أحدث المشاركات
صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 11 إلى 16 من 16

الموضوع: كـُنْ مَـلاكاً .. قبل أن تـنعت الآخـرين بالشيـطـنة ..!

  1. #11
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي الأدب عندي يسبق العلم .. مرتبةً !

    أخي العزيز \ راضي الضميري .. أهلاً وسهلاً دائماً، بتعليقاتك، ومحاوراتك، واختلافاتك معي .. التي باتت تروق لي ..

    واعلم أخي الكريم، أنه لن يكون بيننا إلا كل خير - مهما اختلفنا في وجهات النظر - بإذن الله ..

    وإنني بتُّ أعتقد بأنك أهلٌ للحوار، واختلاف الرأي الذي لا يُفسد للود قضية ..

    فحواراتنا هي حوارات أتباع الدين الواحد والرسول الواحد والكتاب الواحد ..
    وما هي إلا محاولات لاستيضاح الأمور، واستجلاء الغموض أو الاختلاط الذي يشوب بعض المفاهيم بين المسلمين .. وذلك من أجل تثبيت الإيمان في القلوب وتقوية حجة اللسان به ..

    ملاحظاتي ..

    أودُّ التذكير أولاً، بنقطة هي من الأهمية بمكان في صلب موضوعنا، وهي :
    أن أمر الله للملائكة بالسجود لآدم، يختلف عن موضوع استخلافه في الأرض ! فهذا أمرٌ، وتلك مسألة !

    فأمر السجود كان مقروناً بلحظة الخلق .. {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ }الحجر29 ، ص 72 .
    فأمر الله للملائكة بالسجود لآدم، كان لحظة خلقه وعند نفخ الروح فيه ..
    حيث أعلن إبليس تحفظه، ورفض السجود؛ بينما لم يكن الأمر حينها مسألة مطروحة لإبداء الرأي بشأنها أو لأخذ العلم بها!

    فقال له الله تعالى {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } الأعراف12 .
    بمعنى لماذا لم تنفذ الأمر لحظة صدوره - بغض النظر عن رضاك عن الموضوع وفهمك لسببه - من عدمهما !

    في حين امتثل الملائكة لأمر الله بالسجود لآدم، - ولم يُظهروا استغراباً أو تحفظاً، لأن الصيغة واللحظة كانتا في صورة أمر- واجب التنفيذ، ولم تكن صيغة أو لحظة طرحٍ لمسألة !

    وإنما أظهروا تحفظهم على سلوك البشر -بأنهم لن يكونوا أهلاً للخلافة في الأرض، وذلك عندما فتح الله لهم المجال للتساؤل، وإبداء الملاحظات !

    وأنا أفهم كل هذه الأمور على أنها دروس تمهيدية من الخالق لمخلوقاته حول مسئولياتهم وعلاقاتهم القادمة !

    والملائكة- وبكل تأكيد- يعلمون بأنه لا يمكن مقارنة علمهم بعلم الله، فعلمهم جزئي مخلوق بقدر؛ وعلمه سبحانه وتعالى .. كلي شامل أبدي أزلي خالق محيط .. لا نظير له ..

    ونحن نعلم، بأن الإيمان والامتثال لأوامر الله، هو مجاهدة ومقاومة للنفس، فهو لا يُحقق زوال التساؤل وانتفاء التحفظ على بعض نقاط الغموض فيما حول المؤمن .. وذلك بسبب طبيعة المخلوقات الفاقدة للكمال !

    ولنا في نبي الله إبراهيم المثل الأعلى .. {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }البقرة260 .

    فالمؤمن الفقير - مثلاً -، يعبد الله ويمتثل لأوامره، ويعلم بأن الله يرزق من يشاء بغير حساب ..
    ولكن هذا المؤمن ليس راضياً عن وضع الفقر الذي هو فيه، ويبحث عن سببه، ويبذل الجهد لجمع المال .. فهل نقول له، بما أنك مؤمن، فإنه ينبغي عليك أن تكون سعيداً راضياً بفقرك ! وهل يستطيع أن يفعل، حتى لو قلنا له ذلك !


    ثانياً
    أختلف معك هنا في هذا الاستنتاج ؛ لماذا ؟ لأن تفسير الآية التي جاء فيها خبر خلق سيدنا آدم عليه السلام ...

    لأن كلمة تحفظ فيما معناها أن الملائكة سجدت وهي متحفظة على خلق آدم ...

    فأن نقول ذلك يعني أن الملائكة وبعد أن تساءلت سجدت وما زال التحفظ قائم عندها على خلق آدم ،

    وَرَدَ في تعليقك - وعلى لساني- أكثر من مرة، مقولة( تحفّظ الملائكة على خلق آدم) .. وأنا، إذ أتوقع منك تحرّي الدقة، فإنني أستغرب منك ما قرأت لك !

    حيث إنني لم أقل إطلاقاً بأن الملائكة تحفّظت على خلق آدم، لعلمي وإيماني بأنه لا يحق لهم ذلك ! ولا يُمكن لمخلوق أن يتحفّظ على مشيئة الخالق .. بدليل أنهم سجدوا دون نقاش..

    وما قلته هو : تحفظت الملائكة على سلوك البشر !!!

    وذلك لعلم الملائكة بأن البشر سيسفكون الدماء ويُفسدون في الأرض، .. وذلك عندما أخبرهم ربُّ العزة بأنه جاعلٌ البشرَ خليفة في الأرض !! ولا علاقة للأمر هنا بخلق آدم !
    وسلوك البشر ذاك، لم ينفه رب العزة عنهم، ولم يؤنب أو يُعاقب الملائكة على ذكره واستنكاره !

