خاف الحركة لأي سبب أو أو، ولكنه سكن ، وهناك من بَلِيَ وأكثر ما يأتي فاعلاً لهذا الفعل هو السفر والهم والتجارب إنها والله عبقرية لكلمة وعبقرية الحركة التي ترسمها آفاق الإحساس عبر الانتقاء الواضح والموزون في الكلمة إن هناك نيام والنوم قبض للروح ومنها ما يعود ومنها ما يبقى في قبضة الله، فما يسبب هذا النوم هنا، إننا في وقت الحزن ننيم الطفل الصغير وينام بعضنا من ثقل الموقف إذ يذهب قدرتنا على التحمل فهو أن يغمى علينا، ومن ينام قسمان: قسم يعود إلى الحياة، وآخر يبقى هناك في نومه إلى أن تقوم الساعة، وهناك ما تؤثره في بعضنا الحرب والمجازر وهو ما توحي به كلمة "مُوتة" من فقدان العقل في غمرة الجنون، وهناك السكون الذي يجمع مشاهد التعزية ولحظات التدبر والعجز و و و ، وهناك أخيراً البلى ذلك الذي يشمل بلاء الثوب، وكذلك بلاء الإنسان، وما إيحاءات البلى في ذهن التراث اللغوي على الأقل بالنسبة للإنسان: إنه بلى السفر، والتجربة والهم .. أو الهجرة والمطاردة واللجوء إلى البعيد، ومشاعر الحرب وتجربتها القاسية ، وما يتخفى أو نعلنه في نفوسنا من حزن..
    ولعل أول ما يصادفك في كلمة "والتقتيل" حرف العطف.. وما أثقله باعتبار ما بعده إن كان ما قبله ثقيلا .. ما بعده "التقتيل"
    - من الفعل "قتل" على وزن فعّل" وهو ثلاثي مزيد بحرف عبر التشديد.. وفيه إيحاء بشدة القتل والإمعان في تجربته سواء من قبل القاتل أو من قبل المقتول الذي لا تكون قتلته عادية ولكنها صعبة أشد الصعوبة أو من حيث عدد المقتولين..

    - "تق"ـــ"تيـ"///"تَكْ"ــ"تِكْ"ــــ"تيـ"..
    أتجد تشابها بين تيكما؟
    بعد صلاة الفجر وأنا عائد من المسجد أعدت هذا البيت على لساني وتمعنت.. ووجدت هذه النغمة تفرض نفسها عليّ، ذكرتني بساعة الحائط في البيت، وصوت الساعة على حاسوبي، وحكت لي صوت النبض "دق القلب"، ووصوت المطرقة، وصوت الضرب لأسمع صداها فكأن الضرب إصدار الصوت صوتاً كاملاً والصدى رجوع الصوت بغير كمال.. وكذلك ضربة "تق",, فإن صداها يرجع بحرف التاء وحدها.. فهل أرادت عبقرية الفكرة الموزونة عند الشاعر أن تقول إن الضربة الأولى تكون شديد واضحة في الأذن "تق"، حتى أن الضربة الثانية لا يحتاج قاتلها أن يكملها ويكتفي منها بحرف "ت/التاء" فقط.. وما حرف المد هنا في تصوري إلا كالهوة السحيقة التي تنزلق فيها روح القتيل أو المنحدر الذي ينزف منصباً من خلاله دم المسفوك دمه في الـ"ـتقـ"ـ"ــتــ"..
    وما أغرب اللام وقد تخيلتها بقمتها العالية إلا تحكي مدى ارتفاع نافورة الدم المسيل فوق لينزل في صحن اللام المقعر فيما بعد، ومع أني أرى صحن اللام هنا خالياً من الدم إلا أني أراه كأنه معادل كتابي أن ما يسيل من الدم مخفي عن الأعين، ويحدث أكثره في الظلام..
    ولذا تبدو تقعيرة اللام هنا فارغة..


    والفعل نصبت باعتبار "سرادق" مبتدأ أراد الشاعر الإخبار عنه، مستأنفاً جمله الاسمية المتتابعة، مستغلاً ما للجملة الاسمية من ثبات المعنى في النفس وتوقد آثاره في الذهن.. فالفعل هنا مبنيّ للمجهول.. فالسرادق –بالعامية- مؤنث عاد عليه الضمير الكامن في "نُصبت"..

