أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 16

الموضوع: كـُنْ مَـلاكاً .. قبل أن تـنعت الآخـرين بالشيـطـنة ..!

  1. #1
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي كـُنْ مَـلاكاً .. قبل أن تـنعت الآخـرين بالشيـطـنة ..!

    أخبرنا القـرآن الكريم أن الملائكة قد استغربوا وتساءلوا - عن الجدوى والحكمة - من استخلاف الخالق عـز وجل - للبشر في الأرض - لغرض عبادته ؛ في حين أن الملائكة تعبده كما ينبغي وتسبّـح بحمده وتقـدّس له ..!

    وأخبرنا أن استغراب الملائكة كان بسبب علمهم بأن البشر سيُـفسدون في الأرض ويسفكون الدماء ..!

    وأخبرنا القـرآن كذلك أن الملائكة - ورغم تحفظهم على سلوك البشر ، ورغم علمهم بأن البشر لن يعبدوا الله حق عبادته ..
    إلا أنهم سجدوا جميعاً لأبي الإنسانية – آدم عليه السلام - امتثالاً لأمـر الله عز وجل – الذي كـرّم آدم - بذلك الأمـر الجليل العظيم الكبير المهيب – ألا وهو نفخ الله من روحه في آدم .. ؛

    وعَلِـمنا أن الله سبحانه وتعالى لم يغضب من تساؤلات ملائكته ؛ بل أجابهم عليها بتجربة عملية أثبتت للملائكة قصورهم المعرفي ومحدودية علمهم بملكوت الله وبأسـرار خلقه ومآل الأمور وفق مشيئته ..

    وكذلك أخبرنا القرآن الكريم في هذا الصدد أن الخالق جل جلاله - لم ينفِ عن البشر نزعتهم العدوانية بسفك الدماء والإفساد في الأرض ..؛
    ولكنه راهن على ما أودع فيهم من عقل وعلم ومعرفة - كفيلة بأن تقودهم إلى امتثال أوامره جلّ في عـُلاه ، وتـُعينهم على مقاومة نزعاتهم الشريرة – المتمثلة في الظلم والنابعة من الجهل ..


    أما عن إبليس (الشيطان) ، فإننا نعلم من خلال ما ورد في شأنه في القـرآن الكريم .. أنه قد بَـاءَ بغضب الله واستحق لعنته .. ولم يكن ذلك بسبب تهاونه في العبادة ، ولا كفـرٍ منه ولا شركٍ بالله ، ولم يكن بسبب قتل النفس التي حـرّم الله قتلها بغير الحق ، ولم يزنِ ، ولم يخن أمانة ، ولم يبع وطناً ، ولم يأكل الربا ولا لحم الخنزير ولم يشرب الخمـر ، ولم يظلم أحـداً ..!

    ولكن .. كان من إبليس أن تساءل عن أحقية آدم في سجوده له . وكان تساؤله مصحوباً برفضٍ للسجود - متجاهلاً أنه بذلك يكون قد رفض أمـر الله- بغض النظر عن المُـكـرّم بالسجود .. والذي كان- حينها - آدم عليه السلام ..!

    ويتضح لنا أن السبب في جنوح إبليس عن طاعة الله- رغم علمه بضعفه أمام قوة الخالق- كان نابعاً من تكبـّر الأنا داخله - على الآخـر الذي هو آدم عليه السلام ..! .. وذلك بسبب الغيرة والحسد ؛ حيث أن تكريم آدم بالسجود له قد أغاظ إبليس ولم يَـرُقْ له ، فتكبـّر فأعماه ذلك عن طاعة الله .. اعتماداً –خاطئاً- منه على صواب تحليله للأمـر ..

    إذاً كان ذنب إبليس الذي استحق به لعنة الله وغضبه .. هو الحَـسَـدَ والغيرة والتكبّرَ على مخلوق آخـر - رآه أضعف وأهـون وأقل منه شأناً ..!

    فهل بين الدينيين الموحدين مِـنْ بني البشر مَـنْ يحمل مثل هذا الفكـر القاصـر ..!

    (( عقل الإنسان يقوده باتجاه طاعة الخالق تشبّـهاً بالملائكة .. وجهله يقوده صوب غفلة إبليس ..! )) .

    فكيف للإنسان تحديد موقعه بدقة ، حتى يُـدرك أين يقف ، وأين عليه أن يتجه ..!
    وهل يتخذ الإنسان قـراراته المصيرية بمحض إرادته وبكامل وعيه ..!

    يمكن اختصار التساؤلات كالآتي :
    1- هل بين البشـر من هو أهلٌ للقب الملاك ..! وهل منهم مـن يستحق لقب الشيطان – نسبة لسلوك إبليس ..!
    2- من هـو الجاهل ؛ وما مدى مسئوليته عن جهله ..! وهل يعلم الجاهل بجهله ؛ وهل من عـلاجٍ لإزالة الجهل من فكـر الجاهل ..!

