أحدث المشاركات
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 29

الموضوع: أيها المنافق ...أيها المستحيل ...!!!

  1. #1
    الصورة الرمزية راضي الضميري أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    المشاركات : 2,891
    المواضيع : 147
    الردود : 2891
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي أيها المنافق ...أيها المستحيل ...!!!

    كلما اقتربت من حلمي و من شاطئ الأمان ، تقتحمُ عليَّ عالمي بدون استئذان ، وأنا أعوم في بحر الصّبر، ، تحطمُ بمخالبك مركبي ، تنثرني قطعًا ، كي تسهلَ عليهم اصطيادي ، وتأكلني حيتان اليأس ، لتعيدني إلى نقطة النهاية من جديد .
    أيها المنافق ... أيها المستحيل..
    لعلّكَ لم تعّرفني جيدًا، فأنا لن أتوبَ عن حلمي الكبير ، لن أمزقُ شراعي ، ولن أحطم مركبي ، و لن آكلَ يديَّ ندماً على فشل محاولاتي الكثيرة ، وسأقوم مرة أخرى ، ألملم أشلائي ، وأصنعُ مركبَ حياتي كي أعود من جديد ، أحاول مرات ومرات أخرى ، ألم تعرفْ بعد ، أنَّ من هو مثلي لم يعد يملكُ شيئاً ليخسره ، فتعال إليَّ متى شئت ، وكيفَ شئت ، فلن ترى مني غيرَ هذا ، صبْرٌ وإصرارٌ على مقاومة جبنكَ وغدركَ الكبيرين.
    أنتَ لم تعرفني جيداً، فلماذا تجعلُ من الممكن مستحيلا ، تنافق وتدعي خوفكَ عليَّ ،وقد جئتني في وقتٍ تكالبَ فيه الأعداءُ عليّ ،بعدَ أن سددوا في خاصرتي طعنات الموت ، هل تظن اني سوفَ أستسلم ،اطمئنْ فما زلت أسير ، رغم كلَ جراحي وآلامي الكبيرة ، ورغم الغربة و المنفى ، ما زلتُ أعرف كيفَ أتنفس ، وما زلتُ أحبُ الحياة ، وأرفض التنازل عن حريتي ، فتعال إليَّ ، تعال وخذ مني حتى ترضى ، ولن ترضى ، ولن أجعلكَ ترضى أبداً ما حييِّت .
    قد تنتظرُ طويلاً ، ولسوفَ تصبرُ مثلي تمامًا ، أنا أقاومُ بصبري كي أعيش ، و أنت تقاوم غباءك كي تقضي عليَّ ، وحتى لو متُ قبلَ أن أصل ، يكفيني أنكَ تعرفُ أني أعرفُ أنكَ لم تهزمني ، رغمَ أسلحتكَ الكثيرة ، ورغم أعوانك وطابورك الخامس ، ورغمَ كثرة الخونة والمنافقين .
    سأقاوم عداءك، رغمَ تجاهلي من قبَلِ من هم حتى ليسوا باعداءٍ لي ، رغم عدمَ مساعدة القريب والبعيد ، سأقاوم ، وسأعترفُ لكَ بأمرٍ حتى تكونَ أكثرَ عداءً وأكثرَ جبنًا وأنت تطعنني فوقَ جرحي ، ساٌقول لك ، نعم ، يحزنني أنني وحيدٌ ، وأن هناك من يعاونك على قتلي ، وأنا أعذرهم ، أرأيت ، كيفَ أصنعُ من شدّتي دواءً يعطيني أملاً في متابعة المسير ، كيفَ أصْبرُ على سوء طالعي ، كيفَ أعذر من يعرفني ، ومن لا يعرفني ،وكيفَ أعذرُ من يخذلني وهو يعرفني ...
    لَيْتَهم عرفوني أيامَ كنتُ سيدًا في عالمي ، لو رأيتني يومها وأنا أحفرُ بيدي على صخر الحياة ، أقاوم رغم معاناتنا الكبيرة ،أنشدُ حياة كريمة وسلاحي الأمل ، أردد لمن حولي " لكي تعيش عليكَ أن تكون جديرًا بهذه الحياة ، حرًا ، عزيزًا، كريمًا ، سلاحك الأمل والصّبر ، وكرامتكُ تساوي حياتك ، تُعْرفُ بها ".
    لو رأيتني وأنا أسبحُ عكس تيارك في زمنٍ كانَ لي بكل تفاصيله ، لو رأيتني وأنا ألتهمُ كتبَ المعرفة ، وأنا أحتضنُ في ذاكرتي وفي مكتبتي ، كتبَ الأقدمين والمجددين والمعاصرين ، فها هي الإلياذة والأوديسا، تحاكي مأساة قومي الحزينة ، وها هم فلاسفة اليونان ، ينسجون الحكمة والمعرفة ،وهذه المدينة الفاضلة ، تعطيني دفعًا كبيرًا نحو المعرفة ، نحو الحياة .
