[الكاتب؛ أبو بصير]

لا أظنه يخفى على مثلكم ما حصل ويحصل في الجزيرة العربية تحت الحكم السعودي .. ليتكم ـ يحفظكم الله ـ ترشدون الشباب إلى ما يجب عليهم فعله، خاصة وأن الحكومة بدأت تستهدف أهل الإيمان والجهاد إما بالسجن أو القتل وما حادث الشيخ يوسف العييري عنا ببعيد .. فقد بدأت مجموعات من الشباب بالتعاهد فيما بينهم بالانتقام مما تفعله أو ستفعله الحكومة السعودية، فبدأ بعضهم بشراء أسلحة، ومجموعات أخرى من الشباب يخشون أن يتكرر في الجزيرة العربية ما قد حصل في الجزائر، ولكنهم في نفس الوقت يرون أن هناك فتنة ومقتلة كبيرة ستحدث، خاصة إذا استمرت الحكومة السعودية في مضايقة أهل العلم والجهاد، فيرون شراء الأسلحة من المسدس إلى المتفجرات والتدرب عليها لحماية أنفسهم وأهاليهم في حالة حدوث حرب أ هلية أو انقلاب أو ما شابه ذلك.

كان لهؤلاء الشباب ـ من يجيبهم على استفساراتهم، ويشاركهم همومهم ـ علماء يثقون فيهم وفي علمهم ويسكنون الجزيرة ويشهدون الواقع ويرونه من حولهم، ولكن كما تعلمون بارك الله فيكم دوهمت منازل هؤلاء العلماء واقتيدوا إلى السجون وسيبقون هنالك إلى أجل غير مسمى، هذا إذا ما أصدروا حكم الحرابة فيهم .. حتى أن الحكومة خلقت الأكاذيب حول هؤلاء العلماء، فهم عند قبضهم على الشيخ الخضير والشيخ الفهد والشيخ الخالدي، أذاعوا أنه كان بحوزة هؤلاء المشايخ أسلحة ومتفجرات! وقبل ذلك أتهموهم بأنهم أسسوا مجموعة تسمى بالموحدين لمحاربة الحكومة السعودية، وأن لهم يدا فيما حدث في الرياض من تفجيرات، وقد نفى المشايخ حفظهم الله التهمتين!

يا شيخ الشباب حائر وخائف في نفس الوقت؛ فهم يخشون على أنفسهم حتى من السؤال مما يجب عليهم فعله، وإن سألوا أحدا، فالمسؤول في العادة سيتهرب من السؤال وسيجمل ولا يفصل، وقد سقطت مصداقية هيئة كبار العلماء عند عدد كبير جدا من الشباب، فيتعاملون مع أي بيان عن هيئة كبار العلماء كأنه بيان من وزارة الداخلية أو غيره من الوزارات .. لذا نرجو البيان والنصح ؟

الجواب :

الحمد لله رب العالمين.

هذا سؤال كبير .. كنت أود من النظام السعودي أن لا يضطر الشباب المسلم لإرسال مثل هذا السؤال .. وقد أرسل إلي نحوه الكثير من الأسئلة .. كنت أود من النظام السعودي ـ مراعاة لحرمة الحرمين الشريفين .. ولعباد الله الآمنين ـ أن لا يجعل من نفسه طرفا .. وأن يعتزلنا ما اعتزلناه .. ولكنه أبى إلا أن تقشر له العصا .. وأن يكون طرفا شرسا .. وعدوا ظاهرا .. وأن يكون عونا لطواغيت الكفر في العالم على المسلمين الموحدين من أهل الجزيرة وخارجها .. بزعم ملاحقة الإرهاب .. وهم أرباب في الإرهاب والإجرام.

وللإجابة عن هذا السؤال لا بد من ذكر الحقائق التالية :

1- النظام السعودي خلط بين حق وباطل؛ فحقه يغلب عليه الطابع الدعائي الكلامي: كرفعهم لشعار التوحيد على علمهم .. وزعمهم أنهم دولة إسلامية سلفية .. تحكم بالشريعة الإسلامية .. وغير ذلك من الاطلاقات الكبيرة التي كنا نود أن يكونوا صادقين فيها .. والتي كانت ولا تزال سببا في إضلال كثير من الناس!

