أحدث المشاركات
صفحة 1 من 5 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 42

الموضوع: هل قدر لنا سنفعل خطأ أم صواب ؟ وكيف سنحاسب عليه ؟!!

  1. #1
    الصورة الرمزية أنس إبراهيم قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Aug 2007
    الدولة : رام الله
    المشاركات : 1,151
    المواضيع : 66
    الردود : 1151
    المعدل اليومي : 0.19

    افتراضي هل قدر لنا سنفعل خطأ أم صواب ؟ وكيف سنحاسب عليه ؟!!

    الـــسلام عليــكُم

    منــذ شهور

    ويتــبادر بذهـــني سؤال

    أو لنــقل أسئــلة

    منـها

    من المعــلوم أن للإنسان كتابٌ قبل أن يولــد وفيه فعله وأعمالــه ، فهــل الإنــسانُ الخاطئ في مجــالٍ ما
    قدر لــه وكتب له أن يخطئ هنــاك ؟ !
    وإذا كــان كذلــك . .
    فكيــف يحاســبُ على مــا فعل ؟!
    وإن لم يكــن كذلك ، فمــا الذي فعلهُ الإنــسان ؟
    ماذا يطلق على فـــعله عندما يخطئ او يصيب ؟ !
    ومــا هي الأفعــال التي قــدر للإنســان أن يفــعلهـا في كتــابه ؟!

    هل الله قـــدر للإنســان عملهُ ؟ !

    في قولــه تعالى : " وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقُو فيـها " !
    هنـــا كيف أو لا أدري كيف أصوغ اسؤال
    كي لا أقــع في الكفر أو الشبهة
    الله يأمر الناس أن يفسقو ثم يــعاقبهم كما في قولــه تعالى
    كيف ذاك ؟ وإن لم يكن كذلك ؟
    فما تفســير هذه الآية بالشكل الصحيح ؟ !

    أرجو من مفكرينا الأفاضل وفلاسفتنا
    توضيح الأمر وخوض النقــاش


    تحيتي لــكُم
    وأنــا أول من سأل وسأخوض في النــقاش
    غَزَةَ وإنْ رامَ المَوتُ في عجَلٍ
    لكِ الرُوُحُ تُقْبَضُ فِي شَرَفٍ

  2. #2
    الصورة الرمزية راضي الضميري أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    المشاركات : 2,891
    المواضيع : 147
    الردود : 2891
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي

    الأخ العزيز أنس ،،
    هذه بعض الأجوبة التي أفتى بها علماء أهل السنة وأرجو أن تكون تجد فيها الجواب الشافي ، علمًا أن هذا الموضوع يطول البحث فيه .
    **********************************
    أمّا عن القدر فهنا جواب للشيخ سفر الحوالي
    /
    التوفيق بين كون فعل العبد مخلوقا لله وكونه كسبا للفاعل
    وقال -رحمه الله تعالى-: ونعلم أن الله -سبحانه وتعالى- ما أمر ونهى إلا المستطيع للفعل والترك، وأنه لم يجبر أحدا على معصية، ولا اضطره إلى ترك طاعة.
    --------------------------------------------------------------------------------
    ولهذا قال سبحانه: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا اشترط الاستطاعة، فالاستطاعة شرط، فمن الناس من يستطيع السبيل، ومن الناس من لا يستطيع السبيل، فالذي يستطيع السبيل، وهو القادر على الحج بماله وبدنه، يجب عليه الحج، والذي لا يستطيع لا يجب عليه، فلو كان غير المستطيع مثل المستطيع، لما فرق بينهم، كون الله تعالى أوجب الحج على المستطيع، ولم يوجبه على غير المستطيع، دل عل أن هناك فرق بين القادر وغير القادر، ولا يقال إنهما سيان، والجبرية يقولون: لا فرق بين القادر وغير القادر، كلهم مجبورون، كلهم غير مستطيعين، هذا من أبطل الباطل.
    القدر ضل فيه طائفتان من الناس:
    الطائفة الأولى: الجبرية الذين يقولون: كل أفعال الإنسان اضطرارية، كلهم مجبور عليها، ويقولون: إن مثل الله في ذلك حينما يكلف العبد، كمثل قول القائل:
    ألقاه ألقاه في اليم مكتوفا وقال
    لـه: إيـاك إيـاك أن تبتل بالماء
    وهذا من أبطل الباطل، يقولون: كل أفعال العباد اضطرارية، وهي أفعال الله، فالله تعالى هو المصلي، وهو الصائم، تعالى الله عما يقولون، وهؤلاء مذهبهم من أبطل الباطل، لأن معناه إبطال الشرائع والرسالات كلها، لأن معنى كلام هؤلاء الجبرية ورئيسهم الجهم بن صفوان -رئيس الجبرية - يقولون: معنى ذلك أنه لا فائدة من الشرائع، فلا فائدة منه، يقول أحدهم -أحد الجبرية -: أنا إن عصيت أمره الديني الشرعي فقد وافقت أمره الكوني القديم. وهذا من أبطل الباطل، لأن معنى ذلك إبطال الشرائع.
    الطائفة الثانية: القدرية النفاة الذين يقولون: إن العبد يخلق فعل نفسه استقلالا من دون الله، فأخرجوا أفعال العباد من القدر، من خلق الله، وهذا باطل، فإن الله يقول: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا وهذا يشمل الذوات والأفعال، اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ خالق ذوات العباد وأفعالهم، كل شيء خلقه الله، فالقدرية يقولون: أفعال العباد ليست مخلوقة لله، الطاعات والمعاصي هم الذين خلقوها، أوجدوها باختيارها، باستقلالها، فرارا من القول بأنه خلق المعاصي، وعذب عليها فيكون ظالما، فروا من ذلك وقالوا: الله لم يخلق أفعال العباد، وتوسط أهل السنة والجماعة هداهم الله إلى الحق فقالوا: إن الله تعالى خالق كل شيء، حتى أفعال العباد، فهي مخلوقة لله، ولكن العباد لهم قدرة واختيار، تابعة لمشيئة الله، لهم قدرة ومشيئة وإرادة واختيار، لكن إرادتهم تابعة لمشيئة الله، كما قال الله تعالى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا تكون الطوائف ثلاث: الجبرية والقدرية وأهل السنة
    الجبرية في طرف قالوا: أفعال العباد كلها جبرية، والإنسان مضطر، وليس له أفعال، والأفعال أفعال الله.
    والقدرية قالوا: إن الله ما خلق أفعال العباد، ولا أوجدها، بل هم خلقوها مستقلين بأنفسهم.
    و أهل السنة توسطوا قالوا: الله تعالى خالق كل شيء، خلق العباد، وخلق أفعالهم، ولكن العباد لهم قدرة واختيار، وهم مكلفون بأفعالهم الاختيارية، نعم.
    قال الله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا .
    --------------------------------------------------------------------------------
    نعم، وهذا دليل على أن الله تعالى لا يكلف أحدا شيئا لا يستطيعه نعم.
    وقال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وقال تعالى: الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ
    --------------------------------------------------------------------------------
    الشاهد بما كسبت، أضاف الكسب إليها نعم.
    فدل على أن للعبد فعلا وكسبا، يجزى على حسنه بالثواب، وعلى سيئه بالعقاب، وهو واقع بقضاء الله وقدره.
    --------------------------------------------------------------------------------
    الشرح:
    التوفيق بين كون فعل العبد مخلوقا لله وكونه كسبا للفاعل:
    عرفت مما سبق أن فعل العبد مخلوق لله..
    --------------------------------------------------------------------------------
    لا منافاة، ففعل العبد خلق لله، لأنه خلق العبد، وخلق أفعاله، وهو كسب للعبد، لأنه باشر وفعل باختياره، فالعبد هو الذي باشر، والأفعال هي من الله إيجادا وخلقا وتقديرا، ومن العبيد فعلا وكسبا ومباشرة، فأفعال العباد ينسب إلى الله، من الخلق والإيجاد والتقدير، وينسب إلى العباد المباشرة والكسب والفعل، فهي أفعالهم كسبا واختيارا ومباشرة، وهي خلق الله إيجادا وتقديرا وخلقا، كما قال سبحانه: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ فلا منافاة بين الأمرين، فهي خلق الله وإيجاده وتقديره، وهي فعل العباد وكسبهم ومباشرتهم، نعم.
    عرفت مما سبق أن فعل العبد مخلوق لله، وأنه كسب للعبد، يجازي عليه الحسن بأحسن، والسيئ بمثله، فكيف نوفق بينهما؟
    التوفيق بينهما أن وجه كون فعل العبد مخلوقا لله تعالى أمران:
    الأول: أن فعل العبد من صفاته، والعبد وصفاته مخلوقان لله تعالى.
    الثاني: أن فعل العبد صادر عن إرادة قلبية، وقدرة بدنية، ولولاهما لم يكن فعل، والذي خلق هذه الإرادة والقدرة، هو الله تعالى، وخالق السبب خالق للمسبب، فنسبة فعل العبد إلى خلق الله.
    --------------------------------------------------------------------------------
    يعني الإنسان، الأفعال من صفات العبد، والعبد مخلوق بذاته وصفاته، وهو فعل العبد، لأن الإنسان أراده، له إرادة، وله مباشرة، وهو أراده بقلبه، قصد فعله، أنت ذهبت تصلي، يعني قصد إرادة، وكونك تصلي تباشر أفعال الصلاة بنفسك، فلذلك ينسب الفعل إليك لأمرين، لأنك أردته بقلبك، وباشرته ببدنك، فصار الفعل له، وإن كان الله خلقه، وخلق الله تعالى خلق قدرتك وأفعالك، أعطاك القوة والقدرة والفعل، نعم.
    فنسبة فعل العبد إلى خلق الله له، نسبة مسبب إلى سبب، لا نسبة مباشرة، لأن المباشر حقيقة هو العبد، فلذلك نسب الفعل إليه كسبا وتحصيلا، ونسب إلى الله خلقا وتقديرا، فلكل من النسبتين اعتبار، والله أعلم.
    --------------------------------------------------------------------------------
    نعم، فهو من الله، ينسب إلى الله الخلق والإيجاد والتقدير، وينسب إلى العبد الفعل والتسبب والكسب،

