للأساتذة الكبار هنا وفي طليعتهم أنت أخي الشاعر الكبير د. عمر الهزاع عاطر التحيات ووافر الاحترام
وسواء رافق التوفيق أو الخطأ رأيي فقد أفدت كثيرا من علمهم وخاصة علمك محاوري الفاضل. ولا ينقص من قيمة ما أزجيته من علم لغوي ونحوي أي من الأساليب التالية :
1- لجوءك إلى قدر من الترهيب ابتدأ بالربط بين شعرك والقرآن الكريم بشكل قررت فيه تقريرا جازما بأن من ينتقد (سدى ) في شعرك فإنما ينتقد استعمالها في القرآن الكريم.
ليلى , وليل البعد أرقني ( وليست رافقني ) سدى
( أيحسب الإنسان أن يترك سدى ) ... القيامة
فلو قلنا ( أيحسب الإنسان أن يترك ) ؟ أليس هذا بكلام تام ؟ ولنلاحظ معًا ما الذي أضافته كلمة سدى في محل نصبها على المفعولية عندما أضافها الرحمن إلى الآية الكريمة
وسنرى هل حقًّا هي مجرد حشو في الكلم الإلهي ؟؟
( وحاشى وكلا )
ولا يغير من مدلول قاطع كلماتك إلا اعترافك بخطإ تعبيرك .
أما القول بأنك تعني ما لا يعنيه ظاهر الكلمات أو أنك تعني ما يعنيه من يحاورك وهو يقول بعكس قولك فأمر لا يغني وقد تكرر منك وإن شئت استقصيته لك في غير مشاركة وموضوع.
ثم اتهامك لي بالتهكم عليك : بصيغة الحط من نصي وشعري و بل شخصي , فتقولت عليَ ما لم أقله بحق كتاب الله وقرآنه
ثم اتهامك لي بالجهل :" لعلني أوضح أمرًا تجهلينه إن النصب على المفعولية لا يختص بالمفعول به لوحده , ولعل غالب ظنك أنني عنيتها مفعولًا به فلم تتكشف لك الحقيقة كاملة
وتخبط ردك في مواضع تفسيرك لوجهة نظرك
فأما الأسماء المنصوبة التي تقع بصيغة المفعولية فهي كثيرة
ومنها المفعول لأجله , وظروف الزمان والمكان , والمفعول الطلق , والمفعول به ..
وهنا سأرد على تساؤلاتك أعلاه مع تفسير سينهي النقاش قطعًا في هذا الأمر"
وكأنما صرفي لها إلى أحد أبواب المفعولية نفي لسوى ذلك الباب من الأبواب، ولي هنا أن أقول إنك قسرت كل استعمالات سدى على أنها نائب مفعول مطلق. .
2- استطرادك – وهو مفيد جدا – ولكنه في مواضيع ليست محل خلاف وإنما الخلاف هو في الربط بينها وبين استعمالك لكلمة سدى، فلا خلاف على المفعول المطلق وأحكامه. وإنما الخلاف على مصادرة سُدى أينما حلت وإلحاقها بالمفعول المطلق وهذا خلاف اتساع مفهوم المفعولية الذي تفضلت بتقديمه، واختلاف صنف المفعولية بين مفعول به وحال ومفعول مطلق أونائب مفعول مطلق أو مفعول لأجله يعني اختلاف المعنى واختلال القياس في حالة اختلافه. وهنا أفرق بين صحة ودقة معلوماتك وعدم دقة استعمالك لها، أو لأقل وتجيير ذلك بشكل تعسفي لصالح نصك وقسرها عليه قسرا.
