جملة تفعل الكثيرمعلمة شابة ، ناجحة في عملها ، تسعى دوماً لتحقيق غايتها . فازت في كثير من المسابقات المنوعة . تفوقت على قريناتها من المعلمات في مختلف المجالات . كانت محبوبة من قبل الجميع . الجميع يحترمها و ينظر إليها نظرة تقدير . كل ذلك خارج مدرستها . لقد كانت حلوة اللسان مع جميع ، إلا مع طالباتها ، فقد كانت تقسو عليهم لدرجة أنها في بعض الأحيان تحرم الطالبات من فرصة طعامهم لمجرد أن إحدى الطالبات أزعجتها عن غير قصد منها . لا تبتسم في وجه أي طالبة ، معطوبة الحاجبين دوماً. و مع زيادة قسوتها أصبحت الفتيات ينعتنها بالسحابة السوداء . فأينما سارت فهي الوحش القاتل . هكذا كانوا يرسمونها في مخيلتهم .
عادت ذات يوم من أحد حصصها متعبة ، فوجدت على مكتبها زهرة حمراء جميلة . أدهشها المنظر و أسرعت لترفع الزهرة كي تشمها . و إذا بورقة صغيرة معلقة عليها ، كتب فيها :
لماذا القسوة يا معلمتي ؟
أهالتها هذه الجملة . ربما وقف قلبها للحظة . لم تفهمها للوهلة الأولى ، بالرغم من أنها معلمة للعربية ...
- اللغة العربية ، يا إلـــه ! لقد كرهت الطالبات هذه اللغة بسببي ، بسبب قسوتي و سوء تعاملي معهن .
خرجت هذه الجملة من بين شفتيها ، و خرج معها أنين قلبٍ حنون لأول مرة . و دمعات انذرفت سريعاً على خديها الأبيضين ، اللذان أرسلا نوراً رائعاً ملأ أرجاء المدرسة بطيبته . فقد ابتسمت شفتيها . و انفتح قلبها . و انشرح صدرها . و صارت مثالاً يحتذى به في أخلاقها و فضائلها . و أصبحت محبوبة من قبل الجميع .
بعد كره دام طويلاً ...