  3. #3
    الصورة الرمزية راضي الضميري أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    المشاركات : 2,891
    المواضيع : 147
    الردود : 2891
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي

    أمّا عن الآية الكريمة أخي العزيز أنس فهذا جواب منقول طبعًا
    ******************
    هل يأمر سبحانه بغير ما هو قسط وعدل ؟!
    هناك من الآيات القرآنية ما قد يفهم البعض من ظاهرها، أن بينها تعارضًا وتناقضًا؛ ومن هذا القبيل قوله سبحانه في سورة الأعراف: { إن الله لا يأمر بالفحشاء } (الأعراف:28)، مع قوله تعالى في سورة الإسراء: { وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها } (الإسراء:16) .
    فقد ذكر سبحانه في الآية الأولى، أنه لا يأمر أحدًا بفعل الفحشاء؛ في حين أنه سبحانه قد أخبر في آية الإسراء، أنه إذا أراد هلاك قرية، أمر مترفيها، ففسقوا فيها؛ وقد يفهم البعض من ذلك، أن الله يمكن أن يأمر بالفسق !! فهل هناك تعارض بين الآيتين ؟ وما هو السبيل لرفع ما يبدو بينهما من تعارض ؟
    ومن المهم لرفع ما يبدو من تعارض بين الآيتين الكريمتين، معرفة السياق الذي وردت فيه الآيات؛ مما يساعد على فهمها فهمًا سليمًا، ويزيل ما يبدو بينها من تعارض .
    وقد جاءت آية الأعراف في سياق الرد على أهل الجاهلية، وإنكار الممارسات التي كانوا يفعلونها، من طوافهم بالبيت وهم عراة، ودعوى أن الله أمرهم بذلك؛ فجاء الرد القرآني حاسمًا، ليقرر مبدأ مهمًا، وهو أنه سبحانه { لا يأمر بالفحشاء }، وإنما يأمر بالقسط { قل أمر ربي بالقسط } (الأعراف:29) فالآية واضحة صريحة في أن أمره سبحانه لا يكون بما هو فاحش ومنكر، وإنما يكون بما هو قسط وحق .
    أما آية الإسراء فقد جاءت لتقرر سنة إلهية، لا تتبدل على مر العصور والأزمان، ولا تتغير باختلاف الأماكن والبلدان؛ وهي أن بقاء الأمم ودوامها مرتبط بإقامة أوامر الله، والعمل بشرعه؛ وأن هلاكها إنما يكون بانتهاك حرمات الله، وتعدي حدوده؛ فهناك سبب وهو الفسوق، وهناك نتيجة وهي الهلاك؛ وليس معنى الآية - كما قد يتبادر إلى الفهم - أن الله يأمر الناس بالفسق، فيفعلوا المعاصي ويرتكبوا المحرمات، ثم ينـزل الله بهم الهلاك، فهذا الفهم ليس مراد الآية، وليس هو من دلالتها، بل هو فهم مخالف لها، ومعارض لأدلة أخرى، تفيد أنه سبحانه لا يأمر عباده بغير العدل والخير .
    وقد وردت آيات عديدة توضح المقصود من آية الإسراء؛ من ذلك قوله تعالى: { وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون } (هود:117)؛ فهذه الآية صريحة في أنه سبحانه ما كان ليهلك أهل القرى، إذا كانوا عاملين بأوامر الله، ومجتنبين لنواهيه؛ فهي تبين الوجه المقابل لما قررته آية الإسراء؛ فإذا كانت آية الإسراء قد علقت هلاك أهل القرى على فسقهم ومعصيتهم؛ فإن هذه الآية قد قررت أنه سبحانه لا يهلك أهل القرى ما داموا صالحين. والقرآن يفسر بعضه بعضًا .
    والذي يوضح ويؤكد أن آية الإسراء ليس فيها ما يدل على أن الله تعالى يأمر عباده بالفسق، أنها لم تعين المأمور به، بل سكتت عنه؛ فالآية تقول: { أمرنا مترفيها }، ولم تصرح بطبيعة المأمور به، هل هو الفسق أم هو الطاعة؛ والذي يعين أحدهما اللغة، والسياق الذي وردت فيه الآية، وأدلة قرآنية أخرى .
    أما اللغة، فأنت تقول: أمرت ولدي فعصاني، ولا يعني ذلك أبدًا: أنك أمرته بالمعصية، وإنما يدل على أن المعصية ترتبت على أمرك إياه، وهو أمر طبيعي؛ لأن المعصية فرع عن الأمر .
    وأما السياق الذي وردت فيه الآية، فإنه يوضح أن المأمور به هو الدعوة إلى الاستقامة وعمل الصالحات؛ فقبل هذه الآية نقرأ قوله تعالى: { إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا } (الإسراء:9)، وبعدها نقرأ قوله تعالى: { ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا } (الإسراء:19)، وإذا كان السياق يفيد أن المقصود طلب فعل الطاعات، فمن غير الصواب - حينئذ - فهم الآية على أنها أمر من الله لعباده بالفسق؛ وبالتالي فإن المصير إلى هذا الفهم السقيم من الضلال البعيد .
