أحدث المشاركات
صفحة 2 من 8 الأولىالأولى 12345678 الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 74

الموضوع: من أحق بالنص كاتبه أم ناقده ؟

  1. #11
    الصورة الرمزية عطاف سالم شاعرة
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    الدولة : في قلب النور
    المشاركات : 1,795
    المواضيع : 112
    الردود : 1795
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة انتصار صبري مشاهدة المشاركة
    عزيزتي عطاف السماوي
    أنا أحترم قلمكِ وشخصكِ
    ولكن لا تتهميني بكلمات أظن أنها لا تنطبق عليكِ
    ولا وجهتها إليكِ وحديثي بمنتهى الهدوء ليس كما ذكرتِ
    وأظن ردي واضح
    كل ما ذكرته
    أحب أن أقول لكِ عزيزتي أن المجاملات تقتلنا والنقد له الحق في كشف رؤية العمل الأدبي
    هل هذا الكلام موجه لكِ أم أنه عام
    وفي أي شيء جاملتِ؟
    لا أراكِ جاملتِ في أي موضوع حتى أوجه لكِ هذا
    يا عزيزتي أعتقد ردي واضح
    أنا لا اتهمك بالمجاملة ولا وجهت شيء ضدك
    بل لكل منا وجهة نظره
    ولا أحد ينكر إبداعكِ أبداً ولكن كان لي نقطة خاصة تناولتها هنا
    واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية
    دُمتِ بخير وكل عام وأنتِ بخير
    :
    مرحبا بعودتك من جديد ...
    أعود أقول عزيزتي بماهو لصيق بالموضوع أنه ليس من حقي تناول تعليقك البديع هذا بالنقد والتأويل أو التحايل عليه ولي عنقه طوع ارادتي أو حتى التقويض والتشكيك فيه فأنت أدرى بخباياه ورحم الله عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قال نحن نحكم بالظواهر ونوكل أمر السرائر إلى الله سبحانه وتعالى ...
    أقدر لك ثقافتك النقدية البديعة
    وأقدر لك اتفاقك الأخير معي
    وأشكر لك إطرائك وثنائك.... بارك الله فيك
    دمت بخير..

  2. #12
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2006
    الدولة : في عقل العالم ، في قلب الحكايات
    المشاركات : 1,025
    المواضيع : 36
    الردود : 1025
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي

    السادة والسيدات النقاد والأدباء ممن يرد هذا المتصفح ،

    كم ـنا سعيد بهذا الطرح الذي يمكن أن نصل من خلاله إلى تشكيل رؤية نافحة تحسب لنا جميعًا أهل الواحة ، لكن أيها الأحبة في نفس الوقت ليس هذا المتصفح للاستعراض أو الإغضاب والمغاضبة ، لذا أهيب بكم الموضوعية ، والهدوء في الطرح والنقاش ، ولأنكم جميعًا أهل علم وذوق وذائقة أتمنى أن نتحاور بهدوء ، فربما أتم الرأي رأيًا ، وأتم الفكر بادئة فكر ، وأعطى الطرح رؤية . والأساس في كل هذا هو اتفاق الهدف ، وهدفنا هنا التميز لتكون رؤاكم محج كل باحث عن علم ، وفن ، وجمال .
    الموضوع ليس شخصيًا بالمرة ، والنقد علم ذو شجون ، والحديث فيه قد يجلب الثورة التي اسنا في حاجة لها ، ربما نختلف ، لكن علينا أن نختلف ونبقى أصدقاءً لا يشن أحدنا حربًا لا طائل منها ، والمكتبة العربية ذاخرة بالمؤلفات قديمها وحديثها ، أصيلها ومترجمها ، ومنحولها ، ومغرضها أيضًا وللنقد أجنحة من أخذ بها حلق ، وأخرى من أخذ بها دقت عنقه ساقطًا ، والنص منسوب لصاحبه ، ملك له كما أسلفت ، وللنقاد والقراء أن يتناولوه تفصيلاً وتشريحًا ونقدًا وإبداء رأي ، وصاحب النص يكتبه ، فإن كان من أصحاب الملكة النقدية فهو الحابس له الممتحن خصاله ، وإن كان من أهل الكتابة فقط فهو الوالد المنتسب له ابنه نجح أم فشل الابن وفي كلا الأمرين النص ليس منزهًا عن النقد بل النقد رافع النص إلى الدرجة التي يستحقها ، أو موقفه عند حده وهو الغث الضعيف ،والناقد على أية حال مرشد وليس قيمًا ، فإن كان من أهلا الطبع والعلم فهو الملبس النص حلية يزدهي بها ، وإن كان من أهل المزاج والهوى ـ وإن كان ذا علم ـ فهو المفتري على النص وصاحبه ؛ يرفعه حين الرضا ويسقطه حين الغضب .

    ايها الكرام ، لتكن الموضوعية والرأي المبرر ديدننا ، وليكن الاستشهاد نصًا يخدم الرأي ، وزيادة تعليمية قبل أن تكون تعليلية ، وقوائم الكتب مفيدة لمن أراد القراءة ، وليست وسيلة تعجيز وتسفيه ، والعقل سيد كل المواقف ، والذائقة عمود النقد ، ولم يحتل المنزلة من أهل النقد إلا أصحاب الذوق والرأي العالمين كيف يكون القول ، وكيف يكون التتبع للحالة والتجربة ، والنص تجربة ذاتية ، يعيشها صاحب النص أو يبتدعها ، والناقد لا يمكنه قتل الأديب ليكون سيد الموقف ، والتقنين في النقد على اختلاف مشاربه لم ينضب نبعه ما فاضت القرائع بالنصوص ، أما تطوير النظرية النقدية على أساس نظرية نقدية فمنتهاها إلى النصوص وإلا باتت جافة سقيمة يدب بها المرض فلا تنمو ، وإذا كان الناقد يتخذ النصوص متدربًا عليها لإبداع رأي نقدي ، فلا خير في علم بذغ لخدمة صاحبه وشهرته فقط ، وإنما العلم هو ما انتفع به السواد الأعظم ، والكتابة والنقد توأمان لأب وأم ، أما الأب فهو العقل ، وأما الأم فهي النص بذوقه وفنيته وجدته وتجربته .

