عدتُ إلى صفحات قديمات فدمعت العين عرفاناً .

https://www.rabitat-alwaha.net/molta...2&page=1&pp=10

كنت هنا قبل عامين و نصف أخطو خطواتي الأولى فوق الربا في الواحة الغناء ، و بين يديّ قراطيس أُركض فوقها خيل قلمي و خيالي ، فيسبق الخيال المداد و تتعثر الحروف بأحجار الضعف حيناً و بعثرات الوجع أحاين . و ما من ادخار أحمله إلا " خربشات " طفلة جاء تبتاع البيان بقصاصات أهرقت فوقها بعض دمها ممهوراً بشغف بأدباء عظام ظن حِبها أنها ستبزهم يوماً ، و مازال .
عدت هنا ألملم الأوراق القديمات و قد اصفرّت منها الزوايا ، و علا الغبار النقط فيها و الحركات ، و تراخت الأسطر فتترهل الكلمات ، و يزيد الدمع المتساقط من عينيّ الطين بلة ، فتجتاحني رغبة أن أكوم الطرس و الطرسين كومة واحدة و أقذف بها إلى أقرب سلة للمهملات . و لكن أين الشاهد أني كنت هنا ثم غدوت هناك !
علمت هنا أني تدرجت بعد الخطو أمشي الهوينا ، و أن اليد و اليدين و الثلاث ساندوا الصغيرة ، و حملوا الأحمال عنها لترتقي ، و تحمّلوا الجهل فيها و النزق ، و بوفيعة تقطر رقة صوبوا ، بل بقلوب تقطر حباً صححوا . هم قليل ، لكن العون كان مدد جيش أو مداد خير ... اختر أيهما شئت .
و هنا حمدت الماضي - و ما حمدته يوماً - و للعرفان سقت الدمع مخلوطاً بفرح ؛ أني علمت و أني تعلّمت و أني هنا ترعرعت .