هل عليَّ أن أموت لكي أستريح ، وأعفي نفسي من الموت مرات ومرات كل يوم وأنا أبحث عن حقيقة ما يجري في أرض الأنبياء ، من القاتل ومن المقتول يا أخوة النضال و السلاح ؟
هل علينا أن ننتظر إلى يوم القيامة لكي نعرف حقيقة كل ما جرى ، و نبقى صامتين وعاجزين عن تسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية ، خوفًا على لقمة عيش مغمسة بدماء الأبرياء ، ورواتب تدفع من تجارة أرواح البشر ؟
هل كُتبَ علينا أن نبقى مهاجرين من بلدٍ لبلد ، باحثين عن حياة كريمة فقدناها في أوطاننا السليبة وغير السليبة ، وملامحنا الشرقية تهمة جاهزة لمن أراد أن يتسلط على أرواحنا وذواتنا ، وخليج الخنازير جاهز لسلب أرواحنا ، ولا حياة لمن تنادي ، فنحن في أعين العالم الحر لا نستحق عناء السؤال ، وفي نظر حكامنا ملاعين وأبناء شر ...
هل علينا أن ننزع ذاكرتنا ونرميها تحت أقدام العالم الحر لكي نعفي أنفسنا من مغبة مواجهة واقعنا ونعلن رسميًا عن ضياعنا في زمن لم يعد لنا فيه وجود..
هل علينا أن ننتظر رمضان إلى رمضان حتى نكفر عن ذنوبنا جملة واحدة وكأننا ننمسك بأقدارنا ونعرف أن قطار التوبة لن يفوتنا ، إذن فلنفعل ما نشاء ، فما زال في العمر بقية..!!
أرهقني التعب وأرهقتني أسئلة كثيرة ، بدءًا من قابيل ولماذا قتل هابيل وهل كان الأمر يستحقُ كل هذا العناء ، ومرورًا بتاريخنا الزاهر وحضارتنا العامرة والتي أضاءت ظلمات العالم ، وصولاً إلى أمة أدمنت القتل والأنتحار الجماعي ،أرهقتني أشياء كثيرة ، و ما زلت أمشي حافي القدمين ، على أشواك الصبر ، وعمري يمضي أمامي ، وكلما حلمتُ بملاك قادم ، يأتينا فرعون شاطر .
والعمر يمضي بنا ، ونحن لم نزل نستورد الأقمشة لندفن فيها موتانا ، وكوفياتنا صنعت بأيدي الأصفر والأحمر والأسود ، تماماً بألوان أيامنا ، وقطار العمر يمضي ودموع أمهاتنا أنتجت أنهارًا من الألم ، وما زلنا ننتظر أعجميًا يقودنا إلى طريقٍ يظن الكثيرون أن فيه النجاة ، ، ونجاتنا بين أيدينا ، وأمام أعيننا لكننا استعذبنا الإنقياد والتغريب والتخريب أيضًا.
مهلاً أيها العمر ، توقف قليلاً ، ودعنا ننام قليلاً ، لعلنا نأخذ قسطًا من الأمل ،وحتى لا نضيع مع مرور الزمن ، دعنا نلملم بقايا أشلاء ذاكرة تاهت في عتمة البحث عن حلمنا الضائع ، بين البحر والبحر ، وبين الحب والحبيبة وبين زمان تخلى عنا بعد أن أمعنا تنكيلاً بقوانينه ، رفضًا وتمردًا وعصيانًا ، مهلاً أيها العمر ودعنا نعيد ترتيب أبجديات البقاء مرة اخرى ، لعلنا نأخذ فرصة أخرى ، فنصالح أنفسنا على أنفسنا ، ونعترف بذنوبنا أمام خالقنا ، ونفتح معه خطوط إتصال جديدة ، ونعيد ترتيب هذه الفوضى من جديد ، على أسس متينة ، بعيدًا عن عولمة الشر ، وعن مفاهيم أستوردت من أجل تحطيمنا ، بعيدًا عن كل شيء وقريبًا من الله قبل كل شيء.