أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: عن عناق السياسة والثقافة والبيولوجيا في الصيام..!

  1. #1
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي عن عناق السياسة والثقافة والبيولوجيا في الصيام..!

    الاخوة الافاضل اسمحوا لي ان اقدم نظرة مغايرة لما عهدناه عن الصيام

    مقال بعنوان : عن عناق السياسة والثقافة والبيولوجيا في الصيام..!

    وهو للدكتور خالص جلبي

    /

    عن عناق السياسة والثقافة والبيولوجيا في الصيام..!

    إذا دخل المريض المشفى عولج بالمغذيات ومنع من الطعام وفرض عليه الصيام فيشفى. ومارس غاندي اللاعنف في وجه الطغيان السياسي فكان الصيام أهم أسلحته، واعتبر ابن خلدون أن الغذاء يلعب دورا في تشكيل الأخلاق. وفي الحديث أن السكينة والوقار في أهل الغنم، والخيلاء والفخر في أهل الإبل ربما لنوعية البروتينات التي يتناولها الإنسان. وربما كان هذا السبب في تحريم لحم الخنزير لعلاقة البروتينات بالأخلاق.

    وعندنا نصوم لننام فإذا أكلنا أكلنا نهما، والصيام لم يشرع لذلك. واللاعنف نعتبره تعطيلا للجهاد وهو ولادة للإرادة، فلم نسمع عن عشب صام أو قط انتحر، والإنسان يفعل الاثنين فيعمل ضد غريزته بوعي وحرية وإرادة.

    وعمليا تحولت العبادات عندنا إلى ضرب من الطقوس، فلا نصلي خشوعا ولا نصوم وعيا، ونحج طوافا وقد ندعس بالأقدام من حولنا فلا نعلم أنه اليوم الأعظم للناس للتفاهم وشحن الروح السلامية للعالم على نحو دوري.

    وتحول العبادات إلى طقوس خطير يشبه عمل حزام محرك السيارة بدون وصلة بالدينمو لشحن البطارية فتتبخر الكهرباء من السيارة، وترجمة هذا إلى علم الاجتماع يتظاهر بغياب الفعالية من حركة المجتمع مع كل حرارة الطقوس لأنها لا تؤدي وظيفتها.

    وفي السياسة إذا بطشنا بطشنا جبارين. فإما انتحرنا او نحرنا، فلم نعد نرى الله ذلك الذي وسعت رحمته كل شيء، وأن شمسه تشرق على الأشرار والأبرار.

    ويصعب علينا في العادة أن نتصور ضغط الثقافة. ولو سألت أي إنسان هل وصلت إلى ما تعتقد بتمحيص ونقد شديدين أم أنك تفعل ما تفعل بسبب التقليد لأكد بما لا يدع مجالاً للريب أنه وصل إلى العقيدة الصحيحة بتمحيص وعقل واقتناع، ولو ولد في بافاريا في ألمانيا لكان ربما قسا كاثوليكيا، ولو ولد بين قبائل الزولو لربما عبد شجر الغابة، والانتباه لهذا التفريق أصعب من قطع الأنف بالمنشار بدون تخدير كما يقول الجاحظ، عن فهم المسائل العويصة القريبة.

    وأبغض الأشياء على النفس الانتقاد ولا تسكر النفس بخمر كالثناء، وهناك نوع من التساؤلات تمثل الأرض الحرام فلا يلج معاقلها أحد، فإن فعل رجم. يجب أن نعترف أننا ولدنا في بيئة إسلامية، رأينا آباءنا يصومون فنحن مثلهم نصلي ونصوم، ولكن السؤال ماذا لو ولد أحدنا في التيبت أو المانيا أو اليابان؟ يسهل أن نتصور أن أحدنا لو ولد في إيران سيكون شيعياً، ولو ولد في تركيا سيكون سنياً على المذهب الحنفي، ولكن هل يمكن أن نتصور أن أحدنا لو كان من السيخ فما استغنى عن عمامته وما قص شعره إلى يوم الدين. فهناك أقدار كما نرى تتحكم فينا وتدفعنا أن نفكر بعمق أمام هذا السؤال المزلزل فنكون أكثر تسامحاً مع الآخرين.