    هذا قول أرجو به أن نسلك المسلك الأخوي بعلمية ورأي لا بالشجار والعنت .

    محبتي واحترامي

    مأمون

  3. #13
    الصورة الرمزية عطاف سالم شاعرة
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    الدولة : في قلب النور
    المشاركات : 1,795
    المواضيع : 112
    الردود : 1795
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    وصاحب النص يكتبه ، فإن كان من أصحاب الملكة النقدية فهو الحابس له الممتحن خصاله ، وإن كان من أهل الكتابة فقط فهو الوالد المنتسب له ابنه نجح أم فشل الابن وفي كلا الأمرين النص ليس منزهًا عن النقد بل النقد رافع النص إلى الدرجة التي يستحقها ، أو موقفه عند حده وهو الغث الضعيف ،والناقد على أية حال مرشد وليس قيمًا ، فإن كان من أهلا الطبع والعلم فهو الملبس النص حلية يزدهي بها ، وإن كان من أهل المزاج والهوى ـ وإن كان ذا علم ـ فهو المفتري على النص وصاحبه ؛ يرفعه حين الرضا ويسقطه حين الغضب .......

    ما أبلغ ماكتبت هنا !
    أضم صوتي إلى صوتك أيها الأديب الناقد فنحن فعلا في حاجة إلى إفاقة وإثارة وتثوير للفكر وانعاش حقيقي للعقل وتحفيزه في حوار أخوي لطيف الغرض منه جني فائده أو نشرها
    والنص الذي لايثور لايؤثر ..
    لكن لايفوتني أن أذكرك أنت أيضا أستاذ مأمون بانتهاج الهدوء وتوخي الإنصاف والموضوعية ... بارك الله في قلبك وقلمك
    تحية لك خاصة وللدكتور عمرهزاع وللأخت انتصار
    ولي عودة لاستكمال ماوعدتك به
    كن بخير ..

  4. #14
    الصورة الرمزية د. عمر جلال الدين هزاع شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2005
    الدولة : سوريا , دير الزور
    العمر : 50
    المشاركات : 5,078
    المواضيع : 326
    الردود : 5078
    المعدل اليومي : 0.75

    افتراضي

    بورك فيك أخي المغازي الحبيب
    وبرأيك المفيد
    ولتسمح لي بوضع أمثلة وشواهد عن قدرة الناقد الحق
    في سبر أغوار نص الأديب
    أو العكس تماماً في عجزه وعدم اتقانه لأساليبه
    بل وجهله بما يظن نفسه قادرًا عليه
    وفي ردي التالي
    ما سيوضح ما أعنيه
    مع ودي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #15
    الصورة الرمزية د. عمر جلال الدين هزاع شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2005
    الدولة : سوريا , دير الزور
    العمر : 50
    المشاركات : 5,078
    المواضيع : 326
    الردود : 5078
    المعدل اليومي : 0.75

    افتراضي

    وهذه ثاني الزيارات مع ثاني النقاط فاسمحوا لي بها , وها انذا أقول :
    ـ ثانيًا :
    ـــــــ
    يحتاج كل نص أدبي إلى ناقد أو دراسة نقدية لفتح منافذ الجمال أمام النظارة أو إظهار دقائق البلاغة و الأعجاز البياني أو الفرادة في التأليف و التي تستعصي على قارىء عادي أن يلم بها لولا جهد النقد و يده الطولى في الوصول بالقراء إلى مكامن الجمال و علل الضعف في آن معًا
    فلا النقد بوسيلة من وسائل التملق ولا هو بمعول من معاول الهدم
    وإنما هو أداة بين هذا وذاك لها فضل زيادة الحسن حسنًا وفق نهج و أصول , ومنع الزلل من أن يمتد باعًا بعد باع , وذراعًا بعد ذراع في نص أدبي عرض على القراء
    وكل هذا
    وفق منهج النصح و حسن تخير اللفظ و القول بما ينفع بعيدًا عما يصدع
    مع سابق علم وسعة ثقافة واطلاع
    وليس مجرد هوى وظنون
    فلو تحدثنا مثلًا عن الاستعارة في الأدب , لعرفنا أنها قسمت لنوعين أحدهما مفيد و الآخر دونه ( غير مفيد )
    ولو قلنا أن وضع صفات المستعار منه في مواضعها في الموصوف تتسق وفق أحدهما فهنا سينتج لدينا ضربان أحدهما مقبول و الآخر مرفوض
    وهذا عمل النقد
    ولننظر فيما يقوله الجرجاني في هذا البيت :
    ( فما رَقَد الوِلْدانُ حتـى رأيتُـهُ عَلَى البَكْرِ يَمْرِيهِ بِسَاقٍ وحَافِر
    فقد قالوا إنه أراد أن يقول: بساقِ وقَدَمٍ، فلما لم تطاوعه القافية وضع الحافرَ موضع القدم، وهو وإن كان قد قال بعد هذا البيت ما يدلُّ على قَصْدِه أن يُحسنَ القولََ في الضيف، ويُباعده من أن يكون قَصَدَ الزراية عليه، أو يَحولَ حول الهزء به والاحتقار له، وذلك قوله:
    فقلتُ له أهْلاً وسَهلاً ومَرْحباً بهذا المُحيّا من مُحَيٍّ وزائرِ
    فليس بالبعيد أن يكون فيه شوبٌ مما مضى، وأن يكون الذي أفضى به إلى ذكر الحافر، قَصْدُه أن يصفه بسوء الحال في مسيره، وتقاذُفِ نواحي الأرض به، وأن يُبالغ في ذكره بشدّة الحرص على تحريك بَكْره، واستفراغ مجْهودهِ في سيره
    )
    وهذا كله , لأن الشاعر قد استعار الحافر في وصف قدم ضيفه
    فهذا من نوع الاستعارة غير المفيدة
    وعلى العكس منها يقع هذا :
    مدَّتْ يدي أشواقها مدَا ـــــــــ فازَّاورَ الإلحاحُ و اشتدّا
    وهو مطلع قصيدتي ( مولاة قلبي )
    فعلى الرغم من أن الأشواق ليس لها يد لكي تمدها معبرة عن لواعج النفس التي تعتمل في حنايا المحبوبة
    إلا أنها استعارة فريدة مفيدة
    وليس لناقد أن يمر ببيتي هذا فيثلبه
    من منطلق أن المستعار له قد اختص باستعارة غير جائزة
    لأن الفارق شاسع هنا
    ويحتاج لعين بصيرة و ذائقة خبيرة و فهم وعلم واسع بأساليب البلاغة وصنوفها
    وكي أوضح الفارق بين هذا وذاك
    سأتم المثال الذي قدم له الجرجاني في أساليب البلاغة صفحة 12 - 13 وهو مثال لما قدمت في بيتي السابق :
    وغدَاةَ ريحٍ قد كَشَفْتُ وقِـرَّةٍ إذ أصبحَتْ بيَدِ الشَّمالِ زِمَامها
    ( هذا بيت للبيد نلاحظ فيه : والكلام للجرجاني )
    ( أنه جعل للشمال يداً، ومعلوم أنه ليس هناك مُشار إليه يمكن أن تُجْرَى اليد عليه، كإجراء الأسد و السيف على الرجل في قولك انْبَرَى لي أسدٌ يَزْئِرُ و سللتُ سيفاً على العدوّ لا يُفَلُّ، و الظباء على النساء في قوله "الظباء الغِيدِ" و النور على الهُدَى والبيان في قولك أبديتُ نوراً ساطعاً وكإجراء اليد نفسها على من يعزُّ مكانه كقولك أتنازعني في يدٍ بها أبطِشُ، وعين بها أبصرُ تريد إنساناً له حُكْم اليد وفعلها، وغناؤها ودَفْعُها، وخاصّةُ العين وفائدتُها، وعزّة موقعها، ولطف موضعها لأنّ معك في هذا كله ذاتاً يُنَصُّ عليها، تَرَى مكانَها في النفس، إذَا لم تجد ذكرها في اللفظ، وليس لك شيءٌ من ذلك في بيت لبيد، بل ليس أكثر من أن تُخَيّل إلى نفسك أن الشَّمال في تصريف الغَداة على حكم طبيعتها، كالمدبّر المصرِّفِ لما زمامُه بيده، ومَقادتُهُ في كفّه، وذلك كلُّه لا يتعدَّى التخيُّلُ والوَهْم والتقدير في النفس، من غير أن يكون هناك شيء يُحَسُّ، وذاتٌ تتحصَّل، ولا سبيل لك أن تقول: كَنَى باليد عن كذا، وأراد باليد هذا الشيء، أو جَعَل الشيءَ الفُلاَنيَّ يداً كما تقول: كَنَى بالأسد عن زيد، وعَنَى به زَيداً، وجعل زيداً أسداً، وإنما غايتُك التي لا مُطَّلعَ وراءها أن تقول: أراد أن يُثبت للشمال في الغداة تصرُّفاً كتصرُّف الإنسان في الشيء يقلّبهُ، فاستعار لها اليد حتى يبالغ في تحقيق الشبَهِ، وحُكْمُ الزمام في استعاراته للغداة حكم اليد في استعارتها للشمال، إذ ليس هناك مشارٌ إليه يكون الزمامُ كنايةً عنه، ولكنه وفَّى المبالغةَ شَرْطها من الطرفين، فجعل على الغداة زماماً، ليكون أتمَّ في إثباتها مصرَّفةً، كاجعل للشمال يداً، ليكون أبلغ في تصييرها مُصَرِّفة )
    ,,,,
    ومن هذا المنطلق
    لابد للناقد أن يلم بما هو مقبول و جيد وما هو أجود , وما دون ذلك ..
    لا أن يحكم هواه في نصوص الآخرين فيفرض سلطة ظنونه على إبداعهم فيقول عن كلمة أنها حشو , في حين أن الجملة لا تتم بغيرها ولا تجمل بسواها
    وفي هذا يقول شيخنا الجرجاني معللًا :
    ( حتى إنّ فَضْلَ تلك الحسنة يبقى لتلك اللفظة لو ذُكرتْ على الانفراد، وأزيلت عن موقعها من نظم الشاعر ونسجه وتأليفه وترصيفه، وحتى تكون في ذلك كالجوهرة التي هي، وإن ازدادت حُسناً بمصاحبة أخواتها، واكتست بهاءً بمُضَامَّة أترابها، فإنها إذا جُلِيتْ للعين فَرْدةً، وتُركت في الخيط فَذَّة، لم تعدم الفضيلة الذاتية، والبهجة التي في نفسها مَطويَّة والشَّذْرةِ من الذهب تراها بصُحْبة الجواهر لها في القلادة، واكتنافها لها في عنق الغَادة، ووَصْلها بريقَ جَمرتها والتهاب جَوْهَرها، بأنوار تلك الدُّرَر التي تجاورها، ولألاء اللآلئ التي تُناظرها تزداد جمالاً في العين، ولُطْف موقِع من حقيقة الزين، ثم هي إن حُرِمت صُحبة تلك العقائل، وفَرَّقَ الدهرُ الخؤُون بينها وبين هاتيك النفائس، لم تَعْرَ من بَهْجتها الأصيلة، ولم تذهب عنها فضيلة الذَّهبية )
    ,,,,
    يتبع ( ثالثًا و ما بعدها .. )
    مع ودي

  6. #16
    الصورة الرمزية د. عمر جلال الدين هزاع شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2005
    الدولة : سوريا , دير الزور
    العمر : 50
    المشاركات : 5,078
    المواضيع : 326
    الردود : 5078
    المعدل اليومي : 0.75

