مــــــــــــــداد الأرواح

وهل هناك ما أعي الأطباء إلا تنقل الأرواح من مقارها إلى مقار أُخر , حتى ظلوا يبحثون عنها فظلوا الطريق, وذلك بغية منهم لمعالجة ذلك الجسد المصاب والجسم الهزيل , وعلاج الجسد يتطلب علاج الروح أولا ,وإلا فلن تغني أشعتهم ولا فحوصاتهم من النفع شيئا .
فالطبيب الحاذق هو الذي يعرف تحديد الروح وموقعها , ولا ثمة طبيب جيد يجيد ذلك.

للأرواح أسرار لن تدركها مختبرات الطب، وإلا كيف بعلاج يعبر اللمس الى الجسد،

ما إن يئن موضع من جسد مرهق إلا ويشفى ببعض تمتمات من ذكر حين

تلامس بكفك الحاني براكين الألم لتنساب بلسما يقر في الروح يخدر المكان

ليبيت الشخص قرير العين هانئا دون كيمياء يدخل جسده ولا مضاد لهجمات

شياطينيه من صنع البشر العاجزين كل حين عن مداواة أرواحهم حين عناء


نعم ، هي الأسرار لم تكشف منها إلا القليل

فسبحان باري الأرواح عالما من سر لا يعلمه إلا هو


وفي مدار ذاك السر يا توأم روحي ، أبقى لك الكف الحاني تشير إليك من بعيد وتحيطك بهالات الذكر

حفظا وعلاجا من إيلام

أحب فيك مالا أجده في أقرانك من ورود الصباح ،ووجه القمر ،وميسان عود الريحان المتناغم مع هبات النسيم الليلية..فأنت الورد إلا أنك أجمل منه تخددا ،وأطيب منه ندا،وأفتح منه توردا،تسقيه الجداول والعيون،وتسقيك يا وردتي عصارة الشباب ،وخفة الصبا،وغنج العروبة الساري في دمك الثائر.
وأنت القمر ليلة اكتماله لولا هبوطه واستمرار تعليك،وجمود نوره وتجدد الضياء من قسمات وجهك مع تجدد الليل والنهار،وأنت ريحانة عمري ماست بها الريح الهادئة فتهاوت على مرمى بصري تريني للروعة على كل وجه وجها.

وما تحرك ما في خاطري إلا حين هززته بسحر منك لم يوجد عند أكبر المردة من السحرة , فتحركت تعويذاتك الخفية , وطلاسمك الشجية داخل سويداء القلب , وانشت بها الروح تباهي النجوم بل القمر ذاته, بأن لها من روحا تداعب أوتار المشاعر فتعزف عليها لحنا عجز أن يأتي به مهرة الملحنين علي أي مقامة من مقاماتهم, فتقاصرت همم وتضاءلت أمنياتهم , إنه سحرالبيان أيها العميان .

وفي شهر الرحمة وشهر الأرواح تتحرك القلوب لتبسط يديها بما جاشت به النفس, وعوزت عنه , وبما قصرت عنه الحيلة , حيث إنه الكريم الذي لا يرد , فتعرج الروح في السماء لتعود محملة بكنوز يعجز عنها أكبر ملوك الأرض .
اللهم يارحيم يارحمن ارحمنا رحمة تغنينا عمن سواك

ما لي إن نظرت يمنة ويسرة ، وجدتك في كل شي حولي ذاته الأبهى والأسنى والأنقى والأصفى، ففي الليل حين تغطى الناس بسواده تأوها وحسرة كنت لي أنا فقط ذاك البدر تحن على رمشي بضياءك الحاني ، وإن غاب بدر تاه في مشوار لحبيبته ، كنت لي النجم السمير، وإن عم الليل بسواد شكاه الشعراء بقصائد حزينه ، كنت سكينة تغشاني بحنو و جنون لأنعس على صدر ذاك السكون إلى أن ألتقيك في يومي القادم فجرا تأخذ بيدي إلى ما وراء الأمل ، رقة عتاب و رفقة لا تعاب فتكون في يومي أبهى مواقيته ومئذنة تنادي أن حي على الأمل، و إن تباهت السنون بفصولها كنت لي بين الفصول الربيع تتلون كل حين بحمرة وخضرة وأبهى الألوان لتزيل الكدر عن ناظري الغالي عندك ، وبين الطيور فإنك ذاك الطير الشادي المحب المغرد الصادح بروحه نزفا وغناء لإرضاء محبوبته الوحيده ليترجم لي همسك ذات قرب
هكذا يا أملي ومنية روحي ، ألقاك في كل التلافيف على مدى دوران الأرض في الأطياف في كل الأشياء
أجمل الأشياء مطرزا في عمق الشي ء مخبرا ومظهر
هل علمت الآن كم أنت في ماضي وحاضري ومستقبلي سر الجمال
والجمال فقط

وما عرفت ربيعا في حياتي إلا حين وطأت أقدامكم الطاهرة مرابع قلبي؛ فاستحالت الأرض اليباب أرضا يانعة , حتى نما ربيعي, وتعالى الشذى والأريج يتراقصان فيه , كفراشتين حلا لهما العبق ؛فانتشيتا من فنن إلى فنن, ومادت غصوني منحية حبا واحتراما .
أصبحت كل مرابع القلوب الأخرى خريفة الموسم مقارنة بربيعي الذي احترقت منه شمس الصيف غيرة ,وسالت أمطار الشتاء كمدا وحيرة , حتى تزاحم الظُعان إلى مرابعي , فما وجدوا إليه مُدخلا , ولم ولن ينالوا فيه موئلا .

أتعلم يا أملي، أنك إن تصفو وتبسم تجلو عن خاطري كل أنهار الكدر، ففيض رضاك يعم لتزهر الورود في جوف الصحراء ، وأن رضا العالمين يتكدر بشهقة حزن منك تخترق ضلوعي سيوفا تهلك محبوبتك
ابتسم من أجلي لأحس قلبي يدق في صدرك، وابتسامتي تنعكس على شفاهك
وبريق حبي تبهر العالمين عبر رمشك وصفاء عينيك
نعم، هكذا يكون حبك لي انعكاس صفاء وأماني وصورة مشرقة مني لك
تتخللها أطياف الشوق والعطاء بلاحدود
دمت لي ابتسامة رضا يامن بسوى رضاه لا أحس بطعم أي رضا

نعم إنها نظرية الانعكاس في الحب أن تجد الاخر مرآة تظهر الباطن قبل الظاهر , حيث تجليات التمازج العجيب في الأرواح .
فترى دمعة الحزن على شفة الضحكة الصادرة من أحدهما إن كان البأس مس الآخر ولولم يعلم ما به , وترى الضحكة على طرف دمعة الثاني إن ضحك الأول , حيث تلقائية المشاركة أصبحت عفوية ومن غير قصد .

لا تحزن، وإن سالت أدمعي فكلها فداء ابتسامة سعادة تصعد من قلبك الصافي ،

أتعلم أني أتظاهر بالضحك كي لا أتعب جفنيك

أعلم كم تعني ابتسامتي في قاموس حبك وكم من المرات رأيت ترقرق الدمع خلف رمشك لكن جاهدت شفتاك وأبتا إلا أن ترسما ابتسامة حنونه من أجلي، تعلم قربي كما أحس بين حناياي قربك

دمت لي ذاك الحنون