أحدث المشاركات
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 26

الموضوع: (وَفِي ذَلِـكَ فَلْيَتَنَافَـسِ الْمُتَنَافِسُـــون) *

  1. #1
    الصورة الرمزية أسماء حرمة الله شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2005
    الدولة : على أجنحــةِ حُلُــم ..
    المشاركات : 3,877
    المواضيع : 95
    الردود : 3877
    المعدل اليومي : 0.56

    افتراضي (وَفِي ذَلِـكَ فَلْيَتَنَافَـسِ الْمُتَنَافِسُـــون) *

    السلام عليكم ورحمة اللـه وبركاته ..


    قال تعالى: (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُون)
    كلنا نسعى إلى السّمو بأنفسنا وتنمية إيماننا حتى نبلغ هدفنا في الدنيا .. الصلاح والتقوى .. ومن ثمّ هدفنا في الآخرة .. الجنة بإذن اللـه .. كلنا في تنافُس وتسابق في آداء العبادات ومجاهدة النفس في الدنيا لجزاء الآخرة ..

    لكل من يريد أن يحس بحلاوة القرب من اللـه عزّ و جلّ .. ولكل من تتوق نفسه إلى الخروج من الدنيا ومشاغلها .. واللجوء إلى اللـه تعالى والتذلل إليه .. لكل من أراد المبادرة والإسراع لنيل ذلك المقام .. هنا مساحة لاستباق الخيرات والتنافس في العبادات .. كقراءة جزء من القرآن أو تفسير آية أو شرح حديث .. أو إحياء سنن النبي صلى اللـه عليه وسلم .. فليذكّـر بعضنا بعضاً ولو بأشياء قليلة وبسيطة، لكنها قوية ومفيدة في محتواها وعظيمة في أجرها ..

    نسأل الله أن يوفقنا في أعمالنا وينفعنا بها، وأن يجعلها خالصة لوجهه سبحانه وتعالى، وأن يتقبلها منا قبولاً حسناً .. اللهم آميـن ..*



    ** الفكرة والمقدّمـة منقولتان، عنْ وبقلـم : أمَةٍ من إماء اللـه، رفضتْ أن أذكرَ اسمها : لها عليّ فضلٌ بعدَ اللـه سبحانـه وتعالى، فجزاها ربّي عنّي كل الخير,.
    سأبقى مدينةً لهـا ما حييـت ..



    -----------------------------------------
    نُهدي بإذن اللـه أجرَ هذه الشرفة لآبائنا وأمهاتنا، ولموتانا وجميع موتـى المسلميـن .

  2. #2
    الصورة الرمزية أسماء حرمة الله شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2005
    الدولة : على أجنحــةِ حُلُــم ..
    المشاركات : 3,877
    المواضيع : 95
    الردود : 3877
    المعدل اليومي : 0.56

    افتراضي التوبــة

    بسـم اللـه الرحمن الرحيـم


    1- التّوبــة


    بعض فضائل التوبة
    أولاً: التوبة سبب نيل محبة الله تعالى: وكفى بهذه الفضيلة شرفا للتوبة، قال الله تعالى: { إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ } [البقرة:222].

    ثانياً: التوبة سبب نور القلب ومحو أثر الذنب: فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه منها } [الحديث رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم وهو في (صحيح الجامع1666)].

    ثالثاً: التوبة سبب لإغاثة الله تعالى لأصحابها بقطر السماء، وزيادة قوة قلوبهم وأجسامهم: قال الله تعالى على لسان هود عليه السلام: { وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ } [هود:52].

    رابعاً: التوبة تجعل المذنب كمن لا ذنب له: فعن أبي سعيد الأنصاري رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { الندم توبة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له } [أخرجه الطبراني في الكبير وهو في ( صحيح الجامع 6679)].

    خامساً: التوبة أول صفات المؤمنين: { التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } [التوبة:112].

    سادساً: التوبة سبب في فرح الرب سبحانه وتعالى فرحاً يليق بجلاله وعظمته سبحانه، قال صلى الله عليه وسلم : { لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه قد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك، إذ هو بها قائمة عنده..} [متفق عليه].
    قال ابن القيم رحمه الله: هذا الفرح له شأن لا ينبغي للعبد إهماله والإعراض عنه، ولا يطلع عليه إلا من له معرفة خاصة بالله وأسمائه وصفاته، وما يليق بعز جلاله. انتهى كلامه من [مدارج السالكين1210].

    سابعاً: وبالجملة؛ فإن الله تعالى علّق الخير والفلاح بالتوبة، فلا سبيل إلى نيل خيرات الدنيا والآخرة إلا بها، قال سبحانه: { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [النور:31].




    -------------

    -- منقول

  3. #3
    الصورة الرمزية أسماء حرمة الله شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2005
    الدولة : على أجنحــةِ حُلُــم ..
    المشاركات : 3,877
    المواضيع : 95
    الردود : 3877
    المعدل اليومي : 0.56

    افتراضي مقاصد التوبـة

    مقاصد التوبة
    دعوة إلى السير في مدارج الكمال


    منقول عن: فضيلة الشيخ / محمد حسين يعقوب

    قال الله -جل جلاله-: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور:31]،

    وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [التحريم:8]، وقال عز وجل: ﴿وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات:11]

    وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة).


    أيها الأحبة في الله ..
    التوبة التي أمر الله بها عباده توبتان: توبة تُغير السير، وتوبة تُصحح السير، توبة يسلم بها العبد، وتوبة يجدد بها إسلامه، فالأولى توبة إسلام، والثانية توبة إحسان، والثانية منهما تكمل عمل الأولى؛ ذلك أنَّ التحول الذي تحدثه التوبة التي تعقب الغفلة والضلال، وإن كان شيئًا ضخمًا في مجال الأفكار والمعتقدات والمشاعر والأحاسيس والأقوال والأعمال، إلا أنها غير كافية لتحقيق كل ما ينتظر الإنسان بعد الهداية، فعندما ينهض بإصلاح ما فسد من أخلاقه وعاداته، وتقويم ما اعوج من أعماله وتصرفاته، ويتتبع بقايا الجاهلية في سلوكه: يكون قد شرع في التوبة الثانية، وإذا كانت التوبة الأولى تحدث مرة واحدة ويعيشها صاحبها في لحظة أو يوم، فإذا هو قد فصل بين عهدين من حياته، فإن التوبة الثانية تجديد مستمر، وعمل متواصل، وسعي دؤوب لتقليص هامش الإساءة بجميع صورها وتوسيع هامش الإحسان بكل أشكاله.
    إنَّ توبة الهداية والإيمان تشبه الوقود اللازم لتشغيل محرك معطل عن العمل، وتوبة الإحسان هي الوقود الآخر الذي يحتفظ بالمحرك في حالة اشتغال حتى يبلغ صاحب السيارة مأمنه.

    وقد يقول قائل: إنَّ الإسلام إنما تحدث عن توبة واحدة، فلماذا جعلتهما توبتين؟. والحقيقة: أننا لم نفرد التوبة الأولى عن الثانية بخصائص خاصة، فالرجوع إلى الله والإقبال عليه قاسم مشترك فيهما، ولكننا ميّزنا بين مرحلتين في حياة الإنسان، تحتاج كل منهما إلى توبة.

    وإنَّما دعانا إلى هذا التمييز: ما نراه عند كثير من المسلمين من التهاون في الارتفاع بإسلامهم وإيمانهم، فتجد الواحد منهم -إذا كان قد حقق في أول التزامه بعض التحولات- لا يكاد يزيد عليها شيئًا جديدًا، مع العلم أن إحلال السنة محل البدعة والطاعة محل المعصية لا يتم بين يوم وليلة.

    لم يكن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هكذا، فقد كان الواحد منهم إذا أسلم يخلع على عتبة الإسلام رداء الجاهلية ويشرع في إقصاء شوائبها من حياته، ويواصل الليل بالنهار والنهار بالليل، ليصل أقصى ما يستطيع الوصول إليه من درجات الإسلام.

