أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: عرض وتلخيص كتاب نظرية التقريب والتغليب

  1. #1
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي عرض وتلخيص كتاب نظرية التقريب والتغليب

    عرض وتلخيص كتاب
    نظرية التقريب والتغليب
    للدكتور. أحمد الريسوني

    نظرية التقريب والتغليب هي نسق علمي منهجي يقوم على فكرة أساسية وهي أننا حين نفتقد اليقين والكمال نتمسك بما هو قريب من درجة اليقين والكمال، وإذا لم تتأتى درجة التقريب هذه صرنا إلى التغليب وهو الأخذ بما غلب صوابه و احتمال صدقه وصحته وبما غلب من المقادير والأحوال والأوصاف . وهذه الفكرة تسري في كافة العلوم وفي كافة مجالات الحياة النظري منها والعملي وخاصة نطاق العلوم الإسلامية (الشرعية).

    ويجد الباحث معالم هذه النظرية وآثارها في مختلف جوانب العلوم الشرعية وقضاياها وذلك بشكل إشارات وتنبيهات أو طرائق استدلال أو تطبيقات متنوعة متباعدة. ولكن النظر فيها مجتمعة وربط تطبيقاتها بعضها ببعض والنظر في الأساس العلمي الذي تستند إليه يكشف عن وجود نظرية شاملة كاملة .

    وقد استعمل العلماء قديماً مصطلحات الظن وغلبة الظن والترجيح للدلالة على معان تحوم حول معان مشابهة لمعاني مصطلح التقريب والتغليب ولكنها لا تصل في مزايا محتوياتها ودلالاتها ودقتها وتطبيقاتها إلى أفق الوضوح الذي يتمتع به المصطلحان ( التقريب والتغليب ) بالإضافة إلى رفع بعض التشويش الحاصل من اشتراك معنى الظن ، فالقرآن يذم الظن وينهى عنه وقولنا إن الأحكام العملية مبنية على الظن والعمل بالظن واجب هو مظنة الالتباس .

    تطبيقات التقريب والتغليب في العلوم الإسلامية

    علوم الحديث طافحة بتطبيقات التقريب والتغليب، فعلم الجرح والتعديل الذي يمثل الميزان في قبول الروايات وردّها مبني على النظر فيما غلب على أحوال الرواة من الحفظ والضبط أو موافقة آراءهم ومروياتهم لروايات الثقات أو غلبة صلاح عصرهم وزمانهم إذا كانوا من المستورين

    و أما مسألة تصحيح الحديث وتضعيفه فهي أحكام يطلقها العلماء مبنية على قواعد وضوابط اعتمدوها وهى في جملتها أحكام تغليب وتقريب كما قال الحافظ بن حجر( إصابة الظن بخبر الصدوق غالبة ووقوع الخطأ فيه نادر، فلا تترك المصلحة الغالبة خشية المفسدة النادرة).

    فدرجة صحة الحديث تتبع مرتبة الرواة في العدالة ومنـزلتهم في العلم والحفظ والضبط ، وكذلك تتعلق درجة الحديث بعد الرواة فإذا بلغوا حدا من الكثرة وقع اليقين بخبرهم . و قد رتب العلماء درجات الحديث بشكل روعيت فيه اعتبارات مختلفة ولكنها جميعا تقوم على مبدأ التغليب في النظر إلى أحوال الروايات والرواة.

    وقد أكثر المصنفون من خبر الآحاد وطال كلامهم فيه وقد استعرض المؤلف جملة من الأقوال والردود وخلص إلى تحرير المسألة بشكل واضح ومنصف بعيد عن غلو التعصب والحمية للمذاهب والرجال فقولهم: خبر الواحد يفيد العلم لا بد فيه من معرفة المقصود بالعلم ، فالعلم في آيات كثيرة من القرآن الكريم يدخل فيه كل ما كان عن تقريب وتغليب وتحرٍّ واحتياط يُقلل احتمال الخطأ . و أما العلم بمعنى اليقين التام فالعلماء أوضحوا أن خبر الواحد قد يفيد العلم بهذا المعنى إذا احتفت به القرائن. والكثير من أخبار الآحاد يفيد العلم والقطع على وجه التقريب والتغليب، وإن أكثر ما صححه العلماء إن لم يكن مفيداً لليقين فهو مفيد للتغليب القوي ومفيد لدرجة التقريب.

    التقريب والتغليب في المجال الفقهي
    يرتبط الفقه بالحياة العملية ارتباطاً وثيقاً، ونظراً لتنوّع وتقلّب وتعقيد أمور الناس فإن أكثر قضاياهم لا تحتمل المبالغة في التشدد والاحتياط بقدر ما هي بحاجة إلى التسديد والمقاربة، حتى أصبح من المسلَّم به أن أكثر أحكام الفقه ظنّية وأن الحكم بغلبة الظن أصل الأحكام ؛ فعندما يتعذر على الفقيه أن يجد لمسألته دليلاً مباشراً صريحاً أو أن المسألة يتجاذبها أكثر من دليل فانه لا يلجأ - إن كان من أهل التحقيق - إلى إصدار الأحكام القاطعة وإنما يصوغ اجتهاده صياغة تقريبية كقوله هذا أقرب إلى الصواب أو الأشبه بالحق أو الأشبه بالسنة . ويتجلى استعمال الفقهاء للتقريب في الأوصاف حين يتعذر توفر الأوصاف المطلوبة لمنصب الخليفة أو القاضي أو المفتي أو الشهود، فليس هناك أحد يقوم بتعطيل هذه الوظائف والولايات حتى يتوافر الجامعون للشروط والأوصاف بل يعمد الفقهاء إلى التقريب ويأخذون أو يطلبون الأقرب فالأقرب من أصحاب هذه الأوصاف، وهذا المعنى هو الذي يعبرون عنه بقولهم " ما قارب الشيء يُعطى حكمه " أو "حكم الفرع القريب من معنى الأصل حكم الأصل " .