    ولكننا نفهم من السياق بأنه أقرهم عليه- فهو الذي أعلمهم به ! ثم قال لهم، هذا ما تعلمونه أنتم عن البشر، ولكني أعلم ما لا تعلمون !
    وبكل تأكيد، لا تعلم الملائكة عن البشر أو سواهم من مخلوقات الله .. إلا بقدر ما يأذن لهم الله به !

    وأما حول تفسير الآيات، وعلم الملائكة، فأنا
    لم أقل، بأن الملائكة كانوا يعلمون من تلقاء أنفسهم، بمعزل عن علم الله !
    وها أنت ذا تقول (تحتمل)، أي ليس التفسير مؤكداً ، أي أنه افتراض ..
    قد أجمع أهل العلم أنها تحتمل ؛ (أن الله سبحانه وتعالى قد أخبر الملائكة عمّا سيكون (بعلمه)من ذرية المخلوق من قتل وسفك دماء ،



    وأما قولك، إن تعجب الملائكة قد زال .. فأنا لم أقل - سابقاً - بأنه ظل قائماً .!

    ولكنني
    أقول الآن، إن سبب تعجب الملائكة واستغرابهم وتحفظهم على سلوك البشر- بما يعني أنهم غير جديرين بالخلافة- من وجهة نظر الملائكة- لعلمهم بسلوكهم ..
    إن ذلك التحفظ والتعجب من قبل الملائكة، كان في محله - في حدود علمهم، ولم يكونوا مخطئين في ذلك ..
    ولكن ما استجد في الأمر، هو أن الملائكة قد علموا بأن معرفتهم
    بالبشر محدودة، وبأن سفك الدماء والإفساد في الأرض ما هو إلا جزء من سلوك بعضِ البشر، وأنه ليس هو السبب في استخلافهم !


    .. يطيب لي الحوار معك، فأهلاً بك ..
    إذا سرَّكَ ألا يعود الحكيم لمجلسك .. فانصحه بفعلِ ما هو أعلم به منك !

  2. #12
    الصورة الرمزية راضي الضميري أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    المشاركات : 2,891
    المواضيع : 147
    الردود : 2891
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي

    أخي العزيز أبو بكر سليمان الزوي
    أشكرك على كل ما تفضلت به ، وأرجو أن أكون عند حسن ظنك.
    وهنا لا بد أن أوضح نقطة مهمة ألا وهي : أنني لا أحبذ الخوض في مثل هذه الأمور الغيبية والتي تحتاج إلى دلائل قطعية لكي نثبت صحتها ؛ هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإن الأمر باعتقادي قد انتهى والخوض فيه لا يزيد ولا ينقص من إيماننا ، على أننا أحيانًا نخوض في مثل هذه المواضيع محاولين قدر الإمكان توضيح الأمور مستندين إلى الكتاب والسنة ، والعقل لوحده قد يعجز عن تفسير كل ما يحيط بها من غموض .
    لديّ ملاحظات فأرجو منك أن تتقبلها بصدر رحب كما تعودنا منك أخي العزيز ، وسأضع ملاحظاتي داخل النص وبلون مختلف لعلّي أستطيع أن أوضح مقصدي بشكل أفضل - رغم أنني لست خبيرًا في الاقتباس - وأحب أن أوضح أمرًا آخر وهو أنني أحاول أن استوضح بعض النقاط التي جاءت في نصك في محاولة لإزالة الالتباس الذي قد يحوم حولها وبدافع توضيح الأمور ، لأنها نقاط مهمة ويترتب عليها مفاهيم قد تكون غير متوافقة مع صريح الكتاب والسنة - بخصوص إبليس تحديدًا - فقط لا غير ، ونسأل الله التوفيق والسداد لي ولك وللجميع .
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوبكر سليمان الزوي مشاهدة المشاركة
    أخي العزيز \ راضي الضميري .. أهلاً وسهلاً دائماً، بتعليقاتك، ومحاوراتك، واختلافاتك معي .. التي باتت تروق لي ..
    واعلم أخي الكريم، أنه لن يكون بيننا إلا كل خير - مهما اختلفنا في وجهات النظر - بإذن الله ..
    وإنني بتُّ أعتقد بأنك أهلٌ للحوار واختلاف الرأي الذي لا يُفسد للود قضية ..
    فحواراتنا هي حوارات أتباع الدين الواحد والرسول الواحد والكتاب الواحد ..
    وما هي إلا محاولات لاستجلاء الغموض أو الاختلاط الذي يشوب بعض المفاهيم بين المسلمين .. وذلك من أجل تثبيت الإيمان في القلوب وتقوية حجة اللسان به ..
    ملاحظاتي ..
    أودُّ التذكير أولاً، بنقطة هي من الأهمية بمكان في موضوعنا، وهي :
    أن أمر الله للملائكة بالسجود لآدم، يختلف عن موضوع استخلافه في الأرض ! فهذا أمرٌ، وتلك مسألة !
    فأمر السجود كان مقروناً بلحظة الخلق .. {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ }الحجر29 ، ص 72 .
    فأمر الله للملائكة بالسجود لآدم، كان لحظة خلقه وعند نفخ الروح فيه ..
    حيث أعلن إبليس تحفظه، ورفض السجود؛ بينما لم يكن الأمر حينها مسألة مطروحة لإبداء الرأي بشأنها أو لأخذ العلم بها!
    أخي العزيز : ما فهمته من هذه النقطة - في نصك - أنّ إبليس اللعين تساءل ومن ثمّ غار وحسد ومن ثمّ رفض السجود وكل ذلك جاء بعد أن حلل - الأمر- اعتمادًا خاطئًا منه على صواب تحليله للأمر ، هذا ما جاء في نصك ، ومن هنا فقد كنتُ أود لو تفضلت بتفصيل هذه النقطة لأنك ذكرت فيما بعد أنه - أي إبليس - باء بغضب الله واستحق لعنته ولم يكن ذلك بسبب جملة من الأمور ذكرتها ومن بينها ... ولا بسبب كفر منه ولا شرك بالله ، وهذا ما لم أتفق معك فيه ، لأن هذه النقطة كانت واضحة في معناها ، لكنك لم تعقب عليها ، فإبليس كفر وهذا لا خلاف عليه عند أهل العلم و كل الأديان السماوية ، لذلك كنت أتمنى عليك أنْ تذكر في نصك أن إبليس باء بغضب من الله وتذكّر كل ما ذكرته لكن بدون ذكرك للفقرة التي ذكرتها سابقًا - أي لا بسبب كفر منه ولا شرك بالله ـ بل بسبب كفر منه .
    فقال له الله تعالى {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } الأعراف12 .
    بمعنى لماذا لم تنفذ الأمر لحظة صدوره - بغض النظر عن رضاك عن الأمر وفهمك لسببه - من عدمهما !
    في حين امتثل الملائكة لأمر الله بالسجود لآدم، - ولم يُظهروا استغراباً أو تحفظاً، لأن الصيغة واللحظة كانتا في صورة أمر- واجب التنفيذ، ولم تكن صيغة أو لحظة طرحٍ لمسألة !
    وإنما أظهروا تحفظهم على سلوك البشر -بأنهم لن يكونوا أهلاً للخلافة في الأرض، وذلك عندما فتح الله لهم المجال للتساؤل !
    والملائكة- وبكل تأكيد- يعلمون بأنه لا يمكن مقارنة علمهم بعلم الله، فعلمهم جزئي مخلوق؛ وعلمه سبحانه وتعالى .. كلي أبدي أزلي خالق محيط .. لا نظير له ..
    ونحن نعلم، بأن الإيمان والامتثال لأوامر الله، لا يوجب زوال التساؤل والتحفظ على بعض نقاط الغموض فيما حول المؤمن ..
    هنا لديّ ملاحظة أخي الفاضل : لقد أثبت تساءل الملائكة قصور علمهم أمام علم الله ، وعندما تساءلت كان إبليس موجودًا ، فلم يتدارك الامر لذلك كفر ، لأنه في حالة صدور الأمر فلا مجال للتساءل والتحفظ هذا بخصوص الملائكة على وجه التحديد وفي قصة سيدنا آدم عليه السلام ، أمّا فيما يخص البشر فإن كان تساءل الملائكة أثبت قصوره فكيف بعلم البشر ، لا مجال للتساءل والتحفظ في أمور السنن سنن الله في الكون والخلق ، لأن السنن لا تخاصم ولا ينبغي أن تؤخذ وتتبع بالرأي والتفكير ، فلا تردد ولا تفكير ولا استشارة في أمر قد أمر الله به قال تعالى " (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) الأحزاب/ 36 نعم قد يسأل البشر عن أمور تتعلق بالكون والحياة ، والله سبحانه وتعالى يقول لنا وفي أكثر من موضع أن نتفكر في خلق السموات والأرض ، وهذه الحياة ، والغاية التي خلقنا من أجلها ، ويطالبنا بأن نتعلم ونعمل ، ونحاول على قدر جهدنا أن نجد حلولاً لمشاكل الحياة ، ومن ضمنها أن نعتمد على القرآن والسنة ؛ لأن فيها كل ما يلزمنا ، وقال سبحانه وتعالى في كتابه أنه ما فرط في شيء في الكتاب ، وحثنا على طلب العلم وفي كل المجالات ، لكن هناك أمور لم يخبرنا بها ، ولم يعلمنا بها رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولم يسأل عنها صحابته وهم خير بني البشر بعد الرسل ، وسكتوا عنها لا لعجز منهم ولا لقصور في علمهم ، بل تحوطًا وخوفًا من الخوض في أمور قد تهلكهم ولا منفعة ترجى من الخوض فيها ، وهم الأعلم بلغة القرآن - فقد نزل بلغتهم - نظرًا لفصاحتهم ونبوغهم وتقواهم
    ولنا في نبي الله إبراهيم المثل الأعلى .. {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }البقرة260 .
    هنا سيدنا إبراهيم عليه السلام لم يؤمر بأمر من الله ؛ وهناك فرق بين أنْ أسأل فأتحفظ وأتساءل ، وبين أنْ أسأل الله عن أمر لا أعرف له إجابة أو أشكل عليّ وهذا خاص بالأنبياء وهذا زمن الوحي ، أمّا إن سأل الإنسان - في وقتنا - فمن أين ستأتيه الإجابة ، قطعًا من الكتاب والسنة والتي هي مفسرة للقرآن .
    فالمؤمن الفقير - مثلاً -، يعبد الله ويمثل لأوامره، ويعلم بأن الله يرزق من يشاء بغير حساب ..
    ولكن هذا المؤمن ليس راضياً عن وضع الفقر الذي هو فيه، ويبحث عن سببه، ويبذل الجهد لجمع المال .. فهل نقول له، بما أنك مؤمن، فإنه ينبغي عليك أن تكون سعيداً راضياً بفقرك !
    وهل يستطيع أن يفعل، حتى لو قلنا له ذلك !
    نقطة مهمة أخي العزيز أشرت إليها : يبحث عن سببه - أي الفقر - ولكن أين سيبحث هذه النقطة الأهم بنظري ، فنحن حوارنا ينصب حول التساءل والتحفظ وهل هو جائز بحق الله أم لا ،لا حول أن يتساءل الإنسان عن سبب فقره ويسعى تبعًا لذلك في الاجتهاد وجمع المال ، ومن المعلوم أن الله هو الرازق والرزاق ، وبيده مفاتيح كل شيء ، فهل يسأل الله تعالى لمَ لم يرزقه أم يبحث عن الرزق في الأرض ويأخذ بالأسباب ، فلا يتكل ويسأل الله أن يرزقه ، قال تعالى " وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَاْلأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ " الذاريات / 23،22 وهنا أقسم الله جل جلاله بأن الرزق من عنده وهو سبحانه يقسمه بين عباده وحسب مشيئته ، فلا مجال أمام العبد غير السعي في الأرض وطلب الرزق .
    ثانياً

