( بغدادُ تختصرُ الحنينْ)
شعر : هاجر البريكي(1)
الشارعُ المختالُ في وجعي طويلٌ ،
ينتهي معناهُ ؛
أرصفةً مخضّبةً بماءِ القحطِ ,
لا خبزٌ يسدِّدُ بعض جوعِ اليومِ للذكرى ,
ولا فرحٌ يُراقصُ في الزوايا شرفةَ الآلامِ في جسدي,
أنا ؛ جسدي عُبابُ البحرِ في قاموس حوذيٍّ ,
وألفُ فضيلةٍ وئدت على شريانِ سِكَّتهِ ،
وكم عصفورةٍ ذُبحت على مرمى تخومِ القريةِ الثكلى .. !!
(2)
بغدادُ تختصرُ الحنينَ على يديَّ ,
أمرُّ شارعنا الذي زرناهُ في عهدِ الرسائلِ ,
كم بريداً قد حفظنا جرحهُ المفتوحَ في ظرفٍ ,
أَتَذْكُرُ كم تزوجنا بهذي الدربِ ، كم سِرنا طريقاً نصفهُ طفلانْ !؟
تذكرُ كيف خبأت النشيدَ الأخضرَ المجنونَ في شفتيَّ آلهةً ؟!
مَضَغْتُ اللهفةَ العَجْلى ، ضَحِكْتَ ؛
ووعدتني يوماً بأن نبقى لصيقينِ ؛
تواعدنا بأن نبقى حبيبينِ !!
ومرَّ الوعد في خِدر السنين الهاجعاتِ السود كالموتِ ,
وخُنتكَ بضعَ مراتٍ مع القلقِ , وطارحتُ الأسى والخوفَ ..
أنت بقيت كالفانوسِ مشتعلاً تُضِيءُ خنادقَ النسيانِ في روحي .. !!
(3)
بغدادُ قد مرَّتْ على شفتيَّ ,لم ترحلْ ..
تسامت للرحيلِ المرِّ ,
آهٍ كم عشقناها !
وأنتَ بقيت كالقنديل مهتدياً ,
وحُبُّكَ في بلادِ الحزن مزروعٌ كسكينٍ .. !!
فلا هو قادرٌ أن يُسعدَ الحزن الذي آوى إليهِ ,
و ليسَ بقادرٍ أن يقطع الروحَ التي عشقت جنوناً مُشتهى .
(4)
و أقولُ : ماتَ الضوءُ و انطفأتْ زوايانا ,
هنا كنا حبيبينِ !
يداكَ غرستها كالذنبِ في وجعي ,
حَملتُ بأكثر الأطفال تعقيداً على التكوينِ ,
أجهضتَ (الأنا) يا أنتَ ..
كيفَ أخبِّئُ الأطفالَ في جيبي ,
هنا طفلٌ من الذكرى ، وآخَرُ من شظايانا وقصتنا / حماقتِنا من الوهمِ
يتامى كيفَ أرضعهم بلا كَفٍّ , تهادن ثورةَ الأشواقِ في صدري , لنبقى ؛ مثلما كنّا ... حبيبينِ .. !!
(5)
و أنا ألوكُ وصيةً نشوى ,و أتلوني ..
رأيتك تحمل الأزهارَ تتبعني ,
وأركضُ عنكَ في غنجٍ ؛ وتتبعني ,
وعند بكاءِ مفترقٍ لحلميَ ,فاضتِ الذكرى ..
ولمْ تكُ أنتَ ؛ ما كنّا .. !!
أمرُّ الشارعَ المدفونَ تحت فمي ,
أرى الماضي يحلِّق فوق أمنيتي ,
وتبكي ثم تضحك ثم
تبكي بعدُ منتظراً لقاء المنِّ و السَلوى ,
وما كنّا .. !!