    وكذلك استعمل الفقهاء التقريب في المقادير وقرروا أن التشديد والتدقيق في بعض الحالات هو تنطع وتكلف فأجازوا الخرص وأجازوا المقادير الضئيلة مما أصله حرام إذا كان في التنـزه عنه حرج ، وقرروا أن المتعين في استقبال القبلة هو جهة الكعبة على وجه التقريب قدر الإمكان ، وكذلك الأمر في تحديد المواقيت للإحرام فيما بين المواقيت المخصوصة حيث لابد من اعتماد التقريب في معرفة المحاذاة ومكان الإحرام ، وقد استعمل الفقهاء مبدأ التغليب حين تختلط الأمور وتتداخل الأشكال والنسب و المقادير، فقرروا أن الحكم للغالب من الأوصاف والأحوال وأن العبرة للغالب الشائع لا للنادر ، وشاع قولهم النادر لا حكم له وحتى مسائل النية اعتبر فيها الفقهاء ما غلب من الباعث والقصد واعتبر الغالب في وصف السائمة لوجوب الزكاة إذا كانت ترعى أكثر السنة إذ " للأكثر حكم الكل " واعتُبر الغالب في وصف الحلال والحرام. ومن القواعد الفقهية المبنية على التغليب قولهم " العادة محكمة " وقولهم " إنما تعتبر العادة إذا أطردت أو غلبت ".

    وقد استعمل الفقهاء أيضا التغليب في مجال القواعد الفقهية المبنية على الاستقراء وقرروا أن القواعد الفقهية هي قواعد أغلبية بمعنى أنها تنطبق على غالب ما يشمله لفظها وصيغتها .

    التقريب والتغليب في المجال الأصولي
    إذا تجاوزنا الكليات التشريعية والقواعد الأصولية الكبرى ودخلنا في المباحث الأصولية التفصيلية والتطبيقية وجدنا مجالاً واسعاً للتقريب والتغليب.

    ففي مجال دلالات النصوص وفيما وراء النص ( الذي يحتمل معنى واحداً ) فالدلالات ظنية وهي مبنية على التقريب والتغليب ورجحان بعض الدلالات على بعض بقرائن الإشارات والشواهد والأحوال وتتبع استعمالات العرب واستقراء المعاني. فالتقريب هو حمل الكلام على أقرب المعاني وأنسبها عندما يتعذر فهم الكلام على ظاهره وحقيقته.

    واستعمل الأصوليون التقريب والتغليب في القياس وخاصة في إثبات العلة ومسالك إثبات العلل وإثبات وجود العلة في الفروع بطرق غلبة الظن والمناسبة والشبه .

    واستعمل الأصوليون التقريب والتغليب في الترجيح حيث بحثوا في مزايا الأوجه المتعارضة والحكم لمن غلبت مزايا دلالته أو تحقيقه للشروط وذلك بغلبة الظن، فجوهر العمل بالترجيح هو تقريب وتغليب ونظر في أوجه الترجيح والحكم لمن غلب منها.

    أدلة النظرية وضوابطها
    تدلّ آيات القرآن الكريم على وجوب العمل بما غلب على المكلف فهمه ومعرفته وبما رجح عنده أنه الأحسن والأقرب للتقوى والرشد والإصلاح، وكثير من الأحاديث تدل على معنى التقريب والتسديد والأخذ بظاهر الأمر وما غلب على الظن أنه يحقق العدل و يستوفي المطلوب.

    يضاف إلى نصوص الكتاب والسنة التي تتناول قضية التقريب مباشرة كثير من الأحكام التي كان مبناها على الظن الغالب والقرائن والأمارات ، مثل العقل الذي يوجب التكليف والنصاب الذي يستوجب دفع الزكاة والشهادات وأخبار الآحاد والأقيسة الظنية

    ويضاف إلى هذه الأدلة الإجماع المنعقد على العمل بخبر الواحد، والإجماع المنعقد على العمل بالترجيح والإجماع على صحة الاجتهاد الظني هذا بالإضافة إلى دليل البداهة والضرورة إذ لا يمكن الوصول إلى اليقين الذي ترتفع معه الاحتمالات كلها، فلا يمكن تعطيل النصوص ولاتعطيل المصالح والأعمال ولا بد من التقريب والتغليب والترجيح.

    ضوابط العمل بالتقريب والتغليب
    1- أن تكون المسألة مما يصحّ فيها ويقبل فيها التقريب والتغليب من المسائل العملية والفرعيات، فالأمور الشرعية التي لا يجوز فيها إلا القطع هي ثلاثة أمور، أصول العقائد والقران الكريم وأصول الشريعة ومقاصدها العامة. وفيما عدا الأصول القطعية فليس هناك مندوحة عن التقريب والتجويز في فهم آيات الله سبحانه وصفاته وأفعاله مع استحضار العجز ﴿ ولا يحيطون به علما ﴾. وكلّ ما ثبت فيه خلاف معتبر واستوت فيه أدلّة النظر فليس من الأصول التي لا يجوز الخلاف فيها ومن الغلط والتجاوز ادعاء القطع ولا قطع ، وأكبر من هذا اعتبار المخالف لهذا القطع المزعوم ضالاً وآثما.

