أحدث المشاركات

قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: قراءة نقدية في قصيدة للشاعرة مروة دياب وقصيدة لي .. أمل فؤاد عبيد

  1. #1
    الصورة الرمزية إياد عاطف حياتله شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    الدولة : المنفى البعيد جدّاً جدّاً ... جدّاً
    العمر : 63
    المشاركات : 882
    المواضيع : 71
    الردود : 882
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي قراءة نقدية في قصيدة للشاعرة مروة دياب وقصيدة لي .. أمل فؤاد عبيد

    أثناء بحبشتي في الإنترنت
    وجدت هذه الدراسة
    للناقدة أمل فؤاد عبيد
    لها مني كل التحيّات
    وللشاعرة مروة دياب التحية والتقدير أيضا



    على هامش التحية للمخيم .. مشاكلة نصية للمعاناة الفلسطينية, قراءة نقدية
    الكاتبة
    أمل فؤاد عبيد
    يسكننا المخيم وإن لم نسكنه ..
    لقد اخترت ثلاثة نصوص تتجاوب إحساساتها أو أطيافها بين سكن المخيم وسكينته .. وبين أثيرية الإحساس بمستحيل المنفى والعذاب والتهجير والقتل .. لقد جعلت من خاطرة العاشق للمخيم إياد عاطف حياتله افتتاحية مشروعة للغوص في سكنات المخيم وصدى التعبيرات المختلفة التي سأتحسس نتوءاتها وتفاعيلها من خلال القراءة المباشرة لأطياف كتابة كل من إياد عاطف حياتلة والكاتبة مروة دياب .. ورغم الفارق بين الإثنين في العمر .. إلا ان هذا التوريث جاء معنويا .. على أفتراض ان فلسطين في مبتدأ الكلمة وعنوان صراعها يبدأ من حيث التهجير ومن ثم كان المخيم يتمحور التاريخ النفسي وشكل المعاناة التي بدأ معها الفلسطيني .. ومن هنا سوف ندخل عالم التحاور عبر آلية سينمائية وهي أن التقط الكادرات التشخيصية التي اتوسم ان اسجلها من خلال جسد هذين النصين لكل من الكاتبين على أن يكون اشتغالي على هذه النصوص لتسجيل ما بينها من توازي والتحام و تناص معنوي / حسي .. على أن استخرج من خلال هذه الكتابة بعض الفوارق في مستويات الإدراك والوعي ومذاق التاريخ هنا وهناك .. وأيضا نسجل لصور المخيم المبعثرة في ذاكرة الإنسان الفلسطيني بكل ما تحمله من ألم او نشوة كما سجله الشاعر إياد حيث نبدأ من حيث يقدم لنا كادر خارجي ونستطيع ان نقول هذا على اعتبار ما يتناوله نصه من لقطة خارجية إلا انها لا تنفصل في ذات اللحظة عن محتوى الشعور بالمخيم حيث يقول في خاطرته المعنونة بـ ( للمخيم نكهة أخرى ) :
    للمخيم
    نكهةٌ أخرى
    للأزقّة الملتوية الضيّقة التي تذهب بعيدا باتجاه ما تبّقى من الوطن
    رائحةٌ أخرى
    لسقوف الزينكو التي تتّكئ بحنُوٍ غير مسبوقٍ على بعضها البعض
    طعمٌ آخر

    لينتقل بنا من خلال حركة التعبير المحايثة و المراقصة لمضمون الشعور بالمخيم وليس لصورة المخيم فقط .. فهو يتغنى بذاكرة بقدر ما تحمل من ألم وصدمة .. تحمل أيضا نوعا من الشعور بالألفة والتعاون والجمال والتآخي بين الجميع في مخيم قسم لهم ان يتعايشوا فيه ويعايشوه بنبضهم .. يقول الكاتب أيضا في ذات الخاطرة:
    للختايرة الموغلين في القدم
    المبعثرين على عتبات البيوت
    حكايةٌ أخرى
    للعجايز البلسميّات الوجوه
    المدفّئات الطوابين ببسماتهن
    مواويل أخرى
    للوجوه التي تعيد رسم تجاعيدها تضاريساً
    للبيادر والحواكير وعيون الماء
    سحرٌ آخر