    الإجابة الفكرية - أرجو أن نشترك جميعاً في وضعها هنا .. بعد أن تحظى هذه المقدمة البديهية بآراء الزملاء وتعليقاتهم ..


    دمتم بخير ..
    إذا سرَّكَ ألا يعود الحكيم لمجلسك .. فانصحه بفعلِ ما هو أعلم به منك !

  2. #2
    الصورة الرمزية وفاء شوكت خضر أديبة وقاصة
    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : موطن الحزن والفقد
    المشاركات : 9,734
    المواضيع : 296
    الردود : 9734
    المعدل اليومي : 1.48

    افتراضي

    أخي الأديب / أبو بكر سليمان الزوي ..
    السلام عليك ورحمة الله وبركاته .
    ما قرأته هنا ليس فقط موضوعا للنقاش ، بل هو أيضا توعية لمن لديه رشد ، بأن يتبصر في هذا الموضوع بعمق ..
    ليس لنا أن ننعت أي من البشر بالملاك ، لكن ربما إن وجدنا في الإنسان النقاء والذي نفتقده بعض من صفة الملائكة نشببه بالملاك ، وصفا لخلقه ونقاء سريرته ، فليس بين الملائكة من يعصي الله ، ومن عصاه ، عصاه بقدره وقدرته كي يكون في المقام الذي هو فيه ، ولم يكن جل في علاه عاجزا على أن يرغم إبليس على السجورد ، ولا أن يجعله يفهم كينونة هذا المخلوق الذي هو آدم عليه السلام ، فكيف عرفت كل الملائكة عن آدم ، وإبليس وحده الذي جهله .
    أما عمن نصفه من الإنس بإبليس ، فهذا لما نراه من سوء عمله ، وقد قال سبحانه وتعالى شياطين الجن والإنس ، شيطان الجن نستعيذ منه ولكن شيطان الإنس يبقى يوسوس لك حتى يهلكك وهو أشد مكرا والعياذ بالله ، لأنه بات من جنود إبليس .
    أما عن البشر ..
    الجاهل هو من لا علم له والذي تعلم و لم يستفد من علمه ..
    هذا الجاهل برأيي .
    لكن هناك جهالة وسفاهة ، وهنا تكمن المشكلة ، حين الجاهل يدعي العلم .
    تستطيع أن تعلم الجاهل ، ولكن السفيه كيف سيتعلم ..
    من أراد العلم طلبه ، ولو طلبه كل جاهل لما بقي على وجه البسيطة جاهل .
    بما يعني أن العلم يمحو الجهل إذا أراد هذا الجاهل أن يتعلم ..
    أما إن لم يرد ..
    فلك أن تسميه بما شئت .


    أعذر خربشاتي وربما أكون قد ابتعدت عما أردت ..
    فلك العذر مرة أخرى .
    تقديري لشخصك ولفكرك .
    //عندما تشتد المواقف الأشداء هم المستمرون//

  3. #3
    الصورة الرمزية سحر الليالي أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : الحبيبة كــويت
    العمر : 38
    المشاركات : 10,147
    المواضيع : 309
    الردود : 10147
    المعدل اليومي : 1.50

    افتراضي



    الفاضل "أبو بكر"

    سأحجز لي مكانا هنا ...لأتابع فيض فكركـ وقلمكـ...!!

    سلمتـ ودمتـ بـ خير

    لك خالص تقديري وباقة ورد

  4. #4
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    الأخت العزيزة .. وفاء ..

    .. هذا رد صباحي في عجالة ، ولي عودة قر يباً بإذن الله ...

    أولاً .. عذراً .. فقد أضفت بعض الإضافات على النص بعد ردكِ عليه ..

    أما عن خربشاتك واحتمالية ابتعادكِ عما أردته أنا - كما تقولين .. فسامحكِ الله - أختاه ..

    فما تفضلتِ به هو في صلب الموضوع ، وتلك هي المعاني والاتجاه الذي أقصـده ..

    وليت كل من أراد خربشةً أن يأتينا بمثل تلك ..

    عذراً أختي الفاضلة .. لكِ كل الشكر ، ولي عودة ..

  5. #5
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    الكريم الأستاذ ابو بكر

    شكرا ً لهذا الطرح الثري ..

    أخي الحبيب : الشيطان وكما نفعل نحن اليوم ألقى الكرة في ساحة الآخرين فلم يتهم نفسه بقصورها بل قال لرب العالمين ... بما أغويتني .... وأما آدم فلم يلم أحد سوى نفسه

    ومن هنا يبدأ التصور العقلاني لتجديد الوعي عند كلا المدرستين ... مدرسة التناصح الذاتي ومدرسة التشوش والتنصل من مسؤولياتنا .



