أحدث المشاركات
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 23

الموضوع: قراءة نفسية في البيت الأول من (اليوم الثالث للحزن) للشاعر د. جمال مرسي

  1. #1
    عضو مخالف
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    العمر : 42
    المشاركات : 1,799
    المواضيع : 128
    الردود : 1799
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي قراءة نفسية في البيت الأول من (اليوم الثالث للحزن) للشاعر د. جمال مرسي

    ألو .. هل تُجِيبُ النِّدا يَا حَبِيبِي
    أَتَسمَعُ صَوتِي ، و جَمرَ نَحِيبِي ؟


    إنه ليس هناك وقت للقصيدة إلا وقت المحادثة الهاتفية.. أو أنا يحلو لي أن أمارس رعشات القصيدة هنا في تخيل المحادثة تلك المحادثة التي تبدأ برغبة حقيقية فعلية في انتظار الرد.. وهي فعلا ليس لها محل من الزمان إلا بعد أيام من العادة اليومية من مباركة صوت الأب لابنه الحبيب إلى نفسه.. وذلك من السؤال فيما بعد..

    (ألو) يا كم أسمع هذه الكلمة بهمزة مد.. (آ لو)
    لكنها هنا بهمزة عادية ليست ممدودة.. همزة تقطع المسافة الصوتية سريعاً لتصل إلى نهاية الكلمة .. تلك النهاية التي يعقبها صمت الطرف الآخر..
    هي بهمزة عادية تخلصت من كل تكاليف الصوت المظهرية من العرف المصري المعهود عندنا والذي سمعت عنها من أحد أصدقائي أنها من دعائم الإتيكيت أو رسم الشخصية أو الرقي أمام الطرف الآخر حين يفخم ويمد في أحرفه..
    هنا لا مدود..
    ولا تفخيم..
    ولا .. ولا..
    بل واقعية السرعة النفسية حين تظفر باللحظة وتنفرد بالرجل الرقيق الحزين.. سرعة الخطوات النفسية في الكلمة ونطقها واضح جد الوضوح..
    من كلمة واحدة فقط رسم الشاعر لنا خطوطاً طولاً وعرضا تصف الموقف.. بل وأكاد أقول من كل زواياه..
    ذلك الموقف الذي ناسب أشد المناسبة البحر الذي يشبه موجات البحر المكرورة أو دوائر الماء بعد إلقاء الحجر..
    الفارق بين المشبه والمشبه به.. أن هنا المساحات تقاس بالإحساس بدءاً يعقبه عمل دءوب لكافة الحواس الممكنة..

    ألو.. هل تجيب الندا يا حبيبي..

    ليس تحضيضاً ولا حثاً ولا ولا وإن حمل إيحاءات من التحضيض والحث.. لكنه سؤال.. أعقب نقطتين:
    - هما قطعتان من الخط لعلهما أشبه ببقايا الصدى.. /بقايا الصوت المهزوز الراعش.. قد تكونان!!
    - هما على كل حال تمثلان مساحة خاوية ومليئة في نفس الوقت..
    إنهما لا تقولان شيئا متعارفا عليه بأنه يعني شيئا يعني ليس لهما معنى في لغة العرب، وفي نفس الوقت لهما جسمان موجودان الآن في الورقة.. جسمان مستديران مصمتان.. وأكيد أن الصندوق مهما كان خالياً فإن لوجوه فائدة وحكمة ما..

    هل تجيب الندا يا حبيبي..

    هل..
    الهاء التي تحكي لحظة قاسية على القلب حين تحس بتدفق دمه ممزوجاً بتأوه الزفرة أو زفرة التأوه المعلنة هنا في هائية الشاعر.. والتي تناسب لحظات الانتظار المشفق من الآتي تماماً..

    هل..

