فلسطين تاريخ الحاضر .. والعراق تاريخ المستقبل .. (1)

علينا أن نقرأ التاريخ حتى لا نكـرّر الخطأ ..!

- كم هي صادقة هذه النصيحة ، وكم هي معبّـرة على لسان المُـثـقـّف والمُـفكّـر وبقلم الكاتب ..!
وكم هو ثقيل على المختفين خلف آهات الوطنية - الاعتراف بعدم قناعتهم بأهمية قـراءة التاريخ ..!
- وما أجمل وأنبل أن يسأل الواثق من نفسه-الصادق معها ومع الآخرين – كيف يُقـرأ التاريخ .؟
- تساءل بعض الأحبة الزملاء الصادقين الشرفاء في واحتنا المؤنسة .. كيف تكون قراءة التاريخ .؟
- وتساءل بعض الأعـزاء الأكارم النبلاء .. أي زوايا وأي أوجه وصفحات من التاريخ - علينا أن نقـرأ-أولاً .؟
فأقـول لأحبائي المتسائلين وللزملاء .. تعالوا بنا نقـرأ سوياً مأساة حاضرنا في العراق .. والتي هي جزء كبير
من تاريخ مستقبلنا ، والتي هي ليست سوى نتيجة لفشلنا في قراءة تاريخنا في فلسطين وما قبله بمئات السنين .. والذي سأبدأ به تساؤلاتنا ..
ولنضع قـراءتنا في صيغة تساؤلات - أزعـم أننا جميعاً نعلم إجاباتها ونتفق عليها مُسبقاً ..!
هل كان العرب المسلمون يعلمون شيئاً عن قدرة عدوهم العسكرية عند دخولهم الحرب عام النكسة – (48) ..! .. لا .
هل دخل العرب الحرب اعتماداً على عدالة قضيتهم ؛ وعلى شيء من بطولات الأجـداد التاريخية .. فقط ..! .. نعم .
هل فاتهم أن الفرق في العدد والعدة والتدريب والتنظيم .. هي أسباب موجبة للانسحاب أو للهدنة - حتى حين ..! .. نعم
هل استفادوا من السيرة النبوية التي يُدرّسونها لأبنائهم .! ألم يكن صلح الحديبية درساً في قراءة الواقع وتقديم العقل والحكمة والواقعية -
بدل الاستهانة بقوة الخصم والانفعال والتعجّـل ..! .. لم يستفيدوا من السيرة ، وكان الصلح درساً .
كيف سَجّـلَ التاريخ - لخالد بن الوليد - انسحابه من معركة مؤتة ..! ألم يُـسجّـله له نصراً وحنكة عسكرية ..! .. بلى .
ألم يكن المسلمون يوم مؤتة .. يطلبون الشهادة ..! ألم يكن جهادهم مؤكداً دون أدنى شك من شكوك جهاد اليوم ..! .. بلى .
ألم يكن المسلمون قد خرجوا بأمر الرسول ..! فهل استشار خالد الرسول في أمر الانسحاب ؛
أم أن واقع وتوازنات كل معركة لها حساباتها المنطقية – بغض النظر عن إيمان وكفر أطرافها ..!
هل كان عزيز على الله نصر المجاهدين الذين خرجوا بأمر رسوله ..! ..كلا ..
ولكنها الدروس والعبر التي بين أيدي العرب المسلمين ولكنهم يتجاهلونها أو يجهلونها .