أما باطلهم فيغلب عليه الطابع العملي الواقعي الإجرائي الملموس .. وهو أصدق دلالة على حقيقة نظامهم مما يزعمونه باللسان، ويتمثل هذا الباطل في عدة أمور:

منها : أنه نظام لا يحكم بما أنزل الله في جميع مجالات الحياة الخاصة منها والعامة، بل هو نظام يحكم بما أنزل الله في مجالات دون مجالات .. يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض .. وملاحظة ذلك سهلة ويسيرة لكل من يرغب أن يتتبع النظام القانوني السعودي .. وهذا مناقض لعديد من النصوص الشرعية التي تلزم بالتحاكم إلى الكتاب والسنة في جميع مجالات الحياة، كما في قوله تعالى: { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا } فقوله تعالى { في شيء } من صيغ العموم التي تفيد كل شيء وأي شيء يتم فيه النزاع.

ومنها : أنه نظام طفيلي .. مقتنع ـ منذ زمن ـ بأنه لا يستطيع أن يعتمد على نفسه وشعبه .. فمن قبل مد آل سعود أيديهم إلى الإنكليز ليتقووا بهم على تثبيت ملكهم وسلطانهم .. ضد الإخوان من أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وغيرهم .. إلى درجة أن مؤسس الدولة السعودية كان يتقاضى راتبا من الإنكليز كما صرح بذلك أحد أحفاده .. واليوم ـ على يد أبناء عبد العزيز ـ يرمي النظام نفسه بكليته في أحضان أمريكا .. ماشيا في سياستها .. وملبيا لها كل رغباتها .. مقابل أن تحميه وتدافع عنه .. وأن لا تتخلى عنه .. أو تعمل على تبديله .. علما أن النظام السعودي لو كان مخلصا في زعمه للإسلام .. وأنه حامي الحمى .. لاستطاع ـ بحكم شعبه المتدين .. وبحكم الثروة المادية الضخمة التي يملكها ـ أن يعد جيشا من أقوى جيوش العالم .. ترهبه أمريكا ذاتها .. جيش يملك القوة .. والعقيدة فمن له .. ولكن وللأسف لم يفعلوا شيئا من ذلك .. شأنه في ذلك شأن أي نظام عربي آخر .. فهو لم يتجاوز أن يعد الجيش الذي يحمي النظام الحاكم من شعبه عند حصول أي عملية تغيير أو اعتراض .. على مبدأ أسد علي وفي الحروب نعامة!

ومنها : أنه نظام عنصري وطني يوالي ويعادي على أساس الانتماء للوطن .. ويقسم الحقوق والواجبات بين العباد على أساس الانتماء للوطن السعودي وحدوده .. وليس على أساس الانتماء للعقيدة والدين .. شأنه في ذلك شأن أي نظام عربي آخر .. وهذا عين الكفر البواح كما يقول علماء اللجنة الدائمة السعودية ذاتهم، حيث قالوا في فتوى لهم رقم 6310،1/145] :" أن من لم يفرق بين اليهود والنصارى وسائر الكفرة وبين المسلمين إلا بالوطن، وجعل أحكامهم واحدة فهو كافر ا- هـ. وقد أصابوا في ذلك، ولكن سؤالنا لهؤلاء السادة: أليس النظام السعودي هكذا .. هل يخرج في شيء عما ذكرتم .. أليس الكافر الزنديق السعودي ـ بحكم المواطنة والانتماء لحدود الدولة السعودية ـ له من الحقوق والإكرام والامتيازات .. ما ليس لشيخ الإسلام من خارج السعودية؟!!