    يا أبي أنا لا أسمع صوتك...
    هل تجيب..
    ليس هنا أي ذكر لكون الأب الراحل غير سامعٍ الندا، بل هناك شبه قطع بأنه سامع للندا وقد يكون شبه القطع واعياً أو غير واعٍ .. ليس هذا مركز المسألة .. المركز نقطته إجابة الندا الآن أو لا..هذا هو المسئول عنه، أنه سمع فهذا أمر كان من بدهيات إحساس الشاعر، وأن أباه موجود أصلا على الطرف الآخر من الخط فهذا ما قاله الشاعر حين سأل عن إجابة الندا، لا عن فاعل إجابة الندا فالسؤال (هل تجيب الندا/ وليس أأنت تجيب الندا)..
    ولو جئنا لما قاله سيبويه في أن هناك فائدة في ما اضطر العرب إليه في شعرهم.. فهنا أجد في قصر كلمة "الندا" ما يصدق هذا القول فعلا.. إنها معادلة كتابية أو صوتية بين ما كان من النداء فعلا ..
    فقط كانت .. (ألو + . .) وهو ليس نداء كاملاً إنه جزء من النداء وإن كان أثبت معنى النداء أصلا..
    أو أراد الشاعر أن يحاكي بين صوته في الواو الممدودة في "ألو" بالمد في "الندا" ..
    أو أراد الشاعر أن يحاكي بين صوته المتردد صدى/ المهتز في مساحة النقطتين بعد ألو بالمساحة الصوتية الحزينة والواسعة التي تخلفها مدة الألف في "الندا.........."..
    كل هذه احتمالات ممكنة للمعنى الذي يرسم نفسه بقوة الحدث.. وضغط المشاعر..
    ومن هنا يتحول "الندا" إلى نداء غير مألوف، ولم نعتده فيما قرأناه.. رغم أن تركيب الجملة يوحي بأنه تركيب مطروق.. ووليد لحظة انفعال فحسب..
    وأنا لا أنكر ولادته في لحظة انفعال، ولكني أثبت فقط قدرة هذه اللحظة بصدقها +_طاقة الشاعر النفسية واللغوية والشعرية = تركيبا مختلفاً.
    ولذا –أيضاً- كانت كلمة (حبيبي) في منتهى البكاء.. في ذروة الرقة وتصاعد الحدث الهاتفي إلى قمته البالغة الإثارة وجعاً، وانفعالاً بحجم ما أفجع شاعرنا..

    ولا شك في إمكانات "يا" للنداء ..
    وللمنادى الناء أو كالناء يا..

    أَتَسمَعُ صَوتِي ، و جَمرَ نَحِيبِي ؟


    أنا جزمت في البدء أن الشاعر لم يأبه إلى مسألة أن والده سمع نداه أولم يسمعه وكان السبب عندي سهلا وجائز الوقوع جدا وهو في ثلاثة احتمالات:
    - من بدهيات إحساس الشاعر أن أباه يحس به دوما، ويعرف ما به، وذلك أمر واقع عند كثيرين يسمونها بعملية التنبؤ، ولكن التنبؤ هنا مختلف فهو قبل كل شيء إحساس الأب بابنه وبما يعتمل في صدره، ثم بعد هذا تتدخل عمليات المخ في التنبؤ بمعناه الطبي أو في المأثور الديني.
    - رغبة نفسية أو محاولة نفسية في تخطي تلك المرحلة (هل تسمعني الآن بوضوح؟؟) نظراً لقسوة تلك الكلمة الآن في هذا الموقف الذي يجاهده الشاعر بما أوتي من طاقة ضد الفناء..
    - اعتياد الشاعر أن يحدث أباه كل يوم جعل بدايات المحادثة الهاتفية أمراً غير مأبوه له، وإنما ما بعد البدايات.

    هذا كله وارد، ولكن الواقع برز مكشراً عن تفاصيله التي حاولنا تجاوزها، فالوالد رحل، وليس على الطرف الآخر من خط الاتصال الهاتفي.. ومن ثم حضرت مسألة أن يكون سامعاً أصلا..
    لعل الشاعر لم يرد هذا، ولكن أراد أن يقول لنفسه ليس المهم أن تجيب مهما كان في إجابتك من السلامة لنفسي ما فيها، ولكن الأهم أن تسمع.. أن تعاود الاتصال بي بسمعك وإحساسك.. وبانتهاء البيت يكون الشاعر حدد رغبته في أن يسمعه وأمر الإجابة أو عدمها مرحلة لاحقة أو على الأقل لم يأت وقتها..

    ما أروع هذا التراجع وهو يصور تلك الصحوة التي توقظ الشاعر من بدهيات مشاعره..