    2- أن يتعذر اليقين والضبط التام، فإذا أمكن اليقين والكمال والقطع فلا نتجاوزه إلى رخصة الظن ، فان الأصل لا يُلغى ويبقى مطلوباً على قدر الاستطاعة سواء ذلك في المقادير أو الشروط والأوصاف والشهادات .

    3- الاستناد إلى دليل معتبر يناسب المسألة وينسجم معها فلا يعتبر التأويل البعيد والمتعسف أو ما يقع في النفس بدون دليل ويبقى القسم المعتبر أن لا ترجيح ولا تغليب ولا ظن إلا بدليل.

    4- أن يكون الدليل مكافأ للمسألة، فكلما كان الأمر أشد خطراً وأهمية لزم أن يكون الدليل مناسبا في القوة والصحة والرجحان ، فالكلام في الحرام والموبقات غير الكلام عن اللمم والصغائر والكلام عن الواجبات يختلف عن المندوبات وفضائل الآداب، وقد جرى العلماء على التشدد أو التساهل في مدى قوة الظن للترجيح والتقريب تبعاً لنوع المسألة وخطورتها.

    5 - ألا يعارض التقريب والتغليب ما هو أقوى منه ، فإذا حصل العلم واليقين بطل الظن والتخمين ، مثل حصول اليقين بالحسابات الفلكية التي تعارض الظن الحاصل بشهادة الآحاد، وكذلك القول بأقصى مدة الحمل فإن شهادة المختصين في الموضوع يقوم به من القطع وما يقرب من اليقين بما لا يقف له الظن الحاصل بالأقوال الظنية المخالفة .

    6- أن لا يتسع حد التقريب كثيراً، فحد القرب ودرجة القرب ومقدار النقص المغتفر كل ذلك لم يرد فيه ضابط للتعيين والتحديد واكتفى الفقهاء بضرب الأمثلة مسترشدين بالقاعدة "مالا يحدّ ضابطه لا يجوز تعطيله ويجب تقريبه" ومراعاة المقاصد ومآلات الأقوال والأعراف فيما يؤدى إلى الخصومة أو ما يغلب التسامح فيه.

    تطبيقات جديدة لنظرية التغليب والتقريب
    حصر المؤلف جهده في مفهوم المصلحة والمفسدة وبعض تصنيفاتها وبين أن معظم ذلك يعتمد على التقريب والتغليب .

    فالمصلحة تعتبر مصلحة شرعية باعتبار غلبة النفع والصلاح في أمر ما ولو خالطه بعض الضرر والفساد ؛ والمفسدة كذلك تعتبر مفسدة إذا غلب الضرر والفساد رغم ما قد يوجد فيها من منافع ومصالح. فليس هناك مصلحة إلا وفيها مفسدة، ولو قلت وليس هناك مفسدة إلا وفيها مصلحة لكان هذا صحيحاً أيضاً. فالمصالح والمفاسد مفاهيم مبنية على التغليب، فما غلب في محل كان الحكم له. وقد قرّر العلماء أن المصالح المحضة والمفاسد المحضة عزيزة الوجود ، فالدنيا مبنية على الامتزاج والاختلاط بين المفاسد والمصالح ولا مجال لتمييز المصالح والمفاسد إلا بالتغليب والتقريب .

    أما ترتيب المصالح فقد درج الفقهاء على التقسيم الثلاثي للمصالح ضرورية وحاجية وتحسينية ثم أدرجوا لكل مرتبة مكملات، ومنهم من جعل المراتب خمساً. ولكن وضع الحدود الفاصلة بين كل مرتبة وأخرى على درجة من الصعوبة لا يُسعف معه إلا الاعتماد على التقريب والتغليب وخاصة عند تعارض المصالح وتعارض المفاسد، فلا بدّ من تقديم ما يغلب نفعه ولا بدّ من تأخير ما يزيد ضرره . والحكم بغلبة النفع وسعته وامتداده وكذلك الحكم بزيادة الضرر وامتداده أمور تقديرية لا بدّ ولا مفرّ من الرضا بالتقريب والتغليب في كثير من الحالات .

    معايير التغليب
    وفى مبحث معايير التغليب بين المصالح والمفاسد المتعارضة، قرر المؤلف ما أثبته العلماء من أن الشريعة جاءت لرعاية وحفظ المصالح وجاءت أيضا بترتيبات وأولويات المصالح، وذلك مبنى على ضرورة النظر المصلحي إلى النصوص والأحكام الشرعية برعاية مقاصدها، ومبنى كذلك على الأخذ بالتغليب بين المصالح والمفاسد المتعارضة وعدم الاعتماد على المنصوص من المفاسد والمصالح وحدها واعتبار المنصوص علامة ودليلاً على أنواع المفاسد والمصالح ومراتبها وليس حصراً في ذوات الأمور المذكورة .

    وأول معيار للتغليب هو النص الشرعي، فهناك تلازم بين الأحكام الشرعية والمصالح المرتبطة بها، فلكل حكم مصلحة تناسبه ولكل مصلحة حكم يناسبها، فالنص الشرعي آت وفق ما يحقق المصالح ويدفع المفاسد ، ولأجل ذلك أصبح النص معيارا لمعرفة المصالح ومراتبها ومعيارا للتغليب والترجيح بين المصالح المفاسد المتعارضة. وإذا كانت هناك معايير أخرى لترتيب المصالح فهي أيضاً معتمدة على النصوص ومسترشدة بها .

