|
أتحبني؟ قالت مُعَطَّرةُ الفَم |
أتَبِيتُ في لهب الهوى المتضرم؟ |
إني رأيت العاشقين جميعَهم |
يرعون في شوق دلال الأنجم؟ |
فَصَبُوحُهُمْ عشق يسيل عذوبة |
وغَبُوقُهُمْ عشق لذيذ المطعم |
يغفو الزمان ويستفيق ، وليلُهم |
ليلُ الجياع المُعدَمين اليُتَّم |
وأراك تلهو في هواك ، وتدَّعي |
حبي – لَعَمْرُك – ذاك بعض توَهُّم |
فدهشت ، أذهلنيٍ العتاب ، ولم أُطِقْ |
نظراتِها ، فسَكَتُّ ، لم أتكلم |
وظننت منقذيَ السكوت ، فطالما |
فضح الكلام حقيقة المتكلم |
ولطالما ستر السكوت معايباً |
ورَمَتْ بقائلها بُنيّاتُ الفم |
وغدوت أجهد في التفكر، علَّني |
أجد النجاة من العتاب المؤلم |
فتبعثرت أوراق ذاكرتي التي |
مُلئتْ بكل مقبّح ومُحرَّم |
وذكرتُ – ما أقسى التذكر – أنني |
أغمضت عينيَ عن جحيم المجرم |
وذكرتُ أنك تصرخين ، وأنني |
قد خِلْتُ ذاك الصوتَ بعضَ تَرَنُّم |
كم ذا رأيتُكِِ والدموع تضجُّ في |
عينيك – يالهَفي – ولم أتألم |
ولكم رأيتك لوحة مصبوغة |
بدم الجحود ، ذليلة في المَرْسَم |
ولكم قرأتك قصة مبتورة |
لم تكتمل ، ورواية لم تُخْتَم |
أَأَبِيتُ مخضوب البنان ومسجدي |
في الأسر يغرق في بحيرات الدم؟ |
أأبيت مأمون الجناب وقبلتي الـ .. |
ـأولى تئن بحرقة وتألم؟ |
أتظل يا مسرى الرسول مُعلَّقاً |
بالوهم يرقص في طريق مظلم؟ |
وأظل أعبث لا هياً في غفلة |
رغم الخطوب المبكيات الظُلَّم ؟ |
أوّاه يا قدساه جئت مُقبِّلاً |
كَفَّيْك شوقاً في حياءٍ مُفْعَم |
أوّاه يا قدساه جئت لأرتمي |
في بحر قدسك كي أُجارَ وأحتمي |
أوّاه يا قدساه جئتك عاشقاً |
والشوق يا قدساه شوق مُتَيَّم |
أقبلت نحوك راغباً لا راهباً |
متقلداً سيف الوفاء بمعصمي |
مترنِّماً ”بالعاديات“ ومُنشِداً |
آيَ الجهاد ، على حصان أدهم |
متزيناً بالنور يصبغ مهجتي |
والنار كالبركان تغلي في دمي |
أقبلتُ أعلن لليهود وصحبهم |
أني قَدِمْتُ ، فقد تأخر مَقْدَمي |
أسكنْتُ تاجَ العزِّ ذروةَ هامتي |
فالعزّ للإسلام ، لا المستسلم |