    من زاوية حاصرتني المفارقة بين الواقع وبين ما نحمله من بدهيات شعورية نكون في أمس الحاجة أحياناً ألا نراجعها..
    تلك المفارقة التي تفرض نفسها الآن في ثوبها الكئيب الخانق..
    أبي يعرف ما في قلبي دوما .. يحس بآلامي .. فهل هو يجيب النداء الآن؟؟
    الواقع يفرض سؤالا آخر: هل هو يسمع النداء.. ؟؟
    بل أيسمع الصوت؟ مجرد الصوت؟ ضاعت هنا المعاني والكلمات بدلالاتها المعجمية كوسيلة اتصال.. تبقى صوت الهاء في (هل) والحاء في (حبيبي/ نحيبي) والجيم (تجيب / جمر).. ومنثورات النون والميم والباء)
    تلك الباء التي ظهرت ذات يوم لأجل أن يعبر تكرارها عن (بابا)..
    لكنها هنا جمعت حياتين حياة (بابا) وحياة (حـ/ /ـبيبي).. وأنا هنا لا أستدعي فكاهة من اللفظ ولا أحسب أن الموقف يستدعيها في ذهن أحد، ولكني أقصد حياة ذلك المسمى (بيبي) وحياة ذلك المسمى (بابا).. أي حياة الطفل الصغير الذي يرعاه (بابا) وحياة الأب الحكيم المعلم الذي يحب (ـبيبي)..
    لا أدري هل كان في قصد الشاعر هذا أم لا..
    أنا وجدت ما يبرر تفكيري في مثل هذه الجمالية وهو البيت الرابع


    و كُنتُ إذا مـا بَثَثتُـكَ حُزنِـي
    تقـولُ فِـداكَ العُيـونُ حَبِيبِـي



    ف(حبيبي) الأولى من الابن للأب.. و(حبيبي/البيت الرابع) نفس اللفظ من الأب للابن..
    لعلها اجتمعت بشكل غير واع، في (حــ/بيبي) تلك الباءات التي رسمت لنا خطاً نفسياً، وتفسيريا للعلاقة الرائعة التي جمعت الأب والابن..


  2. #2
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    الدولة : صافور
    العمر : 40
    المشاركات : 39
    المواضيع : 3
    الردود : 39
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    مرور قبل السفر..
    روعة ..
    وبارك الله..

  3. #3
    الصورة الرمزية د.جمال مرسي شاعر
    تاريخ التسجيل : Nov 2003
    الدولة : بلاد العرب أوطاني
    العمر : 67
    المشاركات : 6,096
    المواضيع : 368
    الردود : 6096
    المعدل اليومي : 0.82

    افتراضي

    متابعة من القلب
    و شغف كبير للبيت الثاني
    و قبلهما قلب يخفق بحبك
    فلله أنت أخي أحمد
    دمت لأخيك
    و سلمك الله
    البنفسج يرفض الذبول

  4. #4

  5. #5
    الصورة الرمزية د. مصطفى عراقي شاعر
    في ذمة الله

    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : محارة شوق
    العمر : 64
    المشاركات : 3,523
    المواضيع : 160
    الردود : 3523
    المعدل اليومي : 0.54

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد حسن محمد مشاهدة المشاركة
    ألو .. هل تُجِيبُ النِّدا يَا حَبِيبِي
    أَتَسمَعُ صَوتِي ، و جَمرَ نَحِيبِي ؟