    والمعيار الثاني هو رتبة المصلحة بمعنى درجتها في سلم المصالح والمفاسد وذلك ابتداء بالتقسيم الثلاثي: الضروريات والحاجيات والتحسينيات وما قد يتفرع عنه من درجات، وإنما تُلحق المصالح والمفاسد بإحدى الرتب على سبيل التغليب ، فيقدم عند التعارض ما كان أعلا رتبة سواء ما كان في جلب المصالح أو درء المفاسد .

    والمعيار الثالث هو نوع المصلحة والمقصود بذلك انتماءها إلى الكليات: الدين والنفس والنسل والعقل والمال ، حيث تجرى المفاضلة بين هذه الكليات والمصالح التابعة لها عند التكافؤ المرتبي فيقدم ما كان مصلحة للدين ثم النفس ثم النسل ثم العقل والمال عند تعارض مصلحتين ضروريتين أو حاجيتين أو تحسينيتين.

    والمعيار الرابع هو مقدار المصلحة بمعنى التغليب الكمي، فليس من الصواب تفويت الخير الكثير لوجود بعض الضرر ، وتقديم المصلحة العامة على المصالح الخاصة عند تعارضها أمر مقرر معروف. والجزئي مهمل بالإضافة إلى الكلي، ورغم القاعدة المعروفة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح إلا أن العلماء قرروا أن المصلحة تراعى لغلبتها على المفسدة .

    والمعيار الخامس هو الامتداد الزمني ، وهو النظر إلى الآثار المستقبلية المتوقعة، وذلك عند تعارض مصلحتين أحدهما لها امتداد زمني وأثر بعيد فيتحتم عند الموازنة تقديمها على المصلحة القريبة المحدودة بالزمن والتأثير ، ومن ذلك السنّة الحسنة والسنّة السيئة والصدقة الجارية والبدع.

    وبعد النظر إلى المصلحة وتغليبها بأحد المعايير السابقة أو أكثر تُقدم المصلحة الراجحة، فإذا فرض التساوي بين المصالح أو المفاسد من كل وجه صار المكلف إلى التخيير أو القرعة.

    مبحث التغليب في فتح الذرائع وسدها
    وفي مبحث التغليب في فتح الذرائع وسدها ، بيّن المؤلف أن الذرائع هي وسائل تفضي إلى غايات ومقاصد ، وتعظم الوسيلة بقدر ما تعظم المصلحة التي تحققها ، وكذلك يعظم أمر الوسيلة المؤدية إلى مفسدة كبيرة ، وكثير من المحرمات والواجبات إنما أعطى لها حكمها باعتبارها وسائل وأسباب وليس باعتبارها مقصودة لذاتها. والحكم بمنع أمر لما يفضي إليه من مفسدة مبنى على درجة الاحتمال ونسبة الإفضاء وكل ذلك راجع إلى التغليب والموازنة بين ما يغلب على الحال من المصالح والمفاسد ، فلا يجوز تعطيل المصالح الغالبة الوقوع خوفاً من ندور كذب الظنون غير أن الحاجة إلى العمل بالتغليب تظهر أكثر ما تظهر في سد الذرائع لا في فتحها ، وينبغي أن لا ينبني هذا على مجرد الهواجس والتخيلات بل يجب أن ينبني على توقعات راجحة قوية غالبية وليست قليلة أو نادرة .

    هل الغاية تبرر الوسيلة؟
    تعرض المؤلف للخلفية التاريخية والسياسية لهذا الشعار والآثار السلبية لهذه الخلفية، ثم قرّر ما ذهب إليه العلماء من أن الوسائل تتبع أحكام المقاصد وقرر أن الغاية هي المصالح الشرعية المعتبرة وليس أهواء وغاية (طريقة ميكافيللي). وبهذا الاعتبار فإن بعض الوسائل غير المشروعة يمكن أن تباح بالنظر إلى غاياتها وذلك بحدوده وضوابطه كبعض وجوه الكذب المباح أو الغيبة المباحة وفداء الأسرى بالمال ودفع الظلم والعدوان.

    حكم الأغلبية
    وقد تناول المؤلف موضوع الأغلبية وناقش اعتبار الأغلبية مرجحاً أو قرينة للصواب أو ملزماً في الحكم والاتباع، وقد توصل إلى أن الأغلبية معتد بها في مواضعها وشروطها ، وساق أدلة من القرآن والسنة والسيرة مستندا إلى المضامين والدلالات ومبيّناً أن الألفاظ والعبارات متغيرة عبر العصور والاصطلاحات والصيغ لن تتوقف يوما عن التقلب.

    وقد ناقش المؤلف الاعتراضات والردود على اعتبار الأغلبية وبين أن القرآن أهدر الأكثرية للخبيث والباطل وليس في القرآن تفضيل مطلق للقلة على الكثرة، فالكثرة تقوى خبث الخبيث وتقوى طيب الطيب، فمن الغلط قطع الآيات التي وردت في ذم الكثرة عن سياقها وموضوعها والانتقال بها إلى صفّ المسلمين وجماعة المؤمنين ثم الانتقال إلى إهدار الكثرة مطلقاً، فالكثرة في الخير أفضل، ووقع تقديم حق الكثير على حق القليل عند عدم وجود مرجح أولى وأقوى .