    والصيام لا يخص المسلمين فقد كتب على الذين من قبلنا، ولم يكن للمسيح عليه السلام أن يدخل التجربة قبل صيام أربعين يوماً.

    والصيام ثانياً في أصله اللغوي هو الصيام عن الكلام عندما نذرت مريم أن تصوم للرحمن فلم تكلم أنسيا، وهو أصعب بما لا يقارن من الصوم عن الطعام.

    والصيام ثالثاً ليس تعذيباً للنفس بل إعلاناً لولادة (الإرادة) ضد الغريزة، فلم نر قطاً حرم نفسه من الأكل من مطلع الشمس حتى غروبها، والفئران تسرح أمام عينيه مثل قصة توم وجيري.

    والإنسان يعمل بإرادته ضد غريزته بكامل وعيه فيتفرد بين كل الكائنات التي أسرت في قفص الضرورات.

    والإنسان قد ينتحر فيعلن استقالته من الحياة، أو يصوم فيجوع مختاراً متضأمناً مع الجياع في وضع مناقض جدا لمواضعات الغريزة.

    تخضع الآلة لمبدأ القصور الذاتي، وتمسك الغريزة بتلابيب الحشرة، ويعلن الإنسان بالصيام الوعي والإرادة والحرية في مركب ثلاثي متفرد. وتتفاهم النحلة مع رفيقاتها بالرقص، فلم تعلن نحلة يوماً أنها مثقفة، ويركض فأر الحقل يسعى لطعامه لا يعرف إلا نهم الطعام فلم يدل بتصريح أنه مكتئب أو متشائم، ويتفرد الإنسان بإعلان الإمساك بمكبح الغرائز فلا يستجيب لندائها. والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام. ويضحك الإنسان والحيوانات لا تعرف ذلك ويكتئب ويبكي على فقد عزيز، والحيوانات لا تشعر بمن يغادرها، والعجول تمضي للذبح فترى الموت وهي تخور.

    الحرية ليست الإباحية بالاستسلام المطلق أمام اجتياح فرق الغريزة، والحرية الفعلية هي الصبر أمام أسار الضرورات، والهبوط لا يحتاج لطاقة ولكن الصعود يحتاج إليها. والطائرة عندما تنزل تستهلك أقل قدر من الوقود، وهي عند صعودها تستهلك أكبر قدر منه، والحضارة تقلع على أجنحة الروح، وتنكب على وجهها مع انطلاق فرامل الغرائز؛ لذا كانت الحضارات دوماً ذات بعد أخلاقي، ومن يملك نفسه يملك العالم، والغنى ليس ما نمتلك بل بما نستغني عنه، وكان سقراط يمر في السوق فيرى الناس يتهافتون على الاستهلاك فيصيح متعجباً: يا إلهي ما أكثر الأشياء التي لست في حاجة إليها؟!..

    الصيام إذاً شريعة الأنبياء. وهو أسلوب غاندي في الجهاد المدني اللاعنف، وهو إعلان ولادة الإرادة وضبط الغرائز تربية للنفس. وهو فوق كل هذا مطهر بيولوجي للجسم؛ فلا يمارس أحد الصوم إلا وشعر بالراحة والخفة. ومع كل نقص في الوزن يصبح الإنسان أكثر جمالا ووجهه أكثر شبابا. بل ثبت علميا أن قلة السعرات الحرارية تطيل العمر بصحة.

    وهكذا ففي نقطة الصوم تلتحم الفلسفة مع الدين والسياسة مع البيولوجيا. وعلة الصوم هي التقوى، والتقوى تحريض آليات الضبط الذاتي. وهذا يقترب من المستحيل لولا التدريب المستمر.

