حين رآه قلبي بعينيه البريئتين ، وكفه الصغير ، اخترق صدري وعبر البحار والمحيطات ، وظل يخفق من الحنين ، ظل يحتضنه ، عابراً الأسلاك ، عابراً حدود البلاد ، ذاك ابني يا سادة ، ذاك طفلي الذي قبلته وسافرت ، لأمشي ي منا كبها ، أبتغ الرزق من الله الرزاق .
أغلقت عيني خشية أن يتفلت منها ، ثم حدقت في الشاشة الصماء ، إلا من ابتسامته العذبة ، ووجه أمه الملائكي ، ذاك ابني يا سادة ، الكون أنت وما سواك زيادة لا تذكر .
حبيبتي يا أم طفلي ، ما زال الشوق ينازلني ، يزلزلني ، يحطم بقايا قلبي الحزين ، أو تذكرين يوم التقينا ، أو تذكرين الطير والعشب وزهرة الياسمين ، منذ ودعتك وارتحلت ، ودعتني النسائم ، وهجرني الطير ، وأبت الورود أن تهديني رحيقها ، حبيبتي لا تبك ، ودعيني أذرف الدمع عني وعنك ، ولا تنس أن تقبلي يد أمي نيابة عني ، وأن تخبريها أني بخير، الآن أقول وداعا ، إني مضطر للسعي ، استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ..