أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: حقيقة المسئولية الفردية .. بين الفتاوى النظرية والإرادة الجماعية .!

  1. #1
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي حقيقة المسئولية الفردية العملية .. بين الفتاوى النظرية والإرادة الجماعية .!

    المسلمون مُستاءون من أوضاعهم –لاسيما العرب منهم . وغير المسلمين يتساءلون .! كيف لمن يدعو غيره إلى درب النجاة والفلاح .. أن ينسى نفسه أو أن يتجاهل واقعه أو يعجز عن تعمير بيته وإصلاح ذاته وذات بينه ..!

    وقليلون هم - بين المسلمين - أولئك الذين يولون اهتماماً ويرون ضرورة للحقيقة المجردة المُتحررة من التبعية الفكرية التاريخية ؛ ويُعنون بالفكر الراغب في التجديد وإعادة صياغة الثقافة المحلية - إذا لزم الأمـر ؛ ويجرؤون على الصدح برؤاهم الخاصة - بعيداً عن النبرة العمومية واللغة السائدة للخطاب التي تـُكبّل العقل وترسم مسارات محددة – شبه مقدسة – أمام الفكر ..!

    فجُلُّ ما نقرأه ونشاهد آثاره في ساحات الفكر الإسلامي العربي لا يخرج عن المُعتاد والمُتداول منذ قرون ؛ والذي لم يعـد يُحرك ساكناً – سوى في عالم العواطف الجياشة الخيالية المؤقتة التي ما تلبث أن تتغير وفق آخـر ما تقع عليه الأبصار أو يرد إلى الأسماع .!

    فلم نستأنس بعد بالفكر الذي يُخاطب عقل الفرد المسلم ، ويجوب حناياه ، ويقطن زواياه ليُحرجه ويُخرجه عن صمته - فيسأله عن كيانه وعن مدى استيعابه لدوره في الحياة ، ومدى استعداده لتأديته ، وما هي معوقاته .. بدل أن يُحاسبه على تقصير أو فشل لا يعلم ذاك العقل ما علاقته به .! ولا ينتظر هذا السائل من العقل جواباً عنه ..!

    ولا ريب أننا نـُدرك حالة انعدام الوزن - وعدم الحضور- التي تـُميـّز الفرد في عالمنا الإسلامي – لاسيما العربي ..
    حيث تتقاذفه التيارات والأوضاع السياسية الآمرة الناهية عملياً ، والفتاوى الدينية المُحلِّلَة والمُحرِّمة نظرياً ؛ والظروف البائسة اقتصادياً ؛ والروابط القبلية والطائفية والأعراف الاجتماعية ذات الطابع الترابطي الجماعي المُلزم ، والتي لا مناص للفرد من الانضواء تحت لوائها من أجل ضمان حصوله على الحد الأدنى من شروط الحياة الكريمة ...

    كل ذلك يجري في غياب المعادلة المنطقية العقلانية التي تحكم ضرورات الفرد ومحظوراته ومسئولياته في إطار واقعه العملي ..!

    حيث لا يملك الفرد إلا أن يحصل على الأمن والمسكن والمركوب والمعاش والقرض .. الخ ، وأن يؤدي الواجب الوطني - وفق مقتضيات الواقع المفروض ، والذي يتطلب- غالباً- التعامل بالرشوة والتملق والغش والخداع والرياء والمحسوبية - على مرأى ومسمع من الفتاوى والمفتين ..!

    ولا يشعر الفرد بالأمان والوجود الاجتماعي إلا إذا سار وفق أعراف القبيلة وفتاوى الطائفة ، والتي تستوجب عادة العنصرية والتعصب ومخالفة المنطق - بصرف النظر عن القناعات والمبادئ ..!

    ولذلك يحتار الفرد المسلم في أمر الفتاوى الدينية ، حيث أنها – نظرياً – مُلـزمة له كفرد ، في حين أنها – عملياً - جماعية أو مؤسساتية التنفيذ .. والمفتون يُدركون ذلك جيداً ..!

    ولم نسمع من علمائنا رأياً صريحاً واضح المعالم يُحدد مسئولية الفرد المسلم الذي يفتقد إلى أبسط المقومات العملية للحرية الشخصية والكيان الفردي ؛ في حين أن فتاواهم تخاطب الفرد المسلم وكأنه مواطنٌ في بلاد مثالية خيالية – إسلامية الدستور وغربية الواقع - حيث الحرية الفردية وسيادة القانون وضمان الحقوق ، ولا حُـجّـة للفرد في التقصير في لعب دوره وأداء رسالته ..!

    إن الطابع العمومي والشمولي للفتاوى الدينية ، وعدم التفصيل والتدقيق في حيثياتها عن مدى مسئولية الفرد ، وعدم أخذها للواقع الرسمي والشعبي - الإسلامي - والعربي على وجه الخصوص - بعين الاعتبار .. إن ذلك يُربك العقل المسلم ، ويؤدي إلى ظهور أفكار متناقضة تعتمد - أحياناً - على تأويلات متعددة لذات الآية أو ذات الحديث ..!

    وليس من باب المبالغة أو التهويل إذا قلنا أن إلزام الإنسان بما يفوق طاقته ويخرج عن نطاق سيطرته ولا يقوى على استيعابه ولا يجد عنه بُـدّاً .. أن ذلك بيئة مناسبة لظهور أفكار تكرّس الواقع المتردي من ناحية ، وتؤدي إلى تطور الفكر باتجاهات عشوائية متخبطة من ناحية أخرى ..!

    وأعتقد أن نتيجة ذلك هو ما نراه اليوم من صورٍ ثلاث - سائدة - للفكر في المجتمع العربي الإسلامي .. هي :

    1- فكر النفاق العملي غير المعلن – والذي يتعامل أتباعه مع الحياة على أساس أنه لا وجود للحقيقة والمصداقية ، وبالتالي فهم يرون أنه من العبث إضاعة الوقت في البحث عنها ..!

    2- فكر التطرف والعنف وظهور الجماعات المنغلقة المعادية للجميع – والتي يرى أتباعها أن من يدعو إلى فكر ما - فلا شك أن له منفعة من ورائه - فردية أو جماعية . ويعتقدون بأن الفكر يرسم الغاية ، وأن الواقع يُحدد الوسيلة ؛ وأن الفكر أسمى من حياة الإنسان ..!

    3- فكر اللامبالاة والهامشية والسطحية في التعاطي مع كل الأمور .. ونظراً لسهولة متطلبات هذا الفكر ، ومواءمته لبيئة الجهل ، وقدرته على الحياة في بيئة الفقر .. فإنه يحظى في عالمنا العربي الإسلامي بنصيب الأسد من الأنصار ..!

    وبين الفتاوى الملزمة بالواجب الديني ، والمسئولية المبهمة ، وضرورات الحياة ، والإرادة التي لا تكون إلا جماعية أو مؤسساتية ، وغياب البدائل وانعدام الرؤية أمام الفرد .. بين هذه وتلك .. غاب دور الإنسان المسلم الفرد - العربي - عن الساحة الفكرية وعن حمل المسئولية ..! وأضحى الكل يسمع النقد وينتظر التغيير ولا يرى نفسه معنياً بالأمـر ..!
    إذا سرَّكَ ألا يعود الحكيم لمجلسك .. فانصحه بفعلِ ما هو أعلم به منك !

  2. #2
    الصورة الرمزية محمد المختار زادني شاعر
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : المملكة المغربية
    المشاركات : 1,230
    المواضيع : 143
    الردود : 1230
    المعدل اليومي : 0.18

    افتراضي

    قرأت هذا الموضوع أكثر من مرة، فهو على شرفة قد يراها البعض شفافة بأديمها وحروفها، رغم أنها صارخة بما تحسه الأذن، بارقة بما يفرض على العين أن ترى من فيض صور الواقع الراهن!
    انتظرت أن أقرأ ردا أو نقدا أوتحليلا لمضمون هذا النص منذ ما يزيد عن الشهر فلم يتكرم أحد من النقاد
    بسطر ينفي أو يشرح أو يضيف ... لا أحد !!!
    أليس غريبا أن يمر أهل الواحة بموضوع يتناول الأزمة التي يعانيها الفكر دون أن يعيروه أدنى اهتمام؟

  3. #3
    الصورة الرمزية د. نجلاء طمان أديبة وناقدة
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    الدولة : في عالمٍ آخر... لا أستطيع التعبير عنه
    المشاركات : 4,224
    المواضيع : 71
    الردود : 4224
    المعدل اليومي : 0.68

    افتراضي

    عذرا لم أقرأه سوى الآن

    إن القضية المطروحة هنا للنقاش, إنما تنحصر ليس فقط في مسئولية الفرد تجاه الفتوى الدينية, ووقوعه بين فخ النظرية والتطبيق, إنما تمتد لتشمل الجماعة, من ثم المجتمع ككل, ثم تطبيق كل ما سبق تحت بند مجتمعي أشمل وهو الظروف الحياتية المتحكم فيها ظروف عصر وطغيان مادة. في أول الطرح لابد لنا أولا من التعرض لحقوق الفرد في مجتمعه, وربطها بظروف المجتمع , ثم دمجها مع الفتوى الدينية بما يتناسب مع الفرد. فهل جاءت الشريعة بتقرير لكل أنواع هذه الحقوق المدنية والدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية، الجماعية منها والفردية ؟؟ وهل راعت في ذلك احترام هذه الحقوق وحمايتها وضمانها -ضمانا شاملاً لكل بني آدم، أو لكل إنسان بوصفه إنساناً، وبوصفه إنساناً فقط لا أكثر من ذلك ولا أقل؟؟؟

    إن مصطلح "حقوق الإنسان" الذي نقرأه ونسمعه دوما ـ والمستعمل في الخطاب المعاصر ـ يشير إلى مجموعة الحقوق والمطالب الواجب الوفاء بها لكل البشر على قدم المساواة دونما تمييز فيما بينهم لأي سبب كان. ولكن هذا التعريف العام ليس مسلماً به لدى المجتمعات المختلفة؛ ذلك لأن نوع هذه الحقوق يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتصور الأساسي عن الإنسان ذاته، فإذا كان الإنسان فرداً حرًّا ذا كرامة وقيمة ويمتلك العقل والضمير، ويمتلك القدرة على الاختيار الأخلاقي والتصرف السليم، ويملك أيضاً الحكم الصائب على ما هو في مصلحته، فإن حقوق هذا الإنسان سوف تنبني على أساس هذا التصور. انطلاقا من هذا المبدأ, هل تخرج الفتوى معززة لهذه الحقوق الإنسانية بوجه عام والإسلامية بوجه خاص؟؟ أم أنها تنطلق كمشنقة تزهق روح الفرد الذي هو إنسان قبل أن يكون مسلما.

    فهل مستوى التأصيل النظري, يؤكد على العالمية والشمول , قبل أن يدخل في حيز التطبيق؟؟ وهل تم رصف طريق مدخلها الى التأسيس الإسلامي بتعبيد أهم طريقين للنظرية وهما التأسيس المعرفي الفلسفي, والتأسيس الشرعي الأصولي؟؟؟ ثم ماذا عن التأسيس الفقهي/ القانوني, من ثم التأسيس العلمي التطبيقي, هل تم مراعاة هذين البندين؟؟؟

    تساؤلات لإثراء النقاش , ربما أعود

    شذى الوردة عساه ليس ثقيلا!

    د. نجلاء طمان
    .
    الناس أمواتٌ نيامٌ.. إذا ماتوا انتبهوا !!!

  4. #4
    الصورة الرمزية بابيه أمال أديبة
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    الدولة : هناك.. حيث الفكر يستنشق معاني الحروف !!
    المشاركات : 3,047
    المواضيع : 308
    الردود : 3047
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي


    أليس غريبا أن يمر أهل الواحة بموضوع يتناول الأزمة التي يعانيها الفكر دون أن يعيروه أدنى اهتمام؟

    نظنك من أهل الواحة.. بهذا نستغرب نحن أيضا عدم إجابتك بما أن المدة التي قرأت فيها هذا الموضوع الهام تزيد عن الشهر..
    حسنا الحمد لله أن هناك من أهل الواحة الكثير ممن لم يشغلوا أنفسهم بعيدا عنها ولا شغلوا أنفسهم بالردود عن مواضيعهم بأنفسهم يا سيد "ياسر عبد الودود".. وكون مواضيعهم بقيت دون إجابة لحد الآن لا يعني عدم اهتمام الآخرين بها، فيكفي أقلام الصدق أن تكتب ما يخدم القارئ ولو بعد حين..

    مع مرور الوقت تتأكد وتتأكد إيجابية مشرف المنتدى الفكري "خليل حلاوجي" في الواحة.. نسأل الله له عودة قريبة وميمونة..

    سنبقي أنفسا يا عز ترنو***** وترقب خيط فجرك في انبثاق
    فلـم نفقـد دعـاء بعد فينا***** يــخــبــرنا بـأن الخيــر باقــي

  5. #5
    الصورة الرمزية بابيه أمال أديبة
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    الدولة : هناك.. حيث الفكر يستنشق معاني الحروف !!
    المشاركات : 3,047
    المواضيع : 308
    الردود : 3047
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي

    المسلمون مُستاءون من أوضاعهم –لاسيما العرب منهم . وغير المسلمين يتساءلون .! كيف لمن يدعو غيره إلى درب النجاة والفلاح .. أن ينسى نفسه أو أن يتجاهل واقعه أو يعجز عن تعمير بيته وإصلاح ذاته وذات بينه ..!

    سيد أبو بكر سليمان الزوي..
    إنك ممن يعي والحمد لله أن المطالبة بتصحيح طريقتنا في النظر إلى الأشياء المحيطة بنا كونه الكفيل بمساعدتنا على إدراك تلك الأشياء إدراكا صحيحا وسليما يتطلب جهدا بل جهودا فردية وجماعية مكثفة وطويلة المدى.. بهذا قد تشعر أن القارئين لمواضيعك الموجهة للعقل سيجدون أنه لا مندوحة لهم عن التفكير فيما تأت به من أفكار لا يمكن الإجابة عنها بكلمة شكر وكفى.. وإنك ممن نحسبهم عند الله يكتبون وتكفيهم خدمة القارئ أولا وأخيرا ولو بعد حين.. لهذا إن وجدوا نقاشات أخرى، فمرحبا، إن لم تكن الآن فقد يأتي وقت لها..

    حسنا ننتظر عودة ميمونة لخليل الواحة فبحق له مكانة العينين من الرأس بالنسبة لنا جميعا في منتديات الواحة الفكرية..
    ولي عودة بحول الله للرد على هذا الموضوع كونه يحتاج لأكثر من قراءة واحدة..
    احترامي لأفكارك..

  6. #6
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    لا أُزايد على إخلاصِ ومقدرةِ أحدٍ من أفراد أسرتي الغالية -بوطني الحبيب .. الواحة العزيزة .

    ومع ذلك اسمحوا لي أن أشكر شكراً جزيلاً كل من مر هنا ليُرهق نفسه قليلاً - ويُعطى من وقته كثيراً - ويُجهد عقله بالتأملِّ والتفكير مليّاً ، فيَخرُجَ بخياله من جماليات الأدب والوجدانيات والعاطفة التي تـُروّح عن النفس -إلى الفكر الذي يُقلق البال - إلى حيث الواقع والمَشَاهِد العملية .!

    إن مصطلح "حقوق الإنسان" الذي نقرأه ونسمعه دوما ـ والمستعمل في الخطاب المعاصر ـ يشير إلى مجموعة الحقوق والمطالب الواجب الوفاء بها لكل البشر على قدم المساواة دونما تمييز فيما بينهم لأي سبب كان. ولكن هذا التعريف العام ليس مسلماً به لدى المجتمعات المختلفة؛ ذلك لأن نوع هذه الحقوق يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتصور الأساسي عن الإنسان ذاته، فإذا كان الإنسان فرداً حرًّا ذا كرامة وقيمة ويمتلك العقل والضمير، ويمتلك القدرة على الاختيار الأخلاقي والتصرف السليم، ويملك أيضاً الحكم الصائب على ما هو في مصلحته، فإن حقوق هذا الإنسان سوف تنبني على أساس هذا التصور. انطلاقا من هذا المبدأ, هل تخرج الفتوى معززة لهذه الحقوق الإنسانية بوجه عام والإسلامية بوجه خاص؟؟ أم أنها تنطلق كمشنقة تزهق روح الفرد الذي هو إنسان قبل أن يكون مسلما.

    فهل مستوى التأصيل النظري, يؤكد على العالمية والشمول , قبل أن يدخل في حيز التطبيق؟؟ وهل تم رصف طريق مدخلها الى التأسيس الإسلامي بتعبيد أهم طريقين للنظرية وهما التأسيس المعرفي الفلسفي, والتأسيس الشرعي الأصولي؟؟؟ ثم ماذا عن التأسيس الفقهي/ القانوني, من ثم التأسيس العلمي التطبيقي, هل تم مراعاة هذين البندين؟؟؟
    تساؤلاتكِ أختي العزيزة د. نجلاء ، بالغة الدقة ، وهي من النوع والدرجة التي يطيب لي الخوض فيها ..

    ولكني هنا لم أنطلق من مقتضيات ومبادئ مصطلح حقوق الإنسان العالمي في تساؤلاتي ، بل انطلقت من واقعنا العربي الإسلامي الفكري ، الذي أنتج لنا وحدنا - أفراداً حائرين في أمـرهم ، متخبطين في رؤاهم ، مترددين في قراراتهم ، عاجزين عن استعمال عقولهم ، مستوردين للأفكار الجاهزة من حيث - وكيفما أتت .. بسبب تعطيل العقل لديهم ومنعه من إنتاج الأفكار ، وكذلك بسبب فقدانهم للميزان الفكري الذي ينتخب لهم الأصوب والأصح عند استيراد الأفكار ..
    وكل ذلك أُرجعه إلى ضبابية الرؤية أمام الفرد العربي المسلم - في غياب المعادلة المنطقية التي تحكم ضروراته الحياتية مقابل واجباته الدينية في ضوء واقعه العملي .! ودوره كفرد بسيط ضعيف فقير ، ومأمور -على كل المستويات .. دوره المعدوم في تلك المعادلة .!
    حيث أني وجدتُ اتفاقاً نظرياً مبدئياً -بين المُـفتي والمتلقي - على ضرورة الالتزام بالفتوى، ولكن ، ولأن الفتاوى ليست واقعية ، بما أنها تـُخاطب عقل الإنسان الفرد التابع المأمور ، وتغض الطرف عن واقعه الجَـمَاعي الآمـر - وكأنها تـُحمّله مسئولية نشوء وملابسات ذلك الواقع وتشعباته .. فإني وجدت الإنسان بالمقابل يلتزم بها نظرياً - وكأنه ينتظر واقعاً عملياً مناسباً لها ، ولكنه يُبدي التزاماً آنيّاً تاماً -كاذباً خادعاً بها .!
    فنتج عن ذلك اعتقاد وهمي لدى الإنسان بأنه مسلم مؤمن حقيقي - رغم أنه يكذب ويسرق ويُزوّر ويأكل المال بغير حق .. و .. و .
    وأضحى ينتقد غيره ويغتابهم ويطعن في إسلامهم لما يراه منهم ، متناسياً متجاهلاً أنهم مثلهم تماماً وربما فاقهم انحرافاً عن الفطرة .!
    وأصبحت مجتمعاتنا بالنتيجة تتكون من مجموع أفرادٍ ليسوا صادقين في جُلِّهم - قولاً وعملاً ؛ ينتقدون بعضهم ويـدّعي كلٌ منهم الحق ويجد لنفسه العذر ويُحـرّمه على سواه .!

    أنا أقول (والله أعلم) أن الفتاوى الدينية لدى المسلمين تصدر باسم الأمة ولصالح المجتمع .. وعلى حساب الفرد ودون مراعاة لواقعه ، ومتناسية أن الفرد هو اللبنة الأساسية ..!
    النتيجةُ بناءٌ أسميٌ للأمةِ ، وغيابٌ فعليٌ للفـردِ .!
    وكأن الحساب يوم الحساب سيكون جماعياً -للأمة - وليس فردياً كما نعتقد .!

    تحضرني في هذه اللحظة صورةٌ لواقعة عظيمة رواها لنا التاريخ عن الخليفة الثاني للمسلمين \ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ؛ والتي مفادها أنه قد أوقف العمل بحد الحرابة(سلبُ الممتلكات من أصحابها-جهاراً) ، وذلك في عامِ قحطٍ وجفافٍ مَـرَّ بالمسلمين .!

    أجد في ذلك حكمة بالغة .! حيث أن الخليفة قد أدرك أن الفقر والعوز وصعوبة الحياة في تلك الظروف ستؤدي بالمحتاجين - وهم كُثـر -إلى السرقة والحرابة -لا محالة .!
    وأن بيت مال المسلمين ليس قادراً على سد العجز المادي الذي ألـمَّ بالمجتمع .!
    وأنه ليس من المنطق ولا من الممكن قطع أيدي السارقين - عندما يكون الأمـر بذاك الحجم والعـدد .!

    ولذلك صار لزاماً على ولي الأمـر ابتكار رؤية فكرية أو فتوى دينية للمحافظة على كيان الفرد المسلم من الانهيار أمام تناقض الفكر مع الواقع ، والمحافظة على ثقته بعدالة دستور الأمة - ومن ثـَمَّ مصداقية الانتماء لها .!
    حيث أن ذلك الدستور هو الذي أوجب على الفرد طاعة ولي الأمـر ، وأوجب عليه الجهاد والزكاة .. فلا ينبغي أن يخذله فكرياً - عند مأساته وعجزه مادياً .!

    وفي ذلك دعوة للأغنياء بعدم التباهي والتفاخر بأموالهم -على الفقراء والمحتاجين . وأكثر من ذلك هي دعوة لهم بتحمّل مسئولياتهم كأفراد - تجاه المجتمع عندما يحتاجهم .!

    فلو أن الخليفة أمـر بتطبيق حد السرقة والحرابة - وهو يعلم أن من لم يسرق فإنه سيموت جوعاً .. فإنه بذلك يكون قد طلب المستحيل .!

    والأدهى من ذلك أنه سيكون قد أجبر المسلم - المحتاج -على الكذب والنفاق والخداع - تجنباً للقصاص .!

    وتبرز هنا عبقرية وحكمة الخليفة .. حيث أنه أدرك أن الكذب هو أوسع الأبواب وأيسر الأفكار أمام الخائفين ، وأنه أكثر الأمور سرعة في الانتشار بين المضطرين .! فحمى المجتمع من آفة الكذب القاتلة ، بأن سمح مؤقتاً للفقير بالسرقة .! لأن السرقة يمكن القضاء عليها لاحقاً - بسد الحاجة المادية ، أما الكذب فإنه ما أن ينتشر حتى يُدخِـل الإنسان في أوهام الأمل الكاذب والطموحات الكبيرة الخادعة ، ويزج بالمجتمع في أتون الظنون والغيبة والبهتان والهامشية .!

    وذلك مع بالغ الأسف هو ما نراه اليوم من إسلام أسمي ظاهري للأمة ، ونفاق وتردٍ للفكر وغياب للدور والوزن والصدق - على المستوى الفردي بشكلٍ كبير .. وهو نتيجة حتمية طبيعية لحالة التناقض بين الممكن والمفروض - التي يعيشها الإنسان العربي المسلم - مُجبراً .! والتي يُمنع في كثير من الأحيان حتى من حق التساؤل حولها .!

    أقول : أعتقد جازماً بأن تعقيد الأمور-باسم الدين - ومنع العقل من التفكير لوضع تصورات للخروج من واقع الأمة ، والتشبث بثوابت وتفسيرات محددة لعلاقة الإنسان بالدين والأمة ، والخوف اللامبرر على كيان وثوابت الأمة الإسلامية ، ومنع الناس من التساؤل حول غياب المنطق في حياة الفرد المسلم .. هو تكريسٌ لواقعٍ أليمٍ -ليس مبرراً ، يعيشه ويرفضه الجميع ، ويتجاهل أسبابه البعض - وهم يعلمون .!

    دمتم أيها الأحبة ..

  7. #7
    الصورة الرمزية بابيه أمال أديبة
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    الدولة : هناك.. حيث الفكر يستنشق معاني الحروف !!
    المشاركات : 3,047
    المواضيع : 308
    الردود : 3047
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي

    سلام الله عليكم..
    لأن أزمة اليوم ومآسيه تشترك فيها الكثير من الأيادي بقصد أو من دون قصد، حتى يد الفرد البسيط الذي يجهل عن أمر دينه الشيء الكثير، كانت الدعوة لزاما لتجديد الخطاب الفكري وتبسيطه أيضا تطوعا وتواضعا، وحتى تنازلا عن مبدأ المرتبات الفكرية العقيم من أجل إصلاح سارت مهمته أثقل ما يكون والحال عليه من السواد الذي يكبر ويكبر جارفا في طريقه كل شيء، حتى عقيدة بات اليوم بيننا وبينها آلاف الأميال..

    فبعد الدروس القاسية، والعبر البليغة المرة، التي تمثلت في الهزائم والنكسات سواء على صعيد الأمة العربية الداخلي أو الخارجي، فالمجتمع العربي ككل في حاجة ماسة إلى تجديد الخطاب الديني والذي على أساسه تُصلح كل من الميادين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتربوية، ويبقى نجاح تجديد الخطاب الديني بعد التوكل على الله رهن القدرة على تجديد الخطاب الفكري العربي بما في وسعه إصلاح ذات البين بين أفراد الأمة الواحدة والمتفرقة في الأفكار ثم الأفعال..

    ونظرة موضوعية واحدة إلى واقع أمتنا تخبر أن الفرد العربي يكاد يتوه ويضيع في هذه الفلسفات والمبادئ الجديدة المجتمعة عليه، والتي تضرب في اتجاه غير اتجاه الأخرى، والمفسرون القيمون عليها يتخبطون في تفسيرها، عن قصد أو من غير قصد.. وكلما هبت رياح الوحدة التي تريد أن تدفع هذه التيارات المتعاكسة المتضادة في اتجاه واحد، هبت رياح أخرى معاكسة تتحكم فيها العاطفة، وتشنج المشاعر بدون تعقل.. وفي نفس الوقت نرى الكثير من الأمم الأخرى تعمل عملها المنضبط بعيدا عن العواطف المتشنجة العقيمة والغير مرغوب فيها لإنتاج أفراد مجتمع ذوو فكر جمعوي متناسق الرؤى والأهداف.. وكوننا أفراد لهذا المجتمع العربي، فلا بد أن نعي أن ارتباطنا بالإسلام هو ارتباط لا انفصام عنه إلا بالانسلاخ مما جاءت به رسالته السماوية من شريعة شملت كل الجوانب الإنسانية.. كما أنه لا ريب في أن تكون لهذه الفلسفات والمبادئ الغير كاملة يد كبرى في إنتاج مآسي هذا الواقع العربي الغير مثبت فوق أرض صلبة وآمنة، يد قد ظلمت دين الإسلام حقا حينما قدمته إلى الناس على شكل قوالب صخرية مقدسة عوض تقديمه على أساس أن الشريعة تابعة للمصلحة السليمة وإذا تغيرت المصلحة تغير الحكم معها.. بهذا ظلم الإسلام أيضا حينما امتدت عبارات نصوص القرآن والسنة إلى نصوص أقوال الفقهاء ليتطور الأمر إلى عبادة القوالب والرموز من أجل تعطيل عقل الإنسان وقدراته وتأكيد عجزه أمام هذه المقدسات والفلسفات الجديدة التي نجحت في وضع الناس في جانب ووضع بعض نصوص الإسلام في جانب معاكس.. فكانت النتيجة تدمر بعض أفراد المجتمع من هذه النصوص فخسروا الدنيا والآخرة، وآخرين فضلوا الجمود الفكري والفعلي، وفئة عانت المشقة والحرج فحاولت أن تتفادى النصوص ولو بالقفز من فوقها.. وقلة قليلة من استطاعت أن ترفع رأسها لترى من بعيد مدى قدرة الإسلام ومرونته في إصلاح المجتمع من جميع الجوانب وأهمها جانب المعاملة والمسؤولية بعد أن أيقنت أن الله سبحانه وتعالى أرفق بالناس من بعض عباده.. وأنه عز وجل عندما أنزل القرآن الكريم مليئا بنصوص الأحكام والعبر والتوجيهات، جاءت أوامره الإلهية حافلة بالإشارات التي تقول صراحة وضمنا أن الأمر مرهون في النهاية بقدرة البشر وطاقاتهم التي يعلمها سبحانه.. ليبقى الشيء الأساسي الذي ألزم عباده به هو أنه جلت قدرته لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك.. فيما عدا هذا، فإن نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية بعدها أتت بمبدأ واحد: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وعليكم من الأعمال ما تطيقون..

    وبعيدا عن شريعة الإسلام الحقة والمرنة، وتماشيا مع هذه الأحكام المبنية على أساس عبادة النصوص والطقوس دون اجتهاد، وتسليما نسبيا بالصفة الأخلاقية للقيود التي يفرضها المجتمع العربي الجديد من خلال ما اقتبسته أحكام مسيريه من الدين والعرف والعادات، نرى أن الكثير من الأفراد لا يتصرفون التصرف الحسن في حدود الحرية الفردية المقدمة لهم على أساس عدم تعدي القيود الاجتماعية.. بهذا تجردوا من المسؤولية لحق المجتمع عليهم أولا.. ورفضوا بالتالي الحدود على السلوك الإنساني أيا كانت تلك الحدود دينية أو قانونية.. وهذا من أشد المواقف تطرفا في ممارسة الإنسان لأعماله بعيدا حتى عن حق تدخل مصلحة المجتمع في إقرار عدم ترك النفس تعمل ما تهواه وترغب فيه دون قيد أو شرط..

    وبما أنه لا القرارات الكتابية ستكفي إصلاح المجتمع، كما لن تكفيه القرارات الفعلية أيضا، اللهم إلا إذا فهم أغلب أفراد المجتمع وبجميع فئاته جدوى هذا الإصلاح.. كانت المطالبة بتجديد الخطاب الفكري رغبة بالوصول إلى دعوة ناجحة في تجديد الخطاب الديني والذي يتوقف عليه مصير أمة الإسلام بكاملها..

    ومع تزايد الأيام بمآسيها التي تكثر وتتنوع كل يوم، تتأكد لزومية العمل الجمعوي المصحوب بخطاب فكري جديد - له من المفاتيح ما يفك حتى شيفرة العقول الغير قابلة للرأي الآخر - ما يمكنه تخليصنا من الكثير من العثرات التي يمكن أن تصادف طريق أمة الإسلام الغير معبد بعد..

    أشكر جميع من شاركوا في هذا النقاش الذي اكتشفنا به مفكرة مختفية بين أفياء الواحة هي د. نجلاء التي حقا لها من الأفكار البناءة الشيء الكثير، بهذا سننتظر إن شاء الله مقالة فكرية لها..

    دمتم والخير..

  8. #8
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    أشكر الأخ أبو بكر على جرأته في الطرح لهذا الموضوع / الإشكال
    جرأة تعري من ورائها اللثام عن مواضيع / إشكالات عدة و تشعباث كثيرة.

    لي ملاحظات على الموضوع سأوردها تباعا عبر نقاط ملامسة للوضوح و الدقة في الطرح :

    * 1 * حول موضوعية الإشكال في الطرح

    سقط الموضوع في التعميم وهو ما يناقض موضوعية الطرح
    - تعميم في الأحكام :
    من قبيل أن الفتاوى ليست واقعية
    - تعميم في التشخيص
    تعميم حالة الانسان الملتزم نظريا و المنافق سلوكيا و كأنها الحالة السائدة

    كل هذا أدى في نظري لاستنتاج غير واقعي :
    جاء في الطرح :
    الفتاوى الدينية لدى المسلمين تصدر باسم الأمة ولصالح المجتمع .. وعلى حساب الفرد ودون مراعاة لواقعه ومتناسية أن الفرد هو اللبنة الأساسية
    النتيجةُ بناءٌ أسميٌ للأمةِ ، وغيابٌ فعليٌ للفـردِ .!
    وكأن الحساب يوم الحساب سيكون جماعياً -للأمة - وليس فردياً كما نعتقد .!
    اه
    أتساءل ما المقصود بالفتوى لصالح الفرد
    أرى أن الآفة في عكس الطرح
    مئات الفتاوى للفرد إفعل و لا تفعل , بالمقابل هناك نضوب في الفتاوى المجتمعية التي نحتاجها للاسهام في عملية الاصلاح
    و ان كان الامر لا يستقيم الا بهما معا الفرد كلبنة في المجتمع و المجتمع كمحدد ومؤثر في حياة الفرد

    *2* الشريعة بين متعلقات الفرد و المجتمع (المؤسسة)
    جاء في الموضوع :
    يحتار الفرد المسلم في أمر الفتاوى الدينية ، حيث أنها – نظرياً – مُلـزمة له كفرد ، في حين أنها – عملياً - جماعية أو مؤسساتية التنفيذ .. والمفتون يُدركون ذلك جيدا
    ً ..!
    الذي أعرفه أن أغلب أحكام الشريعة موجهة للفرد و تطبيقها موكول للفرد
    هنا نتحدث عن فروض العين و فروض الكفاية الأول للأفراد و الثانية للافراد في مجتمع.
    أزيد من تسعين بالمأة من الأحكام و الفتاوي يطبقها الفرد كعضو في المجتمع بدون حاجة الى مؤسسة و حكومة ... بشكل ملزم

    *3* الشريعة صالحة لكل زمان ومكان

    إذا ما علمنا أن مراد الشرع هو المصلحة و أن الفتوى تنزيل للشرع على الواقع
    و أن الشريعة أمر مقدور في كل واقع
    زال الغموض
    إذا ما عدنا الى قصة الخليفة الفاروق المذكورة في الموضوع يمكننا التمييز في الأحكام بين متعلقات الفرد و متعلقات النظام / الحاكم
    الزنى مثلا الحرمة على كل الأفراد
    و تطبيق الحد على الحاكم
    ضرورة التمييز بين الحكم و بين إقامة الحد
    فعمر بن الخطاب لم يلغي الحكم و إنما عطل الحد لمدة و لضرورة .
    و الحدود اليوم معطلة إلا أن الحكم ثابت


    *4* الموروث بين المقدس و التاريخانية

    كثيرا ما يتحدث البعض عن تاريخية الفتوى و الأفكار و هذا أمر مقبول إلا أن هناك من تحدث عن تاريخية النصوص أي المقدس و هنا الاشكال
    لا بد من التمييز بين الثوابت و المتغيرات
    و الا كنا أمة بلا هوية
    و التنصل من الموروث يحيلنا إلى أمة بلا تاريخ
    و هذه ليست دعوة للارتكان الى الماضي بقدر ما هي دعوة للدراسة و البحث في هذا الماضي لبناء الغد المشرق
    و إلا لما تحدث القرآن الكريم عن قصص السابقين و الأقوام الغابرين



    *5* تساؤلات

    هل الشريعة تبعية فكرية تاريخية أم أحكام ربانية ارتضاها لنا؟

    نعيش اليوم تنازعا بين واقع متخلف يطغى فيه الفساد و بين أوامر ربانية للصلاح و الاستقامة, أيهما ينبغي تغييره الفتوى و الاحكام لتطابق الواقع المتخلف الفاسد,أم الواقع ليكون أرضا طيبة للصلاح و الاستقامة ؟
    ثم هل شيوع الربى مثلا يشكل تبريرا لتعاطيها أم أن الأمر موكول للضرورة ؟
    أرى أن الأمر قد استبان

    ما هي حدود كل من النقل و العقل ؟ أيهما يقدم على الآخر؟


    تحياتي لكل المشاركين
    تظل جماعات من الأفئدة ترقب صباح الانعتاق,لترسم بسمة الحياة على وجوه استهلكها لون الشحوب و شكلها رسم القطوب ,يعانقها الشوق و يواسيها الأمل.

  9. #9
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    السلام عليكم جميعاً ..

    الأخ الكريم \ عبد الصمد حسن زيبار ، فكرة الموضوع لا تختلف كثيراً عن طرحك ، حيث أنها تنتقد اقتصار توجيه الفتاوى للأفراد ، وعدم وجود فتاوى مُلزِمة للمجتمعات - ممثلة في الدول والمؤسسات .!
    على كل حال .. أُحببت أن أُذكّـر بأن الفتاوى المقصودة هنا هي ما يصدر من أحكام تشريعية -دينية - فيما يخص حياة الإنسان ومسئوليته الفردية ، وفق استطاعته وإمكاناته ، بالنظر إلى واقع الحال .!
    أتساءل ما المقصود بالفتوى لصالح الفرد .. أرى أن الآفة في عكس الطرح .. ، مئات الفتاوى للفرد إفعل و لا تفعل , بالمقابل هناك نضوب في الفتاوى المجتمعية التي نحتاجها للاسهام في عملية الاصلاح ، و ان كان الامر لا يستقيم الا بهما معا الفرد كلبنة في المجتمع و المجتمع كمحدد ومؤثر في حياة الفرد
    أخي الفاضل .. لم نختلف إذاً ، فهذا ما أقول به أنا كذلك ، فكل الفتاوى موجهة للفرد -إفعل ولا تفعل ، دون أن تأخذ هذه الفتاوى في حسبانها أن الحياة لم تعد بسيطة بدائية سهلة -بمتناول الفرد- كما كانت سابقاً ، وأن الفرد في عصرنا لم يَعُـدْ حراً - وفي كل الاتجاهات تقريباً .. بل هو حلقة في سلسلة ، وينبغي أن تستقيم تلك السلسلة حتى يستقيم أمـر الفرد ويتمكن من الالتزام بالفتاوى الشرعية .
    فالفرد محكوم في طبيعة عمله ، ويوميات حياته ، ووسائل وضوابط الحصول على مستلزماته من مسكن ومركوب .. الخ . فهو مُجبرٌ على التعامل مع المصارف (البنوك) مثلاً .. وجلّ معاملات المصارف تحوم حولها الشبهات ، ولم تصدر فتاوى تـُلزم الدول والمؤسسات العربية الإسلامية بالتعامل وفق الشريعة ، بينما تصدر الفتاوى للفرد بالتشكيك في إسلامه إن هو أقدم على التعامل مع تلك المصارف والمؤسسات .. مع العلم أنه لا يملك إلا أن يتعامل معها .!

    فكل هذه الأمور أضحت مؤسساتية - تتحكم في آلياتها الدولة ، وليس بمقدور الفرد الالتزام بالفتاوى التي تتعارض مع قوانين المجتمع .
    والنتيجة هي أن الفرد يتعامل وفق المتاح له في المجتمع ، بينما الفتاوى بصفة عامة تـُحلل وتحرّم .
    والمتابع للمجتمعات العربية الإسلامية عن بُعد يظن أن تلك الأمور مُحرّمة في هذا المجتمع ، بينما يرى المراقب عن قرب لمجتمعاتنا أن الفتاوى ليست مُطبّـقة .. وذلك بسبب عدم واقعيتها (استحالة تطبيقها من قبل الأفراد) .! .. وهذا أمـرٌ من الخطورة بمكان . فالحمكة تقول : إن أردتَ أن تـُطاع فأمر بالمستطاع .!


    والله سبحانه وتعالى يقول إنه لا يُكلف نفساً إلا وسعها .
    والخطورة تبرز في أن الفتاوى تـُحـرّم أموراً ليس للإنسان بديلا عنها .!

    فمثلاً هنالك من أفتى بتحريم بيع السجائر - دو استثناء - مع علمه أن عائلاتٍ كاملة تعيش من وراء هذه التجارة بسبب الفقر وعدم وجود البدائل .!

    فماذا يكون شعور الأفراد العاملين بهذه التجارة .! وماذا تكون نظرة المجتمع لهم .!

    وهنالك من حـرّم الأكل والصلاة في البيوت التي تم بناؤها بالقروض المصرفية (الربوية) .!

    ما المطلوب من الفرد البسيط الفقير الذي لم يوفـّر له المجتمع سبيلاً للحصول على مسكن ووسيلة نقل - سوى بالقروض والسُلف الربوية .؟
    2* الشريعة بين متعلقات الفرد و المجتمع (المؤسسة)

    جاء في الموضوع :
    يحتار الفرد المسلم في أمر الفتاوى الدينية ، حيث أنها – نظرياً – مُلـزمة له كفرد ، في حين أنها – عملياً - جماعية أو مؤسساتية التنفيذ .. والمفتون يُدركون ذلك جيداً ..!
    الذي أعرفه أن أغلب أحكام الشريعة موجهة للفرد و تطبيقها موكول للفرد



    هنا نتحدث عن فروض العين و فروض الكفاية الأول للأفراد و الثانية للافراد في مجتمع .
    أزيد من تسعين بالمأة من الأحكام و الفتاوي يطبقها الفرد كعضو في المجتمع بدون حاجة الى مؤسسة و حكومة ... بشكل ملزم



    أخي الكريم .. عندما يُتهم الإنسان بأنه يتعامل بالمحرمات ، وأن ممتلكاته ورزقه حرام .. فإن انحرافه الكامل سيصبح نتيجة محتملة -إن لم نقل حتمية ، وذلك تحت ضغط ضرورات الحياة - من جهة ، والفتاوى الغير منصفة والغير واقعية - من جهة أخرى .!