    وأحسب أن هذا -بالرغم من انسياقي وراء نظرتي في احتمال وجمال الروح الشعبية في الاستخدام- أحسن من أن أجعل "سرادق مفعولاً به للفعل نصبت "ويكون الفعل مبنيا للمعلوم وفاعله في البيت السالف على ما نحن في رحابه من "أطراف وبقايا" فكأن الأطراف –مجازاً نصبت هذا السرادق، ورأيي هذا لأنه لو كانت مفعولاً به والفاعل ما قلنا من "أطراف/ بقايا" لاضطررنا إلى التنازل الجبري عن كثير من معاني "السرادق/ الموت/ التقتيل) وما تؤلفه لنا من حركة سينمائية رهيبة ولقطات متسارعة شديدة الوضوح وقادرة على الحكي المرئي المسموع...
    ولأني أطلت في هذا البيت فأكتفي بالتلميح إلى جمال دقيق أثبتته ظرفية الفاء في "في" بتكرارها مرتين..
    أما الألفاظ والمعاني فللوهلة الأولى اعتقدت أن بعضها يغني عن بعض، ولكني اكتشفت خطل اعتقادي.. ويكون هذا ببعض التدقيق..

  7. #7
    عضو مخالف
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    العمر : 42
    المشاركات : 1,799
    المواضيع : 128
    الردود : 1799
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي

    بالله اسأل يـا بغـداد, أيـن هـمُ
    أين الذين همُ الفرسان فـي المحـن



    ها هي بغداد تلوح في حياة الحركة الشعرية والخطاب الواضح من جديد.. إن التحدث عنها بضمير الغائب يحمل لنا فترة بالتأكيد مر بها الكثيرون إذ أحسسنا بفقدان الأرض فعلا.. لكن تبقى الأرض حاضرة، وتتضح الأمور أكثر وأكثر كما بين الشاعر من قبيل في تقسيمات الظروف بين طائفي ، و..، و..، والآن يؤكد عودة الخطاب أن بغداد لن تموت ولم تمت وإنما السؤال الذي يحق الاستفسار والإجابة عنه عن أصحاب البلد..
    وهنا الشاعر ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، ولم تكن العادة في هذه القصيدة غير ذلك الضرب بحجر واحد أكثر من عصفورين..
    إنه ذكرني أيضا بكليلة ودمنة ولكن بفارق تصويري واستعاري بسيط بين المثال وبين واقع القصيدة.. فالكتاب تحدث عن الحيوان قاصدا أمور حياة الإنسان.. والدافع لذا معروف عند صاحب كليلة ودمنة..
    ولكن الدافع عند الشاعر هنا مختلف..
    لنبدأ بالعصفورين:
    فلا أحد يمكنه أن ينكر أن الشاعر لا يطالب أبناء هذا العصر بمعالجة هذه الإهانات.. وفي ذات الوقت تفرض كلمة "الفرسان" نفسها بظلالها التراثية..
    إنها كلمة واحدة جمعت بين تراث الفروسية في عصور العرب الإسلامية القديمة وبين أبناء العصر الحالي، وهو لا ينادي كل عربي على الإطلاق ولا كل من حمل لقب "فارس" ولكنه ينادي "من يستحق هذا اللقب" في موقف محدد وصريح في التعبير عنه في لفظ "المحن"..
    في أول الأمر جاء في فكري أنه يعاتب فرسان العصر الحالي.. وجاء في فكري كذلك أن كلمة "فرسان" قد تحمل فيها معنى التهكم والسخرية ممن يدعون معنى هذه الكلمة لأنفسهم سواء أكانوا من حكامنا أو من غير حكامنا..
    ولكن التحديد والحصار الفكري الذي فرضته كلمة "المحن" كظرف لكلمة الفرسان.. أطاح باحتمالاتي وأبقى لي واحدا فقط ألا وهو أنه يقصد من ثبتت فروسيته بالمحنة، أو من له بالفعل -لا بالقول ورتب الألقاب فقط – استحقاق لمعنى أن يكون فارساً بما بذل أو ضحى أو على المجازية المستقبلة على أي حال..