    وقد ناقش المؤلف حجج خصوم الأغلبية وبين أنه لا متمسك لهم فيما ذهبوا إليه في إهدار الأغلبية، وخاصة بتحليل دقيق لمعطيات مواقف النبي صلى الله عليه وسلم في سيرته وأحواله مع أصحابه و تصرفات الخلفاء الراشدين فيما وقع لهم من قضايا وبيّن أن لا متمسك لرد قول الأغلبية ولا معنى للشورى إذ أهدرت الأغلبية بإطلاق.

    وفى بحث مستقل ناقش المؤلف مسألة الترجيح بالكثرة عند العلماء وبين أن الروايات التي تكثر رواتها أرجح وأن الغلط والسهو هو أبعد عن الكثرة وهو إلى الأقل أقرب، ورجح العلماء من الآراء ما كان مع الكثرة من العلماء لأن الأغلب أن يكون الصواب مع الأكثر، وتحرّج كثير من العلماء من عرض ما اقتنعوا به كراهة مخالفة الجمهور، مما يدل على الاعتداد بالكثرة عند انتفاء مرجح أقوى منها.

    وفى مبحث العمل بالأغلبية تعرض المؤلف إلى تطبيقات عملية، وبين أن الأغلبية تحقق أكبر قدر ممكن من الصواب والسلامة من الخطأ وأن إهدار قول الأغلبية لقول الفرد هو خطأ أصولي ومنهجي ينبثق عنه مع الأيام ما لا يحصى من الأخطاء، وأن القول برأي الأغلبية يضمن مشاركة الأمة في التفكير في قضاياها وما يصيبها ويجعل الأمة أكثر انقيادا وأكثر حماسا للعمل والالتزام وتحمل تبعات ومسئوليات القرار، والأهم من هذا أن الأغلبية هي العاصم من الاستبداد والتفرد، و أما مجالات العمل بالأغلبية فهي:

    · التشريع الاجتهادي العام حيث يجب أن يعطى لقول أغلبية العلماء قوة الإلزام العملي والقضائي، أما علمياً فليس أحد ملزماً إلا بما اقتنع به.

    · الأمارة واختيار الممثلين والنقباء، فليس هناك طريقة معينة منصوص عليها بل إن الأمر متروك للمسلمين ليختاروا الكيفيات والجزئيات والتي تعتمد على الأغلبية والأكثرية

    · تدبير المصالح والشؤون المشتركة بين الناس ويختلف مدى وسعة الأغلبية حسب طبيعة المصلحة وامتدادها، فالأمر اليسير يختص بأهله والعمل الجليل العام لا بد أن يشمل عموم الأمة وأغلبية المجالس المختصة.
    تظل جماعات من الأفئدة ترقب صباح الانعتاق,لترسم بسمة الحياة على وجوه استهلكها لون الشحوب و شكلها رسم القطوب ,يعانقها الشوق و يواسيها الأمل.

  2. #2
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    كنظرية فقهية فإني أشيد بجهد الدكتور الريسوني وأبارك له وجعله الله من ينتفع به ...

    ولكن

    المسألة تبدو في ظاهرها مستهلكة ... فنحن لا نبغي التعرض للفقه الإسلامي المعاصر بعقلية لا تواكب اللحظة الراهنة ، وأرى أن الشيخ الريسوني وهو يحمل راية التجديد لايزال واقفا ً في خط الشروع ولا يتجرأ فيخاطبنا من منطلق الواقعية الفقهية ... إنه يستمسك بمسائل وجدها في كتب الفقه ولو أنه - جزاه الله خيرا ً - نزل إلى أرصفتنا الحزينة وأستقرء الفقه هناك لجاءنا - حسب تقديري - بالمذهل من عطاءه

    أخي الحبيب عبد الصمد

    ما نحتاجه اليوم من أي مجدد ... أن يسبقنا إلى حلول فوازعنا وفواجعنا وقوارعنا لا أن يرجع بنا إلى غيب الماضي

    ما نحتاجه اليوم ... فقه ... يبشر بالفقيه الكوني الذي له القدرة على الشمولية فمشكلة المسلم هي هي مشكلة الانسان ... المتمرد على الله وقيم عدله

    انها الطاغوتية الجديدة في ثوب قيم الحرية الغربية وقيم الانصياع عندنا ...

    واستميحك عذرا ً أن أضع بعد أ، أقرأ تعليقك على ما أٌول هنا مقالتي ( وأن الدين لواقع )

    بوركتنا وجعل الله جهدكما .. مصدر ثراء لعقولنا ...
    الإنسان : موقف

  3. #3
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    قبل أن أبدي رأيي ارجو ان نستكمل فهم فقه الريسوني
    قبل مدة قليلة حل ضيفا على برنامج الشريعة و الحياة بالجزيرة
    هذا مجمل الحلقة :