    أما الأدلة القرآنية فكثيرة، منها قوله تعالى: { إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي } (النحل:90) وهو نص واضح في أن أمره تعالى لا يكون إلا بطاعة وخير، ولا يأمر سبحانه بفسق أو فحشاء. وهذا أمر من صلب عقيدة المؤمن، لا يقول بخلافه إلا من نزع الله الإيمان من قلبه .
    وبذلك يكون المعنى الصحيح للآية، أن يقال: أمرنا مترفيها بطاعتنا وبمنهجنا، ولكنهم خالفوا وعصوا وفسقوا؛ فحق عليهم العذاب؛ ويكون من الخطأ أن نفهم من الآية: أنه سبحانه أمر أهل القرية بالفسوق، ليُنـزل بهم عليهم العقوبة والهلاك .
    وما تقدم هو الوجه الراجح في تفسير الآية الكريمة؛ وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: أمرنا مترفيها بطاعة الله، فعصوا. وعلى هذا القول يكون في الآية كلام مقدر، مستفاد من السياق، أو من أدلة أخرى؛ وعليه فلا يكون هناك تعارض ولا إشكال بين هذه الآية وآية الأعراف .
    على أن آية الإسراء تقتضي التنبيه إلى أمرين، يساعدان على إلقاء مزيد من الضوء حول معنى الآية؛ الأول: يتعلق بالمقصود بالمترفين، ووجه اختصاصهم بالذكر؛ فالمترفون هم أهل النعمة وسعة العيش، وتعليق الأمر بهم على وجه الخصوص، مع أن الرسل يخاطبون جميع الناس؛ لأنهم عادة في موقع القيادة والزعامة، والناس تبع لهم، فكان من المنطقي أن يتوجه الخطاب إليهم دون غيرهم، فإذا فسقوا عن الأمر، اتبعهم الأتباع وضعاف القوم، فعم الفسق أو غلب على القرية، فاستحقت الهلاك .
    الثاني: يتعلق بوجه العلاقة بين إرادة الله إهلاك القرية، وبين أمر المترفين، فهي علاقة السبب بنتيجته؛ ففعل المترفين هو السبب، وإرادة إهلاك القرية هو النتيجة لذلك الفعل؛ وعليه فلا يقال: إن إرادة الله سبب مؤد إلى فسوق المترفين، ونزول الهلاك بأهل القرى؛ فحاشا لله أن يريد إهلاك قوم قبل أن يأتوا بما يستوجب هلاكهم، وليس من الحكمة الإلهية أن يسوقهم إلى ما يفضي إلى مؤاخذتهم. ولـ ابن عاشور كلام مفيد في تفسيره ( التحرير والتنوير )، يحسن الرجوع إليه في هذا المقام .
    وقد ذكر المفسرون وجوهًا أخرى للتوفيق بين الآيتين الكريمتين، نذكر منها ما يلي:
    الأول: أن يكون معنى { أمرنا }: كثَّرنا، من الكثرة؛ أي: كثرناهم حتى بطروا النعمة، ففسقوا؛ ومجيء ( الأمر ) بمعنى الكثرة والتكثير له أدلة من اللغة والشرع؛ وقد جاء في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: ( خير مال المرء له مهرة مأمورة ) رواه أحمد ؛ أي: كثيرة النسل؛ وفي حديث أبي سفيان مع هرقل قوله: ( لقد أمر أمر ابن أبي كبشة ) أي: كثر وعظم .
    الثاني: أن يكون معنى { أمَّرنا } بتشديد الميم، من الإمارة؛ أي: جعلناهم أمراء، ففسقوا؛ لأن الأغلب ممن يتولى أمر الناس، أن لا يراعي حكم الله فيهم. وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما في معنى الآية: سلطنا أشرارها فعصوا فيها، فإذا فعلوا ذلك أهلكهم الله بالعذاب. وهو قوله تعالى: { وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها } (الأنعام:123) .
    الثالث: أن يكون ( الأمر ) في قوله سبحانه: { إن الله لا يأمر بالفحشاء } هو من باب الأمر الشرعي، المطلوب فعله من العباد؛ وأن ( الأمر ) في قوله تعالى: { أمرنا مترفيها } هو من باب الأمر القدري، الذي لا يخرج عنه شيء في هذا الكون. ولهذا أدلة من القرآن، وتفصيل الكلام فيه له مقام آخر .
    ويتضح من مجموع ما قيل في معنى آية الإسراء، أن هذه الآية الكريمة لا تعارض قوله تعالى: { إن الله لا يأمر بالفحشاء } بل إن كل منهما تقرر حقيقة لا تعارض الأخرى ولا تخالفها؛ فآية الأعراف تقرر عقيدة إيمانية، وآية الإسراء تقرر سنة إلهية، لا تتخلف ولا تتبدل .