    عوفيت
    الإنسان : موقف

  6. #6
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    الأخت .. وفاء شوكت خضر
    الأخت .. سحر الليالي
    الأخ .. خليل حلاوجي

    وكل الأخوة والأخوات الذين وضعوا بصماتهم قراءة أو كتابة .. على الموضوع

    أشكر مروركم ، ولا غنى عن تعليقاتكم وانتقاداتكم ..

    ملاحظة :
    تكملة هذا الموضوع تم وضعها في صورة مقالة مستقلة بواحة الفكر - منبر الحوار المعرفي ، بعنوان\ رابط (الإنسانُ مخلوقٌ جاهلٌ وضعيف ، ويحمل أمانةً عظيمةً )

    أشكر تواصلكم ، وعذراً عن التأخير والتغيير ..

    مودتي للجميع ..

  7. #7
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Sep 2007
    الدولة : فوق الأرض..وتحت السماء..وحيث اللحاف..النجوم!
    العمر : 32
    المشاركات : 2,044
    المواضيع : 86
    الردود : 2044
    المعدل اليومي : 0.34

    افتراضي

    السيد الأستاذ/ أبا بكر...
    من يخطئ فهو إنسان...أما من يصر على الخطأ...فهو شيطان...
    وأما الملاك...
    فلا محل له اليوم بيننا ونحن في هذه الغياهب نحيا..
    لكَ تقديري ومودتي على موضوعك...
    وربما لي عودةٌ إن شاء الله

  8. #8
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماجدة ماجد صبّاح مشاهدة المشاركة
    السيد الأستاذ/ أبا بكر...
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماجدة ماجد صبّاح مشاهدة المشاركة
    من يخطئ فهو إنسان...أما من يصر على الخطأ...فهو شيطان...

    وأما الملاك...

    فلا محل له اليوم بيننا ونحن في هذه الغياهب نحيا..

    لكَ تقديري ومودتي على موضوعك...

    وربما لي عودةٌ إن شاء الله


    أختي ماجـدة \ لكِ الشكر الجزيل على مرورك الجميل، ومِنّي الاعتذار عن التأخير .. وكل عام وأنتِ بخير ..

    من العنوان يتضح القصد .. وهو أنّ بعض الناس ينصحون غيرهم .. كما لو كانوا ملائكة وغيرهم شياطين ..

    فأردتُ التذكير بأن الناصح والمنصوح بشرٌ، يحملون نسبة من الجهل - كفيلة بإيقاعهم في الخطأ-، .. فلا يظنن أحدٌ نفسه ملاكاً معصوماً !

    دمتِ بكل ود


  9. #9
    الصورة الرمزية راضي الضميري أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    المشاركات : 2,891
    المواضيع : 147
    الردود : 2891
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الأخ العزيز الأستاذ أبو بكر سليمان الزوي
    أشكرك جزيل الشكر على طرحك لهذا الموضوع القيّم والمفيد ، وأرجو منك أن تسمح لي بإدراج مشاركتي المتواضعة – وإن جاءت متأخرة لكوني لم أعلم به إلا منذ وقت قصير – لعلّي أساهم ولو بجزء يسير ومن خلال تفاعل أفكارنا مع بعضها البعض من خلال التعقيب على بعض ما جاء في طرحك هذا ، والمساهمة في الإجابة على التساؤلات الرائعة التي اختصرت بها ما تريد قوله .

