الأخ الفاضل - خليل حلاوجي .. تحية التواصل على درب الأخوّة
كأني فهمت من ردك الأخوي السابق الذي يفيض أخوّة وثقة في النفس ، واستعداداً تاماً لقبول النقد .. أنك تتوقع مني انتقاداً لبعض ما ورد في رسائلك .!
والحال أني وجدت فيك من يُـشاطرني -مبدئياً على أقل تقدير- حيرتي التي يصارعها الأمل- الذي لا أجد له عذراً في الاستسلام .
أخي .. كثيرة هي وجميلة تلك التساؤلات والإيماءات التي استوقفتني في رسائلك إلى صندوق العقل ..
أذكر منها على سبيل المثال لا حصر .. الآن تتقرر صورة غدنا ..
أخي الكريم .. هذا يعني أن مأساتنا اليوم ، هي ما قرره أسلافنا بالأمس . وهذا يعني أن رسائلك إلى العقل إنما تطالبه الاستفادة من التاريخ وعدم تكرار الخطأ .
وهذا يعني أن تساؤلات الأخت الكريمة( فتنة قهوجي) عن حال الأمة - إنما تصب في ذات الاتجاه .
- قال أحدهم : إن من بين الفروق الكثيرة والكبيرة بين الإنسان والفأر ، هي أن الإنسان يقرأ التاريخ ، والفأر لا يقرأ التاريخ .
ولذلك فنحن نرى أن أعداداً كثيرة من الفئران - تقطن ذات المكان ، ويتم اصطيادها جميعها بذات الوسيلة وذات الطعم .! لأنها لا تتعظ .
- أخي العزيز .. ما حصل في بدايات القرن الماضي ، والذي تقرر على إثره حاضرنا ؛ لا يتحمل وزره والمسئولية عنه -من ندعوهم بالأعداء والمستعمرين -وحدهم .
بل إني أذهب أبعد من ذلك فأقول أن أسلافنا هم من أعطى للمستعمر والمحتل ، الحجة والشرعية للإمعان في محاصرتنا والاستمرار في ملاحقتنا
ومراقبتنا حتى اليوم ؛ وعدم السماح لنا بالنهوض . وقد سرنا على نهج أسلافنا المعاصرين ؛ كما ساروا هم على نهج أسلافهم السابقين .
أخي الكريم .. إن تضخيم أهداف ومخططات الآخرين ، وربط مصير الأمة بإفشالها -وعدم القدرة على إفشالها .
ووصف كل من اختلفنا معه بالعدو الأبدي ؛ وإطلاق التهديدات باتجاهه ، وتوعده بالويل والثبور ، مع علمنا بأن المواجهة معه - لصالحه .
وإعطاء الصبغة الدينية لكل اختلافاتنا مع الآخرين ؛ وإطلاق شعارات ومصطلحات دينية وقومية كبيرة المدلول ، وتفتقد لآلية التطبيق ؛ وجعلها من ثوابت الأمة -ومن ثم الفشل في تحقيقها .
- وغير ذلك كثير ، مما جعل الإنسان العربي المسلم كما تراه اليوم ؛ يعيش أمجاداً وهمية ، يحتقر غيره -وهم أفضل منه حالاً ؛ يتغنى بعزة -لا يشعر بها ؛ يُـؤول هزائمه إلى انتصارات ، ويرى انتصارات الآخرين عليه هزائم لهم ؛ يُـحاول إثبات أمـر-وجد نفسه تفتخر به - ولم يدر ما هو .!
.. للحديث الشيق معك بقية .. تحياتي ..