أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: النهر

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Aug 2003
    المشاركات : 39
    المواضيع : 22
    الردود : 39
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي النهر

    تسلق جدار المنزل ، وكاد أن يتعثر ويسقط .. ولكنه وصل تسلقه إلى
    أعلى ، كان نصف عار ، نضر حوله قبل أن يفتح النافذة ويدخل .
    الظلام في المنزل حالك السواد .. ترك عينيه تتبعثر حول
    الغرفة ، بدى مرتبكا ، لكنه بدا أيضا عازما على شيء ما .
    راحت قدماه الحافيتان تجولان في المنزل ، دخل إحدى الغرف
    لكنه سريعا ما خرج ... ليدخل غرفة اخرى .. ولم يخرج .
    كانت الأمطار شديدة في البلدة ، لم يكن يوما عاديا في البيت ذات
    الطوب الأحمر ،من النافذة اطل رجل متأملا بقلق إلى الخارج .. قال
    هامسا : تلك الأمطار سوف تفسد بدلتي الجديدة . سمعته زوجته التي
    كانت جالسة تحيك ثوبا ممزقا : إنها بشارة خير لك .. لنا !
    التف اليها مبتسما وهز رأسه : اعتقد انك على حق .. فهذا أول
    يوم اباشر عملي .. ثم اضاف وهو يحدق في الخارج : تلك السيارة
    اللعينة قد تأخرت .
    - لما لا تجلس حتى تأتي السيارة .
    هز راسه وجلس بالقرب منها ، وراح يداعبها قائلا : سوف اشتاق
    إليك كثيرا يا زوجتي الجميلة .. وما كاد يقبلها حتى سمع صوت محرك
    السيارة ، هتف : السيارة ، لملم أشياءه من الأرض : لن اتأخر سوف
    اعود الأسبوع القادم لاخذك قال ذلك وخرج .
    راقبته من النافذة وهو يهرول إلى داخل السيارة وتمتمت : أتمنى أن
    لا يعرقلك شيئا في طريقك .
    - هل تظن باننا سوف نصل في الوقت المناسب ؟ !
    التفت أليه السائق وقال : بإذن الله .. فهذه الأمطار لم نشاهد
    مثلها منذ سنوات .
    كان كلما توغل في السيارة يزداد الأمطار انهمارا .. نظر السائق
    إلى ساعته وقال : لقد قطعنا ثلاث ساعات .. أرجو أن لا تعرقل
    الأمطار طريقنا . 0
    أردف الشاب قائلا : سأنام قليلا ايقضني عندما نصل .
    توقفت السيارة أمام طابور طويل من السيارات ، كان الجسر الذي
    يصل بين الضفتين من النهر قد جرفته السيول .
    سال الشاب السائق : ألا يوجد طريق اخر نسلكه ؟
    هز السائق رأسه بالنفي ، وقال : سنضطر إلى الرجوع حتى يخف النهر
    ثم بعد ذلك نعبره .
    صاح الشاب : لا .. سوف افقد عملي .. يجب أن نجد حلا ... اللعنة .
    قال ذلك ونزل ، مشى تجاه النهر ، راح يفكر ماذا لو قطعت
    السيارة هذا النهر ، لا يبدو عميقا .
    ما كاد يفكر في ذلك حتى شاهد إحدى السيارات تعبر النهر وتنجح في
    الوصول إلى الضفة الأخرى ، وتبعتها سيارة أخرى وثالثة ورابعة ،
    ووصلوا جميعهم سالمين .
    عاد الشاب راكضا إلى سيارته، وقال للسائق : انظر لقد عبر جميعهم
    النهر، هيا لنتحرك .
    بقى السائق مترددا ، لكنه في النهاية رضخ لإصرار الشاب ، وعبر
    النهر .. وما كاد يصل إلى منتصفه حتى توقفت ، وراحت إحدى العجلات
    تغرق ، فصاح السائق : انظر لقد علقنا .
    - سأخرج واحاول دفع السيارة إلى الأمام ، قال ذلك الشاب وخرج
    ،وراح محاولا دفع السيارة وبدأت قوته تضعف . كان يسمع اصوات
    تتعالى لكنه لم يعط لها انتباها ..فأظل السائق من نافذة السيارة
    هاتفا : ماذا بهم الناس يصرخون .
    التفت الشاب لاول مرة اليهم ، شاهدهم يلوحون أليه بأيديهم إلى
    الجهة الأخرى من النهر ، فأدار رأسه إلى ذلك المكان ، وتهجم وجهه