ألم تكن هزائم (48) هي البداية التي أطلعت العالم على ضعف وتشتت العرب وعبثية قراراتهم وعدم حكمتهم ..! .. بلى .
-لو أن العرب أخضعوا الأمر للحكمة والموضوعية والواقعية – آنذاك ، وأقـرّوا بأن المنتصر في الحرب
العالمية-2 ، هو من يقف خلف احتلال فلسطين ، وهو ذاته مصدر أسلحة العرب وتدريبهم آنذاك ..
فهل كانوا ليدخلوا حرباً خاسرة ضده - حرباً كشفت مستور العرب والمسلمين .! .. لا .
هل تـُراه كان من الأجدى أن يبحثوا عن بدائل تحفظ ماء الوجه ، ولا تـُطلع العدو على ضعفنا وأسرارنا ،
وتسحب الذرائع التي استغلها الصهاينة للتمادي في تشتيت شعبنا ، وفرض واقع جديد على الأرض ..! .. نعم .
ألم يكن العالم آنذاك مُـنصفاً إلى حد كبير – بدليل القرارات التي كانت تصدر لصالح قضيتنا ..! .. بلى .
هل استثمرنا التوازنات الدولية وتعاطف العالم معنا كما يجب – في حينها ..! .. لا .
- هل كان مدروساً وسديداً وشرعياً .. أن تـُجاهد جماعات من المسلمين آنذاك دون غطاء سياسي
من ولي الأمـر ودون إذن منه ؛ وتنشر ثقافة التمرد والعصيان وتحجيم وتهميش دور ولي الأمـر-الحكومات ..! ..لا .
.. أليست تلك هي بداية ما نشاهده اليوم من ظهور ما يُـعرف بالحركات الإسلامية
الجهادية ، وخروجهم على ولي الأمـر وتكفيره ، ومن ثم تكفير كل من أأتمـر بأمـره ، ومن ثم
تحليل دماء كل من خالفهم من المسلمين ، واستباحة استقرارهم وضرب مصالحهم بحجـّة محاربة
الكفـر ، وإقامة دولة الخـلافة - التي يتهيأ لها كذا خليفة يُـحارب بعضهم بعضا قبل قيامها ..! .. بلى .
كيف كُـنا قبل عنتريات وحماسيات ومصطلحات وانفعالات وأناشيد (67) ، وكيف صرنا بعدها ..؟

هل استردت الصين دون حرب –هونغ كونغ بعد أن احتلتها بريطانيا- 150 سنة ..! .. نعم .
هل يعتقد العرب أن الصينيين جبناء أو ضعفاء وعاجزين "وهم الدولة العضو في النادي النووي
، والأكبر من حيث عدد السكان" - عن استعادة تايوان بالقوة – اليوم ...؟ .. ربما .

هل يفتقر العرب المسلمون إلى الحكمة ، أم أنهم يرون أنفسهم أكبر من واقعهم ،
أم هل يرون غيرهم أصغر من حقيقته ، هل يُـدرك العرب تخلفهم ..!
أم تراهم يعتقدون أن كل من قال عن نفسه - أنا مؤمن - وجب له النصر ،
هل بالغ المسلمون في اعتمادهم على إسلامهم ، .. ومن ثم
بالغوا في الاستهانة بالآخرين اعتماداً على كفرهم ..!
ربما هذه ، وربما تلك ، وربما اجتمعت ..
فهي لا تأتي فرادى كما يقولون .

الجزء الثاني .. هل كان أمام أمريكا من خيار سوى غزو العراق ..!

يأتيكم قريباً .. مع أصدق التحيات ..

سأسير معك سطرا ً سطرا ً

اولاً
قولك

هل كان العرب المسلمون يعلمون شيئاً عن قدرة عدوهم العسكرية عند دخولهم الحرب عام النكسة – (48) ..! .. لا .
أقول

حين دخل صلاح الدين الايوبي معركة تحرير المقدسات لم يأذن ببدء المعركة الا بعد أن تأكد من اربع مسلمات

1\
تكافؤ عدد جيشه مع جيش العدو ولو نسبيا ً
2\
تقارب نوع وفاعلية الاسلحة التي يملكها بالقياس لما يملك العدو
3\
تدريب جيشه مع جغرافيا ساحة المعركة في ارضنا وليست جبلية ولا فيها مضايقات جغرافية

4\

وهذا اهم شرط

تأكد من ثقة جنده من النصر تحت مفهوم

وماالنصر الا من عند الله

فثقة المسلم المحارب بالله هي التي يعول عليها في الساعات التاريخية الحرجة


وسنكمل ايها النجيب

أخي الحبيب أبو بكر

دعني أعبر لك عن بهجتي وأنا افقرألك هنا في الواحة الغراء، صورة وجدتها لأفكارك كما أعرفك، أبوبكر الباحث عن حقيقة ما نحن عليه لا حقيقة ما يجب أن نكون عليه.
سأقرأ وأقرأ حتى أجد الجواب لسؤال يخيف المثقف العربي الحائر في عصرنا

لك أجمل تحياتي

أخي زادني .. لا تدري كم سرني وأسعدني أن وجدت نفسي أحد رواد وأعضاء - واحة يؤمها مفكرون بالمستوى الذي وجدت ، ويُتـابعهم قـُرّاء بالصدق والأمانة والثقافة التي رأيت ..
أخي .. أيها الأديب الكبير والشاعر البليغ .. كان حديثك لي عن الواحة .. من أهم وأقوى الدوافع التي جعلتني أطرق أبوابها .. وقد وجدت أنك لم تزد حرفاً ولم تنقص كلمة في حق الواحة ومفكريها وكتابها وجمهورها الكريم ..