العنوسة بين النساء السعوديات بلغت ذروتها، ومع ذلك ـ بحكم القانون ـ لا يسمح للمرأة السعودية أن تتزوج ممن ترضى دينه وخلقه ممن لا ينتمي لحدود الوطن السعودي .. وكذلك الرجل السعودي لا يحق له أن يتزوج من خارج السعودية إلا بعد أن يبلغ من العمر عتيا ووفق شروط، وبعد موافقات ملكية خاصة ما أنزل الله بها من سلطان .. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إلا تفعلوا تكن فتنة وفساد في الأرض عريض "!!

ومنها : أنه نظام لا يعرف عنه ولا عن جيشه الهش .. نصرة فاعلة ـ ولا غير فاعلة ـ لأي قضية من قضايا المسلمين المعاصرة الهامة .. آتوني بحركة جهادية إسلامية .. أرادت أن تستأنف حياتها الإسلامية في الأقطار التي تعيش فيها .. وترفع ظلم الطواغيت عنها .. ثم تلقت من النظام السعودي وجيشه ـ وليس الشعب السعودي المسلم ـ أي نصرة أو تأييد ..!!

حصلت مئات المجازر للمسلمين في أقطارهم .. اغتصبت بلاد وانتهكت حرمات عباد .. فماذا كان موقف النظام السعودي وجيشه .. لا شيء! .. أكثر شيء يمكن أن يفعلوه أن يسمحوا للمشايخ بالدعاء للمسلمين .. أو أن يجمعوا لهم بعض التبرعات النقدية التي تنفس حنق الشعوب .. والتي ترسل ـ هذا إذا أرسلت ـ للطرف المتمثل في الدولة التي تذبح المسلمين، كما حصل عندما أرسلوا تبرعات الشعب السعودي للمسلمين في الشيشان عن طريق الدولة الروسية الذابحة لتتقوى بهذا المال على ما تفعله بحق المسلمين من مجازر..!!

قولوا لي ولو مرة واحدة أن النظام السعودي وجيشه قد غضب لله وللعقيدة .. ولو لمرة واحدة .. الهندوس يذبحون المسلمين في الهند وكشمير منذ سنوات .. ومع ذلك النظام السعودي يقيم مع الهند كامل العلاقات الدبلوماسية وغير الدبلوماسية!!

المسلمون في الشيشان يذبحون على أيدي الصليبيين الروس ومنذ سنوات .. ومع ذلك النظام السعودي يقيم مع روسيا كامل العلاقات الدبلوماسية!

المسلمون في الفلبين يذبحون منذ سنوات على أيدي صليبيي الفلبين .. ومع ذلك النظام السعودي يقيم مع الفلبين كامل العلاقات الدبلوماسية .. ويستقدم منها اليد العاملة وغيرها .. ولا كأنه يوجد شيء!

أمريكا غزت أفغانستان .. والعراق غزوا مباشرا .. وهي وراء كل مجزرة ترتكب على أيدي الصهاينة اليهود في فلسطين .. ومع ذلك النظام السعودي يقيم كامل العلاقات الدبلوماسية، والاقتصادية، والعسكرية، والأخوية مع أمريكا .. ويضخ بتروله لها ولغيرها من الدول التي تدعم الاحتلال الصهيوني لفلسطين .. وهاهو اليوم يقود العرب ـ بكل وقاحة وجرأة ـ في عملية التطبيع والاستسلام الكامل مع دولة الصهاينة اليهود!!

حتى الصين الشيوعية الملحدة .. للنظام السعودي علاقاته الدبلوماسية والصديقة معها!!

القائمة طويلة .. آتوني بدولة تحارب الإسلام والمسلمين ـ وما أكثرها ـ ثم النظام السعودي قطع علاقته مع تلك الدولة اعتراضا على حربها للإسلام والمسلمين .. لن تجدوا!!

نظام لا يغضب لله ولو مرة .. ولا يوالي ويعادي في الله ولو مرة واحدة .. كيف يسمى إسلاميا .. كيف؟!!

كيف يمكن الجمع بين ذلك وبين زعمهم أنهم يحكمون بالكتاب والسنة ..؟!