    نجد هنا ما لهذا الكادر الخارجي على بساطته إلا انه ينقل الصورة بأمانة شديدة ويهتم بتفاصيلها جل اهتمام .. شاملا بهذا مفردات هذا العالم بما فيه من شخوص .. ثم ينتقل بنا الى مستوى آخر من الوعي إلى تصوير كيف اصبح هذا المخيم يحمل نبضهم ويحمل ذاكرتهم أو هو أصبح جزء من ذاكرتهم وتاريخهم على ما فيه من مرار وقسوة .. يقول الكاتب أيضا :
    للأيدي الخشنة التي ما انفكّت تكدح نهاراً
    وتهدهد أحلام الصغار ليلاً
    لمسةٌ أخرى
    للصبّايا المتدافعات على حنفيّات المياه
    عطورٌ أخرى
    للشّباب الذين يحاولون أن يُخفوا نظراتهم المسترقة إلى العيون الخجلات
    أحلامٌ أخرى
    للأطفال الذين يكبرون عنوة قبل الأوان شقاوةٌ أخرى

    ثم ينتقل بنا إلى محاولة استدراج حقيقة أكثر حضورا وهي أن المخيم ما هو إلا واقع يستنبت من خلاله المقاتلين .. الذي إذا ما خرجوا من المخيم عادوا على الأكتاف كناية عن الشهادة .. يقول في نهاية القصيدة :
    للذين غادروا المخيّم مشياً
    وعادوا على الأكتاف ..
    عنوانٌ واحد
    وهدفٌ واحد
    إسمه
    فلسطين

    اما في قصيدته الثانية المسماة بـ " إلى المخيم أينما وجد " يحتالنا الكاتب ليسرقنا بلا استئذان ويدخلنا من حيث الكادر الخارجي إلى حيث القسمات والتضاريس تعلو وتعلو .. إذ أن هنا في هذه القصيدة وإن لم تختلف عن سابقتها لأنها لها مذاق المنتصر لذاكرته على حضور الألم .. فالشاعر هنا لا يستجدي منطقة الحسرة او التحسر .. بقدر ما تثيره الذكرى من سعادة ونشوة .. وبلاغة قدر من التصوف الروحي والمعنوي إذ أن المخيم يرتسم كعلامة نصر مؤجل على جبين من سكنه حتى بات بعد السكن يسكن الكاتب وكل من عشق المخيم .. إنه بقدر ماكان علامة استلاب وتدمير معنوي بقدر ما خلق له علامة انتصار تحققت بحضور هذا العالم وبما يحمله من شموخ وعزة .. إنه اصبح جبين يلتمع بذاته ..
    يقول الكاتب معلنا نوعا من الاقتحام لعالم هذا المخيم وتعتبر افتتاحية القصيدة وكأنها رفع ستار عن مشهد .. هي تمهيد لما سوف يغوص بنا من خلاله الشاعر :
    لِمُخيّمٍ في صدرهِ تتوافدُ الطّلقاتْ
    في ظهرِهِ تتوالدُ الطّعناتْ
    هذي القصائدُ والقُبلْ
    هذي الأناشيدُ التي تعدو
    خيولاً نحو ساحات الأملْ
    .
    لِمُخيّمٍ حُرٍ بطلْ
    أسرجتُ أخيلتي
    وشحذتُ قافيتي

    لقد قرر أن يسرج أخيلته وأن يشحذ قافيته .. ليس فقط لأن يقيم قصيدة .. إنما ليقيم عالما من عوالم الذكرى التي حضرته ومن ثم يأخذنا إلى عالمه هذا بهذه الضرورة الافتتاحية التي تمهد كما قلت تمهيدا معنويا ولربما لتحقيق حضور من نوع آخر .. ثم يكتمل بنا الغوص معه إلى حيث تأخذ أخيلته .. وتقرره قافيته .. فيقول :
    هذا المخيّمُ ضحكتي
    حرّيتي
    وفضاءُ أغنيتي
    ورائحةُ الذينَ أحبّهمْ
    ذهبوا ....
    وظلّ القلبُ مشدوداً إلى خطواتهمْ
    وحلَ الأزقّةِ والنّدى
    والرّوحُ مدّت جُنحها وَهَمَتْ على قَسَماتهمْ
    لَثمتْ تسابيحَ الهُدى