    افتراضي

    وهذه ثالث الزيارات مع ثالث نقطة من ردي ..
    ومع جزيل تقديري لرأيك أخي المغازي الحبيب
    دعني أقتبس منه بضع كلمات لكي تكون مدخلًا لما أنوي تقديمه كأنموذجًا لهذه الحالة ..
    فكما أسلفت في حديثي السابق عن عدم جواز فرض سلطة النقد على إبداع الكاتب عسفًا وقهرًا وانتقامًا
    إلا أن العمل الأدبي يظل عرضة للنقد طالما أنه انفتح على العالم الخارجي وخرج من أدراج صاحبه إلى عيون قرائه
    وكما قلتَ أخي المغازي :
    ( النص ليس منزهًا عن النقد )
    فإن الشق الثاني من حوارنا في هذا المجلس
    هو حول هذا
    فكما أن للكاتب حق ملكية النص والدفاع عنه ضد قصيري النظر و عديمي الإدراك , إلا أنه عليه واجب الاستماع إلى وجهة نظر النقد
    طالما أن هذا النقد له أسلوبه الواضح و أداته في تقويم العمل والرقي به
    وهنا مثال عما سبق :

    ــــــــــــ

    لو أننا طلبنا شاعرًا كالفرزدق في زماننا , فهل سنجده ؟؟
    ومع هذا فإن لنا حق نقد شعره طالما أننا نتبع الحق في ذلك بغير بغي و لا قهر
    فالحق أحق أن يتبع
    ولنأخذ بيته هذا :
    ومَا مِثْلُهُ في الناسِ إلا مُمَلَّكَاً أبُو أمِّهِ حيٌّ أبوه يُقـاربـه
    ولعل الكثير قد علموا قبلًا
    أنه بيت يضرب به المثل في التعسف اللفظي
    لا لأنه قد جاء بوحشي الكلام أو غريبه أو انتقى هجين الحرف و شاذه
    بل لأنه جنح فيه إلى فوضى الرصف في الكلمات بعكس ترتيب معانيه المراد لها
    فهو قد كدّ و كدَّر , ومنع السامع من الفهم إلا بعد جهد شاق في إعادة ترتيب الألفاظ في البيت لفهم محتواه
    كما أنه أبطل النظام وأبعد المرام ظنًّا منه أنه القارىء يتمتع بما في نفسه ( نفس الفرزدق ) من غوص في إعادة الهندسة البنائية للبيت الشعري
    وهذا ما لا يتمتع به جل القراء
    وهاك مثالاً معاكسًا عن حالة أخرى من جمال اللفظ وحسن تراتبيته ووقوعه في المواقع المناسبة :
    ولَمَّا قَضَيْنَا مِنْ مِنًى كُلَّ حَـاجةٍ ومَسَّح بالأركان مَنْ هو ماسـحُ
    وشُدَّت على دُهْم المهَارَى رِحَالُنا ولم يَنْظُر الغادي الَّذِي هو رائحُ
    أخذْنا بأطراف الأحاديث بَيْنَـنـا وسَالَتْ بأعناق المطيِّ الأباطحُ

    وانظر كم هو الفارق شاسع بين هذه الأبيات وبين بيت الفرزدق الذي تعمد فيه فوضى الرصف فأنتج فيه فوضى فهم لدى المتلقي
    وإحقاقاً للحق نقول :
    لم تقع هذه الأبيات في النفس موقعًا حسنًا إلا لأنها جرت كالماء جرياناً وكالهواء لطفًا و كالروض حسنًا ووصلت لأذهان المتلقين ففهمومها وأحسنوا تصويرها في نفوسهم
    بل وعرفوا أبعادها من خلال بساطة ألفاظها والتي حملت معها جزالة وحسن نفاد بشكل رائع
    ويسعدني أن أكتب هنا ما وصفت به تلك الأبيات في كتاب أساليب البلاغة :
    ( إن أوّل ما يتلقَّاك من محاسن هذا الشعر أنه قال: "ولمَّا قضينا من مِنًى كلَّ حاجة" فعبّر عن قضاء المناسك بأجمعها والخروج من فُروضِها وسُنَنِها، من طريقٍ أمكنه أن يُقصِّر معه اللفظ، وهو طريقة العموم، ثم نبّه بقوله: "ومسّح بالأركان من هو ماسحُ" على طواف الوداع الذي هو آخر الأمر، ودليل المسيرِ الذي هو مقصوده من الشعر، ثم قال: "أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا" فوصل بذكر مسح الأركان، ما وليه من زَمِّ الركاب وركوب الرُّكبان، ثم دلّ بلفظة الأطراف على الصّفة التي يختصّ بها الرِّفاق في السَّفر، من التصرف في فنون القولِ وشجون الحديث، أو ما هو عادة المتظرِّفين، من الإشارة والتلويح والرَّمْز والإيماء، وأنبأ بذلك عن طِيب النفوس، وقُوَّة النشاط، وفَضْلِ الاغتباط، كما تُوجبُه ألفة الأصحاب وأُنسةُ الأحباب، وكما يليق بحال من وُفَّق لقضاء العبادة الشريفة ورجا حُسن الإياب، وتنسَّمَ روائح الأحبّة والأوطان، واستماع التهاني والتَّحايا من الخُلاَّن والإخوان، ثم زانَ ذلك كلَّه باستعارة لطيفةٍ طَبَّق فيها مَفْصِل التشبيه، وأفاد كثيراً من الفوائد بلُطْف الوَحْي والتنبيه، فصرحّ أوّلاً بما أومأ إليه في الأخذ بأطراف الأحاديث، من أنهم تَنَازعوا أحاديثهم على ظهور الرَّواحل، وفي حال التوجُّه إلى المنازل، وأخبر بعدُ بسرعة السير، ووَطَاءة الظَّهر، إذ جَعَل سلاسة سَيْرها بهم كالماء تسيل به الأباطح، وكان في ذلك ما يؤكّد ما قبْله، لأن الظُّهور إذا كانت وَطِيئةً وكان سيرها السَّيْرَ السهلَ السريع، زاد ذلك في نشاط الرُّكبان، ومع ازدياد النشاط يزداد الحديث طِيباً، ثم قال: بأعناق المطيّ، ولم يقل بالمطيّ، لأن السرعة والبُطءَ يظهران غالباًفي أعناقها، ويَبِين أمرهما من هَواديها وصدورِها، وسائِرُ أجزائها تستند إليها في الحركة، وتَتبعها في الثِّقَل والخفَّة، ويُعبِّر عن المَرَح والنشاط، إذا كانا في أنفسها، بأفاعيلَ لها خاصّة في العنق والرأس، وتَدُلّ عليهما بشمائل مخصوصةٍ في المقاديم )