    ولعل في مجيء كلمة "المحن" في قافية البيت وما تمثله القافية من حد يجب الوقوف عنده قليلاً –لعل في مجيئها هكذا ما يقطع برؤية واضحة عند الشاعر ولا نقاش فيها.. فالحل لا يكون إلا بــ"الفرسان في المحن".. فقط "في المحن"..
    ولا عتب على الشاعر في حديثه عن الفرسان وكأنهم في حكم الغياب عن عينه من زاويتين في تدبر البيت:
    1- لماذا لم يبدأ الشاعر بنفسه فيتحدث عن جنديته وفروسيته في مضمار المحنة الحالية..
    2- والثاني أن الحل من وجهة نظر الشاعر عسكري بحت وهذا يتضح في الفرسان

    ولكن الرد هنا .. بأن نقبل على حياة الشاعر، ونستمد منها مبررات الكلمة، ولا أحسب شاعر من الممكن أن نستمد من حياته مبررات الكلمة كالشاعر الدكتور محمد حسن السمان لما يحمله من إحساس فكري واضح بالكلمة وزينتها البلاغية من حيث البعد المعنوي لها..
    إن الشاعر في ستينياته وهو بهذا في شيوخ القبيلة عرف قدر حكمته فمارسها، وأحسب أنه لا غبار أن كان رئيس القبيلة أو حكيمها يبث الثقة في قلوب فرسان القبيلة ولا ضير ولا جبن ولا تقصير في هذا .. بل إن الإنسان لا يمكنه الحركة بدون عقل القبيلة.. وها هو الآن وتبدو حكمته اللا محدودة في اختياره كلمة الفرسان .. ولا أكرر حديثي عن ظلالها التراثية وشمولها التاريخ الماضي والحاضر.. ولكن أتناولها مجيبا على المحك الطرح ثاني الاثنين السالفين ألا وهو:
    2- والثاني أن الحل من وجهة نظر الشاعر عسكري بحت وهذا يتضح في الفرسان

    إن كلمة الفرسان بما تحمله من معان لا تقتصر على الحياة العسكرية في حدود التدرب على استعمال السلاح..
    ولكن لها ظلال عربية واضحة في أخلاق الفارس العربي.. وتمسه بالنبل والقيم الإسلامية الواضحة الجلية الجميلة..
    وظلال أوسع وأعمق من ساحات العصور الأخرى غير العربية وما كان يحتله لقب الفارس من مكانة اجتماعية وأخلاقية و و..
    فالشاعر لم يثبت لنا بكلمة "الفرسان" إلا حكمته الكبيرة ورجاحة عقله واطلاعه على خلفيات الكلمة في حضور الثقافات المختلفة وكذلك أنه يستحق أن يكون في عداد الحكماء الذين يمثلون العقل المدبر.. ويفكرون بحكمة الحكماء لا تسرع الشباب والحول المفتقدة للتركيز..

    في تركيب الجملة "أين هم
    أين الذين هم الفرسان في المحن"

    ما هذه السحبة اللغوية القاسية؟
    أي معادلة قصدت أيها الشاعر الذي يعيد صياغة اللغة من جديد أمام عيني وكأني لم أقرأ سياقات من قبل؟
    إنهم قالوا لك "همو" وأنت لم تغيرها..
    أعرف عنك أنك تكتفي بلحظة الكتابة وسطوتها وأحاسيسك هي التي ترسم اللغة لا يدك ولا فكرك..
    معنى هذا أنك بالتأكد كنت تعيش حركة ذهنية أو قلبية معينة جعلتك:
    أولا: لا تعتمد التغيير بإشباع حركة الضم في بعد الميم، مع أن عدم الإشباع يوقفك على متحرك..
    وثانيا: أنك في مسيرتك الصياغية في السؤال الأول "قلت أين هم؟".. إلى "أين الذين هم...؟".

    وكما جاء في دلائل الإعجاز أنك لا تصل "الذي" إلا بجملة من الكلام قد سبق السامع علم بها!!
    إنه يدفع عن السامعين أو القراء أو المحيطين به إنكارهم بعدم العلم بالإجابة..
    لأن ما بعد "الذي" معلوم للسامع عينا أو إشارة..
    إنه تراجع كتابي قطع فيه الشاعر كلمته ولم يكمل الإشباع..
    وهل فوق ذلك بلاغة أن ينقل لي حركته الفكرية والنفسية وهو يعبر عن معنى من خلال الكلمات..
    يمكنني أن أقول إنه أقرب إلى شاعر الارتجال رغم كل هذه الحركية التي في الكلمات ..
    إنه ينقل لنا ما يعتمل في نفسه بالضبط.. هو الصدق الذي أثبته من قبل وأكرر الحديث عنه.. صدق التجربة وصدق الشاعر مع نفسه.. والتحامه المبارك بموضوع الحالة التي يعيشها التحاما فريداً من نوعه.

