أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 17

الموضوع: حـذار من شُـبْهَـة التشـاؤم .. (2)

  1. #1
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي حـذار من شُـبْهَـة التشـاؤم .. (2)


    تكملة الجزء الأول ( حـذار من شبهة التشاؤم ) ..

    ولعل أمـر الموت مع الإنسان يقترب من الطرافة- بالنظر إلى ما يفعله أغلب الناس من بكاء وعويل وتحسّـر ..

    عند موت قريب لهم أو عزيز عليهم ؛ وكأنهم يعلمون أنه ذاهب إلى مصير ملئه الألم والأسى ؛

    أو كأن موته لم يكن في الحسبان- في أية لحظة . أو كأنهم لو علموا بموعد موته لأنقـذوه .!

    فإذا كان موت الأحبة والأعزاء أمراً مُـفـزعاً إلى هذا الحد ..( وهو كذلك ) فكان على الأحبة إذن .. أن يبكوا بعضهم مع بداية المحبةوباستمرار ..

    وألا ينتظروا وصول الموت وكأنهم يشككون في قدومه .

    فليس من المفهوم لدى العقل .. أن يكون الإنسان في غاية السعادة والسرور ..

    وهو ينتظر ويترقب موت أحبابه ؛ أي أنه ينتظر حدوث أمرٍ مؤكدٍ لا يملك له رداً ..

    وعند حدوث ذلك الأمر المؤكد الذي يُتَوَقع حدوثه في كل لحظة .. يتصرف الإنسان وكأن أمراً مُـفجعاً طارئاً غير متوقع- قد حدث ..!

    ولذلك فإني أعتقد أن أمر الموت وعدم فهم الإنسان له .. هو من أهم أسباب وصف القرآن الكريم للإنسان - بالظلوم الجهول .!

    إذ ليس للإنسان هدف محدد يسعى إلى تحقيقه ليُـعلن بعـده كفايته من الحياة- وجاء الموت ليكون الحائل الوحيد الذي حال دون تحقيقه لذلك الهدف .!

    كما أننا نلاحظ أن قيمة الإنسان- تـُحسب وترتفع عند موته- مادياً ومعنوياً . في حين أنه مُحارب ومُهان في حياته .

    فأي انتصار عظيم هذا الذي يُحققه الموت- لضحاياه - مقابل خرق الحياة للمبادئ والقيم التي يتبجح بها أحباؤها .!

    ولعل من الأمور التي تبرز فيها الغرابة ، ومن أكثرها أحقية بالبحث والمناقشة فيما يتعلق بالحياة والموت- بالنسبة للمؤمنين بالبعث والحساب ..

    هي طموحات الإنسان اللا محدودة .. في حياة يعلم أنها محدودة .. ومتبوعة بموت مؤكد .. يتبعه حساب دقيق على كل قولة قالها وكل فعلة فعلها ...

    خاصة إذا أخذنا في الحسبان أنه قلـّما تمكّـن الإنسان من تحقيق طموحاته دون انحرافات- قد يموت أثناء مخاضها ؛ وهو يعلم أن ما يستحوذ عليه في الحياة الدنيا من ممتلكات ..

    سيزيد من تشبثه اللا مُبـرّر بالحياة ، ويُضاعف من خوفه اللا مُـفيد من الموت ، ويزيد من أعبائه وواجباته اليوم ، وغالباً ما يُحْسَبُ عليه سلباً بعد الممات .

    ولعل الطرافة في فلسفة الموت وعلاقته بالحياة والسعادة .. يمكن التعبير عنها وتقريبها للمنطق .. كأن نقول أن السعادة والمتعة بأي أمر ، لا يتم احتسابها ولا يشعر الإنسان باكتمالها إلا عند انتهاء ذلك الأمر ..

    كما هو الحال في الرحلات الترفيهية القصيرة التي يُحـدّد الإنسان لحظة نهايتها لكي تكتمل متعته بها ؛ لأنه لا يستطيع توفير السعادة والمتعة في حياته العادية المستمرة التي لا يعلم موعد نهايتها .

    بمعنى آخر .. أن الإنسان يقتطع أجزاءً من حياته ليقيم فيها حياة مصغّرة ، يقرر هو بدايتها ونهايتها ليستمتع بتلك النهاية .

    فهل يكون وجود الموت هو من أجل احتساب مدى السعادة في أيام الحياة ومن أجل الشعور بمتعة اكتمال رحلة الحياة- بنهايتها .؟

    لا شك أن القول بمثل هذه الفرضيات والتساؤلات والأفكار - سيضع صاحبه في مواجهة مع الراغبين في الحياة- المتفائلين بطول الأعمار- وسيصفونه بالمتشائم ..