    إنَّ الكمالات التي جاء بها الإسلام وأمر بالمنافسة عليها كثيرة جدًّا، كما أن النقائص التي نهى عنها لا تنحصر، وإذا كان الشيطان يضع العوائق في وجه ابن آدم يمنعه بها من التوبة الأولى، فإنه يستأنف محاولته مع من أفلت منه وتاب إلى ربه ليعوقه عن التوبة الثانية، فيصرفه عن تجديد إسلامه لتستوي أيامه، وتضيع منه الفرص، وتتحول حياته إلى ركود، بل لا يتردد في جر الإنسان إلى الوراء والتقهقر إلى الخلف، فبعد أن كان يتقدم إذا به يتأخر.




    ولمحاضرة فضيلـة الشيخ محمد حسين يعقوب بقيــة بإذن اللـه ...

  4. #4
    الصورة الرمزية د. نجلاء طمان أديبة وناقدة
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    الدولة : في عالمٍ آخر... لا أستطيع التعبير عنه
    المشاركات : 4,224
    المواضيع : 71
    الردود : 4224
    المعدل اليومي : 0.68

    افتراضي

    النقية الأستاذة أسماء

    ربما أكمل معك موضوع التوبة , هناك مقالة قرأتها لكاتب يدعى" محمد صالح المنجد" , أضعها هنا على وقفات, ان تسمحي...

    "أريد أن أتوب ولكن"

    إن الله أمر المؤمنين جميعاً بالتوبة : ( وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) النور /31 .

    وقسم العباد إلى تائب وظالم ، وليس ثم قسم ثالث البتة ، فقال عز وجل : ( ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ) الحجرات /11 وهذا أوان بعد فيه كثير من الناس عن دين الله فعمت المعاصي وانتشر الفساد، حتى ما بقي أحد لم يتلوث بشيء من الخبائث إلا من عصم الله .

    ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره فانبعث الكثيرون من غفلتهم ورقادهم، وأحسوا بالتقصير في حق الله ، وندموا على التفريط والعصيان ، فتوجهت ركائبهم ميممة شطر منار التوبة ، وآخرون سئموا حياة الشقاء وضنك العيش ، وهاهم يتلمسون طريقهم للخروج من الظلمات إلى النور .

    لكن تعترض طريق ثلة من هذا الموكب عوائق يظنونها تحول بينهم وبين التوبة ، منها ما هو في النفس ، ومنها ما هو في الواقع المحيط .

    ولأجل ذلك كتبت هذه الرسالة آملاً أن يكون فيها توضيح للبس وكشف لشبهة أو بيان لحكم ودحر للشيطان .

    وتحتوي هذه الرسالة على مقدمة عن خطورة الاستهانة بالذنوب فشرحاً لشروط التوبة ، ثم علاجات نفسية ، وفتاوى للتائبين مدعمة بالأدلة من القرآن الكريم والسنة ، وكلام أهل العلم وخاتمة .

    والله أسأل أن ينفعني وأخواني المسلمين بهذه الكلمات ، وحسبي منهم دعوة صالحة أو نصيحة صادقة ، والله يتوب علينا أجمعين .

    توبة عظيمة

    التوبة تمحو ما قبلها

    هل يغفر الله لي

    كيف أفعل إذا أذنبت

    أهل السوء يطاردونني

    هل اعترف ؟

    فتاوى مهمة للتائبين

    مقدمة في خطر الاستهانة بالذنوب

    ومنحنا مهلة للتوبة قبل أن يقوم الكرام الكاتبون بالتدوين فقال صلى الله عليه وسلم : ( إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات - محتمل أن تكون الساعة الفلكية المعروفة ، أو هي المدة اليسيرة من الليل أو النهار ، من لسان العرب - عن العبد المسلم المخطئ ، فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها ، وإلا كتبت واحدة ) رواه الطبراني في الكبير والبيهقي في شعب الإيمان وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 1209 . ومهلة أخرى بعد الكتابة وقبل حضور الأجل .

    ومصيبة كثير من الناس اليوم أنهم لا يرجون لله وقاراً ، فيعصونه بأنواع الذنوب ليلاً ونهاراً ، ومنهم طائفة ابتلوا باستصغار الذنوب ، فترى أحدهم يحتقر في نفسه بعض الصغائر ، فيقول مثلاً : وماذا تضر نظرة أو مصافحة أجنبية . الأجانب هم ما سوى المحارم .

    ويتسلون بالنظر إلى المحرمات في المجلات والمسلسلات ، حتى أن بعضهم يسأل باستخفاف إذا علم بحرمة مسألة كم سيئة فيها ؟ أهي كبيرة أم صغيرة ؟ فإذا علمت هذا الواقع الحاصل فقارن بينه وبين الأثرين التاليين من صحيح الإمام البخاري رحمه الله :

    - عن أنس رضي الله عنه قال : ( إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر ، كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات ) والموبقات هي المهلكات .

    - عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : " إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه ، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا – أي بيده – فذبه عنه "

    وهل يقدر هؤلاء الآن خطورة الأمر إذا قرأوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد ، فجاء ذا بعود ، وجاء ذا بعود ، حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم ، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه ( وفي رواية ) إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه ) رواه أحمد ، صحيح الجامع 2686-2687 .

    وقد ذكر أهل العلم أن الصغيرة قد يقترن بها من قلة الحياء وعدم المبالاة وترك الخوف من الله مع الاستهانة بها ما يلحقها بالكبائر بل يجعلها في رتبتها ، ولأجل ذلك لا صغيرة مع الإصرار ، ولا كبيرة مع الاستغفار .

    ونقول لمن هذه حاله : لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى من عصيت . وهذه كلمات سينتفع بها إن شاء الله الصادقون ، الذين أحسوا بالذنب والتقصير وليس السادرون في غيهم ولا المصرون على باطلهم . إنها لمن يؤمن بقوله تعالى : ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ) الحجر /49 ، كما يؤمن بقوله : ( وأن عذابي هو العذاب الأليم ) الحجر /50 .


    يتبع..........
    الناس أمواتٌ نيامٌ.. إذا ماتوا انتبهوا !!!

  5. #5
    الصورة الرمزية د. نجلاء طمان أديبة وناقدة
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    الدولة : في عالمٍ آخر... لا أستطيع التعبير عنه
    المشاركات : 4,224
    المواضيع : 71
    الردود : 4224
    المعدل اليومي : 0.68

    افتراضي

    توبة عظيمة

    ونذكر هنا نموذجاً لتوبة الرعيل الأول من هذه الأمة ، صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم : عن بريدة رضي الله عنه : أن ماعز بن مالك الأسلمي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( يا رسول الله إني ظلمت نفسي وزنيت ، وإني أريد أن تطهرني فرده ، فلما كان من الغد أتاه ، فقال : يا رسول الله إني زنيت فرده الثانية ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومه ، فقال : ( أتعلمون بعقله بأساً ؟ أتنكرون منه شيئاً ؟ ) قالوا : ما نعلمه إلا وفيّ العقل ، من صالحينا فيما نرى ، فأتاه الثالثة ، فأرسل إليهم أيضاً ، فسأل عنه فأخبره أنه لا بأس به ولا بعقله ، فلما كان الرابعة حفر له حفرة ، ثم أمر به فرجم ، قال : فجاءت الغامدية ، فقالت : يا رسول الله إني زنيت فطهرني ، وإنه ردها ، فلما كان الغد ، قالت : يا رسول الله لم تردني ؟ لعلك أن تردني كما رددت ماعزاً ، فوالله إني لحبلى ، قال : ( أما لا ، فاذهبي حتى تلدي ) ، قال : فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة ، قالت : هذا قد ولدته ، قال : ( اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه ) ، فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز ، فقالت : هذا يا رسول الله قد فطمته ، وقد أكل الطعام ، فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين ، ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها ، وأمر الناس فرجموها ، فيقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فتنضخ الدم على وجه خالد فسبها ، فسمع نبي الله سبه إياها ، فقال: ( مهلاً يا خالد ! فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس {وهو الذي يأخذ الضرائب } لغفر له ) رواه مسلم . ثم أمر بها فصلى عليها ، ودفنت .