3 –لا يمكنني عدم الربط بين سابق تعسف فرضك أن استعمال سدى في بيتك هوذات استعماله في الآية القرآنية وتعسفك في القول :
وبعد
وكما رأيت من خلال ما أحببت أن أذكره لك من درس مفصل عن المفعول المطلق ونائبه
فإن ما بنيت عليه نظريتك النقدية في حكم الهوى الشخصي
والرؤية الفردية التي لا تعدو عن كونها محظ افتراض يدحضه الحق بجلاء
وإن كنت ترين في كلمة ( سدى ) حشو وزيادة لا قيمة لها
فإنك قد ضربت بقسط كبير من الشعر العربي عرض الحائط
وأنكرته إنكاراً بغير وجه حق
فما من شاعر إلا وقد كثر في شعره استخدام هذا الأسلوب
وفي ما ذكرته في حقيقة المفعول المطلق ونائبه.
وهكذا فأنت تخلط بين أمرين
أ*- ورود سدى في الشعر العربي
ب*- وقسر ما ورد في الشعر العربي من استعمال لها على ما ورد في بيتك، وكأن بيتك أضحى مرجعا للشعر العربي وليس العكس. وهذه مغالطة كتلك التي أوردتها بصدد الآية الكريمة ولكنها أخف وزنا.
ولكي لا يكون كلامي تعميما أقول ما كنت أفضل أن أقوله دون ما تقدم مما فرضه علي هجومك غير المبرر.
أستاذيّ الفاضلين وشاعريّ الكبيرين د. عمر هزاع ووائل أبو حمزة
لاشك أن اتفاقكما على أمر لغوي يكسبه ثقلا كبيرا. وهذا جعلني أفكر مليا في تفسير ما أجده من فروق دقيقة في استعمال كلمة سدى مما قد يدخل في باب فقه اللغة ، وعلى توضيح هذه الفروق تعتمد دقة الربط وصحة الاستدلال وهما لحمة هذا الحوار وسداه، وليس أي استطراد فيما لا خلاف حوله.
هنا معنييان لهذه الكلمة يمكننا استشفافهما من هاتين العبارتين
أ- الأولى لطالب سهر الليل دارسا ثم رسب في الامتحان فراح سهره سدى فيما كان ينبغي منطقيا أن يترتب على جهده المتمثل في ( الدراسة التي أسهرته ) سُدى . فسدى هنا تعني ضياع سعي دون الوصول إلى
النتيجة التي هي ذهنه مرتبطة بسهره في الدراسه
ب - الثانية لطالب سهر الليل ليرى الشمس عند شروقها فنام قبيل ذلك فذهب سهره سُدى، وهنا
فإن طلوع الشمس منطقيا غير مرتبط بسهره، فسواء سهر أولم يسهر فإن طلوع الشمس متوقع وأكيد.
والتمييز بين المعنيين –على تقاربهما - ضروري فيما نحن فيه وحمل أحدهما على الآخر غير دقيق.
ثم هناك فرق بين قولنا :
تركته هَملا ، فهنا هملا يمكن أن تكون نائب مفعول مطلق وربما جاز اعتبارها حالا
تركته مهملا ، فمهملا هنا حال لا غير
كلمة سُدى جامدة ويتوقف إعرابها على المعنى الذي تنصرف إليه، وحملها على معنى دون آخر تعسف. فالإعراب تبع للمعنى وليس العكس.
http://www.iid-alraid.de/EnOfQuran/T...ab/irab578.htm
36 - { أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى }
"أنْ " ناصبة، وجملة "يُترك" خبرها، و"أنْ" وما بعدها في تأويل مصدر سدَّ مسدَّ مفعولَيْ حسب، و"سدى" حال.
قد نكون ابتعدنا عن أصل الموضوع ولكن على من يروم الحقيقة أن يربط المتأخر بالمتقدم من يلتزم موضوع الحوار ومن يشتت الذهن عنه باستطرادات ليست محل خلاف. إذ الخلاف في الوهم بأن صحة الاستدلال تعني صحة النتيجة وهذه نصف الحقيقة التي لا تكتمل إلا بأمرين
1- صحة الاستدلال وليس هذا محور خلاف
2- صحة الربط، وهذا هو محور الخلاف
أعيذك أن تتخذ من التركيز على قوة النقطة الأولى تغطية على ضعف النقطة الثانية التي لا تكاد تلتفت إليها.