    مذعورا من السيول الجارفة القادمة ، فدخل الشاب إلى السيارة
    مرعوبا .. يصرخ السائق تجاهه : أيها الغبي اخرج من السيارة
    ولنسبح إلى الضفة .
    بقى الشاب في مكانه مرعوبا وعيناه محدقتان في السيول
    القادمة ، يخرج السائق من سيارته ويسبح في اتجاه الضفة .
    يجرف السيل السيارة والشاب ويلحق بالسائق ويأخذه معه ويواصل
    طريقه جارفا كل شيء امامه . لم تأخذ السيول السيارة بعيدا ،
    فقد اصطدمت في صخرة كبيرة وتوقفت دون حراك ، ركض نفر من الناس
    إلى السيارة واخرجوا الشاب الذي كان فيها فاقدا للوعي .
    الساعة كانت العاشرة ليلا عند ما عاد إلى المنزل ، راح يطرق باب
    منزله بهدوء لعل زوجته نائمة ، لم يحب ايقاضها ،راح يتحسس جيبه ،
    فوجد مفاتيحه ما زالت معلقة في سرواله ، دخل هالك الجسد ورمى
    بنفسه في اقرب كرسي ، لم يشأ أن يوقظ زوجته فكر أن يبقى في مكانه
    حتى الصباح ، اغمض عينيه ونام ، لكن تلك ضحكة طويلة ، أيقظته ،
    كانت ضحكة زوجته ، هل يحلم ، سأل نفسه0 التفت إلى غرفة نومه
    ،وعادت الضحكة من جديد هذه المرة اطول . قام واتجه إلى باب غرفة
    نومه .. على سرير النوم كان شخصان، احدهما زوجته والأخر رجل لا
    يعرفه .. بقى واقفا لثواني صامتا .. قفزت زوجته من الفراش
    عارية مذعورة وغطى الرجل نفسه بالوسادة 0ثبت الزوج عينيه على
    زوجته .. وراح يكرر بهستيريا ..
    - خائنة .. خائنة .. خائنة .
    وقفز إلى زوجته وصفعها ، ثم تعارك مع الرجل .. ولما كان الرجل
    أقوى منه . خرج الزوج من الغرفة باحثا عن سلاحه00 شحنه بالرصاص
    ، وعاد إلى الغرفة . لكن الباب كان مغلقا .. فاخذ الزوج يصرخ
    طالبا منهما فتح الباب وراح يطلق عدة طلقات على مزلاج الباب حتى
    كسره .. ودخل .. لكن لا أحد .. كانا قد هربا من نافذة
    الغرفة .. وراح الزوج يطلق النار في كل مكان ، ومرددا خائنة ..
    خائنة .. خائنة ، واجهش بالبكاء .
    - ذلك المجنون يثير مخاوفي كلما انظر أليه .
    ابتسم لها وهو يضع يده في يدها : إذا لا تنظري أليه .. حتى لا يثير
    مخاوفك .
    كان المجنون جالسا في ركن الحارة ، نصف عار ، أشعث الشعر ، كثيف
    اللحية، حضر منذ اشهر إلى هذه الحارة .. كان كلما يطرد من أهالي
    الحارة يعود أليها بعد أيام اكثر اصرارا ، حتى اعتاد عليه الأهالي
    وخاصة انه كان هادئا .. بدأ بعض الأطفال يرمون أليه بالطعام
    بعد أن كانوا يرمون عليه الحجارة، واصبح شيئا مألوفا للجميع ..
    وكلما أتى الليل يذهب ليجلس تحت عمود النور الوحيد في الحارة
    ويبقى رأسه مرفوعا إلى أعلى محدقا في إحدى المنازل .
    ذات ليلة امسك المجنون حجرا وقذف بها سراج العمود حتى كسره .. بدا
    المكان حالك السواد ، ثم راح يمشي على مهل متجها إلى منزل ، راح
    يتسلق جداره . كاد ان يتعثر ويسقط .تابع طريقه إلى أعلى .. كان
    الظلام في المنزل اكثر سوادا . ترك عينيه تتجولان في المكان باحثة
    عن شيء ما . ويدخل إحدى الغرف . يخرج . يدخل غرفة أخرى . يمشي
    ببطيء إلى السرير . على السرير شبحان يتهامسان وضحكة طويلة
    تتعالى يعرفها جيدا . يخرج من خصره سكينا يمشي بمهل نحوهما ،ويوجه
    طعنة إلى احدهما بقوة .. تقوم المرأة مرعوبة . تنظر إلى المجنون
    بهلع . وتصرخ أنت ..لقد عرفتك، ينهي حياتها بطعنة .
    في اليوم التالي كانت الجريمة حديث الناس .. كان هو هناك قابعا في
    مكانه المعتاد يأكل ما يرميه أليه الأطفال من طعام بدلا عن
    الحجارة .
    مجلة جدارية
    www.jedaria.com