    وأخبرنا القـرآن كذلك أن الملائكة - ورغم تحفظهم على سلوك البشر ، ورغم علمهم بأن البشر لن يعبدوا الله حق عبادته ..
    إلا أنهم سجدوا جميعاً لأبي الإنسانية – آدم عليه السلام - امتثالاً لأمـر الله عز وجل – الذي كـرّم آدم - بذلك الأمـر الجليل العظيم الكبير المهيب – ألا وهو نفخ الله من روحه في آدم .
    أختلف معك هنا في هذا الاستنتاج ؛ لماذا ؟ لأن تفسير الآية التي جاء فيها خبر خلق سيدنا آدم عليه السلام " قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَِ" البقرة آية 30 قد أجمع أهل العلم أنها تحتمل ؛ (أن الله سبحانه وتعالى قد أخبر الملائكة عمّا سيكون (بعلمه)من ذرية المخلوق من قتل وسفك دماء ، ومنها ما قيل عن قياس الملائكة أفعال هذا المخلوق لأفعال من سبقوه من الجن الذي عاشوا من قبل على الأرض وسفكوا الدماء ، وجاء قول الملائكة على وجه الاستعلام - استخبار - منهم لربهم لا على وجه الإيجاب - بأنهم قطعًا سيفعلون ذلك أي سفك دماء ومعصية ، مع أنّ منهم من سيفعل عكس ذلك وهذا ما لم يعرفوه ، ولذلك لم يدركوا الحكمة من هذا الخلق ... وأيضَا هناك من قال بأن الملائكة سألت الله سبحانه وتعالى على وجه التعجب فهذه دعوى لا دلالة عليها ، وقد أنكرها الطبري في تفسيره ، وخلاصة القول أن الملائكة ومما تقدم - وحتى لو افترضنا أنها سألت على وجه التعجب – فإن هذا التعجب قد زال بعد أن أثبت لهم رب العزة قصور علمهم أمام علمه سبحانه وتعالى ، وهذا ما دعاهم للتسبيح والقول أن لا علم لهم إلا ما علمهم ، واصل التسبيح عند العرب لله ؛ التنزيه له من إضافة ما ليس من صفاته إليه، والتبرئة له من ذلك " قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُِ "البقرة آية 32أي تنزيهاً لك عن أن يعلم الغيب أحد سواك ، فلا يعلم الغيب إلا الله تعالى والملائكة تعرف ذلك ، وما علمته الملائكة فهو من تعليم الله جل وعلا إياهم .
    ومن هنا فإن سجود الملائكة فيما بعد لسيدنا آدم عليه السلام لم يكن مقرونًا بتحفظ الملائكة ؛ لأن كلمة تحفظ فيما معناها أن الملائكة سجدت وهي متحفظة على خلق آدم لما علمته على قياس لما فعله الجن - وهي رواية – وأيضًا لما علمهم إياه رب العالمين من الإفساد الذي سيكون من ذريته ؛ أي سجلت اعتراض أو لنقل أنها سجلت موقفًا تعتقد أنه صحيح أو في محله ، فعندما يقول شخص ما سأفعل كذا رغم تحفظي عليه ؛ هذا يعني أنه سيفعله وفي نفسه شيء من هذا الأمر ، لكن الراجح ما يعزز عدم تحفظها هذه الآية الكريمة – رقم 32 - وما تلاها من آيات يدلل على أن الملائكة أقرت أنها لا تعلم أكثر مما علمها الله ؛ لذاك نفذت أمر السجود بدون أي تحفظ ؛ والذي أجمع عليه معظم أهل العلم أنه سجود تحية لا سجود عبادة ؛ وأيضًا لو رجعنا إلى بداية ما ورد في النصّ لوجدنا أنك قلت أنّ الملائكة تساءلت واستغربت ، وشتان ما بين السؤال والاستغراب وما بين التحفظ ، فأن نقول ذلك يعني أن الملائكة وبعد أن تساءلت سجدت وما زال التحفظ قائم عندها على خلق آدم ، قال تعالى عن الملائكة واصفًا لنا إياهم " عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَِ " التحريم آية 6 وقال تعالى "وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ " الرعد آية 13 وعند البخاري عن أبي هريرة قال ؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان قال علي وقال غيره صفوان ينفذهم ذلك فإذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير ) البخاري ، وظاهر الآيات مع الحديث ، يساند بعضه بعضًا ليؤكد أنّ الملائكة يسمعون ويطيعون ويخافون الله سبحانه وتعالى ، ولا يعلمون إلا ما علمهم الله تعالى ؛ ويعلمون أنّ الله تعالى يعلم الغيب وما تخفي الصدور ، و من هنا فإن ورود التحفظ من جانب الملائكة مع السجود اختلف معك فيه ، لأنه يخالف كل ما ذكر آنفًا من صفاتهم ، فكيف يعقل أن يسجدوا مع التحفظ ، مع ما سبق ذكره .