    إن الوقوف على متحرك في العروض ينقل لنا معنى سلسا جدا ألا وهو أن الشاعر لم يسكن.. ولم ينهِ معناه المراد ولكنه قطع الكلام وما زال في حركة فكرية ونفسية متأججة ليفي بالمرغوب الذي أمرت به ظروف الكيمياء وحلولها المختصرة بالمعادلات بدلاً..
    ولعل في هذا ما يحكي لنا صفة مهمة جدا من صفات الأستاذ الجامعي أو الرجل الحكيم وهما يتفقان فيها هنا ويتفق معهما الأستاذ الجامعي والشاعر الحكيم الدكتور محمد حسن السمان معهما كذلك في تلك الصفة وهي أنه يعرف ما يمكن أن يدور في فكر من أمامه من الرجال أو طلاب العلم فيكفيه مئونة السؤال...
    وكذلك فبدلا من أن يقول أين هم الفرسان في المحن؟ فلا يجيب أحد..
    فإنه قال أين الذين يتصفونه بالصفات التي نعرفها ونعرفهم بها تمام المعرفة؟
    ولعل في كلمة "فرسان " إذا رجعنا إلى أحد اشتقاقاتها "الفراسة" ما يتناسب بشكل كبييييييييييييييييييير جدا، مع كيفية طرح السؤال الذي تضمن إجابة على سؤال توقعه شاعرنا حكيم اللغة ولغوي الحكمة الدكتور محمد حسن السمان..

    وما كان أبدعه سائلاً حين لم يذكر مفعولاً به للفعل "أسأل" فكأنني به "أتساءل" أو هو أسأل "ليس أنت يا بغداد وحدك، ولكن أسأل كل من يمكنه قراءتي؟".....

  8. #8
    عضو مخالف
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    العمر : 42
    المشاركات : 1,799
    المواضيع : 128
    الردود : 1799
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي

    من يحقنون دماء المسلميـن , فمـا
    يسعون إلا لوجـه الله والـوطـن




    هل هذا البيت خبري، والمراد هنا أن تكون "من": مبتدأ وخبره هو جملة "ما يسعون إلا ..." والفاء زائدة لشبه "من هنا بمن الشرطية..

    أم هو متعلق بإنشائية البيت السالف والمراد السؤال عن الذين يحقنون دماء المسلمين أين هم؟ وهنا تكون الفاء عاطفة للفعل على الفعل صلة "من"؟

    إنها خاتمة نبعت من نفس الشاعر.. فهذه هي رؤيته التي يسعى لأجلها..
    "من أجل الله والوطن" ولا يخفى على دارس للعربية أن "الواو" تستخدم لعطف وتفاوت في مقدار الزمن والقدر بين لمعطوفين بإذن الله..

  9. #9
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    الدولة : صافور
    العمر : 40
    المشاركات : 39
    المواضيع : 3
    الردود : 39
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    هذه أجازتي..
    وأنا عند أحمد..
    كان ممانع أن أعلق..
    ولكن أنا كنت معه دائما وهو يكتب التعليقات على القصيدة..

    جميلة جدا

  10. #10

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. تأملات شاردة في محراب سرادقٍ نبيل: "سرادق الموت لشاعرنا الفذ الدكتور محمد حسن السمان
    بواسطة د. مصطفى عراقي في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 14-09-2012, 02:57 AM
  2. عًٍ ى دًٍ
    بواسطة اسماء محمود في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 28-10-2008, 05:11 PM
  3. اللغة / الصورة / الاستدعاء .. في (سرادق الموت) عند الشاعر الدكتور محمد حسن السمان
    بواسطة أحمد حسن محمد في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 31-05-2007, 12:04 PM
  4. الخليلية/كتابة القصيدة ترجمةً للحركية الفكرية والنفسية والجسدية للشاعر في سرادق الموت
    بواسطة أحمد حسن محمد في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 17-05-2007, 06:11 PM