المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوبكر سليمان الزوي
الأستاذ الأديب .. أحمد الرشيدي - الأخوة الأفاضل جميعاً .. السلام عليكم
الأخ المفكر أبو بكر سليمان الزوي حفظه الله
وعليك والسلام ورحمة الله وبركاته
من أجل حوار هادف
هكذا تمت إعادة طـرح الموضوع وتثبيته ، بقصد التفاعل في حوار تفصيلي مثمر .. ومعالجة أمور العقل والفهم والحكمة والإدراك والفطنة والرؤية وكل ما في حكمها .. كما جاء في مداخلة وتوصية أخينا وأستاذنا الدكتور العزيز .. سمير العمري ..
يا أخي الكريم أنا على سفر ، وقد قدر الله أن أطل على الواحة ، فكان ما جاد به فكركم وأدبكم هو أول ما وقعت عليه عيناي ، ثم إن والدتي - يا أخي الكريم في حالة صحية سيئة ، وأنا في حالة نفسية سيئة ، كما أني لم أكتب هذه المقالة لأقيم حوارا ، وإنما هي محاولة فكرية أولى نشرتها في جريدة الوطن الكويتية يقرأها المثقف والطبيب والمهندس والمعلم والطالب ، والمنافق والمؤمن ، والعالم ، والجاهل ، والأديب والمفكر ، والموسيقي ... أنا لم أقم حوارا ، وإنما حاولت أن أجتهد ، وأسأل الله ألا يحرمني الأجر ، وأود أن أنوه بأن الأستاذ العزيز خليل حلاوجي هو الذي أقام حوارا ، ولست أنا . وتوصية أخي الكريم أستاذك الدكتور سمير العمري موجهة للمفكرين أمثالك ، وأما أنا ، فكما ذكرتَ أنتَ فيما يلي :
من أجل ذلك يتحتّم علينا التحديد والتجديد وربط الفكر بالواقع والمنطق ، لا مجرد التنقّل بين مرافئ الأدب والفلسفة والشعر والتفكّـر بقصد النقد والتذكّـر ..!
ثم إني لم أقرأ في شروط الانتساب للواحة أنه يتحتم على من كتب مقالة فكرية - أقولها تسامحا - ألا يكتب في موضوع آخر ، ، ومعلوم أن الأدب يروح عن النفس بينما الفكر يجهد الذهن ، ومن الصعوبة بمكان إعمال الفكر والنفس في وادٍ آخر .
أولاً .. أجدني أطمع في سعة صدرٍ لدى أخي الكريم .. أحمد الرشيدي .. لأُسجّـل تحفظي وعدم اتفاقي مع الأسطر التالية من مقالته القيّمة .. خاصة وأنها مُـهداة إلى كل عاقل .. ( فهل أنت ممن يكدح عقله في جنح الليل حتى ينبلج له نور الحق أم أنك ممن لا تعمل عقولهم إلا في الاحتيال لمصلحة العيال وتوفير العلف الوفير والخروج على الناس كل يوم ببردعة جديدة ! ) ..
يا أخي الكريم هذا أسلوب إنشائي شائع ليس الغرض منه مجابهة المخاطب ، إلا إن كان المخاطب كما يقول الأخوة المصريون : ( اللي على راسه بطحه ) فماذا بوسعي أن أفعل له ، ثم إنها ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين ، أليس إصلاح المجتمع يبدأ بإصلاح النفس ومكاشفتها ؟
وأقول .. إني أتفق مع الزملاء في المدح المستحق لبعض ما حوته المقالة من أدب ، ولا أرى بأساً مع ذلك في الاختلاف والتساؤل حول كل ما تحويه من فكـر ..
ثانياً .. الأخ الرشيدي وكل الزملاء الذين أيدتم فكرة المقالة دون تحفّـظ ..
هل لي بطرح تساؤلات إنسانية بديهية أجدها هائمةً تائهةً بين الأدبيات الإسلامية والفكـر العربي ..
لقد ذكرتُ لكَ - أخي الفاضل - ما كان من أمري في هذه المقالة ، وأما الزملاء ، فلا أعلم لِمَ لم يتحفظوا .
هل نخاطب بأدبنا شريحة مُحـدّدة في بيئة ممهـدة لا ينقصها سوى التذكير ..!
أم ترانا نخاطب أنماطاً متعددة من أقوام مهـددة في لقمة عيشها إلى الحد الذي جعلهم يرون في الفكر والعقل والتفكّـر والأخلاق ضرباً من العبث وإضاعةً الوقت والجهد ..!
فكأني بالزميل العزيز يُخاطب أمةً من الفلاسفة المفكرين المثقفين الأغنياء الآمرين القادرين المُطاعين المالكين لأمرهم .. بعد أن طاف مُـدنهم وقُـراهم ولم يجد غير الكسل علة فيهم ..!
