أنا وهيطرقت عليّ الباب مع فجر أيامي....
كانت سماءً مليئة بالأقمار ! ... وعلى شطآن النخيل في عينيها تنهمرُ الدموع كالأمطار .....
أخذت تحترق الشمس ، حرقتها غيوم الصقيع
أرسلت عيناها الدمع بغزارة ، وبثت حزنا يُخيّل لمن رآه أنه من أجلها سيحزن الوجود كله !!
دنوت منها .. وجمت هنيهة ً ثم انفلتت تمتمة ٌ دفنتها الشفاه أياما طوال .
كان كل شيء فيها يدعوني إلى الإصغاء ... هيبتها الأبدية ، وعنفوانها الأزلي .
ليس البكاء من هاتين المقلتين بكاء ً عند من يراه من عاشقي العربية الأصول ، بل هو فن الحزن يخترع جمالا جديدا في فن الحسن . وأكاد أعجب كيف وجد الدمع مكانا يسكن فيه بين التلألأ القدسي في حروفها
اقتربت منها ... فدنت أكثر فأكثر ... نفذت إلى أعماقي ، امتزجت روحانا معا كامتزاج الرحيق بالهواء حين ينشر من قارورة عطر فلا يعد بوسعك فصل النسيم عن رحيقه ولا فصل الرحيق عن نسيمه.
شكت إلي ذلك الوجه العابس من الدنيا العربية أمامها ذلك السيف الذي سله الزمان في وجهها شكت إلي الأشواك الدخيلة ....
وأعمدة النيران المنتصبة في طريق حياتها!!
فكيف إذن لا يحفر الدمع نقوشا على جدران الغابات
المجهولة في قلبها ، وهي لا تدرك إلى أين سيصل تقهقرها هذا بها ، كل القبائل العربية تآلبت ضدها
وثارت عليها كل اللغات المستعربة .. والأسوار بدت شاهقة خالية من أي نتوء وتعاظمت صعاب تسلقها .
وهي التي انتصبت في وجه التاريخ كالدرة المتألقة
تدغدغ أنغام البلابل ، وتقلها عبر أرجوحة من نسيم البحر تصل ما بين أقطار الضاد جميعا !!
عجيب أمري مع هذه المخلوقة العجيبة ! ترى بأي حق أختار لها الأوصاف ؟؟ وكل جمال الدنيا يزداد
أضعافا إذا ما أسمته حروف شفتيها ....
عربية لغتي .. هو الحسن منها وعنها وفيها يقال
تعالى الذي حباها وجل من أحسن حسنها وسناها
أميرتي الغالية قد تعلمنا ونحن عصافير أن نضحك للزمان ضحكة هزلية ... وأعترف بأنني ما دمتُ معك أبحر بزورق ٍ على شاطئ الأمان لا يهمني
كلام سيغزل حولي فما دمت لي ودمنا معا .. سنخط درب الحياة بإصرار فما زلنا بين حطام افكارنا العربية نجز المعاني ... عربيتي الحبيبة سيبقى سناك يحيل الظلام نهارا ، وستبقى جميع الحروف الدخيلة تنتصب إجلالا أمام وجنتيك .
بقلم : ركاد خليل مبروك