    ,,,,,

    وتفضلوا بقبول الاحترام
    ــــــ

    و يتبع ..

  7. #17
    الصورة الرمزية د. عمر جلال الدين هزاع شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2005
    الدولة : سوريا , دير الزور
    العمر : 50
    المشاركات : 5,078
    المواضيع : 326
    الردود : 5078
    المعدل اليومي : 0.75

    افتراضي

    السلام عليكم
    ـــــــ

    وهنا رابع النقاط التي أنوي إثارتها في هذا الموضوع
    وهي :

    - رابعًا :
    ـــــــ

    المعرفة و الثراء اللغوي و الفطنة الثقافية و المخزون اللفظي و المعجمي و الإلمام بقواعد النحو و الصرف وعلم العروض ( لمن يريد أن ينقد الشعر )
    فمن لا يمتلك كل هذه الأمور
    بل ومن لا يحسنها ويوسع مواردها دائمًا
    فهو بكل الأحوال لا يصلح لعملية النقد الأدبي , فكيف لفاقد الشيء أن يعطيه
    وأنى لمن قيل له أيها الناقد وهو ليس على شيء من هذا , فصدق و عاند و استكبر ثم عندما انتقد سقط سقطات مريعة
    فكما يقال :
    عماها من حيث أراد تكحيلها
    فترنح بين الزلل اللغوي والنحوي , وتمادى في العنت بما تخيله من أسلوب بلاغي يختص به لوحده
    فلا هو يرتد عن زلاته ويتراجع عنها كبرًا وعنادًا
    ولا هو بالعارف الذي يستفاد من علمه وثقافته
    ومثل هذا
    لو ترك دون رد - من باب عدم محاورة الجاهل - يخشى على المبتدئين في اللغة وعلومها أن يصدقوا ما قاله
    فلابد من التصدي له إلى أن تنصع الحقيقة
    ثم بعدها يترك سدى ( هملًا )
    وهنا سأورد بعض أمثلة عن معنى السعة اللغوية والمخزون اللفظي و البلاغي وأن هذا لايتبع لعلم أكاديمي بحت ولا لدراسة أدبية معينة فحسب , بل يحتاج إلى متابعة مستمرة واطلاع دائم وبحث دؤوب في لغتنا الجميلة وبحرها الماتع

    1 - من كتاب الكامل في اللغة والأدب ( المبرد ) :
    ويروى عن رجل من قريش لم يسمّ لنا قال: كنت أجالس سعيد بن المسيّب، فقال لي يوماً: من أخوالك? فقلت: أمي فتاةٌ، فكأنّي نقصت في عينه، فأمهلت حتى دخل عليه سالم بن عبد الله بن عمر الخطّاب رضي الله عنه، فلما خرج من عنده قلت: ياعمّ! من هذا? فقال:يا سبحان الله!أتجهل مثل هذا من قومك! هذا سالم بن عبد الله بن عمر، قلت: فمن أمّه? قال: فتاةٌ، قال : ثم أتاه لقاسم بن محمد بن أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنده، فجلس عنده ثم نهض، فقلت: ياعمّ من هذا? فقال: أتجهل من أهلك مثله! ما أعجب هذا! هذا القاسم بن محمد بن أبي بكر الصّديق، قلت: فمن أمه? قال: فتاةٌ، فأمهلت شيئاً حتى جاءه عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فسلّم عليه ثم نهض، فقلت: ياعمّ، من هذا? قال: هذا الذي لا يسع مسلماً أن يجهله! هذا عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، قلت: فمن أمه? قال: فتاةٌ، قال، قلت يا عم! رأيتني نقصت في عينك لمّا علمت أني لأم ولد، أفما لي في هؤلاء إسوةٌ! قال: فجللت في عينه جداً.

    2 - يروى عن وفد خليفة المؤمنين عمر بن عبد العزيز أنه طلب الإذن بالحديث فأذن لهم فقام فيهم فتى صغير فتحدث وشكى بفصاحة تامة حال أهله وقومه
    فنهاه الخليفة قائلاً :
    أوليس فيهم أكبر منك فيتحدث
    فقال الغلام : لو أن الأمر بالسن لكان هنا من هو أحق منك بالخلافة
    فأكرمه الخليفة ولبى حاجته

    ,,,,

    - خامسًا :
    ــــــــــ

    الرجوع للحق عندما يظهر جليًّا كنتيجة جوار نقدي وعدم المغالاة في العناد لأن الرجوع للحق خير من التمادي في الباطل ولأن حظ النفس عند صاحبها كبير ولا يقوى على شكمها ولجمها إلا من أوتي الحكمة وحسن التصرف