    لو رأيتني وأنا أعطي دروسًا في المعلقات ، أحفظُ منها ما يعجزُ عنه أقراني ، لو رأيتني وأنا اكتبُ بحوثا عن جاهليتنا الأولى وعن صدر إسلامنا الحنيف ، لو رأيتني وأنا أغزلُ من كليلة ودمنة أناشيد الحكمة على لسان حيوانات تفقه أكثر من حكامنا المتاعيس ، لو رأيتني وأنا أكتبُ بحوثًا عن مقدمة رائد علم الاجتماع الحديث، لو رأيتني وأنا أتغزلُ بأشعار الأندلس وفردوسه المفقود، وأتعملقُ في فهم تهافت التهافت ،" اقرأ يا فتى حتى لا تظلم غزال العلم ، وأمسك بناصية الحقيقة وابحث قدر ما تستطيع ". لو رأيتني وأنا أقرأ عن البخلاء والحيوان ، و أحفظُ ما أحفظ من صحيح الحديث ، لو رأيتني وأنا أتعلمُ من تاجر البندقية وذاكَ البائسِ "عطّيل" ، لو رأيتني وأنا أنسُجُ آمالاً كبيرة وأقصُ القصّصَ عن مدينتين لأعرفَ كيفَ يكون الحب والتضحية ، لو رأيتني وأنا أحارب الفقر والظلم دفاعًا عن بائسي وطني الحزين .
    لو رأيتني وأنا أتابع سيرة الرابطة القلمية وغربة أصحابها وأرواحهم المتمردة ، لو رأيتني وأنا أكتب عن العصبة الأندلسية ، لو رأيتَ كيفَ كان سليمان الحكيم يلهمني الدروس ، وكيف كنت أنهلُ العلم من العبقريات ، وكيف كان شعرنا الجاهلي يتناثر على موائد بحثي وأنا أتابع علْم من أبصرَ وهو ضرير .
    لَيْتك رأيتني وانا أنشدُ " مديح الظل العالي " أقفُ صامدًا وسط كلِّ فوضى أمتي وهامتي لا تلين ، لَيْتكَ رأيتني كيفَ كنتُ أرتبُ فوضى هذه الحياة ،أصنعُ الأملَ وسطَ جحيم الدمار وأرددُ "دمي على كتفي" و لا أخشى الموت ، وسياطُ الجلاد تأكل أكتافي و قلبي كصخرة لا تلين.
    لو رأيتني وأنا أسيرُ تحتَ فضاء المتوسط ، و في مدن الملح ، أقطعُ المسافات الطويلة ، أبحثُ عن مرزوق ، وعن عُشبةٍ فيها دواء وصفها لي طبيبٌ، قال ستجدها في صحراء وطنك ، فابحث يا ولدي ولا تيأس وكن "متشائلاً " في أسوأ الظروف .
    لو رأيتني وأنا أحلم بالعودة إلى حيفا ، ويحدوني أملٌ كبيرٌ ، واضعًا نصبَ عيني وطني ، وأقول بكل فخر هذا الوطن في العينين ، ولسوف أجرؤ على الشوق إليه ما حيِيتُ.
    لو رأيتني وأنا أعبثُ بـ" سيزيف" وأسطورته ، وكيف جعلتُ من الدوامة عنواناً كتبتُُ من خلالها تاريخ انقلاباتنا العسكرية في أوطاننا الحزينة ، لو رأيتني وأنا أصارع سمكة ذاك الشيخ في بحر تلاعبَ بي مده وجزره ، فلم أستسلم وخضتُ غمار موجه بحثًا عن غذاءٍ لروحي رغم الألم الشديد.
    لو رأيتني أيها المستحيل ، وأنا في بداياتي ، أرتقي سلمَ المجد ، أضعُ وردةً حمراءَ على صدري حتى يعرفَ من سيكرمني بأني أنا الفتى ، وأني من أوائل المطالعين.
    أعرفُ أني أنا من مهدَ لكَ الطريق ، وأني أنا من ساعدك في لحظة جنونٍ على اقتحام عالمي ، في يومٍ لم أعدْ أتذكرُ ملامحه ، في يومٍ تغيرَ فيه كل شيء ، تكالبت فيه المحن عليّ من كلِ حدبٍ وصوب، فطُعنتُ في ظهري كما طُعنت أمتي من قبلي ، فضعتُ بين حزني على نفسي وعلى أمتي ، وأعرفُ كيفَ صنعتُ بيدي واقعًا أرهقني ، ودمرَ ذاكرتي في لحظة لا أعرفُ لها اسمًا ، فاختلطَ همّي الصغير مع همّي الكبير ، وقمتُ بحرقِ كلِّ كتبي ، في ساعةٍ اقتحَمَ فيها اليأس فيها حصني ، فكانت غربتي ، وكانت تسعُ سنين ، هجرتُ فيها كلَّ عالمي ، حتى بتُ لا أعرفُ كيفَ أكتبُ ولا كيفَ اقرأ ، وكيفَ أصبحتُ ظالمًا للُغتي ،وباتَ يتجاهلني من يدعي العلمَ والمعرفة ، ومن يملكُ علماً ومعرفة ، وصِرتُ أبحثُ عمّن يساعدني ، كي أعيدَ تكوين ذاكرتي من جديد .
    أنا لم أيأس ولن أيأس وها قد استيقظتُ من جديد ، فأنا ابنُ طائرِ الفينيق ، وأنا ابنُ هذا الشرق العريق، ومن أتباع أعظم رسالة أضاءت ظلمات قرون الأولين والآخرين ، فهل بعدَ كلِّ هذا ستهزمني ، أشكُّ بذلك ، فحاول إن استطعت، أيها المنافق المستحيل..!!
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    الصورة الرمزية حسنية تدركيت أديبة
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    الدولة : طانطان
    المشاركات : 3,596
    المواضيع : 313
    الردود : 3596
    المعدل اليومي : 0.54