    وكأن التشاؤم يكفي المتشائمين ذنباً ؛ وكأن المتفائلين لا يدرون أو لا يعترفون بأن التشاؤم في أوضح صوره ليس إلا قراءة عقلانية منطقية للمستقبل المجهول .. في كتاب الحاضر المتغير .. على ضوء الماضي المعلوم .!

    ولكن .. وعلى كل حال .. ليس بالضرورة أن يكون تفضيل الموت على الحياة ، أو مدح الحياة بموتها .. تشاؤماً أو ذماً للحياة ، لأن لب الحقيقة هو ..

    أن حياة الإنسان صاحب الصورة الجميلة والآمال العريضة والأحلام الوردية والقوة المصطنعة الكاذبة المؤقتة والخيال اللا محدود ؛ وحبه لها- الذي يُخفي خلفه كماً لا يحصى من المُـكابرات والعيوب والأسرار والمخاوف والهواجس والهموم والكراهية لها- أحياناً .. هذه الحياة بمجملها لا تعدو أن تكون مرحلة مليئة بالمآسي ، وتشوب سعادتها وآمالها الهشة -مفاجآت منتظرة من مجهول خارج عن السيطرة والإدراك ؛ وتسير مراكب يومها تحت تهـديد عـواصف غـدها .

    وهي مرحلة مؤقتة في صيرورة أبدية متغيرة ومتعددة المراحل والمعطيات .. ويجهل الإنسان عن أسرار هذه المرحلة وتلك الصيرورة ومراحلها الأخرى-كل شيء تقريباً ، و لا يكاد يتحكم منها بشيء .

    ويُـحسب للموت أنه يُمثـّل حتمية نهاية حياة الفرد ، وما تحويه وما تعنيه تلك النهاية- ولأنها مؤكدة- من راحة وسعادة ومتعة وجمال- ينبغي الاستمتاع بالاستعداد لها ..

    بدل أن نتجاهلها ونحتاط منها ونتنكر لفضلها- في غمرة حبنا اللا مدروس لحياة مؤقتة لا نملك قرار بدايتها ولا نهايتها ولا سعادتها .

    ولا يمكن لأحد أن يُنكر عِـظم حجم المأساة التي ستحل بالأغلبية الساحقة عـدداً- المسحوقة واقعاً مُعاشاً .. لولا وجود الموت في حياة الإنسان .

    فبوجود الموت يشعر الفقير بأن المال- أو ما يُعادله - الذي يفتقده هو ، والذي لا تقوم الحياة السعيدة إلا به .. لا يعدو كونه زاداً يقتات به لحين وصول الموت .

    ونفاد ذلك الزاد أو نفاد نصيب الإنسان منه- معناه وصول الموت المنتظر- شأن الفقير في ذلك شأن الغني ؛ مع الفارق الذي يجعل الفقير العاقل ينتظر الموت كمنقذ له من مرحلة مريرة وواقع أليم لم يألفه ، ومبشرٍ له ببديل يأمل ويتمنى وينشد ويظن- وأحياناً يعتقد- أنه سيكون أفضل من حاضره ، وهو مُنقذ آتٍ لا ريب في قـدومه .

    بينما لا يروق لأغلب الأغنياء ذكر الموت ؛ وهذه من مزايا الموت والفقـر ، ومن عيوب حياة الغنى والرفاهية ... وكذلك الأمر مع المحكوم و الحاكم .. وهكذا .

    والموت في حياة الضعيف هو الذي يجعله يشعر بتساوِ الجميع ضعفاً .. حيث أن النتيجة والمستقر والمنتهى واحدة ، رغم الفارق الكبير المنظور لحظياً بين الأحياء ، ذلك الفارق العنصري الظالم المُـزيّـف الذي فقد هيبته وبهرجته بوجود عدل الموت .

    ويرمز الموت في الحياة الدنيا المليئة بالمظالم والشرور .. يرمز إلى العدل والمنطق والحكمة والصواب والموضوعية في أبهى صورها . ولذلك فقد مدح الله سبحانه وتعالى .. الحياة في الآخرة بوصفه لها بالأبدية ، لأن العدل المطلق يكون قد تحقق حينها ، ولا مجال لمغالطات الفكر البشري ، وبالتالي تكون قد انتفت الحاجة لوجود الموت لتصحيح تلك المغالطات- وفق الحكمة والمشيئة الإلهية .



    تمنياتي لكم بالسعادة وطول الأعمار أيها الأحبة .. ألقاكم مُجـدّدَاً ..
    إذا سرَّكَ ألا يعود الحكيم لمجلسك .. فانصحه بفعلِ ما هو أعلم به منك !

  2. #2
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2006
    العمر : 54
    المشاركات : 3,604
    المواضيع : 420
    الردود : 3604
    المعدل اليومي : 0.55

    افتراضي

    بارك الله بك
    ربما نقلت موضوعك لمنتديات ام فراس الثقافيه
    اشكرك
    فرسان الثقافة

  3. #3
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريمة الخاني مشاهدة المشاركة
    بارك الله بك

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريمة الخاني مشاهدة المشاركة

    ربما نقلت موضوعك لمنتديات ام فراس الثقافيه

    اشكرك


    الأخت الكريمة ..