    وفي رواية فقال عمر يا رسول الله رجمتها ثم تصلي عليها ! فقال : ) لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة وسعتهم ، وهل وجدت شيئاً أفضل من أن جادت بنفسها لله عز وجل . رواه عبد الرزاق في مصنفه 7/325 .

    التوبة تمحو ما قبلها

    وقد يقول قائل : أريد أن أتوب ولكن من يضمن لي مغفرة الله إذا تبت وأنا راغب في سلوك طريق الاستقامة ولكن يداخلني شعور بالتردد ولو أني أعلم أن الله يغفر لي لتبت ؟ فأقول له ما داخلك من المشاعر داخل نفوس أناس قبلك من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولو تأملت في هاتين الروايتين بيقين لزال ما في نفسك إن شاء الله .

    الأولى : روى الإمام مسلم رحمه الله قصة إسلام عمرو بن العاص رضي الله عنه وفيها : " فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : ابسط يمينك فلأبايعك ، فبسط يمينه فقبضت يديّ قال : مالك يا عمرو ؟ قال : قلت أردت أن أشترط ، قال ( تشترط بماذا؟) قلت : أن يغفر لي . قال : ( أما علمت يا عمرو أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها ، وأن الحج يهدم ما كان قبله ؟ ) .

    والثانية : وروى الإمام مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن أناساً من أهل الشرك قتلوا فأكثروا ، وزنوا فأكثروا ثم أتوا محمداً صلى الله عليه وسلم فقالوا : " إن الذي تقول وتدعوا إليه لحسن ، ولو تخبرنا أن لما عملنا كفارة ، فنزل قول الله تعالى : ( والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ، ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ، ومن يفعل ذلك يلق أثاماً ) الفرقان /68 . ونزل : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ) .

    هل يغفر الله لي

    وقد تقول أريد أن أتوب ولكن ذنوبي كثيرة جداً ولم أترك نوعاً من الفواحش إلا واقترفته ، ولا ذنباً تتخيله أو لا تتخيله إلا ارتكبته لدرجة أني لا أدري هل يمكن أن يغفر الله لي ما فعلته في تلك السنوات الطويلة . وأقول لك أيها الأخ الكريم : هذه ليست مشكلة خاصة بل هي مشكلة كثير ممن يريدون التوبة وأذكر مثالاً عن شاب وجه سؤالاً مرة بأنه قد بدأ في عمل المعاصي من سن مبكرة وبلغ السابعة عشرة من عمره فقط وله سجل طويل من الفواحش كبيرها وصغيرها بأنواعها المختلفة مارسها مع أشخاص مختلفين صغاراً وكباراً حتى اعتدى على بنت صغيرة ، وسرق عدة سرقات ثم يقول : تبت إلى الله عز وجل ، أقوم وأتهجد بعض الليالي وأصوم الاثنين والخميس ، وأقرأ القرآن الكريم بعد صلاة الفجر فهل لي من توبة ؟

    والمبدأ عندنا أهل الإسلام أن نرجع إلى الكتاب والسنة في طلب الأحكام والحلول والعلاجات ، فلما عدنا إلى الكتاب وجدنا قول الله عز وجل : ( قل يا عبادي الذي أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً أنه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له ) الزمر الآيتان 53،54 فهذا الجواب الدقيق للمشكلة المذكورة وهو واضح لا يحتاج إلى بيان .

    أما الإحساس بأن الذنوب أكثر من أن يغفرها الله فهو ناشيء عن عدم يقين العبد بسعة رحمة ربه أولاً . ونقص في الإيمان بقدرة الله على مغفرة جميع الذنوب ثانياً . وضعف عمل مهم من أعمال القلوب هو الرجاء ثالثاً . وعدم تقدير مفعول التوبة في محو الذنوب رابعاً . ونجيب عن كل منها .

    فأما الأول : فيكفي في تبيانه قول الله تعالى : ( ورحمتي وسعت كل شيء ) الأعراف /56 .

    وأما الثاني : فيكفي فيه الحديث القدسي الصحيح : ( قال تعالى من علم أني ذو قدرة على مغفرة الذنوب غفرت له ولا أبالي ، ما لم يشرك بي شيئاً ) رواه الطبراني في الكبير والحاكم ، صحيح الجامع 4330 . وذلك إذا لقي العبد ربه في الآخرة .

    وأما الثالث : فيعالجه هذا الحديث القدسي العظيم : ( يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أنك أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة ) رواه الترمذي ، صحيح الجامع 4338 .

    وأما الرابع : فيكفي فيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) رواه ابن ماجه ، صحيح الجامع 3008 .



    أن أحببتي أكملت نقل المقال, فأنا أخاف أن أثقل عليكم لطوله, لكنه أعجبني فأحببت أخذ ثواب نقله.


    شذى الوردة ورمضان كريم وأكرم منه ربي

    د. نجلاء طمان

  6. #6
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Jul 2003
    المشاركات : 5,436
    المواضيع : 115
    الردود : 5436
    المعدل اليومي : 0.72

    افتراضي

    الحبيبة و الغالية أسماء

    بارك الله في قلمك و نفع بك و أحسن إليك و رحمك رحمة تسعها السماوات و الأرض و غفر لك ، فما أسعدني بك أختاً لم تلدها أمي و ما أبهج أيامي بك يا شقيقتي .


    الأخت الفاضلة نجلاء

    شكر الله لك و أثابك و نفع بما كتبت هنا .

    ودي .

  7. #7
    الصورة الرمزية زاهية شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2004
    المشاركات : 10,345
    المواضيع : 575
    الردود : 10345
    المعدل اليومي : 1.42

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أسماء الحبيبة كل عام وأنت بخير
    ماأجمل هذا الموضوع أدعو الله أن يجعله في سجل حسناتك سأتابع معك ومع العزيزة د.نجلاء ماتزودانا به من نصوص بشأن التوبة فرمضان هو شهر التوبة والمحبة لكل الأرواح ..
    أختكما
    بنت البحر
    حسبي اللهُ ونعم الوكيل

  8. #8
    الصورة الرمزية أسماء حرمة الله شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2005
    الدولة : على أجنحــةِ حُلُــم ..
    المشاركات : 3,877
    المواضيع : 95
    الردود : 3877
    المعدل اليومي : 0.56

    افتراضي

    سلام ربّي عليكِ ورحمتـه وبركاتـه

    تحية تهطل دعاءً

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. نجلاء طمان مشاهدة المشاركة
    أن أحببت أكملت نقل المقال, فأنا أخاف أن أثقل عليكم لطوله, لكنه أعجبني فأحببت أخذ ثواب نقله.
    شذى الوردة ورمضان كريم وأكرم منه ربي
    د. نجلاء طمان
    النقيـة بيضاء القلب د. نجلاء،

    وكيفَ يُثقـل موضوع يتدفّقُ بعطر التوبة والإنابـة إلى اللـه، يا كريمة الحرف والقلب ؟! بلْ اقشعرّ بدني وأنا أطالعُ ما كتبـتِ، أكملي وواصِلي وصلَـكِ ربّي بجنة الفردوس، وبـه سبحانه دائماً وأبداً، وجزاك عنّا كل خيـر ..


    ورمضان كريم، بالخير ورضا اللـه والعتق من النيران


    خالص عرفاني وأكثرنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    وألف طاقة من الورد والندى

  9. #9
    الصورة الرمزية أسماء حرمة الله شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2005
    الدولة : على أجنحــةِ حُلُــم ..
    المشاركات : 3,877
    المواضيع : 95
    الردود : 3877
    المعدل اليومي : 0.56

    افتراضي حوافــز التوبــة


    بقيــة محاضرة فضيلـة الشّيخ محمد حسين يعقوب، جزاه اللـهُ كلّ خير



    حوافز التوبة:

    إنَّ دوافع التوبة إذا استقرت في قلب المسلم، وصارت جزءًا من العلم الذي في صدره، دفعته للأخذ بأسباب الهداية التفصيلية، بعد أن أكرمه الله -تعالى- بنعمة الهداية العامة، ويوجد بحمد الله -تعالى- أكثر من حافز لهذا التجديد الذي يرتقي بنا في درجات الكمال الممكنة، ويجعلنا دومًا في زيادة من ديننا، ويجعل من التوبة عمل اليوم والليلة.