    *3* الشريعة صالحة لكل زمان ومكان
    إذا ما علمنا أن مراد الشرع هو المصلحة و أن الفتوى تنزيل للشرع على الواقع و أن الشريعة أمر مقدور في كل واقع



    زال الغموض إذا ما عدنا الى قصة الخليفة الفاروق المذكورة في الموضوع يمكننا التمييز في الأحكام بين متعلقات الفرد و متعلقات النظام / الحاكم


    الزنى مثلا الحرمة على كل الأفراد

    و تطبيق الحد على الحاكم
    ضرورة التمييز بين الحكم و بين إقامة الحد

    فعمر بن الخطاب لم يلغي الحكم و إنما عطل الحد لمدة و لضرورة .
    و الحدود اليوم معطلة إلا أن الحكم ثابت




    هنالك فرق شاسع بين إيقاف العمل بالحدود-بأمر علني وفتوى شرعية من قبل العلماء وأولياء الأمـر -عندما يتطلب الواقع ذلك .. وبين أن تكون الحدود قائمة نظرياً - بينما يتم تجاوزها سرياً -بواسطة الأفراد -بسبب ضروراتهم .!

    الفرق شاسع هنا .. لأن إيقاف الحدود بشكل علني من قِبل ولي الأمـر - هذا يُعطي للحدود الدينية هيبتها ومصداقيتها ، ويتوافق مع قول الحق- لا يُكلّف الله نفساً إلا وسعها .!

    بينما تعطيل الحدود بشكل عشوائي وبشكل فردي - رغم عدم وجود فتوى بتعطيلها .. فإن ذلك مدعاة للفوضى ، ويُفقد الحدود هيبتها .. والعياذ بالله .!

    وما يجري اليوم هو تثبيت لحدود غير قابلة للتطبيق .! وبالتالي كما قلنا سابقاً أصبحت الفتاوى قائمة بالتحريم .. بينما الواقع ينتهك تلك الفتاوى بسبب عدم واقعيتها .. أي بسبب أنه ليس بوسع الإنسان تطبيقها .!
    *5* تساؤلات

    هل الشريعة تبعية فكرية تاريخية أم أحكام ربانية ارتضاها لنا؟
    نعيش اليوم تنازعا بين واقع متخلف يطغى فيه الفساد و بين أوامر ربانية للصلاح و الاستقامة, أيهما ينبغي تغييره الفتوى و الاحكام لتطابق الواقع المتخلف الفاسد,أم الواقع ليكون أرضا طيبة للصلاح و الاستقامة ؟
    ثم هل شيوع الربى مثلا يشكل تبريرا لتعاطيها أم أن الأمر موكول للضرورة ؟

    أرى أن الأمر قد استبان

    ما هي حدود كل من النقل و العقل ؟ أيهما يقدم على الآخر؟




    الشريعة ليست تبعية فكرية ، ولكن كيف نفهم الشريعة وكيف نطبقها .. هنا بيت القصيد .!




    الفكرة الأساسية التي يُعالجها الموضوع هي : الإجحاف في حق الفرد العربي المسلم ، بسبب وقوعه بين مطرقة ضروراته الحياتية وواقعه العملي .. ، وسندان الفتاوى الدينية التي تـُصرُّ على تطبيق الحدود بغض النظر عن الواقع العملي ، ودون النظر إلى ظروف الفرد ، ودون النظر إلى أن حياة الإنسان باتت ترتبط بقوانين المؤسسات .!

    مما أدى إلى وجود إنسان عربي مسلم لا يعي تماماً حدود مسئوليته ، فيسمع الفتاوى التي تـُحـرّم ويتعامل مع الواقع الذي يناقضها - وفق ضروراته ، ويُسيطر عليه شعور بأنه منحرف دينياً بسبب الفتاوى .!


    السؤال : كيف نطلب من المسلم الفرد أن يكون مثالاً للإنسان المسلم التاريخي النظري - بشكل واقعي عملي .. ، إذا كنا نعلم أن أوضاعه الاقتصادية ومؤسسات المجتمع ومتطلبات الحياة .. تفرض عليه بعض التجاوزات .!





    الحديث هنا ليس عن الزنا ولا عن الخمر ولا قتل النفس بغير الحق ، ولا أكل الميتة .. الخ .. فهذه حدود ثابتة ، وهي ليست من ضرورات الحياة .!
    إنما الحديث عن كل ما يتصل بحياة الإنسان وضروراته التي يفرضها الواقع وتـُحرّمها الفتاوى .!


    ولذلك تطـرّقنا إلى فتوى الخليفة عمر بن الخطاب ، التي أثبتت أن الدين يتفاعل مع حاجيات وضرورات الإنسان - بشكل واضح ، فلا يُجبره على تجاوز الحدود بشكل فردي سرّي ، ولا يُجبره على فعل ما لا يستطيع .!




    أهلاً بك أخي الفاضل ، وأشكر لك تعاطيك مع الأمر بشفافية وتفصيل .

  10. #10
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    أصل المشكلة في عدم تمكن البعض من الفصل بين حدود الفردية والمجتمعية ...
    خصوصاً عندما ساهمت القوانين الاجتماعية في تشويش هذا الخط الفاصل ...


    ما نحتاجه حقاً من النخب الفكرية اليوم ...

    هو بعث فكرة التوازن بكل عمومياتها ... التوازن بين الفرد والمجتمع
    التوازن بين الملكية الفردية ورأس المال
    التوازن بين الحاكم والمحكوم
    التوازن بين المقدس وبين البشري ..

    التوازون يختلف عن الوسطية وقد يتعارض معها ... فتأمل

    \

    جزيتما الجنة
    الإنسان : موقف

المواضيع المتشابهه

  1. المثابرة والإرادة
    بواسطة باسم سعيد خورما في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 27-07-2014, 01:08 AM
  2. الفروق الفردية فى القرآن
    بواسطة رضا البطاوى في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 04-06-2014, 12:21 AM
  3. إنصاف المرأة بين النظرية والتطبيق
    بواسطة عبد الرحيم بيوم في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 22-04-2013, 02:03 PM
  4. بين النظرية و التطبيق..
    بواسطة ندى يزوغ في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 08-11-2008, 07:02 PM