    وَرَدَ في تعليقك - وعلى لساني- أكثر من مرة، مقولة( تحفّظ الملائكة على خلق آدم) .. وأنا، إذ أتوقع منك تحرّي الدقة، فإنني أستغرب منك ما قرأت لك !
    حيث إنني لم أقل إطلاقاً بأن الملائكة تحفّظت على خلق آدم، لعلمي وإيماني بأنه لا يحق لهم ذلك ! ولا يُمكن لمخلوق أن يتحفّظ على مشيئة الخالق .. بدليل أنهم سجدوا ..
    بل إنني قُلتُ: تحفظت الملائكة على سلوك البشر !!!
    في هذه النقطة بالذات قد تكون محقًا ، لكن دعني أوضح لك السبب الذي دفعني لقول ذلك - وقد أكون مخطئًا على أية حال - إنّ القول بأن الملائكة تحفظت على سلوك البشر و من دون أنْ تعرف الجوانب الأخرى لسلوك البشر ، يدفع للإعتقاد أن الملائكة تحفظت على خلق آدم أصلاً لأنها رأت الجانب السلبي منه فقط ؛ أي أنها لم ترى الوجه الإيجابي ، وهي بهذا التحفظ - أي السلوك - لم ترى ولم تبصر الحكمة من خلق سيدنا آدم عليه السلام ، ومن هنا قد يتبين أنها قالت ذلك بدافع أنه إذا كان سيسفك الدماء ويفسد في الأرض فما الداعي لخلقه ، وهذا ما فهمته من التحفظ السلوك، لذلك عندما قرأت ما كتبته قمت بربط السؤال بالنتيجة التي خرجوا بها ، طبقًا للنص أمامنا ، وقد أكون مخطئًا في تحليلي للأمر ، فعذرًا .
    وذلك لعلم الملائكة بأن البشر سيسفكون الدماء ويُفسدون في الأرض، .. وذلك عندما أخبرهم ربُّ العزة بأنه جاعلٌ البشرَ خليفة في الأرض !! ولا علاقة للأمر هنا بخلق آدم !
    وسلوك البشر ذاك، لم ينفه رب العزة عنهم، ولم يؤنب أو يُعاقب الملائكة على ذكره واستنكاره !
    ولكنه أقرهم عليه- فهو الذي أعلمهم به ! ثم قال لهم، هذا ما تعلمونه أنتم عن البشر، ولكني أعلم ما لا تعلمون !
    وبكل تأكيد، لا تعلم الملائكة عن البشر أو سواهم من مخلوقات الله .. إلا بقدر ما يأذن لهم الله به !
    وأما حول تفسير الآيات، وعلم الملائكة، فأنا
    لم أقل، بأن الملائكة كانوا يعلمون من ذات أنفسهم، وأنهم لم يكونوا بحاجة لعلم الله !
    وها أنت ذا تقول (تحتمل)، أي ليس التفسير مؤكداً ، أي أنه افتراض ..

    وأما قولك، إن تعجب الملائكة قد زال .. فأنا لم أقل - سابقاً - بأنه ظل قائماً .!
    ولكنني
    أقول الآن، إن سبب تعجب الملائكة واستغرابهم وتحفظهم على سلوك البشر- مما يعني أنهم غير جديرين بالخلافة- من وجهة نظر الملائكة- لعلمهم بسلوكهم ..
    إن ذاك التحفظ والتعجب من قبل الملائكة، كان في محله - في حدود علمهم، ولم يكونوا مخطئين في ذلك ..
    القول أنهم لم يكونوا ( مخطئين ) ليس دقيقًا ، لأن المعلومة التي حكموا عليها لم تكن منهم بالأصل ، بل من عند الله ، والتساءل من قبلهم بُنيَّ على تصور لم يكن دقيقًا ، و بعد الامتحان الذي تعرضوا له تبين لهم الأمر على حقيقته ، فكيف نقول أنهم أصابوا في أمر اعترفوا بقصورهم فيه أمام علم الله فيما بعد .
    وأنا هنا اٌقول بناءً على تلك الفقرة التي أوردتها بدءً من كلمة " ولكنني أقول الآن ......إلى ......ولم يكونوا مخطئين في ذلك " على أساس أنها من تحليلك أنت .