    /
    عن موقع alislah.ma

    استضاف برنامج "الشريعة والحياة" الذي تعده قناة "الجزيرة" الفضائية يوم الأحد 12 غشت 2007 الدكتور أحمد الريسوني، في موضوع "رأي الأكثرية في الشريعة الإسلامية"، وقد كانت الحلقة مناسبة لتوسيع مجال وأفق التفكير في هذه القضية التي شكلت مجال اهتمام فكري وتأصيل نظري عند الدكتور الريسوني منذ أن اعد أطروحته حول المقاصد، ثم كتابه التقريب والتغليب، وانتهاء بكتب "الامة هي الأصل" و"حكم الأكثرية".
    ولعل المتتبع لفكر الريسوني واجتهاداته، لن يفاجئ بمواقفه المعلنة في هذه الحلقة، والتي جاءت نتاج عمل مفكر فيه، بل وإنتاج سابق، فموضوع الشورى والديموقراطية كان موضوع الكتاب الأخير للريسوني حول "الشورى في معركة البناء"، أما موضوع "حكم الأغلبية"، فقد كان مجال تنظير سابق أصدره الدكتور في كتاب بعنوان "حكم الأكثرية" وهو مبحث من مباحث الدكتوراه التي أنجزها في موضوع "التقريب والتغليب"، كما أن الموضوع كانت له تطبيقاته في ضوء التجربة الدعوية والمجتمعية لحركة التوحيد والإصلاح، سواء تعلق الأمر بحضوره في توجيه منطقها الداخلي في الاختيار والشورى، أو في المشاركة السياسية للحركة التي كانت من المحطات التاريخية التي كان الدكتور الريسوني من مؤسسيها.

    لكن الجديد الذي حملته هذه الحلقة، بالإضافة إلى التدقيقات المنهجية والمفاهيمية، والمعالجات الإشكالية، يتعلق أساسا بالإجابة على ما يمكن تسميته "اعتراضات على القول بحكم الأغلبية"، والتي أثارها النقاش حول الموضوع، وهي جملة عوائق أجاب عنها الدكتور الريسوني لتأكيد أطروحته، والمتعلقة بعائق الاستبداد والجهل وتوجيه مؤسسات الرأي العام للأغلبية ثم دور العلماء في تسديد رؤى الناس ومواقفهم في قضايا الاستفتاء والشورى.
    وسنعمل في هذه القراءة على تجدير ما حملته حلقة "الشريعة والحياة" من تدقيقات مفاهيمية ومنهجية تعزز أطروحة "حكم الأغلبية"، مع التركيز على الجديد الذي حملته بخصوص معوقات هذا الحكم.
    وقبل ذلك نذكر بأطروحة الريسوني حول قضية الديموقراطية والشورى، والتي أخذت حيزا مهما في النقاش، والتي كانت بمثابة إضاءات حول كتابه "الشورى في معركة البناء".

    1 - الشورى في معركة البناء

    لقد أخذ هذا النقاش مجالا مهما في النقاش خلال الحلقة، ويمكننا تركيز أطروحة الريسوني في هذا الموضوع في ثلاث أبعاد أساسية:
    البعد الأول: سعى من خلاله الأستاذ الريسوني إلى تجاوز "منطق تكفير الديموقراطية"، وهو منطق تجاوزه الفكر الإسلامي المعاصر، وفي ذلك يقول الدكتور الريسوني " أن الكفر هو كفر بالله أو بكتاب الله أو بالرسل، هذا هو الكفر" لكن الديمقراطية – كما يضيف – تدعو إلى الاختيار وإلى تفريق السلط، وهذا لا علاقة له بالكفر، فالديموقراطية مسألة تنظيمية، "فهي ليست مع الدين ولا ضد الدين". الشورى هي تجربة أو تجارب أو مجموعة تجارب تنظيمية للعلاقات السياسية والعلاقات العامة.
    البعد الثاني: أكد فيه الأستاذ الريسوني على التكامل بين الشورى والديموقراطية، من خلال تذكيره بما جاء في كتاب "الشورى في معركة البناء"، والذي اعتبر فيه بان "الديمقراطية جزء من الشورى"، وأن الديمقراطية هي أداة أو وسيلة تنظيمية، أما الشورى فعقيدة وخلق وسلوك وثقافة.
    البعد الثالث، يتعلق ببناء الشورى: حيث ذكر الأستاذ خلال الحلقة "بأن النظم الديمقراطية والتجربة الديمقراطية غنية بالأنماط وبالأشكال وبالتجارب"، بخلاف الممارسة الشورية عندنا، التي لم تستطع ان تخلق نظامها المؤسساتي، وهو ما يجعلنا مدعوين إلى الاستفادة من الخبرة الغربية في البناء المؤسساتي للشورى، وقد بين الريسوني أن معركة البناء المؤسساتي للشورى قد انطلقت، وقد قدم في ذلك أمثلة تتعلق بالمجامع الفقهية الدولية التي تجمع العلماء من كل أنحاء العالم، وبعضها إقليمي أو قطري إلى آخره، وأيضا مثال بعض الحركات أو الجمعيات الإسلامية التي لها بعض التجارب الشورية المهمة.
    وقد أوضح الريسوني أنه "على مستوى الدول الإسلامية وعلى مستوى النظم السياسية والنظم الإدارية مازالت الشورى ضعيفة، وان ذلك يحتاج إلى وعي إلى ثقافة وإلى ضغط وإلى تجارب"، وأنه "لم يعد يقبل أن يكون وزير يسير بدون مجلس شورى للوزارة وليس للحكومة أو للدولة، فهكذا المؤسسات كلها المؤسسات الآن على كل حال في المؤسسات الجامعية ربما شيء من هذا معظم المؤسسات الجماعية لها هذه هي الشورى سواء سميت بالشورى أو لم تسمى بالشورى القضايا العائلية في القضايا المحلية في القضايا العلمية في القضايا الاقتصادية السياسية العسكرية".