    افتراضي

    لن يستطيع ان يهزمك لأنك تملك إرادة مسلم يحب الله ورسوله ويحب أمته
    ويمضي رغم الألم شامخا نحو العلى .........
    أخي الفاضل راضي الضميري ’ بارك الله في هذا القلم الذي يكتب من أجل أنارة العقول والقلوب
    جزاك الله خيرا
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيhttps://www.youtube.com/watch?v=FLCSphvKzpM

  3. #3
    الصورة الرمزية منى الخالدي أديبة
    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    الدولة : أرض الغربة
    المشاركات : 2,316
    المواضيع : 98
    الردود : 2316
    المعدل اليومي : 0.36

    افتراضي

    تعودنا أن نقول أننا شعبٌ لا يعرف المستحيل، وها أنت ذا تجسدّ لنا شخصيةِ فتى مقاتل لذلك المستحيل،
    يحمل سلاح الحرف ويبصق في عين الألم، ويقول ها أنا ذا.
    ليتك تُدخل هذا النص منهجاً لعقولٍ استسلمت للمستحيل، وافترشت تحت الشمسِ بقدمين عاريتين!

    الأديب الرائع
    راضي الضميري

    ما أبدع ما قرأت هنا
    من حسّ وطنيّ وإبداع منفرد..

    لله درّ حرف،قلبك،وروحك..
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    شكرا للحبيبة سحر الليالي على التوقيع الرائع

  4. #4
    أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 9,079
    المواضيع : 101
    الردود : 9079
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي

    راضي الضميري..

    هذا الجرح فاغر وحدي في هذا الوجود السائر ..
    بلا هوادة نحو الخراب..
    امنحني بحق وجودك القلق الفاعل..
    وبعض الكلمات فليس لي غيرهما..
    لمواجهة وجودي في هذا الرحيل المكابر..
    فهذه الينابيع جفت..
    وهذي البساتين يبست..
    والارواح عقمت..
    والحمائم تاهت.

    لن اكتب المزيد...
    لعل هذه تكفي...

    وكم اخشى ان نعيش على شعارات لم تعد تجدي..واقعا
    محبتي وتقديري
    جوتيار

  5. #5
    الصورة الرمزية د. سلطان الحريري أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2003
    الدولة : الكويت
    العمر : 58
    المشاركات : 2,954
    المواضيع : 132
    الردود : 2954
    المعدل اليومي : 0.39

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة راضي الضميري مشاهدة المشاركة
    كلما اقتربت من حلمي و من شاطئ الأمان ، تقتحمُ عليَّ عالمي بدون استئذان ، وأنا أعوم في بحر الصّبر، ، تحطمُ بمخالبك مركبي ، تنثرني قطعًا ، كي تسهلَ عليهم اصطيادي ، وتأكلني حيتان اليأس ، لتعيدني إلى نقطة النهاية من جديد .
    أيها المنافق ... أيها المستحيل..
    لعلّكَ لم تعّرفني جيدًا، فأنا لن أتوبَ عن حلمي الكبير ، لن أمزقُ شراعي ، ولن أحطم مركبي ، و لن آكلَ يديَّ ندماً على فشل محاولاتي الكثيرة ، وسأقوم مرة أخرى ، ألملم أشلائي ، وأصنعُ مركبَ حياتي كي أعود من جديد ، أحاول مرات ومرات أخرى ، ألم تعرفْ بعد ، أنَّ من هو مثلي لم يعد يملكُ شيئاً ليخسره ، فتعال إليَّ متى شئت ، وكيفَ شئت ، فلن ترى مني غيرَ هذا ، صبْرٌ وإصرارٌ على مقاومة جبنكَ وغدركَ الكبيرين.
    أنتَ لم تعرفني جيداً، فلماذا تجعلُ من الممكن مستحيلا ، تنافق وتدعي خوفكَ عليَّ ،وقد جئتني في وقتٍ تكالبَ فيه الأعداءُ عليّ ،بعدَ أن سددوا في خاصرتي طعنات الموت ، هل تظن اني سوفَ أستسلم ،اطمئنْ فما زلت أسير ، رغم كلَ جراحي وآلامي الكبيرة ، ورغم الغربة و المنفى ، ما زلتُ أعرف كيفَ أتنفس ، وما زلتُ أحبُ الحياة ، وأرفض التنازل عن حريتي ، فتعال إليَّ ، تعال وخذ مني حتى ترضى ، ولن ترضى ، ولن أجعلكَ ترضى أبداً ما حييِّت .
    قد تنتظرُ طويلاً ، ولسوفَ تصبرُ مثلي تمامًا ، أنا أقاومُ بصبري كي أعيش ، و أنت تقاوم غباءك كي تقضي عليَّ ، وحتى لو متُ قبلَ أن أصل ، يكفيني أنكَ تعرفُ أني أعرفُ أنكَ لم تهزمني ، رغمَ أسلحتكَ الكثيرة ، ورغم أعوانك وطابورك الخامس ، ورغمَ كثرة الخونة والمنافقين .
    سأقاوم عداءك، رغمَ تجاهلي من قبَلِ من هم حتى ليسوا باعداءٍ لي ، رغم عدمَ مساعدة القريب والبعيد ، سأقاوم ، وسأعترفُ لكَ بأمرٍ حتى تكونَ أكثرَ عداءً وأكثرَ جبنًا وأنت تطعنني فوقَ جرحي ، ساٌقول لك ، نعم ، يحزنني أنني وحيدٌ ، وأن هناك من يعاونك على قتلي ، وأنا أعذرهم ، أرأيت ، كيفَ أصنعُ من شدّتي دواءً يعطيني أملاً في متابعة المسير ، كيفَ أصْبرُ على سوء طالعي ، كيفَ أعذر من يعرفني ، ومن لا يعرفني ،وكيفَ أعذرُ من يخذلني وهو يعرفني ...
    لَيْتَهم عرفوني أيامَ كنتُ سيدًا في عالمي ، لو رأيتني يومها وأنا أحفرُ بيدي على صخر الحياة ، أقاوم رغم معاناتنا الكبيرة ،أنشدُ حياة كريمة وسلاحي الأمل ، أردد لمن حولي " لكي تعيش عليكَ أن تكون جديرًا بهذه الحياة ، حرًا ، عزيزًا، كريمًا ، سلاحك الأمل والصّبر ، وكرامتكُ تساوي حياتك ، تُعْرفُ بها ".
    لو رأيتني وأنا أسبحُ عكس تيارك في زمنٍ كانَ لي بكل تفاصيله ، لو رأيتني وأنا ألتهمُ كتبَ المعرفة ، وأنا أحتضنُ في ذاكرتي وفي مكتبتي ، كتبَ الأقدمين والمجددين والمعاصرين ، فها هي الإلياذة والأوديسا، تحاكي مأساة قومي الحزينة ، وها هم فلاسفة اليونان ، ينسجون الحكمة والمعرفة ،وهذه المدينة الفاضلة ، تعطيني دفعًا كبيرًا نحو المعرفة ، نحو الحياة .
    لو رأيتني وأنا أعطي دروسًا في المعلقات ، أحفظُ منها ما يعجزُ عنه أقراني ، لو رأيتني وأنا اكتبُ بحوثا عن جاهليتنا الأولى وعن صدر إسلامنا الحنيف ، لو رأيتني وأنا أغزلُ من كليلة ودمنة أناشيد الحكمة على لسان حيوانات تفقه أكثر من حكامنا المتاعيس ، لو رأيتني وأنا أكتبُ بحوثًا عن مقدمة رائد علم الاجتماع الحديث، لو رأيتني وأنا أتغزلُ بأشعار الأندلس وفردوسه المفقود، وأتعملقُ في فهم تهافت التهافت ،" اقرأ يا فتى حتى لا تظلم غزال العلم ، وأمسك بناصية الحقيقة وابحث قدر ما تستطيع ". لو رأيتني وأنا أقرأ عن البخلاء والحيوان ، و أحفظُ ما أحفظ من صحيح الحديث ، لو رأيتني وأنا أتعلمُ من تاجر البندقية وذاكَ البائسِ "عطّيل" ، لو رأيتني وأنا أنسُجُ آمالاً كبيرة وأقصُ القصّصَ عن مدينتين لأعرفَ كيفَ يكون الحب والتضحية ، لو رأيتني وأنا أحارب الفقر والظلم دفاعًا عن بائسي وطني الحزين .