    ولكن ما استجد في الأمر، هو أن الملائكة قد علموا بأن معرفتهم
    بالبشر محدودة، وبأن سفك الدماء والإفساد في الأرض ما هو إلا جزء من سلوك بعضِ البشر، وأنه ليس هو السبب في استخلافهم !
    .. يطيب لي الحوار معك، فأهلاً بك ..
    هذا ما لديّ أخي العزيز بخصوص ملاحظاتك ، ولكن كان هناك ملاحظات بخصوص أمور أخرى تعرضت لها وناقشتها ، كنت أود لو ناقشتها ، ليس من باب استعراض الأمور هكذا وبدون داع ، بل لأننا هنا نتكلم عن أفكار تتعلق بمصيرنا في الحياة الدنيا والأهم الآخرة ، وإذا لم توضح بشكل جلي ، فقد يتبناها أحد ما ، وعلى حسب فهمه - وقد يكون محدودًا- فيرتب عليها استنتاجات قد لا تكون نتيجتها كما أردت لها أنت أو أنا أنْ تكون في المحصلة النهائية .
    ومرة أخرى أكرر وأقول إنّ الخوض في مثل هذه الأمور الغيبية لا أحبذه لأنه - بالنسبة لي - لا يقدم ولا يؤخر في مسيرة حياتنا ،لكنني ومن باب الأمانة التي تحملها أنت ونحن جميعًا ، أردت توضيح الأمور وعلى حسب علمي المتواضع وهذا بخصوص مسألة خلق آدم وتساءل الملائكة على وجه التحديد أمّا إبليس اللعين فأمره محسوم سلفًا ؛ لأنّ الآيات القرآنية أوضحت ما كان من شأنه ، وما ترتب عليه بشكل واضح وجلي .
    علمًا أن تلخيصك للأسئلة التي خرجت بها كان رائعًا ، ووضع يده على جزء مهم من مشكلتنا التي نعاينها في الوقت الحاضر ، إضافة إلى أمور أعتقد أنها مهمة أيضًا ومن بينها الأسئلة التي لم نجد لها حلاً بعد - أو توافق إن جاز التعبير- وهو : ما هي الأسباب التي أدت بنا للوصول إلى ما وصلنا إليه ؟ كيف ننهض بأمتنا من هذه المأزق الذي تعيش فيه وما هو الحل ؟.
    تقديري واحترامي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #13
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي


    السلام عليكم ..

    أخي راضي الضميري : حيث إنك لا ترغب الخوض في مثل هذه الأمور، وأن الأمر من وجهة نظرك قد انتهى ...؛ وكذلك تركيزك على أمر إبليس دون غيره ..
    وهنا لا بد أن أوضح نقطة مهمة ألا وهي : أنني لا أحبذ الخوض في مثل هذه الأمور الغيبية والتي تحتاج إلى دلائل قطعية لكي نثبت صحتها ؛ هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإن الأمر باعتقادي قد انتهى والخوض فيه لا يزيد ولا ينقص من إيماننا ،...

    وأحب أن أوضح أمرًا آخر وهو أنني أحاول أن استوضح بعض النقاط التي جاءت في نصك في محاولة لإزالة الالتباس الذي قد يحوم حولها وبدافع توضيح الأمور ، لأنها نقاط مهمة ويترتب عليها مفاهيم قد تكون غير متوافقة مع صريح الكتاب والسنة - بخصوص إبليس تحديدًا - فقط لا غير ، ونسأل الله التوفيق والسداد لي ولك وللجميع .

    عليه فإنني سأوجز لك ما أقصده ..

    1- إبليس اللعين، فسق عن أمر ربه، وأصبح من الكافرين .. لا خلاف ولا جدال في كفره .!

    2- رغم أن إبليس قد دخل في زمرة الكافرين، إلا أنه يعرف ضعفه، ويعرف الله حق المعرفة، فلم يُنكر ربوبية
    الله وقدرته، ولم يُنكر أن لله عباداً مخلصين؛ كما اعترف بأنه قد فُتن .. حيث قال :
    { قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } الحجر39 .

    ( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ{82} إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ{83} ) ص .

    { وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ } الأنفال48 .

    { كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ }الحشر16 .


    3- زبدة القول، ووجه المقارنة هنا، هي: أن معنى الكُفر والإيمان في حالة إبليس كما ورد في القرآن، لا يتوافق مع مفهوم الكفر والإيمان الذي يتداوله المسلمون اليوم - في وصفهم لأنفسهم، وفي علاقتهم بالآخر ..
    حيث يُقسّمون العالم إلى دار كُفر ودار إسلام !


    في حين أن جُلّ الذين نسميهم بالكافرين اليوم، هم لا يعرفون الله كما عرفه إبليس، وليسوا مستكبرين مثله !

    قال تعالى: { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ }المائدة 82 .

    فأنا أرى، أن رسالتنا نحن المسملين - لاسيما العرب-، هي أن نفهم ديننا حق الفهم والمعرفة قولاً، ونكون قدوة لغيرنا عملاً، ثم ندعوهم للإيمان بالبرهان والمنطق، لنقيم عليهم الحجّة ونكون شهداء عليهم .
    وليست رسالتنا - فقط - أن ننعتهم بالكافرين، أو ندخلهم في الإسلام بالقوة إن استطعنا.!