أشكرك أخي العزيز .. وأرجو أن تكون بخير ..

أخي العزيز .. خليل .. تحية طيبة في كل وقت ..

( ... وما النصر إلا من عند الله ... )
أخي الكريم - ذكرت وذكّرت بهذه الآية الكريمة .. وأنا أقول إن ما تحمله هذه الجزئية من الآية الكريمة - من بعد إيماني عظيم يتجلى فيما يجده المؤمن في نفسه من ثقة لا متناهية في النصر وما ينجم عن ذلك من صبر وإقدام في أحلك الظروف - إن ذلك واقع لا مجال للجدال حول حقيقته وواقعيته وأرى أنه من مقتضيات الإيمان ..
إلا أني أرى وبكل صراحة أن تركيزاً شديداً يتم على البعد الروحي والغيبي لهذا المعنى- على حساب الجانب المادي البشري من معادلة النصر عند مواجهة العدو ، وعلى حساب المنطق والموضوعية للمشهد العام للحياة على الأرض والفطرة الإنسانية والناموس الكوني ؛ حتى أن معظم العرب المسلمين يتصرفون وكأنهم رسل مؤيدون بالمعجزات ؛ وكأن إيمانهم لا تشوبه شائبة .. وأنا أعتقد جازماً بخطورة هذا الفهم وهذا التنظير-على الإسلام والمسلمين . وإني لأرى رؤى العين أن الاختلاف والخلط في قراءة مثل هذه المعاني لهو السبب المباشر فيما يشهده المسلمون من انقسامات إلى فرق وطوائف غير مسبوقة عدداً واختلافاً وخلافاً ، وفيما يشهده العالم من عنف مطبوع بطابع الإسلام . حيث أن كل طائفة- بل وحتى الحركات المتطرفة الصغيرة التي لا يتجاوز عدد أفرادها المائة فرد- نجدها تتحدث باسم الإسلام والمسلمين قاطبة ، وتدخل في مواجهات خاسرة سلفاً مع قوى عظمى ، لمجرد أن هذا الشيخ أو ذاك المفـكّر قد نـظـّر لهم وأوهمهم أنهم وحدهم جند الله ، ووحدهم المؤمنون حقاً ، وأن عليهم القتال وانتظار نصر الله لهم .
أخي العزيز .. والله الذي لا إله إلا هو .. إني أرى أن وقفةً مع هاتين الآيتين الكريمتين ، وقراءة لهما متأنية - ستكشف عن لبس كبير في فهم المسلمين للمعنى الإيماني السابق .. الآيتان هما : الأنفال 65 و 66 ..
بسم الله الرحمن الرحيم ..
( يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون ) 65 . (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين ) 66 .

لا حظ معي أخي الكريم كم من المعاني يمكن استقاؤها من هاتين الآيتين ..!

أولاً .. الخطاب موجه إلى الرسول ومن معه من المؤمنين آنذاك ، حيث قال ( منكم ) ولم يقل (منهم) .. بمعنى أن الوصف للمؤمنين الذي تقودهم الآن بنفسك مباشرة أيها النبي , وليس وصفاً للمؤمنين من بعدك . .. فلو أخضعنا الأمـر للقياس فكيف ستكون شروط النصر اليوم .!
ثانياً .. في الآية الأولى : النسبة المطلوبة لانتصار المسلمين الذين يقودهم ويُحـرّضهم الرسول كانت(1 : 10 ) ، التعليل لهذه النسبة حسب الآية الكريمة .. هو أن الذين كفروا لا يفقهون .! وكأن المعنى أنهم لو كانوا يفقهون لتغيرت النسبة لصالحهم .
ثالثاً .. في الآية الثانية تغيرت النسبة المطلوبة للنصر- تقارباً- فأصبحت 1 : 2 ، والتعليل حسب الآية الكريمة هو ضعف المؤمنين . وعلى الرغم من أن النصر لا يتم إلا بإذن وتوفيق الله ، إلا أن الله اشترط على المؤمنين هذه النسبة المتقاربة .. لماذا .! لأنه لو انتصر المؤمنون رغم ضعفهم- الذي قد يكون من ناحية الإيمان أو من ناحية العدة والعتاد أو من الناحية البدنية - لو انتصروا حسب النسبة السابقة(1 : 10) لتحول الأمر إلى معجزة خارقة للناموس البشري ، ولآمن أو جُـنّ على إثرها من في الأرض كلهم جميعاً . وهذا ما لم تأذن به المشيئة الإلهية .