    وكذلك أخبرنا القرآن الكريم في هذا الصدد أن الخالق جل جلاله - لم ينفِ عن البشر نزعتهم العدوانية بسفك الدماء والإفساد في الأرض ..؛
    ولكنه راهن على ما أودع فيهم من عقل وعلم ومعرفة - كفيلة بأن تقودهم إلى امتثال أوامره جلّ في عـُلاه ، وتـُعينهم على مقاومة نزعاتهم الشريرة – المتمثلة في الظلم والنابعة من الجهل ..
    هنا لديّ ملاحظة ؛ إن الله سبحانه وتعالى عندما يخلق فهو يعلم ما سيخلق وماذا سيعمل هذا المخلوق من أفعال وأقوال ؛ لذلك أنْ نقول - راهن - فأنا اختلف معك في هذه النقطة ؛ لأن الرهان يحتمل الربح والخسارة في القضية محل البحث ، وأيضًا فإن قائله لا يقطع بنتيجته التي ستؤول إليه إلا بعد الثبوت والله تعالى يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون ، لكن قد نقول ( خيَّره )- أي ابن آدم على ما أودع فيه من عقل وعلم ومعرفة .
    أما عن إبليس (الشيطان) ، فإننا نعلم من خلال ما ورد في شأنه في القـرآن الكريم .. أنه قد بَـاءَ بغضب الله واستحق لعنته .. ولم يكن ذلك بسبب تهاونه في العبادة ، ولا كفـرٍ منه ولا شركٍ بالله ، ولم يكن بسبب قتل النفس التي حـرّم الله قتلها بغير الحق ، ولم يزنِ ، ولم يخن أمانة ، ولم يبع وطناً ، ولم يأكل الربا ولا لحم الخنزير ولم يشرب الخمـر ، ولم يظلم أحـداً ..!
    ولكن .. كان من إبليس أن تساءل عن أحقية آدم في سجوده له . وكان تساؤله مصحوباً برفضٍ للسجود - متجاهلاً أنه بذلك يكون قد رفض أمـر الله- بغض النظر عن المُـكـرّم بالسجود .. والذي كان- حينها - آدم عليه السلام .
    هنا لدي ملاحظة : إن إبليس باء بغضب من الله واستحق لعنته لأنه كفر كفرًا صريحًا قال تعالى " وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَِ " البقرة آية 34 فهو في امتناعه عن السجود - رغم مراجعة الله سبحانه وتعالى له في ما فعله - إلا أنه لم يتراجع ؛ فكفر وهذا قولاً واحدًا عند كل العلماء ولا يختلف فيه اثنان ؛ إلا إذا كنت لم أفسر جيدًا القصد الذي كنت تعنيه ، فهو استحق اللعن والطرد من رحمة الله لحظة رفضه وامتناعه عن السجود ، لأنه ما كان له - أو لأي مخلوق - أن يسأل خالقه وقد أُمر بالسجود ، قال تعالى " لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَِ " الأنبياء آية 23
    ويتضح لنا أن السبب في جنوح إبليس عن طاعة الله- رغم علمه بضعفه أمام قوة الخالق- كان نابعاً من تكبـّر الأنا داخله - على الآخـر الذي هو آدم عليه السلام ..! .. وذلك بسبب الغيرة والحسد ؛ حيث أن تكريم آدم بالسجود له قد أغاظ إبليس ولم يَـرُقْ له ، فتكبـّر فأعماه ذلك عن طاعة الله .. اعتماداً –خاطئاً- منه على صواب تحليله للأمـر ..
    أتفق معك في أنّ إبليس أكلته الغيرة والحسد فتكبر هذا صحيح ؛ لكنني لا أتفق معك في قضية أن مجرد تحليله للأمر أدى به إلى ما كان ، لأنه إن كان كذلك، فقد يأتي أحد ما ويقول إن إبليس قد اجتهد بأحقيته بعدم السجود على اعتبار أنْ خلقه أفضل من سيدنا آدم عليه السلام وهذا فيه وجهة نظر - وأعرف أحد الدعاة وقد أخذ بهذا بوجهة النظر هذه ولم يكفر إبليس - ، علمًا أننا لو نظرنا للأمر من هذه الناحية لكان عليه أن يتنبه - قبل أنْ يحلل - على أن الملائكة أفضل خلقًا منه ، هذا لو أردنا أن نجري مفاضلة بين خلقه وخلق الآخرين من حوله كما فعل ، إلا إذا اعتبر - أي إبليس - أن الملائكة في مجموعهم أكثر منه وأقوى منه ولا قدرة له عليه ، ولكنه كتم الأمر في نفسه - وهذا محال- بينما استقوى على سيدنا آدم واعتبر أنه في متناول اليد فاستكبر على خالق ومن ثمّ عليه - وهذا ممكن والعلم عند الله، ولو راجعنا التفاسير لوجدت أن في بعضها - إن لم يكن فيها كلها - نجد أن إبليس استغرب من هذا المخلوق - أي سيدنا آدم عليه السلام -ولم تكن قد نفخت فيه الروح بعد ، فقال للملائكة لو سلطني الله عليه لأرديته ، هذا في بعض الروايات ، ومن هنا نجد أن إبليس كان لديه الوقت الكافي ليفكر في الأمر - وقبل نفخ الروح في سيدنا آدم عليه السلام - لأن إخبار الملائكة عن خلق آدم من قبل الله عز وجل كان موجهًا إلى عموم الملائكة بمن فيهم إبليس ؛ رغم أنه ليس من جنسهم – وقبل خلق آدم عليه السلام - لكن الخطاب كان دالاً على الجمع وهم الملائكة لأنهم الأكثر عددا ، فإذا قلنا أنه اعتمد اعتمادًا - خاطئًا - منه على صواب تحليله للأمر فهذا ؛ يعطيه الفرصة – وربما العذر على أنه أخطأ - ليكون مجتهدًا على أساس عملية التفاضل التي أجراها في ذهنه .