    ما بين الضحك والأغاني ورائحة الذين ذهبوا .. تقتسم الشاعر صور مركبة تأسرنا ونصدقها . . ليس لأنها صادقة فقط .. ولكن لأن عادة الفرحة تأتي دوما مع الضحكة والنغم والرفيق .. لذا هي مواقف إنسانية يتذكرها الشاعر أو هي تفرض حضورها فرضا في سياق عملية التذكر . لنشعر وكأن الكاتب انتقل بنا من كادر عاك إلى كادر في غاية الخصوصية .. هذا الانتقال انتقال منطقي يتبع الافتتاحية .. حيث أوجد الشاعر مبرره لحضور هذا التعلق وهذا الوفاء للمخيم .. ومن ثم يعرج بنا الكاتب / الشاعر ليكمل بنا المسير او لنقل نكمل معه تحسس تضاريس ذلك المخيم الذي يتناص مع اي مخيم اينما وجد.. وكأن الشاعر تقديرا منه للمخيم أن قدر أي مخيم في أي مكان .. يقول الكاتب :
    الله يا ليلَ المخيّمِ كمْ جميلْ
    قمرٌ لكلّ زُقاقْ
    عرسٌ ولا أحلى
    وقصائدٌ يختالُ في ترديدها العشّاقْ
    وحكايةٌ تُتلى
    وعجائزٌ ينسابُ من كلماتها الترياقْ
    ومواسمٌ حُبلى
    وعرائسٌ ترنو للونِ عيونها الأعماقْ
    فرحانةً جذلى
    وطفولةٌ تشتاقُ خفّة روحها الآفاقْ
    وبنادقٌ وعِناقْ
    والقلبُ كمْ صلّى
    لِمخيّمٍ خلّى
    لِحجارةٍ أحداقْ

    نرى هنا كم من التفاصيل التي حصرها الشاعر في سياق وصف المخيم .. ولكن هذا لم يقف به عند حد الوصف فقط .. لمجرد الوصف إنما لم تحاول الكلمات اغتيال المعنى او البعد الوطني أو الغاية من توظيف المخيم كصورة توفيقية بين الصراع والحياة .. جميلة هي حياة المخيم ولكنها فرضت فرضا .. إنما الأجمل ان اصبح هذا الفرض .. حياة مليئة بالأسرار والجمال والحياة ذاتها .. فالمخيم لم يكن مخيما للسكن بقدر ما كان تربة أو هو مزيج بين طفولة تشتاق حفة روحها الآفاق وبين البنادق .. هو قوة قاهرة بأن جعل للحجارة أحداق .. فرغم ما يصوره الشاعر من جمال الحياة في المخيم او هو يسشتعرها هكذا .. بضميره نراه لا يتخلى عن هويته الأصلية .. حتى أن هذا لم يمنعه أيضا بأن ينتهي بالقصيدة حيث التغني بليل المخيم فيقول :
    .
    .
    .
    الله يا ليلَ المخيّم كمْ جميل
    كمْ يا حبيبَ الرّوحِ قهركَ مستحيلْ

    نلاحظ هنا أن النقاط التي تفصل بين هذه الابيات وسابقتها ما هي إلا صدى الضمير او الإحساس فرغم الفزع من كل شيء .. ورغم ذلك التضاد اللوني الذي قاربه الشاعر بعدسته القريبة جدا .. بأن ارتفع بالكادر من حيث الجزئي البسيط لأن يختم اللقطة بليل المخيم كم هو جميل .. ولا يقف عند هذا فقط .. إنما يختتم شعورك واحساسه الحقيقي بأن المخيم من الصعب قهره .. ذلك خلاصة إحساسه ولكن يبقى السؤال .. اين وجه صعوبة قهر المخيم .. واقعا .. أم هذا في داخل الشاعر نفسه .. بأن المخيم وإن كان في وقت ما علامة هزيمة .. فإنه أصبح بفاعلية الفلسطيني وقدرته بأن اصبح علامة انتصار ..