    وفي الصيام تتدفق الحكمة من القلب على اللسان. ولم يتنزل القرآن إلا في رمضان. ولم ينطق يسوع المسيح بالحكمة إلا بعد أن جاع أخيرا، فدخل في ثلاث تجارب وعرف أن الإنسان لا يحيا بالخبز وحده، بل بكل كلمة طيبة تخرج من الفم.

    /
    تحياتي
    تظل جماعات من الأفئدة ترقب صباح الانعتاق,لترسم بسمة الحياة على وجوه استهلكها لون الشحوب و شكلها رسم القطوب ,يعانقها الشوق و يواسيها الأمل.

  2. #2

  3. #3
    الصورة الرمزية د. نجلاء طمان أديبة وناقدة
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    الدولة : في عالمٍ آخر... لا أستطيع التعبير عنه
    المشاركات : 4,224
    المواضيع : 71
    الردود : 4224
    المعدل اليومي : 0.68

    افتراضي

    الأديب الفاضل عبد الصمد

    ربما أتفق مع المفكر خالص جلبي في كثير من نقاط المقال. لكن هناك نقاط قد أختلف فيها معه. أذكر منها واحدة فقط لضيق الوقت, وهي الصيام في الحيوانات, لا يوجد قانون حياتي أو بيئي أو حتى علمي يثبت هذا الكلام في المقال. كان عندنا قطة تصوم معنا شهر رمضان لا تمس الطعام طوال يومها, وعند وضع الطعام قرب آذان المغرب, كنا نضع لها طعامها في طبقها, ونجلس ننتظر النطق بالآذان , فكانت -سبحان الله- لا تمس الطعام أبدا طوال قراءة قرآن المغرب , وعندما يؤذن المغرب نبدأ في الأكل فتبدأ معنا. أليست هذه التجربة بحاجة الى دراسة؟؟؟ أوليست دليلا لنا على أنه ربما الصيام أيضا فرض على الحيوان بشكل ما لا ندركه. عموما أقوم الآن بدراسة سلوك بعض الحيوانات للتأكد من هذا الأمر المذهل.

    شذى الوردة ورمضان كريم لكما

    د. نجلاء طمان
    الناس أمواتٌ نيامٌ.. إذا ماتوا انتبهوا !!!

  4. #4
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2007
    العمر : 50
    المشاركات : 1,177
    المواضيع : 55
    الردود : 1177
    المعدل اليومي : 0.19

    افتراضي

    الأخ الفاضل الأستاذ عبد الصمد زيبار

    قرأتُ ما كتبتَ ، فأفدتُ منه فوائد نفيسة ، واستمتعتُ به أيما استمتاع ، فجزاك الله خيرا ، راقتني جدا عبارتك :

    " وفي السياسة إذا بطشنا بطشنا جبارين. فإما انتحرنا او نحرنا ".

    تحياتي وتقديري

  5. #5
  6. #6
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    بوركت يا عبد الصمد ... ومن قبلك خالص ... والجميع
    الإنسان : موقف

المواضيع المتشابهه

  1. تحديات الفكر والثقافة العربية
    بواسطة بابيه أمال في المنتدى المَكْتَبَةُ الأَدَبِيَّةُ واللغَوِيَّةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 07-08-2011, 03:34 AM
  2. النَّفَحَاتُ الشِّعْرِيَّةِ فِي الذَّوْدِ عَنْ خَيْرِ البَرِيَّة
    بواسطة بندر الصاعدي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 89
    آخر مشاركة: 30-06-2006, 12:54 PM
  3. النَّفَحَاتُ النثريـة فِي الذَّوْدِ عَنْ خَيْرِ البَرِيَّة
    بواسطة نسيبة بنت كعب في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 29-03-2006, 01:40 PM
  4. النَّفَحَاتُ الشِّعْرِيَّةِ فِي الذَّوْدِ عَنْ خَيْرِ البَرِيَّة
    بواسطة نسيبة بنت كعب في المنتدى مَشَارِيعُ النَّشْرِ الوَرَقِيِّ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 18-02-2006, 08:19 PM