    فلو اتخذنا حالة إبليس كمقياس لإطلاق صفة الإيمان أو الكفر على الإنسان، فإن الأمر سيكون على مستوى الأفراد، لا على مستوى المجتمعات !
    وحينها يجب أن يكون في عداد الكافرين، كل من عرف الله وآمن به، ثم عصى بعض أوامره .. فتكبّر وكذب وزنى واغتاب و... .. ولا تخلو ديار المسلمين من مثل هؤلاء - مع بالغ الأسف !!!!

    ولذلك جاء عنوان المقالة : كُنْ ملاكاً .. قبل أن تنعت الآخرين بالشيطنة !


    أشكرك أخي راضي الضميري على حوارك الهادئ الهادف الجميل، وأرجو أن أكون قد وُفقت في توضيح وجهة نظري.!

    وإن شئت استمر الحوار، وسأوضح لك حينها كل ما التبس لديك من جهتي ..

    تحياتي ..

  4. #14
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    متابعون لهذا الحوار المثمر
    تظل جماعات من الأفئدة ترقب صباح الانعتاق,لترسم بسمة الحياة على وجوه استهلكها لون الشحوب و شكلها رسم القطوب ,يعانقها الشوق و يواسيها الأمل.

  5. #15
    الصورة الرمزية راضي الضميري أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    المشاركات : 2,891
    المواضيع : 147
    الردود : 2891
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الأخ العزيز أبو بكر سليمان الزوي
    يطيب لي الحوار معك ، ومهما طال بنا الزمن ؛ فسيبقى حوارنا تحت نفس المظلة التي اتفقنا عليها ، واسمح لي بالدخول في الموضوع ..
    ملاحظاتي باللون الأحمر .
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوبكر سليمان الزوي مشاهدة المشاركة

    السلام عليكم ..
    أخي راضي الضميري : حيث إنك لا ترغب الخوض في مثل هذه الأمور، وأن الأمر من وجهة نظرك قد انتهى ...؛
    انتهى من حيث أنّ الأمر كان عند بدء الخلق ، وتحيط به أمور غيبية لا نستطيع القطع بها ، ولكننا نعلم من ما أخبرنا به الله تعالى أنها حصلت وانتهى الأمر ، والتفكّر فيها قد يعقد المسائل ، وعامة النّاس اليوم - المتابعين لنا ولغيرنا - لا يملكون الحصانة الكافية ولا العلم الكافي للخوض فيها - ولا أدعي أنني لديّ علم كافي ولا الحصانة اللازمة ولا نزكي على الله أحد - فكلنا مرجون لأمر الله وهو أعلم بنا وبنوايانا
    وكذلك تركيزك على أمر إبليس دون غيره ..
    لقد ركزت على كل الأمور ، وقلت أنني لم أتفق معك في جزء منها ، وتمنيت عليك لو تعرضت لها ، لكن قضية إبليس اللعين بالذات كنت حريصًا على توضيح الأمور حولها لما سبق ذكره
    زبدة القول، ووجه المقارنة هنا، هي: أن معنى الكُفر والإيمان في حالة إبليس كما ورد في القرآن، لا يتوافق مع مفهوم الكفر والإيمان الذي يتداوله المسلمون اليوم - في وصفهم لأنفسهم، وفي علاقتهم بالآخر ..
    إن هذا القول يجعلنا نعيد ترتيب الأمور مرة أخرى ؛ أنا أقول ما يلي : إنّ وجه الكفر قريب ومن وجوه عدة ، وتفصيله هو : ليس كل من امتنع عن السجود بكافر ، وليس كل حاسد بكافر ، ولا كل عاص وفاسق بكافر وهذه النقطة بالتحديد هناك أقوال للعلماء فيها لا مجال للخوض فيها الآن ويلزم أن يصاحبها اعتقاد بالكفر من قبل المرتكب لها والله تعالى أعلم .
    ولكن ما يهمنا هو ما يلي : إنّ كفر إبليس نتج - بالدرجة الأولى - عن اتهام ونسبة الجور والتصرف الذي ليس بمرضي لله سبحانه وتعالى , ظهر ذلك من فحوى قوله { أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ } الأعراف آية 12 ؛ أي أنه أُلزم بأمر رأى فيه جور وظلم وتصرف رديء ، وهذا وجه كفره ، وهذا الأمر إضافة لما صدر منه مسبقًا من حسد وغيرة واستكبار .
    فكل من قال بقوله فهو كافر - سواء أكان ينتسب للإسلام أم لا - والملايين الآن يقولون بمثل هذا القول ، فيتهمون الخالق سبحانه وتعالى بالجور والظلم والتصرف الرديء - وحاشا لله أن يكون كذلك - لأن من يتهم شرع الله بالباطل ، ويعتقد أنّ ما كلف به من أوامر إلهية غير صالحة وغير عادلة ؛ فقد دخل قوله في قول إبليس ، والله تعالى أعلم.

