|
محنة الشـــعــر |
علـى مَهـلٍ تأتـي إليّ القصـائد |
و تنـفر أحيانـا ً فأركـض خلفها |
كأنَّـي صياد ٌ وهـنّ الطرائـد |
و يعجبنـي ما راق منهـا فأحتفي |
و يَصـرفني عنهـا غبيٌ و جامـد |
و تعـرض أحيانـا ً جمالاً مزيّفاً |
و تجهـل أنّـي ذو مـراسٍ و ناقـد |
من أشــــــرعة الحروف و نبضها الصــــــــــادق تختزل المســــــافة و يكون البوح الجمــــــيل |
يعزف على وتر القصيد نشــــــــيد القلوب التي تتوق للأصالة بســـــــــمو الحرف ورفعة الكلمة |
فيصبح الشاعر المتمرس في ميدان معركته الشـــــــــعريه صياداً بارعا في انتقــــــــاء مفرداته |
التي يحملها في ارثه الثقافي و مخزونه الذكرياتي ، فتشــــــع الحروف الجميله ببحرها الجميل |
وأمام قبطان السفينة المتمرس لاشيء يغويه فالموج يلفظ الزبد الذي يعتلي سطح البحر لتكون |
المعلقة الجميلة صافية كصفاء حروفها 000شاعر يعرف المفردة و يعشق الأصالة لبوح الحروف |
أُصفـق إن مالت عليَّ بجيدهـا |
و تُـرهقني تلـك الحِسانُ الفـرائد |
و أصعـد حتـى آخر العمر ِخلفها |
و تعلمُ أني ـ لا محالة ـ صاعد |
عنيـدٌ فلا يُغريه في الدرب مـورد |
أمـرُّ به عطشـانَ و المـاء بـارد ! |
عفيفٌ فـلا تقـوى عليـه و ليمـةٌ |
وكـم أسقطـت في وحلهـنّ الموائد ! |
أُحصِّـنُ هذا الشعرَ بالطهر و التقى |
و عن حُـرمة الحرفِ المصّفى أجالد |
و أسقيـه من ماءِ العيون و ليس لي |
سـواه خلـيل طيّـبُ الذكـر خـالد |
في فضاءات الشعر يبحث شاعرنا عن نفسه التي يجدها تلهث خلف الحروف الجميلة |
ليقطف لنا من بستانها أجمل المعلقات ، فهو (عنيـدٌ فلا يُغريه في الدرب مـورد ) |
لأن ذخيرته من الحروف لا يحدها مورد تماما كالعطشان الذي يمر بالماء البارد لينهل منه |
هذا الجمال الرائع و البوح السامق الذي يعتلي نشيج الغيم ليمطر تلك الموائد تماما |
كما هو بوح شاعرنا الكبير وهو يقول : |
و أسقيـه من ماءِ العيون و ليس لي |
بوج جميل و مفردات تعانق القلب بشذاها العطر 0 |
و يرشقنـي سهـم فأعلـم أنـه |
و لا تستبينـي ذاتُ غُنـجٍ بَدلّـهـا |
إذا خطـرت تهتـزّ و العـرق فـاسد! |
و أقـرأ شعـراً لا أُطيق سماعـه |
تفيـض به ـ رغم الأنوفِ ـ الجرائد |
يحاصـرنا حتـى النخاع و نشتكـي |
و يرجمنـا حتـى تكـلَّ السـواعـد |
طلاسـم ُ لا أسطيع فكَّ رموزهـا |
و يعجـز عن فـكِّ الرموز الجهابـد |
الشعر الجميل تحمله القلوب ، ومهما كانت السهام الموجه اليه فلن تنال منه إلا |
الرفعة و يموت الحاقدون بحقدهم كما يقول شاعرنا الكبير أبو الطيب : |
انا الذي نظر الاعمى الى ادبي |
واسمعت كلماتي من به صمم |
فالجمال الحقيقي لا يخفــــي عيون الشــــــمس من الغربال وهذا ما يؤكده شاعرنا الكبير |
محمود مفلح بالشعر الذي يرمد العيون و يزكم الأنوف و الذي أصبح فعلا يحاصـــــرنا |
حتى النخاع و طلاسمه التي أصبحت تغوص بنا في فضاءات اللاوعي لنبحث عن مفاتيح |
في المورد القريب 0000 |
و يسقـط أحيانـاً فيؤذي نفـوسَنـا |
كما سقطـت فـوق الرؤوس الجلامـد ! |
فلا همّـه هـم الجيـاع و لا بـه |
غَنـاءٌ و لا تُبنـى عليـه المقـاصـد |
و هـل تعجب الغادات و هي سقيمة ٌ |
ولـو أثقلـت أعناقَـهنّ الـقلائـد ! |
إذا لـم يكن في الشعر ريٌ و رونقٌ |
فـأولى بهـذا الشعـر تـلك المواقـد ! |
تقـافز فرسـان القصـائد حولنـا |
وكـلُّ لِمفتـاح القـصيـدة فـاقـد |
يقـول بأنـي لا أُجـارَى و إننـي |
و حيـدٌ بمضمـارِ القـوافي وواحـد |
و هل يستطيع الضربَ من لا يُجيده |
وليس له في الحـرب سيفٌ و ساعـد !؟ |