    لو رأيتني وأنا أتابع سيرة الرابطة القلمية وغربة أصحابها وأرواحهم المتمردة ، لو رأيتني وأنا أكتب عن العصبة الأندلسية ، لو رأيتَ كيفَ كان سليمان الحكيم يلهمني الدروس ، وكيف كنت أنهلُ العلم من العبقريات ، وكيف كان شعرنا الجاهلي يتناثر على موائد بحثي وأنا أتابع علْم من أبصرَ وهو ضرير .
    لَيْتك رأيتني وانا أنشدُ " مديح الظل العالي " أقفُ صامدًا وسط كلِّ فوضى أمتي وهامتي لا تلين ، لَيْتكَ رأيتني كيفَ كنتُ أرتبُ فوضى هذه الحياة ،أصنعُ الأملَ وسطَ جحيم الدمار وأرددُ "دمي على كتفي" و لا أخشى الموت ، وسياطُ الجلاد تأكل أكتافي و قلبي كصخرة لا تلين.
    لو رأيتني وأنا أسيرُ تحتَ فضاء المتوسط ، و في مدن الملح ، أقطعُ المسافات الطويلة ، أبحثُ عن مرزوق ، وعن عُشبةٍ فيها دواء وصفها لي طبيبٌ، قال ستجدها في صحراء وطنك ، فابحث يا ولدي ولا تيأس وكن "متشائلاً " في أسوأ الظروف .
    لو رأيتني وأنا أحلم بالعودة إلى حيفا ، ويحدوني أملٌ كبيرٌ ، واضعًا نصبَ عيني وطني ، وأقول بكل فخر هذا الوطن في العينين ، ولسوف أجرؤ على الشوق إليه ما حيِيتُ.
    لو رأيتني وأنا أعبثُ بـ" سيزيف" وأسطورته ، وكيف جعلتُ من الدوامة عنواناً كتبتُُ من خلالها تاريخ انقلاباتنا العسكرية في أوطاننا الحزينة ، لو رأيتني وأنا أصارع سمكة ذاك الشيخ في بحر تلاعبَ بي مده وجزره ، فلم أستسلم وخضتُ غمار موجه بحثًا عن غذاءٍ لروحي رغم الألم الشديد.
    لو رأيتني أيها المستحيل ، وأنا في بداياتي ، أرتقي سلمَ المجد ، أضعُ وردةً حمراءَ على صدري حتى يعرفَ من سيكرمني بأني أنا الفتى ، وأني من أوائل المطالعين.
    أعرفُ أني أنا من مهدَ لكَ الطريق ، وأني أنا من ساعدك في لحظة جنونٍ على اقتحام عالمي ، في يومٍ لم أعدْ أتذكرُ ملامحه ، في يومٍ تغيرَ فيه كل شيء ، تكالبت فيه المحن عليّ من كلِ حدبٍ وصوب، فطُعنتُ في ظهري كما طُعنت أمتي من قبلي ، فضعتُ بين حزني على نفسي وعلى أمتي ، وأعرفُ كيفَ صنعتُ بيدي واقعًا أرهقني ، ودمرَ ذاكرتي في لحظة لا أعرفُ لها اسمًا ، فاختلطَ همّي الصغير مع همّي الكبير ، وقمتُ بحرقِ كلِّ كتبي ، في ساعةٍ اقتحَمَ فيها اليأس فيها حصني ، فكانت غربتي ، وكانت تسعُ سنين ، هجرتُ فيها كلَّ عالمي ، حتى بتُ لا أعرفُ كيفَ أكتبُ ولا كيفَ اقرأ ، وكيفَ أصبحتُ ظالمًا للُغتي ،وباتَ يتجاهلني من يدعي العلمَ والمعرفة ، ومن يملكُ علماً ومعرفة ، وصِرتُ أبحثُ عمّن يساعدني ، كي أعيدَ تكوين ذاكرتي من جديد .
    أنا لم أيأس ولن أيأس وها قد استيقظتُ من جديد ، فأنا ابنُ طائرِ الفينيق ، وأنا ابنُ هذا الشرق العريق، ومن أتباع أعظم رسالة أضاءت ظلمات قرون الأولين والآخرين ، فهل بعدَ كلِّ هذا ستهزمني ، أشكُّ بذلك ، فحاول إن استطعت، أيها المنافق المستحيل..!!
    الأديب الجميل راضي الضميري:
    لا أشك أبدا بأنك ستهزمه ، فما هو إلا ذلك الوهم الذي يعشعش في عقول العاجزين ، وأراك في نصك هذا تحلق وتحلق كمسافر يتأبط الإرداة ، وتسكنه المسافات بأبعادها النفسية والاجتماعية ، وستكون حلبة النزال منتظرة نصرك الكبير ، فأزهار الترقب دائما تنتظر الغيم.
    نص يدل على أستاذية عالية .
    كن بخير
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #6
    الصورة الرمزية محمد نديم شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 915
    المواضيع : 187
    الردود : 915
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي



    أخي
    راضي الضميري
    أشدد على راحلة الإقدام حبال كلماتك الواثقة
    واربط على قلب دابتك بوهج الأمل الذي لا ينزوي أبدا.
    فمن تاريخ الإنسان كله ....
    دينا
    وثقافة
    وتجربة ...
    تستمد حقيقة أن القادم دائما ... أحلى ..
    طالما بقي في الصدر قلب ينبض
    وفي الهواء مساحة للزفير ...
    ... وبين الأنامل ... قلم.

    لك كل الود اخي
    ودمت مبدعا صادق الحس ... والتجربة.


    أخوك النديم.

  7. #7
    الصورة الرمزية وفاء شوكت خضر أديبة وقاصة
    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : موطن الحزن والفقد
    المشاركات : 9,734
    المواضيع : 296
    الردود : 9734
    المعدل اليومي : 1.48

    افتراضي

    الأخ الفاضل / راضي الضميري ..

    لا أعتقد أن هذا المنافق سيغلبك يوما ..
    أعدت إلى النفوس إيمانها بأن لا مستحيل ..

    لو رأيتني وأنا أسيرُ تحتَ فضاء المتوسط ، و في مدن الملح ، أقطعُ المسافات الطويلة ، أبحثُ عن مرزوق ، وعن عُشبةٍ فيها دواء وصفها لي طبيبٌ، قال ستجدها في صحراء وطنك ، فابحث يا ولدي ولا تيأس وكن "متشائلاً " في أسوأ الظروف .
    تذكرنا بكاتب حوصرت كتاباته زمنا .. الراحل ( عبدالرحمن منيف ) ..