    إذاً كان ذنب إبليس الذي استحق به لعنة الله وغضبه .. هو الحَـسَـدَ والغيرة والتكبّرَ على مخلوق آخـر - رآه أضعف وأهـون وأقل منه شأناً ..!
    فهل بين الدينيين الموحدين مِـنْ بني البشر مَـنْ يحمل مثل هذا الفكـر القاصـر ..!
    البشر ليسوا معصومين ، وكلنا يخطئ ومن ظن عكس ذلك فهو أحد اثنين ؛ إمّا أنه أحمق وجاهل ، أو إنه متجاهل ومتكبر ولا يرى أبعد من أنفه ، ومعنى أن البشر يخطئون لا يعني أن الأخطاء على نفس القدر من الذنب و المعصية ، فالأخطاء تكون متفاوتة ، وهذا المعنى الذي قصدته -وأشكرك على أنك أدرجته ها هنا - لا ينطبق على الموحدين وحتى لو كانت لديهم أخطاء ؛ لأن الإنسان البسيط ومن يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله يعلم علم اليقين أنه إنْ تمثل بمثل هذه الصفات فهو في عداد المطرودين من رحمة الله تعالى ، هذا ما يؤكده كتاب الله قال تعالى لاَ جَرَمَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَِ " النحل آية 23 "
    " وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَِ " غافر آية 60
    و في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، حديث عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يقول الله سبحانه الكبرياء ردائي والعظمة إزاري من نازعني واحدا منهما ألقيته في جهنم).رواه أبو داود وابن ماجه وابن حبان .

    ((عقل الإنسان يقوده باتجاه طاعة الخالق تشبّـهاً بالملائكة .. وجهله يقوده صوب غفلة إبليس ..! )) .
    الملائكة يعبدون الله ويطيعون أمره ولا يعصونه في أي شيء ؛ هذا إجماع أهل العلم ومن أساسيات الإيمان وما هو معلوم من الدين بالضرورة ، والإنسان مهما حاول فلن يستطيع أن يتصف بصفات الملائكة لأنه يخطئ في ما أمره به الله تعالى ، لذلك نقول أن الإنسان يقوده عقله إلى طاعة الخالق تشبهًا بالرسول صلى الله عليه وسلم لأن هذا هو المطلوب منا لكي نعرف الله ، فالرسول هو قدوتنا وهو من عرّفنا على الله تعالى ذكره، فالله تعالى في كتابه الكريم قال وفي أكثر من موضع ما معناه اتبعوا الرسول ولم يذكر إطلاقًا أن نتشبه بالملائكة ، قال تعالى " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًاِ " الأحزاب آية 21 وقال تعالى " قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌِ " آل عمران آية 31 وفي الحديث قال عمرو بن دينار قال سمعت بن عمر رضي الله عنهما يقول : (قدم النبي صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين ثم خرج إلى الصفا وقد قال الله تعالى لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ). متفق عليه
    قال صلى الله عليه وسلم – : ( بلغوا عني ولو آية ) رواه البخاري و مسلم ويفهم من ذلك أن نتبعه صلى الله عليه وسلم وننشر سنته ونبلغها للناس . ومن هنا فعقل الإنسان يجب أن يتبع من هو من جنسه من البشر ؛أي الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه بشر ، لا من ما ليس من جنسه وهو محال مثل الملائكة .
    وأمّا جهل الإنسان فليس من الضروري أن يكون جاهلاً حتى يقوده عقله صوب إبليس ؛ لأن هناك من يتجه صوب إبليس وهو بكامل قواه العقلية ، كما إن كلمة غفلة هنا أختلف معك في ورودها على هذا النحو ؛ لأن نقيض الإيمان هو الكفر وليس الغفلة ، فإذا كان عقلنا يقودنا باتجاه طاعة الله سبحانه وتعالى - أي الإيمان - فإن نقيض الإيمان هو الكفر الذي يقودنا لإتباع إبليس ، قال تعالى " لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَِ " ص آية 85 ، كما أن نقيض الحق هو الباطل ؛ والقول بالغفلة يضع الإنسان بين منزلتين فلا هو كافر ولا هو مؤمن ، فأبليس كفر ولم يغفل ، وهذا ما جاء به الكتاب والسنة وما أجمع عليه أهل العلم قاطبة .