    2 - رأي الأكثرية في الشريعة الإسلامية

    يمكن القول بأن النقاش الذي دار في الحلقة حول قضية "حكم الأغلبية" قد شمل ثلاث أبعاد أساسية، نجملها في البعد المفاهيمي، والبعد المنهجي، ثم البعد الإشكالي، حيث بدى منذ البداية مدققا للاصطلاحات، فعمل حلى تحرير مصطلح أهل الحل والعقد، ومصطلح الشارع.
    وفي البعد المنهجي، حاول الدكتور الريسوني منذ البداية أن يحدد الموجهات المعرفية المبدئية للتفكير في موضوع "حكم الأغلبية"، مؤكدا على "أن مسألة ترجيح الأغلبية على الأقلية وتفضيل الأغلبية على الأقلية بصفة إجمالية بغض النظر عن الحالات والاستثناءات هي مسألة فطرية وبدهية يدركها الناس جميعا صغارا وكبارا في جميع الشعوب الإسلامية وغير الإسلامية"، مبينا "أنه حيثما كانت الكثرة في الرأي وفي الاختيار وفي الموقف فالصواب فيها أكثر، فهذه مسألة فطرية".
    ومن جهة اخرى، وضح الأستاذ الريسوني بانه "في ثقافتنا وفي العلوم الشرعية الترجيح بالكثرة معمول به بدرجة كبيرة جدا حتى إثبات الحديث النبوي وهو من القداسة والخطورة".
    فالأصل حسب الدكتور الريسوني "أن الحكم بالأغلبية شيء جاري ومعمول به، وان مرجع ذلك في الدين والثقافة الأصولية، وهو ما يجعل الأخذ به في الأمور الدنيوية والسياسية والتنظيمية من باب أولى".
    كما ان الدكتور الريسوني حرص في هذا اللقاء العلمي على تدقيق مبدئي أساسي، وهو أن "القول بأن الأكثرية مرجحة ومقدمة على الأقلية، لا يعني أن هذه الأكثرية معصومة"، ذلك أن "العصمة عند العلماء للأمة، إذ ما أجمعت عليه الأمة فهي معصومة فيه، وما اختلفت فيه الأمة كله وارد فيه الخطأ"، مضيفا بأن "الصواب مع الأكثرية أكثر، وأنه إذا كان الصواب مع الأكثرية أكثر فيبقى أن قول الأكثرية مرجح فيما تختلف فيه الآراء".
    وحسب مجمل البناء الاستدلالي الذي اعتمده الأستاذ الريسوني فقد قرر "بأن هناك أمور علمية وأمور تخصصية تحال إلى أهلها، وأنه حتى في هذه الحالة الأخيرة يبقى مبدأ الأغلبية قائما عند اختلاف الفقهاء أومجلس الشورى"، موضحا أنه "في الأمور التي يفهم الناس فيها ويعرفونها من مصالحهم الدنيوية وتدابيرهم واختيار مسؤوليهم ومقدميهم في الأمور المحلية أو الوطنية أو العامة أو القومية فإن ما يختاره الناس يكون حكما".

    3 / عوائق "حكم الأغلبية":