ومنها : أنه نظام لا يخفي ولاءه الصريح لأعداء الأمة في أي معركة يخوضها العدو ضد الأمة .. وضد الإسلام والمسلمين .. فهاهي أمريكا تخوض حربا ضروسا ضد الإسلام والمسلمين بزعم محاربة الإرهاب .. وتغزو بلاد المسلمين وتحتلها .. ومع ذلك فهي لا تلقى من النظام السعودي إلا التسهيلات .. وكل دعم ونصرة .. حتى أنه يمنع المسلمين من مجرد الدعاء عليها في مساجدهم .. وما أخبار القواعد العسكرية الأمريكية في أرض الجزيرة العربية عن مسامعنا ببعيدة!

ومنها : أنه نظام عطل الجهاد في سبيل الله .. بل وألغاه من قاموسه وتفكيره .. وحارب أهله وطاردهم .. وسجن علماءهم .. وأسس جيشا لا وظيفة له سوى حماية العرش السعودي .. والنظام السعودي!

ومنها : دخول النظام السعودي في المعاهدات والأحلاف والقوانين والأنظمة الصادرة عن الأمم المتحدة وغيرها .. التي تضاهي وتضاد شرع الله تعالى.

ومنها : أنه نظام يمول ويرعى كثيرا من القنوات الفضائية التي تنشر الإباحية والكفر، وكذلك فهو يمول ويرعى عددا كبيرا من الجرائد والمجلات الدولية والعالمية والمحلية التي تنشر الكفر، والإلحاد والعلمنة .. وهي معروفة للناس بأسمائها .. وبالتالي فهو مسؤول عنها ويناله وزرها ووزر كل ما ينشر ويذاع فيها!

ومنها : أنه نظام إذا شتم فيه الملك .. وانتقص من قدره في شيء .. عرف الشاتم والمنتقص واستخرج من مخابئه .. وتعرض لأشد أنواع التنكيل والسجن والعقوبات، وربما القتل .. بينما الذي يشتم الله تعالى جهارا نهارا .. كما في الرواية الساقطة " الكراديب " للزنديق السعودي " تركي الحمد " حيث يقول فيها:" فالله والشيطان وجها لعملة واحدة "!! .. يترك من غير إنكار ولا محاسبة .. يسيح في البلاد كيفما يشاء .. بل ويسمح لكتبه ولرواياته المليئة بالكفر والزندقة أن تطبع في مطابع الدولة السعودية بكامل الحرية!!

أترون لو قال:" فهد أو ولي عهده والشيطان وجها لعملة واحدة " كان سيسمح له أن يبيت في بيته ليلة واحدة .. أو كان سيسمح لكتابه أن يطبع وينشر؟!!

أهكذا تكون دولة التوحيد ـ كما يزعمون ـ الملك الحاكم فيها أجل وأعظم قدرا من الله تعالى جل في علاه؟!!

فإن قيل: لعل الملك أو ولي عهده لا يعلم بكل هذا ..؟!

أقول: فما بالهم يعلمون بكل من يتكلم على ملكهم وحاكمهم أو أمير من أمرائهم ولو كان كلامه في الخفاء عبر الهاتف .. ثم هم لا يعلمون ما يكتب ويطبع وينشر بين الناس ..؟!!

صدق قول الله تعالى فيهم: { ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب } ، وقال تعالى: { ما لكم لا ترجون لله وقارا . وقد خلقكم أطوارا } .

ومنها : أن النظام السعودي ـ ممثلا بحكامه وأمرائه ـ ضليع في نهب ثروات الأمة وخيراتها .. فجزء منها يصب في جيوب وبطون الحكام والأمراء .. لينفق على موائد الشهوات والأهواء كيفما شاءوا .. فهم فوق المساءلة والمحاسبة مهما بلغت درجة الإنفاق عند أحدهم .. وفوق أن يقال لأحدهم من أين لك هذا .. والجزء الأكبر منها يصب في جيوب ومصالح أعداء الأمة .. أما الشعوب المقهورة المغلوب على أمرها فينالهم الفتات الذي يتساقط من على موائد المبذرين من الطواغيت الظالمين!