    الحافز الأول: عموم الأمر بالتوبة والحث على تعجيلها:

    لقد أمر الله -عزَّ وجل- الناس كافة بالتوبة، وأمر بها المؤمنين خاصة، وهذا يعني أن أي إنسان مهما بلغ إيمانه، وتدينه واستقامته لا يستغني عن التوبة، فهي بداية السير ونهايته، يصبح فيها العبد ويمسي، ولا يدعها أبدًا، لكن الناس يختلفون في موضوع التوبة: فقد يتوب عبد من الكفر، في الوقت الذي يتوب آخر من بدعة، وثالث من ذنب كبير، ورابع من صغيرة، وخامس من شبهة، وسادس من تقصير في فريضة أو نافلة، وسابع من ترك نصيحة أو غفلة عن ذكر أو تهاون في دعوة أو جهاد...

    فهناك إذن أمر إلهي عام لعموم الناس ولعموم المؤمنين بالتوبة إليه، وهذا الأمر يجعل من التوبة ثوبًا لا ينزعه العبد ما عاش، وإن نزعه لبعض الوقت عاد إليه من قريب.

    فمن الآيات التي خاطب بها سبحانه عباده جميعًا: قوله تعالى: ﴿وَإنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ [طه: 82].
    وقوله سبحانه: ﴿إنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلئكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴿17﴾ وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ إنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ﴾ [النساء:17-18].

    ومن الأحاديث: قوله فيما رواه الترمذي وحسنه: (تُقبل توبة العبد ما لم يغرغر)، والغرغرة: الاحتضار، وقوله: (إنَّ الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربه) [رواه مسلم].

    أمَّا الآيات التي خاطبت المؤمنين خاصة، فمنها قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحً﴾ [التحريم: 8]، وقوله عز وجل: ﴿وَتُوبُوا إلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].

    ولايخفى أن التوبة التي أمر الله بها المؤمنين ليست توبة الإسلام والإيمان؛ فهم مسلمون مؤمنون، ولكنها توبة الإحسان التي تجدد إسلامهم، وتقوي إيمانهم، وتصلح ما فسد من أعمالهم وتقوِّم ما اعوج من تصرفاتهم.

    وما دامت الأخطاء واردة فالأمر بالتوبة قائم لا يجاوزه أحد، وهو في كل وقت على التعجيل والفور، لا التأخير والتراخي، وكل توبة قبل الموت فهي توبة من قريب، وكل ذنب فارتكابه جهالة.


    الحافز الثاني: التفكر الدائم في حقيقة الزمن:

    هناك حجاب كثيف من الغفلة يمنع أكثر الناس من إدراك حقيقة الزمن، فهم لا يرون في طلوع الشمس سوى بداية يوم جديد يربطون فيه الاتصال بمجموعة من الهموم الآنية والأغراض العاجلة، كما لا يرون في الليل سوى نهاية ذلك اليوم، ونادرًا ما يتجاوزن هذا النظر القريب إلى نظر آخر بعيد، يبدو فيه تعاقب الليل والنهار درسًا بليغًا، وموعظة، وذكرى للنفس: ﴿وَهُوَ الَذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورً﴾ [الفرقان: 62].

    كل يوم يأتي هو فرصة لمن كان على قيد الحياة، فهذه الأيام لا تتعاقب بلا نهاية، بل لكل إنسان منها عدد محدود، يبدأ يوم ولادته، وينتهي يوم وفاته.

    إنَّ قراءة الزمن على ضوء الآيات والأحاديث وأقوال أهل العلم والإيمان تنتهي بالعبد إلى نتيجة أخيرة، هي: أن أحسن ما يقدم بين يديه في هذه الأيام هو العمل الصالح، وأول عمل صالح يقدمه بين يديه هو التوبة الصادقة، فيقبل على ربه بالافتقار، ويعتذر إليه عن التقصير في القيام بواجب العبودية؛ لعل توبته تلك تشفع له بين يدي أعماله القليلة الهزيلة.

    إنَّ دورة اليوم، ودورة الأسبوع، ودورة الشهر، ودورة العام: كل منها يعطي مثلًا لعمر الإنسان، قال الله تعالى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الحيَاةُ الدُّنْيَا إلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ﴾ [الحديد: 20].
    ففي هذه الآيات تعريف للدنيا وما يفعل الناس فيها؛ فهي لعب ولهو وزينة وتفاخر وتكاثر في الأموال والأولاد، ومثالها في سرعة الانقضاء كمثل النبات يتم دورته في مدة يسيرة: فبينما هو نبت صاعد أخضر، إذا هو هشيم أصفر.

    وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الحاكم وابن المبارك في الزهد بسند صحيح من مرسل عمرو بن ميمون: (اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك).
    فيدل هذا الحديث على أنَّ الزمن سريع الزوال، والدنيا فرص، إذا لم يغتنمها صاحبها فاتت وذهبت، فالشباب لابد يأتي بعده الهرم، والحياة يأتي بعدها الموت.

    قال الحسن البصري: «إنما أنت أيام مجموعة، كلما مضى يوم مضى بعضك، وإنما أنت بين راحلتين تنقلانك، ينقلك الليل إلى النهار، وينقلك النهار إلى الليل، حتى يسلمانك إلى الآخرة، فمن أعظم منك يا ابن آدم خطرًا، والموت معقود بناصيتك، والدنيا تطوى من ورائك؟».
    لقد التفت الحسن البصري -رحمه الله- في هذه القولة إلى البعد الزماني في تعريف الإنسان، فهو مجموعة من الأيام إذا مضى منها يوم مضى منه بعضه حتى ينتهي.

    لقد قال بعض العارفين يصف الدنيا: «إنها أنفاس تُعد، ورحال تُشد وعارية ترد، والتراب من بعد ينتظر الغد، وما ثمّ إلا أمل مكذوب، وأجل مكتوب، فكيف يغفل مَن يَوْمُه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره، وعمره يقوده إلى أجله».

    إنَّ التفكر في حقيقة هذا الزمن على ضوء تصور الإسلام للحياة الإنسانية ضروري للقيام بتجديد شامل ومستمر في الأفكار والأعمال، فهو يكشف له أن بضاعته في هذه الحياة هي الزمن، وكل يوم يبزغ فجره فرصة إمهال قد تكون الأخيرة وبعدها العذاب الشديد أو المغفرة والرضوان.

    إنَّ هذا التفكر في ذلك البعد هو الذي يوقف داء التسويف الذي يعاني منه كثير من الناس عندما يَعِدون أنفسهم بالتوبة عدة مرات، ويقولون: غدًا غدًا، فيجيء الغد ويصير يومًا، ويصير اليوم من بعد ذلك أمسًا، وهم على حالهم، مغترون بالعافية والستر، لا يذكرون ما بين أيديهم من أهوال وأخطار، حتى يفجأهم الموت في وقت لم يتوقعوه، ويصرعهم في يوم لم ينتظروه، فتفوتهم فرصة التوبة والتدارك.

    ولا يحسبن أحد أنَّ التفكر الذي ندعو إليه هو تلك الأفكار السوداوية التي تدعو إلى التشاؤم بهذه الحياة، بل نحن ندعو إلى تأمل إيجابي فعال، تكون ثمرته إعادة النظر في عوائد الحياة، وتصحيح ما لا يتفق مع قيمتها وأمانة الاستخلاف فيها.

    إنه ما لم يستحضر الإنسان حقيقة الزمن بين عينيه بكل خطورتها فلن يتقدم خطوة واحدة في توبته، لكنه إن ذكر أن عمره ينقص ولا يزيد، وأنه يسعى في هدمه منذ نزل من بطن أمه، وأنه في كل يوم مودع.. تنبه وتيقظ، ولم يؤخر عمل اليوم إلى الغد؛ لأن للغد عمله.


    الحافز الثالث: النظر إلى الماضي:

    خلق الله -عزَّ وجل- الإنسان بقدرات عقلية متميزة، ومنها القدرة على التذكر، وهذه القدرة التي أوتيها الإنسان دون سائر الحيوانات ليست من أجل التعرف على الأشياء عند رؤيتها، أو من أجل إتقان المهن والحرف والمهارات، أو من أجل القراءة والكتابة ... أو غير ذلك من منافع الذاكرة فقط، بل هناك مهمة أخرى أسمى من هذا كله، هي: استرجاع الماضي بقصد المحاسبة والمراجعة، قال الله -تعالى-: ﴿لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ القِيَامَةِ ﴿1﴾ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾ [القيامة:1-2].

    والله -عزَّ وجل- إذا أقسم بشيء من مخلوقاته: فإما لأجل بيان قدرة هذا الشيء ومنزلته، أو للتنبيه على ما فيه من دلائل الحكمة الإلهية، وفي هذه الآية أقسم -سبحانه- بالنفس اللوامة تنبيهًا على هذه الآية العقلية، وهي: قدرة الإنسان على التفكير بعامة والتذكر بخاصة، وثانيًا: تنويها بهذه النفس التي استعملت هذه القدرات العقلية فيما خلقت لها ولم تقصرها على جانب التسخير والانتفاع فحسب، فجعلتها للتفكر والمحاسبة والاعتبار أيضًا.

    إنَّ الماضي لا يرجع، ولكن الإنسان يستطيع أن يسترجعه من الذاكرة، فإذا أحداثه حاضرة في وعيه وشعوره ينظر إليها، فإذا كان القصد من استرجاعها هو المحاسبة والمراقبة، فنحن أمام حافز آخر من حوافز التوبة.

    إنَّ الذي ينسى ماضيه بمجرد مروره لا يمكن أن يصحح حاضره أو يخطط لمستقبله، لأنه يعيش عمرًا متقطعًا منفصلًا بعضه عن بعض، ولكن الذي يرى عمره سلسلة واحدة متصلة الحلقات، يأخذ من ماضيه لحاضره، ومن حاضره لمستقبله، وهذا الذي يأخذه هو الدروس والعبر، وهو التجارب والخبرات، فالذي يفكر في ماضيه على ضوء الطموحات التي اختطها لنفسه في الحياة، وعلى ضوء الغاية التي يسعى إليها، وهي رضوان الله والجنة، يستقل طاعاته لا محالة، ولسان حاله في كل مرحلة: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كذا ولتركت كذا، فيتدارك ما استطاع، ويعوض عما فات ويسابق الأيام في ذلك.

    بهذا يؤدي الماضي للمسلم الذي ينظر فيه مهمة جليلة؛ لأنه يتحول إلى ناصح وموجه، يدلي بمشورته عند الحاجة.

    وإذا كانت التوبة الصحيحة تمحو ما قبلها، فإن هذا لا يعني أن المسلم إذا تاب ينسى ما قدمت يداه: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ﴾ [الكهف:57].

    لكنه بعد التوبة يحتفظ لماضيه بهذه المهمة الإيجابية، وهي: الحث على الاستدراك وإصلاح الأخطاء، وهذا معنى قول بعض العلماء: معصية أورثت ذلًا وانكسارًا خير من طاعة أورثت عجبًا واستكبارًا.


    الحافز الرابع: النظر إلى المستقبل:

    إذا كان الجسم الإنساني محصورًا في الحاضر، خاضعًا لسلطته: فإن القلب يستطيع أن يتحرر من هذه السلطة ليرتاد أغوار الماضي وآفاق المستقبل، فيرى حياته في أطوارها الماضية والحاضرة والمقبلة، والذي ينظر إلى حياته بهذا الشكل الممتد ولا يبقى سجين الحاضر هو الذي يرى عواقب الأمور في بداياتها، فيغنم خيرها، وينجو من شرها؛ لأنه يُعِد لكل أمر عدته ويلبس لكل حالة لبوسها، ويتصرف أمام كل موقف بما يناسبه، لا قبل الأوان ولا بعد الأوان.

    وإذا كان نظر المسلم إلى ما مضى يجدد عزمه ويشحذ همته، ليكون في يومه أفضل منه في أمسه، فإن نظره إلى المستقبل يحثه على المسارعة بتنفيذ ما عزم عليه من توبة وتصحيح، فالآجال بيد الله وحده، والأعمال بالخواتيم، والمستقبل يشمل ما ينتظره بعد الموت من أهوال القبر، وما ينتظره بعد البعث من أهوال الحشر والحساب.

    إنه لا يدري متى يستدعى، ولا يدري ما اسمه غدًا، ولايدري أيخف ميزانه أم يثقل، ولا يدري أيكون من السعداء أم من الأشقياء.

    كيف ينسى المسلم هذا المستقبل وهو معني به، وسيعيش لحظاته لحظة لحظة، ويجتاز أطواره مرحلة مرحلة، حتى يكون مثواه في الجنة أو في النار.

    وإنما يغفل عن هذا المستقبل من ضعفت خشيته، وبهت يقينه باليوم الآخر، وران على قلبه ما كسب من خطيئات، يلعب بالنار وهو لاهٍ غافل، ويقف على حافة الهاوية وهو سادر معرض، حتى يفجأه الموت وهو على عمل من أعماله الرديئة، فيهلك هلاك الأبد.

    إنه لا ينجي من سوء الخاتمة إلا التفكر الدائم في المستقبل، والمستقبل يبدأ من اللحظة الآتية، ومن خاف سوء الخاتمة اجتهد في توسيع دائرة الإحسان في حياته وتقليص هامش الإساءة، وهذه هي التوبة الثانية بمعناها الواسع، فإنه لا يودع فترة من حياته إلا وقد شهد فيها إسلامه تحسنًا جديدًا.


    الحافز الخامس: الشعور بالاصطفاء:

    لقد مضت سنة الله -تعالى- في الناس أن يكون أهل الهداية قلة وأهل الضلالة كثرة ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [يوسف: 103]، ﴿وَإن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [ الأنعام:116]، ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾ [هود: 119]، ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ:13]، ﴿وَالْعَصْرِ ﴿1﴾ إنَّ الإنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴿2﴾ إلاَّ الَذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر].

    والتفكر في هذه الحقيقة الإلهية، وتتبع شواهدها في التاريخ والواقع: من أعظم الحوافز التي تدعو إلى التمسك بالهداية، والتشبث بأسبابها، والحذر من عوامل سلبها، فالذي يعلم أنه بالتوبة الأولى قد التحق بالموكب الكريم من المؤمنين الصالحين، وانتمى إلى الصفوة المختارة من عباد الله يتقدمهم الأنبياء والمرسلون: يعمل أقصى جهده ليتبوأ أفضل مقعد في هذا الموكب، ويأخذ أحسن موقع في هذا الصف، ولا يزال يجاهد نفسه ويحملها على الأحسن والأصوب، وحتى يدرك من المراتب ما لا يشاركه فيه إلا القليل من الناس.

    وأي شيء يهدده في هذه النعمة، ويحرمه من هذه المعية الطيبة وهذا الجوار المقدس: يبعد عنه ويحذر منه.

    هذا الشعور بالاصطفاء الذي يبدأ في القلب عقب التوبة الأولى، ويزداد ويعظم بالتوبة الثانية: هو الذي يهون على النفس سائر المعاصي مهما تكن جاذبيتها؛ لأنه عندما يضع تلك اللذات في كفة، ويضع هذا الاصطفاء في كفة، ويكون ذا عقل ورأي: لا يرجح إلا الثاني، ولا يأنس إلا به، وكيف لا يأنس وقد وجد الطريق ووجد الرفيق؟!.


    الحافز السادس: التأسي برسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

    إنَّ التأسي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- فوق أنه فرض واجب، فهو من أعظم الحوافز التي تدعو المسلم إلى تجديد إسلامه باستمرار.

    والتأسي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليس عمل يوم أو ليلة، ولكنه عمل كل يوم وكل ليلة حتى الوفاة، فقد جمع الله -عزَّ وجل- الكمالات البشرية في نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وزكى سيرته من فوق سبع سماوات لتكون قدوة للناس، فكل مسلم مأمور أن يدرس هذه السيرة بنيّة التأسي والاتباع، قال الله -تعالى-: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب:21].

    ومن اكتشف هذا المعِين: لزمه، واستقى منه، ومنع أي مصدر آخر أن يشوش عليه، وكيف يترك المقطوع به للمظنون، والمعصوم لغير المعصوم؟!.

    وما دام المسلم يرى في سلوكه بدعًا ومحدثات وذنوبًا وآثامًا، فإنه يشعر بالنقص الحاصل في امتثاله للآية السابقة، فيزداد اقترابًا من سيرة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، جاعلًا الغاية التي يشمر إليها والشعار الذي يسعى نحوه: الأخذ بكل ما كان يفعله نبيه، والإقلاع عن كل ما كان يتركه.

    إنَّ الاقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صلاته، وصيامه، وحجه، وذكره، وطهوره، ودعوته، وفي شأنه كله: حافز من حوافز التوبة الثانية التي تمتد سائر العمر.

    وإذا علم المسلم أن النبي نفسه وهو المعصوم الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قد أُمر بالتوبة والاستغفار في عدة آيات، آخرها عند فتح مكة لما قال الله -تعالى- له: ﴿إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴿1﴾ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ﴿2﴾ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إنَّهُ كَانَ تَوَّابً﴾ [النصر].

    ماذا يكون حال غيره ممن لا يدري بَعْدُ مصيره، وفي الحديث الذي رواه مسلم يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا أيها الناس: توبوا إلى الله واستغفروه، فإني أتوب في اليوم مئة مرة).


    الحافز السابع: الاقتداء بالسلف الصالح:

    الاقتداء بالسلف الصالح فرع عن الاقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والسلف الصالح هم القرون الثلاثة الأولى التي شهد لها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالخيرية ثم جميع الذين يشبهونهم في الفهم والتطبيق، كيفما كان عصرهم، وكيفما كان بلدهم.

    السلفية اتجاه في فهم الإسلام والعمل به، والسلف هم الذين تحققوا بمقومات هذا الاتجاه في كل عصر، الأمثل فالأمثل، وفي حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه-، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أوصيكم بتقوى الله.... فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة).

    فذكر سنته، ثم ذكر سنة الخلفاء الراشدين بعده؛ لأنها امتداد لسنته، فقد كانوا -رضي الله عنهم- أشبه الناس به في صلاته وقضائه وجهاده وفي هديه كله، ثم يأتي بعدهم التابعون لهم بإحسان في كل جيل.

    ويحتاج المسلم الذي يريد أن يجدد إسلامه ويتوب توبة الإحسان أن ينظر في سيرة من سبقوه، وحازوا قصب السبق في كل فضيلة؛ فعندما يطالع سيرهم: يقف على نماذج رائعة في استغلال الوقت، واستثمار العمر، ومبادرة الأجل بالأعمال الصالحة، وترتيب الأعمال حسب الأولوية، والموازنة بين العبوديات، والشمول في فهم الدين، واليقين العظيم في الجزاء، والبعد عن موجبات النقمة والعذاب، ثم ينظر إلى نفسه، فيجدها بعيدة عن كل ذلك، فتتحرك في نفسه غبطة محمودة تحمله على منافستهم في مقاماتهم، والاقتداء بهم في أخلاقهم وأعمالهم، وقد كتب علماؤنا كتب التاريخ والتراجم لهذا الغرض؛ حتى تبقى التجارب الناجحة في تطبيق الإسلام محفوظة، يستشهد بها الواعظ والخطيب والمربي والداعية والمدرس والشاعر والكاتب، كلّ في مجاله وموضوعه، وهذه مقتطفات من كتاب صيد الخاطر للشيخ عبد الرحمن ابن الجوزي المتوفى سنة 597ه، نوردها مثالاً لهذه السيرة النموذجية يقول:
    «تأملت نفسي بالإضافة إلى عشيرتي الذين انفقوا أعمارهم في اكتساب الدنيا، وأنفقت زمن الصفوة والشباب في طلب العلم، فرأيتني لم يفتني ممَّا نالوه إلا ما لو حصل لي لندمت عليه، ثم تأملت حالي: فإذا عيشي في الدنيا أجود من عيشهم، وجاهي بين الناس أعلى من جاههم، وما نلته من معرفة العلم لا يقاوم، وما طالت طريق أدت إلى صديق كما يقال، وقد كنت في حلاوة طلبي للعلم ألقى من الشدائد ما هو عندي أحلى من العسل؛ لأجل ما أرجو وأطلب» .

    «كنت في زمن الصبا آخذ معي أرغفة يابسة، فأخرج إلى طلب الحديث، وأقعد على نهر عيسى في ضواحي بغداد، فلا أقدر على أكلها إلا عند الماء، فكلما أكلت لقمة شربت عليها، وعين همتي لا ترى إلا تحصيل العلم، وأثمر عندي ذلك من المعاملة ما لا يدرك بالعلم، حتى إنني أذكر في زمان الصبوة ووقت الغلمة والعزبة: قدرتي على أشياء كانت النفس تتوق إليها توقان العطشان إلى الماء الزلال، ولم يمنعني عنها إلا ما أثمر عندي من خوف الله -عزَّ وجل-، ولولا خطايا لا يخلو منها بشر ... لقد أخاف على نفسي العجب، غير أنه -عزَّوجل- صانني وعلمني وأطلعني من أسرار العلم على معرفته وإيثار الخلوة به، حتى لو حضر معي معروف الكرخي وبشر الحافي لرأيتهما زحمة» .

    وقد رباني -سبحانه- منذ كنت طفلاً، فإن أبي مات وأنا لا أعقل به، والأم لم تلتفت إليّ، فركّز في طبعي حب العلم، ومازال يوقعني على المهم فالمهم، ويحملني إلى من يحملني على الأصوب حتى قوّم أمري...

    ولقد تاب على يدي في مجالس الذكر أكثر من مائتي ألف، وأسلم على يدي أكثر من مائتين، وكم سالت عين متجبر بوعظي لم تكن تسيل... » .

    هذه نشأة عالم مسلم وكلها تصون وعفاف، وعلم نافع وعمل صالح، ومع ذلك: كثيرًا ما يؤنب نفسه، ويرى أنه لم يسلم بعد إسلامًا جيدًا، يقول رحمه الله -تعالى-: «تفكرت في نفسي يومًا محققًا، فحاسبتها قبل أن تحاسب، ووزنتها قبل أن توزن ... ولقد تفكرتُ في خطايا لو عوقبت ببعضها لهلكت سريعًا، ولو كشف للناس بعضها لاستحييت، ولا يعتقد معتقد أنها من كبائر الذنوب حتى يظن بي ما يظن في الفساق، بل هي ذنوب قبيحة في حق مثلي، وقعت بتأويلات فاسدة ... أف لنفسي! وقد سطرت عدة مجلدات في فنون العلم وما عبق بها من فضيلة، إن نُوظِرَتْ شَمَخَتْ، وإن نوصحت تعجرفت، وإن لاحت الدنيا طارت إليها طيران الرخم وسقوط الغراب على الجيف... أف والله مني اليوم على وجه الأرض وغدًا تحتها!، والله إن نتن جسدي بعد ثلاث تحت التراب أقل من نتن إخلاقي وأنا بين الأحباب... وغدًا يقال: مات الحبر العالم الصالح، ولو عرفوني بحق معرفتي ما دفنوني... والله لأنادين على نفسي نداء المكشِفين معايب الأعداء، ولأنوحن نوح الثاكلين للأبناء ...

    واحسرتاه على عُمْر انقضى فيما لا يطابق الرضى، واحرماني من مقامات الرجال الفطناء، يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله وشماتة العدو بي، واخيبة من أحسن الظن بي إذا شهدت الجوارح عَليّ، واخذلاني عند إقامة الحجة، سخر والله مني الشيطان وأنا الفطن» .

    ثم يختم هذه المعاتبة بقوله: «اللهم توبة خالصة من هذه الأقذار، ونهضة صادقة لتصفية ما بقي من الأكدار» .

    فإذا كانت نهاية حوار هذا العالم مع نفسه أن يسأل توبة خالصة ونهضة صادقة، فما أحرى من هو دونه علمًا وعملًا أن يسأل ذلك.

    ونؤكد أن المسلم إذا طالت صحبته لسِيَر السلف استوحش من أهل زمانه وأنكر أسلوب حياتهم، وتعلق بالآفاق العالية التي حلق فيها أولئك الرجال العظماء النبغاء الموهوبون، فهو في كل ساعة مشغول بمنافستهم ومزاحمتهم، وكلما حل بمنزلة من منازل السير: تراءت له أخرى أعلى، وكلما دهمه كسل أو فتور: تذكر أنه في حلبة سباق، وأي تهاون أو تباطؤ سيلقي به في مؤخرة المتنافسين، ويزيده تشجيعًا: أن الاجتماع بهؤلاء السلف الصالح هو السير على نهجهم والتخلق بأخلاقهم.

    إنَّ الاقتباس من السِّيَر الناجحة والتجارب الموفقة في تطبيق الإسلام يحدث توبة متجددة في حياة المسلم، ويصحح من أوضاعه باستمرار.


    الحافز الثامن: حقارة الإنسان بلا إيمان:

    إنَّ مما يزكي خطوات المسلم في طريق التوبة: علمه أن الإنسان بلا إيمان كائن تافه حقير، بل هو لا شيء، يولد ويحيا ويموت كما ولد ومات الملايين من أمثاله.

    ها هو الليل والنهار قد صحبا قوم نوح وعاد وثمود وقرونًا بين ذلك كثيرًا، فقرب بهما البعيد، وبلي بهما الجديد، وتحقق بهما الموعود، ولا زالا يسيران في الباقين سيرتهما في السابقين، أفيكون من التبصر والتعقل تعرض الإنسان الضعيف الفقير لهلاك الأبد إذا أصر على الكفر أو المعصية، وأنفق أيام عمره فيما يغضب الله ويسخطه عليه ؟.

    أيكون من التعقل أن يعرف الإنسان طريق الأمان ويظل شاردًا عنه، والله -سبحانه- يفرح بتوبته إذا تاب كما يفرح المسافر الذي أضل راحلته حتى أوشك الهلاك جوعًا وعطشًا، فوجدها وعليها طعامه وشرابه؟.

    كثير من الناس تتضخم عندهم ذواتهم، وتتحول إلى معبود يعبدونه من دون الله، فيظن أنه ذو شأن كبير بما عنده من أموال، أو ما يحمله من ألقاب، أو ما عنده من خدم وحشم وولد، وتخدعه الأعراض الزائلة، فيغفل عن البداية والنهاية، أو الميلاد والممات، وينسى أن ما أدركه من مال وجاه عَرَض حاضر، وعن قريب يزول، قال -تعالى-: ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ ﴿1﴾ الَّذِي جَمََعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ ﴿2﴾ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ ﴿3﴾ كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الحُطَمَةِ﴾ [الهمزة: 1 4]، فمالُه لا يُخلده، بل مثله مثل سائر الناس يموت بأجَله؛ فيترك المال وراء ظهره، ويقدم على ربه وحده.

    تضخم الذات وتحولها إلى محور لاهتمامات الشخص، واغتراره بالمكانة والجاه في بلده وقومه: موانع تحول دون الإنسان والتوبة، ولكنه متى علم أنه بلا إيمان كائن حقير، وأنه يموت فيرجع إلى ربه: طلب المكانة اللائقة به، بصفته مخلوقًا كريمًا على الله الذي خلق كل شيء من أجله وخلقه لعبادته.


    الحافز التاسع: العلاقة بين الإنسان والكون:

    إنَّ الإسلام ليس دين الإنسان فحسب، بل هو دين الكون كله، فالسماوات والأرض وما فيهما خاضع لكلمة الله الواحدة، وكل ما فيهما من كائنات علوية وسفلية مسلم لله عابد له بالكيفية التي تناسبه.
    وأي مخالفة مهما كانت هينة تمثل شذوذًا عن كوْنٍ مسلم خاضع لربه مطيع لخالقه.

    هذا الكون إبداع الخلاق العليم، والإنسان جزء منه، فالقوانين التي تحكم فطرته ليست بمعزل عن الناموس الذي يحكم الوجود كله، والله الذي خلق هذا الكون وخلق الإنسان، هو الذي سن للإنسان شريعة تنظم حياته تنظيمًا متناسقًا مع طبيعته، فأي خروج عنها يعني التصادم مع الفطرة والكون.

    وإذا كان الحفاظ على هذا الانسجام بين الفطرة والكون مطلبًا عزيزًا؛ لكثرة أخطاء الإنسان وذنوبه: فإن الله -عزَّ وجل- فتح باب التوبة، يدخله العبد كل وقت، فيجدد عهود الخلافة ويصحح ما كان قد انتقض منها، وفي بعض الآثار: أن الإنسان إذا أذنب الذنب تستأذن المخلوقات في إهلاكه، فيقال لها: لعله يتوب، لعله يتوب.

    إنَّ الإحساس بالرابطة التي تربطنا بالكون وهي رابطة العبودية لله هو الذي يدفع إلى الالتزام الصارم بأوامر الشريعة؛ لأنها توفق بين نظام الكون ونظام الفطرة، وتكون التوبة التي تعقب الذنوب أو تجدد الطاعات بمثابة المصالحة التي تعقب الخصام، أو القرب الذي يقرب التباعد والهجران.

    الإنسان المسرف على نفسه مثل النغمة النشاز التي تشذ عن أنشودة الكَوْن، أو هي المتسابق الذي يسير في عكس اتجاه الكوكبة، أو هو المصلي الذي يصلي في اتجاه مقابل للقبلة مخالفًا لباقي المصلين.

    فلو تذكر الإنسان أنه ليس وحده في هذا الكون، ولو التفت يمينًا وشمالًا، ورفع بصره وخفضه، ورأى آيات الله في الآفاق والأنفس، لرأى مخلوقات مقبلة على شأنها، قائمة بحق ربها، فيقبل مثلها على شأنه وينظر في أمر ربه فيلزمه، عند ذلك يشعر بالأُنس، وتزول عنه الغربة التي يشعر بها غيره، فكيف إذا ترقى من الشعور بالأُنْس مع المخلوقات إلى الأنس بالخالق، فيأنس إلى ربه عندما يشعر أن الله -تعالى- معه، يشهده وينظر إليه، وأن الله -تعالى- معه، يحفظه ويرعاه، وهذه هي جنة الدنيا التي من دخلها دخل جنة الآخرة بإذن الله .

    والآن: وبعد أن استعرضنا هذه الحوافز: لا بد أن نؤكد في الأخير أن تجديد الإسلام في حياة المسلم مشروع كبير، وحتى ينجح أي مشروع لا بد أن يمر بثلاث مراحل: الأولى: التفكير والتنظير، والثانية: التخطيط والبرمجة، والثالثة: التنفيذ والمحاسبة.

    فالتوبة التي تصحح سير المسلم إلى ربه مشروع ما بعد الهداية، فليضع له المسلم ما يحتاج إليه من أهداف وبرامج، وهذا الشق العملي لا يُقَال، بل يمارس ويطبق.

    نسأل الله -تعالى- أن يرزقنا الإخلاص في القصد، ويلهمنا الصواب في العمل.


    آمين آمين آمين

  10. #10
    الصورة الرمزية د. نجلاء طمان أديبة وناقدة
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    الدولة : في عالمٍ آخر... لا أستطيع التعبير عنه
    المشاركات : 4,224
    المواضيع : 71
    الردود : 4224
    المعدل اليومي : 0.68

    افتراضي

    وإلى كل من يستصعب أن يغفر الله له فواحشه المتكاثرة نسوق هذا الحديث :

    توبة قاتل المائة

    عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب ، فأتاه فقال : إنه قتل تسعة وتسعين نفساً فهل له من توبة ؟ فقال : لا ، فقتله فكمّل به مائة ، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدّل على رجل عالم ، فقال : إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة ؟ فقال : نعم ، ومن يحول بينه وبين التوبة ، انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناساً يعبدون الله تعالى فاعبد معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء ، فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه ملك الموت ، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، فقالت ملائكة الرحمة : جاء تائباً مقبلاً بقلبه إلى الله تعالى ، وقالت ملائكة العذاب : إنه لم يعمل خيراً قط , فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم – أي حكماً - فقال : قيسوا ما بين الأرضيين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له ، فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد ، فقبضته ملائكة الرحمة ) متفق عليه . وفي رواية في الصحيح ( فكان إلى القرية الصالحة أقرب بشبر فجعل من أهلها ) وفي رواية في الصحيح ( فأوحى الله تعالى إلى هذه أن تباعدي وإلى هذه أن تقربي وقال : قيسوا ما بينهما ، فوجدوه إلى هذه أقرب بشبر فغفر له ) .

    نعم ومن يحول بينه وبين التوبة ! فهل ترى الآن يا من تريد التوبة أن ذنوبك أعظم من هذا الرجل الذي تاب الله عليه ، فلم اليأس ؟ بل إن الأمر أيها الأخ المسلم أعظم من ذلك ، تأمل قول الله تعالى : ( والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ، ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ، ومن يفعل ذلك يلق أثاماً ، يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً ، إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً ) الفرقان /68 – 70 .

    ووقفة عند قوله : ( فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ) الفرقان /70 تبين لك فضل الله العظيم ، قال العلماء التبديل هنا نوعان :

    الأول : تبديل الصفات السيئة بصفات حسنة كإبدالهم بالشرك إيماناً وبالزنا عفة وإحصاناً وبالكذب صدقاً وبالخيانة أمانة وهكذا .

    والثاني : تبديل السيئات التي عملوها بحسنات يوم القيامة ، وتأمل قوله تعالى : ( يبدل الله سيئاتهم حسنات ) ولم يقل مكان كل سيئة حسنة فقد يكون أقل أو مساوياً أو أكثر في العدد أو الكيفية ، وذلك بحسب صدق التائب وكمال توبته ، فهل ترى فضلاً أعظم من هذا الفضل ؟ وانظر إلى شرح هذا الكرم الإلهي في الحديث الجميل :

    عن عبد الرحمن بين جبير عن أبي طويل شطب الممدود أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم - وفي طرق أخرى – " جاء شيخ هرم قد سقط حاجباه على عينيه وهو يدّعم على عصا حتى قام بين يديّ النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت رجلاً عمل الذنوب كلها فلم يترك منها شيئاً وهو في ذلك لم يترك حاجة ولا داجة أي صغيرة ولا كبيرة إلا أتاها ، وفي رواية ، إلا اقتطعها بيمينه لو قسمت خطيئته بين أهل الأرض لأوبقتهم أي أهلكتهم فهل لذلك من توبة ؟ قال : ( فهل أسلمت ) قال : أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله . قال : ( تفعل الخيرات وتترك السيئات فيجعلهن الله لك خيرات كلهن ) قال : وغدراتي وفجراتني ، قال : ( نعم ) قال : الله أكبر فما زال يكبر حتى توارى. قال الهيثمي رواه الطبراني والبزار بنحوه ورجال البزار رجال الصحيح غير محمد بن هارون أبي نشيطة وهو ثقة ، المجمع 1/36 وقال المنذري في الترغيب إسناده جيد قوي 4/113 وقال ابن حجر في الإصابة هو على شرط الصحيح 4/149.

    وهنا قد يسأل تائب ، فيقول : إني لما كنت ضالاً لا أصلي خارجاً عن ملة الإسلام قمت ببعض الأعمال الصالحة فهل تحسب لي بعد التوبة أو تكون ذهبت أدراج الرياح .

    وإليك الجواب : عن عروة بن الزبير أن حكيم بن حزام أخبره أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي رسول الله أرأيت أموراً كنت أتحنث بها في الجاهلية من صدقة أو عتِاقة أو صلة رحم أفيها أجر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أسلمت على ما أسلفت من خير ) رواه البخاري .

    فهذه الذنوب تغفر ، وهذه السيئات تبدل حسنات ، وهذه الحسنات أيام الجاهلية تثبت لصاحبها بعد التوبة ، فماذا بقي !

    كيف أفعل إذا أذنبت؟

    وقد تقول إذا وقعت في ذنب فكيف أتوب منه مباشرة وهل هناك فعل أقوم به بعد الذنب فوراً ؟ . فالجواب : ما ينبغي أن يحصل بعد الإقلاع عملان .

    الأول : عمل القلب بالندم والعزم على عدم العودة ، وهذه تكون نتيجة الخوف من الله .

    الثاني : عمل الجوارح بفعل الحسنات المختلفة ومنها صلاة التوبة وهذا نصها :

    عن أبي بكرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من رجل يذنب ذنباً ثم يقوم فيتطهر ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر الله له ) رواه أصحاب السنن ، صحيح الترغيب والترهيب 1/284 . ثم قرأ هذه الآية : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ) آل عمران /135 . وقد ورد في روايات أخرى صحيحة صفات أخرى لركعتين تكفران الذنوب وهذا ملخصها :

    - ما من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ( لأن الخطايا تخرج من الأعضاء المغسولة مع الماء أو مع آخر قطر الماء

    -ومن إحسان الوضوء قول بسم الله قبله والأذكار بعده وهي : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله – اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين – سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك . وهذه أذكار ما بعد الوضوء لكل منها أجر عظيم .

    - يقوم فيصلي ركعتين .

    - لا يسهو فيهما .

    - لا يحدث فيهما نفسه .

    - يحسن فيهن الذكر والخشوع .

    - ثم استغفر الله .

    والنتيجة : غفر له ما تقدم من ذنبه .

    إلا وجبت له الجنة . صحيح الترغيب 1/ 94 ، 95

    ثم الإكثار من الحسنات والطاعات ، ألا ترى أن عمر رضي الله عنه لما أحس بخطئه في المناقشة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية ، قال بعدها فعلمت لذلك أعمالاً أي صالحات لتكفير الذنب. وتأمل في المثل الوارد في هذا الحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلم : ( إن مثل الذي يعمل السيئات ثم يعمل الحسنات كمثل رجل كانت عليه درع أي لباس من حديد يرتديه المقاتل ضيقة ، قد خنقته ، ثم عمل حسنة فانفكت حلقة ، ثم عمل أخرى فانفكت الأخرى حتى يخرج إلى الأرض ) رواه الطبراني في الكبير ، صحيح الجامع 2192 . فالحسنات تحرر المذنب من سجن المعصية ، وتخرجه إلى عالم الطاعة الفسيح ، ويلخص لك يا أخي ما تقدم هذه القصة المعبرة . : عن ابن مسعود قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني وجدت امرأة في بستان ففعلت بها كل شيء غير أني لم أجامعها، قبلتها ولزمتها ، ولم أفعل غير ذلك فافعل بي ما شئت ، فلم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم شيئاً فذهب الرجل ، فقال عمر : لقد ستر الله عليه لو ستر نفسه ، فأتبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره ، ثم قال : ( ردوه علي ) ، فردوه عليه فقرأ عليه : ( أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ) . فقال معاذ – وفي رواية عمر – يا رسول الله أله وحده ، أم للناس كافة ؟ فقال : ( بل للناس كافة ) رواه مسلم .

    يتبع.........

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 10-06-2019, 11:47 AM
  2. أتيت ُ وفي نفسي مشاعر سكرانا ....
    بواسطة محمد الأمين سعيدي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 18-02-2006, 09:10 PM
  3. بعض ماقيل عن وفي الانترنيت(أرجو لمن فيه الفائدة)
    بواسطة زاهية في المنتدى النَادِى التَّرْبَوِي الاجْتِمَاعِي
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 12-12-2005, 09:39 AM
  4. عدت وفي جعبتي من الشوق الكثير...
    بواسطة رحاب في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 16-09-2004, 01:37 PM