    فكيف للإنسان تحديد موقعه بدقة ، حتى يُـدرك أين يقف ، وأين عليه أن يتجه ..!
    وهل يتخذ الإنسان قـراراته المصيرية بمحض إرادته وبكامل وعيه ..!
    الإنسان عليه أن يحدد هدفه وبدقة ويجيب على أسئلة الحياة الكثيرة ، ومنها التي سيتحدد من خلالها مصيره في الحياة الآخرة ، - وأنا هنا أتكلم عن أحوالنا كمسلمين - وهذه الأسئلة تتعلق بدينه وعمله ورسالته في هذه الحياة ، وما دوره فيها ، وما هي المهام الملقاة على عاتقه تجاه دينه وأمته ، ومن خلال هذه الأسئلة عليه أن يحدد بنفسه ويجيب على هذا السؤال : هل هو قادر على اتخاذ قراراته بنفسه ؛ فإن أجاب بنعم فحينها يعلم من جوابه أنه مخير وليس مسير ، وعليه فهو مسئول عن كل أفعاله وأعماله إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ، فالله سبحانه وتعالى أقواله وأفعاله كلها فيها حكمة بالغة عرفها من عرفها وجهلها من جهلها ، و تنزه عن الظلم ، قال تعالى " إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًاِ " النساء آية 40 وقال تعالى " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِِ " فصلت آية 46 وقال تعالى " مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِرًا عَلِيمًاِ " النساء آية 147
    ولو نظرنا الآن فيما نفعله ، فماذا نقول عن مسئولية الأفعال التي نقوم بها ، فأنت كتبت مثلاً هذا النصّ بمحض إرادتك وبكامل وعيك ؛ وأنا كتبت ما كتبت هذا الرد بمحض إرادتي وبكامل وعيِّ ، وعلى هذا تقاس كل أعمالنا
    .
    هل بين البشـر من هو أهلٌ للقب الملاك ..!
    يستحيل أن يكون هناك ملاك من البشر ، لأن الملاك غير مكلف ولا يعصي خالقه ويفعل ما يؤمر به ؛ أمّا البشر فإنهم مكلفين و حكمهم على الأمور يحتمل الصواب أوالخطأ ؛ فلا عصمة للبشر .
    وهل منهم مـن يستحق لقب الشيطان – نسبة لسلوك إبليس ؟
    نعم يستحق ؛ قال تعالى( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ غُرُورًا ) الأنعام آية 112 وعند أهل العلم والتفسير أن من مشركي قوم النبي صلى الله عليه وسلم شياطين - من الإنس - أعداء له ، وفي سورة فصلت هناك ما يشير بوضوح إلى شياطين الإنس قال تعالى " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا َتحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَِ " سورة فصلت آية 41
    وهذا يدل بوضوح على أن هناك شياطين من الإنس ، يتبعون زعيمهم إبليس ، ومن يتشبه به ويسير على خطاه فهو منه ولا شك بذلك .
    ومعنى أن لا يكون هناك ملاكًا من البشر لا يعني أنْ لا يكون هناك شيطانًا من الإنس ، لأن الثاني مكلف وقد ينحرف انحرافاً واضحًا عن منهج الله ويعاديه كما فعل المشركين من قريش ؛ فاستحق أن يكون شيطانًا نسبة إلى إبليس ، وأيضًا فلو نحن رأينا رجلاً أو امرأة على سبيل المثال وفي رمضان – كما يحدث الآن – يشرب الخمر أو يدخن ويأكل في الشارع جهارًا نهارًا ، وإذا ما راجعته يرفض الاستماع وينكر الصيام وفضله مع إصراره على فعله ؛ فهل نقول عنه أنه مخطئ أم شيطان وكافر ؟ وكما تعلم فإن إنكار أي ركن من أركان الإسلام أو الإيمان فهو كافر وهذا بإجماع أهل العلم كلهم، ، على أنّ من يريد أنْ يصنف هذا أو ذاك و يطلق عليه لقب شيطان أو يقول عنه كافر ، عليه أن يأتي بدليل قطعي – كما في المثال السابق - يثبت قيامه بفعل يستحق عليه هذا اللقب .

    من هـو الجاهل ؛
    التعريفات قد تختلف ، و قالوا "العلم إدراك ؛ والجهل تصور الشيء أي إدراكه على خلاف ما هو به في الواقع ". وعلى هذا فالجاهل الذي يتصرف وفق تصوره للأمور وبدون علم ولا دراية ، وقد يتصرف بدراية أيضًا ولكن علمه لم ينفعه فجهل فيما خاض فيه .
    والأخطر منه عندما يصبح جهل هذا الجاهل مركبًا فيعمل ويفعل "لأنه لا يدري ولا يدري أنه لا يدري ".