    وللأمانة فإن هناك من الأمثلة مئات وألوف تنفع أكثر من هذين في هذا الموضوع
    إنما تعمدت ذكر مثل هذين المثالين ( في الفقرة السابقة ) لكي يعلم المرء أن الحق أحق أن يتبع
    فعندما كانت الإجابة مسكتة في كلا المثالين
    قبلها السامع بكل سرور وأثنى على صاحبها وأكرمه , ولم يتنعت في وجهه وتمادى في الاستنكار أمام جلاء الحق ونصعته
    وإنما تعمدت مثل هذا كي أوجز في عملية نقل المعلومة من فقرة إلى أخرى
    وإلا فإن هناك الكثير مما يمكن قوله في هذا المجال
    ولعل من أجمل مايقال في هذا المقام :
    ما عرف عن علي كرم الله وجهه من علم غزير في كل العلوم مع التزامه التام بواجباته نحو ربه ودينه
    فيروى أن يهوديًّا أراد تأخيره عن الإمامة في إحدى الصلوات فسأله :
    يا أمير المؤمنين , أي البهائم تلد وأيها تبيض , ظاننًا أنه إنما سيؤخر أمير المؤمنين فتفوت الصلاة بينما علي يعدد له أنواع الحيوانات والطيور والأسماك
    فما كان له من إجابة عند علي كرم الله وجهه إلا أن قال له :
    ( كل ما له أذنان يلد )
    وقام إلى صلاته
    فهل امتنع اليهودي وهو ذلك القاصد أصلًا النيل من علم علي وتأخيره عن صلاته , هل امتنع عن الأخذ بعلم أمير المؤمنين وظل يجادله شهورًا ؟؟
    بل ومن نافلة القول أن مثل هذه الإجابة لهي ضرب من ضروب الإعجاز اللغوي والعلمي في آن معًا , ولايزال العلم إلى يومنا يفسر هذه المقولة حيث ثبت منذ فترة ليست ببعيدة أن الحوت الأبيض الذي يتكاثر بالولادة له أذنان ومجرى سمع يختفيان داخل تجويفه السمعي
    ومن الجدير بالذكر أن السائل قد اكتفى بما وصله من الرد فأنصت وأطاع ولم يتعنت
    أم ترانا نفتقد إلى مثل هذا في الرجوع عن زللنا وأننا نفتقد للأسوة الحسنة في السمع والقناعة

    ,,,,,,,

    وافر ودي
    ولي عودة للمتابعة

  8. #18
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2006
    الدولة : في عقل العالم ، في قلب الحكايات
    المشاركات : 1,025
    المواضيع : 36
    الردود : 1025
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي

    الأحبة الكرام ،

    الدكتور : عمر جلال هزاع ،
    كل الشكر لك على هذه الاستفاضة الماتعة التي أتيت فيها بالأمثلة والنقول بما يفيد ويمتع ، وأشكرك لاقتباسك من كلامي الذي استشهدت عليه بما أوردت ، ولكننا نفتق في القضايا الجزئية التي ربما كان استحضارها لحاجات في النفوس سعينا لإثبات بعضها ، ونفي البعض عن أنفسنا ولا حاجة لنا بها أن تكون في الأساس في هذا الباب فلها بابها الذي تطرح فيه ، فكون الموضوع المثار حول أحقية الكاتب بنصه وأحقية الناقد ، فهذا أمر دفعنا إلى التحدث عن طاقة الناقد التي يمكن له بها أن يتعامل مع نص غيره ، وأعود فأكرر قولاً قلته ، فإن كان الكاتب ممن لهم ملكة النقد فهو الحابس لنصه الممتحن خصاله ، قلت هذا على اختلاف الصياغة وهذا أمر لا يحتاج إلى كثير استشهاد حوله فالشواهد لا تنتهي ، فإن أتينا بها هنا فلأحد أمرين ، الاستعراض ، أو التعليم ، أما الاستعراض فأمره مرفوض ، وأما التعليم فليس لشاعر أو أديب أن يقدم قوله على أقوال غيره ويمدح نفسه بأنه أتى بما لم يأت به غيره وأنه المقدم وأن من لا يفهم تراكيبه فهو الجاهل الجاحد ، وأن من يفهمها ويلم بذخائرها فهو المقدم المطبوع صاحب العلم والذوق ، وهذا إذا كان القول في حد ذاته يملك طاقات التفرد ، والثراء اللغوي والبلاغي ، أرى أن صاحب الحق في تقديم هذا المديح هو صاحب الرأي فإن فعلها صاحب البيت أو العبارة فهو الظالم لقوله ، الظالم للناقد ، الشاتم بغير داعٍ ، وأنت مبرأ عندنا من كل هذا .
    نعود للنقد وما نحن إلا متعلمين في مدارس الكبار ، وعلم النقد لم يأتِ أحد على مشاربه ، ولم يحط به علمًا من قضى العمر ناهلاً ، وهيهات أن يعطي الذوق كل مخزونه ، وأن تعقر العبارة عن الدلالات . فإذا كان النص لصاحبه وهو فوق قبره فما بال النص وصاحبه مقبورًا ؟!
    النص بمعزل عن صاحبه حالة إبداء الرأي فيه تحت أي مستوى من النقد والرأي ، والنص الذي يحتاج لصاحبه هو النص الأخرس الضال لأن النص يسافر دون تأشيرات وله أن يعرف عن نفسه مفصحًا عما لديه مبلغًا رسالته ممتعًا بها ، فإن أعجم النص عن البيان محتاجًا لصاحبه يفسره فهو المرذول الذي يشي بصنعة صانع غير مجيد ، أما النص الذي يكشف عن ذخائره ويخفي بالحلية جمالاً فهو الحامل جمالاً فوق جمال يغريك تفقده ، وهذا رائع القول تكشف لك الصورة عن دلالاتها ، وتنبي اللفظة في التركيب بأروع من ذاتها الفردية ، ويبقى قول الله العلي المتفرد فاللفظة فيه ذات ومتممة ، فإن كان اللفظ في التركيب القرآني من النوادر القرآنية فكيف بنا نوازيه بأقوالنا ، ولست أرى غير قول الله قد تمت صياغته ، ووفي كل زمن تمت معانيه ، أما ما نقوله نحن فمحمول على القبول والرد ولا ريب في ذلك .
    أما أدوات الناقد فلا ريب أن أستاذنا الدكتور حسان قد أتى لنا بأغلبها ، بيد أن الانصياع بالطاعة وإعلان التوبة ممن خالف رأيه رأي من اعتقد أنه أتى على العلم مالكًا فنحن نختلف بعض الشيء مع أستاذنا ، فليس الرأي الفرد بحجة ، وعلى من استشهد أن يطابق الاستشهاد ما استشهد به عليه ، لكن على من سلك دربًا وأجمعت الآراء على قصور غايته وسوء مراده ، فالانسحاب الجميل خير من التمادي ، فإن كان ذا رأي وجيه فليدم النقاش عامًا ولا ضير بل الفائدة أعم وأشمل .
    أيها الأحبة ، لصدورنا أن تتسع للنقاش ، واختلاف الرأي لا يفسد ودنا ، فرب قول بات لفظًا ليصبح درسًا وعلمًا ، ومن ارتجى بقوله وجه الله ما بارت تجارته .
    الود والمحبة