  2. #2
    الصورة الرمزية إياد عاطف حياتله شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    الدولة : المنفى البعيد جدّاً جدّاً ... جدّاً
    العمر : 63
    المشاركات : 882
    المواضيع : 71
    الردود : 882
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي


    أما بالنسبة لما كتبته مروة دياب وهي كما قلت سابقا تبتعد في العمر عن الكاتب الأول بقدر ليس بقليل إلا ان في هذه القصيدة سوف نجد لونا مغايرا .. وصدى أخر .. يحمل شعورا بالمأساة .. وهو الوجه الآخر من الصورة .. وقد استخدمت أيضا في تقريبها باسلوب الكادرات التصويرية أيضا .. ذلك أن اللعب على اللقطات قد يعبر عن مهارة الكاتب .. مابين داخل وخارج .. حتى تتضح معالم التعبير اللغوي من خلال التصوير المعنوي ..
    هي تقدم لنا كادر داخلي يعمق من مفهوم آخر غير ما قدمه الشاعر إياد .. ذلك أن الشاعرة مروة .. تتحسس جذر المنفى والمستحيل .. وما يقع بينهما , رغم التفاني , من حميمية كبيرة .. أو عميقة .. تقول الكاتب في قصيدتها المسماة ب ـ " كان المخيم " :
    و نما على زندي المخيمُ
    كيفما ينمو انتشاء الحلم فيهِ
    و كيفما كبرت بعمق الجرح أغنيتي..
    تُفَتِّشُ عن ملامحَ تحتويني بَعْدَهُ.

    من الممكن اعتبار ان هذه الابيات مجرد مدخل مشروع أيضا لفاتحة تسجيل عميق الأسى .. إذ تعترف الشاعرة بأن المخيم وقد كان . وهو ذات اسم القصيدة .. إلا أنها لا تمنحنا سوى الحيرة من البداية .. هي ذاتها الحيرة التي تعتصرها .. بقولها : " يفما كبرت بعمق الجرح أغنيتي .. تفتش عن ملامح تحتويني بعده .." لتأخذنا بعد هذه الحيرة والتساؤل إلى منطقة ملغمة .. كادر حميمي اللقطة يبعث على النفس حيرة بين قسوة وشقاء .. وبين رقة ونقاء .. تقول الكاتبة :
    كُنا نجيء مع اقتسام الوردِ فلسفةَ الحكايا
    و المساء و أضلع الوتر الشريدة مثلنا
    و نروح مثلكَ في احتضار ظهيرة الوطن المُرَتَّقِ بالأكاذيب العتيقةِ
    كي نعود مُحَمَّلينَ بموسم الوجع الوليدِ
    نعانق الوهم الطريَّ
    لتنتشي الأحلام في زبد الحقيقة وحدها
    أو بين بيْنْ..

    لم يكن المخيم بأكثر من وجع ممتد من الوطن إلى الوطن .. تقتسم الشاعرة مناطق التحام الذاكرة والواقع بخفة وحركة تحاصرنا بقدر ما تفتح علينا نوافذ ومبررات .. ثم تكمل رحلتها وبريق الكشف لنا عن مكنونات ذاكرتها .. فتقول :
    كان المخيم
    وانكسار الحلم صورة عاشقين
    وكنت وحدي
    الطائرات توزع القلق المتاخك للحدود
    وللحياة ..
    وتنسج الذكرى لقلبهما
    وصوت الموت يسخر من دمي
    والنهر متسع روايات أخر
    والحلم متسع لألف قصيدة أخرى
    ولكن ليس لي
    وحدي أبي ..
    و الأرض تهدي للسماء ضفيرتي و الحبَّ
    لكن.. ليس لي
    فحملتُ جرحك في دمي
    و هربتُ من موتي المُعَنْوَنِ بالحماقة و انفجار الطيشِ
    من وطنٍ بلا ذكرى
    إلى ذكرى بلا وطنٍ
    بلا زمنٍ يخط ظلامَه.

