السلام عليكم
قال تعالى
(وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ [النحل : 112]
نريد توجيه النظر نحو قوله (فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ )
فالجوع لا يذاق فلا طعم إلّا لما يوضع في الفمّ وكذلك الخوف أيضا--فلمّا استخدم عزّ وجلّ الذوق للتعبير عن الإحساس بهما--علمنا أنّه أراد أن يصوّر لنا تصويرا بليغا كيف أنّ الجوع أخذ منهم كل مأخذ وكذلك الخوف وأنّهم يحسّون بهما أقوى إحساس لأن الذوق أقوى حواسّ الإنسان---
إذن استعارة لفظة "فَأَذَاقَهَا " للمبالغة في تصوير إحساسهم--
أمّا اللباس--فما علاقته بالذوق ليستخدم هنا ؟؟
والجواب هو أنّ لفظة الّلباس مستعارة لبيان الشمول--فالخوف والجوع شمل القرية كلها كما يشمل اللباس الجسم
قال ابن عاشور مبدعا كعادته فتحدث عن مفهوم الإذاقة
(والإذاقة: حقيقتها إحساس اللسان بأحوال الطعوم. وهي مستعارة هنا وفي مواضع من القرآن إلى إحساس الألم والأذى إحساساً مَكيناً كتمكّن ذوق الطعام من فم ذائقه لا يجد له مدفعاً، وقد تقدم في قوله تعالى:
{ ليذوق وبال أمره }
في سورة العقود (95).)
ثم تحدّث عن مفهوم اللباس وكونه مستعارا هنا للإحاطة والشمول
(واللباس: حقيقته الشيء الذي يلبس. وإضافته إلى الجوع والخوف قرينة على أنه مستعار إلى ما يغشَى من حالة إنسان ملازمةٍ له كملازمة اللباس لابسَه، كقوله تعالى:
{ هنّ لباس لكم وأنتم لباس لهنّ }
[سورة البقرة: 187] بجامع الإحاطة والملازمة.)
رحمه الله من مبدع
--------------------------------------------------------------------------------
http://attaweel.net/vb/index.php