    إنه ليس هناك وقت للقصيدة إلا وقت المحادثة الهاتفية.. أو أنا يحلو لي أن أمارس رعشات القصيدة هنا في تخيل المحادثة تلك المحادثة التي تبدأ برغبة حقيقية فعلية في انتظار الرد.. وهي فعلا ليس لها محل من الزمان إلا بعد أيام من العادة اليومية من مباركة صوت الأب لابنه الحبيب إلى نفسه.. وذلك من السؤال فيما بعد..
    (ألو) يا كم أسمع هذه الكلمة بهمزة مد.. (آ لو)
    لكنها هنا بهمزة عادية ليست ممدودة.. همزة تقطع المسافة الصوتية سريعاً لتصل إلى نهاية الكلمة .. تلك النهاية التي يعقبها صمت الطرف الآخر..
    هي بهمزة عادية تخلصت من كل تكاليف الصوت المظهرية من العرف المصري المعهود عندنا والذي سمعت عنها من أحد أصدقائي أنها من دعائم الإتيكيت أو رسم الشخصية أو الرقي أمام الطرف الآخر حين يفخم ويمد في أحرفه..
    هنا لا مدود..
    ولا تفخيم..
    ولا .. ولا..
    بل واقعية السرعة النفسية حين تظفر باللحظة وتنفرد بالرجل الرقيق الحزين.. سرعة الخطوات النفسية في الكلمة ونطقها واضح جد الوضوح..
    من كلمة واحدة فقط رسم الشاعر لنا خطوطاً طولاً وعرضا تصف الموقف.. بل وأكاد أقول من كل زواياه..
    ذلك الموقف الذي ناسب أشد المناسبة البحر الذي يشبه موجات البحر المكرورة أو دوائر الماء بعد إلقاء الحجر..
    الفارق بين المشبه والمشبه به.. أن هنا المساحات تقاس بالإحساس بدءاً يعقبه عمل دءوب لكافة الحواس الممكنة..
    ألو.. هل تجيب الندا يا حبيبي..
    ليس تحضيضاً ولا حثاً ولا ولا وإن حمل إيحاءات من التحضيض والحث.. لكنه سؤال.. أعقب نقطتين:
    - هما قطعتان من الخط لعلهما أشبه ببقايا الصدى.. /بقايا الصوت المهزوز الراعش.. قد تكونان!!
    - هما على كل حال تمثلان مساحة خاوية ومليئة في نفس الوقت..
    إنهما لا تقولان شيئا متعارفا عليه بأنه يعني شيئا يعني ليس لهما معنى في لغة العرب، وفي نفس الوقت لهما جسمان موجودان الآن في الورقة.. جسمان مستديران مصمتان.. وأكيد أن الصندوق مهما كان خالياً فإن لوجوه فائدة وحكمة ما..
    هل تجيب الندا يا حبيبي..
    هل..
    الهاء التي تحكي لحظة قاسية على القلب حين تحس بتدفق دمه ممزوجاً بتأوه الزفرة أو زفرة التأوه المعلنة هنا في هائية الشاعر.. والتي تناسب لحظات الانتظار المشفق من الآتي تماماً..
    هل..
    يا أبي أنا لا أسمع صوتك...
    هل تجيب..
    ليس هنا أي ذكر لكون الأب الراحل غير سامعٍ الندا، بل هناك شبه قطع بأنه سامع للندا وقد يكون شبه القطع واعياً أو غير واعٍ .. ليس هذا مركز المسألة .. المركز نقطته إجابة الندا الآن أو لا..هذا هو المسئول عنه، أنه سمع فهذا أمر كان من بدهيات إحساس الشاعر، وأن أباه موجود أصلا على الطرف الآخر من الخط فهذا ما قاله الشاعر حين سأل عن إجابة الندا، لا عن فاعل إجابة الندا فالسؤال (هل تجيب الندا/ وليس أأنت تجيب الندا)..
    ولو جئنا لما قاله سيبويه في أن هناك فائدة في ما اضطر العرب إليه في شعرهم.. فهنا أجد في قصر كلمة "الندا" ما يصدق هذا القول فعلا.. إنها معادلة كتابية أو صوتية بين ما كان من النداء فعلا ..
    فقط كانت .. (ألو + . .) وهو ليس نداء كاملاً إنه جزء من النداء وإن كان أثبت معنى النداء أصلا..
    أو أراد الشاعر أن يحاكي بين صوته في الواو الممدودة في "ألو" بالمد في "الندا" ..
    أو أراد الشاعر أن يحاكي بين صوته المتردد صدى/ المهتز في مساحة النقطتين بعد ألو بالمساحة الصوتية الحزينة والواسعة التي تخلفها مدة الألف في "الندا.........."..