    نجد هنا في هذه الابيات بخلاف الشاعر إياد قد قربتنا الشاعرة أكثر لمقتضيات الاحساس بناس المخيم .. بالشعور المغترب فيهم وبهم .. بالموت .. فالمخيم على قدر ما كان له حس التسامي والحنان والألفة .. والقوة كما صورها الشاعر .. نجد هنا عند الشاعرة صوتا مغايرا محملا بالألم والحسرة والخوف .. محملا بالفقد .. بالموت .. هذا الصوت لربما يعتبر هامش القصائد الأخرى .. التي بدأناها من حيث بدأ الشاعر إياد فرح الكتابة عن المخيم .. وابتهاله به .. إنما هنا في هذه القصيدة نجد وكأن الشاعرة تدخل بنا إلى مغارات هذا المخيم .. وقد انقسمت بنا الصورة .. من عمومها إلى خصوصها .. لتمل الشاعرة سرديتها الشعرية من خلال الوصف الدقيق فتقول :

    و لأن لي وجهَ الطواحين القديمة
    و الفيافى..
    لعنةَ الوطن البعيدِ
    لأنني بعض من المنفى
    و لي المنفى
    استضافتني عيون الآبقين من الخداعِ
    و لعنةِ التاريخِ
    فاجنح يا فؤادي..
    أنت بعض مدافن الفكر الممزق و السكوت..
    و أنا بكاء الحاجز المجروح مثلكَ.
    لستَ أولَّ عائد بالخيبة العصماءِ
    لكن أول القتلى
    و آخر من يموت..
    قيلولة الحلم استطالت يا أبي..
    و قد اضمحلتْ خضرةُ الآتي
    فأثمرَ هجرتَيْنِ و موطنًا.. لمخيمي
    للجرحِ.. لكن ليس لي
    و الموت أعرفه و يعرفني
    و أسخر منه.. يسخر من دمي
    وحدي التجأت إليه
    أعطي كلَّهُ للراحلين لينثروه على ضفافِ المجدِ
    و الصحراءِ، كي تخضر من وجع البلادِ
    و لعنة المنفى
    و أعطيهِ "أنا"
    بل بعض بعضي..
    هنا تأخذنا الشاعرة إلى حيث المنفى .. منفى الروح قبل الجسد .. والموت الذي أصبح لازمة ضرورية لقصف المخيم أو بالأحرى فنائه .. اينما وجد المخيم الفلسطيني يوجد الموت .. أو هو علامة من منفى إلى منفى آخر .. هذا النفي المتواصل والمسترسل إلى مالا نهاية يطبع فعله وـاثيره على شعور أو صفحة الشعور ليس فقط عن الشاعرة .. إنما عند كل فلسطيني .. ورغما كما قلت سابقا .. ما يحمله المخيم من ذكرى عطرة .. حيث المنفى إليه كان مقرا أو قدرا مقدرا .. لذا تقبله الفلسطيني على أنه مكانه المؤقت الذي سوف يهجره .. ولكن هذا المكان المؤقت أو هذا الرحيل المؤقت لم يترك سوى آثار للموت والنفي المستمر الذي بقي يلاحق المخيم والفلسطيني معا .. تقول الشاعرة :
    لك أيها الموت المسافر فِيَّ عبري
    لا تتركوا كلي إليهِ
    فبعضنا ملك لأسوار المدينةِ
    بعضنا ملك لوجه الأرضِ
    صوتِ الحلمِ
    للاشيء لكن..
    ليس لي
    أو ليس للموت الخصيبْ.
    يا قبة الزيتونِ
    يا وطن البعاد و موطن التشريدِ
    لا..
    سأموت دون دمي
    و أترك نصفه للباحثين عن الملامحِ
    و الهوية و الوطن..
    و أموت دون دمي
    و أترك نصفه الثاني لأمي
    ثم أتركني..
    و أترك لي مُخَبَّئَةً جراحي و اغترابي.
    و المخيمُ..