أجبتك - أخي الفاضل - فيما ذكرتُه في صدر كلامي ، لقد نشرت هذه المقالة في جريدة يومية ، ثم أشار عليَّ أخي الدكتور حسان الشناوي بنشرها هنا ، ففعلتُ ، وكنتُ حديث عهد بالواحة ، فوجدت أن أخي الفاضل خليل حلاوجي يُعنى بمسائل الفكر ، فأهديتُه إياه .
وكأني بكم ترون المواطنين العرب بخلاء بفقرهم ، جُهلاء بمحض إرادتهم المسلوبة ، أغبياء برغبتهم المفقودة ، حكماء يدّخرون حكمتهم في أوج محنتهم ، عُـقلاء يعبثون بعقولهم ، أو أنكم ترونهم أحياءاً يـدّعون الموت .. إنهم أمواتٌ يريدون الحياة ..!
كأني بالإخوة يطلبون من الضعيف إغاثة الملهوف ، ويلومون الفقير لعدم تصدقه على المسكين ، وينتظرون من العبيد تخليص المساجين ، ويرجون القراءة والكتابة من الأميين ..!
إننا أيها السادة إنما نخاطب جمعاً - مُفـرده هو ذاك المواطن العربي المسلم الذي لا يزال يُعوّل على قبيلة أو عشيرة تحمي وجوده في حده الأدنى- مقابل تعطيل عقله وتهميش دوره والتنازل عن كيانه إلى حدها الأقصى .. بسبب غياب البديل .. وهو دولة القانون ..!
أردت التذكير فقط بأن جُلّ من نخاطبهم هم أولئك الأفراد الذين تتملكهم الرهبة من قادم الساعات لا الأيام ، ويعبث بكرامتهم العَـوَز في حاضر السنين ، وتقودهم قناعات استقوها من واقع وجدوه قـدراً محتوماً أمامهم ، مُسلّطـاً على أعناقهم ، مُمسكاً بأقواتهم .!
إنه واقعنا الأليم المسيطر ذو السطوة الرهيبة - الذي ما اصطدمت به رؤية أو فطنة أو إدراك أو فهم أو حكمة – إلا وأفرغها من هِمّـتها وملأها بيأسه .!
إن العبد الذي يُفرض عليه النفاق لا يمكن أن يعيش إلا منافقاً .!
فعندما يجلده سيده الدنيوي (النظام القائم) على جنبه المادي ، ويُحرّم عليه سيده الديني الاتقاء بجنبه الفكري- فلن يكون أمامه سوى فلسفة الثعالب .!
أيها الزملاء الأعزاء .. إني أرى أن سلاح النقد وفضح التجاوزات وجلد الذات .. هو سلاح فاشل في عالمنا الثالث .. فهو سلاح فاعل- فقط- في عالمٍ تجاوزَ الأساسيات الإنسانية ، وقطع أشواطاً كبيرةً باتجاه الكمال وفق المعايير والقدرات البشرية ..!
فهل خطابنا موجه إلى شريحة بذاتها كالمثقفين أو الكتّاب أو الأدباء .. مثلاً ..! فإذا كان الأمر كذلك .. فتلك طامة كبرى - إذا كانت مثل هذه الشرائح لا تزال تنتظر منا تلك النصائح ..!
أما إذا كان الخطاب موجه إلى عموم الأمة .. فإني أرى أن الأمر يحتاج إلى ورش عمل مستمر لوضع آليات للنهوض بها .. فليس النقد والنصح هما علاجها ..!
أيها الأخ الكريم إذا أقمتَ ورش عمل ، فسأكون أول من يعمل معك .
علينا ألا ننسى أن الأمة لا تنتظر من مثقفيها سبّـاً .. إنما تعقد عليهم الآمال وتنتظر منهم فك الأغلال ..!
أما قولك ( سبا ) فلستُ بمعلق عليها ، وليغفر الله لك .
وأرجو ألا يغيب عن أذهاننا أن الواقع العلمي المستقر المزدهر - الغربي الأممي الذي نراه اليوم - هو نتيجة لثورة قادها أفراد مفكرون بالأمس ..!
أيها الأحباب .. إننا نجانب الصواب قليلاً ونظلم العقل العربي كثيراً عندما نعيّره ونقيسه بالعقل الغربي أو الياباني الحـر الطليق في دنياه .. بينما نطلب من العقل العربي تدبّـر القرآن وإتقان العبادات والتفكّـر في الحساب وانتظار الفتاوى وطاعة ولي الأمر وصلة الأرحام والصبر على البلاء والاعتماد على الدعاء واستحضار الجهاد وضرورة الزواج والإنجاب .. الخ .. ونتوعده ببئس المصير إذا بدا منه أدنى تقصير ..!
في الوقت الذي لا يحق له أن يسأل عن أمر ديني لم يستوعبه عقله .. وإذا سأل فإنه في أحسن الأحوال لا يحصل على جواب .. وغالباً ما يُرمى بالكفر والزندقة والعمالة والنفاق ..!
للحديث بقية .. طابت أوقاتكم ..