    كل هذه احتمالات ممكنة للمعنى الذي يرسم نفسه بقوة الحدث.. وضغط المشاعر..
    ومن هنا يتحول "الندا" إلى نداء غير مألوف، ولم نعتده فيما قرأناه.. رغم أن تركيب الجملة يوحي بأنه تركيب مطروق.. ووليد لحظة انفعال فحسب..
    وأنا لا أنكر ولادته في لحظة انفعال، ولكني أثبت فقط قدرة هذه اللحظة بصدقها +_طاقة الشاعر النفسية واللغوية والشعرية = تركيبا مختلفاً.
    ولذا –أيضاً- كانت كلمة (حبيبي) في منتهى البكاء.. في ذروة الرقة وتصاعد الحدث الهاتفي إلى قمته البالغة الإثارة وجعاً، وانفعالاً بحجم ما أفجع شاعرنا..
    ولا شك في إمكانات "يا" للنداء ..
    وللمنادى الناء أو كالناء يا..
    أَتَسمَعُ صَوتِي ، و جَمرَ نَحِيبِي ؟
    أنا جزمت في البدء أن الشاعر لم يأبه إلى مسألة أن والده سمع نداه أولم يسمعه وكان السبب عندي سهلا وجائز الوقوع جدا وهو في ثلاثة احتمالات:
    - من بدهيات إحساس الشاعر أن أباه يحس به دوما، ويعرف ما به، وذلك أمر واقع عند كثيرين يسمونها بعملية التنبؤ، ولكن التنبؤ هنا مختلف فهو قبل كل شيء إحساس الأب بابنه وبما يعتمل في صدره، ثم بعد هذا تتدخل عمليات المخ في التنبؤ بمعناه الطبي أو في المأثور الديني.
    - رغبة نفسية أو محاولة نفسية في تخطي تلك المرحلة (هل تسمعني الآن بوضوح؟؟) نظراً لقسوة تلك الكلمة الآن في هذا الموقف الذي يجاهده الشاعر بما أوتي من طاقة ضد الفناء..
    - اعتياد الشاعر أن يحدث أباه كل يوم جعل بدايات المحادثة الهاتفية أمراً غير مأبوه له، وإنما ما بعد البدايات.
    هذا كله وارد، ولكن الواقع برز مكشراً عن تفاصيله التي حاولنا تجاوزها، فالوالد رحل، وليس على الطرف الآخر من خط الاتصال الهاتفي.. ومن ثم حضرت مسألة أن يكون سامعاً أصلا..
    لعل الشاعر لم يرد هذا، ولكن أراد أن يقول لنفسه ليس المهم أن تجيب مهما كان في إجابتك من السلامة لنفسي ما فيها، ولكن الأهم أن تسمع.. أن تعاود الاتصال بي بسمعك وإحساسك.. وبانتهاء البيت يكون الشاعر حدد رغبته في أن يسمعه وأمر الإجابة أو عدمها مرحلة لاحقة أو على الأقل لم يأت وقتها..
    ما أروع هذا التراجع وهو يصور تلك الصحوة التي توقظ الشاعر من بدهيات مشاعره..
    من زاوية حاصرتني المفارقة بين الواقع وبين ما نحمله من بدهيات شعورية نكون في أمس الحاجة أحياناً ألا نراجعها..
    تلك المفارقة التي تفرض نفسها الآن في ثوبها الكئيب الخانق..
    أبي يعرف ما في قلبي دوما .. يحس بآلامي .. فهل هو يجيب النداء الآن؟؟
    الواقع يفرض سؤالا آخر: هل هو يسمع النداء.. ؟؟
    بل أيسمع الصوت؟ مجرد الصوت؟ ضاعت هنا المعاني والكلمات بدلالاتها المعجمية كوسيلة اتصال.. تبقى صوت الهاء في (هل) والحاء في (حبيبي/ نحيبي) والجيم (تجيب / جمر).. ومنثورات النون والميم والباء)
    تلك الباء التي ظهرت ذات يوم لأجل أن يعبر تكرارها عن (بابا)..
    لكنها هنا جمعت حياتين حياة (بابا) وحياة (حـ/ /ـبيبي).. وأنا هنا لا أستدعي فكاهة من اللفظ ولا أحسب أن الموقف يستدعيها في ذهن أحد، ولكني أقصد حياة ذلك المسمى (بيبي) وحياة ذلك المسمى (بابا).. أي حياة الطفل الصغير الذي يرعاه (بابا) وحياة الأب الحكيم المعلم الذي يحب (ـبيبي)..
    لا أدري هل كان في قصد الشاعر هذا أم لا..
    أنا وجدت ما يبرر تفكيري في مثل هذه الجمالية وهو البيت الرابع
    و كُنتُ إذا مـا بَثَثتُـكَ حُزنِـي
    تقـولُ فِـداكَ العُيـونُ حَبِيبِـي