    لقد كان من بين الإضاءات التي أثرت النقاش في هذه الحلقة من برنامج "الشريعة والحياة" ما يتعلق بالتناول العلمي الذي قدمه الأستاذ الريسوني حول الاعتراضات على أطروحة "الحكم بالأغلبية"، من خلال إجابته على العوائق التي يطرحها المتتبعون والنقاد.
    1 - ففي قضية الاستبداد، أكد الدكتور الريسوني أنه فيما يخص اختيار الحاكم " فالناس أدرى بالناس، فهم أدرى بمن يعيشون معهم، ومن يتحركون فيما بينهم".
    لكن الاستبداد مانع للاختيار، وهذه قضية أخرى، بحيث أن "الذين يأتون بغير اختيار وبغير مشورة ولا رضى من أحد" فهذا واقع يطرح نقاشا آخر حول الديموقراطية.
    2 – وبخصوص عائق جهل العامة بين الدكتور الريسوني رفضه للنزعة الاحتقارية للناس، مؤكدا في نفس الآن أن " الناس فيهم جميع الأصناف، وأن قضايا الاختيار تكون عادة مسبوقة بنقاشات، أو ما يسمى مثلا بالحملات الانتخابية، وهي فرصة للتداول الجماعي، "فمن يعلم يعلم من لا يعلم، فمثلا إذا كنت أنا لا أعرف هذا المرشح فهناك من يعرفه، وإذا كنت لا أعرف بعض المعايير فهناك علماء وهناك دعاة وهناك متنافسين، فيصبح الناس على بصيرة من أمرهم، ومن لا يعرف يصبح يعرف، بل الناس عادة يحكمون على تاريخ طويل من يترشح أو يرشح أو يقدم إلى مهمة لا يكون قد نبت من يومه أو من ليلته أو سقط على الناس فجأة، بل المفروض أن له تاريخ طويل والناس يعرفون ذلك".
    3 – وبخصوص عائق التحزب، فقد بين الأستاذ الريسوني "أن الأكثرية ليست كلها متحزبة، لأن المتحزبين هم دائما قلة، والسواد الأعظم من الأمة أو الشعب ليس متحزبا"، ولذلك فهذا اعتراض مرفوض بالنسبة للدكتور الريسوني.
    4 – ومن العوائق التي طرحت ما يتعلق بتوجيه مؤسسات الرأي العام للناس، أكد الأستاذ الريسوني "أن "حكم الأغلبية" لا يتعلق بالقضايا الكبرى التي ينبغي أن يكون فيها حق وباطل، والتي تعتبر محسومة"، فليس الأمر يتعلق بالتصويت على الشريعة أو الإسلام أو الرسول أو القرآن أو تحريم الخمر أو وجوب الزكاة أو كذا.."، فهذه أمور عندنا قاعدة متينة وعريضة مستقرة ومستتبة بالنصوص القطعية وبإجماع العلماء وبإجماع الأمة بشأنها، وهو ما يعني أن "احتمالات أو هامش تلاعب الرأي العام – يوضح الريسوني - يبقى محدودا، كما "أنه في المجتمع الإسلامي الرأي العام - بالدرجة الأولى - يصنعه العلماء، وهو الأمر الذي إذا لم يكن فمعناه أن هذا خلل يجب أن نصححه قبل أن نمضي، ولكن لحسن الحظ أنه في معظم الحالات مازال كلمة العلماء محل ثقة وخاصة فيما يمس الدين وما ينبثق من الدين، قد تكون هناك مصالح يعني تنظيمية ودنيوية وسياسية صرفة يعني قد لا يكون"..
    5 – وبخصوص قضية دور العلماء في تسديد آراء الناس وتصوراتهم، فقد أكد الأستاذ الريسوني أن العلماء حاضرون، وأن وسائل الإعلام كلها أحبت أو كرهت تفتح أبوابها للعلماء، فالعلماء الآن لهم حضور ولهم تأثير أكثر بكثير مما لو رجعنا إلى الوراء خمسين سنة أو مائة سنة، وينبغي ان يكون هذا التأثير أكثر من ذلك".
    وقد بين الريسوني أن "استغلال الأغلبية في وقت من الأوقات في موجة من الموجات وارد، لأن هناك ناس لهم قدرة تأثيرية، وهناك استعمال للأموال، وعوامل أخرى كثيرة تتدخل، ولكن نحن نتحدث عن أمة نريد ترشيدها من العلماء ومن الزعماء حتى تكون على بينة من أمرها، وإذا كان الأمر كذلك، فما يختاره ويراه والأكثرون هو مفضل وهو أكثر صوابا أو أقرب إلى الصواب والحق مَن الذي يتمسك به".

    /
    تحياتي

  4. #4
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    نحتاج للفقيه الذي يعايش الواقع ؟
    الفقيه الذي يفقه اللحظة ؟
    المجدد الذي يفرح و يحزن لفرحنا و حزننا؟
    المجدد الذي يجدد ما ترهل من موروتنا ؟
    الفقيه و المجدد الانسان ؟ والذي يقوم بصناعة الانسان الحضاري المعاصر لا انسان قرون خالية و أجيال سابقة.
    أنه لخور أن نجدد الأثات و الملبس ...وغيرها و عقول مجددينا بالية

    حتى اصبحنا أضحوكة أمام العالم كما قال البليهي

    علماء في وسائل الاعلام رمز التقنية المتطورة يفتون و يتحدثون خارج احداثيات الزمان و المكان




    لكن
    هل كل هذا يلغي الأخذ من كتب الفقه ؟
    هل هذا يمنع الاستفادة من الماضي ؟
    ثم
    هل المجدد هو الذي يقوض أعمدة الماضي ؟
    هل المجدد والواقعي هو من جاء بالجديد فقط؟
    بالطبع لا
    الكارثة حينما يحتبس الفقيه و المجدد في شرنقة الاجداد
    نعم الكارثة
    أن يعيش مجدد في زمن بعقل وواقع زمن آخر

    في الحقيقة البحث رسالة اكاديمية نال بها الدكتور الريسوني الدكتوراه
    إذن فهو بحث متخصص
    قد يأتي وقت ونتطرق للريسوني المعاصر في اجتهاداته و رؤاه و تطبيقاته الميدانية.


    لست من المتخصصين في المجال
    حبذا لو ناقشنا الأمر مع من درس و تمكن من العلوم الشرعية لكي لا تغيب عنى أي زاوية في النقاش.

    انتهي بالتساؤل التالي :

    سؤال التجديد بين الموروث و الحديث؟

    /
    تحياتي

المواضيع المتشابهه

  1. التقريب الحسابى
    بواسطة رضا البطاوى في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 24-09-2014, 07:08 PM
  2. كتاب د/ جورج طرابيشي : مذبحة التراث في الثقافة العربية المعاصرة ،، عرض وقراءة
    بواسطة وائل بن يوسف العريني في المنتدى قِرَاءَةٌ فِي كِتَابٍ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 17-05-2013, 02:15 PM
  3. قراءة في كتاب الإمبريالية الجديدة -2- / دافيد هارفي ، عرض وتقديم
    بواسطة د . محمد أيوب في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 14-07-2008, 10:56 PM
  4. قراءة في كتاب الإمبريالية الجديدة - دافيد هارفي / ـ1ـ، عرض وتقديم د . محمد أيوب
    بواسطة د . محمد أيوب في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 14-07-2008, 10:45 PM
  5. قراءة في كتاب الإمبريالية الجديدة - دافيد هارفي ، عرض وتقديم
    بواسطة د . محمد أيوب في المنتدى الحِوَارُ السِّيَاسِيُّ العَرَبِيُّ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 24-04-2008, 11:05 PM