  9. #19
    الصورة الرمزية عطاف سالم شاعرة
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    الدولة : في قلب النور
    المشاركات : 1,795
    المواضيع : 112
    الردود : 1795
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    النص ملك لصاحبه لا يملك أحد نسبته إلى نفسه ، ولا الناقد ، أما الناقد فهو المقدم للنص الفاتح لبعض مغاليقه خدمة للقراء ، لذلك نجد من النقاد من يقدم أكثر من رؤية معتمدًا في ذلك على التفكييك والبناء ، ولا يمكن لناقد أن يقدم رؤية في عمل إلا إذا عاش العمل ، ولا أقول عاش التجربة لأن التجربة ملك للأديب سواء كانت حقيقية أم ابتكارية ، أما الناقد فيقف على روح النص أولاً ثم يتوغل في مساحاته ويرتقي مدارجه ، مفندًا ومفصلاً ، وبالتالي تظهر علينا عدة أنواع من النصوص يلمحها الناقد من حيث انغلاق الموضوع أو انفتاحه وبالتالي يقع البعض من النقاد في المغالطة التاريخية بحيث يقدم الناقد قراءة نقدية مفتوحة في نص مغلق ، أو قراءة نقدية مغلقة في نص مفتوح ، أما الأوجب فهو مطابقة القراءة لحالة النص

    لا شك - أستاذ / مأمون - أن الناقد الجيد الذي يملك مفاتيح النقد ويحسن ادارتها لفتح مغاليق النص هو يقصد من وراء ذلك خدمة القراء والنص وكذا خدمة صاحب النص .
    والناقد المثقف نقديا , الملم بكل المناهج النقدية وقبل ذلك كما أشرت سلامة الطبعة وقوة الموهبة هو المؤهل والمصدر لتولي النصوص وتناولها ..
    إنما ما هو النص الذي يستحق منا النقد هناك نصوص غارقة في الرمزية التي ينحو نحوها الحداثيون ظنا منهم أنها غاية في الإبداع , وهي في رأيي نصوص مغلقة ومغرقة في الإيغال وبالتالي أي ناقد يتصدى لها هو حارث في البحر مالم تكن لديه رغبة أصيلة أو مصلحة تجمعه من وراء هذا النقد .
    وهذا نوع من النصوص !!
    نوع آخر على الضد تماما تجده فقير اللغة .. فقير الصور .. مستجلب .. متكلف فهو إما تعبير تقليدي أو مجرد نظم علمي بحت خلا من الخيال وصوره ..
    لكن مع هذا يمكن القول أنه متى ماشعر الناقد بانسجام بينه وبين النص ووجد فيه مايمكن أن يقال حوله بحيث يبرز سماته الدفينة ويفسر بعض رموزه ولو كان غارقا في الرمزية أو كان تقليديا لاجديد فيه فيمكن القول حينئذ أن هذا الناقد استطاع أن يصنع من اللاشيء شيئا بما يملك من رؤى مختلفة ينظر بها في النص فيبدع في اخراجه للنور , ويبدع في كشفه بصورة جلية جدا ربما تتفوق على النص نفسه وترفعه عاليا .
    لكن يقفز للذهن سؤال حينئذ ترى مافائدة خدمة نصوص غير خادمة , أو لاقيمة لها فنيا أو أدبيا أو حتى اجتماعيا ؟؟؟
    ويمكن القول أيضا أن النقد وإن كان بعيدا عن روح النص إنما تظل هذه وجهة نظر نقدية أيضا قد يأخذ بها أحد الدارسين ويبني عليه دراسته في تحليله واستنطاقه للنصوص المدروسه لديه .
    إنما لايمكن اعتبارهذا النوع من النقد هو نقد جيد , أو هو نقد يمكن القول عنه أنه لصيق بالنص حتى كأنه هو نفسه لكن بصورة أوسع وأشمل وأجلى وأظهر.
    وبالكلية يظل النقد كما تفضلت في ظل تشرذم وتعدد مناهجه واختلاف الآراء حولها يظل يحمل مدلول النقد مادام الغرض منه هو التعرض للنص بأي صورة وبأي منهج أو نظرية
    أما بالنسبة لقولك :
    ولست مع أن الكاتب هو الوحيد القادر على نقد عمله وفك رموزه ، وإلا توجب على كل كاتب شرح عمله وتقديم مفاتيحه ، لكن يبقى النص القوي بيئة صالحة للإثمار كلما عرض النص على القاعدة النقدية التي هي بدورها تقدم التحليل وفق إطار ضيق وفقًا لتعدد الاتجاهات النقدية