    ف(حبيبي) الأولى من الابن للأب.. و(حبيبي/البيت الرابع) نفس اللفظ من الأب للابن..
    لعلها اجتمعت بشكل غير واع، في (حــ/بيبي) تلك الباءات التي رسمت لنا خطاً نفسياً، وتفسيريا للعلاقة الرائعة التي جمعت الأب والابن..



    الابن الغالي أحمد


    ما أسعدني بهذا النقد الذي يرتاد أفقا جديدا في أعماق البنية الفنية بلماحية ذكية فائقة ، وحساسية لغوية صادقة ، تنفذ إلى الأسرار والأغوار بحبٍّ واقتدار. عبر بيتٍ واحدٍ حوى ما حوى من الصدق والجمال والجلال

    للتثبيت يا أحمد تقديرا وإعجابا.


    ودمت بكل الخير والسعادة والإحسان
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي ولريشة الغالية أهداب الشكر الجميل

  6. #6
    عضو مخالف
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    العمر : 42
    المشاركات : 1,799
    المواضيع : 128
    الردود : 1799
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د.جمال مرسي مشاهدة المشاركة
    متابعة من القلب
    و شغف كبير للبيت الثاني
    و قبلهما قلب يخفق بحبك
    فلله أنت أخي أحمد
    دمت لأخيك
    و سلمك الله
    أيها الحبيب..
    الدكتور الغالي/
    جمال مرسي
    إن في قلبي صوتك لا يترددُ..
    فأنا الشاكر لك أيها القريب جدا..
    ما كان ليمكنني أن أتفاعل مع حرف واحد إلا بدهشة الشعور..
    والشعور بالفكرة..
    شجعتني كلماتك..
    وصوتك الحبيب..
    فلك المحبة والتقدير أيها الشاعر
    الذي يرسم دوما إنساناً من روح وجسم
    لا قصيدة من كلمات..

    وقدر الله أخاك المحب على إكمال القصيدة..
    دعواتك..
    ولك الدعوات بكل الخير

  7. #7
    عضو مخالف
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    العمر : 42
    المشاركات : 1,799
    المواضيع : 128
    الردود : 1799
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. مصطفى عراقي مشاهدة المشاركة
    الابن الغالي أحمد
    ما أسعدني بهذا النقد الذي يرتاد أفقا جديدا في أعماق البنية الفنية بلماحية ذكية فائقة ، وحساسية لغوية صادقة ، تنفذ إلى الأسرار والأغوار بحبٍّ واقتدار. عبر بيتٍ واحدٍ حوى ما حوى من الصدق والجمال والجلال
    للتثبيت يا أحمد تقديرا وإعجابا.
    ودمت بكل الخير والسعادة والإحسان



    أستاذي الحبيب الجميل
    الدكتور/
    مصطفى عراقي
    في انتظار هذه الزيارة دوماً..
    أقضي أوقاتاً من التلفت والتركيز والرجاء..
    أيها الحبيب القريب القاضي إذا كان القضاء علماً..
    البادي إذا قدر للشموس البدو كصفة ملازمة..
    الحادي فؤادي إلى سعادة أثمرتها تلك الزيارة الكريمة..
    والتشجيع الحبيب إلى نفس محبك

    تحيتي وتقديري وزهوي بإعجابك

  8. #8

  9. #9
    عضو مخالف
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    العمر : 42
    المشاركات : 1,799
    المواضيع : 128
    الردود : 1799
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مجذوب العيد المشراوي مشاهدة المشاركة
    أحمد نعرف عبقريتك وبتنا ننتظر غيثك فمتى ؟؟؟

    أيها المجامل بلا رأفة..
    كيف حالي وأنا أسمع تانكم الكلمات من غالي المنزلة في قلبي..
    ارفق بي..
    أما غيثي فأنا أخفيه دوماً لسبب بسيط..
    هو أني أرى أن فائدته لا تكون شيئاً بين سحاباتك..

    تحية محب والله

  10. #10
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    الشاعر الصادق جمال

    والنقد الناضج احمد

    تعانق السمو والابداع
    الإنسان : موقف

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. قراءة نفسية في قصيدة (أنت القصيدة ) للشاعر د.سمير العمري
    بواسطة ثناء صالح في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 34
    آخر مشاركة: 03-11-2019, 08:14 PM
  2. عًٍ ى دًٍ
    بواسطة اسماء محمود في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 28-10-2008, 04:11 PM
  3. جمال الوفاء ( مُهداة للشاعر الكبير الدكتور جمال مرسي )
    بواسطة محمد سمير السحار في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 30-05-2007, 04:59 PM
  4. اليوم الثالث للحزن
    بواسطة د.جمال مرسي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 84
    آخر مشاركة: 07-05-2007, 06:03 AM
  5. ((صبراً يا جمالُ تجمّلاً )) إلى الفاضل د : جمال مرسي
    بواسطة عبدالخالق الزهراني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 29-04-2007, 07:33 PM