  4. #4
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    إضافة لما تقدم

    الله عز وجل خلق الانسان و خلق فيه أفعاله و قدرته على الفعل و الحركة
    ليس للإنسان إلا ما سعى
    وهو الكسب و الاختيار ما بين الخير و الشر و عليه يكون الجزاء

    و الانسان حر مكلف مسؤول عن أفعاله

    قال الله تعالى :(لمن شاء منكم أن يستقيم ) (التكوير :28)
    وقال تعالى(منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ) (آل عمران 152)
    وقال تعالى : ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) ( الكهف : 29 )

    الإنسان يفعل باختياره و كما يريد ولكن إرادته واختياره تابعان لإرادة الله تبارك وتعالى ومشيئته
    مشيئة الله تعالى تابعة لحكمته وأنه سبحانه و تعالى ليس مشيئته مطلقة مجردة ولكنها مشيئة تابعة لحكمته لأن من أسماء الله تعالى الحكيم
    و الله حكم عدل ليس بظلام للعبيد كما جاء في سورة ق
    تظل جماعات من الأفئدة ترقب صباح الانعتاق,لترسم بسمة الحياة على وجوه استهلكها لون الشحوب و شكلها رسم القطوب ,يعانقها الشوق و يواسيها الأمل.

  5. #5
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.82

    افتراضي

    أشكرك من عميق قلبي أيها الأخ الحبيب النجيب الأريب ..


    فالإسلام علمنا كيف نحاور أنفسنا لنصل إلأى حقيقة المسلمات التي نعتنقها ...


    هذه هي طريقة القرآن .... قل هاتوا برهانكم

    أريد منك أن تستمر في التساؤلات ...


    الله قـــدر للإنســان عملهُ ؟ ! نعم
    وقدر له أن يعمل العمل بطوعه واختياره هو أي الإنسان ...

    وهنا تكمن المفارقة ..