    فأنا لم أخالفك الرأي في النص إنما قلت أن المبدع هو أدرى بنصه وبما يعتلجه من معاني تكتنهه , وهو من يملك الحل لفك الرموز وإعطاء أجوبه شافيه تحليلية تعليلية توضح سبب تخيره لبعض المفردات أو التراكيب أو القوالب دون غيرها خاصة إذا كان يملك من أدوات النقد ماتؤهله ومن الثقافة مايصدره .
    عندئذ يكون كاتب ناقد بصير أحق بنصه من ناقد غير بصير لكن هل ياترى يقبل الناس نقدا تحليليا لنص أدبي كتبه صاحب النص نفسه ؟
    لا أظن أن الناس تقبل هذا حتى لو كان الكاتب الناقد على جانب كبير من الخبرة والقدرة والملكة والثقافة .
    وهذه سنة يلحظ العمل بها والإقبال عليها مع الأسف الشديد !
    ومع ذلك لايستغني الكاتب ولا الناقد عن بعضهما البعض فكلاهما يقدم للآخر مايرفع من عمله ومن شهرته واسمه .
    وكما تفضلت أيضا أن النص القوي بيئة صالحة للإثمار وسبق لي أن أشرت كذلك أن النص المثور .. النص الغني هو من يتطلب النقد ويستحقه من ناقد جيد يملك من البراعة والبيان مايملكه الكاتب نفسه وزيادة من جهة علمه بالنقد .
    وفي المقابل فإن الناقد الجيد هو الأحق بالنص مادام كاتبه لايفهم أسرار أو أبعاد نصه اللغوية أو الصورية بل يحسن عليه أحيانا الاسترشاد بناقد ينتقي له من الصور والمفردات والأساليب من يستطيع بها إخراج تعابيره وأفكاره في صورة أصدق وأكثر تعبيرا وفي منتهى العفوية والسلاسة والطلاقة .
    فإذن هي مسالة نسبية
    ولي عودة

  10. #20
    الصورة الرمزية عطاف سالم شاعرة
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    الدولة : في قلب النور
    المشاركات : 1,795
    المواضيع : 112
    الردود : 1795
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    فإن الشق الثاني من حوارنا في هذا المجلس
    هو حول هذا
    فكما أن للكاتب حق ملكية النص والدفاع عنه ضد قصيري النظر و عديمي الإدراك , إلا أنه عليه واجب الاستماع إلى وجهة نظر النقد
    طالما أن هذا النقد له أسلوبه الواضح و أداته في تقويم العمل والرقي به

    حياك الله أخي الفاضل د/ عمر

    نعم أتفق معك تماما في أن الكاتب له حق وعليه واجب فحقه الدفاع عن نصه مادام هو الأقدر على فهمه والأقدر على تعليل ماجاء فيه من صور وأساليب بحيث انه يملك القدرة من بعد على اقناع القاريء والناقد معا بالحجج والبراهين حتى أنه لتبرز ثقافته الأدبية والعلمية فعندئذ يمكن للناقد أن يصدق معه ويقترب من روح نصه ويكون هو وإياه على خط سواء وفي المقابل عليه مسؤولية عظيمة مادامت نصوصه تخرج للناس فله أن ينتقي مادة نصه بحيث تكون غنية وقيمة وثرية .
    وبالنسبة للناقد فله أيضا حق الدفاع عن نقده مادام يقدم الحجج والبراهين لماتوصل إليه في محاولة منه لإقناع الكاتب ... لكن على الناقد أن يتقبل وجهة نظر الكاتب حول نصه إذا خالف النقد مايقصده ..
    ومن جهة أخرى هناك أيضا مسؤولية على الناقد بما سبق الإلماع إليه منك ومني ومن الأديب مأمون المغازي والتي على رأسها العلم بأصول النقد والإلمام بمناهجه ومعرفة طرائقه وعلومه وزواياه فضلا عن الموهبة وسلامة الطبع ...
    وهذا شق في محاور المقال هنا ..
    يبقى لدينا أي النصوص جديرة بالنقد وأي النقاد جديرون بتلك النصوص ؟؟
    ومن أحق بالنص من الآخر أم هي عملية مشتركة ؟؟
    ولا يفوتني في النهاية هنا أن أشكرك جزيل الشكر على ما أمتعتنا من شواهد بيانية رائقة جدا كان بودي احضارها لكن كنت قد كفيتني إياها خاصة تلك المتعلقة بتحليل الإمام عبدالقاهر الجرجاني الذي هو رأس المدرسة التحليلية في البلاغة والنقد ..لنتعلم منه نحن النقاد الصغار كيف يتم التعامل مع النص ومن أي الزوايا يتناول ويبدأ فيحلل وكيف تنقل وجهة النظر النقدية من مرحلة التأمل والإختمار أو الاعتمال إلى مرحلة الإبانة والكشف في منتهى البراعة والبيان وفي صورة تحليلية مقنعة تتناول جميع جهات النص بمحاسنه ومثالبه وهي دروس في النقد التحليلي جد عالية الجودة تلفت الانتباه وتملك الوجدان لشدة سيطرتها وتأثيرها.
    لقد أمتعتنا كثيرا بسردها وتعلمنا منها وبعثت فينا من جديد روح عبدالقاهر يرحمه الله الذي أعتبرنصوصه مقدسة بالنسبة لي .
    تحيتي وكل تقديري
    ولي عودة

صفحة 2 من 8 الأولىالأولى 12345678 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. ماذا نعني بالنص المؤمم؟/ريمه الخاني
    بواسطة ريمة الخاني في المنتدى قَضَايَا أَدَبِيَّةٌ وَثَقَافِيَّةٌ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 19-03-2018, 10:10 AM
  2. أحقُّ بالدّمْعؚ منْ به ألمُ...
    بواسطة حيدرة الحاج في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 27-09-2015, 10:18 PM
  3. زمانيَ أشكو أمِ النائباتْ..؟! // أمِ النفسُ أشكو.. فقد أسرَفَتْ
    بواسطة زياد بن خالد الناهض في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 29-09-2011, 11:13 PM
  4. أحق الناس أن تهجى الشعوب
    بواسطة محمد أبو الفتوح في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 25-02-2007, 04:44 PM
  5. أحقٌ يباعُ ولا يشترى/ وزيفٌ يمررُ بين الورى ( قناة الجزيرة )
    بواسطة خالد عمر بن سميدع في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 26-11-2006, 08:47 AM