  2. #2
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2002
    الدولة : مصر
    المشاركات : 2,694
    المواضيع : 78
    الردود : 2694
    المعدل اليومي : 0.35

    افتراضي



    خيانة وغدر فى كل مكان
    خيانة زوج وغدر زوجة
    خيانة حبيب وغدر صديق
    خيانة حكام وغدر ملوك
    ألم أقل
    هلا ومرحى للخيانة
    والغدر صار رسالة
    لمن أرادوا الحياة أذلاء دون كبرياء
    عبيدا وسط النبلاء

    ايها الراوى لحكايات الزمان
    شكرا لك على هذه القصة

    لك تحياتى ,,, وباقة ياسمين


  3. #3
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Dec 2002
    العمر : 60
    المشاركات : 349
    المواضيع : 7
    الردود : 349
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    ترك عينيه تتبعثر حول الغرفة ،

    هكذا انا معك تأخذني قصتك على تحسس بلاغتها وقوة سبكها .. فلا اكاد التقط صورة حتى انسى واغرق في قصتك .. مذهل أنت حين تربط بين بداية القصة ونهايتها لتجعل القارئ يفرك رأسه ويصل الكلام بعضه ببعض .. ومذهل في انتقالك من صورة الى صورة لا تجعل في ذلك فجوة بين السطور يحتار فيها قارئك .. شكرا انك هنا تمتعنا بجميل الاسلوب .. وبحبك القصة .. وروعة المشاعر التي تنثرها عبر كلماتك .. تحية لك وتقدير
    الانسان مبادئ

المواضيع المتشابهه

  1. ## ...وهل يملك النهر تغييرا لمجراه!!!!
    بواسطة هدى توفيق في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 16-07-2009, 03:30 PM
  2. من أجلك ..أجريت النهر متدفقا وسقت السحاب الى قلبك
    بواسطة الصباح الخالدي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 38
    آخر مشاركة: 28-12-2007, 02:05 AM
  3. تغريبة النهر المسافر
    بواسطة محمد نديم في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 20-02-2007, 02:26 AM
  4. حديث النهر.... أقصوصة
    بواسطة محمد فقيه في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 10-12-2006, 09:25 AM
  5. كلمات تائهة على صدر النهر
    بواسطة د . حقي إسماعيل في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 30-12-2005, 11:58 PM