    سأنتظر ردك لنكمل سوية
    الإنسان : موقف

  6. #6
    الصورة الرمزية أنس إبراهيم قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Aug 2007
    الدولة : رام الله
    المشاركات : 1,151
    المواضيع : 66
    الردود : 1151
    المعدل اليومي : 0.19

    افتراضي

    حسنــا

    شكـــراً لــكُم

    ولكن هناك تساؤل آخر

    " لا كراهية في الدين "
    أنا ولدت وجدت أمري مسلما وأصبحت مسلم

    أليست هذه كراهية ؟! وعندما آتي كي أغير ديني وأقول لا كراهية في الدين / يقال بأني كافر
    حسنا ولكني لم آخذ فرصة لختار الدين وقد وجدت نفسي مسلما أومسيحيا من حيث ولدت

    فأين معنى جملة " لا كراهية في الدين " !!!!

    انتظركم . .

    أستاذي خليل
    رددت فأجبني نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    تحيتي وتقديري لكُم

  7. #7
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.82

    افتراضي

    للأسف نحن لسنا مسلمين .... إلا ... عن طريق الوراثة

    كم مسلم فينا وصل إلى الإسلام بقناعاته هو لا بقناعات الآباء ... ؟؟

    أجبني يا أنس لنكمل التوضيح ...

    ونعرف الفارق الجسيم بين إسلام الوراثة وإسلام القناعات الفكرية ....

  8. #8
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Sep 2007
    الدولة : فوق الأرض..وتحت السماء..وحيث اللحاف..النجوم!
    العمر : 32
    المشاركات : 2,044
    المواضيع : 86
    الردود : 2044
    المعدل اليومي : 0.34

    افتراضي

    جميل جدا هذا الموضوع....
    كل الذي أعرفه
    أن الإنسان مخير ومسير في ذات الوقت
    أما مخير....فله أن يختار طريق الحق أو الباطل
    أما مُسيّـر...فمثلاً لون البشرة والعقل...الخ

    وعلم الله العزيز الجبار، حيث أنه عالم بالغيب والشهادة
    هو علم كاشف فقط...ولا يؤثر أبداً على ما سيفعل الإنسان...


    مودتي واحتراماتي

  9. #9
    الصورة الرمزية أنس إبراهيم قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Aug 2007
    الدولة : رام الله
    المشاركات : 1,151
    المواضيع : 66
    الردود : 1151
    المعدل اليومي : 0.19

    افتراضي

    للأسف نحن لسنا مسلمين .... إلا ... عن طريق الوراثة

    كم مسلم فينا وصل إلى الإسلام بقناعاته هو لا بقناعات الآباء ... ؟؟

    حسنا
    إذا من هنـا لنبدأ كمـا قلت
    الأهـل في أي بقــعة في العـالم
    برأيك هل إختـاروا الطريقة الخـاطئة لجـعل أبنـائهم مسلـمين ؟!
    أن يورثهم دينهم ، وقد أعطـى دينهم الحرية في الديانة للإنسان ؟!

    برأيي معظم المسلمين اليوم ، وجدوا أنفسـهم ملسمين أصحاب الإسلام ، فقط بالهوية ، ومن النادر أن ترى شخصاً يدافع عن دينه ، إلا إذا رأيت شخصاً يدافع عن دينه فليس من الضروري أن يكون معنياً نعم بالدين ، ولكن فقط أنه وجد نفسه مسلماً وصاحب دين فمن واجبه كفرد في المجتمع والدين أن يدافع عن هذا الدين !

    هذا جـوابي

    ولنبـدأ من هنـا " فلـنصغ المشهد بطريقة أخـرى "

    أنــتظرك أستاذي
    تحيتي وتقديري لك

  10. #10
صفحة 1 من 5 12345 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. زمانيَ أشكو أمِ النائباتْ..؟! // أمِ النفسُ أشكو.. فقد أسرَفَتْ
    بواسطة زياد بن خالد الناهض في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 29-09-2011, 11:13 PM
  2. مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 29-11-2008, 12:26 AM
  3. ماهي الخواااااطر وكيف تكتبها؟؟ وكيف تـتـقنها ؟؟وكيف توصلها الى قلب آخر ؟؟
    بواسطة عطية العمري في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 15-03-2008, 10:02 AM
  4. خطأ سار عليه أكثر العرب / مناظرة
    بواسطة د . حقي إسماعيل في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 15-12-2005, 06:50 PM
  5. هل تاريخ ميلاد المسيح عليه السلام صحيح أم خطأ ومتى ولد عيسى ابن مريم
    بواسطة محمود مرعي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 27-12-2003, 08:59 PM