    أشكرك على مرورك وتعاطيكِ المسئول ..


    واعلمي أختي الفاضلة .. أنني أعي تماماً أن مثل هذا الموضوع لا يروق للكثيرين ، وأنا أُقـدّر وأحترم وجهات نظر الجميع ...

    وأرجو أن لا تترددي في النقد وإبداء رأيك بكل صراحة .. فأنا على استعداد لسماع كل وجهات النظر ..
    وأتخذ من النقد وآراء الآخرين منطلقات للكتابة والفكر .. ولا أجد في نفسي شيئاً تجاه من ينتقدني .



    وإذا كان الموضوع يميل كثيراً باتجاه التشاؤم ؛ فما ذلك إلا لأن الواقع والمنطق يفرضان ذلك .


    وإذا بدا من الأفكار المطروحة ما يُـشير إلى مُحاربة التفاؤل .. فما ذلك إلا بسبب مساوئ الإفراط في التفاؤل .. الأمر الذي أوصلنا إلى قراءة مشوهة للواقع .. حتى أصبحنا نرى هزائمنا -انتصارات ، وتخلفنا -تقدماً ..



    أحببت الاستفسار عن هذه الجزئية إذا كان ذلك لا يزعجك (ربما نقلت موضوعك لمنتديات ام فراس الثقافيه)



    .. أشكرك كثيراً ..

  4. #4
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2006
    العمر : 54
    المشاركات : 3,604
    المواضيع : 420
    الردود : 3604
    المعدل اليومي : 0.55

    افتراضي

    اخي العزيز احترم جدا من يتقبل اراء حرة بموضوعيه هذا اولا
    ثانيا قلت ربما نقلتها لمنتداي هذا اسمه تجده في غوغل
    اشكر وعيك وتفهمك

  5. #5
  6. #6
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    الموت .... سماه القرآن ... مصيبة

    يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنَّا إِذاً لَّمِنَ الآثِمِينَ }المائدة106


    اما انا فالموت في نظري خدعة .... فلا موت البتة


    اننا ننتقل من حياة في الدنيا الى حياة في الآخرة ... اما في نعيم مقيم او في عذاب اليم


    \

    ويعجبني مقاله ابو الطيب :

    وأفجع من فقدنا من وجدنا .... قبيل الفقد مفقود المثال


    \


    شكرأً استاذنا الحبيب


    والموضوع


    للتثبيت
    الإنسان : موقف

  7. #7
  8. #8
    الصورة الرمزية شاهين أبوالفتوح قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Nov 2005
    الدولة : بلادي
    المشاركات : 270
    المواضيع : 42
    الردود : 270
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    ولعل الطرافة في فلسفة الموت وعلاقته بالحياة والسعادة .. يمكن التعبير عنها وتقريبها للمنطق .. كأن نقول أن السعادة والمتعة بأي أمر ، لا يتم احتسابها ولا يشعر الإنسان باكتمالها إلا عند انتهاء ذلك الأمر



    أخي الأستاذ / أبوبكر سليمان الزوي
    أقرأ كتاباتك فأفكر ، ومن يجعلنا نفكر نعرفه بالفيلسوف ، فأعذرني إن لم أكتب ردي كلمات .. لأنني أفكر وأعدك أني سأعود إلى كلماتك لأفرأها و .. أفكر !

    محبتي واحترامي
    شاهين

  9. #9
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    كان من قبل من يبحث عن من لم يتغير لسانه
    و اليوم ربما نبحث عن من لم تتغير فطرته السليمة.
    تظل جماعات من الأفئدة ترقب صباح الانعتاق,لترسم بسمة الحياة على وجوه استهلكها لون الشحوب و شكلها رسم القطوب ,يعانقها الشوق و يواسيها الأمل.

  10. #10
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. يا مَنْ تمَكَّنَ مِنْ فُؤادِي حُبُّها
    بواسطة أحمد موسي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 58
    آخر مشاركة: 31-05-2010, 02:51 PM
  2. "مَن كذَبَ عليَّ مُتعمِّداً، فليَتَبوّأْ مقعدَهُ منَ النّـار "
    بواسطة أسماء حرمة الله في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 25-03-2008, 01:17 AM
  3. حـذار من شُـبْهَـة التشـاؤم .. (1)
    بواسطة أبوبكر سليمان الزوي في المنتدى النَادِى التَّرْبَوِي الاجْتِمَاعِي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 20-07-2007, 12:23 PM
  4. مَن قتل مَن ؟
    بواسطة سعيد أبو نعسة في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 01-12-2006, 09:20 PM