    حيث يُقسّمون العالم إلى دار كُفر ودار إسلام !
    هذه المسألة فيها تفصيل ربما لا يعلمه البعض ، ولن أخوض فيه لضيق الوقت ، لكن إنْ قال بهذ القول بعض الجماعات التكفيرية وغلو فيه أو بعض الجماعات المتشددة ، ممن لم يفرقوا بين دار إسلام أودار عهد ودار حرب ، ولم يفرقوا بين حاجة الأمة إلى نظام عالمي عادل تسري قوانينه على الجميع ؛ فهذا ليس بحجة على المسلمين اليوم ؛ لأن التمييز هنا ضروري ، ومن يقول ويعمل ويحلل بناءً على رأيه في هذه المسألة فهو مخطئ ، لأنه لم يرجع إلى أهل العلم في هذه المسألة ، ومثال على ذلك : أمريكا احتلت العراق بدعوى أنه يمتلك أسلحة دمار شامل وتارة أخرى بحجة أنه على علاقة بالقاعدة ، أو بأنها جاءت لتخليص العراق من الظلم والإستبداد . الخ ، فهل يجوز لنا أن نقتل كل أمريكي نراه أمامنا وفي أي مكان من هذا العالم ؟ بالنسبة لي الجواب لا ؛ وهذا الأمر يحتاج إلى رأي الفقهاء بمعنى كلمة دار إسلام ودار حرب ودار عهد ، وفيها تفصيل طويل ، ولكن لا وجه شبه بين هذا التقسيم ووجه الشبه بكفر إبليس ، فهذا أمر وذاك أمر آخر منفصل عنه تمامًا .
    فنحن لا نكره سين أو صاد و لا نحاربه ونصنفه بسبب كفره وإيمانه بإبليس أو تشبهه به ، إنْ كان إيمانه وكفره لا يجر علينا الدمار والخراب ، ونفرق - بالنسبة لي - ما بين الإنسان العادي والجندي المحارب ، كما أنّ هناك فرق بين الكفر كمصطلح ودارالكفر ، ولكل مقام مقال .

    وليست رسالتنا - فقط - أن ننعتهم بالكافرين، أو ندخلهم في الإسلام بالقوة إن استطعنا.!
    أتفق معك تمامًا ، فلا إكراه في الدين ، لكن هناك مسألة مهمة في نظري ألا وهي باختصار : لديّ صديق وهو نصراني ، ودار حديث بيني وبينه عن الدين ، وفي أثناءه قلت له : يا صديقي أنت بنظري كافر لأنك لست مسلمًا ، وأخاف عليك من عاقبة أمرك ، لأن مثواك النار ،هذا ما يخبرني به ديني ، فقال لي : أنا نصراني ولا أتفق معك فيما تقوله ،لكن لم أناديه يومًا بانه كافر ، بل أنا مشفق عيه ، ولعلّه هو أيضًا يبادلني نفس الشعور .
    لكن عندما نريد أن نشرح ديننا للآخرين ، ونعرفهم به ، و جاء أحدهم وقال لك : دينك يقول أنني إذا لم أدخل فيه فأنا من أهل النار ، فما هي التسمية التي ستطلقها عليَّ إن لم أدخل في دينك وأنني من أهل النار ؟
    ماذا سنقول ؟ هل نقول لا نعلم ، أم أنت كافر ؛و أيضًا - الطرف الآخر - فكنائسهم وحملات التنصير التي قاموا وما زالوا يقومون بها يقولون عنا أننا كفار ، لأنهم وإن لم يقولوا ذلك علنًا ، فواقع الحال سيطرح عليهم نفس المثال الذي سبق وأنْ أشرت إليه.
    هذا الموضوع برأيي يحتاج إلى بحث خاص ، لكن لا مناص من الاعتراف بأننا سنقول عن كل من لم يدخل في الإسلام أنه كافر ، تبقى فقط أمامنا قضية التعامل مع الأطراف الأخرى ، وكيف تكون وعلى قاعدة أن لا إكراه في الدين

    فلو اتخذنا حالة إبليس كمقياس لإطلاق صفة الإيمان أو الكفر على الإنسان، فإن الأمر سيكون على مستوى الأفراد، لا على مستوى المجتمعات !
    وحينها يجب أن يكون في عداد الكافرين، كل من عرف الله وآمن به، ثم عصى بعض أوامره .. فتكبّر وكذب وزنى واغتاب و... .. ولا تخلو ديار المسلمين من مثل هؤلاء - مع بالغ الأسف !!!!
    الأمر ليس كذلك وقد سبق وأنْ أوضحت زبدة القول فيه ، وأزيد : ليس كل من عصى وزنى وكذب واغتاب كافر ، لكن من كان مؤمنًا (أو لم يكن ) ثمّ كفر - كما في حالة إبليس - و من تطابقت معه صفاته كحسد وغيرة واستكبار مع اعتقاد الكفر كما هو معلوم من الدين بالضرورة فهو كذلك ؛ أي كافر ؛ وإطلاق اللفظ على عمومه - كما في هذا المثل - لا أتفق معك فيه .
    [/font]
    [/right]
    يسرني أنْ أتحاور معك - ولولا ظروفي لتابعت أكثر - وأن نحاول لعلّنا نستطيع أنْ نقدم ما هو مفيد ونافع لأمتنا ، وهذا جهد المقل ، فإن أصبت فبتوفيق الله سبحانه وتعالى ، وإنْ أخطأت فمن نفسي والشيطان ، والله تعالى أعلم .
    شكرًا لك أخي العزيز أبو بكر وبارك الله فيك.

  6. #16
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي


    السلام عليكم ..

    أشكـرك أخي الحبيب\عبد الصمد زيبار، على متابعتك للحوار، وحثك على التفكير ..


    أخي\ راضي الضميري .. تقول :
    انتهى من حيث أنّ الأمر كان عند بدء الخلق ، وتحيط به أمور غيبية لا نستطيع القطع بها ، ولكننا نعلم من ما أخبرنا به الله تعالى أنها حصلت وانتهى الأمر ، والتفكّر فيها قد يعقد المسائل ،

    أما أنه أمر كان قد حصل عند خلق آدم\عليه السلام، فلا شك في هذا . أما أن الأمر قد انتهى، ولا يجب التفكّـر فيه .. فلا أعتقد ذلك !
    ولا أعتقد بأن الله يذكر لنا أمراً بهذا الحجم وهذا الوضوح، إلا ويريد منا التفكّر فيه ! خاصة وقد أخبرنا بأن إبليس هو عدونا وعلينا أن نتخذه عدواً !
    فكيف نتخذه عدواً وهو يرانا ونحن لا نراه .. إذا لم نتفكر فيما أخبرنا الله عنه !