    نلمس هنا بلوغ منتهى الأسى والتدمير المعنوي أو هو اقتراب الكادر أكثر فأكثر من قلب المعاناة .. وتسطير الموازاة بين الموت والوطن والمخيم .. بل الموت والوطن يولد ثانية وثالثة ومرات ومرات من قلب المخيم .. ثم وبعد سرد جزئيات وتفاصيل المعاناة تنتقل بنا إلى حالة من الهدوء .. وكأنها صخرة وانطلقت من عقالها ثم باتت الصورة تعود إلى حيث البدء .. وهو المخيم فتقول :
    كان المخيم..
    أطهر الأشياء في عمري
    كان التماع الحق في وترٍ
    و في حجرٍ..
    و في تعويذةٍ خُطَّت على صخرٍ
    و كانَ.. دواةَ حبرٍ من دمِ الماضي
    و داءِ الحلمِ
    زَفَّتْ ألفَ ألفِ قصيدةٍ
    حبلى بأوجاع الكتابة و الوطن..


  3. #3
    الصورة الرمزية د. نجلاء طمان أديبة وناقدة
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    الدولة : في عالمٍ آخر... لا أستطيع التعبير عنه
    المشاركات : 4,224
    المواضيع : 71
    الردود : 4224
    المعدل اليومي : 0.68

    افتراضي

    إن الفكرة التي اتخذتها الناقدة لبناء أطروحة نقدها كانت جد رائعة وجديدة. فهي تناولت لفظة المخيم وكل تبعاتها من حالة نفسية سلبية أو إيجابية من خلال كاتبين بعيدين في الصفات الأساسية العامة, لكنهما يشتركا في المكان النسبي والزمان.

    شذى الوردة للمحاور الثلاثة هنا
    الناقدة , والكاتبين.

    د. نجلاء طمان
    الناس أمواتٌ نيامٌ.. إذا ماتوا انتبهوا !!!

  4. #4
    الصورة الرمزية إياد عاطف حياتله شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    الدولة : المنفى البعيد جدّاً جدّاً ... جدّاً
    العمر : 63
    المشاركات : 882
    المواضيع : 71
    الردود : 882
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. نجلاء طمان مشاهدة المشاركة
    إن الفكرة التي اتخذتها الناقدة لبناء أطروحة نقدها كانت جد رائعة وجديدة. فهي تناولت لفظة المخيم وكل تبعاتها من حالة نفسية سلبية أو إيجابية من خلال كاتبين بعيدين في الصفات الأساسية العامة, لكنهما يشتركا في المكان النسبي والزمان.
    شذى الوردة للمحاور الثلاثة هنا
    الناقدة , والكاتبين.
    د. نجلاء طمان
    نعم هي كذلك
    أعجبتني كونها من تلك الزاوية
    أشكرك أيتها الفاضلة

المواضيع المتشابهه

  1. قراءة في قصيدة (جنوح للشاعرة )التونسية توليب ..
    بواسطة رفعت زيتون في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 09-12-2021, 01:54 PM
  2. مَا لِي فِي الوُجُودِ وَطَن
    بواسطة ربيحة الرفاعي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 59
    آخر مشاركة: 03-08-2015, 04:33 PM
  3. قراءة لانمطية في قصيدة بالنار لاتلعب للشاعرة نجاة الماجد
    بواسطة نجاة الماجد في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 19-06-2010, 12:32 PM
  4. يمنى سالم .. مشروع كاتبة بقلم الأديبة أمل فؤاد عبيد
    بواسطة د. محمد حسن السمان في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 10-07-2007, 06:09 PM
  5. رحبوا معي بابنتي الشاعرة الموهوبة مروة دياب
    بواسطة د.جمال مرسي في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 07-12-2005, 02:29 AM