فهذه الأوجه مجتمعة ـ وغيرها من الأوجه مما لم نذكره ـ تلزمنا بالقول ولا بد: بأن النظام السعودي نظام كافر غير إسلامي .. الإسلام في واد ونظام آل سعود في واد آخر .. وكذلك كل من يرعى ويحمي ويذود عن هذا النظام من الملوك والأمراء وغيرهم من العناصر المتنفذة فهم كفار مرتدون، لا ينبغي أن يشك في ذلك من عرف دين الله تعالى وعرف حقيقة هذا النظام والقائمين عليه.

وما قلناه في النظام السعودي نقوله كذلك في جيشه المهترئ؛ فهو جيش كغيره من الجيوش العربية المعدة لنصرة الطواغيت وعروشهم ومصالحهم وحسب .. فهو جيش يدور مع هوى الطاغوت الحاكم حيث دار يوالي فيه ويعادي فيه .. يسالم من سالم الطاغوت وإن كان كافرا محاربا للإسلام والمسلمين ويحارب ما حارب الطاغوت وإن كان من خيار أهل الأرض .. لا تعرف له مرة أنه خاض جولة في سبيل الله رغم سعة ميادين القتال .. فجيش هذا وصفه لا يمكن أن يصنف على أنه جيش إسلامي .. وإن كان يغلب على أكثر أفراده وقادته إقامة الصلاة .. فهذا قد يتشفع لأحدهم كفرد .. ولكن لا يمكن أن يضفي على الجيش بمجموعه ومجموع أنظمته وغاياته الصفة الإسلامية والحكم الإسلامي .. أو أنه الجيش الذي يجاهد في سبيل الله لكي تكون كلمة الله هي العليا!

2- حكم النظام الآنف الذكر حكم عام لا يلزم منه بالضرورة كفر كل من جادل عن هذا النظام بعينه، أو دخل في حزبه؛ وذلك بحكم الشبهات الضخمة المنسوجة حول هذا النظام .. والتي يثيرها مشايخ السلطان وعملائه .. وبالتالي لإنزال هذا الحكم على أعيان الناس لا بد من مراعاة توفر شروط التكفير وانتفاء موانعه.

فكثير ممن يجادلون عن هذا النظام لا يعرف ما ذكرناه عنه من حقائق .. ومن كان يعرفها منهم فهو لا يصدقها .. ومن كان يصدقها لا يعلم أنها مكفرة .. ومن كان يعلم أنها مكفرة يقول لك أنا أقلد مشايخنا الكبار فهم أعلم مني ومنك .. وقد أفتوني بخلاف ما أفتيت به وبينته .. وهذا لا بد من مراعاته واعتباره عند الحكم على أعيان الناس ممن يجادلون عن هذا النظام، والطواغيت الحاكمين لهذا النظام!

3- حكم النظام الآنف الذكر لا يجوز أن يحمل على المجتمع السعودي ولا على مؤسساته، فالمجتمع السعودي مجتمع مسلم، وأهله يغلب عليهم التدين وإقامة الصلاة .. ولله الحمد.

4- يعود خطأ بعض أهل العلم في هذا النظام لأسباب عدة :

منها : أن من المشايخ والدعاة لا يرون من النظام السعودي إلا الجانب المشرق .. ولا يريدون أن يروا منه إلا هذا الجانب ولا أن يسمعوا عنه إلا عن هذا الجانب .. لذا تجد أحدهم إذا تكلم قال: إن ولي الأمر أمر ـ حفظه الله! ـ ببناء المساجد .. وطباعة المصاحف .. وبناء المدارس لتحفيظ القرآن .. وأمر بطباعة كتاب كذا على نفقته الخاصة .. وهو أكثر من مرة يقول: نحن نحكم بالكتاب والسنة .. والحمد لله أن وهبنا مثل هذا الإمام والملك!