    وعامة النّاس اليوم - المتابعين لنا ولغيرنا - لا يملكون الحصانة الكافية ولا العلم الكافي للخوض فيها - ولا أدعي أنني لديّ علم كافي ولا الحصانة اللازمة ولا نزكي على الله أحد - فكلنا مرجون لأمر الله وهو أعلم بنا وبنوايانا

    العلم الكافي في أي أمرٍ من الأمور، إنما يأتي بتوفيق الله - أولاً، ثم بالطلب الصادق والأمين له، والبحث الجاد عنه وفيه ومن خلاله. ومن العلم تتأتى الحصانة المنشودة.

    وأما عن عامة الناس، فإن المواقع والمنتديات والمحطات، تعج بما هو أخطر من هذا، وربما وجد بعضهم لدينا ما يُعينه على فهم دينه ... فرب مُبلَّغ أوعى من سامع ( رب قارئ أوعى من كاتب)!

    وأنا أتفهّم جيداً مبعث خشيتك، وأحترم وجهة نظرك !



    إن هذا القول يجعلنا نعيد ترتيب الأمور مرة أخرى ؛ أنا أقول ما يلي : إنّ وجه الكفر قريب ومن وجوه عدة ، وتفصيله هو : ليس كل من امتنع عن السجود بكافر ، وليس كل حاسد بكافر ، ولا كل عاص وفاسق بكافر وهذه النقطة بالتحديد هناك أقوال للعلماء فيها لا مجال للخوض فيها الآن ويلزم أن يصاحبها اعتقاد بالكفر من قبل المرتكب لها والله تعالى أعلم .

    لا أريد أن أبدو كمن يُدافع عن إبليس، ويُهاجم بني آدم ..

    ولكن قولك: إن
    العاصي، والفاسق، ومن امتنع عن السجود لله ، .. ليس كافراً .. فأنا أقول .. الله أعلم أولاً وأخيراً وآخراً،
    وأقول أيضاً، إن قصة إبليس مليئة بالعبر، التي لا ينبغي تجاهلها ..
    فهو قد رفض السجود لمخلوق، وذلك فسق منه وعصيان لأمر الله، واستحق بذلك لعنة الله.
    ولكن إبليس يعلم ويُقـرُّ بأن عذاب الله شديد، ولا يُنكر قدرة الله، ويعترف بربوبيته وبأنه الخالق، ولم يرفض السجود لله !

    فكيف نقول عن الذي لا يسجد لله، ويفسق عن أمر الله، ويعصي الله .. من البشر، بأنه ليس كافراً .!

    الله أعلم .. ولكنني أرى بأنه إذا كان الجزم بكفره ليس باستطاعتنا ولا من حقنا ولا نمتلك له الحجة الكافية، فإن الجزم بإيمانه وإسلامه، هو كذلك ليس باستطاعتنا، ولا نمتلك له الحجة الكافية .. والله أعلم !


    أي أنه أُلزم بأمر رأى فيه جور وظلم وتصرف رديء ، وهذا وجه كفره ، وهذا الأمر إضافة لما صدر منه مسبقًا من حسد وغيرة واستكبار .
    فكل من قال بقوله فهو كافر - سواء أكان ينتسب للإسلام أم لا - والملايين الآن يقولون بمثل هذا القول ، فيتهمون الخالق سبحانه وتعالى بالجور والظلم والتصرف الرديء - وحاشا لله أن يكون كذلك - لأن من يتهم شرع الله بالباطل ، ويعتقد أنّ ما كلف به من أوامر إلهية غير صالحة وغير عادلة ؛ فقد دخل قوله في قول إبليس ، والله تعالى أعلم.

    نرى انعكاس مثل هذا الاعتقاد جلياً على تصرفات وسلوكيات الكثير الكثير من الناس، ولكنهم لا يُعلنون ذلك باللسان، والله أعلم بما في قلوبهم .
    ولكن أفعالهم تدل على أنهم يعتقدون- كما قالت المرجئة - بأنه لا تضر مع الإيمان معصية .!
    وأنا أقول .. والله أعلم .. إن في ذلك شبهٌ لفعل إبليس ..!

    ويبقى أن أُذكـر، بأن باب التوبة مفتوح، ولكن على هؤلاء أن يتذكروا أيضاً بأن كل لحظة في حياتهم، قد تكون هي لحظة خروج الروح !

    أشكر لك أدب الحوار ومواصلته، وأُقدر لك ظروفك .!


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

المواضيع المتشابهه

  1. ?°• (أَسْرِع قَبْلَ أنْ يَموتَ الغَرامْ ) •°?
    بواسطة نجوى الحمصي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 23-03-2016, 10:23 AM
  2. قبلَ أنْ تبدو
    بواسطة يحيى سليمان في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 05-06-2009, 06:25 PM
  3. قبلَ أنْ يشيخَ الليل النبيْ
    بواسطة محمود قحطان في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 29-04-2008, 03:48 PM
  4. قبل أنّ أنوى...
    بواسطة نهى شعبان في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 29-05-2007, 09:19 AM