أشكرك أخي العزيز .. وأشكر كل الزملاء الأفاضل .. وأرجو المعذرة عن الإطالة .

الاخ الحبيب الاستاذ ابو بكر :
سلام الله عليك

اخي الكريم :

قد يكون معنى ثان للهزيمة غير الانكسار

انظر قول الله تعالى

{إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ }النور11

فلماذا نحسب كل هزيمة هي الحافز لليأس والتقهقر ؟

ثم
ان الله تعالى شاء ان يختم النبوات بسيد المرسلين
واستبدل قانون خوارقية المعجزات بقانون السننية وطالبنا ان نستثمر هذا القانون السماوي

{سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً }الفتح23

{سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً }الأحزاب62

فهل من معتبر

اوافقك ايها النجيب ان الاعتراف بقدرتنا وحقيقة ضعفنا هو السبيل الامثل في درب الانتصار

بوركت

وانتظر من حبر قلمك السامق ... المزيد

الأخ الفاضل العزيز .. الذي مَنَّ الزمان به عليّ .. في هذه الواحة الثرية بكُـتـّابها وقُـرّائها الأفاضل ..

أخي .. أعلم أنك قد أدركت قصدي - وهو الذي ما كان يوماً ليكون دعوة لإعلان الهزيمة والانكسار أمام الأعداء .
ولكنه كان دائماً وسيظل .. دعـوة إلى الواقعية وعدم الاتكالية التامة على الجانب الروحي الإيماني ،
وعدم استعداء الآخرين لمجرد اختلاف الأديان ، وعدم إدخال الدين في أمور بشرية حياتية مصالحية -بحتة ،
وعدم جـر الأمة بأسرها خلف قرارات وقناعات فردية عشوائية -لهذا الرئيس أو ذاك - لمجرد أنه مسلم ويحكم دولة مسلمة ،
والاعتراف الصريح بالخطأ من جانبنا - إذا وقع ، والاعتراف للآخرين بوجودهم وحقوقهم وإنجازاتهم ،
وعدم استفزازهم بالتحالف مع أعدائهم ومنافسيهم بقصد إغاظتهم .

أخي الفاضل .. أما موضوع سنة الله في خلقه والتي قد خلت والتي لن نجد لها تبديلاً ...
فهو موضوع على أعلى درجات الأهمية ، ويطيب لي الغوص فيه .. ويحتاج منا إلى وقفات متأنية - لنتفق على فهمه .. لعلنا أفردنا له موضوعاً خاصاً ..

أُحب التذكير دائماً - بأني أنطلق من قناعاتي وأبحاثي الخاصة .. لذلك تراني لا أستشهد إلا بـ(قال الله أو قال الرسول ) ،
ولا أتطرق إلى كُتبِ المفكرين والمفسرين -إلا ما ندر . أرجو أن لا يزعجك ذلك ،
علماً بأني أستنير وأستفيد بما يستدل به غيري ولا أرى في ذلك حرجاً ..

كنت وسأظل دائماً - مسروراً بمحاورتك .. أسعدك الله ..

أخي الحبيب الأستاذ / أبوبكر سليمان الزوي
وكما قال أدولف هتلر " التاريخ يصنعه المنتصرون "
الله ينورلك فكرك أكثر وأكثر .. فظلامنا شديد !
محبتي واحترامي
شاهين

الأخ العزيز والأستاذ الكبير .. شاهين أبوالفتوح ..

مفرداتك تـُخاطب القلوب ، وصدق مشاعرك ظاهر للعيان ، وتألمك من واقع الأمة نابع من الوجدان ..

شكر الله سعيك ، وأصبغ عليك نعمته ، وأبقاك منارةً وعوناً لنا ..

ألف شكر ..