    وما مدى مسئوليته عن جهله ..!
    مسئولية مطلقة ؛ لأنه تصرف بناءً على حكمه على الأمور وبناءً على رأيه القاصر ، لأن لا أحد لديه استعداد لتحمل عواقب و مسئولية جهل غيره ، على أننا يجب أن نحدد ما هو طبيعة الجهل هل هو في شيء معين بذاته أي معلوم ؛ أم هو نطلقه على عموم اللفظ .
    وهل يعلم الجاهل بجهله ..
    ربما يعلم ؛ ولكنه ربما يصر على صحة ما يذهب إليه ، وهنا يصبح جاهل وعنيد ، وهذه هي الطامة الكبرى ، وقد لا يعلم ؛ لأنه بالأصل جاهل و يحكم على الأمور بناءً على ما يتصوره في عقله وبدون إدراك منه ولا علم ولا معرفة .
    وهل من عـلاجٍ لإزالة الجهل من فكـر الجاهل ..!
    الجهل مرض ، وعلاجه يتوقف على مدى استعداد " الشخص "الجاهل ليتعلم من أخطاءه ومن غيره ، لأن العلم نقيض الجهل ، وبما أنه مرض فحتى في الدول المتطورة لم نسمع أنهم أجبروا إنسانا ما على تلقي العلم كي يخرجوه من الجهل بالقوة ، ومن يظن أن في الغرب لا يوجد جهلة وبكثرة فهو مخطئ ، هذا على المستوى الفردي ، لكن على المستوى الجماعي فإن علاج الجهل هو مسئولية جماعية خاصة في مجتمعاتنا التي ترفل بالجهل ، ورغم أن الدول متطورة قدمت كل التسهيلات لحل هذا الداء في مجتمعاتها ، - على عكس مجتمعاتنا – إلا أن المسئولية تبقى جماعية ، وعلى كل واحد منا أن يأخذ دوره في المجتمع وكل من موقعه ، ويحاول على قدر جهده وطاقته ؛ و على كافة المستويات ، حتى مع ذاك الذي نحمله مسئولية أعماله نتيجة جهله ، لكن تبقى المسئولية أولاً وأخيرًا كبيرة وملقاة على الجميع .
    لكنك أحيانًا وفي مجتمعاتنا هذه تجد البعض وقد أصابه الكبر ؛ فيجهل ولسان حاله يقول كما قال الشاعر دريد بن الصمة
    وهل أنا إلا من غزية أن غوت *** غويت وإن ترشد غزية أرشد
    وهذه آفة كبير كبيرة - بل هي مصيبة - تواجه مجتمعاتنا ؛ إلا وهي العصبية القبلية والطائفية ، لأن الإنسان قد يجهل أحيانًا مع علمه بما سيقدم عليه .

    **************************
    هذه إجاباتي على طرحك المفيد والرائع والذي حمل في طياته أفكارًا منيرة تستحق الدراسة والتحليل ، ونحن في هذا المنبر الحر نثمن أي مبادرة – مثل هذه المبادرة - من شأنها رفع كفاءتنا الفكرية ، وتعميق الحوار الهادف والبناء لعلّنا نستطيع أن نجد حلولاً نحاول من خلالها تقديم ما هو نافع ومفيد لأمتنا العظيمة .
    أشكرك أخي أبو بكر سليمان الزوي على إتاحة هذه الفرصة لي ولجميع من شاركنا في هذا الحوار ، وتبقى القاعدة الرئيسية في أي حوار "إنّ الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية " .
    وكل عام وأنت بخير
    تقديري واحترامي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  10. #10
    أديب
    تاريخ التسجيل : Sep 2008
    الدولة : أرض الله..
    المشاركات : 1,952
    المواضيع : 69
    الردود : 1952
    المعدل اليومي : 0.34

    افتراضي

    أخي المحترم أبو بكر سليمان الزوي ..

    أشكرك على هذا الطرح الذي نعتبره ..منطلقا فكريا للإجابة على تساؤلاتكم ..منخلال دراسة سلةك البشر في الأرض ..

    المجادل بالباطل هو ألد خصم كما ورد في الأثر ..وإليس كلم يكتف بالعصيان بل راح يجادل ..

    والحجة واهية ..لم ينظر إلى أمر الله تعالى كمافعل لينفذه ..

    بل نظر إلى مادة الخلق ..خلقتني من نار ..خلقته من طين ..

    أيها الفاضل لنا عودة جادة ..لأهمية الموضوع ..

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. ?°• (أَسْرِع قَبْلَ أنْ يَموتَ الغَرامْ ) •°?
    بواسطة نجوى الحمصي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 23-03-2016, 10:23 AM
  2. قبلَ أنْ تبدو
    بواسطة يحيى سليمان في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 05-06-2009, 06:25 PM
  3. قبلَ أنْ يشيخَ الليل النبيْ
    بواسطة محمود قحطان في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 29-04-2008, 03:48 PM
  4. قبل أنّ أنوى...
    بواسطة نهى شعبان في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 29-05-2007, 09:19 AM