    ترى هل نستطيع أن نصل إلى مرحلة ( التشاؤل ) في زمن بتنا فيه مقيدين بأصفاد عروبتنا ..

    لو رأيتني وأنا أحلم بالعودة إلى حيفا ، ويحدوني أملٌ كبيرٌ ، واضعًا نصبَ عيني وطني ، وأقول بكل فخر هذا الوطن في العينين ، ولسوف أجرؤ على الشوق إليه ما حيِيتُ.
    هكذا قلنا .. ( حين تركنا الجسر ) ...

    كان وقتا جميلا الذي قضيته بين حروفك ..

    وفــ دخون ــاء
    //عندما تشتد المواقف الأشداء هم المستمرون//

  8. #8
    الصورة الرمزية بابيه أمال أديبة
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    الدولة : هناك.. حيث الفكر يستنشق معاني الحروف !!
    المشاركات : 3,047
    المواضيع : 308
    الردود : 3047
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي

    أمام المنافق المستحيل
    إن اعتقدت أنك ستخسر، فقد خسرت حقا..
    وإن لم تجرأ، فلن تحصل على شيء
    إذا أردت الفوز وتجد نفسك غير قادرا
    فمن المحتمل جدا أنك لن تفوز
    ففي كل صغيرة وكبيرة من حياتنا القصيرة هذه
    نجد أن النجاح أمر متعلق بثقتنا بأنفسنا.. وكذا جودة فكرنا..
    ومعارك الحياة لا تربح بالأقوى أو الأسرع منا
    ولكن بذلك الذي يثق بنفسه ليتوكل على خالقها قائلا :
    "أستطيع بحول الله"

    دمت أبيا راضي.. ودام ذلك الضمير عندك بخير ..
    سنبقي أنفسا يا عز ترنو***** وترقب خيط فجرك في انبثاق
    فلـم نفقـد دعـاء بعد فينا***** يــخــبــرنا بـأن الخيــر باقــي

  9. #9
    الصورة الرمزية محمد إبراهيم الحريري شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 6,296
    المواضيع : 181
    الردود : 6296
    المعدل اليومي : 0.95

    افتراضي

    نعم أيها الراضي ضميرا
    لن تهزم أبدا فأمامك عدو مستحيل النصر ، ومثلك يستطيع قهره ، وشد شكيمته بحبال الأدب ، ولن يفلت له عقال مادام التحدي قائما على احترام الذات وعدم جلدها بما لا يطيقه تمثال من جماد ، فقد وقفت أمامه صلدا بقلم ، قويا بفكر ، متحديا مخالب تمرده ، ملقيا شراع الأمل على وجه رمال ، متدثرا بعزيمة الأدب .
    تحية أخ
    يحمل ضمير الحب
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  10. #10
    الصورة الرمزية راضي الضميري أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    المشاركات : 2,891
    المواضيع : 147
    الردود : 2891
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسنية تدركيت مشاهدة المشاركة
    لن يستطيع ان يهزمك لأنك تملك إرادة مسلم يحب الله ورسوله ويحب أمته
    ويمضي رغم الألم شامخا نحو العلى .........
    أخي الفاضل راضي الضميري ’ بارك الله في هذا القلم الذي يكتب من أجل أنارة العقول والقلوب
    جزاك الله خيرا
    الأخت الفاضلة حسنية تدركيت
    من يتسلح بالإيمان لا يعرف الهزيمة ، هذا صحيح 100% ، وحتى لو خسر معركته فهذا ايضًا لا يعني أنه هزم ، يكفيه شرف المحاولة ، يكفيه أنه حاول ...
    بارك الله فيكِ ، وكم أنا سعيد بروحك التي لا تعرف إلا الإيمان منهجًا وعقيدة تتسلح به في هذه الحياة .
    تقبلي تحياتي وتقديري

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. علامات المنافق
    بواسطة مجدي العوضي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 19-06-2015, 08:36 AM
  2. المنافق المحض ... المحض منافق ...
    بواسطة اسامة يس في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 03-04-2007, 06:01 AM
  3. إلى سعادة (( المنافق ))) الأكبر شيخ الأزهر
    بواسطة الماسي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 15-04-2005, 02:47 PM
  4. أطلب المستحيل !
    بواسطة شاه زنان في المنتدى مَدْرَسَةُ الوَاحَةِ الأَدَبِيَّةِ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 26-08-2003, 04:24 PM