وفات هؤلاء المغفلين الذين ضلوا وأضلوا غيرهم أن النظام لا يمكن أن يقيم من هذه الأمور الآنفة الذكر وحسب .. وأن ما ذكروه عن نظامهم كثير من الأنظمة العلمانية العربية الكافرة تفعله وتدعيه، وتفعل ما هو أكثر منه!

ومنها : أن من المشايخ والدعاة السعوديين يقيس ويوازن بين حال الأنظمة العربية الأخرى وما يعاني فيه أهله من اضطهاد في الدين .. وبين نظام السعودية .. فيخرج بنتيجة أن نظام دولته خير بألف مرة من تلك الأنظمة .. فيحمله ذلك على الرضى به .. وربما يزداد به تعلقا وتمسكا .. فيضل ويضل!

ونحن نعترف أن النظام السعودي على علاته الآنفة الذكر خير من كثير من الأنظمة العربية الأخرى .. ولكن هذا لا يجيز لنا أن نتعلق أو نرضى بنظام كافر وإن كان أقل كفرا من الأنظمة الأخرى .. فالقضية في ميزان الحق بين كفر وكفر مغلظ أو بين كفر مغلظ وكفر أشد غلظة .. فالمسألة لا تخرج عن هذا الإطار.

ومنها : أن من المشايخ والدعاة ممن يعيشون خارج الدولة السعودية .. لحاجتهم إلى أداء فريضة الحج .. ولحنينهم إلى زيارة الحرمين الشريفين .. تراهم يؤثرون السكوت عن جرائم النظام وكفرياته .. وربما يداهنون ويجاملون .. فيضلون ويضلون .. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

5- فإن قيل: كفر النظام يستلزم الخروج عليه ؟

أقول: نعم من الناحية الشرعية يجب الخروج عليه، بينما من الناحية العملية الواقعية فإن الخروج له شروطه وترتيباته ومقدماته لا أرى استعجاله قبل استيفاء تلك الشروط والترتيبات والمقدمات، والتي منها أن يكون فكر الخروج على أنظمة الكفر هو فكر التيار الأعظم من المسلمين.

وإلى حين أن يتحقق ذلك لا مانع شرعا ـ إن وجدت المقدرة وأمنت الفتنة الأكبر ـ من العمل على استئصال ـ بصورة فردية ـ من تشتد فتنته على البلاد والعباد من طواغيت الحكم والكفر والجور، وإراحة العباد والبلاد منه .. فاستئصال طاغوت من طواغيت الحكم والكفر والجور وإزالته من طريق العباد أيسر وأسهل من عملية الخروج على جميع النظام ومؤسساته الخاصة به!

6- فإن قيل فما بال المباحث وعناصر الأمن والمخابرات جلادي النظام .. وما الموقف منهم ؟

أقول: المباحث وعناصر المخابرات هم كلاب الطاغوت المسعورة التي تسهر على حماية الطاغوت وحكمه وظلمه .. لا أرى الانشغال بهم ـ ولا بغيرهم من صعاليك الحكم إلا من اشتدت منهم فتنته على البلاد والعباد ـ وبخاصة في بلاد كالجزيرة العربية ـ خشية توسع دائرة الصراع ووقوع المحظور، وترويع الآمنين ـ إلا ما كان على وجه الدفاع عن النفس .. فإن بادروك أيها الأخ المجاهد بالاعتداء وأرادوا قتلك أو سجنك ليفتنوك عن دينك .. فدونك وإياهم .. فقاتلهم بنفس طيبة مقبلة غير مدبرة .. فإن قتلوك ـ وأنت تدافع عن نفسك ودينك وعرضك ـ فأنت من أهل الجنة .. وإن قتلتهم ـ وهم ينفذون أمر الطاغوت في قتلك واعتقالك ليفتنوك عن دينك ـ فهم في النار كما ورد ذلك في الحديث الصحيح.

بهذا أجيب عن سؤالك وعن سؤال كل من سأل نحو سؤالك من الإخوان ..


والحمد لله رب العالمين